التأديب والصحة و الفرح
(1) تأديب الأبناء (ع1-13):
1مَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ، أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِهِ، لِكَيْ يُسَرَّ فِي آخِرَتِهِ. 2مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ، يَجْتَنِي ثَمَرَ تَأْدِيبِهِ، وَيَفْتَخِرُ بِهِ بَيْنَ الْوُجَهَاءِ. 3مَنْ عَلَّمَ ابْنَهُ، يُغِيرُ عَدُوَّهُ، وَيَبْتَهِجُ بِهِ أَمَامَ أَصْدِقَائِهِ. 4إِذَا تُوِفِّيَ أَبُوهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، لأَنَّهُ خَلَّفَ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ. 5فِي حَيَاتِهِ رَأَى وَفَرِحَ، وَعِنْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَحْزَنْ. 6خَلَّفَ مُنْتَقِمًا مِنَ الأَعْدَاءِ، وَمُكَافِئًا لِلأَصْدِقَاءِ بِالْجَمِيلِ. 7مَنْ دَلَّلَ ابْنَهُ فَسَيَضْمِدُ جِرَاحَهُ، وَعِنْدَ كُلِّ صُرَاخٍ تَضْطَرِبُ أَحْشَاؤُهُ. 8الْفَرَسُ الَّذِي لَمْ يُرَضْ، يَصِيرُ جَمُوحًا وَالاِبْنُ الَّذِي لَمْ يُضْبَطُ يَصِيرُ سَفِيهًا. 9إِنْ دَلَّلْتَ ابْنَكَ رَوَّعَكَ، وَإِنْ لاَعَبْتَهُ حَزَنَكَ. 10لاَ تُضَاحِكْهُ لِئَلاَّ يَغُمَّكَ، وَفِي أَوَاخِرِكَ يَأْخُذُكَ صَرِيفُ الأَسْنَانِ.
11لاَ تَجْعَلْ لَهُ سُلْطَانًا فِي صَبَائِهِ وَلاَ تُهْمِلْ جَهَالاَتِهِ. 12احْنِ رَقَبَتَهُ فِي صَبَائِهِ وَارْضُضْ أَضْلاَعَهُ مَا دَامَ صَغِيرًا، لِئَلاَّ يَتَصَلَّبَ فَيَعْصيَكَ؛ فَيَأْخُذَكَ وَجَعُ الْقَلْبِ. 13أَدِّبِ ابْنَكَ، وَاجْتَهِدْ فِي تَهْذِيبِهِ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِيمَا يُخْجِلُكَ.
ع1: المحبة الحقيقية للأبناء تجعل الوالدين يهتمان بتأديبهم؛ حتى يبعدونهم عما يضرهم. هذا التأديب يكون بأشكال كثيرة، مثل حرمانهم من بعض ما يحبونه، أو تعليمهم بحزم، وإذا كان سنهم كبيراً يشرحان لهم خطورة ما يفعلونه. أما الضرب فيمكن استخدامه، ولكن فى أضيق الحدود وفى سن صغيرة، ولا يؤذى جسد، أو نفسية الطفل.
إذا اهتم الوالدان بتأديب أبنائهما، مع إظهار المحبة والتشجيع والحرية للأبناء فى حياتهم عموماً؛ هذا يجعل الأبناء يسلكون سلوكاً متزناً، فيسر ويفرح الأبناء بشخصياتهم المتزنة عندما يكبرون، ويشكرون والديهما على ذلك.
والله يهتم بتأديب أولاده، فيعلن الكتاب المقدس أهمية التأديب فيقول : “الذى يحبه الرب يؤدبه” (عب12: 6).
ع2: الوجهاء : العظماء.
الأب الذى يهتم بتأديب ابنه، ولا يهمل تربيته، سينال مكافأة عظيمة لتعبه، فيفرح به كشاب ورجل ناجح، بل يفتخر به بين عظماء المجتمع، وبالطبع سيكون الإبن فى فرح، ويشعر بعرفان الجميل لوالده.
ع3: إن الأب الذى يهتم بتعليم ابنه السلوك المستقيم، بما فى ذلك من تشجيع وتأديب، فإنه يجعله ناجحاً فى حياته؛ لدرجة أن أعداءه يشعرون بالغيرة منه، أما أصدقاؤه، فيفرحون بنجاح ابنه، ويفرح معهم بهذا النجاح.
ع4: نظيره : مثله.
إذا مات الوالد يتعزى من حوله بابنه ذى الشخصية الناجحة، وذى الصفات الجيدة مثل أبيه، فيرون صورة الأب الناجح فى ابنه، ويتعاملون معه بثقة وطمأنينة.
والأمثلة كثيرة على نجاح الأبناء مثل آبائهم، سواء الأبناء الجسديين، مثل طوبيا ابن طوبيا، أو اسحق ابن ابراهيم، أو يوسف ابن يعقوب، أو الأبناء الروحيين، مثل يشوع بن نون تلميذ موسى، وأليشع النبى تلميذ إيليا النبى.
ع5: الوالد الذى أدب ابنه يفرح به أثناء حياته، إذ يراه ناجحاً، ومحبوباً.
وعندما يقترب الوالد من الموت لا يحزن أو يقلق، إذ يثق أنه يترك وراءه ابناً ناجحاً، يهتم بوالدته وإخوته، وإذا تزوج يهتم بامرأته وأولاده.
ع6: الأب الذى يهتم بتربية ابنه وتأديبه، يترك وراءه رجلاً قوياً ينتقم من أعدائه، كما فى الحروب، فمتتيا الكاهن، الذى حارب السلوقيين، خلف وراءه ابناً قوياً، هو يهوذا المكابى، الذى واصل حروبه للدفاع عن أورشليم، وعن حفظ العبادة فى الهيكل المقدس، وانتقم فى حروب كثيرة من هؤلاء الأعداء.
وهذا الابن الذى تربى بتأديب أبيه يكون وفياً لأصدقاء أبيه، الذين ساعدوا والده بأى شكل فى الحياة، فيرد لهم الجميل بخدمات كثيرة.
وسليمان الحكيم انتقم من أعداء داود أبيه، مثل شمعى بن جيرا، وصنع معروفاً مع أصدقاء أبيه، مثل حيرام ملك صور.
أما من جهة الأعداء الروحيين، أى الشياطين، فالابن المتأدب، يقف قوياً ضد الشياطين ويهزمهم، كما كان الأبناء الروحيون للقديسين، مثل أنطونيوس، ومقاريوس، وباخوميوس، ينتقمون من الشياطين بصلواتهم واتضاعهم، ويصنعون خيراً مع كل البشر أحباء أبيهم السماوى.
ع7: سيضمد : سيداوى.
إن الآب الذى لا يؤدب ابنه، بل يدللـه، فيعطيه كل ما يطلبه، يصبح ابنه ضعيفاً، ويصطدم فى حياته صدامات كثيرة، وعندما يثور على الناس، يسيئون إليه، وهنا يضطر الآب الحنون أن يضمد جراحات ابنه الكثيرة فيتدخل ليحل له مشكلاته؛ لأنه ضعيف، ولا يحتمل متاعب الحياة، فلا يحبه الناس، بل يعاقبونه، فيصرخ، ويشعر أنه مظلوم، والحقيقة أنه ضعيف، ولا يتحمل متاعب المسئوليات الملقاة عليه، فيكون فاشلاً. ويقف الأب حائراً ومضطرباً أمام ابنه الضعيف المدلل، لا يستطيع أن يغير شخصيته بسهولة؛ لأنه قد كبر، ويصعب تأديبه وهو كبير، ويظل الأب يعانى آلاماً داخله لفشل ابنه.
ع8: يرض : يروض.
جموحاً : يرفض الخضوع لقائده، ويتمرد عليه.
سفيهاً : تافهاً، ناقصاً فى الأدب وطائشاً.
كما أن الفرس الذى يهمل قائده ترويضه، وتعليمه يصبح متمرداً، جامحاً، لا يمكن إخضاعه وقيادته، كذلك أيضاً الابن الذى لا يؤدبه أبوه يصبح سفيهاً يحتقره الناس، ولا يتكلمون معه؛ لأنه كثير الأخطاء، ويسىء لكل أحد.
ع9: إن أهملت تأديب ابنك، وأعطيته كل ما يرغبه، سيكون مدللاً وضعيفاً، ويسبب لك مشاكل فى كل مكان يذهب إليه، فتخاف أن تأخذه معك فى أى مكان، ويشتكى منه الناس فى المدرسة والجامعة والعمل.
وإذا انشغلت بملاعبه ابنك، فتفسح له المجال للهو واللعب، وإهمال الدراسة والعمل، سيصير أضعف ممن حوله، وتحزن عليه لتكرار فشله.
هذا ما فعله عالى الكاهن، الذى دلل أولاده، حفنى وفينحاس الكهنة، فسقطا فى الزنى مع من يأتون إلى الهيكل، وانغمسا فى الطمع والسرقة، فكانت نهايتهما الموت فى الحرب، وحزن عليهما أباهما عالى رئيس الكهنة، فسقط من على كرسيه ومات (1صم3: 13؛ 4: 17، 18).
ع10: صريف الأسنان : الجز على الأسنان تعبيراً عن الغيظ الشديد.
لا تكثر الضحك مع ابنك، فتضحك، وتشجع كل عمل يعمله، حتى ما هو سئ وشرير، إنك بهذا تفسده، وتدللـه، فلا يكون مؤدباً، وبالتالى يكون ضعيفاً، لا يقوى على احتمال أتعاب الجهاد، فيفشل، وتحزن أنت وتغتاظ وتجز على أسنانك غيظاً؛ لأن ابنك صار فاسداً فى انحرافات كثيرة، والسبب هو أنت. وهذه المشاعر تزداد فى أواخر حياتك، عندما تصير أنت ضعيفاً، وغير قادر على تعديل سلوكه.
ع11: صبائه : صغر سنه وحداثته.
فى تربيتك لابنك، شجعه، وعلمه كيف يتحمل المسئولية، بل وكيف يكون قائداً فى بعض المواقف، ولكن احترس أن تعطيه سلطات كثيرة، فيتكبر، ويسىء إلى الناس؛ لأنه مازال صغيراً، وقد يسىء إليك أنت أيضاً.
وإذا أخطأ، وصنع أى أمر بجهل، فلابد أن تعلمه، وتوبخه، وتحتاج أحياناً أن تؤدبه وتعاقبه، حتى يفهم كيف يسلك حسناً.
والله أدب يعقوب أب الآباء عندما تصرف بجهل فى سرقته للبكورية من أبيه اسحق، فسمح للابان خاله أن يستغله ويتعبه عشرين عاماً.
ع12: أرضض : من رضوض وهى الكسور، أى أكسر.
اهتم أن تؤدب ابنك، وتخضعه للتعليم الصحيح، وهذا هو المقصود بـ “احن رقبته” كما تُحنى رقبة البهائم لحمل النير الذى يجر الأدوات الزراعية. وهذا التأديب يكون فى سن ابنك وهو صغير، حتى يكبر ويتعود السلوك المستقيم.
وكن حازماً معه، حتى إذا اضطررت إلى ضربه، أو حرمانه من أمور تهمه، خاصة لو عمل خطأ كبيراً، فتعاقبه، وينكسر فى داخله؛ حتى لا يعود ثانية إلى هذا الشر الكبير.
وإن تهاونت فى تأديب ابنك وهو صغير، سيكبر على تعود عدم الخضوع، فيصلب رقبته، ويرفض احتمال المسئوليات، ويصبح ضعيفاً، فيتوجع قلبك لأجله طوال حياتك؛ لأنه سيصبح متمرداً، ويصطدم ليس بك فقط، بل بكل من حوله، ولا يقبل إرشاد، أو نصيحة أحد.
ع13: والخلاصة، اهتم بتأديب ابنك وتعليمه وتوبيخه عندما يخطئ؛ حتى لا تخجل منه عندما يكبر لأجل كثرة أخطائه، بل على العكس تفرح به لأجل نجاحه.
وإن كانت هذه التأديبات هامة لأجل استقامة شخصيته ونجاحه فى حياته الاجتماعية، فبالأولى هذه التأديبات والتعاليم تحتاج أن تهتم بها فى حياته الروحية؛ ليتعود على العلاقة مع الله، ويهتم بحياته الأبدية.
? إن كنت أباً، أو إن كنتِ أماً، أو كنت خادماً، أو مسئولاً فى أى مكان، فاهتم برعاية من حولك، خاصة وإن كانوا أطفالاً، أو فتياناً، فالتعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، كما يقول المثل. إن التربية فن عظيم، والله سيرشدك، ويفرح بعملك، إذ تقدم للكنيسة أبناءً روحيين يحيون مع الله.
(2) صحة الجسد (ع14-21):
14فَقِيرٌ ذُو عَافِيَةٍ وَصَحِيحُ الْبِنْيَةِ، خَيْرٌ مِنْ غَنِيٍّ مَنْهُوكٍ بِالأَسْقَامِ. 15الْعَافِيَةُ وَصِحَّةُ الْبِنْيَةِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ الذَّهَبِ، وَقُوَّةُ الْجِسْمِ أَفْضَلُ مِنْ نَشَبٍ لاَ يُحْصَى. 16لاَ غِنَى خَيْرٌ مِنْ عَافِيَةِ الْجِسْمِ، وَلاَ سُرُورَ يَفُوقُ فَرَحَ الْقَلْبِ. 17الْمَوْتُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَيَاةِ الْمُرَّةِ، أَوِ السَّقَمِ الْمُلاَزِمِ. 18الْخَيْرَاتُ الْمَسْكُوبَةُ عَلَى فَمٍ مُغْلَقٍ، كَالأَطْعِمَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى قَبْرٍ. 19أَيُّ مَنْفَعَةٍ لِلصَّنَمِ بِالْقُرْبَانِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشَمُّ. 20هكَذَا مَنْ يُرْهِقُهُ الرَّبُّ، وَيُجَازِيهِ عَلَى آثَامِهِ. 21يَرَى بِعَيْنَيْهِ وَيَتَنَهَّدُ، كَالْخَصِيِّ الَّذِي يُعَانِقُ عَذْرَاءَ ثُمَّ يَتَنَهَّدُ.
ع14: البنية : الجسد.
منهوك : متعب جداً.
الأسقام : الأمراض.
الصحة الجسدية نعمة إلهية كبيرة، والكتاب المقدس يحدثنا عن الاعتناء بالجسد، فيقول: “فإنه لم يبغض أحد جسده قط، بل يقوته ويربيه” (أف5: 29). والكنيسة تهتم بالجسد، وتقدم سر من أجل العناية بالجسد، هو سر مسحة المرضى، بالإضافة إلى صلاة (أوشية) من أجل شفاء الأمراض، تقال فى كل قداس فى صلاة رفع بخور باكر.
والصحة أهم من الغنى، بدليل ما تقوله الآية : أن فقيراً بصحة جيدة، أفضل من غنى يعانى من الأمراض.
فالاهتمام بصحة الجسد أمر ضرورى؛ لأنه وزنة من الله، ينبغى الأمانة فيها، ولكن دون مبالغة فى الاهتمام بالجسد وزينته.
ع15: نشب : ثروة.
إن الصحة أفضل من الذهب، وقوة الجسم أفضل من جميع الثروات التى لا يمكن حصرها. هذا تأكيد لأهمية أن الصحة لا يمكن الحصول عليها بالمال، بل إن الإنسان صحيح الجسد يمكنه أن يعمل ويحصل على المال والثروة، أما المال فلا يستطيع أن يشترى الصحة، إلا فى حدود ضيقة، وهى علاج الأمراض، أو تقليل آثارها على الإنسان.
ع16: إن السرور والفرح بالصحة أفضل من الغنى، وبالتالى نشكر الله جداً على الصحة التى وهبها لنا.
ع17: الله ينعم على بعض الناس بأن يريحهم من آلام المرض ومرارته بأن يموتوا، ويستريحوا من أتعابهم. فالموت هنا أفضل من معاناة المرض الذى لا يشفى.
ولكن ليس معنى هذا التذمر على احتمال المرض، وطلب الموت، بل نقبل كل شئ من يد الله برضى وشكر، ونطلب معونته فى احتمال الأمراض؛ لأنه يقصد خيراً يعلمه لنا من خلال هذه الأتعاب. وإن وجد الله هذه الآلام فوق طاقتنا، فهو يرفعها عنا بالشفاء، أو بالموت، حسبما يرى لمصلحتنا الروحية.
ع18، 19: ما أصعب أن يكون الإنسان مريضاً، وغير قادر على الأكل، أو الشرب فإنه يشبه :
- خيرات، أى أطعمة ومشروبات نصبها على فم مغلق، فلن يستفيد الإنسان منها شيئاً، بل وستسقط على الأرض.
- أطعمة توضع على القبر، فلا يأكلها الميت، ولا يستفيد منها شيئاً.
- القربان الذى يوضع أمام الأصنام، فلا يأكلها الصنم؛ لأنه حجر لا يأكل، ولا حتى يشم رائحة الطعام.
إذن فلنشكر الله على أننا نأكل، ونشرب، ونستفيد مما يدخل فى أفواهنا، وإن حل بنا مرض وأصبحنا محرومين من بعض الأطعمة، أو المشروبات، فلا نحزن، بل نحتمل هذا بشكر أيضاً. وإن كانت هذه الأمراض بسبب خطايانا، مثل شرب الخمر، أو تدخين السجائر، فلنتب عنها ونتركها، ونستعيد صحتنا.
ع20: يرهقه : يتعبه جداً.
إن الله يسمح بالأمراض للإنسان، إما لتنبيهه إلى التوبة، والابتعاد عن خطاياه، أو كتجربة لامتحان إيمانه، وتزكيته، وإظهار محبته لله، فالأمراض وإن كانت متعبة، وثقيلة على الإنسان، ولكن الله يسمح بها لفائدته؛ لذا فالإنسان الروحى يشكر الله على كل شىء، وحتى على الأمراض.
ويظهر هنا جبابرة فى احتمال الأمراض، مثل أيوب، الذى احتمل أمراضاً كثيرة وصعبة، ولكن لم يترك إيمانه، واحتمل توبيخات أصدقائه، فشفاه الله، بل أعطاه ضعف ما كان عنده من ممتلكات.
ع21: إن الإنسان المريض الممنوع من بعض الأطعمة، أو بعض المشروبات، عندما يراها أمامه يشتهيها، ولكنه لا يستطيع أن يأكلها، أو يشربها لمرضه، إنه يشبه خصى يرى أمامه عذراء فيحتضنها ويعانقها، ولكن لا يستطيع أن يفعل معها أكثر من هذا، فكلاهما يشتهى، ولا يستطيع أن يتمم شهوته.
? أشكر الله كل يوم على الصحة التى تتمتع بها، واستغل هذه الصحة فى عبادة الله وخدمته، فتعبر عن حبك لله، وللناس، فتفرح، والله يفرح بك ويباركك.
(3) فرح القلب (ع22-27).
22لاَ تَغُمَّ نَفْسَكَ، وَلاَ تُضَيِّقْ صَدْرَكَ بِأَفْكَارِكَ. 23سُرُورُ الْقَلْبِ حَيَاةُ الإِنْسَانِ، وَابْتِهَاجُ الرَّجُلِ طُولُ الأَيَّامِ. 24أَحْبِبْ نَفْسَكَ، وَفَرِّجْ عَنْ قَلْبِكَ، وَانْفِ الْحُزْنَ عَنْكَ بَعِيدًا؛ 25فَإِنَّ الْحُزْنَ قَتَلَ كَثِيرِينَ، وَلَيْسَ فِيهِ ثَمَرَةٌ. 26الْغَيْرَةُ وَالْغَضَبُ يُقَلِّلاَنِ الأَيَّامَ، وَالْغُمَّةُ تَأْتِي بِالشَّيْخُوخَةِ قَبْلَ الأَوَانِ.
27الْقَلْبُ الْبَهِجُ الصَّالِحُ لاَ يَزَالُ فِي الْوَلاَئِمِ، وَمَآدِبُةُ مُعَدَّةٌ بِاهْتِمَامٍ.
ع22: احترس من أن تضايق نفسك بالتفكير فى المشاكل التى تقابلك، أو القلق عما تتوقع أن يحدث لك، ولكن اتكل على الله، واصنع واجبك بأمانة والله لن يتركك، بل يسندك ما دمت تطلبه.
ع23: بدلاً من الحزن والغم الذى ذُكر فى الآية السابقة، تذكر أن الله خلقك لتفرح معه. والعهد الجديد ينادينا فيقول : “افرحوا كل حين” (1تس5: 16). وفرح الإنسان هو بخلاص نفسه، ومحبته للمسيح.
وفرح الإنسان يدوم معه طوال حياته، ما دام يفكر فى خلاص نفسه، ويقترب من الله كل يوم، وحينئذ ينتظره الملكوت السماوى، مما يزيد فرحه برجائه فى الأبدية.
ع24: فرج : وسع.
أنف : إبعد.
إذن اهتم أن تحب نفسك، أى تهتم بروحك، وتفرح بالله، وليتسع قلبك، فلا تنزعج من المشاكل والهموم، بل إلقها على الله، وبهذا تبعد الحزن عنك، أى تعيش فى فرح مستمر بالله الذى معك، كما كان الرب مع يوسف، فكان فى فرح ونجاح مستمرين؛ لشعوره بمعية الله.
والحزن مرفوض، إلا فى حالة التوبة على الخطية، هذا ما يُسمى بالحزن المقدس؛ لأنه يعدك لغفران خطاياك فى سر الاعتراف، ويكون هذا الحزن ممتزجاً بالفرح؛ لأنك تعلم أن الله سيرفع عنك خطاياك، مثلما تاب داود ببكاء كثير، ولكنه كان فى سلام، لثقته أن الله غفر له خطاياه، واستمع إلى صلواته (مز6).
ع25: احترس من الحزن الذى يؤدى إلى اليأس، فإنه يجلب الاكتئاب على الإنسان، فيفضل الموت، ويضعف جسده، فيموت، وقد يفكر فى الانتحار فيهلك، ولكن الحل هو الحزن المقدس، أى التوبة، فينقذ حياته.
ع26: إن كان الغم الناتج عن اليأس يضعف الإنسان روحياً، إلا أنه يضعفه أيضاً جسدياً فيشيخ قبل الأوان، أى وهو مازال شاباً، أو صغير السن، وهناك أسباب أخرى تجعل الإنسان يشيخ، وهى :
- الغيرة، أى لا يرضى الإنسان بما عنده، وينظر إلى ما عند الناس، ويحزن لعدم تمتعه مثلهم، مع أن الله أعطاه خيرا كثيرة.
- الغضب، إذ يتضايق الإنسان من أخطاء الناس، أو أخطائه، فييأس، ويشعر أن كل الناس متعبون، ولا يحتمل أحداً، فيأتى به هذا الضيق إلى الحزن الشديد والرغبة فى الموت.
ع27: مأدبة : وليمة.
على العكس، الإنسان الصالح يكون قلبه مبتهجاً، فيفرح بالطعام الذى يرسله الله له، فيأكل بشهية فى الولائم، بل يهتم بإعداد طعامه، ويفرح به؛ لأنه نعمة من الله، فيشكره، ويزداد ابتهاج قلبه، ثم يتطور هذا إلى أنه يفرح من حوله ويعطيهم؛ ليفرحوا معه.? كن مع الله؛ لتطمئن ويفرح قلبك، تعود الصلاة وقراءة كلام الله، والتمتع بأسراره فى الكنيسة، فتفرح، وتسعى نحو الآخرين بالحب، فيزداد فرحك كل أيامك.