يوشيا وإرميا وحزقيال وزربابل ونحميا
(1) يوشيا وإرميا وحزقيال وآخرون (ع1-12):
1ذِكْرُ يُوشِيَّا مِزَاجُ طِيبٍ، قَدْ عُبِئَ بِصِنَاعَةِ الْعَطَّارِ. 2فِي كُلِّ فَمٍ يَحْلُو كَالْعَسَلِ، وَهُوَ كَالْغِنَاءِ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ. 3أُقِيمَ لِيَتُوبَ الشَّعْبُ عَلَى يَدِهِ؛ فَرَفَعَ أَرْجَاسَ الإِثْمِ. 4وَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَى الرَّبِّ، وَفِي أَيَّامِ الأُثَمَاءِ وَطَّدَ التَّقْوَى. 5كُلُّهُمْ أَجْرَمُوا مَا خَلاَ دَاوُدَ وَحِزْقِيَّا وَيُوشِيَّا. 6تَرَكُوا شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ. ارْتَدَّ مُلُوكُ يَهُوذَا. 7دَفَعُوا قَرْنَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَمَجْدَهُمْ إِلَى أُمَّةٍ غَرِيبَةٍ. 8أَحْرَقُوا بِالنَّارِ مَدِينَةَ الْقُدْسِ الْمُخْتَارَةَ، وَخَرَّبُوا طُرُقَهَا عَلَى يَدِ إِرْمِيَا. 9فَإِنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ قَدْ قُدِّسَ فِي جَوْفِ أُمِّهِ نَبِيًّا، لِيَسْتَأْصِلَ وَيُسِيءَ وَيُهْلِكَ، وَأَيْضًا لِيَبْنِيَ وَيَغْرِسَ. 10وَرَأَى حِزْقِيَالُ رُؤْيَا الْمَجْدِ، الَّتِي أَرَاهُ إِيَّاهَا بِمَرْكَبَةِ الْكَرُوبِينَ. 11أَنْذَرَ الأَعْدَاءَ بِالْمَطَرِ، وَوَعَدَ الْمُسْتَقِيمِينَ فِي طُرُقِهِمْ بِالإِحْسَانِ. 12لِتُزْهِرْ عِظَامُ الأَنْبِيَاءِ الاِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ مَكَانِهَا؛ فَإِنَّهُمْ عَزَّوْا يَعْقُوبَ، وَافْتَدَوْهُمْ بِإِيمَانِ الرَّجَاءِ.
ع1: مزاج طيب : أطياب ممزوجة.
يوشيا الملك الصالح هو من أعظم الملوك الذين ملكوا على مملكة يهوذا من نسل داود، وهو ممتلئ بالفضائل، التى يشبهها هنا بالأطياب، وقد مزجها وعبأها فى حياته العطار، الذى هو الروح القدس.
ع2: وذكر يوشيا حلو كالعسل فى الفم، ويشبهه أيضاً بالغناء فى مجلس الخمر، أى أن ذكره يبعث البهجة والسرور فى القلوب.
ع3: أرجاس : أوساخ:
الله أقام يوشيا؛ ليعيد شعبه لعبادته فى هيكله، إذ رمم الهيكل وجدده، وأباد عبادة الأصنام، وأزالها من مملكته (2مل23: 5-8) فترك الشعب عبادة الأوثان، ورجعوا إلى الله تائبين.
بل أكثر من هذا أطاعوا يوشيا، فعملوا الفصح، وعيدوا لله بتوبة وإيمان (2مل23: 21).
ع4: الأثماء : الخطاة.
وطد : ثبت.
نظر يوشيا إلى الله بكل قلبه ودعا شعبه للحياة الروحية المستقيمة، فحول شعبه الأثماء إلى تائبين، مؤمنين، يحيون مع الله، ويعبدونه؛ لأنهم كانوا قد انغمسوا فى عبادة الأصنام، وكل شهوة ردية وظلم، وأهملوا ذكر الله وعبادته، لذلك دعاهم ابن سيراخ الأثماء.
ع5: ملوك يهوذا معظمهم سار فى الشر وعبادة الأصنام. بعضهم كان يتأرجح ما بين الصلاح والشر، مثل آسا ويهوشافاظ ويوثام. ولكن الصالحون منهم بوضوح، الذين ساروا بكل قلبهم مع الله هم داود وحزقيا ويوشيا.
ع6: للأسف هؤلاء الملوك الأشرار الذين ملكوا على مملكة يهوذا، تركوا عبادة الله وشريعته ووصاياه، وعبدوا الأصنام، فأغضبوا الله.
ع7: قرنهم : قوتهم.
من أجل شر هؤلاء الملوك، دفعوا مملكتهم، وكل قوتهم إلى أمة غريبة، هى مملكة بابل، التى هجمت على مملكة يهوذا، ودمرت أورشليم، وأحرقت الهيكل.
ع8: هؤلاء الملوك الأشرار، وخاصة الملوك الذين ملكوا فى نهاية مملكة يهوذا وهم آحاز ويهوياقيم ويهوياكين وصدقيا؛ هؤلاء هم السبب فى غضب الله، وتخليه عن مملكته وهيكله، فأحرق بالنار وكان قلب الله، إن جاز أن نقول يتمزق على شعبه. لماذا كل هذا الشر؟ ولماذا نغيظ الله حتى يتخلى عنا ؟ كل هذا حدث تحت نظر إرميا النبى الذى كان يبكى على المدينة، وحذر كل الناس فيها للتوبة، ولم يستجيبوا له.
ع9: هؤلاء الملوك الأشرار أساؤوا إلى إرميا النبى، وألقوه فى السجن مرات كثيرة، وحاولوا قتله، وأحرقوا نبواته، مع أنه مختار من الله، وقدسه وهو فى بطن أمه؛ ليكون نبياً له (إر1: 5)؛ لكى ينزع الشر ويستأصله من المملكة فينجيها من الخراب، وأيضاً ليبنى ويغرس نفوساً كثيرة فى عبادة الله ومحبته (إر1: 10). فرغم تميز إرميا وأبوته الغامرة رفضوه، وأساؤوا إليه.
ع10: حزقيال النبى أخذه البابليون إلى السبى، وحُرم من ممارسة الكهنوت، لأنه استبعد عن الهيكل، ولكن الله أنعم عليه برؤية الله فى مجده (حز1)، وفى هيكله قبل أن يفارق الهيكل (حز10)، ويأتى بعد هذا الهجوم البابلى.
ع11: وقد أنذر حزقيال النبى كل من يسلك فى الشر، ويعادى الله، أنذرهم بالويلات التى تشبه المطر (حز4: 16، 17؛ 13: 11). وعلى العكس شجع المستقيمين بقلوبهم، السالكين بحسب وصايا الله بوعود بركات الله الكثيرة (حز33: 22-31).
ع12: يمدح ابن سيراخ الاثنى عشر نبياً الصغار، أى الذين كتبوا نبوات صغيرة من هوشع حتى ملاخى؛ لأن نبوة باروخ، وإن كان من الأنبياء الصغار، ولكن سفره ملتصق بسفر معلمه إرميا.
لماذا يمتدحهم، ويمتدح عظامهم؟ لأنهم تعبوا كثيراً فى دعوة شعبهم للتوبة، وأعطوهم رجاء معزى، بأنهم إن عاشوا مع الله، سيباركهم ببركات عظيمة تفوق العقل.
إن الصلاح هو طريق المستقيمين، فكن حريصاً على فعل كل ما هو صالح، وإن فعلت الشر أسرع، إلى التوبة، وثق أن الله سيساعدك ويمسح خطاياك، فلا يبقى لك إلا الصلاح، فتتمتع بعشرة الله فى الأرض وفى السماء.
[2] زربابل ونحميا وآخرون (ع13-19) :
13كَيْفَ نُعَظِّمُ زَرُبَّابِلَ؟ إِنَّهُ كَخَاتَمٍ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى. 14كَذلِكَ يَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي أَيَّامِهِمَا بَنَيَا الْبَيْتَ، وَرَفَعَا شَأْنَ الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ لِلرَّبِّ الْمُهَيَّإِ لِمَجْدٍ أَبَدِيٍّ. 15وَنَحَمْيَا يَكُونُ ذِكْرُهُ طُولَ الأَيَّامِ؛ فَإِنَّهُ أَقَامَ لَنَا السُّورَ الْمُنْهَدِمَ، وَنَصَبَ الأَبْوَابَ وَالْمَزَالِيجَ وَرَمَّ مَنَازِلَنَا. 16لَمْ يُخْلَقْ عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ مِثْلَ أَخْنُوخَ، الَّذِي نُقِلَ عَنِ الأَرْضِ. 17وَلَمْ يُولَد رَجُلٌ مِثْلُ يُوسُفَ، رَئِيسِ إِخْوَتِهِ وَعُمْدَةِ الشَّعْبِ. 18عِظَامُهُ افْتُقِدَتْ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَنَبَّأَتْ. 19سَامٌ وَشِيثٌ مُمَجَّدَانِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفَوْقَ كُلِّ نَفْسٍ فِي الْخَلْقِ آدَمُ.
ع13: زربابل هو قائد أول مجموعة من اليهود عادت من السبى إلى أورشليم، ولأجل أعماله العظيمة يشبهه بخاتم فى اليد اليمنى؛ لأن اليد اليمنى هى المسئولة عن الأعمال الهامة، والخاتم يرمز إلى الشخص نفسه الذى يختم به، ويثبت كل أمر. فعندما يكون زربابل خاتم فى يد الله اليمنى، فإن له مجد عظيم يصعب تقديره لعظمته الكبيرة.
ع14: وأيضاً يشوع (يهوشع) بن يوصاداق (يهوصاداق) رئيس الكهنة، الذى عاد مع زربابل فى الرجوع الأول إلى أورشليم، وكان قائداً للحياة الروحية والعبادة، كما كان زربابل قائداً مدنياً، ووالياً على أورشليم واليهودية.
هذان الرجلان العظيمان قاما ببناء الهيكل، الذى هدمه، وأحرقه نبوخذنصر، ورفعا وساندا الشعب، إذ قدما لهما فرصة لعبادة الله فى هيكله، وساعداه على بناء بيوت فى أورشليم، فعمروها وعاشوا مع الله، فأصبحوا أهلاً بإيمانهم ومحبتهم لأن يكون لهم مكاناً فى ملكوت السموات إلى الأبد.
ع15: رم : رمم.
المزاليج : خشبة تغلق الباب، وهى مثل الترباس.
نصب : أقام.
العظيم الذى يلى زربابل ويشوع، هو نحميا، الذى ستذكره الأجيال على الدوام؛ لأنه رجع بالشعب من السبى إلى أورشليم الرجوع الثالث عام 445 ق.م. أما الرجوع الثانى فكان على يد عزرا الكاهن والكاتب عام 560 ق.م، والرجوع الأول كان بيد زربابل عام 536 ق.م.
وقام نحميا بعمل عظيم، وهو بناء سور أورشليم المنهدم، وإقامة أبواب المدينة التى كانت محروقة، فجدد السور والأبواب، وكانت هذه الأمور قديماً ضرورية لحماية المدن، إذ بدونها يسهل على أى عدو أن يهاجم المدينة.
واهتم أيضاً نحميا بترميم البيوت داخل أورشليم، وتعمير المدينة بالسكان، بالإضافة إلى تعاونه مع عزرا فى الاهتمام بالحياة الروحية لليهود، الذى هو الهدف الأساسى لهم جميعاً؛ أن يحيوا مع الله، ويعبدوه بأمانة.
ع16: يعود ابن سيراخ، فيذكرنا بعظمة أخنوخ، الذى ذكره فى الأصحاح الرابع والأربعين، ليؤكد عظمته، بل يعلن أنه متميز، ومتفرد عن جميع البشر الذين خلقهم الله، إذ من حبه لله نقله الرب إلى مكان خاص فى السماء؛ ليحيا معه فى عشرة لا يعبر عنها.
ع17: يعظم ابن سيراخ أيضاً يوسف الصديق، الذى يقول عنه : أنه لم يولد مثله فى هذا الوقت، وهو رغم أن ترتيبه بين إخوته الإثنى عشر أولاد يعقوب كان قبل الأخير، لكن من أجل صلاحه، صار رئيساً لإخوته، ليس فقط عندما تسلط على مصر، وأطعم العالم كله، ولكن بتميزه الروحى عن باقى إخوته، حتى صار عمدة الشعب، أى رئيس مصر كلها، والمدبر لحباتهم. وقد أعلن الله أنه أصبح البكر بين إخوته (1أى5: 2)، والقائد العظيم لشعب مصر.
ع18: وقد أوصى يوسف إخوته، قبل موته، أن نسله عندما يترك مصر ويعود إلى أرضهم؛ أرض كنعان، أن يأخذوا عظامه معهم.
ونقل العظام لأرض كنعان هو نبوة بأن شعب الله سيتملك الأرض.
ع19: وفى النهاية يشير ابن سيراخ إلى سام ابن نوح العظيم، الذى أتى من نسله المسيح. وشيث الابن الصالح لآدم، بعد هابيل الذى مات، ومنه جاءت البشرية الصالحة، ودُعى باسم الله من جديد فى الأرض. أما آدم، فله العظمة، إذ هو أول الخليقة، وأبو جميع البشر. كن مدققاً فى السلوك المستقيم أمام الله، فهذا يعطيك سلاماً، ثم خلوداً فى السماء، وذكراً حسناً على الأرض.