بركات الحكمة
(1) الله مصدر الحكمة (ع1-10) :
1كُلُّ حِكْمَةٍ فَهِيَ مِنَ الرَّبِّ وَلاَ تَزَالُ مَعَهُ إِلَى الأَبَدِ.2مَنْ يُحْصِي رَمْلَ الْبِحَارِ وَقِطَارَ الْمَطَرِ وَأَيَّامَ الدَّهْرِ؟ وَمَنْ يَمْسَحُ سَمْكَ السَّمَاءِ وَرُحْبَ الأَرْضِ وَالْغَمْرَ؟ 3وَمَنْ يَسْتَقْصِي الْحِكْمَةَ الَّتِي هِيَ سَابِقَةُ كُلِّ شَيْءٍ؟ 4قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ حِيزَتِ الْحِكْمَةُ وَمُنْذُ الأَزَلِ فَهْمُ الْفِطْنَةِ. 5يَنْبُوعُ الْحِكْمَةِ كَلِمَةُ اللهِ فِي الْعُلَى وَمَسَالِكُهَا الْوَصَايَا الأَزَلِيَّةُ. 6لِمَنِ انْكَشَفَ أَصْلُ الْحِكْمَةِ وَمَنْ عَلِمَ دَهَاءَهَا؟ 7لِمَنْ تَجَلَّتْ مَعْرِفَةُ الْحِكْمَةِ وَمَنْ أَدْرَكَ كَثْرَةَ خُبْرَتِهَا؟ 8وَاحِدٌ هُوَ حَكِيمٌ، عَظِيمُ الْمَهَابَةِ، جَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ. 9الرَّبُّ هُوَ حَازَهَا وَرَآهَا وَأَحْصَاهَا، 10وَأَفَاضَهَا عَلَى جَمِيعِ مَصْنُوعَاتِهِ، فَهِيَ مَعَ كُلِّ ذِي جَسَدٍ عَلَى حَسَبِ عَطِيَّتِهِ، وَقَدْ مَنَحَهَا لِمُحِبِّيهِ.
ع1: الله هو المصدر الوحيد للحكمة الحقيقية، فكل حكمة نافعة للإنسان، وتعطيه سلاماً هى من الله. والحكمة مصدرها الله، فهى كائنة فيه، وتنبع منه، وتفيض على العالم كله، ويستفيد منها كل من يطلبها، ويحب الله.
ولا يستطيع أحد أن ينال الحكمة، ويعمل بها إلا إذا كان مؤمناً بالله، ويحيا معه.
والحكمة هى الله، فهى صفة ذاتية فيه، هى الأقنوم الثانى الذى تجسد فى ملء الزمان وفدانا على الصليب؛ هى المسيح إلهنا، فالحكمة هى شخص وليست مجرد صفة من صفات البشر.
وهذه الحكمة الحقيقية تختلف عن الحكمة الشريرة التى مصدرها الشيطان (يع3: 15)، وهى الخبث والمكر للوصول إلى الشر، ويصاحبها التوتر والانزعاج، وتؤذى من يلتجئ
إليها.
ع2: قطار : قطرات.
يمسح : يعرف ويلم بكل ما في الشئ.
سُمك : عمق.
رحب : اتساع.
الغمر : الماء الكثير كالبحار والمحيطات.
تحدثنا هذه الآية عن حكمة الله وعظمتها التى لا يمكن أن يوجد مثلها في العالم. فهى قادرة على أعمال تفوق عقل الإنسان، مثل :
- إحصاء عدد ذرات رمل البحار.
- قادرة أن تحصى عدد قطرات الأمطار في العالم كله في كل وقت.
- تستطيع أن تعد وتحصى أيام الزمان منذ بدء الخليقة، وحتى نهاية العالم.
- قادرة أن تعرف عمق السموات، فهى تفوق نظر وعقل الإنسان، وكل الأجهزة التى يحاول بها أن يعرف أعماق السموات، فكل ما عرفه الإنسان عن فلك السماء يعتبر محدوداً جداً.
- الحكمة أيضاً قادرة أن تعرف طول وعرض وعمق الأرض، وأيضاً قادرة أن تحصى إتساع البحار والأنهار والمحيطات، وأعماقها.
فكل شئ في العالم تستطيع حكمة الله أن تحتويه، وتحصيه؛ لأن الله هو خالق الكل ومدبره.
لذا فنحن نشعر أنه قدر اتساع الخلائق التى خلقها الله السابق ذكرها، كذلك تتسع مراحم الله على الإنسان، وهذا ما نعبر عنه في تسبحة الكنيسة في نهاية تسبحة يوم الأحد والإثنين والثلاثاء.
ع3: يستقصى : يبحث ليعرف أصل الشئ.
إن كانت خلائق الله لا يستطيع الإنسان أن يعرف عنها كل شئ، أو يحصيها، فبالأولى لن يستطيع أن يعرف كل شئ عن حكمة الله، التى خلقت وتدبر الكون كله (يو1: 3).
والحكمة كانت قبل كل المخلوقات، فهى أزلية؛ لأنها في الله، والله أزلى قبل الزمان، وقبل كل خليقة، وهذا واضح في كلام القديس يوحنا في بداية إنجيله (يو1: 1).
ع4: حيزت : من يحوزها، أى ينالها ويحصل عليها.
الفطنة : الذكاء والفهم.
إن الفطنة هى التى تعلم الإنسان السلوك العملى الناجح في الحياة، أى أن الله بروحه القدوس يرشد أولاده كيف يسلكون باستقامة في كل طرقهم.
ع5: مصدر الحكمة في العالم كله هو الله، وبالتحديد الأقنوم الثانى في الله، وهى كلمة الله، التى في العلى، أى أسمى وأعلى من كل البشر وعقولهم، إذ هو خالقهم. وكل حكمة وكل فهم نجده في العالم هو من الله، فالله وحده هو الحكمة الحقيقية، ويعطيها لمحبيه (يو14: 23).
وتعبر الحكمة عن نفسها بطرق عملية؛ ليحيا بها الإنسان، وهى وصايا الله وشريعته،
التى أعلنها الله للآباء قبل موسى، وكذلك للأنبياء، وكملت في العهد الجديد في كلام المسيح نفسه.
هذه الوصايا، وإن كانت قد أُعلنت في وقت معين للإنسان، ولكنها أزلية في فكر الله منذ الأزل، وأُعلنت في الوقت المناسب؛ لترشد الإنسان وتعيده إلى الحق الذى هو الله.
ع6: دهاءها : ذكاءها.
يتساءل كاتب السفر ويقول : يا طالبى الحكمة ماذا تتخيلون عن مصدر الحكمة ؟ وعن أعماقها وقدراتها ؟
ع7: تجلت : انكشفت.
ثم يضيف الكاتب مَن مِن البشر كشفت له الحكمة وعرف تميزها وما تحويه من خبرات وعظمة ؟
ع8: يؤكد ثانية أنه واحد، الذى هو مصدر الحكمة، وهو مهوب وعظيم جداً، ويقصد بالطبع الله الجالس على عرش الحكمة، أى مصدر الحكمة في الكون كله. ويؤكد المسيح هذا المعنى بأن المسيح الابن الكلمة هو العارف بكل شئ، أى مصدر كل معرفة وحكمة (مت11: 27).
ع9: الله وحده هو الذى اقتنى الحكمة، وهو وحده الذى رآها قبل أى كائن، وأيضاً أدرك كل ما فيها ورتبها، وأحصى كل تفاصيلها؛ لأن الحكمة هى أقنوم الابن، والله الآب يعرف نفسه، ويدرك كل ما فيه (يو5: 20، يو16: 15؛ يو17: 10). والآيات من (ع6-9) هى تكرار لما قاله أيوب بأسلوب آخر في (أى28: 12-23).
ع10: هذه الحكمة الإلهية ظهرت في كل المخلوقات التى خلقها الله من جماد وحيوان ونبات، فهو خالق ومدبر كل ما في العالم، و تفاصيل مخلوقاته مازال الإنسان يحاول اكتشاف ما يستطيع اكتشافه منها. وهذه المخلوقات تعلن لمن يتأملها عظمة خالقها، كما يعلمنا بولس الرسول (رو1: 20).
وأيضاً تظهر نعمة الله في أنه أفاض من حكمته على البشر الذين خلق لهم عقولاً تدرك قدر ما تستطيع من هذه الحكمة، فهو بحب أبوى يفيض عليهم من حكمته، فيعرفوا الله قدر ما يستطيعون، وعلى حسب سعيهم نحو الله، والتصاقهم به.
إن كان الله هو مصدر الحكمة، فليتك يا أخى تطلبها منه، فيفيض عليك، ويفهم عقلك، وتشعر روحك بما يريده الله. فتشبع بحكمته، وتفهم كيف تسلك بطمأنينة وراحة وفرح.
(2) الحكمة والمخافة (ع11-40):
11مَخَافَةُ الرَّبِّ مَجْدٌ وَفَخْرٌ وَسُرُورٌ وَإِكْلِيلُ ابْتِهَاجٍ .12مَخَافَةُ الرَّبِّ تَلَذُّ لِلْقَلْبِ، وَتُعْطِي
السُّرُورَ وَالْفَرَحَ وَطُولَ الأَيَّامِ .13اَلْمُتَّقِي لِلرَّبِّ يَطِيبُ نَفْسًا فِي أَوَاخِرِهِ، وَيَنَالُ حُظْوَةً يَوْمَ مَوْتِهِ. 14مَحَبَّةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ الْمَجِيدَةُ. 15وَالَّذِينَ تَتَرَاءَى لَهُمْ يُحِبُّونَهَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ لَهَا وَتَأَمُّلِهِمْ لِعَظَائِمِهَا. 16رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ. إِنَّهَا تَوَلَّدَتْ فِي الرَّحِمِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَتْ عُشَّهَا بَيْنَ النَّاسِ مَدَى الدَّهْرِ، وَسَتُسَلِّمُ نَفْسَهَا إِلَى ذُرِّيَّتِهِمْ. 17مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ عِبَادَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةٍ. 18اَلْعِبَادَةُ تَحْفَظُ الْقَلْبَ وَتُبَرِّرُهُ، وَتَمْنَحُ السُّرُورَ وَالْفَرَحَ. 19اَلْمُتَّقِي لِلرَّبِّ يَطِيبُ نَفْسًا، وَيَنَالُ حُظْوَةً فِي يَوْمِ وَفَاتِهِ. 20كَمَالُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. إِنَّهَا تُسْكِرُ بِثِمَارِهَا. 21تَمْلأُ كُلَّ بَيْتِهَا رَغَائِبَ، وَمَخَازِنَهَا غِلاَلًا. 22إِكْلِيلُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. إِنَّهَا تُنْشِئُ السَّلاَمَ وَالشِّفَاءَ وَالْعَافِيَةَ، 23وَقَدْ رَأَتِ الْحِكْمَةَ وَأَحْصَتْهَا، وَكِلْتَاهُمَا عَطِيَّةٌ مِنَ اللهِ .24الْحِكْمَةُ تَسْكُبُ الْمَعْرِفَةَ وَعِلْمَ الْفِطْنَةِ، وَتُعْلِي مَجْدَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَهَا .25أَصْلُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَفُرُوعُهَا طُولُ الأَيَّامِ .26فِي ذَخَائِرِ الْحِكْمَةِ الْعَقْلُ وَالْعِبَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ، أَمَّا عِنْدَ الْخُطَاةِ فَالْحِكْمَةُ رِجْسٌ. 27مَخَافَةُ الرَّبِّ تَنْفِي الْخَطِيئَةَ. 28غَضَبُ الأَثِيمِ
لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَرَّرَ، لأَنَّ وِقْرَ غَضَبِهِ يُسْقِطُهُ. 29اَلطَّوِيلُ الأَنَاةِ يَصْبِرُ إِلَى حِينٍ، ثُمَّ يُعَاوِدُهُ السُّرُورُ. 30اَلْعَاقِلُ يَكْتُمُ كَلاَمَهُ إِلَى حِينٍ، وَشِفَاهُ الْمُؤْمِنِينَ تُثْنِي عَلَى عَقْلِهِ. 31فِي ذَخَائِرِ الْحِكْمَةِ أَمْثَالُ الْمَعْرِفَةِ، 32أَمَّا عِنْدَ الْخَاطِئِ فَعِبَادَةُ اللهِ رِجْسٌ. 33يَا بُنَيَّ، إِنْ رَغِبْتَ فِي الْحِكْمَةِ، فَاحْفَظِ الْوَصَايَا، فَيَهَبَهَا لَكَ الرَّبُّ .34فَإِن الْحِكْمَةَ وَالتَّأْدِيبَ هُمَا مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَالَّذِي يُرْضِيهِ 35هُوَ: الإِيْمَانُ وَالْوَدَاعَةُ، فَيَغْمُرُ صَاحِبَهُمَا بِالْكُنُوزِ. 36لاَ تُعَاصِ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَلاَ تَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ بِقَلْبٍ وَقَلْبٍ.
37لاَ تَكُنْ مُرَائِيًا فِي وُجُوهِ النَّاسِ، وَكُنْ مُحْتَرِسًا لِشَفَتَيْكَ. 38لاَ تَتَرَفَّعْ لِئَلاَّ تَسْقُطَ؛ فَتَجْلُبَ عَلَى نَفْسِكَ الْهَوَانَ، 39وَيَكْشِفَ الرَّبُّ خَفَايَاكَ، وَيَصْرَعَكَ فِي الْمَجْمَعِ، 40لأَنَّكَ لَمْ تَتَوَجَّهْ إِلَى مَخَافَةِ الرَّبِّ، لكِنَّ قَلْبَكَ مَمْلُوءٌ مَكْرًا.
ع11: يحدثنا الكاتب عن مخافة الرب، فيظهر لنا صفاتها العظيمة، ويذكر منها اثنتين فى هذه الآية :
- مجد وفخر : فالذى يخاف الله هو إنسان يؤمن به ويستند عليه ويسلك بنقاوة ويعاين الله. هل هناك ما هو أعظم من هذا ؟!. والمجد هو سكنى الله وسط البشر وفى قلوبهم.
- سرور وإكليل وابتهاج : المخافة تفرح القلب، وتجعله فى سرور، وتجعل الإنسان يلبس على رأسه إكليل بهجة، فيظهر عليه الابتهاج، لأنه يحيا مع الله، وقريب جداً منه، إذ تنقى بالمخافة من الشر، فاستحق أن يقترب من الله، ويفرح بين يديه، ويعمل فيه روح الله القدوس، فتظهر عليه ثمار الروح القدس التى منها الفرح (غل5: 22).
ع12: يواصل الكاتب ذكر بركات مخافة الله فيقول :
- تلذ للقلب : من يقترب إلى الله ويعاينه يصير فى لذة لا يعبر عنها، فترتفع مشاعر قلبه إلى السماء، فيكون فى سرور وفرح طوال أيام حياته. وهذه اللذة لذة روحية تفوق العقل، وهى أسمى من أية لذة مادية على الأرض.
ع13: حظوة : مكانة عظيمة.
يضيف الكاتب أن المتقى الرب، أى الخائف الله يتمتع بما يلى :
- يطيب نفساً فى أواخره : فى أواخر حياة خائف الله يتمتع بالسلام والراحة، عكس ما يعانيه عموم الناس فى نهاية حياتهم، إذ يصابون بالاكتئاب لضعف أجسادهم نفوسهم وإمكانياتهم. فيتميز خائف الله بالسلام والراحة؛ لأنه يحيا مع الله، ويتمتع بعشرته.
- ينال حظوة يوم موته : بعد موت خائف الله، ينال مكانة عظيمة فى السماء من الله الذى أحبه، وقربه إليه وهو على الأرض، ومتعه بعشرته، وهذه الحظوة هى استنارة روحية، فيرى الله بوضوح أكبر، ويتمتع بعشرته بما يفوق العقل.
ع14-16: بركة جديدة يعلنها لنا كاتب السفر من بركات مخافة الله وهى :
- رأس الحكمة مخافة الله : والحكمة هى القدرة على التمييز والفهم، والتصرف السليم فى الوقت المناسب. والعجب الذى يعلنه أيضاً الكاتب، أن محبة الرب هى الحكمة المجيدة، وهذا معناه أن مخافة الله ومحبته لا يمكن أن ينفصلا عن بعضهما، فمن يحب الله يخافه، ومن يخاف الله يحبه، ومن يتأمل الحكمة تظهر له أعماقها، أى كلما تأمل فيها يزداد تعلقاً بها، وتزداد معرفته، فيكون فى فرح عظيم.
يُفهم من (ع16) أن بداية الحكمة ورأسها هو مخافة الرب، فلا يمكن أن يتمتع إنسان بالحكمة إلا إذا كان يخاف الرب.
والحكمة وضعها الله وخلقها فى الإنسان منذ ولادته، إذ وضعها الله فى الضمير، وكذا العقل والعاطفة كلها تميل للتشبه بالله، هذا هو المخلوق النقى كما خلقه الله. وإذا اهتم الإنسان وطلب الحكمة ينمو فى معرفتها، وتستمر معه طوال حياته، وينال بركات الله التى لا حصر لها، بل يورث الحكمة لأولاده الذين اهتم بتربيتهم، فيصيرون مثله طالبين، ومحبين للحكمة.
ع17: يواصل الكاتب كلامه عن بركات مخافة الرب، فيقول :
- عبادته عن معرفة : فالذى يخاف الله يعرف عظمته، ونقاوته، فيقف فى خشوع أمامه، ويعبده ، لأنه يعرف الله، وهذه العبادة تشمل كل طقوس ونظام العبادة، أى يتقرب إلى الله عملياً ويتحدث معه ويعلن محبته وخضوعه لله بفرح، مثل الملائكة الذين يغطون وجوههم من بهاء مجده، وفى نفس الوقت يحبونه جداً.
ع18: إن كان الكاتب في الآية السابقة أظهر أن مخافة الرب، ينتج عنها العبادة بمعرفة، فهو في هذه الآية يوضح بركات هذه العبادة.
أ – تحفظ القلب :
هذه العبادة التى بفهم ومعرفة لله، تحفظ قلب الإنسان من الأفكار والمشاعر الردية، فيكون فى نقاوة، ويستطيع أن يعاين الله، ويتمتع بعشرته.
ب – تبرره :
تجعل القلب باراً، أى يميل إلى عمل الخير والصلاح، بعيداً عن كل شر.
ج – تمنح السرور والفرح :
إذ يعاين القلب الله، ويتمتع بعشرته يكون في فرح وسرور لا يعبر عنهما. هذا الفرح الداخلى للقلب يظهر على الوجه، وفى التعاملات؛ حتى وإن كان الإنسان يمر بضيقات
مثل الثلاث فتية الذين عاينوا الله في الأتون، ولم ينزعجوا من النار، بل كانوا فى فرح
عظيم.
ع19: يؤكد الكاتب ما قاله في (ع13) عن بركات مخافة الله التى تعطى سلاماً للقلب، ومكافأة عظيمة في الحياة الأبدية.
ع20: أعلن الكاتب في (ع16) أن رأس الحكمة مخافة الرب، ويكمل هنا في هذه الآية فيقول : أن كمال الحكمة هى مخافة الرب. فبداية الحكمة، والاستمرار فيها، وكمالها مرتبط بمخافة الرب، إذ أن الحكمة نابعة من مخافة الرب، ولا يمكن أن تنفصل عنها. فهذه الآية تؤكد أن الحكمة بركة من بركات مخافة الرب.
ويضيف في هذه الآية أن المخافة التى تمنح الحكمة لها بركة ثامنة وهى :
- تُسكر بثمارها : أى أن الحكمة المصحوبة بالمخافة لها ثمار عظيمة، هى كل الفضائل والنجاح فى الحياة مع الله والناس؛ والارتفاع عن كل الآلام والضيقات من كثرة التمتع بالوجود مع الله. واستخدام تشبيه السكر بالخمر هنا لتوضيح عدم الانزعاج من الضيقات رغم رؤيتها. ولما كان الخمر يرمز لحياة الفرح فى الكتاب المقدس، فالمعنى هنا هو ما أبهج أن تمتزج الحكمة بمخافة الله (أم9: 10).
ع21: رغائب : جمع رغبة والمقصود مشتهيات.
يضيف الكاتب بركة جديدة من بركات الحكمة والمخافة، وهى :
- تملأ كل بيتها رغائب : إن الحكمة تعطى خيرات كثيرة لصاحبها؛ خيرات مادية فى كل ما يشتهيه من ماديات، حتى يصير عنده كثيراً، أى تعطيه بسخاء، وتملأ مخازنه من الغلال، وهى كل أنواع المحاصيل الزراعية مثل القمح … بالإضافة إلى أنها تعطيه مشتهياته من الروحيات، فتشبعه بالصلوات والتأملات، والفضائل المتنوعة، وهى أسمى من الماديات.
ع22: يعلن الكاتب في هذه الآية أن إكليل الحكمة هو مخافة الرب، أى أن مخافة الرب هى إكليل الحكمة، وتاجها، فمجد الإنسان الحكيم وفخره هو مخافة الرب. فإن الحكيم يخاف الله، وعلى قدر نموه في مخافة الله تزداد حكمته مجداً وعظمة. فالمخافة هى رأس وبدء الحكمة، وأصلها، وعندما تنمو الحكمة، وتصل إلى كمالها تزينها المخافة بتاج عظيم ومجد كبير، وهذا يؤكد، كما ذكرنا، تلازم وتلاصق المخافة والحكمة، فالمصدر الأساسى للحكمة هو المخافة، وفى نفس الوقت هو الكمال والتاج النهائى للحكمة.
ثم يضيف بركات جديدة للمخافة والحكمة :
- تنشئ السلام : الذى يخاف الله، ويتمتع بالحكمة، يشعر أنه بين يدى الله، بل الله يسكن فيه، فيمتلئ قلبه سلاماً، ولا يضطرب مع تقلبات العالم؛ لأنه واثق من مساندة الله له، فيحيا فى طمأنينة كل أيامه.
- الشفاء والعافية : الشيطان يحارب الإنسان عموماً وحتى الحكيم أيضاً، وقد يجرحه، ويسقطه فى أية خطية، ولكن إذ يطلب الله يسرع إليه، لأنه يخاف الله ويسلك حسب طرقه، فلا ينسى الله تعبه وجهاده، فينقذه من حروب إبليس، ويشفيه من جراحاته، ويعطيه العافية من مرض الخطية، فيعود سليماً بالتوبة، ويعاود حياته ونموه
الروحى.
ع23: رأت الحكمة كل ما في العالم وأحصته، أى رتبته كماً وكيفاً. والحكمة هى الأقنوم الثانى في الله، أى أن الله رأى كل شئ في العالم وأحصاه. وهناك ترجمة أخرى تؤكد هذا، إذ تقول: “رآها الرب وأحصاها”. فالحكمة تعرف كل شئ، وتستوعبه، وتفهم كل تفاصيله، ولذا فالحكيم يعرف كل شئ، ولا يصعب عليه أمر.
والحكمة والمخافة هما عطيتان من الله؛ كلتاهما عطية، أى أن المصدر الوحيد لهما هو الله. والله يعطى المخافة والحكمة لأولاده المؤمنين به الذين يطلبونه.
ع24: يستكمل الكاتب كلامه عن بركات الحكمة فيقول :
- تسكب المعرفة وعلم الفطنة : الحكمة تعلم طالبيها المعرفة بكل أنواعها، وتعطيهم أيضا علم الفطنة وهو الذكاء، فيستطيعوا أن يميزوا بين الخير والشر، الصالح وغير الصالح، ما يناسبهم، وما لا يليق بهم.
- تُعلى مجد الذين يملكونها : الحكمة تعطى مكانة للحكماء، فيحترمهم الناس ويشعرون بعظمتهم، بل يلتجئون إليهم ليتعلموا منهم، ويستشيرونهم فى أمور حياتهم.
ع25: تُعلن هذه الآية أن أصل الحكمة مخافة الرب، فيشبه مخافة الرب بجذور الشجرة، أما الحكمة فهى الساق التى ترتفع فوق الأرض، ثم يخرج من هذه الساق فروع يسميها الكاتب “طول الأيام”، وبهذا يقدم لنا بركة جديدة من بركات الحكمة وهى :
- طول الأيام : والمقصود بطول الأيام، ليس فقط كثرة السنين، ولكن كثرة الأيام المملوءة بالحكمة والإحساس بالله، والفضائل، وبالتالى السلام والفرح بالوجود مع
الله.
ع26: ذخائر : كنوز.
الخطأة : الخطاة.
رجس : دنس ونجاسة وشر.
تؤكد هذه الآية على بركة من بركات الحكمة، وهى العقل والعبادة عن معرفة، والمقصود بها فهم وإدراك الأعمال التى يعملها الإنسان، وخاصة عبادة الله. فيفهم الطقوس التى يتقرب بها لله. وبهذا يشعر مقدم العبادة براحة وفرح، وتزداد محبته ومخافته لله، فيثبت فيه، كما جاء في (ع17).
وعلى العكس، يشعر الخطاة بأن الحكمة شر ونجاسة؛ لأنهم تعودوا الشر، وأصبح الخير بالنسبة لهم شيئاً مرفوضاً، وفاشلاً، ومضراً للإنسان، وقد يصفونه بالسذاجة وعدم الفهم، فيزدادون فى شرهم وابتعادهم عن الله. مثل قايين الذى امتلأ قلبه بالشر، وأراد قتل أخيه، وعندما نبهه الله بكلام حكمة، رفض صوت الله، واستهان به، وقام وقتل أخيه. وكذا عيسو الذى استهان بالبكورية وبركاتها، وباعها بأكلة عدس، فخسر البركة، وندم على ضياعها. وفى العهد الجديد يعلن بولس الرسول أن “الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله” (1كو1: 18).
ع27: بركة جديدة لمخافة الله تقدمها هذه الآية وهى :
- تنفى الخطيئة : الذى يخاف الله، ويشعر بالوجود أمامه لا يستطيع أن يعمل الخطية، وبالتالى تنتفى الخطية من حياته، أى لا توجد وتبتعد عنه، وهكذا يعيش فى نقاوة وبر، ويتمتع برؤية الله.
ع28: وِقر : حمل، أو ثقل.
إن الإنسان الشرير الأثيم عندما يغضب فإن غضبه لا يرضى عنه الله، مهما حاول أن يبرر نفسه لا يتقبل الله تبريره ولا البشر أيضاً؛ لأن قلبه شرير، وكلامه وتصرفاته كذلك.
إن غضب الأثيم يكون في قلبه أولاً، وفى فكره وهو يلح عليه في داخله، فيصير ثقيلاً عليه جداً، ثم يعبر عنه بكلام غضب، وتصرفات مزعجة، أى أن غضبه الداخلى يظهر في غضب خارجى، فيسقط في الغضب أمام كل الناس، ولا يلتمس أحد له العذر؛ سواء في كلامه، أو كل ما ينتج عن غضبه من أفعال شريرة. وقد يندم الأثيم على غضبه بعد مرور الوقت، ولكنه يكون قد ترك آثاراً سيئة كثيرة. وعموماً الغضب شئ مرفوض، ويعلن العهد الجديد أن : “غضب الإنسان لا يصنع بر الله” (يع1: 20).
ع29: يضيف الكاتب بركة جديدة من بركات المخافة والحكمة هى :
- طول الأناة : إن كانت قد ظهرت خطورة الغضب فى (ع28) فتظهر هذه الآية بركة طول الأناة التى تنتج من الحكمة، فطويل الأناة يصبر ولو قليلاً، أى لفترة؛ حتى ينتهى غضب من أمامه، أو تعبر المشكلة، وبهذا الانضباط يحمى نفسه من الغضب، على الأقل خارجياً، حتى لو سقط فى غضب داخلى، ولكن بتقدم الإنسان فى الحكمة يكون هادئاً من الداخل والخارج. وبعد مرور الأزمة، أو المشكلة يتمتع طويل الأناة بالسرور داخلياً وخارجياً. فحتى لو كان قد اضطرب في الداخل، يعود إليه السرور في قلبه، وأيضاً في تعامله مع الآخرين.
مما سبق نفهم أن الوضع الطبيعى لأولاد الله أن يكونوا في فرح وسرور كل حين، كما يوصينا بولس الرسول : “افرحوا كل حين” (1تس5: 16). فإن هاجمهم الغضب يحاولون ضبط أنفسهم، ولو غضبوا في الداخل لا يظهر على كلامهم وتصرفاتهم، ثم إذ يرجعون إلى الله يستعيدون فرحهم وسرورهم.
ع30: تُثنى على : تمدح.
تُظهر هذه الآية أن العاقل، أو الحكيم يكتم كلامه إلى حين، أى لا يسرع إلى الكلام، بل ينصت باهتمام، ولا يميل أن يكون أول المتكلمين، بل قد يكون آخرهم؛ ليسمع ويفهم ليكون كلامه بحكمة. وهذه الآية امتداد للآية السابقة لها، فالعاقل طويل الأناة، ليس فقط أمام الغضب، بل عموماً لا يتسرع في كلامه، كما يعلمنا يعقوب الرسول ويوصينا : “ليكن كل إنسان مسرعاً في الاستماع مبطئاً في التكلم مبطئاً في الغضب (يع1: 19).
وقد فهم الآباء القديسون هذا الأمر، فأعلنوا بوضوح أن من يسرع إلى الكلام، ويحاول إثبات رأيه بالجدل، فهو يعلن أن مخافة الله ليست في قلبه.
هذا الإنسان الحكيم الذى يكتم كلامه، ويؤجله إلى حين، أى إلى الوقت المناسب، يشعر المؤمنون الحاضرون والسامعون للحكيم أنه إنسان عاقل، ويمدحونه لأجل عقله وحكمته.
ع31، 32: تشبه هاتان الآيتان في شكلهما (ع26)، وإن كانتا تضيفان معانى جديدة.
يذكر الكاتب أنه في ذخائر الحكمة أمثال المعرفة، ومعنى هذا، أن الحكيم يستطيع أن يرى في أحداث الحياة قصص وأمثال تضيف إلى معرفته، كما يظهر في أمثلة المسيح، التى قالها للجموع (مت13)، وكلها من أحداث الحياة، ولكن تحوى معرفة روحية تضاف إلى سلوك الإنسان لتجعله حكيماً. وكما استطاع ناثان أن يوضح لداود النبى من مثل في الحياة، مدى خطورة خطيته، ففهم داود وقدم توبة في الحال (2صم12: 1-13).
ع33: تظهر هذه الآية الطريق إلى اقتناء الحكمة، وتعلن بوضوح أنه حفظ الوصايا، فمن يحفظ وصايا الله ينال الحكمة. ومن هذا يفهم أن الله قد أعطى الوصايا للإنسان؛ حتى ينال الحكمة، وليس مجرد أوامر، وتحكمات من الله للإنسان، أو ليصطاد عليه أخطاء، ويعاقبه عليها، كما يدعى الملحدون والبعيدون عن الله، بل إن وصايا الله أغلى شئ منحه للبشر، إذ به ينالون الحكمة التى تقودهم في الطريق المستقيم، وتوصلهم إلى الملكوت؛ لينعموا بالسعادة على الأرض، ثم في السماء.
والذى يحفظ الوصايا ويهبه الله الحكمة، يستطيع بهذه الحكمة أن يزداد في حفظ الوصايا. والمقصود بحفظ الوصايا، ليس فقط معرفتها الذهنية، ولكن بالطبع تنفيذها والتمتع بالحياة
فيها. وعندما يزداد نمواً في حفظ الوصايا، يهبه الله المزيد من الحكمة، فيزداد في حفظ
الوصايا. وهكذا ينمو طوال حياته في معرفة الله والتمتع بحكمته والعمل بوصاياه؛ حتى يصل إلى السماء.
ع34، 35: حتى تعرف مخافة الرب وتقتنيها، يلزمك أن تكون حكيماً وتقبل تأديب الله لك. وعلى قدر سعيك نحو الحكمة، وقبول التأديب تثبت في مخافة الرب، لأن الإنسان الحكيم يعرف الله وعظمته وقداسته، ويعرف أيضاً نفسه أنه خاطئ وضعيف، فيتضع أمام الله ويخافه، فينال معونة ورحمة من الله.
وكذلك من يقبل التأديب الإلهى، أى كل الضيقات التى تمر به، هو إنسان يؤمن بالله، ويتكل عليه، بل يسلم حياته له، فتستنير عيناه الروحية، ويعرف الله، ويخافه، بل يهبه الله حكمة أكبر، فينمو في مخافة الله. فالتأديب نعمة من الله، ومحبة منه، لينفى الإنسان من خطاياه، ويعطيه بركات روحية، من أهمها الحكمة والمخافة. ولذا يعلن العهد الجديد بوضوح أن التأديب محبة من الله (عب12: 6).
والذى يرضى الله هو الإيمان والوداعة. فمن يؤمن بالله، ويتضع أمامه ينال السكون الداخلى، وهذا يساعده على الاقتراب إلى الله، فينال الحكمة، ويقبل التأديب. وفى النهاية ينمو في مخافة الله.
إذا عاش الإنسان في مخافة الله، واقتنى الحكمة، وقبل التأديب وآمن بالله، وعاش في وداعة، فالله يغمره بعطايا لا حصر لها، هى كنوز الله من معرفة روحية، وأيضاً آية احتياجات مادية، فيعيش كملك على الأرض، متنعم بسكنى الله في داخله، بل يتذوق السماء وهو على الأرض.
ع36، 37: لا تعاص : لا تعصى، أى لا تخالف وترفض وتتمرد.
بقلب وقلب : لا تعرج بين الفرقتين، ولا تكن مرائياً.
تحذر الآية هنا من معصية مخافة الرب. فلا ترفض وصاياه، أو تستهين بوجود الله، فتفقد كل شئ؛ لأن الله هو مصدر الحياة، والمخافة هى نبع الحب والعطاء والرحمة.
وتحذر الآية أيضاً من الرياء، سواء أمام الله، بأن تظهر بأنك ابنه وتحفظ وصاياه، ثم تعود لتعمل عكسها إرضاءً لرغباتك. ولا تكن أيضاً مرائياً مع الناس، فتظهر محبتك لهم وأنت تخفى لهم شراً، وقلبك ضدهم وليس معهم. فلاحظ إذن شفتيك لئلا تتكلم بكلام مختلف عما في قلبك، فتسقط في الرياء، لأن الرياء يفقدك مخافة الله وكل بركاته، ويجعلك في غيبوبة تبعدك عن الله، وتسير في طريق الشر؛ حتى لو كنت موجوداً بين المؤمنين.
ع38-40: تحذر هذه الآيات من الكبرياء، التى هى أم لخطايا كثيرة؛ لأن المتكبر يعرض نفسه للذل والهوان، إذ أن الله يتخلى عنه، فيسقط في وسط الناس (المجمع)، وتظهر ضعفاته، ويأتى شره ومكره على رأسه؛ لأنه قد ترك الله، ونسى مخافته. فالكبرياء ومكر القلب في الداخل أخوان يسيران معاً، وهما ضد مخافة الله، وبهما ينحدر الإنسان إلى الهلاك.
وعبارة الله يصرعك في المجمع، تعنى أن الله عندما يتخلى عنك تنفضح خطاياك وسط الناس، وتسقط في نظر من حولك، كمن يصاب بالصرع، ويسقط على الأرض، هكذا يسقط الإنسان في الذل والهوان، ويفقد كل كرامته التى حاول الدفاع عنها بكبريائه، ولكن فوق الكل، فإنه قد فقد الله من قلبه، فيذل أمام الناس، ثم ينتظره الذل الدائم في العذاب الأبدى.
خلاصة الكلام، أن مخافة الله هى مصدر لكل البركات التى ذكرناها، ولها بركات أخرى لا حصر لها. ومن أهم بركات مخافة الرب : الحكمة المملوءة بركات كثيرة؛ حتى أن الحكمة والمخافة يتداخلان، ولهما نفس البركات، فكل إنسان محتاج لمخافة الله؛ ليخلص ويحيا إلى الأبد.
ذكرت مخافة الله أو الرب 11 مرة في هذا الأصحاح، فالكاتب قدم بحثاً كاملاً عن مخافة الرب، يشبع ويساعد كل إنسان على اقتناء هذه المخافة. إن كان التأديب هو طريق مخافة الله، فلا تتذمر على الضيقات التى تمر بك، بل تمسك بوصاياه واطلب معونته، وأسرع إلى التوبة، فتتنقى، ويعمل فيك الله بقوة، فتنال مخافته.