مقاومات الأعداء لبناء السور
(1) استهزاء الأعداء والتهديد بالحرب (ع1-6):
1- ولما سمع سنبلط إننا آخذون في بناء السور غضب و اغتاظ كثيرا و هزا باليهود.2- وتكلم أمام أخوته و جيش السامرة و قال ماذا يعمل اليهود الضعفاء هل يتركونهم هل يذبحون هل يكملون في يوم هل يحيون الحجارة من كوم التراب و هي محرقة. 3- و كان طوبيا العموني بجانبه فقال إن ما يبنونه إذا صعد ثعلب فانه يهدم حجارة حائطهم. 4- اسمع يا إلهنا لأننا قد صرنا احتقارا و رد تعييرهم على رؤوسهم و اجعلهم نهبا في ارض السبي. 5- و لا تستر ذنوبهم و لا تمح خطيتهم من أمامك لأنهم أغضبوك أمام البانين. 6- فبنينا السور و اتصل كل السور إلى نصفه و كان للشعب قلب في العمل.
ع1: سنبلط كان والياً على السامرة من قبل المملكة الفارسية، لما سمع بأخبار عزم اليهود على بناء سور بمدينتهم أورشليم، غضب غضباً شديداً واغتاظ من هذا الأمر لما يلى :
- كان السامريون يؤمنون بأسفار موسى الخمسة فقط ويقدمون عبادتهم بتماثيل فى بيت إيل ودان فى بلادهم، أما اليهود فيؤمنون بكل أسفار الأنبياء ويقدمون عبادتهم فى الهيكل بأورشليم، وبناء السور يشجع على العبادة فى الهيكل فيظهر نقص السامريين بالمقارنة بالساكنين فى أورشليم واليهودية.
- تزاوج السامريون مع الأجانب الوثنيين وهذا ضد شريعة موسى، وهذا الأمر كان يرفضه اليهود فى أورشليم وبالتالى يظهر بناء السور قوة اليهود وإدانتهم لما يفعله السامريون، وغيظ سنبلط وكل من معه من السامريين الذين هم يهود أصلاً ولكن اختلاطهم بالوثنيين فى عبادتهم جعله يستهزئ ببناء اليهود لسور مدينتهم، وهذا يبين مدى كبريائه ولكن فى نفس الوقت يظهر ضعفه لأنه اغتاظ فهو متكبر ولكن يشعر فى داخله بالضعف أمام قوة أورشليم وهيكلها.
وكبرياء سنبلط جعله يحتقر اليهود ولا يحاول إيقافهم عن بناء السور بالقوة مكتفياً بأن يستهزئ بهم وكان هذا بسماح من الله حتى يبدأ نحميا ببناء السور فيتشجع اليهود ولا يهملوا بمقاومات الأعداء التى ستتوالى عليهم.
لا تهاجم غيرك مستخدماً أسلوب الاستهزاء ظناً منك أنه فكاهة فهذا يظهر مدى شر قلبك وكبريائك وعدم محبتك للآخرين، بل واحتقارك لهم، فهناك فرق كبير بين الفكاهة اللطيفة التى تسعد الناس وبين إدانة الآخرين والاستهزاء بهم حتى لو لم يردوا عليك من أدبهم وخجلهم.
ع2: إخوته : كبار معاونيه من السامريين فى القيادة أى رؤساء الشعب عندما اغتاظ سنبلط جمع رؤساء الشعب وقادة جيوش السامريين وبدأ يظهر احتقاره واستهزاءه باليهود وثقته باستحالة قدرة اليهود على بناء السور الذى ظهر فيما يلى :
- ماذا يعمل اليهود الضعفاء ؟ إن المملكة الأشورية ثم بعدها المملكة البابلية أخذت أفضل اليهود ليساعدوا فى عاصمة المملكة وأبقوا فى أورشليم واليهودية ضعفاء ومساكين الشعب، لذا احتقرهم سنبلط معلناً بثقة عجزهم عن عمل ضخم وهو بناء سور لأورشليم غير عالم أن قوة الله قادرة أن تعمل بالضعفاء.
- هل يتركونهم ؟ السبب الثانى فى استحالة بناء السور أن المملكة الفارسية لن تسمح لليهود ببناء هذا السور حتى تظل جميع المدن ضعيفة وتحت سيطرة الفرس.
- هل يذبحون ؟ باحتقار أكد أنهم لن يستطيعوا إكمال السور ثم يفرحون به ويقدمون ذبائح لله شكراً وفرحاً بإتمام العمل.
- هل يكملون فى يوم ؟ نظراً لضخامة السور ومساحته الكبيرة فأظهر سنبلط أنه يحتاج لوقت طويل تخيل أنه يكون بالسنين فقال إن حماس اليهود يبدو كأنهم سيكملون السور فى يوم وهذا مستحيل فى نظره.
- هل يحيون الحجارة من كوم التراب وهى محرقة ؟ المعطل الأخير هو أن البابليين أحرقوا السور القديم، فالحجارة الملقاة حول السور المتهدم محروقة ومغطاة بأكوام من التراب، فمن الصعب إخراجها وتجديدها لإعادة بناء السور.
ع3: كان حاضراً فى هذا الاجتماع مع سنبلط طوبيا العمونى وهو رئيس لبنى عمون أعداء اليهود وهم يسكنون بجوار اليهود شرق بلادهم وشارك سنبلط فى الاستهزاء باليهود فأضاف أمراً سادساً يؤكد عجز اليهود عن بناء سور قوى لمدينتهم، فقال إن اليهود حتى لو بنوا سوراً سيكون ضعيفاً جداً لدرجة أن حيوان صغير وخفيف مثل الثعلب إن سار فوقه فسيسقط ولن يحتاج الثعلب استخدام مكره لإسقاط السور لأن حائط السور ضعيف جداً سيسقط من نفسه إن سار فوقه الثعلب.
ع4، 5: لم يرد نحميا على استهزاءات الأعداء بل رفع قلبه إلى الله فى صلاة لأن الله هو الذى يحارب عن أولاده وهو ملجأهم فى كل احتياجاتهم وشملت صلاته الأمور الآتية :
- “قد صرنا احتقاراً”
طلب من الله أن ينصت باهتمام لصلاته وقد يكون اشترك معه الشعب فى ترديد هذه الصلاة ولكيما يستميل قلب الله قال له إننا شعبك وأولادك يستهزئ بهم الأمم ويعيرونهم وهذا بالطبع لا يرضيك لأنك تحب أولادك.
- “رد تعييرهم على رؤوسهم”
طلب من الله أن يرجع استهزاء الأعداء على رؤوسهم إن أصروا على شرهم فالعدل الإلهى يقضى بمعاقبة الأشرار وليس هذا شعور انتقام أو كراهية من نحميا ولكنه إظهار للعدل الإلهى، لعل بتأديب الأشرار ونجاح الأبرار يقود الكل للإيمان.
- “اجعلهم نهباً فى أرض السبى”
كتأديب من الله يطلب نحميا انهزام هؤلاء الأعداء فى الحروب فيتعرضون لنهب وسلب غنائمهم، لعل هذا كله يقودهم للإيمان والتوبة.
- “لا تستر ذنوبهم ولا تمح خطيتهم من أمامك”
يطلب من الله أن يظل فى تأديبه للأشرار فلا يسامحهم بمحو خطاياهم ولا يستر عليها بل يظل يعاقبهم حتى يتوبوا وإن أصروا على الشر يكون عقابهم عبرة للآخرين لعلهم يتوبون.
- “لأنهم أغضبوك أمام البانين”
تتعاظم خطية الأعداء أنهم أغضبوا الله إله بنى إسرائيل أمام اليهود الذين يبنون السور بقصد إدخال روح التشكيك واليأس فيهم، فيقفوا عن العمل ويغضب الله بالتالى عليهم.
ع6: “اتصل كل السور إلى نصفه” : أى بُنى السور حول كل المدينة بمحيط كامل ولكن بنصف الارتفاع أى أصبح سوراً كاملاً ولكن مازال منخفضاً. لم يهتم نحميا واليهود بتعييرات الأعداء بل استمروا فى العمل من أجل الله وهو أهم من أى إنسان وإرضاؤه فوق الكل، بل أن هذه التعييرات دفعت اليهود للحماس فى العمل حتى يظهروا قوة الله المساندة لهم ويكملوا السور فى أقل وقت وكانوا يبنون بقلب متجه نحو الله وبوحدانية لإنجاز العمل.
عندما يحاربك الشيطان لا تنزعج بل قاومه راسخاً فى الإيمان واطرد أفكاره وأرفض شهواته واثقاً أن لك سلطاناً عليه واستمر فى بناء حياتك الروحية ولا تلتفت إلى أفكار التشكيك واليأس فكلها من الشيطان وليست من المنطق أو الواقع كما يحاول أن يخدعك فإنه مهما كان ضعفك فأنت جبارٌ بالله الساكن فيك.
(2) محاولة إضعاف عزيمة اليهود (ع7-14):
7- و لما سمع سنبلط و طوبيا و العرب و العمونيون و الأشدوديون أن أسوار أورشليم قد رممت و الثغر ابتدأت تسد غضبوا جدا. 8- و تآمروا جميعهم معا أن يأتوا و يحاربوا أورشليم و يعملوا بها ضررا. 9- فصلينا إلى إلهنا و أقمنا حراسا ضدهم نهارا و ليلا بسببهم.10- و قال يهوذا قد ضعفت قوة الحمالين و التراب كثير و نحن لا نقدر أن نبني السور. 11- و قال أعداؤنا لا يعلمون و لا يرون حتى ندخل إلى وسطهم و نقتلهم و نوقف العمل. 12- و لما جاء اليهود الساكنون بجانبهم قالوا لنا عشر مرات من جميع الأماكن التي منها رجعوا إلينا. 13- فأوقفت الشعب من أسفل الموضع وراء السور و على القمم أوقفتهم حسب عشائرهم بسيوفهم و رماحهم و قسيهم. 14- و نظرت و قمت و قلت للعظماء و الولاة و لبقية الشعب لا تخافوهم بل اذكروا السيد العظيم المرهوب و حاربوا من أجل أخوتكم و بنيكم و بناتكم و نسائكم و بيوتكم.
ع7، 8: الأشدوديون : سكان أشدود وهى من المدن الخمس الكبيرة التى للفلسطينيين وفيها معبد الإله داجون الذى سقط أمام تابوت عهد الله أيام صموئيل النبى (1صم5: 3) وخافوا حينئذ جداً ولكنهم مع الوقت نسوا مخافة إله إسرائيل وتحالفوا لمحاربة اليهود.
الثغر : جمع ثغرة وهى فجوة داخل السور.
البلاد المحيطة بأورشليم لما سمعوا ببناء سورها غضبوا إذ خافوا أن تصبح أورشليم قوة فتحاربهم، فتحالفوا معاً لمحاربتها ليوقفوا بناء أسوارها وقتل العاملين فى بناء السور، وهذه البلاد ليست ذات علاقات قوية بينها وبين بعضها ولكنهم تحالفوا فى الشر لمقاومة مدينة الله.
ع9: لم ينزعج نحميا بل شجع الرؤساء والشعب وصلوا إلى الله وأقام بمعاونة الرؤساء حراساً مستعدين للحرب والدفاع عن أورشليم.
ونلاحظ هنا أمرين عملهما نحميا الأول هو الصلاة وبعده حراسة أورشليم وبدأ بالصلاة لأن الله هو مانح القوة ثم عمل واجبه وهو حراسة المدينة.
فى كل مشاكلك ومشاريعك بل وكل أعمالك ابدأ بالصلاة وفى نفس الوقت لا تتهاون فى القيام بواجبك بكل دقة ومهما كان ضعفك فالله سيكملك وينجحك.
ع10: بدأت مقاومة جديدة بعد المقاومات الثلاثة السابقة وهى :
- اتهام اليهود بالتمرد على الدولة (2: 19).
- الاستهزاء بهم واحتقارهم (ص4: 1).
- تدبير حرب لإيقاف بناء السور والإضرار بأورشليم (ص4: 8).
- وهذه المقاومة هى الموجودة بهذه الآية وكانت من اليهود أنفسهم من سبط يهوذا أى الساكنين فى أورشليم واليهودية إذ أعلنوا أن العمل ضخم والتراب الذى يحملونه الذى كان موجوداً حول السور كثير جداً ولم يعد للحمالين قوة على مواصلة العمل لرفع هذا التراب، وكانت هذه الأصوات من يهود عملاء للأعداء يبثون روح التشكيك والضعف فى وسط العاملين فى البناء، إذ أعلنوا عجزهم عن مواصلة العمل وأشاعوا هذا وسط الشعب، وبهذا تتكاتف مقاومتان معاً هما الحرب المدبرة من الأعداء مع روح التشكيك وإضعاف عزيمة العاملين فى السور.
لا تنزعج إن اجتمع الأشرار عليك وكثرت الضيقات فهى بلا قيمة أمام قوة الله التى فيك. أطلب الله وثابر فى جهادك وكن أميناً فى عملك واثقاً من قوة الله التى تغلب من يقاومك.
ع11: دبر الأعداء خطة حربية للهجوم المفاجئ على أورشليم فيتسلل الأعداء ويفاجأ اليهود بالحرب المسلطة عليهم والأعداء فى وسطهم يقاتلونهم.
ولكن نعمة الله ساندت نحميا ووصلت إليه هذه الأخبار السرية للحرب المدبرة ضدهم وغالباً كانت من اليهود الساكنين بجوار الأعداء فكانوا أمناء لمدينتهم ولم يخشوا الأعداء وأبلغوا نحميا بما يدبر ضد أورشليم.
ع12: جميع الأماكن التى منها رجعوا إلينا : جميع البلاد التى خارج أورشليم والتى يسكن فيها اليهود بجوار الأعداء وعادوا منها إلى مدينتهم المقدسة أورشليم سواء للمشاركة فى بناء السور أو فقط للإخبار بهذه المؤامرة الحربية.
أكد خبر هذه الحرب المدبرة كثيرون من اليهود الساكنين خارج أورشليم والعاملين فى بناء السور، فأبلغوا نحميا عشر مرات أى مرات كثيرة بهذه الحرب المدبرة.
ع13: قسيهم : جمع قوس وهو المستخدم لرمى السهام.
نظم نحميا حراسة السور والمدينة فأوقف حراساً وراء الأجزاء من السور التى لم يكتمل بناءها أى مازال السور فيها منخفضاً ثم فى الأماكن التى ارتفع فيها السور وكمل، أوقف عليها حراساً المعبر عنها بقمم السور وبهذا رتب حراسة حول المدينة كلها ولم ينزعج لعدم اكتمال السور.
وكان تنظيم الحراسة بحكمة من نحميا، إذ قام الحراس حسب عشائرهم فكل عشيرة تحرس جزءاً معيناً ليسهل التعاون بينهم لقرابتهم بعضهم لبعض.
وغالباً أوقف على القمم رماة السهام بالقسى وفى الأماكن المنخفضة أى على الأرض وراء السور المنخفض حمل الرجال السيوف والرماح وكان واثقاً فى قوة الله التى معهم فرغم أن الأعداء رجال حرب مدربين واليهود ضعفاء وغير مدربين على الحرب لكن نحميا عمل كل الاستعداد الممكن واعتمد على الله الحارس لمدينته.
ع14: اهتم نحميا بتشجيع الرؤساء والشعب المستعد للحرب معلناً قوة الله المساندة التى لا تقهر فنحميا قائد شعبى يهتم بإقناع الكل ليدافعوا ببسالة وإيمان عن مدينتهم وهو قائد مفكر ينظر ويبحث الأمر ثم يقوم ليدبر ويوزع العمل ويشجع العاملين لحراسة المدينة.
واهتم نحميا أن يثير حماس وغيرة الشعب للدفاع عن مدينتهم لأن فيها نساءهم وأطفالهم وبيوتهم إذ لا يرضون أن يسبيهم الأعداء أو يقتلونهم.
(3) استعداد نحميا للحرب مع استكمال البناء (ع15-23):
15- و لما سمع أعداؤنا أننا قد عرفنا و أبطل الله مشورتهم رجعنا كلنا إلى السور كل واحد إلى شغله. 16- و من ذلك اليوم كان نصف غلماني يشتغلون في العمل و نصفهم يمسكون الرماح والأتراس و القسي و الدروع و الرؤساء وراء كل بيت يهوذا. 17- البانون على السور بنوا وحاملو الأحمال حملوا باليد الواحدة يعملون العمل و بالأخرى يمسكون السلاح. 18- و كان البانون يبنون و سيف كل واحد مربوط على جنبه و كان النافخ بالبوق بجانبي. 19- فقلت للعظماء و الولاة ولبقية الشعب العمل كثير و متسع و نحن متفرقون على السور و بعيدون بعضنا عن بعض.
20- فالمكان الذي تسمعون منه صوت البوق هناك تجتمعون إلينا إلهنا يحارب عنا. 21- فكنا نحن نعمل العمل و كان نصفهم يمسكون الرماح من طلوع الفجر إلى ظهور النجوم. 22- و قلت في ذلك الوقت أيضا للشعب ليبت كل واحد مع غلامه في وسط أورشليم ليكونوا لنا حراسا في الليل وللعمل في النهار. 23- و لم أكن أنا و لا أخوتي و لا غلماني و لا الحراس الذين ورائي نخلع ثيابنا كان كل واحد يذهب بسلاحه إلى الماء
ع15: علم سنبلط وطوبيا وكل تابعيهم من الأعداء أن مؤامراتهم لغزو مفاجئ لأورشليم قد عرفها شعب الله واستعدوا لها ولم يخشوا قوتهم ففشلت مؤامراتهم ورجع شعب الله كل واحد إلى عمله فى السور، أى لم يتعطلوا بهذه التهديدات، بل شعر شعب الله بقوته التى تساندهم وتبطل مؤامرات الأعداء ففرحوا وثبتوا فى إيمانهم.
ع16: الرماح : جمع رمح هو قضيب معدنى مدبب فى نهايته وهو آلة حربية لطعن العدو.
الأتراس : جمع ترس وهو قطعة خشبية مغطاة بالجلد لها عروة من الخلف يدخل فيها الجندى يده ويحرك الترس أمام وجهه وجسمه لحمايته من السهام.
الدروع : جمع درع وهو ملابس معدنية تغطى الصدر والبطن لتحمى الجندى من السهام والرماح أو أية آلة حربية.
بحكمة قسم نحميا العاملين معه إلى قسمين القسم الأول يقوم ببناء السور والقسم الثانى يحمل السلاح لحراسة السور من هجمات الأعداء.
وكانوا يحملون الأسلحة المختلفة المستخدمة فى الحرب وقتذاك :
وكان الرؤساء يقومون بعملهم فى تشجيع من يبنون السور أو من يحرسونه ليتمموا أعمالهم من أجل الله. وتفرغ قسم من العاملين لحمل السلاح له فائدتين هما حراسة السور بالإضافة إلى أنه راحة للحراس من تعب البناء ليستعيدوا قوتهم ثم يعودوا لعملية البناء الشاقة التى بدأ البعض يتعب منه لكثرة التراب الذى يحملونه (ع10).
ع17: معنى هذا أن نصف الرجال كانوا يعملون فى بناء السور، سواء فى بناء الحجارة أو حمل الأتربة، والنصف الآخر كان يقوم بحراسة السور، وتعبيراً عن ذلك يقول أن باليد الواحدة يبنون وبالأخرى يحملون السلاح، أى نصفهم يبنى والآخر يحرس، وليس المقصود طبعاً أنه يحمل حملاً بيد واحدة ويمسك سلاحاً باليد الأخرى فهذا غير عملى.
ع18: إلى جانب تقسيم العاملين إلى قسم للحراسة وقسم للبناء، كان العاملون أيضاً يحملون أيضاً كل واحد سيفه على فخذه وغالباً كان سيفاً صغيراً لا يعوق حركة العامل فى البناء، أما المسئول عن الحراسة فكان يحمل الأسلحة المختلفة السابق ذكرها فى ع16. وكان نحميا بنفسه يتفقد العمل على السور ويشجع البانين والحراس، وكان بجواره رجل يحمل بوقاً كبيراً، إذا نفخ فيه يسمع كل من فى أورشليم صوته، وذلك لقيادتهم وجمعهم عند الاحتياج للحرب.
جيد فى جهادك الروحى أن تهتم بحراسة حواسك وأفكارك وإبعادها عن كل خطية وفى نفس الوقت تهتم بالعمل الإيجابى من صلوات وقراءات وخدمات، فالإثنان يكملان بعضهما البعض لنموك الروحى.
ع19، 20: اتفق نحميا مع الولاة المساعدين له فى إدارة المدينة وكل الرؤساء أن يعلموا الشعب العامل فى بناء السور والحراس أنه نظراً لإتساع مساحة السور فيصعب أن يسمع بعضهم البعض، لذا فعندما يسمعون البوق يجتمعون إليه، لأن نحميا وحامل البوق سيبقيان عند المكان الذى يهجم منه الأعداء، وبنفخ البوق يجمعون الشعب لنفس المكان ليصدوا هجوم الأعداء.
وهذا يؤكد أموراً كثيرة هى :
- أن نحميا كان يتفقد ويراقب العمل والمناطق المحيطة بأورشليم، أى يتابع البناء والاستعداد لهجمات الأعداء.
- إن كان فى كل مكان على السور يحملون السلاح لحراسته، ولكن عند الهجوم يجتمعون بقلب واحد فينظر الله إلى محبتهم وارتباطهم به وببعضهم البعض فيتدخل ويحارب عنهم الأعداء فهم يجتمعون ليعلنوا وحدانيتهم وخضوعهم لله وإيمانهم بقوته المدافعة عنهم.
- البوق يرمز لكلمة الله التى تجمع المؤمنين إلى فكر واحد هو فكر المسيح فيحارب عنهم أمام هجمات الشيطان.
ع21: يلاحظ هنا الجدية فى العمل من بداية الفجر حتى الظلام الكامل حيث تظهر النجوم وبالتالى فالحراسة أيضاً كانت كاملة من الفجر إلى الليل.
انتهز فرصة العمر لتعمل بأمانة وهذا العمر يرمز إليه النهار كما يقول المسيح “سيروا فى النور ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام” (يو12: 35) فما دمت قادراً على عبادة الله وخدمته، والأمانة فى كل عمل لأجله فلابد أن أعمل قبل أن يأتى الظلام أى الموت.
ع22: اهتم أيضاً نحميا بحراسة أورشليم وسورها طوال الليل فجعل بعض الرجال يبيتون مع مساعديهم فى وسط أورشليم وداخل أسوارها، أى لا يبيت الكل فى منازلهم، بل نظم حراسة ليلية كما نظم الحراسة النهارية.
ع23: كان نحميا وأقاربه ومساعديه وحراسه قدوة لباقى الرجال فى النشاط طوال اليوم فكانوا لا يخلعون ثيابهم وأسلحتهم لمواصلة العمل طال النهار والاستثناء الوحيد لخلع الثياب هو عند ذهابهم إلى الماء للاغتسال والاستحمام.