السلوك اللائق في المجالس والإرشاد
(1) الحفلات (ع1- 17):
1إِذَا جَعَلُوكَ رَئِيسًا فَلاَ تَتَكَبَّرْ، بَلْ كُنْ بَيْنَهُمْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. 2اهْتَمَّ بِهِمْ ثُمَّ اجْلِسْ، وَبَعْدَ قَضَائِكَ مَا عَلَيْكَ اتَّكِئْ، 3لِكَيْ تَفْرَحَ بِهِمْ، وَتَأْخُذَ الإِكْلِيلَ زِينَةً، وَتُكْرَمَ بِهَدَايَاهُمْ. 4تَكَلَّمَ، يَا شَيْخُ؛ فَإِنَّكَ أَهْلُ ذلِكَ. 5لكِنْ عَنْ دِقَّةِ عِلْمٍ، وَلاَ تَمْنَعِ الْغِنَاءَ. 6لاَ تُطْلِقْ كَلاَمَكَ عِنْدَ السَّمَاعِ، وَلاَ تَأْتِ بِالْحِكْمَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا. 7أَلْحَانُ الْمُغَنِّينَ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ، كَفَصٍّ مِنْ يَاقُوتٍ فِي حَلْيٍ مِنْ ذَهَبٍ. 8أَنْغَامُ الْمُغَنِّينَ عَلَى خَمْرٍ لَذِيذَةٍ، كَفَصٍّ مِنْ زُمُرُّدٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ ذَهَبٍ. 9اسْمَعْ وَأَنْتَ سَاكِتٌ، فَبِاحْتِشَامِكَ تَنَالُ الْحُظْوَةَ. 10تَكَلَّمَ، يَا شَابُّ، لكِنْ نَادِرًا، مَتَى دَعَتْكَ الْحَاجَةُ. 11إِنْ سُئِلْتَ مَرَّتَيْنِ؛ فَجَاوِبْ بِالإِيجَازِ،
13مُعَبِّرًا عَنِ الْكَثِيرِ بِالْقَلِيلِ، وَكُنْ كَمَنْ يَعْلَمُ وَيَصْمُتُ. 13فِي جَمَاعَةِ الْعُظَمَاءِ لاَ تُسَاوِ نَفْسَكَ بِهِمْ، وَبَيْنَ الشُّيُوخِ لاَ تَكُنْ كَثِيرَ الْهَذَرِ. 14قُدَّامَ الرَّعْدِ يَنْطَلِقُ الْبَرْقُ، وَقُدَّامَ الْمُحْتَشِمِ تَسْبِقُ الْحُظْوَةُ.
15إِذَا آنَ الْوَقْتُ؛ فَقُمْ لاَ تَتَأَخَّرْ. أَسْرِعْ إِلَى بَيْتِكَ لاَ تَتَهَاوَنْ. هُنَاكَ تَنَزَّهْ، 16وَاِصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، وَلاَ تَخْطَأْ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ. 17وَعَلَى هذِهِ كُلِّهَا بَارِكْ صَانِعَكَ الَّذِي يُسْكِرُكَ مِنْ طَيِّبَاتِهِ.
ع1: الحفلات في كل جيل يجتمع فيها الكثيرون، وتحتاج إلى قائد ورئيس، وهو غالباً من كبار السن، أو ذوي المراكز. فإذا اتفق كبار المدعوين على اختيارك رئيساً؛ فاعلم أن هذه وظيفة ومسئولية لتقوم بها في أمانة أمام الله، وليست فرصة للكبرياء، فتظن أنك أفضل المدعوين، فأنت مدعو مثل غيرك، ولكن مسئول عن قيادة الحفل، فتسلك كعضو عادي بين أعضاء الحفل، ولا تعطي لنفسك حقوقاً أكثر من غيرك، وليتك تطلب من الله معونة، فتدير الحفل باتزان، لتقدم راحة لباقي المدعوين وفرحاً.
ع2: رئيس الاحتفال ينبغي أن يهتم بالمدعوين للحفل، ويطمئن إلى إدارة الحفل بشكل جيد بالتفاصيل اللازمة، وبعدما يقوم بواجبه؛ يستريح ويجلس بين المدعوين ليشرب، أو يأكل، أي يجد راحته بعد أن يريح الآخرين؛ هذه صفة أساسية في القائد، أي يخدم غيره، ثم يستريح ويستمتع بالحفل.
ع3: إذا قام القائد بواجبه في الاحتفال، فإنه ينال بركات كثيرة أهمها:
- “تفرح بهم” يفرح بالمدعوين الذين خدمهم، ورتب لهم الاحتفال، فيكون سعيداً بما عمله، وبمشاعرهم الطيبة.
- “تاخذ الإكليل زينة”: كان من العادة في الحفلات قديماً أن يشكر المدعوون قائد الاحتفال، بأن يهدونه إكليلاً من الزهور يضعه على صدره، كنوع من التقدير والشكر، وهذا بالطبع يفرح القائد، ويعطيه ثقة أكبر في نفسه.
- “تُكرم بهداياهم”: هناك أيضاً تقدير برئيس الحفل؛ هذا التقدير مادي بأن يُقدم المدعوون له هدايا، تعبيراً عن شكرهم، فيشكر الله، ويشكرهم على محبتهم.
ع4: أهل : مستحق
إذا كان رئيس الحفل شيخاً، فيمكنه أن يتكلم كما يريد؛ لأنه أهلُُ لأن يتكلم، إذ له خبرة وحكمة لكبر سنه، فيستفيد منها المدعوون، وكل حفل يحتاج إلى رئيس، كما يظهر في الكتاب المقدس في عرس قانا الجليل (يو 2 : 8)
ع5: يراعي رئيس المتكأ الكبير السن أن يتكلم بحريته في الموضوعات التي يعرفها جيداً؛ ليكون كلامه صحيحاً مفيداً للسامعين، ولا يستغل مكانته كرئيس، أو كبر سنه، ليتكلم في أي موضوع لا يعرفه جيداً؛ لئلا يظهر جهله، ويضايق السامعين.
ومن ناحية أخرى، يحوي الاحتفال في الغالب فقرة فنية، مثل الغناء، فلا يمنعها مادامت تفرح الشباب، وإن كانت لا تناسبه لكبر سنه، مع مراعاة أن يكون الغناء بالوقار الكافي، بما يرضي الله.
ع6: لا تطلق: لا تبالغ، أو تطيل
السماع: هو استماع الناس للمتكلم أو الاستمتاع بالحفل.
يلزم أن يراعي رئيس الحفل الشيخ أن يتكلم كلمات قليلة، إذا كان المدعوون مستمتعين بالحفل؛ سواء بالغناء، أو التحدث معاً، أو أكل الطعام، فلا يطلق كلامه، أي يطيل الحديث؛ لأن المدعوين لا يميلون إلى الاستماع لكلام كثير.
ومهما كان كلامك يا رئيس الحفل حكيماً لا تقله في غير أوانه، أي إذا كانوا – كما ذكرنا – مشغولين بالأكل، أو مستمتعين بالمنظر، أو الهواء، أو الغناء؛ فالأفضل أن تصمت، وتتركهم في تمتعهم.
ع7 ، 8: ياقوت وزمرد: أحجار كريمة
حلي / مصوغ: مسبوكات ذهبية
كانت العادة في الحفلات والولائم قديماً، أن تقدم فقرات فنية تشمل الموسيقى والغناء، فيعطي هذا جواً لطيفاً للسامعين، وكانت الخمر تُقدم مع هذه الموسيقى والأنغام لمن يريد أن يشرب؛ هذه جميعها تمتع المدعوين، مع مراعاة أن يكون شرب الخمر بمقدار قليل؛ حتى لا يتوه الإنسان عن وعيه قليلاً، أو يسكر. وتشبيه التمتع بالغناء والموسيقى والخمر بالأحجار الكريمة الموضوعة في مسبوكات ذهبية، يظهر أن هذه الحفلات تمتع المدعوين بجو لطيف.
أما في العهد الجديد، ففي عرس قانا الجليل دُعي المسيح، وأمه العذراء، وهذا ينبهنا أن ما يُعمل في حفلات الخطوبة والزواج لابد أن يكون مناسباً للمسيح الحاضر في وسطنا، أو يكون راضياً عنه.
ع9: الحظوة : المكانة والاحترام
تخاطب هذه الآية الشيخ رئيس الاحتفال، وتقول له : اسمع الغناء وأنت ساكت؛ فإن الغناء لن يعجبك، ولكن اسمعه بهدوء، وباحتشام، أي لا تتمايل مع الموسيقى، ولكن إرضاءً للشباب المدعوين، شاركهم باستماعك هذا في سكوت ما دامت الأغاني لائقة، وبهذا تكون لك المكانة، والاحترام بين المدعوين؛ سواء من الشيوخ، أو من الشباب، ويحبك الكل، وفي نفس الوقت أنت ترضي الله بهدوئك ووقارك.
ع10: تخاطب هذه الآية الشاب الذي اختاروه رئيساً للحفل، أي إن كان شاباً عليه أن يدير، ويرتب الاحتفال لراحة المدعوين، ولا يتكلم بتعاليم كثيرة؛ لأن المدعوين فيهم الكثير من الشيوخ، فلا يليق أن يعلمهم، ويتكلم فقط إن كان من الضروري لتنظيم الحفل، مثل أن يعلن بعض الترتيبات، أي يكون هو أيضاً مثل الشيخ في هدوء ووقار.
ع11 ، 12: إن كان رئيس الحفل من الشباب، عليه ألا يسرع في الرد على أي سؤال، ولكن إن ألحوا عليه وسألوه مرتين، يجيب عليهم باختصار، أي بكلمات قليلة، فيحاول أن يعبر عما في داخله، أو عن الإجابة السليمة بكلمات قليلة، فيظهر أمام الناس أنه يعلم كل شيء، ولكنه يميل إلى الصمت، كل هذا احتراماً منه للشيوخ الحاضرين في الحفل.
ع13: الهذر: المقصود “الهذار” أي المزاح
أيها الشاب؛ رئيس الحفل، إن كان في الحفل أناساً عظماء، فلا تساوٍ نفسك بهم،وتتكلم معهم كأنك واحد منهم، اعتماداً على أنك الرئيس، فهذا يضايقهم. لا تنسى أنهم عظماء، ويحتاجون إلى احترام خاص.
وإن كان في الحفل شيوخاً، فلا تضحك معهم، وتمزح كأنهم مجموعة شباب معك، بل احترم شيخوختهم.
والخلاصة، كن وقوراً، قليل الكلام، محترماً لكل حاضري الحفل، فيحترمونك.
ع14: كما أن الرعد يسبقه ظهور البرق، كذلك أيضاً الرئيس الشاب المحتشم، ليس فقط في مظهره بل في كلامه، وتصرفاته، واحترامه للآخرين؛ هذا الرجل تسبقه الحظوة، أي التوقير، والاحترام من قبل الآخرين، أي يجد نعمة في أعينهم.
ع15 ، 16: إذا آن الوقت: حان الوقت
إذا انتهى وقت الحفل، فلا تتأخر أيها الرئيس؛ حتى لو كان المكان جميلاً، وترغب في الجلوس به فترة أخرى، أو تريد أن تستريح بعد الجهد الذي بذلته لتنظيم الحفل، بل أشرف على انصراف المدعوين، وارجع إلى بيتك حتى يستريح صاحب الحفل، وفي بيتك تستطيع أن تتنزه، أي تفرح، وتعمل ما تريد لراحتك، وتمتعك، ولكن ليس على حساب صاحب الحفل ووقته، أي كن متعففاً،مراعياً لظروف صاحب الحفل، ولا تستغل وضعك كرئيس؛ لتتمتع بالطعام والشراب، وجمال المكان، مادام الوقت قد حان للانصراف.
ع17: يسكرك: يشبعك بوفرة
طيباته: خيراته
وفي الختام أيها الرئيس، بعد عودتك لبيتك؛ اشكر الله الذي أعطاك هذه المكانة أن تكون رئيساً لحفل عظيم مثل هذا، وأعانك، وأرشدك لتقوده بطريقة ناجحة، وأعطاك خيرات كثيرة؛ تأمل فيها لتشعر بمحبة الله، ورعايته، فيفرح قلبك.
? إذا كنت قائداً في بيتك، أو في أي مكان، فاطلب معونة الله، وإرشاده، واعمل لخير، وراحة من معك، فيباركك الله، وينجحك، ويفرح بك من حولك.
(2) الشريعة والمشورة (ع18- 28)
18مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ يَقْبَلُ تَأْدِيبَهُ، وَالْمُبْتَكِرُونَ إِلَيْهِ يَجِدُونَ مَرْضَاتَهُ. 19مَنِ ابْتَغَى الشَّرِيعَةَ يَمْتَلِئُ مِنْهَا، وَالْمُرَائِي يَعْثُرُ فِيهَا. 20الَّذِينَ يَتَّقُونَ الرَّبَّ يَجِدُونَ الْعَدْلَ، وَيُوقِدُونَ مِنَ الأَحْكَامِ مِصْبَاحًا لَهُمْ.
21الإِنْسَانُ الْخَاطِئُ يُجَانِبُ التَّوْبِيخَ، وَيَجِدُ حُجَجًا تُوَافِقُ مُبْتَغَاهُ. 22صَاحِبُ الْمَشُورَةِ لاَ يُهْمِلُ التَّأَمُّلَ، أَمَّا الْمُتَكَبِّرُ مِمَّنْ لَيْسَ كَذلِكَ؛ فَلاَ يَأْخُذُهُ الْخَوْفُ، 23وَلاَ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهَوَاهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ. 24لاَ تعْمَلْ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ؛ فَلاَ تَنْدَمَ عَلَى عَمَلِكَ. 25لاَ تَسِرْ فِي طَرِيقِ الْهَلَكَةِ؛ فَلاَ تَعْثُرَ بِالْحِجَارَةِ. لاَ تَرْمِ نَفْسَكَ فِي طَرِيقٍ لَمْ تَخْتَبِرْهُ؛ فَلاَ تَجْعَلَ لِنَفْسِكَ مَعْثَرَةً. 26اِحْتَرِزْ حَتَّى مِنْ بَنِيكَ، وَتَحَفَّظْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ. 27فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكَ اقْتَدِ بِضَمِيرِكَ؛ فَإِنَّ ذلِكَ هُوَ حِفْظُ الْوَصَايَا. 28الَّذِي يَقْتَدِي بِالشَّرِيعَةِ، يَرْعَى الْوَصَايَا، وَالَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ لاَ يَخْسَرُ.
ع18 : الذي يتقي الله، أي يخافه، هو إنسان يعمل حساباً لله،ويشعر بوجوده، ويحبه، ويثق فيه، لذا إن سمح الله له بتأديب في شكل تجربة، أو أية ضيقة، فإنه يقبلها برضا وشكر؛ لأنها لفائدته، فهو يعيش مطمئناً في سلام؛ حتى أثناء الضيقات التي يعاني منها؛ لأن كل شيء لمصلحته، والكتاب المقدس يؤكد هذا، فيقول نفس المعنى في (عب12 : 6) : “وكل الأشياء أيضاً تعمل لخير أولاد الله” (رو 8 : 28).
والذي يخافون الله يسرعون إليه مبكرين؛ ليلتقوا به قبل أي أحد آخر؛ هؤلاء فقط هم الذين يجدون الله، ويتمتعون به، ويكشف لهم أسراره، ويباركهم ببركات خاصة : “الذين يبكرون إلىَّ يجدونني” (أم 8 : 17). والتبكير لله ليس فقط أن نعطي لله بداية اليوم، ولكن أيضاً نعطيه أحسن أوقاتنا طوال السنة، وأحسن أيام عمرنا وهي الشباب، كما يؤكد الكتاب المقدس هذا المعنى “اذكر خالقك أيام شبابك” (جا 12 : 1).
ع19 : من يطلب أن يعرف الشريعة، ويسعى لمعرفتها، وتطبيقها في حياته؛ هذا هو من يريدها ويبتغيها؛ فالله ينعم عليه ببركاتها، وإذ يتأمل فيها يشبع منها، فتصير في قلبه، وعلى لسانه؛ لأن الشريعة هي كلمة الله، فمن يسكن الله في قلبه يباركه، ويتمتع بعشرته.
وعلى العكس، فالإنسان المرائي، الذي يظهر غير ما يبطن؛ هذا يحفظ الشريعة في ذهنه، ويتكلم عنها بلسانه، لكنه لا يريد أن يحيا بها، فهذا يعثر فيها، أي لا يستطيع تطبيقها، ويصنع عكسها، فينكشف أمام الناس أنه مرائي، وضميره يؤنبه، ولكنه يهمل صوت ضميره. هكذا كان يعيش عدد كبير من اليهود في زمان بن سيراخ، وحتى في أيام المسيح، الذي وبخ الكتبة والفريسيين على ريائهم (مت 23 : 13).
0
ع20 : الذي يتقي الرب يجده، ويصل إليه،ويكتشف أهمية الشريعة، فينال بعد هذا معرفة العدل، أي ينال القدرة على التمييز والحكمة؛ وهو ماتعلنه هذه الآية.
وتصبح أحكام الله، ووصاياه، وشرائعه مصباحاً لمن يخاف الله، ومرشداً له في طريق حياته، فيفهم مقاصد الله، وتدابيره،ويتمثل به في سلوكه، فيكون صورة حقيقية لله،ومثالاً له، أي يكون إنساناً ناجحاً روحياً.
ع21 : يجانب: يتباعد
مبتغاه: ما يريده، أو يرغبه
هذه الآية عكس الآية السابقة، فهي تحدثنا عن الإنسان الخاطئ والذى لا يريد أن يسمع كلام الشريعة، وإذا وبخت سلوكه الخاطئ، يتضايق، ويتباعد عن سماعها؛ لأنه لا يريد أن يصلح نفسه.
وهو أيضاً يقاوم شريعة الله، فيلتمس الأعذار لنفسه في خطاياه، ويأتي بأدلة وحجج منطقية تؤيد سلوكه الخاطئ، وما أسهل أن يقنع الشيطان هذا الخاطئ بكلام منطقي شرير، فيتمادى في شره، وهذا يحوي كبرياء في داخل الخاطئ؛ لأنه لو كان متضعاً، لخضع لشريعة الله، وتاب وبدأ حياة جديدة مع الله.
ع22 ، 23 : ممن ليس كذلك: ليس من أصحاب المشورة
صاحب المشورة هو من يحب شريعة الله، وإرشاد الشيوخ المختبرين، مثل آباء الاعتراف؛ هذا يحب التأمل في شريعة الله؛ ليفهمها، ويعرف أعماقها كل يوم أكثر من ذي قبل؛ حتى
يحيا بها.
أما المتكبر، فلأجل كبريائه يرفض شريعة الله، فهو لا يحب مشورة وإرشاد الله، وأيضاً
لا يخاف الله، وإن أخطأ يظل رافضاً مخافة الله؛ ليستمر في خطئه، وتلذذه بشهوات العالم الشريرة، فهو ينغمس في الخطية بإرادته، ومزاجه، فيهلك نفسه بنفسه.
ع24 : من الآيات السابقة يُفهم أهمية المشورة، أي سماع الإرشادات من العارفين بالشريعة، فمن يحب المشورة يحب كلام الله ليحيا به، فيضمن طريقاً سليماً نحو الملكوت، ولا يتعرض للانحراف في طرق العالم، ويندم بعد هذا على السير فيها.
ع25 : لا تسر في طريق الأشرار الذي يؤدي إلى الهلاك، فهؤلاء الأشرار هم الهلكة، الذين حكموا على أنفسهم بالهلاك؛ لأنهم رفضوا المشورة الصالحة، وبهذا لا تعثر رجلك بالحجارة، التي ترمز للخطايا.
وبسيرك في طريق المشورة الصالحة، وكلام الله، لن تندفع في طريق غريب لم تعرفه، هو طريق الشر، وبالتالي لن تتعرض للسقوط في العثرات، وهي الخطايا المتنوعة. تمسك بشريعة الله وإرشاد الآباء فتحيا مطمئناً، ناجحاً.
ع26 : الإنسان الحكيم الذي يتمسك بشريعة الله، ويسير بمشورة المرشدين، يحترس من السقوط في الخطية، فلا ينساق وراء أي إنسان، بل يفحص كلامه وسلوكه، فإن كان مناسباً لشريعة الله يسير معه ويفحص حتى أقرب الناس إليه، وهم بنيه، فقد يندفع الشباب مع
أصدقائهم في طرق غير سليمة، ويظنون أنها الطريق الصحيح، وأن آباءهم؛ لأنهم كبار
وأجيال قديمة، لا يفهمونهم؛ من هؤلاء ينبغي الحذر؛ لئلا يكونوا بجهل قد تأثروا بأفكار
غريبة.
ويحتاج الحكيم أن يحترس حتى من أهل بيته، مثل امرأته، أو والديه؛ لأنه قد تجره زوجته إلى الشر دون أن تدري، كما أسقطت حواء آدم معها بمشورتها الشريرة، وقد يعطل الأب ابنه، كما حدث مع إبراهيم أب الآباء، فعطله تارح أبوه بالسكن في حاران عن أن ينفذ كلام الله بالخروج إلى برية كنعان (تك 11 : 31).
والخلاصة، يلزم من يسير بشريعة الله أن يفحص كل أحد، ليطيع الله قبل أي إنسان مهما كان قريباً منه، كما يوصينا الكتاب المقدس قائلاً : “ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس” (أع5: 29).
ع27 : الضمير هو صوت الله للإنسان، فيلزم طاعته، عندما يتمشى مع شريعة الله، ويتفق معها؛ هذا هو حفظ وصايا الله؛ السلوك بالضمير الصالح.
وفي العهد الجديد أعطانا الله الروح القدس؛ ليسكن فينا، ليصحح الضمير إذا انحرف، ويحفظه في طريق الله، فنخضع للروح القدس والضمير الخاضع له.
ع28 : خلاصة الآيات السابقة، أن من يتمسك بشريعة الله ويخضع لها، ويقتدي بها في سلوكه، هو إنسان يحفظ وصايا الله، أي يحولها من كلمات معروفة بالذهن إلى حياة معاشة.
والذي يحفظ وصايا الله، ويتكل عليه، يحفظه الرب من كل شر، ويسير في طريق الملكوت، ولا يخزى أمام حروب إبليس، بل ينجح ويفرح.? اهتم يا أخي أن تسمع صوت الله كل يوم في الكتاب المقدس. أطلب من الله أن يرسل لك آية لتحيا بها، فهو يسمعك،وسيشير لك إلى آية تعجبك، فتأمل فيها،ونفذها فتتمتع بعشرة الله.