لقاء يهوديت بأليفانا
(1) ترحيب أليفانا بيهوديت (ع1-3):
1- حينئذ قال لها أليفانا لتطب نفسك و لا يكن في قلبك روع لأني لم أضر قط برجل آثر الخضوع لنبوكد نصر الملك. 2- و أما شعبك فلو لم يزدروا بي لما اشرعت رمحي عليهم. 3- و الان فقولي لي لأي سبب فارقتهم و أثرت المجيء الينا.
ع1: لتطب نفسك : لتسترح نفسك.
روع : خوف.
آثر : فضَّل.
وبدأ اللقاء الأول بين أليفانا ويهوديت، وضباطه وقوف بين يديه فى خيمته العظيمة، وهو جالس على عرشه، وبدأ حديثه مع يهوديت، مطمئنًا إياها؛ حتى لا تنزعج من بهاء المكان، وقوته، وقوة جنوده، بل طلب منها أن يهدأ بالها ويطيب قلبها.
وواضح تأثر أليفانا بجمال ووداعة يهوديت، فقد أعطاها الله نعمة ليس فقط بالجمال الجذاب، بل يشعر من يراها بالراحة والطمأنينة فيرتاح إليها، ولذلك كان أليفانا ودودًا ولطيفًا معها.
وحاول أليفانا فى طمأنته ليهوديت أن يعطيها انطباعًا عن نفسه ويوحى إليها بأنه مسالم ولا يميل للأذى ولا يضر أبدًا أى إنساناً مسالماً خاضعاً للملك نبوكد نصر، مما يخالف الحقيقة تمامًا، كما علمنا من الأصحاحات السابقة، فالذين خضعوا له من الأمم دمر مدنهم وأحرقها وقتل الكثيرين منهم، ولكنه يحاول أن يتودد إلى يهوديت ويخرج عن طبعه الوحشى.
ع2: أشرعت رمحى : رفعت رمحى والمقصود أنى قررت تأديبهم.
فى كلام أليفانا عن شعب يهوديت، تحدث بتأدب، معلنًا أنه لم يكن ينوى إيذاءهم وأنه اضطر لمحاصرة المدينة والاستعداد لمحاربتها بجنوده وأسلحته؛ لأنهم هم الذين ارتكبوا خطأ لا يغتفر، إذ استهانوا به فى عدم تسليم أنفسهم ومدينتهم له.
إن قوة تأثير أولاد الله الودعاء على أهل العالم الشرير تحولهم إلى الوداعة وتهدئ من طبعهم الوحشى، فالحملان عندما ترسل وسط الذئاب، كما قال السيد المسيح لتلاميذه
(لو10: 3) تستطيع أن تغير طباع الذئاب الوحشية إلى طبع الحمل الوديع، فالحملان أقوى من الذئاب، إذ أن فيها قوة الله.
ليتك لا تقابل غضب الآخرين بغضب أكبر، ولا كبرياءهم بتكبر أصعب، بل باتضاعك ووداعتك تكسر كل غضب وكبرياء، وكما يقول الكتاب المقدس : “الجواب اللين يصرف الغضب” (أم15: 1).
ع3: وبعد أن طمأن أليفانا يهوديت وأعلن محبته وتسامحه وتقديره لها، طلب منها أن تشرح له سبب تركها لمدينتها وحضورها إليه وتفضيلها اللجوء إلى الأشوريين. رغم أن سبب حضورها قد وصل إليه عن طريق طلائع جنوده، التى أسرتها عند نزولها من الجبل، ولكنه أراد أن يتحقق بنفسه ويعرف كمسئول الحقائق منها بالتفصيل.
(2) يهوديت تخبر أليفانا بضيقة شعبها (ع4-12):
4- فقالت له يهوديت اسمع كلام أمتك فإنك إذا اتبعت قول امتك يتم الرب الأمر لك.
5- ليحي نبوكد نصر ملك الأرض و لتحي قوته التي فيك لتأديب جميع الأنفس الغاوية لأنه لا الناس فقط يخضعون له بك بل وحوش البر أيضا تنقاد له. 6- لأن ذكاء عقلك قد شاع في جميع الأمم وأهل العصر كلهم يعلمون أنك أنت وحدك صالح و جبار في جميع مملكته و حسن سياستك مشهور في جميع الاقاليم. 7- و ليس بخاف ما تكلم به أحيور و لم يجهل ما أمرت أن يصيبه. 8- و من المحقق أن الهنا قد بلغ من غضبه من الخطايا أنه ارسل أنبياءه إلى شعبه بأنه سيسلمهم لأجل خطاياهم. 9- و لعلم بني إسرائيل بأنهم قد اهانوا إلههم قد حل رعبك عليهم. 10- و فضلا عن ذلك فإن الجوع قد أخذ منهم و هم معدودون في الموتى من عوز الماء. 11- حتى عزموا أن يذبحوا بهائمهم ليشربوا دماءها.
12- و أقداس الرب إلههم التي أمر الله أن لا تلمس من الحنطة و الخمر و الزيت قد هموا ان ينفقوها و هم يريدون أن يأكلوا ما لا يحل حتى لمسه بالأيدي فحيث أنهم يفعلون هذا فقد ثبت أنهم سيسلمون للهلاك.
ع4: وبدأت يهوديت حديثها الطويل مع أليفانا باتضاع، إذ أعلنت أنها جاريته وعبدته واستأذنته أن يصغى إليها، بل جذبت قلبه إليها، ليس بالجمال فقط، بل بالحكمة، فقد وعدته بالنصرة وتحقيق أهدافه، إذا سمع كلامها.
والجميل أنها لم تترك إيمانها وعقيدتها فى كلامها، بل أعلنت أن هذا من قبل الرب، لدرجة أنه فى نهاية الحديث (ع21) أعلن أليفانا استعداده للخضوع لإلهها العظيم، فكانت كمبشرة له ولجنوده؛ لعلهم يؤمنون. وفى حكمتها وإتضاعها تشبه آبيجايل فى حديثها مع داود (1صم25).
ع5: الأنفس الغاوية : النفوس التى تمتلئ بالشر وتتمرد وتضل فلا تخضع لأليفانا.
وحوش البر : جميع الوحوش التى تحيا على الأرض.
تنقاد له : تخضع له.
وبعد أن جذبت يهوديت أليفانا بالأمل فى تحقيق مقاصده، مدحته هو وسيده الملك نبوكدنصر، فدعت له بالحياة وهذا ما يتمناه كل إنسان عظيم أن يبقى فى عظمته، وأعلنت سلطانه على الأرض كلها؛ لاستيلائه على كثير من مدن العالم المحيط به. وكان هذا يعنى بالنسبة لسامعيها الأمل فى الاستيلاء على جميع ممالك الأرض، ومجدت قوة الملك، التى تظهر فى أليفانا وبهذا حولت المديح إلى أليفانا، بل اعتبرته القوة الحقيقية، التى ينبغى أن تمدح، فبدونه نبوكد نصر السيد لا يساوى شيئًا.
ومدحت أيضًا سلطان أليفانا ونبوكدنصر فى إخضاع كل من يعاديهما، أو يغويه قلبه لمعارضتهما، وبهذا يخضع لهما كل البشر، بل والحيوانات والوحوش أيضًا.
ع6: وأثنت يهوديت أيضًا على ذكائه وحكمته فى تدبير مثل هذا الجيش الجبار، والممالك التى استولى عليها، بل أن الكل يجمع أن أليفانا هو وحده المتميز بالقوة الجبارة، التى لا ينافسه فيها أحد عند الملك نبوكد نصر، خاصة بعد استيلاء أليفانا على البلاد الكثيرة وإخضاعه لها، فهو صالح فى تدبيره وقوته الحربية التى تخضع الأمم له. وهذا الكلام حقيقى وليس نفاقًا من يهوديت؛ لأنه فعلاً ذكى وقوى وسياسى محنك.
كل إنسان يتأثر بالمديح، والكلمة الطيبة تفرح القلوب، لذا إن أردت أن تكسب قلب أى إنسان، مهما كانت قسوته، أو بعده عنك، قدم له كلمة مديح أو تشجيع. ليتك ترى فضائل الآخرين، وتمتدحهم عليها، فتشجعهم وتكسبهم وفى نفس الوقت تستفيد من هذه الفضائل؛ لتقتنيها وتنمو فى حياتك الروحية.
ع7: بعد أن افتتحت كلامها بالمديح، وأصبح قلب أليفانا مستعدًا لتصديق وقبول كل ما تقوله، أخبرته أنها تعلم قراراته ضد أحيور، وأعلنت أنها تعلم حديث أحيور مع أليفانا، إذ أن أحيور رواه لأهل بيت فلوى، عندما دخل مدينتهم.
ع8: وفى نفس الوقت أيدت ما قاله أحيور، فهى لم تتنازل عن إيمانها بقوة إلهها الساحقة، ولكن أكدت الحقيقة التى أوضحها لهم أحيور، أن إله إسرائيل الجبار يكون ضدهم عندما يخطئون إليه، وبالتالى سيسهل على أليفانا الانتصار عليهم، وأكدت يهوديت كلامها بتوبيخات الله لشعبه على فم أنبيائه؛ لأجل خطاياهم، وتوعده لهم بالهلاك لأجل شرورهم.
ع9: ثم وصفت حالة شعبها بأنهم فى رعب شديد، منذ أن سمعوا أخبار جيش أليفانا، الذى يحاصرهم، وأرجعت ذلك إلى خطئهم فى حق إلههم. وهى بهذا لا تكذب؛ لأن الإنسان القوى فى إيمانه، والكامل فى ثقته بالله، لا ينزعج أبدًا. ولكن ليس معنى هذا أن الله سيهلكهم؛ لأن الله يلتمس العذر لأولاده، ويعين ضعف إيمانهم.
ع10: أخذ منهم : زاد عليهم.
عوز الماء : الحاجة إلى الماء.
وصورت معاناتهم وضيقتهم، وجوعهم الشديد، وإذ زاد العطش عليهم وقاربوا الموت. وهذا فعلاً حقيقى، ولكن الله يتمجد فى الضعفاء وكلما زادت الضيقة كلما إقتربت من الحل.
ع11: وإظهارًا لخطأ شعب الله، روت يهوديت كيف أن العطش قد زاد بهم جدًا، حتى أنهم مزمعين أن يذبحوا البهائم لشرب دمائها، مما يخالف الشريعة.
ع12: وكذلك العشور والبكور التى يقدسونها لله، كادوا يأخذونها من شدة العطش والجوع، مع إنهم لم يفعلوا أيًا من ذلك بعد، ولكن يهوديت تحاول أن تعطى مبررات منطقية لغضب الله منهم، إذ سوف يكسروا الشريعة فيتركهم الله. غير أن الله رحوم، ويقدر ضيقة أولاده، فلا يغضب عليهم، إذ هم فى حالة موت وليس استهانة بأقداس الله، أو نية لكسر الشريعة.
إن الله عادل ورحوم، وقد ركزت يهوديت على الصفة الأولى، ولكنها لا تقوم بدون الثانية، وبهذا أيدت أليفانا، وفى نفس الوقت لم تكذب ولكن ستظهر رحمة الله التى تعين شعبه وتنقذهم من أجل فضل نعمته وليس استحقاقهم لأنهم خطاة. إن كانت يهوديت ركزت على جزء من الحقيقة وهى العدل ولم تذكر الرحمة، فليس هذا تصريحًا لك أن تذكر أنصاف الحقائق دائمًا، فقد تعطى معنى عكس الحقيقة ونؤكد هنا أن يهوديت كانت فى ظروف صعبة جدًا، تنتظر الموت وتحاول الدفاع عن نفسها وشعبها.
ليتك تكون مع عدلك رحيماً فى إلتماس الأعذار للآخرين، خاصة لو كنت مسئولاً عنهم وتعطيهم فرصة لإصلاح خطئهم وتشجعهم، كما يعاملك الله برحمته ومحبته.
(3) يهوديت مرسلة من الله لأليفانا (ع13-17):
13- و بما ان أمتك قد علمت بهذا هربت من عندهم و قد بعثني الرب لأخبرك بهذا.
14- و أنا أمتك أعبد الله حتى الآن عندك أيضا و أمتك تخرج و تصلي إلى الله. 15- فيقول لي متى يرد عليهم خطيئتهم فأجيء و أخبرك بذلك حتى آخذك إلى وسط أورشليم و يكون لك جميع شعب إسرائيل مثل الغنم التي لا راعي لها و لا ينبح عليك كلب. 16- و هذه كلها قد لقنتها من عناية الله. 17- و حيث ان الله قد غضب عليهم فأنا مرسلة لأخبرك بهذه الأمور.
ع13: وتواصل يهوديت حديثها باتضاع، فتصف نفسها بعبدة. وأنها علمت واستوعبت كل ما حدث لشعب الله، فأرسلها الله لتخبر به أليفانا.
وهذا يبين مدى إيمان يهوديت بما أعلنه الله لها وأرسلها فى هذه المهمة الخطيرة وهذا الإعلان قد يكون عن طريق رؤيا، أو حلم كما ظهر فى الكتاب المقدس فى مواضع كثيرة، مثل أحلام يوسف (تك37: 5) ورؤى وأحلام بولس (أع16: 9 ؛ 18: 9).
ومن قوة كلامها أقنعت أليفانا فآمن أن إلهها قد أرسلها إليه، فاطمأن ووعدها بوعود كثيرة كما يظهر فى (ع20، 21).
وهكذا تظهر خطة الله التى نفذتها يهوديت بعدة وسائل هى :
- جمالها المبهر.
- مديحها لأليفانا.
- خضوعها له.
- إقناعها لأليفانا أن شعبها مخطئ ويستحق العقاب الإلهى.
- كلامها بثقة أنها مرسلة من الله إلى أليفانا لمصاحبته فى دخوله بيت فلوى (فقد دخلت بالفعل ورأسه معها).
ع14، 15: غنم لا راع لها : تعبير معروف فى الكتاب المقدس يعنى غياب القيادة وضعف الشعب، كما ورد فى (عد27: 17، 1مل22: 17، مت9: 36).
لا ينبح عليك كلب : تعبير عند الساميين، أى القبائل القديمة التى سكنت فى آسيا، ويعنى الهدوء وغياب المعارضة والمقاومة من الناس، أو حتى الحيوانات مثل الكلب.
ثم أعلمته بنيتها أنها سوف تعبد الله فى صلوات وتمسك بالشريعة، حتى يعلن الله لها عن الوقت المناسب الذى تصحب فيه أليفانا إلى وسط أورشليم.
وهكذا أقنعت أليفانا بأن يدعها تمارس عبادتها عنده، لأن فى ذلك منفعته،وهى فى الحقيقة تريد أن تصلى، وتستند على ذراع الله القوية، ليتمم خلاصه على يديها.
وحقًا كان شعب إسرائيل مخطئين، ومضطربين كغنم لا راع لها وفعلاً لم يكن أحد يقدر أن يصمد فى وجه أليفانا، بل سيكون مصيره الهلاك، هذا ما قصدته يهوديت، ولكن إن تشكك أحد فى أن كلام يهوديت غير الدقيق يقع تحت بند الكذب الصريح والخداع، فلنلتمس لها العذر إذ أن ظروفها صعبة، وهى فى حالة دفاع عن النفس، إذ تواجه وشعبها، خطر الموت. ونكرر، أن هذا ليس تصريحًا لأحد أن يخادع فى الكلام إلى درجة الكذب، إلا فى الحرب والمناورات العسكرية، كما خدعت ياعيل سيسرا (قض4: 17-22) وكما أرسل يشوع جاسوسين إلى أريحا (يش2: 1-7).
ولعل أليفانا عندما سمع هذه الكلمات من يهوديت ظن أنها نبية، أو كاهنة عند إلهها وتستطيع أن تسمع صوته وتخبر بالمستقبل والإرشادات الإلهية. فقد كان هذا معروفًا فى العبادات الوثنية وكانوا يحترمون جدًا النبيات والكاهنات فى معابد الآلهة الوثنية.
ما أعظم أن يتمسك الإنسان بحياته الروحية فى أصعب الأماكن والظروف المعاكسة والله سيعطيه حكمة وفرصة أن يتمم عباداته، بل ويجعل الآخرين يوافقونه ولا يعطلونه.
ع16: ويظهر من كلام يهوديت علاقتها العميقة بالله وصلواتها الحارة، التى اعتادتها فى وحدتها على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة. وحين إجتاحت هذه الشدة مدينتها، أرشدها الله لهذه الوسيلة، لتخلص شعبها، فهى مرسلة منه؛ لتتمم هذا العمل الذى نعتقد أن الله قد أعلنه لها بوضوح وإن كان لم يذكر جهارًا فى هذا السفر، ولكن يفهم من هذه الآية وباقى الآيات الواردة فى هذا الأصحاح وما قبله وما بعده؛ لأنه من المستحيل على إنسان أن يعرف هذه الخطة الغريبة لإنقاذ شعبه. ورغم هذا الإعلان الإلهى ليهوديت فتنفيذها لخطة الله يظهر :
- إيمانها القوى بكلام الله.
- شجاعتها التى تفوق الوصف فى مواجهة أقسى شخصية فى العالم وقتذاك.
- نسكها الشديد وتمسكها بالعبادة بكل تفاصيلها من صلوات وأصوام.
- استعدادها للموت من أجل طاعة الله وإنقاذ شعبها، فهى ترمز للمسيح الفادى، فقد دخلت إلى الموت أى حجرة أليفانا الخاصة وخرجت غالبة ورأس أليفانا معها، كما مات المسيح وقيد الشيطان.
ع17: أكدت يهوديت فى النهاية أن الله قد غضب على شعبه لكثرة خطاياهم وبالتالى فالطريق مفتوح لأليفانا لمحاربتهم والاستيلاء على مدينتهم. ولم تذكر أن الله فى رحمته يسامح شعبه إن عاد إليه وبالتالى يصير أليفانا عاجزًا أمام قوة الله التى تحميهم.
جيد أن تكون حياتك إرسالية من الله، لتعمل مشيئته، وأن يكون هدفك الوحيد، هو خلاص نفسك والآخرين، فلا تنزعج إذا ظن الناس فيك سوءاً، ولم يفهموك، ما دمت تتمم مشيئة الله بقلب نقى.
(4) مدح أليفانا ووعوده ليهوديت (ع18-21):
18- فحسن هذا الكلام كله لدى أليفانا و عبيده و كانوا يتعجبون من حكمتها و يقولون بعضهم لبعض. 19- ليس مثل هذه المرأة على الأرض في المنظر و الجمال و الحكمة في الكلام.
20- فقال لها أليفانا قد أحسن الله إليك إذ أرسلك أمام الشعب لتسلميه أنت إلى أيدينا. 21- و بما أن وعدك حسن إن فعل إلهك لي ذلك فهو يكون إلها لي و أنت تكونين عظيمة في بيت نبوكد نصر وينوه بإسمك في كل الارض
ع18، 19: عندما سمع أليفانا، وجنوده الواقفين حول يهوديت، هذا الكلام وكل حديثها السابق، شعروا بما تتمتع به من حكمة، والتى لا تقل عما تتمتع به من جمال ساحر، وامتدحوا رجاحة عقلها، وحسن منظرها اللذين لم يروهما فى امرأة أخرى قط.
أنها نعمة الله التى يفيضها على أولاده، فيجعل أهل العالم يمجدونهم ويخضعون لهم، لأن القوة الحقيقية فى الإنسان هى القوة الكامنة فى داخله، أى قوة الله الساكن فيه، وليست قوة المظاهر الخارجية. وهذه القوة هى التى تخضع الكل له.
ع20: ثم تكلم أليفانا، فمدح إله إسرائيل، الذى أرشد يهوديت أن تسلم بيت فلوى له، حيث أن أليفانا – كأى إنسان – يفكر فى مصلحته، فقد أعجب بإله إسرائيل، لأنه يحقق مصالحه ومصلحة يهوديت أيضًا، التى ستنقذ من الهلاك مع باقى المدينة.
ع21: ينوه : يُشار إليها أو يُذكر اسمها.
ووعد يهوديت، بأنه إذا أتمت مهمتها واستولى هو على المدينة؛ فسيتخذ إله إسرائيل إلهًا له، أى أحد الآلهة التى يعبدها. ووعدها أيضًا أن تصير لها مكانة خاصة فى قصر الملك نبوكدنصر وأنه سيشهد لها ويعظم مافعلته؛ لأجل خدمة الأشوريين.
هل تعبد الله لأنه يحقق مصالحك ومطالبك ؟ أم لأنك تأثرت بمحبته وتريد أن تعبده حبًا فيه ؟ إياك أن ينشغل قلبك بوعود العالم المادية من غنى وعظمة، فهذه كلها زائلة، المهم حقًا هو مكانتك عند الله وحياتك الأبدية.