الآباء من أخنوخ إلى يعقوب
من هذا الإصحاح حتى الأصحاح الخمسين، يتكلم ابن سيراخ عن الآباء الأولين العظماء، ويمدح كل منهم قدر ما يستطيع، وأفعالهم بالطبع تمجد الله، كما هو ممجد فى خليقته التى ذكرناها فى الأصحاح السابق. وقد ذكر بولس الرسول قائمة مماثلة فى (عب11).
(1) مدح عام للآباء الأولين (ع1-15):
1لِنَمْدَحِ الرِّجَالَ النُّجَبَاءَ، آبَاءَنَا الَّذِينَ وُلِدْنَا مِنْهُمْ. 2فِيهِمْ أَنْشَأَ الرَّبُّ مَجْدًا كَثِيرًا، وَأَبْدَى عَظَمَتَهُ مُنْذُ الدَّهْرِ. 3وَقَدْ كَانُوا ذَوِي سُلْطَانٍ فِي مَمَالِكِهِمْ، رِجَالَ اسْمٍ وَبَأْسٍ، مُؤْتَمِرِينَ بِفِطْنَتِهِمْ، نَاطِقِينَ بِالنُّبُوءَاتِ، 4أَئِمَّةَ الشَّعْبِ بِمَشُورَاتِهِمْ، وَبِفَهْمِ كُتُبِ أُمَّتِهِمْ. 5قَدْ ضَمَّنُوا تَأْدِيبَهُمْ أَقْوَالَ الْحِكْمَةِ، وَبَحَثُوا فِي أَلْحَانِ الْغِنَاءِ، وَأَنْشَدُوا قَصَائِدَ الْكِتَابِ. 6رِجَالَ غِنًى وَاقْتِدَارٍ، فَاعِلِي سَلاَمَةٍ فِي بُيُوتِهِمْ. 7أُولئِكَ كُلُّهُمْ نَالُوا مَجْدًا فِي أَجْيَالِهِمْ، وَكَانَتِ أَيَّامُهُمْ أَيَّامَ فَخْرٍ. 8فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَّفُوا اسْمًا يُخْبِرُ بِمَدَائِحِهِمْ. 9وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ ذِكْرَ لَهُمْ، وَقَدْ هَلَكُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا قَطُّ، وَوُلِدُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا هُمْ وَبَنُوهُمْ بَعْدَهُمْ. 10أَمَّا أُولئِكَ فَهُمْ رِجَالُ رَحْمَةٍ وَبِرُّهُمْ لاَ يُنْسَى. 11الْمِيرَاثُ الصَّالِحُ يَدُومُ مَعَ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَعْقَابُهُمْ يَبْقَوْنَ عَلَى الْمَوَاعِيدِ. 12تَثْبُتُ ذُرِّيَّتُهُمْ وَبَنُوهُمْ لأَجْلِهِمْ. 13إِلَى الأَبَدِ تَدُومُ ذُرِّيَّتُهُمْ، وَلاَ يُمْحَى مَجْدُهُمْ. 14أَجْسَامُهُمْ دُفِنَتْ بِالسَّلاَمِ، وَأَسْمَاؤُهُمْ تَحْيَا مَدَى الأَجْيَالِ.
15الشُّعُوبُ يُحَدِّثُونَ بِحِكْمَتِهِمْ، وَالْجَمَاعَةُ تُخْبِرُ بِمِدْحَتِهِمْ.
ع1: بخباء : جمع بخيب وهو الكريم.
قبل أن يحدثنا ابن سيراخ عن الآباء الأولين واحداً واحداً، وهم كثيرين، ويصعب حصرهم، ولكنه اختار أبرزهم؛ وقبل كل هذا يعطينا مقدمة عن هؤلاء الآباء من (ع1-15)، ويصفهم فى هذه الآية بأنهم بخباء ومكرمون، ومتميزون عن غيرهم، وهم جدودنا وأصلنا الذى ننتسب إليه، ونفخر ببنوتنا لهم.
ع2: أعطى الله الآباء الأولين نعمة وقوة وهبتهم مجداً كثيراً، وهكذا ظهرت فيهم عظمة الله، فحياتهم هى تمجيد لله.
ع3: مؤتمرين بفطنتهم : ينالون إرشاداً ومساندة من حكمتهم، أى أن حكمتهم هى مصدر كلامهم وتصرفاتهم.
بأس : قوة.
هؤلاء الآباء بعضهم كانوا ملوكاً ورؤساءً فى أماكنهم، ولهم سلطان فى ممالكهم. وبعضهم كانوا رجالاً يتميزون بالقوة فى شخصياتهم وحروبهم، وحكمتهم تقودهم، وبعضهم كانوا أصحاب نبوة، وهبها الله لهم ونطقوا بها أمام شعوبهم.
ع4: أئمة : قادة.
وبعض هؤلاء الآباء كانوا قادة لشعوبهم بمشورتهم الصالحة، وكانوا أيضاً بفهم أعطاه الله لهم، قادرين على تعليم شعوبهم.
ع5: وكانت تعاليمهم وتأديباتهم للشعب تحتوى أقوال الحكمة العظيمة. بالإضافة إلى أن بعضهم اهتم بالبحث فى ألحان ونغمات الغناء والتسبيح لله، وكتبوا قصائد روحية، بل وأنشدوها بأصواتهم.
ع6: بعض هؤلاء الآباء كانوا أغنياءً، وذوى قدرات عظيمة، واستطاعوا أيضاً أن يصنعوا سلامة ومحبة داخل بيوتهم وكل من حولهم.
ع7: كل الآباء الأولين نالوا مجداً من الله فى أيام حياتهم، وكانت شعوبهم تفتخر بهم، وبعمل الله فيهم.
ع8، 9: وسط الأجيال السابقة كان هناك آباء عظماء تركوا وراءهم اسماً عظيماً خالداً على مدى الزمن، وفى نفس أيامهم هذه عاش كثيرون، ولم يذكرهم التاريخ؛ وماتوا هم ونسلهم. هذا يبين عظمة الآباء الأولين، الذين لم يتأثروا بمن حولهم، بل عاشوا مع الله فى أمانة، سواء صار لهم هذا الاسم العظيم الذى يخلد إلى الأبد، أو لم يذكرهم أحد، فكلهم عاشوا بأمانة مع الله، ولهم جميعاً النصيب الصالح فى الحياة الأبدية.
ع10: تميز الآباء الأولون بأنهم كانوا رجال رحمة، أشفقوا على من حولهم، وساعدوا كل من استطاعوا أن يساعدوه، أى أحبوا أعمال الخير، وبالتالى برهم لا يمكن أن ينسى أمام الله، بل وأيضاً أمام الذين عاشوا حولهم.
ع11: أعقابهم : نسلهم.
الآباء الأبرار ورثوا أبناءهم حياة صالحة مع الله من خلال اهتمامهم بتربيتهم تربية روحية، بل وأحفادهم أيضاً، ونسلهم يتمسكون بوصايا الله ومواعيده، ويحيون معه فى نقاوة.
ع12: ذرية هؤلاء الآباء الأبرار تثبت فى الإيمان الذى تعلموه من آبائهم، فيكونوا ذكراً حسناً لأجل تعب آبائهم فى تربيتهم.
ع13: هذا النسل الصالح للآباء الأولين يهتم بهم الله، ويكافئهم فى الحياة الأبدية بالسعادة الحقيقة، ويظلون فى مجد لا يمحى إلى الأبد.
ع14: هؤلاء الأبناء الصالحون إن كانت أجسادهم قد دُفنت فى الأرض، وانتهت حياتهم أمام الناس الذين حولهم، لكن أسماءهم تحيا إلى الأبد فى نعيم وفرح مع الله.
ع15: كل هؤلاء الآباء ونسلهم الصالح، وشعوبهم الذين عاشوا فى وسطهم يتحدثون فى حياتهم، وبعد موتهم بحكمتهم التى عاشوا فيها مع الله، وتظل الجماعات المحيطة بهم تمدحهم على مدى التاريخ.
تمسك بوصايا الله؛ سواء أرضى ذلك من حولك، أو لم يرضهم، ولكن ثق أن الله يرى برك وإخلاصك، فيكافئك بسلام فى داخلك، ثم بأمجاد فى السماء لا يعبر عنها.
(2) أخنوخ ونوح (ع16-19):
16أَخْنُوخُ أَرْضَى الرَّبَّ فَنُقِلَ، وَسَيُنَادِي الأَجْيَالَ إِلَى التَّوْبَةِ. 17نُوحٌ وُجِدَ بَرًّا كَامِلًا، وَبِهِ
كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ فِي زَمَانِ الْغَضَبِ. 18فَلِذلِكَ أُبْقِيَتْ بَقِيَّةٌ عَلَى الأَرْضِ، حِينَ كَانَ الطُّوفَانُ،
19وَأُقِيمَتْ مَعَهُ عُهُودٌ، لِكَيْ لاَ يُهْلَكَ بِالطُّوفَانِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ.
ع16: الأب الأول فى القديسين الذى يذكره ابن سيراخ هو أخنوخ، الذى تميز بأنه أرضى الرب فى حياته ، وكلامه، وأعماله، رغم ضعف الإمكانيات التى كانت تسانده، فلم يكن عنده وصايا ولا شريعة، لكن كان عنده الضمير الحى الذى خلقه الله فيه، بالإضافة إلى تعلمه من الآباء، أى من آدم، وكل من أتى من نسله، لقد عاش مع آدم أكثر من مئتى سنة، تتلمذ فيها عليه، ولعله سمع كل ما كان يحدث فى الجنة مع أبويه آدم وحواء قبل السقوط، ومدى تمتعهم بعشرة الله، فألهب قلبه شوقاً نحو الله، وتعلق به، أو تعلق بالحياة الفردوسية الأولى، التى أرادها الله له، ولكل البشرية، والتى توقفت بالسقوط فى الخطية، ولكنه اشتاق أن يتذوقها فى حياته، فكان يتأمل فى الله، ويبحث عنه فى كل ما حوله، ويحاول أن يرضيه بكل ما عرفه عن الله من صلاح وكمال.
ورغم انتشار الفجور والشر حوله من نسل قايين لم يتأثر بهم، بل على العكس، وبخهم فى نبوته التى أعلنها لنا يهوذا الرسول فى رسالته فى العهد الجديد، فكان مثالاً لجيله، ولكل الأجيال فى التمسك بمحبة الله، ورفض الشر، فكانت حياته دعوة لجيله، ولكل من يأتى بعده ليتوبوا عن خطاياهم.
ومن كثرة تعلقه بالله، وانشغاله به رأى الله أن حياته تناسب السماء أكثر من الأرض،
فنقله للسماء وهو حى، وكان عمره وقتذاك ثلاث مئة وخمساً وستين عاماً، مع أن ابنه
والأجيال السابقة والتالية له عاشت أضعاف هذا السن، أما الله فرأى أن أخنوخ يستحق أن يحيا معه سنوات عديدة تفوق كل أجيال البشر، إنه يعيش ويتمتع الآن بحياة فردوسية خاصة مع الله فى السماء فى مكان لا يعرفه إلا الله.. إنه مثال لمحبة القداسة والبر، وقدوة لمن أحبوا الله بعده وتركوا العالم؛ ليحيوا فى حياة الوحدة، وملأوا البرارى فى كل مكان.
ع17: الأب الثانى الذى يحدثنا عنه ابن سيراخ، هو نوح أب الآباء، الذى وجد الله فيه براً كاملاً، والمقصود طبعاً الكمال النسبى؛ لأنه لا يوجد أحد بار بالكامل إلا الله. وبر نوح ظهر فى محبته لله، وتمسكه بعبادته، وتعلمه من الآباء الذين سبقوه، فقد تعلم من أبيه لامك الكثير عن جده آدم، وسمع الكثير أيضاً عن جده أخنوخ؛ كل هذا دفعه فى طريق محبة الله، حتى أنه أحب حياة البتولية لمدة خمس مئة عام، عاش فيها وسط عالم مملوء بالزنى والفجور، الذى أغضب الله جداً، ثم تزوج بعد هذا، للحفاظ على النسل، وبإرشاد الله، فأنجب سام وحام ويافث (تك5: 32).
ومن أجل بر نوح وجد نعمة فى عينى الله، ورغم غضب الله على البشرية كلها، لكن كان هناك شخص واحد عاش فى صلح مع الله هو نوح ونسله؛ لذا يسمى نوح آدم الثانى، الذى تجددت به البشرية بعد الطوفان، فليس هناك صلح مع الله إلا بالقداسة والبر، فيجد الإنسان نعمة فى عينى الله، ويكون بركة لكل من حوله، ومن يأتى بعده.
ع18: عن طريق بر نوح الذى علمه لأولاده وزوجاتهم، ظل البر على الأرض، وبالتالى رضى الله عن البشرية، وأبقى لها بقية بعد هلاك العالم بالطوفان.
ع19: وأيضاً من أجل بر نوح أقام الله معه عهوداً من أجل الحفاظ على البشرية، وعدم إهلاكها مرة ثانية بطوفان مهما كان شرهم. هذا العهد الذى يظهر فى قوس قزح، أى ألوان الطيف بعد نزول المطر الشديد؛ حتى يطمئن كل بشر أن الله لن يهلك العالم بطوفان.
وقد قال عهوداً؛ لأن الله بدأ عهوداً كثيرة مع الآباء البطاركة، نوح وإبراهيم واسحق ويعقوب؛ ليعلن محبته للبشر، واشتياقه أن يحيوا معه فيباركهم، وتميز عهد الله مع نوح بأنه لكل البشرية، أما العهود التالية لإبراهيم ومن بعده فكان محددة فى نسل معين هو شعب الله.
عظمة محبتك لله تظهر فى تمسكك بوصاياه مهما انتشر الشر حولك، وكان قريباً منك، ولكنك تتمسك بالله ووصاياه، وتحتمل أى شىء لأجله.
(3) إبراهيم واسحق ويعقوب (ع20-27):
20إِبْرَاهِيمُ كَانَ أَبًا عَظِيمًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ نَظِيرُهُ فِي الْمَجْدِ. وَقَدْ حَفِظَ شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ فَعَاهَدَهُ عَهْدًا، 21وَجَعَلَ الْعَهْدَ فِي جَسَدِهِ وَعِنْدَ الاِمْتِحَانِ وُجِدَ أَمِينًا. 22فَلِذلِكَ حَلَفَ لَهُ أَنَّ الأُمَمَ سَيُبَارَكُونَ فِي نَسْلِهِ، وَأَنَّهُ يُكَثِّرُ نَسْلَهُ كَتُرَابِ الأَرْضِ، 23وَيُعْلِي ذُرِّيَّتَهُ كَنُجُومٍ، وَيُوَرِّثُهُمْ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. 24وَكَذلِكَ جَعَلَ فِي إِسْحَاقَ لأَجْلِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ،
25بَرَكَةَ جَمِيعِ النَّاسِ وَالْعَهْدَ، ثُمَّ أَقَرَّهُمَا عَلَى رَأْسِ يَعْقُوبَ. 26آثَرَهُ بِبَرَكَاتِهِ وَوَرَّثَهُ الْمِيرَاثَ. مَيَّزَ حُظُوظَهُ، وَقَسَمَهَا عَلَى الأَسْبَاطِ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 27وَأَقَامَ مِنْهُ رَجُلَ رَحْمَةٍ، قَدْ نَالَ حُظْوَةً أَمَامَ كُلِّ بَشَرٍ.
ع20: الأب الثالث هو إبراهيم أبو الآباء، الذى وعده وجعله الله أباً لأمم كثيرة؛ كل من يؤمنون بالله، إذ لم يكن فى وقته أحد يؤمن إيماناً كاملاً إلا هو، ثم تبعه لوط، وليس فقط الشعب العبرانى الآتى من نسله هم أبناءه، ولكن كل من يؤمن بإيمان إبراهيم هو ابنٌ له، كما شرح بولس الرسول (رو4: 11-13)، وعندما يرتفع إلى السماء يكون لهم مكان فى حضن إبراهيم (لو16: 22).
لم يوجد نظير لإبراهيم فى المجد؛ لأنه أول من أطاع الله وترك كل شىء لأجله، وخرج إلى حيث لا يعلم، كما أمره الله (عب11: 8).
وقد حفظ ابراهيم شريعة الله العلى؛ هذه الشريعة لم تكن مكتوبة فى ألواح حجرية، كما حدث مع موسى، ولكنها كانت مكتوبة فى ضميره، وفى تعاليم الآباء التى وصلت إليه من كثيرين مثل، آدم وأخنوخ ونوح، حتى أن الله عاهده عهداً له، ولكل أولاده؛ هذا العهد هو عهد الختان الذى كان علامة فى جسده لإعلان إيمانه هو ونسله، وقطعهم عن شرور العالم؛ ليحيوا لله.
ع21: هذا العهد الذى هو الختان، كان فى جسد إبراهيم؛ حتى لا ينسى أبداً طوال حياته أنه ابن لله، وليس من أولاد العالم. وهذا العهد ظل مع كل أولاده، الذين يؤمنون بإيمانه، والذى هو رمز لسر المعمودية فى العهد الجديد لكل أبناء إبراهيم، الذين آمنوا بالمسيح الفادى، الآتى من نسل إبراهيم.
وعند امتحان ابراهيم امتحان الإيمان الشديد، وهو تقديم اسحق ذبيحة لله، أطاع، وظهرت أمانته، وطاعته الفائقة لله فى تقديم أغلى ما عنده، وهو ابنه الوحيد، الذى فيه كل المو اعيد، فظهرت أمانته التى تفوق كل عقل.
ع22: حلف الله لإبراهيم أنه سيصير بركة لكل الأمم فى العالم، الذين سيؤمنون مثله بالله، وهذا كما قلنا، تم ليس فى شعب اليهود فقط، بل فى كل الأمم الذين آمنوا بإيمان إبراهيم.
وأعطاه وعداً محدداً بأن نسله سيصير كثيراً جداً لا يمكن إحصاءه، إذ سيكون عدده مثل تراب، أو رمل الأرض. وبنسل إبراهيم الذى هو المسيح، آمنت نفوس كثيرة من كل أمم العالم، وصار نسل إبراهيم بركة للعالم كله حتى الآن.
ع23: أضاف الوعد الإلهى أيضاً لإبراهيم بأن نسله سيكون فى عزة وقوة، مرتفعاً بإيمانه عن كل من حوله من الشعوب، مثل ارتفاع نجوم السماء الكثيرة فوق الأرض.
ويشمل الوعد أيضاً، أن يمتلك نسل إبراهيم، وهم شعب الله المؤمن به فى العهد القديم، أرضاً واسعة تمتد من البحر إلى البحر، والمقصود من البحر الأبيض غرباً إلى البحر الأحمر جنوباً، ثم يضيف الله أنها تمتد من النهر إلى أقصى الأرض، والمقصود بالنهر نهر الفرات شرقاً، واقصى الأرض، كل الامتداد الذى امتدته مملكة اليهود، والذى وصلت إليه أيام داود وسليمان.
ع24، 25: واسحق أيضاً أب الآباء، نال نفس المواعيد التى أعطاها الله لإبراهيم، والبركة التى يصبح بها بركة لكل من حوله، ولنسله. ثم أكد الله مرة أخرى الوعد والعهد ليعقوب ابن اسحق بأن يكون بركة للعالم كله.
ع26: أثره : خصه.
حظوظه : أنصبته.
خص الله يعقوب ببركة عظيمة التى وعد بها إبراهيم واسحق من قبله، ثم له ولنسله، وميز يعقوب ببركات وفيرة، إذ جعله الابن البكر، مع أنه ليس البكر فى الولادة، ولكن فى الإيمان والحياة الكاملة مع الله. وأعطى نسله أن يمتلك أرض كنعان، أرض الميعاد، وقسمها له أنصبة لكل سبط نصيبه متميزاً، ومختلفاً عن باقى أنصبة الأسباط الأخرى. وبهذا ورث نسل يعقوب أرضاً تفيض لبناً وعسلاً لم تكن له، ولكن أخذها الله من الأمم الأشرار، ووهبها لنسل يعقوب المؤمنين بالله.
ع27: حظوة : مكانة.
أقام الله من نسل يعقوب إنساناً تميز بعمل الرحمة، إذ خلص شعبه من العبودية التى كانت فى مصر لمدة أربعمئة عام، ونال مكانة أمام كل البشر، وهو موسى العظيم الذى وقف أمام فرعون وكل عبيده وأعلن صوت الله، وأخضع فرعون بكل قوته لله، وعندما عاند الله غرق فى البحر الأحمر هو وكل جيشه. على قدر محبتك لله، وطاعتك لوصاياه يقربك الله إليه، ويعطيك وعوداً لا تنتهى، ويفرح قلبك على الأرض وفى السماء.