أحيور يخبر أليفانا بقوة بنى إسرائيل
(1) أليفانا يستفسر عن قوة بنى إسرائيل (ع1-4):
1-وأخبر أليفانا رئيس جيش الأشوريين أن بنى إسرائيل قد تأهبوا للمدافعة وأنهم قد سدوا طرق الجبال. 2-فاستشاط أليفانا غضبًا فى شدة حنقه ودعا جميع رؤساء موآب وقواد عمون.
3-وقال لهم قولوا لى من أولئك الشعب الذين ضبطوا الجبال وما مدنهم وكيف هى وما قوتها وما قدرتهم وكثرتهم ومن قائد جيشهم. 4-وكيف استخفوا بنا دون جميع سكان المشرق ولم يخرجوا لإستقبالنا ليتلقونا بالسلم.
ع1، 2: استشاط غضبًا : غضب بثورة شديدة.
حنقه : غيظه.
موآب : نسل لوط وهم شعب مجاور لبنى إسرائيل، يسكن فى الضفة الشرقية لنهر الأردن وكان على خلاف مع بنى إسرائيل فى معظم الأوقات.
بنى عمون : نسل لوط أيضًا ويسكنون بجوار بنى إسرائيل، شرق البحر الميت، جنوب موآب، وكانوا أيضاً على خلاف مع بنى إسرائيل مثل بنى موآب.
وصلت أخبار استعدادات بنى إسرائيل للحرب إلى أليفانا – رئيس جيوش الأشوريين- عن طريق جواسيسه، الذين أرسلهم أمامه فى كل مكان. فغضب جدًا؛ لأنه لم يتوقع أن يحاول أحد محاربته، نتيجة كبريائه الشديد وما حققه من انتصارات سابقة، مما جعله يحتقر جميع دول العالم وآلهتها ولكنه فى نفس الوقت اضطرب، وبخبرته العسكرية بدأ يجمع معلومات عن بنى إسرائيل ولم يجد أفضل من جيرانهم، الذين فتح بلادهم واستسلمت له؛ ليسألهم عن بنى إسرائيل. ومن أهمهم شعبى موآب وبنى عمون، الذين يسكنون شرق الأردن، مقابل بلاد اليهود وسهل يزرعيل، الذى يقع غرب الأردن (ص4: 5).
ع3، 4: جمعوا لأليفانا الرؤساء الحربيين لموآب وبنى عمون ووقفوا أمامه، فسألهم أليفانا وهو فى غضب وغيظ شديدين، مستخبرًا عن القوة العسكرية لبنى إسرائيل وطلب تفاصيل عن مدنهم ومدى تحصيناتها وقوة جيوشهم وأعدادها ورئيس جيوشهم. ثم سأل باستنكار وتعجب؛ كيف استهانوا بجيشه العظيم ولم يخضعوا له مثل باقى بلاد العالم، بل استعدوا لمحاربته؟!
هكذا إبليس دائمًا يستهين بأولاد الله فى ضعفهم الظاهرى، ناسيًا قوة الله الكامنة فيهم، كما إستهان جليات بداود، ولكنه قتل على يديه، وكما إستهان الشيطان بالقديسين من أمثال : مارجرجس، والأنبا أنطونيوس، ولكنه هُزم منهم.
لا يكن لك النظرة الخارجية السطحية، فالصغير والضعيف قد يكون جباراً لأن الله معه، وعلى العكس قد يكون الكبير والعظيم ضعيفًا لأن الله فارقه، ولا تستهن بنفسك مهما كنت ضعيفًا، بل استعد لمحاربة إبليس وثق أنك قادر على أن تنتصر عليه، مهما كانت قوته وقوة أعوانه من الأشرار.
(2) أحيور يشرح تاريخ بنى إسرائيل (ع5-23):
5- فأجابه أحيور قائد جميع بني عمون قائلاً إن تنازلت فسمعت لي يا سيدي أقول الحق بين يديك في أمر أولئك الشعب المقيمين بالجبال و لا تخرج لفظة كاذبة من فمي. 6- إن أولئك الشعب هم من نسل الكلدانيين. 7- و كان أول مقامهم فيما بين النهرين لأنهم أبوا أتباع آلهة آبائهم المقيمين بأرض الكلدانيين. 8- فتركوا سنن آبائهم التي كانت لآلهة كثيرة. 9- و سجدوا لإله السماء الواحد و هو أمرهم أن يخرجوا من هناك و يسكنوا في حاران فلما عم الجوع الأرض كلها هبطوا إلى مصر وتكاثروا هناك مدة أربع مئة سنة حتى كان جيشهم لا يحصى. 10- و إذ كان ملك مصر يعنتهم بالأثقال و يستعبدهم في بناء مدنه بالطين و اللبن صرخوا إلى ربهم فضرب جميع أرض مصر ضربات مختلفة. 11- و بعد أن طردهم المصريون من أرضهم و كفت الضربة عنهم أرادوا إمساكهم ليردوهم إلى عبوديتهم. 12- و فيما هم هاربون فلق لهم إله السماء البحر و جمدت المياه من الجانبين فعبروا على حضيض البحر على اليبس. 13- و تعقبهم هناك جيش المصريين بلا عدد فغمرتهم المياه حتى لم يبق منهم أحد يخبر أعقابهم. 14- فخرجوا من البحر الاحمر و نزلوا برية جبل سيناء حيث لم يكن يقدر أن يسكن إنسان و لا يستريح ابن بشر. 15- و هناك حولت لهم ينابيع المياه المرة عذبة ليشربوا و رزقوا طعاما من السماء مدة أربعين سنة. 16- و حيثما دخلوا بلا قوس و لا سهم و لا ترس و لا سيف قاتل إلههم عنهم و ظفر. 17- و لم يكن من يستهين بهؤلاء الشعب إلا إذا تركوا عبادة الرب إلههم. 18- فكانوا كلما عبدوا غير إلههم اسلموا للغنيمة و السيف و العار. 19- و كلما تابوا عن تركهم عبادة إلههم أتاهم اله السماء قوة للمدافعة. 20- فكسروا أمامهم ملوك الكنعانيين واليبوسيين و الفرزيين و الحثيين و الحويين و الاموريين و جميع الجبابرة الذين في حشبون و استحوذوا على أراضيهم و مدائنهم. 21- و كانوا ما داموا لا يخطاون أمام إلههم يصيبهم خير لان الههم يبغض الاثم.22- فلما أن حادوا قبل هذه السنين عن الطريق التي أمرهم الله أن يسلكوها انكسروا في الحروب أمام شعوب كثيرة و جلي كثيرون منهم إلى أرض غير أرضهم. 23- غير أنهم من عهد قريب قد تابوا إلى الرب إلههم و اجتمعوا من شتاتهم حيث تبددوا و صعدوا إلى هذه الجبال كلها و عادوا فتملكوا في أورشليم حيث أقداسهم.
ع5: أحيور : الرئيس الأعلى لجميع جيوش بنى عمون ومعنى اسمه أخى النور.
تقدم أحيور بشجاعة من وسط رؤساء جيوش موآب وبنى عمون ووقف أمام أليفانا وأعلن باتضاع شديد استعداده أن يخبره بكل الحقائق عن بنى إسرائيل الساكنين فى الجبال وعن قوتهم.
ع6-8: الكلدانيين : هم سكان كلديا التى تقع جنوب بابل، وهم السكان الأصليون فى منطقة ما بين النهرين.
بين النهرين : بين نهرى دجلة والفرات، اللذين يقعان فى دولة العراق الحالية.
سنن : شرائع وعبادات.
أخبر أحيور أليفانا بأن أصل بنى إسرائيل هو الكلدانيون، الذين يسكنون ما بين النهرين. وهم نسل إبراهيم وقد تركوا الآلهة الوثنية وكل ما يتصل بها من عبادات وطقوس وآمنوا بالله خالق السماء والأرض وعبدوه.
ع9: إله السماء الواحد : إسم لإله بنى إسرائيل، اشتهر به قديماً بين الأمم.
وقد سرد أحيور تاريخ بنى إسرائيل باختصار، متكلمًا عن إبراهيم ونسله بصفة الجمع، أى أنهم شعب الله الذى ترك بلاده الأصلية حسب أمر الله، ثم نزلوا إلى مصر وتكاثروا هناك. وقد عبد إبراهيم الله وهو فى ما بين النهرين فى أور الكلدانيين، وقدم له عبادات من سجود وصلوات، ثم أمره الله أن يترك بلاده ويذهب إلى كنعان ومرَّ أولاً على حاران فى شمال ما بين النهرين وسكن فيها حتى مات أبوه تارح، ثم ذهب إلى كنعان وأقام فيها حتى مات هو، ثم إبنه اسحق وبعده حفيده يعقوب، وعندما انتشرت المجاعة فى كل العالم نزل يعقوب وأولاده إلى مصر واستضافهم يوسف ابنه الذى كان رئيسًا على مصر وتكاثروا فيها لمدة أربع مئة عامًا تقريبًا، حتى بلغ عددهم حوالى مليونين، فكانوا كجيش عظيم لكثرة عددهم.
ع10: يعنتهم : يتشدد فى معاملتهم ويكثر عليهم المشقات.
الطين واللبن : اللبن هو الطوب النيئ والطين ما يلصق به الطوب. وفيما بعد تطور البناء، فأصبحوا يحرقون اللبن فيصير الطوب الأحمر، وبدلاً من استخدام الطين يستخدمون الآن الأسمنت.
عندما كثر عدد بنى إسرائيل فى مصر، خاف الملك منهم وتشدد فى معاملتهم وسخرهم لبناء المدن وأذلهم جدًا، فصرخوا إلى إلههم، الذى تدخل وضربهم على يد موسى بالضربات العشر؛ ليخضع فرعون مصر ويسمح لبنى إسرائيل بالخروج من عنده.
ع11-13: أعقابهم : أى من ينتظرهم من أهلهم فى مصر، الذين تركوهم وراءهم؛ لخروجهم لمتابعة بنى إسرائيل.
حضيض : قاع.
اليبس : المقصود اليابسة، أى الأرض الصلبة الموجودة بقاع البحر.
كانت الضربة العاشرة التى ضرب بها الله مصر هى أصعب الضربات، إذ ضرب فيها جميع الأبكار فى مصر، فاضطر فرعون وهو خائف أن يطلق شعب بنى إسرائيل ولكن بعد خروجهم شعر أنه خسر عدداً كبيراً من العمال كانوا يساعدونه مجانًا، فخرج وراءهم ليعيدهم لمصر بالقوة. وكان بنو إسرائيل قد وصلوا إلى البحر الأحمر، فشق لهم الله البحر، فصارت المياه كالسور على الجانبين وعبر بنو إسرائيل على الأرض فى قاع البحر ومع هذا لم يخف المصريون، بل سعوا وراءهم. وبعد خروج بنى إسرئيل من البحر ضرب موسى البحر، فغرق فرعون وكل جيش المصريين ولم يبق منهم ولا واحد؛ ليخبر الساكنين فى مصر بما حدث لهم، بل انتشرت أخبار هذا الحدث العظيم ووصلت إلى مصر.
هذه هى قوة الله فى أولاده الذين يطيعونه، حتى وإن تركهم يحتملون ضيقات كثيرة، لكنه يعود فينقذهم بقوة عظيمة لا يتوقعها أحد. فأصبر يا أخى فى الضيقة مطيعًا لوصايا الله، واثقًا أنه سيرفع عنك كل أتعابك ويذل لك كل الشياطين التى تحاربك، فتضمن نصرة كاملة عليهم.
لابد أن تتغرب عن العالم، وتترك أهلك وعشيرتك مثل إبراهيم، ثم تقبل الضيقة فى أرض مصر، وحينئذ يظهر الله الذى يخيف أعداءك، ثم تجتاز فى البحر، أى فى المعمودية، وتموت مع المسيح وتقوم معه، بذلك تنتصر، وفى كل توبة وإعتراف وتناول، تختبر تلك النصرة، ويكمل جهادك عندما تعبر هذا العالم وتقوم مع المسيح فى اليوم الأخير.
ع14: ثم تظهر عناية الله بأولاده وسط الضيقات والظروف الصعبة التى لا تحتمل، ففى برية سيناء القاحلة، حيث لا يستطيع إنسان عادى أن يعيش، عاش مليونان من البشر تحت رعاية الله.
ع15: فى برية سيناء لم يجد بنو إسرائيل ماء ليشربوا، فحول الله لهم الماء المر إلى ماء عذب، ولم يجدوا طعامًا، فأنزل لهم المن من السماء. واستمر الله مدة أربعين سنة يعولهم ويعطيهم طعامهم وشرابهم فى البرية.
ع16: ترس : قطعة خشبية تغطى غالبًا بالجلد وخلفها عروة يدخل فيها الجندى يده، ويستخدم هذا الترس لحماية رأسه وجسمه من السهام المصوبة عليه.
تعرض شعب الله فى برية سيناء لهجوم الأعداء، مثل العمالقة وهم رجال أقوياء ذوو أجساد ضخمة، فانتصر عليهم بسهولة بقوة الله وليس بالأسلحة الحربية، التى لا تقوى على قوة هؤلاء الأعداء.
إذًا فليطمئن قلبى لأن “الرب راعىّ فلا يعوزنى شئ” يسد احتياجاتى وسط الضيقات ويقاتل عنى أعدائى الشياطين، فأقوم من خطاياى وأنتصر عليهم وأفرح فى كل حين.
ع17، 18: ظل بنو إسرائيل أقوياء لا يغلبهم أحد إلا إذا تركوا عبادة الله، فكان يظهر خزيهم وضعفهم وينتصر عليهم أعداؤهم. كما حدث كثيرًا فى عصر القضاة، عندما عبد الشعب أوثان الأمم المحيطة بهم وتزاوج منهم، فقامت عليه هذه البلاد واحتلته وأذلته ونهبت غنائمه وممتلكاته، وهذا واضح فى سفر القضاة.
ع19-21: الكنعانيين واليبوسيين والفرزين والحثيين والحويين والأموريين : الشعوب الساكنة شرق وغرب نهر الأردن والتى انتصر عليها يشوع وتملك بلادها.
حشبون : مدينة موآبية الأصل، تملك فيها الملك سيحون الأمورى وتقع شرق نهر الأردن بين نهرى أرنون ويبوق واستولى عليها موسى وأعطاها لسبط رأوبين.
وإذا تاب بنو إسرائيل عن خطاياهم ورجعوا إلى الله وعبدوه، فإنه يعطيهم قوة تغلب كل أعدائهم، كما حدث بعد انهزامهم أمام عاى أيام يشوع وتابوا، فانتصروا على ملوك أرض كنعان واحتلوا بلادهم، وكما انتصر داود وسليمان وأخضعا الشعوب المحيطة بهما. كما هو مذكور فى أسفار صموئيل الأول والثانى وملوك الأول.
وكانوا يحتفظون بقوتهم ومسكن الله فى وسطهم ما داموا متمسكين بوصاياه وعبادته متباعدين عن الشر؛ لأن إلههم يكره الشر.
ع22، 23: وأعطى أحيور مثالاً لتأكيد كلامه؛ عندما ابتعد شعب الله عن عبادته وعبدوا الأوثان صاروا ضعفاء، فتغلب عليهم الأشوريون واستولوا على بلادهم، بل وصلوا إلى عاصمتهم أورشليم – أيام منسى الملك – وقبضوا عليه وأخذوا بالطبع كثيراً من الرؤساء ورجال الحرب من أورشليم ونقلوهم إلى بابل وظلوا هناك، حتى تاب منسى وهو فى سجن بابل، فرحمـه الله وأعـاده هو ومن سبى من شعبه إلى أورشليم وجبال اليهودية، فتملكوا فيها ثانية (2أخ33: 11-13).
ليتك تثق يا أخى أن الخطية هى التى تفقدنا رعاية الله وأبوته، فلنتمسك بوصاياه ونتوب عن خطايانا، فيغفرها لنا فى سرى الاعتراف والتناول ونتمتع بحمايته وقوته العاملة فينا.
(3) نصيحة أحيور وغضب أليفانا (ع24-29):
24- و الآن يا سيدي انظر فإن كان لأولئك الشعب إثم أمام إلههم فلنصعد إليهم لأن إلههم يسلمهم إليك و يستعبدون تحت نير سلطانك. 25- و إن لم يكن لأولئك الشعب إثم أمام إلههم فلا طاقة لنا بهم لان إلههم يدافع عنهم فنكون عارا على جميع وجه الأرض. 26- فلما فرغ أحيور من هذا الكلام غضب جميع عظماء أليفانا و هموا بقتله قائلين بعضهم لبعض. 27- من يقول إن لبني إسرائيل طاقة بمقاومة الملك نبوكد نصر و جيوشه و هم قوم لا سلاح لهم و لا قوة و لا لهم خبرة في أمر الحرب. 28- فلكي يعلم أحيور أنه إنما يخادعنا نصعد الآن إلى الجبال و إذا اخذ جبابرتهم فحينئذ نجعله موردا للسيف أيضا معهم. 29- حتى تعلم كل أمة أن نبوكد نصر هو إله الأرض و لا إله غيره
ع24، 25: نير : خشبة مستعرضة يخرج من وسطها متعامدًا عليها خشبة أخرى يتصل بنهايتها الآلة الزراعية، وتركب الخشبة المستعرضة على رقبتى حيوانين يجران هذه الآلة. والنير يرمز للتسلط والمقصود هنا قوة السلطان وسيطرة واستعباد أليفانا للشعب.
لا طاقة لنا به : لا نستطع أن نواجههم؛ لأنهم أقوى منا بكثير.
قدم أحيور إرشادًا واضحًا مخلصًا لأليفانا فى خطته الحربية لمحاربة بنى إسرائيل تستخلص من الحقائق التى سردها عنهم وتتلخص فى الآتى :
- قوة إله بنى إسرائيل لا يقدر أحد أن يقاومها، بل يصير عارًا وخزيًا أمامه.
- لا يفارق الله شعبه، إلا إذا أخطأوا وحينئذ يصيرون ضعفاء ويمكن التغلب عليهم.
- لابد من معرفة حالتهم: إن كانوا ساقطين فى الخطية والله غاضب منهم، فهم بلا قوة ويمكن محاربتهم والتغلب عليهم. وإن كانوا يعبدونه بأمانة واستقامة، فلنبتعد عنهم؛ لأن قوتهم تفوق كل قوة على الأرض.
إن كان الآخرون يعرفون قوة إلهنا التى فينا ويشهدون لها، أفلا نتمسك نحن بإيماننا ونثق بإلهنا، فلا نرتعب من قوى العالم ؟
ع26، 27: عندما سمع قادة الجيوش، المساعدين لأليفانا، الواقفين فى حضرته كلام أحيور غضبوا جدًا، إذ لأول مرة يسمعون عن قوة يمكن أن تقف أمامهم؛ لأنهم كانوا غارقين فى الكبرياء، يظنون أنهم أقوى قوة فى العالم واستهانوا ببنى إسرائيل، إذ أن عددهم قليل وخبرتهم الحربية ضعيفة وبالتالى – فى نظرهم – أن إلههم ضعيف أمام نبوكدنصر، الذى يظنون أنه أقوى إله فى العالم ويحاولون إثبات ذلك. ولذا شعروا أن أحيور موالى لبنى إسرائيل ومخادع لأليفانا، فحاولوا قتله؛ لتطاوله بقوله هذا الكلام، معلنًا قوة بنى إسرائيل وإلههم.
ع28، 29: موردًا للسيف : مستحقًا للقتل بالسيف.
بالرغم من غيظ رجال أليفانا ورغبتهم فى قتل أحيور أجّلوا ذلك حتى يستولوا على بلاد اليهود ويدمروها ويقتلون من فيها ومعهم أحيور؛ ليعلنوا للعالم كله أن أقوى إله فى العالم هو نبوكد نصر ملك الأشوريين. هكذا كبرياء الإنسان يجعله ينسى قوة الله ويرفض أية شهادة له. ليتك لا ترفض آراء الآخرين التى قد يرسلها الله لك؛ لتشهد له، أو تدعوك للاتضاع والتوبة. إن أحيور ليس مخادعًا بل شاهدًا لله. أنظر لئلا يكون الله قد أرسل لك أحيور فى زوجتك، أو زوجك، أو والدك، أو والدتك، أو ابنك، أو ابنتك، أو صديقك، أو أى إنسان حولك وأنت ترفض بكبرياء كلامه، أى صوت الله المرسل لك. وقد يكون الصوت واضحًا جدًا ومدعمًا بأدلة، مثل كلام أحيور وترفضه كما ترفض كلام الكتاب المقدس، وإرشاد أب اعترافك وتعاليم الكنيسة، ثم تتمادى فى جسارة موبخًا ومسيئًا لمن يعلن لك صوت الله، بل محاولاً قتله، أى إخماد صوت الله، لتظل فى خطيتك.