أحيور فى بيت فلوى
(1) تسليم أحيور لليهود (ع1-9):
1- فلما فرغوا من كلامهم اشتد غضب أليفانا جدا و قال لأحيور. 2- بما انك تنبأت لنا قائلا إن شعب إسرائيل يدافع عنه إلهه فلكي اريك أن لا إله إلا نبوكد نصر. 3- فانا إذا ضربناهم كلهم كرجل واحد فحينئذ أنت أيضا تهلك بسيف الأشوريين و جميع إسرائيل يهلكون معك. 4- فتعلم عن خبرة أن نبوكد نصر هو رب الأرض كلها و حينئذ سيف جيشي يخترق جنبيك فتسقط طعينا بين جرحى إسرائيل و لا يبقى فيك نسمة إلا ريثما تستأصل معهم. 5- و إن كنت تخال أن نبوتك صادقة فلا يسقط وجهك و ليفارقك الاصفرار الذي علا وجهك إن كنت تظن أن كلامي هذا لا يمكن أن يتم. 6- و لكي تعلم انك تختبر هذا معهم فها انك من هذه الساعة تنضم إلى شعبهم و إذا نالهم من سيفي عقوبة ما استحقوه فانك تكون معهم تحت طائلة الانتقام. 7- ثم أمر أليفانا عبيده أن يقبضوا على أحيور و يأخذوه إلى بيت فلوى و يسلموه إلى أيدي بني إسرائيل. 8- فأخذه عبيد أليفانا وساروا في الصحراء و لما دنوا من الجبال خرج عليهم الرماة بالمقاليع. 9- فانحازوا إلى جانب الجبل و ربطوا أحيور إلى شجرة بيديه و رجليه و بعد أن ربطوه هكذا بالحبال تركوه و رجعوا إلى سيدهم.
ع1-3: تنبأت : كلام أحيور الذى يظهر كنبوة هو بمساعدة الله، ليعلن الحق أمام أليفانا لعله يخاف الله وإلا سيناله العقاب الإلهى. فالله يعطى فرصة للتوبة لجميع الناس حتى الأشرار.
بعد أن غضب رجال أليفانا من كلام أحيور، ظنًا منهم أنه عميل لبنى إسرائيل ومخادع للأشوريين، ظهر بعد ذلك غضب أليفانا الشديد وتكلم مع أحيور رئيس جيوش بنى عمون.. تكلم بكل كبرياء معلنًا الحقائق التى ستحدث كما يراها وهى أن جيش الأشوريين سيضرب بنى إسرئيل كأنهم يضربون رجلاً واحدًا، فيظهر بهذا ضعفهم وضعف إلههم، مثل باقى آلهة الأمم، ويظهر حينئذ أن الإله الوحيد فى العالم هو نبوكد نصر، وحينئذ سيقتل الأشوريون أحيور معهم ولن يبقى له حياة إلا قليلة؛ حتى يرى بعينيه موت بنى إسرائيل معه.
وواصل أليفانا رئيس جيوش الأشوريين حديثه مع أحيور بكل ثقة قائلاً له : لماذا أنت فى فزع وخوف من هذا المصير ؟ لأنه إن كانت نبوتك وإيمانك بما قلت عن قوة إله إسرائيل صحيحة فلن يصيبك ضرر. والعجيب هنا أن أحيور الأممى لم يهتز إيمانه وظل واثقًا من قوة إله السماء أكثر من قوة جيوش الأشوريين.
ع4: سيف جيشى يخترق جنبيك : من وسائل التعذيب أن يموت الإنسان باختراق السيف جنبيه، أى يموت موتاً بطيئاً، فيتعذب بدلاً من قطع رأسه فيموت ويستريح بسرعة. وهذه الطريقة استخدمها الوثنيون وأخذها عنهم اليهود (2صم 2: 16) وهى وسيلة يستخدمها المحاربون ليخيفوا أعداءهم ويتشجعوا للقضاء عليهم.
ريثما : أى بعد مدة زمنية قصيرة جدًا تعد بالدقائق.
أعلن أليفانا بغضب لأحيور أنه عندما يموت ويتعذب باختراق السيف جبينه – سيتأكد باختباره لهذا العذاب أن لا إله فى الأرض كلها إلا نبوكد نصر الذى بسيف جيشه سيموت، أحيور. كل هذا سيعرفه أحيور وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وحوله اليهود قتلى.
ع5: واصل أليفانا حديثه بكبرياء محاولاً غرس الخوف فى قلب أحيور، فقال له لماذا أنت فى فزع ظهر على وجهك فاصفر. مع أن هذا لم يحدث وظل أحيور فى إيمانه بمساعدة الله ولكن كبرياء أليفانا أعمى عينيه. فجعله يتخيل أن أحيور فى خوف شديد.
هكذا إبليس يتحدث دائمًا بكل ثقة كأنه يسرد وقائع واستنتاجات لابد منها؛ ليشككنا فى قوة إلهنا التى تحمينا، ولكيما يسقطنا فى الضيق والفزع واليأس، فننسى أنه الكذاب وأبو الكذاب. تمسك يا أخى بإيمانك، مهما بدت قوة العالم الظاهرة، فكل آلهة العالم وقواه هى لا شئ أمام قوة إلهك، واعلن إيمانك، واثقًا أن كل تهديدات العالم باطلة، وحتى لو كنت وحدك مثل أحيور وسط الأشرار الذين يهددونك، فأنت أقوى منهم بقوة إلهك، إن كان إيمان أحيور الأممى هكذا، فكم بالأحرى ينبغى أن يكون إيمانك ؟!
ع6: ثم أصدر أليفانا قراره بضم أحيور وتسليمه لشعب إسرائيل؛ حتى يموت معهم عندما يهجم عليهم الأشوريون.
ع7: بيت فلوى : مدينة صغيرة تقع شمال منطقة السامرة وشمال غرب سهل يزرعيل. وهى بهذا تكون فى المواجهة الشمالية للغزاة، الذين يريدون الاستيلاء على بلاد اليهود فى منطقة السامرة، ثم منطقة اليهودية التى تقع فيها أورشليم وبها هيكل الله.
فقبض رجال أليفانا على أحيور وساروا به نحو مدينة بيت فلوى، التى يسكن فيها بنو إسرائيل وهى كائنة على جبل.
ع8: دنوا : اقتربوا.
المقاليع : جمع مقلاع وهى أداة حربية بسيطة.
فعندما اقترب عبيد أليفانا من الجبل، الكائنة عليه مدينة بيت فلوى، خرج رجال الحرب المدافعين عن المدينة يرمون الحجارة بالمقاليع، إذ ظنوا أن عبيد أليفانا هم طلائع جيشه يحاولون مهاجمة المدينة.
ع9: طائلة الانتقام : عندما يحل بهم الانتقام.
فأسرع الأشوريون إلى جانب الجبل؛ ليبتعدوا عن مرمى الحجارة، حتى لا تصيبهم ووجدوا شجرة ربطوا فيها أحيور وتركوه مقيدًا وانصرفوا راجعين إلى أليفانا.
إن إبليس الذى يرمز إليه أليفانا إمعانًا فى شره، وتشكيكه للمؤمنين يتركهم ليرتبطوا بالكنيسة – وهى مكان اجتماع المؤمنين – التى ترمز إليها بيت فلوى، معتمدًا على تقييده لهم بحبال الخطية فى شجرة الشهوات المادية؛ كما أسقط قديمًا آدم وحواء بربطهم بشهوة الأكل من الشجرة المحرمة، وهكذا يكونون فى المكان المقدس ولكنهم مقيدون بالشهوات الشريرة.
فتيقظ يا أخى لحيل إبليس، فهو لا يفرح بوجودك فى الكنيسة بين المؤمنين، وارتباطك بالأسرار المقدسة، ولكنه يريد تقييدك بالشهوات الشريرة؛ لتسقط فى الخطية فى المكان المقدس، فيكون سقوطاً أعظم.
ارفع عينيك نحو الله، فيحلك من وثاقات الشهوة ويمتعك مع باقى المؤمنين بعشرته ومحبته. كن حريصًا منتبهًا لإغراءات إبليس فى كل حين حتى فى المكان المقدس.
(2) إخبار أحيور اليهود بما حدث مع أليفانا (ع10-13):
10- فنزل بنو اسرائيل من بيت فلوى و أتوه فحلوه و أخذوه إلى بيت فلوى و أقاموه في وسط الشعب و سألوه لم تركه الأشوريون مربوطا. 11- و كان في تلك عزيا بن ميخا من سبط شمعون وكرمي الذي هو عتنيئيل أميرين هناك. 12- فتكلم أحيور بين أيدي الشيوخ و بحضرة الجميع بكل ما ذكره عن سؤال أليفانا و كيف هم قوم أليفانا أن يقتلوه بسبب هذا الكلام. 13- و كيف أمرهم أليفانا و هو مغضب ان يدفعوه إلى أيدي الإسرائيليين و في قصده انه انه متى ظفر ببني اسرائيل يامر بقتل أحيور بضروب مختلفة من العذاب لأجل أنه قال أن إله السماء هو المدافع عنهم.
ع10: عندما تأكد جنود بيت فلوى أن عبيد أليفانا لا يريدون مهاجمة المدينة، بل عملوا عملاً عجيبًا وهو تقييد رجل فى شجرة بأسفل الجبل، نزلوا وحلوا أحيور من رباطاته وأصعدوه إلى وسط المدينة ووقف أمام شيوخ المدينة وشعبها المجتمع معهم؛ فسألوه لماذا قيده الاشوريون ؟
ع11: عزيا بن ميخا : عزيا كلمة عبرية معناها قوة الله : وميخا كلمة عبرية معناها “من مثل الله” فيكون مجمل اسمه هو قوة الله التى لا مثيل لها فى العالم. وكان عزيا ليس فقط أحد الشيوخ، بل كان رئيسهم، أى رئيس المدينة المتقدم والقائد كما ظهر فى (ع19) حين أقام وليمة لأحيور وكذلك عندما احتج عليه الشعب واستأذنهم فى مهلة قبل تسليم المدينة (ص7).
سبط شمعون : هو شمعون إبن يعقوب، الذى أغضب الله وأباه عندما قتل مع أخيه لاوى رجال قبيلة حمور وشكيم (تك34) وتنتسب يهوديت أيضًا لهذا السبط (ص8: 1).
كرمى بن عتنئيل : كرمى كلمة عبرية معناها العامل فى الكرم. وعتنئيل كلمة عبرية معناها قوة الله، فيكون معنى اسمه “قوة الله العاملة فى الكرم” وهو يرمز للمسيح الذى قدم ليس عصير العنب فقط، بل دمه على الصليب.
أميرين : أى رئيسين متقدمين فى الشعب وهما من شيوخ المدينة اللذين يقودانها وكان الشعب يختارهم من الحكماء والعارفين بالشريعة وغالبًا يكونون من كبار السن ليقودوا الشعب فى المدينة مساعدين لرئيس الكهنة الموجود فى أورشليم، كما سمعنا لأول مرة عن الشيوخ أيام موسى عندما أشار عليه حموه يثرون بهذا لمساعدته فى القضاء للشعب (خر18).
فشرح أحيور للشعب وخاصة الشيخين، أو الأميرين المتقدمين : عزيا وكرمى كيف أعلم أليفانا بقوة إله إسرائيل .. إله السماء، فغضب وأرسله ليموت مع بنى إسرائيل.
يذكر هنا اثنان من رؤساء المدينة، أو شيوخها هما عزيا الرئيس المتقدم للمدينة، ثم كرمى وهو من الشيوخ المعروفين فيها وقد حضر مع باقى الشيوخ؛ ليعرفوا قصة هذا الرجل المربوط بشجرة بجوار مدينتهم. وهذان الرئيسان يرمزان للمسيح قوة الله والمخلص بدمه لشعبه.
ونرى هنا أن عزيا الرئيس كان من سبط شمعون وهو سبط غضب عليه يعقوب لاندفاعه فى قتل قبيلة شكيم ولكن الله قادر أن يخرج من الضعف قوة ويعمل فى كل أولاده.
ع12: بدأ أحيور يشرح لشيوخ وشعب بيت فلوى أنه رئيس جيوش العمونيين وأنه وقف مع باقى رؤساء جيوش البلاد المحيطة أمام أليفانا، الذى غضب بسبب استعدادهم لمحاربته، وكيف وضح له قوة إله اليهود، الذى لا يمكن مقاومته ما دام الشعب خاضعًا له حافظًا لوصاياه، ثم كيف حاول عبيد أليفانا قتله؛ لأنه تكلم عن إله أقوى من نبوكد نصر.
ع13: ضروب : أنواع.
واستكمل أحيور حديثه موضحًا كيف أمر أليفانا بتقييده وتسليمه لليهود؛ لينتقم ليس منه فقط، بل من اليهود كلهم ومعهم أحيور عندما يهجم عليهم ويستولى على بلادهم ويوقع عذابات شديدة على أحيور قبل أن يقتله.
يرمز اليهود الذين حلوا أحيور من رباطاته إلى خدام الكنيسة، الذين يساعدون الإنسان على التوبة والتخلص من رباطات الخطية، ثم يصعدوه إلى الكنيسة، التى ترمز إليها مدينة بيت فلوى الكائنة على جبل؛ لأن الكنيسة هى صورة السماء على الأرض والشعب يرمز للمؤمنين والشيوخ يرمزون للكهنة وأحيور يرمز للأمم، أو للبعيدين الذين يجدون خلاصهم فى المسيح داخل الكنيسة، عندما يؤمنون به، فتنقذهم قوة الله من أليفانا الذى يرمز للشيطان وتحميهم داخل الكنيسة.
ليتنا نرتفع من أفكارنا العالمية وشكوك إبليس ونحتمى فى الكنيسة؛ فتسقط عنا كل أفكار العدو، ونتقوى بوجودنا فى حضرة المسيح، بين كهنته وكل المؤمنين. فتتشجع قلوبنا فى حضور الكنيسة وصلواتها المعزية المقوية.
(3) الصلاة وتعزية أحيور (ع14-21):
14- فلما قص عليهم أحيور جميع ذلك خر الشعب كلهم على وجوههم ساجدين للرب ورفعوا صلواتهم إلى الرب بالبكاء و العويل عامة بقلب واحد. 15- قائلين ايها الرب إله السماء والأرض انظر إلى عتوهم و التفت إلى تذللنا و لا تغفل وجوه قديسيك و أعلن أنك لم تترك المتوكلين عليك و أنك تذل المتوكلين على أنفسهم و المفتخرين بقوتهم. 16- و بعد هذا البكاء و انقضاء صلاة الشعب ذلك اليوم كله عزوا أحيور. 17- قائلين إله آبائنا الذي أنذرت بقوته يمن عليك بهذه المنية أن تنظر أنت هلاكهم. 18- و إذا أتى الرب إلهنا عبيده هذا الخلاص فليكن هو إلها لك فيما بيننا أن أحببت أن تكون معنا بأهلك كلهم. 19- و لما انتهت المشورة أخذوا عزيا إلى بيته و صنع له عشاءً عظيماً. 20- و دعا الشيوخ كلهم فأكلوا بعد انقضاء الصوم. 21- ثم دعوا كل الشعب وباتوا في موضع الاجتماع يصلون و يستغيثون بإله إسرائيل ذلك الليل كله
ع14، 15: عتوهم : جبروتهم وتكبرهم.
عامة : كلهم.
قديسيك : الآباء ابراهيم واسحق ويعقوب وكل رجال الله آباء الشعب.
عندما سمع الشعب بخبر أليفانا وقوته، وإصراره على الانتقام منهم، إلتجأوا سريعًا إلى الله، ساجدين بخشوع وتذلل أمامه، وبكوا كثيرًا، مقدمين صلوات حارة ضارعة لله، معلنين ضعفهم باتضاع شديد، وعرضوا مشكلتهم، وهى قوة الأعداء العتاة الأقوياء جدًا.
ولكنهم طالبوا الله بوعوده لآبائهم القديسين، أى تشفعوا بهم وذكروه بحنانه على الضعفاء، فهو القوى الذى ينجد أولاده فى ضيقاتهم، معلنين إيمانهم بقوة الله أكثر من قوة الأعداء، بل مذكرين الله أيضًا أنه يسند الضعفاء المتضعين ويرفض المتكبرين المعتمدين على قوتهم، أى الأعداء.
ع16: وبعد أن أكمل الشعب كله صلواته قاموا مطمئنين وفرحين، فهذه هى النتيجة الطبيعية للصلاة الحقيقية المرفوعة لله، فطمأنوا أحيور وعزوا قلبه، بأن الله يحميهم وينقذهم من أيدى أليفانا ورجاله.
مهما زادت الضيقات عليك فلا ينزعج قلبك، بل تذلل وتضرع لله، واثقًا أن قوة الله تتجلى فى ضعف أولاده، وثابر فى الصلاة ولو مرت أيام كثيرة فى الضيقة، كما ثابر أهل بيت فلوى طوال اليوم فى السجود والبكاء والصلاة، ففى النهاية سيعزى الله قلبك ويطمئنك، بل وأخيرًا يخرجك من كل ضيقاتك. تشفع بأحبائك القديسين ولا تخجل أن تذكر الله بوعوده ومراحمه لأولاده، فهو يفرح جدًا بصلاة أولاده المتضعين، بل أن صلاتك المتضعة تقيد قوة الشيطان وتمنع أذاه عنك.
ع17: يمن عليك بهذه المنية : يهبك هذه الهبة.
وقال الشعب لأحيور – ولعل ذلك كان على لسان شيوخ الشعب مثل عزيا وكرمى – انه إن كان أحيور قد آمن بإله إسرائيل وأنبأ بقوته، فليثق أنه سيعاين خلاص الله وهلاك أليفانا وكل جيوشه.
ع18: رحب الشعب بأحيور هو وأهله – إن أراد أن يحضرهم فيما بعد – ويقيم بينهم فى بيت فلوى، كيهودى مؤمن بإله إسرائيل، فيتمتع طوال حياته برعاية إلههم.
اثبت على إيمانك وسط الضيقات، وثق أنك ستعاين خلاص الرب. واحتفظ بمكانك وسط الكنيسة، لتظل تتمتع برعاية الله لك أنت وأهل بيتك طوال حياتك.
ع19، 20: بعد أن اجتمع الشعب أمام الله فى صلاة، إستشاروا الرب، أى قدموا له مشكلتهم، مؤمنين بقدرته على تخليصهم منها.
ما أجمل أن تكون مشورتنا من الله، ومن كنيسته المجتمعة للصلاة فى شكل وعلى لسان آبائها الروحيين. إنها أفضل من أية مشورة بشرية، فمشورة الله هى التى تحمى الإنسان وتسنده بالحقيقة.
ع21: انصرف الشعب كل إلى بيته؛ ليأكل طعامًا بعد صوم طوال اليوم وفرح الكل بتعزية الله. ودعا عزيا رئيس المدينة كل الشعب ثانية للإجتماع ومواصلة الصلاة طوال الليل؛ ليتدخل الله وينقذ شعبه، مما يؤكد أن هذا عشاء روحى أنهم لم يتكاسلوا فى جهادهم ويريحوا أجسادهم.إن كان الله يعزى قلبك ويطمئنك؛ فلكيما تواصل جهادك. إن الليل، فى نظر أهل العالم، هو فرصة للتراخى والكسل، بل اللهو واللعب، أما بالنسبة لأولاد الله، فهو فرصة للسهر الروحى، ولذا رتبت الكنيسة صلاة نصف الليل؛ ليتبارك الليل بالصلاة ورتبت أيضًا تسبحة نصف الليل؛ لترتفع قلوبنا بالتسبيح والشكر لله وهكذا يجدنا الشيطان العدو فى يقظة روحية دائمة، فلا يستطيع أن يغلبنا. والليل أيضًا يرمز إلى ظلمة وشر أهل العالم، فنحتاج أن نكون متيقظين طوال أيام حياتنا فى صلوات مستمرة.