الآباء موسى وهارون وفينحاس
(1) موسى (ع1-6):
1مُوسَى كَانَ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ، مُبَارَكَ الذِّكْرِ، 2فَآتَاهُ مَجْدًا كَمَجْدِ الْقِدِّيسِينَ، وَجَعَلَهُ عَظِيمًا مَرْهُوبًا عِنْدَ الأَعْدَاءِ. بِكَلاَمِهِ أَزَالَ الآيَاتِ. 3وَمَجَّدَهُ أَمَامَ الْمُلُوكِ. أَوْصَاهُ بِشَعْبِهِ، وَأَرَاهُ مَجْدَهُ.
4قَدَّسَهُ بِإِيمَانِهِ وَوَدَاعَتِهِ، وَاصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْبَشَرِ. 5أَسْمَعَهُ صَوْتَهُ، وَأَدْخَلَهُ فِي الْغَمَامِ. 6أَعْطَاهُ الْوَصَايَا مُوَاجَهَةً شَرِيعَةَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الْعَهْدَ، وَإِسْرَائِيلَ أَحْكَامَهُ.
ع1: امتداد للآية الأخيرة المذكورة فى الأصحاح السابق، يكمل ابن سيراخ كلامه عن موسى، ويصفه بأنه رجل رحمة ومحبوب عند الله والناس، وذلك لما يلى :
- لأنه أطاع الله فى مواجهة فرعون، وبهذا أنقذ شعبه، ورحمه من العبودية، وأخرجهم بقوة من الله من مصر بعبورهم البحر الأحمر.
- عندما غضب الله على شعبه وأراد إفنائهم وتخصيص شعب جديد من خلال موسى، تضرع إلى الله، ليسامح شعبه، بل قدم مثالاً فى البذل، عندما قال لله : “وإلا فامحنى من كتابك” (خر32: 32)، أى قَبِل أن يمحى من كتاب الله، ولكن لا يهلك شعبه، فهو بهذا مثال للمسيح الذى مات لأجل فداء شعبه.
فموسى محبوب من الله، حتى أن الله كلمه أكثر من جميع البشر، وكان مطيعاً لله مهما كانت المواقف صعبة. ومن ناحية أخرى، كان محبوباً من شعبه، حتى اعتبروه أعظم الأنبياء فى تاريخهم، والكنيسة فى العهد الجديد تلقبه فى لبش الهوس الأول برئيس الأنبياء.
وبالتالى تعلق الشعب بموسى، حتى أنه عندما مات، أخفى الله جسده لئلا يعبده الشعب، وهذا يبين أن ذكره ظل مباركاً جداً فى قلوب شعبه على مدى الأجيال.
ع2: أعطى الله لموسى مجداً وكرامة مثل القديسين، الذين سبقوه كإبراهيم، ومثل الذين تبعوه كداود، فهو مكرم عند الله والناس.
بالإضافة، كان مجد موسى أمام شعبه عظيماً، فقد كان موسى صورة لله، ومندوباً عنه، بل والوسيط بينهم وبين الله، وإلى جانب هذه الكرامة، أعطاه الله كرامة عظيمة أمام أعدائه، وهم فرعون وكل عبيده، إذ جعله إلهاً، أى سيداً لفرعون (خر7: 1) فيكلمه بسلطان، ويخاف فرعون ويهتز أمامه، كما ظهر فى الضربات العشر، إذ شعر فرعون أنه أمام قوة الله التى لا يستطيع مواجهتها، وكان كل عبيده والسحرة يؤكدون له أن موسى فيه قوة الله، الذى هو أعلى من كل آلهتهم.
كلام موسى مع فرعون أزال كل القوى التى اعتمد عليها الشعب المصرى فى عبادته للأوثان، فبالضربات العشر أظهر ضعف الآلهة التى كانوا يعتبرونها أكبر قوة وآية أمامهم. فالضربة الأولى مثلاً حولت إلههم – وهو النيل – إلى دم. وانتن السمك فيه، فأزال قوة النيل أمام يد الله، التى تخضع كل مخلوقاته له.
ع3: أعطى الله موسى مجداً وكرامة وقوة أمام كل الملوك الذين قابلهم، فخافوه، سواء فرعون مصر، أو العمالقة الذين قابلهم فى سيناء، وانتصر عليهم. ثم لما اقترب من أرض الميعاد خاف منه الملوك؛ سيحون ملك الأموريين، وعوج ملك باشان، وخرجوا لمقاومته، فانتصر عليهم وأهلكهم، واستولى على أراضيهم (عد21: 21-35).
وأوصى الله موسى بشعبه أن يعلمهم عبادة الله، وأعطاه الوصايا والشريعة، وظل يعلمهم ويردهم إلى الله إذا ابتعدوا عنه طوال حياته.
وأظهر الله مجده لموسى، عندما طلب أن يراه، وتشبث بهذا الطلب، فظهر له الله، وأصبح وجهه يلمع، حتى أن بنى إسرائيل لم يستطيعوا النظر إلى وجهه، فغطاه ببرقع (خر33: 18؛ 34: 33).
ع4: اصطفاه : اختاره.
تجاوب موسى مع محبة الله، فوهبه الله قداسة ظهرت فى إيمانه ووداعته، رغم أنه كان قبلاً، وهو فى بيت فرعون، يعتمد على قوته وذكائه، وكان عنيفاً، لكنه بعدما عاش فى البرية مع الله أربعين عاماً، كراعى غنم، تغير، وتقدس، ونمى إيمانه، واكتسب وداعة عظيمة، حتى تميز فيها لدرجة أنه صار حليماً أكثر من جميع الناس (عد12: 3).
ومن أجل قداسته اختاره الله؛ ليكون قائداً لشعبه، ويخرجهم من أرض مصر، ويقودهم فى البرية أربعين عاماً، ويحتمل تذمراتهم وخطاياهم الكثيرة.
ع5: تكلم الله مع موسى مرات كثيرة؛ لأجل محبة الله له، وقداسته، وطاعته. وعندما ظهر الله للشعب الذى اشتاق أن يراه مثل موسى، لم يحتمل بنو إسرائيل. وقالوا لموسى: إذهب أنت، واصعد للجبل، وتكلم عنا مع الله. فصعد إلى الجبل، ودخل فى السحاب، وقضى مع الله أربعين يوماً (خر24: 18).
ع6: وعلى الجبل بين السحاب، قابل موسى الله، وأعطاه الوصايا العشر، وكذا الشريعة، ورسم خيمة الاجتماع؛ كل هذا سلمه الله له.
وعلَّم موسى الشعب هذه الوصايا والشريعة، وعمل عهداً بين الله وشعبه؛ ليحيوا له، ويكون إلهاً لهم.
على قدر ما تطيع الله ووصاياه، يعمل فيك، ويغير طباعك إلى الأفضل، ويقدسك، فتكون إناءً مختاراً له.
(2) هارون (ع7-27):
7أَعْلَى هَارُونَ الْقِدِّيسَ، نَظِيرَهُ أَخَاهُ مِنْ سِبْطِ لاَوِي. 8جَعَلَ لَهُ عَهْدَ الدَّهْرِ، وَأَعْطَاهُ كَهَنُوتَ الشَّعْبِ. أَسْعَدَهُ فِي الْبَهَاءِ، 9وَنَطَّقَهُ حُلَّةَ مَجْدٍ. أَلْبَسَهُ كَمَالَ الْفَخْرِ، وَأَيَّدَهُ بِأَدَوَاتِ الْعِزَّةَ: 10السَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ السَّابِغِ وَالأَفُودِ، وَجَعَلَ حَوْلَهُ الرُّمَّانَاتِ مِنْ ذَهَبٍ، مَعَ جَلاَجِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ حَوْلِهِ،
11لِيَرِنَّ صَوْتُهَا عِنْدَ خَطْوِهِ، لِيُسْمَعَ الصَّلِيلُ فِي الْهَيْكَلِ، ذِكْرًا لِبَنِي شَعْبِهِ. 12وَأَعْطَاهُ الْحُلَّةَ الْمُقَدَّسَةَ مِنْ ذَهَبٍ وَسَمَنْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ صَنْعَةَ نَسَّاجٍ حَاذِقٍ صُدْرَةَ الْقَضَاءِ، الَّتِي فِيهَا النُّورُ وَالْحَقُّ. 13نَسِيجُهَا مِنْ قِرْمِزٍ مَشْزُورٍ، صَنْعَةُ عَامِلٍ حَاذِقٍ، وَعَلَيْهَا حِجَارَةٌ كَرِيمَةٌ كَنَقْشِ الْخَاتَمِ، مُرَصَّعَةٌ فِي الذَّهَبِ، صَنْعَةُ نَقَّاشِ الْجَوْهَرِ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ذِكْرًا. 14وَكَانَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهِ عُنْوَانُ الْقَدَاسَةِ. وَكَانَ زِينَةَ كَرَامَةٍ صَنْعَةَ بَرَاعَةٍ، تَعْشَقُهَا الْعُيُونُ لِحُسْنِهَا. 15كُلُّ هذِهِ كَانَتْ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَثِيلٌ فِي الدَّهْرِ. 16لَمْ يَلْبَسْهَا إِلاَّ مَنْ هُوَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، بَنُوهُ وَأَعْقَابُهُ فِي كُلِّ عَهْدٍ. 17ذَبَائِحُهُ تُحْرَقُ بِالنَّارِ كُلَّ يَوْمٍ، مَرَّتَيْنِ بِلاَ انْقِطَاعٍ.
18كَرَّسَ مُوسَى يَدَيْهِ، وَمَسَحَهُ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ، 19فَصَارَ ذلِكَ عَهْدًا أَبَدِيًّا، لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا دَامَتِ السَّمَاءُ، لِيَخْدِمَ لِلرَّبِّ، وَيُمَارِسَ الْكَهَنُوتَ، وَيُبَارِكَ شَعْبَهُ بِاسْمِهِ. 20اصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الأَحْيَاءِ، لِيُقَرِّبَ التَّقْدِمَةَ لِلرَّبِّ، الْبَخُورَ وَالرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، ذِكْرًا وَتَكْفِيرًا عَنْ شَعْبِهِ. 21أَقَامَهُ عَلَى وَصَايَاهُ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا عَلَى عُهُودِ الأَحْكَامِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الشَّهَادَاتِ، وَيُنِيرَ إِسْرَائِيلَ بِشَرِيعَتِهِ. 22اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْغُرَبَاءُ وَحَسَدُوهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، رِجَالُ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ وَجَمَاعَةُ قُورَحَ بِالْحِدَّةِ وَالْغَضَبِ. 23نَظَرَ الرَّبُّ فَلَمْ يَرْضَ، فَأَبَادَهُمْ بِحِدَّةِ غَضَبِهِ. 24أَجْرَى بِهِمْ عَجَائِبَ، وَأَفْنَاهُمْ بِنَارِ لَهِيبِهِ. 25وَزَادَ هَارُونَ مَجْدًا، وَأَعْطَاهُ مِيرَاثًا. جَعَلَ لَهُمْ بَوَاكِيرَ ثِمَارِ الأَرْضِ، 26وَهَيَّأَ لَهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِمْ شِبْعَهُمْ مِنَ الْخُبْزِ. فَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَبَائِحِ الرَّبِّ، الَّتِي أَعْطَاهَا لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ. 27إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْ فِي أَرْضِ الشَّعْبِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، لأَنَّهُ هُوَ نَصِيبُهُ وَمِيرَاثُهُ.
ع7: نظيره : مثله.
رفع الله هارون أخا موسى، الذى يكبره بثلاث سنوات، وأعطاه أن يكون مقدساً له، وله مكانة عظيمة، مثلما عظم موسى. فإن كان موسى هو الذى اختاره الله؛ ليقود شعبه، فهارون أخوه، اختاره الله ليساعد موسى، وجعله رئيساً للكهنة، وهذه مكانة عظيمة، فهو يقود الشعب فى عبادة الله، وهو أيضاً رمز للمسيح مثل موسى. وهارون وموسى من سبط لاوى.
ع8: أعطى الله لهارون عهد الكهنوت، الذى يدوم معه هو وأولاده على مدى الأجيال، أى عهد الدهر.
وأعطاه أن يكون كاهناً، ورئيس كهنة للشعب؛ ليقودهم فى عبادة الله، ويعلمهم كيف يقتربون إليه.
وأسعده بمجد وبهاء عظيم كرئيس كهنة، لا يستطيع أحد سواه أن يقوم بهذه الخدمة، وأولاده الكهنة يساعدونه فى هذا، وأظهر أيضاً بهاءه فى ملابسه، وفى خدمته العظيمة.
ع9: نطقه : ألبسه.
العزة : القوة.
أمر الله أن يلبس رئيس الكهنة هارون ملابس خاصة، أعطته مجداً، وفخراً عظيماً.
وساند الله هارون بأدوات العزة، وهى الأعمال الكهنوتية التى يقوم بها بمفرده، نيابة عن شعبه، فملابسه وأعماله متميزة، ولها معانى روحية، كلها لأجل خلاص الشعب.
ع10، 11: السابغ : الطويل الذى يكسو القدمين.
الصليل : صوت اصطدام المعادن ببعضها.
خطوه : خطواته.
أمر الله أن يلبس هارون ملابس بهية عظيمة، تشمل السراويل، وهى ثياب طويلة، والثوب الطويل الذى يصل إلى الرجلين، والأفود الذى هو الرداء على كتفيه حجارة منقوش عليها أسماء بنى إسرائيل، وجعل أيضاً فى طرف الثياب رمانات ذهبية، وجلاجل كثيرة تحدث أصواتاً عندما يتحرك رئيس الكهنة فى الهيكل؛ ليعرف الكل أنه داخل الهيكل.
ع12، 13: سمنجونى : أسمنجونى وهو لون أزرق سماوى.
أرجوان : لون يقع بين الأحمر والبنفسجى وهو لبس الملوك.
قرمز : أحمر شديد الاحمرار وداكن.
حاذق : ماهر.
مشزور : مبروم.
وأعطى الله أن يلبس هرون حلة مقدسة؛ هى ثوب طويل إلى الرجلين يسمى الجبة، ومصنوع من قماش مبروم لونه أسمنجونى وأرجوان وقرمز، ويرمز إلى أنه ملك عظيم (أرجوان) وإنسان سماوى (أسمانجونى)، ويفدى البشرية بدمه (قرمز). وكانت الجبة مطرزة بالذهب، الذى يرمز أيضاً إلى السماء.
وعلى الجبة تركب الصدرة، وهى مربوطة بها، وعلى الصدرة اثنى عشر حجراً منقوشاً عليها أسماء أسباط بنى إسرائيل.
وعلى الصدرة يوجد النور والحق، اللذان هما حجرا الأوريم والتميم، اللذان يعرف بهما رئيس الكهنة صوت الله فى الموضوع الذى يطلبه منه.
من هذه الملابس يظهر المجد الذى يريد الله أن يعطيه لرئيس الكهنة، بالإضافة إلى مسئوليته عن الشعب كله، عندما يتقدم أمام الله ويقوم بخدمته.
ع14: ويلبس رئيس الكهنة هرون عمامة على رأسه، و عليها صفيحة من ذهب مربوطة بالعمامة بخيط أسمنجونى، ومنقوش على الصفيحة الذهبية قدس للرب. هذه العمامة صُنعت بيد صانع ماهر دقيق، ومنظرها جذاب بسبب روعتها.
ع15، 16: هذه الملابس العظيمة التى يلبسها رئيس الكهنة هرون، ليس لها مثيل فى عظمتها على مدى الأجيال، ولم يلبسها أحد إلا من نسل هرون، أى رئيس الكهنة التالى لهرون، ثم من يليه، وكلهم من نسل هرون.
ع17: كان هرون والكهنة يقدمون لله ذبيحة محرقة؛ صباحية ومسائية كل يوم، وبهذا يكون أمام الله طوال النهار والليل ذبيحة محرقة؛ ليرضى الله عن شعبه. وهذه المحرقة بالطبع ترمز للمسيح الذى صلب على الصليب، فاشتمه أبوه الصالح رائحة بخور وقت المساء، كما نقول فى تسبحة يوم الأحد.
ع18، 19: قام موسى بتكريس هرون، ومسحه رئيس كهنة للرب بالدهن المقدس، فصارت هذه المسحة عهداً لهرون وبنيه على مدى الأجيال، أن يكونوا هم فقط كهنة الله، ولا يصح أن يدخل أحد فى الكهنوت غيرهم، ويخدمون الرب، بكهنوتهم، ويباركون شعبهم باسم الرب.
ع20: اصطفاه : اختاره.
اختار الله هرون من بين جميع البشر؛ ليقدم التقدمة للرب والبخور، ذا الرائحة الطيبة؛ ليمجد اسم الله، ويكفر عن شعبه وخطاياهم.
ع21: وأقام هرون وبنيه ليعلموا الشعب وصايا الله وشريعته، ويحكموا للشعب فيما يحتارون فيه، بحسب شريعة الله التى استلموها كعهد من الله طوال حياتهم.
ع22-24: وعندما قام على هرون وبنيه الكهنة الغرباء عن الكهنوت، وهم قورح وداثان وأبيرام، وحاولوا اغتصاب الكهنوت منهم بغضب شديد. غضب الله عليهم، وأبادهم بابتلاع الأرض لهم؛ هم وكل جماعتهم، وأحرقهم بالنار (عد16).
ع25، 26: ومجد الله هرون وبنيه بأن أعطاهم ميراثاً أن يأكلوا ويشبعوا من ذبائح الرب وتقدماته قبل باقى الشعب. وايضاً أعطاهم باكورات ثمار الأرض.
ع27: ولم يرث هرون وبنوه الكهنة ميراثاً وسط الشعب فى الأرض؛ لأن الرب نصيبهم وميراثهم، فلا يحتاجون لأراضى العالم، مثل باقى أخوتهم بنى إسرائيل.
إن كان الله قد مجد الكهنوت فى شخص هرون وبنيه، فكم بالأحرى مجد سر الكهنوت فى العهد الجديد، فالكاهن يشفع عن الشعب، ويقدم أعظم ذبيحة، وهو جسد الرب ودمه؛ ولذا يستحق الكهنوت الإكرام، والتمتع ببركات الكهنة، وأبوتهم، وإرشاداتهم، التى هى صوت الله ووصاياه، وشريعته.
(3) فينحاس (ع28-31):
28وَفِينْحَاسُ ابْنُ أَلِعَازَارَ هُوَ الثَّالِثُ فِي الْمَجْدِ، لأَجْلِ غَيْرَتِهِ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، 29وَلأَنَّهُ قَامَ عِنْدَ ارْتِدَادِ الشَّعْبِ بِصَلاَحِ نَشَاطِ نَفْسِهِ، وَكَفَّرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ. 30لِذلِكَ أَعْطَاهُ الرَّبُّ عَهْدَ سَلاَمِهِ، لِكَيْ يَكُونَ إِمَامَ شَعْبِهِ فِي الأَقْدَاسِ، وَتَبْقَى لَهُ وَلِنَسْلِهِ عَظَمَةُ الْكَهَنُوتِ مَدَى الدُّهُورِ. 31وَعَاهَدَ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، عَلَى مِيرَاثِ الْمُلْكِ مِنِ ابْنٍ إِلَى ابْنٍ فِي ذُرِّيَّتِهِ، كَالْمِيرَاثِ لِهَارُونَ وَنَسْلِهِ. لِيُعْطِيكُمُ الْحِكْمَةَ فِي قُلُوبِكُمْ، لِكَيْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ فِي شَعْبِهِ، فَلاَ تَزُولَ خَيْرَاتُهُمْ وَمَجْدُهُمْ مَدَى أَجْيَالِهِمْ.
ع28، 29: فينحاس هو النسل الثالث فى الكهنوت من هرون، أى حفيد هرون، لأنه ابن العازار بن هرون، وله مجد عظيم أمام الله؛ لأجل غيرته الروحية على وصايا الله وشريعته. فعندما أمر الله بقتل الذين تعلقوا ببعل فغور الإله الوثنى، ورأى فينحاس أحد أفراد بنى إسرائيل يدخل بامرأة مديانية ليزنى معها، قام عليهما وقتلهما، فهدأ غضب الله؛ لأنه منع الشر (عد25: 6-8). وبهذا ظهر صلاح فينحاس، ونشاطه العظيم فى إرضاء الله، والتكفير عن بنى إسرائيل، الذين زنوا مع بنات موآب، فأتى عليهم الوبأ، الذى وقف بسبب غيرة فينحاس.
وقد قام فينحاس بقيادة جيش من 12000 من بنى إسرائيل، بأمر الرب أيام موسى، وهجم على المديانيين، وانتصر عليهم (عد31: 6). وظهرت غيرة فينحاس أيضاً عندما ذهب ليتحقق من المذبح الذى بناه السبطان ونصف السبط شرق نهر الأردن (يش22: 13).
ع30: جدد الله عهد الكهنوت الذى أعطاه لهرون، مرة ثانية لفينحاس ونسله، أى امتداد نسل هرون، فيكون له عهد خدمة الكهنوت على مدى الأجيال، فهو يمثل الكاهن الأمين، الذى له غيرة مقدسة لتنفيذ شريعة الله.
ع31: إن كان الله وعد هرون بالكهنوت له، ولنسله، فهو أيضاً وعد داود أن يكون الملك له ولنسله، وهكذا تكون بركة الله فى الكهنوت والحكم، فيكملان بعضهما البعض؛ لجذب نفوس الشعب للحياة مع الله، فكليهما أدوات فى يد الله، والله هو العامل فى كل منهما؛ الكهنوت والملك.
ثم يطلب ابن سيراخ حكمة للملوك وأيضاً للكهنة، ليحكموا بالعدل، فينال الشعب خيرات الله وبركاته طوال حياتهم. كن أميناً مع الله، متمسكاً بوصاياه، وارفض الشر، فيباركك الله كل أيام حياتك.