خروج يهوديت من المدينة لمقابلة أليفانا
(1) استعداد يهوديت لمهمتها السرية (ع1-5):
1- و كان لما فرغت من صراخها إلى الرب أنها قامت من المكان الذي كانت فيه منطرحة أمام الرب. 2- و دعت وصيفتها و نزلت إلى بيتها و ألقت عنها المسح و نزعت عنها ثياب أرمالها.
3- و استحمت و أدهنت بأطياب نفيسة و فرقت شعرها و جعلت تاجا على رأسها و لبست ثياب فرحها و احتذت بحذاء و لبست الدمالج و السواسن و القرطة و الخواتم و تزينت بكل زينتها.
4- و زادها الرب أيضا بهاء من اجل أن تزينها هذا لم يكن عن شهوة بل عن فضيلة و لذلك زاد الرب في جمالها حتى ظهرت في عيون الجميع ببهاء لا يمثل. 5- و حملت وصيفتها زق خمر و إناء زيت و دقيقا و تينا يابسا و خبزا و جبنا و انطلقت.
ع1: بدأت يهوديت صلاتها فى المساء واستمرت لساعات طويلة، حتى اقتربت من نصف الليل، فى صلوات حارة، متذللة أمام الله، ذكر لنا الأصحاح السابق جزء منها.
وبعد أن أنهت صلاتها، قامت من سجودها، ونزلت من عليتها، التى تتعبد لله فيها.
ع2: إرمالها : ترملها.
نزلت يهوديت إلى قصرها واستدعت جاريتها الخاصة لتساعدها فى مهمتها العظيمة فخلعت الثياب الخشنة التى تلبسها كتقشف وزهد وتذلل أمام الله، وخلعت أيضًا الثياب التى اعتادت أن تلبسها فى فترة ترملها، بعد وفاة زوجها، أى الثياب البسيطة المتجردة، مثل ثياب الراهبات، أو المكرسات حاليًا.
ع3: الدمالج : الأساور وهى ما تلبس حول المعصم وتكون غالبًا من الذهب.
القرطة : الحلقان وهو ما يلبس فى الأذن وتزين به.
السواسن : جمع سوسن وهى زهرة متنوعة الألوان وجميلة وبعض أنواعها ذو رائحة طيبة وتنتشر فى حوض البحر الأبيض المتوسط.
ثم بدأت الإهتمام بجسدها، فاستحمت ودهنت جسدها بالعطور والأطياب وكل المواد التى تجمل بها المرأة شكلها وجسدها، حتى صارت فى شكل جميل وجذاب جدًا.
وصففت شعرها، ويبدو أن الشكل الحسن فى هذا الوقت أن تفرق المرأة شعرها، وانساب شعرها فى شكل جميل، ولبست أحلى ثيابها المفرحة بألوانها وشكلها الجميل، ثم لبست تاجًا على رأسها، ليزيدها تألقًا وجمالاً، ولبست حذاءً جميلاً فى قدميها، واختارت أجمل ما عندها من الحلى، فزينت ذراعيها بالأساور الذهبية وكذلك أذنيها بالحلقان وثيابها بالحلى التى على شكل أزهار السوسن الجميلة ولبست الخواتم فى أصابعها، واستخدمت كل ما عندها من أدوات الزينة، فصارت جميلة جدًا.
ع4: ولأجل صلواتها الكثيرة على مر السنين اكتسبت علاقة قوية مع الله وقدرة على سماع صوته، فعندما رفعت صلواتها من أجل محنة شعبها، أرشدها الله إلى هذه الطريقة الغريبة، أى استخدام جمالها للدفاع عن نفسها وعن شعبها مع احتفاظها بحشمتها وطهارتها. وحالة الدفاع عن النفس حالة صعبة، يُسمح فيها بقتل المهاجم، أو جذبه عن إهلاك النفس بالجمال، أو أية وسيلة أخرى. مع الاحتفاظ بالطهارة الشخصية جسدًا وفكرًا، ومعنى هذا أنه لا يصح استخدام الجمال كوسيلة للإغراء للوصول للأغراض الشخصية فى التعامل مع الآخرين، ولكن حالة يهوديت حالة خاصة لأنها هى وشعبها كانوا معرضين للموت، فهى حالة دفاع عن النفس ولم تقدم على شئ من هذا إلا بعد صلاة طويلة طرحت فيها نفسها أمام الله.
وبدت يهوديت فى جمال رائع، انبهرت به وصيفتها، لأن الله الذى أرشدها إلى هذه الوسيلة، أنعم عليها أن تظهر جميلة جدًا، أكثر من أية امرأة فى جمالها تتزين بهذه الزينة؛ لأنها تزينت عن فضيلة وهى استعدادها لبذل حياتها من أجل الله والدفاع عن شعبها، وقلبها فى كمال الطهارة، ليس فيه أية شهوة ردية.
ع5: زق : إناء من الجلد كان يحفظ فيه الخمر.
وجهزت ما تحتاجه فى رحلتها من الطعام والشراب؛ حتى تظل متمسكة بشريعة الله فى طعامها، ولا تأكل من طعام الأمم، حيث أن الشريعة اليهودية كانت تنهى عن بعض الأطعمة.
فأعدت أطعمة أعطتها لجاريتها، وأهم هذه الأطعمة الخبز والجبن والتين اليابس وكذلك الخمر وهو عصير العنب المخمر، المعتاد شربه كمشروب شعبى فى بلاد اليهودية، التى تكثر فيها الكروم، وهو غير الخمر المعروف حاليًا ذات الكحول الكثير. وبالإضافة إلى ذلك أخذت أيضًا زيت ودقيق لعمل أطعمة، إن نفذ الخبز والأطعمة التى عندها. وتذكر ترجمة الآباء اليسوعيين لهذا السفر أن الخبز كان من الشعير وهو أقل أنواع الخبز وهذا يظهر تمسكها بالتقشف.
استغرقت هذه الاستعدادات بضع ساعات من الليل، وعندما انتهت من استعدادها كانت قد وصلت إلى وقت السحر، أى قبل الفجر بساعة تقريباً، فخرجت من بيتها فى هذا الظلام الحالك، بقلب شجاع، معتمدة على إلهها؛ لإتمام مشيئته والدفاع عن شعبها.
إن الله قد أنعم عليك بمواهب وإمكانيات كثيرة، فهل تستخدمها فى جهادك الروحى ضد إبليس ؟ وهل تبذل كل طاقتك فى حروبك الروحية ضد الخطية ؟ ليت هدفـك الوحيد يكون هو الله وإتمام مشيئته ورفض أغراضك الشخصية، وخاصة الأغراض السيئة، وكل شهوة ردية، فتتصرف بضمير صالح فى كل سلوكك، ولا تبغى إلا إرضاء الله. ثق أن الله حينئذ سيباركك ويسندك وينجح كل طرقك ويخضع الكل لك، أى يعطيك مهابة فى أعين الكل.
تمسك بوصايا الله فى كل طرقك مهما كانت ظروفك صعبة، ولا تعتذر بعدم إمكان تنفيذ الوصية، تمسك بالوصايا الصغيرة مثل الكبيرة، وهكذا تظهر نقاوة قلبك وخضوعك لله، فتنال كل معونته فى حياتك.
(2) قبض جنود أليفانا على يهوديت (ع6-16):
6- فلما بلغتا باب المدينة وجدتا عزيا و شيوخ المدينة منتظرين. 7- فلما رأوها اندهشوا وتعجبوا جدا من جمالها. 8- غير أنهم لم يسألوها عن شيء بل تركوها تجوز قائلين اله آبائنا يمنحك نعمة و يؤيد كل مشورة قلبك بقوته حتى تفتخر بك أورشليم و يكون إسمك محصى في عداد القديسين و الأبرار. 9- فقال كل من هناك بصوت واحد آمين آمين. 10- فخرجت يهوديت من الباب هي وأمتها و كانت تصلي إلى الرب. 11- و كان أنها لما نزلت من الجبل عند تبلج النهار لقيتها طلائع الأشوريين فأمسكوها قائلين من أين جئت و إلى أين تذهبين. 12- فأجابت إني بنت للعبرانيين و قد هربت من بينهم لأني أيقنت أنهم سيكونون غنيمة لكم لأنهم استخفوا بكم و أبوا أن يستسلموا لكم طوعا حتى يظفروا منكم برحمة. 13- فلأجل هذا فكرت في نفسي و قلت انطلق إلى أمام الأمير أليفانا لأخبره بأسرارهم و اعلمه من أي مدخل يستطيع أن يظفر بهم و لا يقتل رجلا من جيشه.
14- فلما سمع أولئك الرجال كلامها و هم ينظرون إلى وجهها اندهشت أبصارهم لشدة تعجبهم من حسنها. 15- فقالوا لها قد وقيت نفسك باتخاذك هذه المشورة أن تنزلي إلى سيدنا. 16- فاعلمي انك إذا وقفت بحضرته يحسن إليك و تقعين من قلبه أحسن موقع ثم أخذوها إلى خيمة أليفانا و اخبروه بها.
ع6: وسارت يهوديت ووصيفتها من بيتها نحو باب المدينة، فى ظلام وسكون الليل.
ولما وصلتا إلى باب المدينة وجدتا عزيا وشيوخ المدينة ينتظرونها، وقلوبهم مرفوعة لله بالصلاة من أجل يهوديت ومن أجل الشعب.
ع7: وكانت المفاجأة فى تغير منظرها وثيابها وزينتها اللامعة، وجمالها الآخاذ. فاندهشوا جدًا؛ لأنهم لا يعرفون طبيعة مهمتها السرية. ولأنهم لم يروها منذ سنوات فى هذا المنظر الجذاب.
ع8: والتزم الشيوخ بما وعدوها به، أى عدم السؤال عن مهمتها السرية، ورفع عزيا صلاة بركة ودعاء باسم شيوخ المدينة؛ من أجل أن ينعم عليها الله بمعونة ومساندة قوية، حتى يتم خلاص الله لشعبه على يديها وتفتخر بها كل أورشليم وكل الأمة اليهودية. وهكذا تظهر قداستها، وينضم اسمها إلى أسماء أبناء الله القديسين.
ع9: وبعد صلاة عزيا قال كل الواقفين، من شيوخ المدينة والبوابين، آمين، مشتركين برفع الصلوات والدعاء من أجلها، ثم أمر شيوخ المدينة البوابين بفتح الباب، إذ كان مغلقًا ليلاً ونهارًا، لأجل حصار الأشوريين، ففتحوه فجرًا.
ما أعظم الصلاة، فإنها تعطى الإنسان نعمة فى أعين الكل، فيثقوا فيه، ويطيعوه وتفتح كل الأبواب المغلقة له، ليتنا نثق فى الصلاة، وتأثيرها على من حولنا، مهما بدا كلامنا غريبًا على سامعينا، فكلام الله، قد لا يكون مقبولاً من أهل العالم، ولكن بالصلاة يخضعون له؛ فنستطيع أن نتمم مهمتنا السرية وهى خلاص نفوسنا ونفوس الآخرين، ونجتاز كل الأبواب المغلقة، تاركين خلفنا العالم؛ لنصل إلى ملكوت السموات.
ع10: تبلج النهار : بداية النهار أى الفجر.
وخرجت يهوديت وجاريتها ونزلتا من على الجبل – المبنية مدينتهم عليه – مع بداية طلوع الفجر.
ع11: وكانت تصلى طالبة معونة الله باتضاع شديد، وعند سفح الجبل رأتها طلائع جنود الأشوريين المحيطين بالمدينة، فأسرعوا إليهما، وسألوهما عن المكان الذى أتيتا منه، والمكان الذى يقصدانه.
ع12: العبرانيين : نسبة إلى إبراهيم الذى عبر من بين النهرين إلى أرض كنعان. ونسبة إلى عابر أحد جدود إبراهيم. وقد اشتهر شعب الله بهذا الإسم فى بداية تاريخهم ولكن فيما بعد، دعوهم بنى إسرائيل، ثم اليهود.
أيقنت : تأكدت.
استخفوا : استهانوا.
أبوا : رفضوا.
طوعاً : بإرادتهم.
فأجابت يهوديت بأنها عبرانية من بيت فلوى وأنها تأكدت من ضعف المدينة أمام قوة جيوش الأشوريين وسلمت بخطأ أهلها، عندما رفضوا تسليم مدينتهم وطلب رحمة الأشوريين ولهذا سيسقطون فريسة لانتقامهم.
هذا بالتأكيد هو بحسب التفكير البشرى العادى، لا بحسب الإيمان، فهى إذن لم تكذب كما يبدو لأول وهلة، بل تحدثت عن واقع منطقى واضح وأكيد، ولكن الإيمان فوق الواقع، بل ويؤكد عكسه أحيانًا. هذا ما أخفته يهوديت فى قلبها ولم تعلن عنه.
ع13: ومن أجل هذه الحقيقة المنطقية، أى ضعف مدينة بيت فلوى أمام جيش الأشوريين الجبار، هربت يهوديت من بينهم؛ لتنجوا من الهلاك، وتصير مرشدة لأليفانا فى حربه مع مدينتها، فلا يقتل أحداً من جيشه.
وفعلاً قد هربت يهوديت من مدينتها لتنجى نفسها من الموت، بل وتخلص كل شعبها. وتصير مرشدة لأليفانا فى اقتحام المدينة، وقد اقتحمها فعلاً، ولكن كقتيل بيد يهوديت، ووصلت رأسه إلى المدينة، لا ليرى ما فى داخلها، إذ أن عينيه لم تعودا تقدران على الإبصار، بل لتعلق على سور المدينة، ولم يخسر أحد من جنوده، إذ أن كل جيشه الجبار هرب مذعورًا تاركًا ما يملك، بعدما قتل قائدهم على يد يهوديت.
وعلى أى الأحوال، حتى لو ظن البعض أن كلامها هذا فيه خداع وتمويه، فهى فى حالة حرب، أى دفاع عن النفس، وفى هذا الوضع تسمح قوانين الحرب بالخداع. مثلما حدث عندما أمر الله شعبه إسرائيل بمناورة أهل عاى، فهجمت إحدى الفرق، ثم تقهقرت، كأنها هزمت فسحبت جيش عاى وراءها خارج المدينة وهجمت فرقة أخرى كانت مختفية وراء المدينة عليها ودمرتها (يش8).
ع14: ثم تظهر نعمة الله ليهوديت، إذ انبهر جنود أليفانا بجمالها وتعاطفوا معها ولم يساورهم أى شك فى كلامها؛ لأنه كان من المعتاد عند حصار الأعداء للمدن أن يهرب بعض سكانها، فيقبضون عليهم ويستخدمونهم كجواسيس، فيسهل الاستيلاء على مدنهم.
ع15، 16: وقيت : من الوقاية وهى الحماية.
تقعين من قلبه أحسن موقع : يرحب بك ويرضى عنك ويعجب بك.
امتدح الجنود تصرف يهوديت، لأنها بهروبها من مدينتها قد أنقذت نفسها من الموت، وطمأنوها أن قائدهم سيحسن إليها عندما يراها. ثم أخذوها إلى خيمته. ولعل هذه الكلمات طمأنت يهوديت إلى نجاح مهمتها؛ لأن الأمميين شهوانيون والحرب عندهم هدفها اكتساب السبايا والغنائم وليست حربًا مقدسة، كما هو الحال عند أولاد الله. فيهوديت قد تزينت ولكن ليس لها أية شهوة، بل كانت تريد فقط مجد الله وإنقاذ بلادها ومن أجل شر الوثنيين وإيمان أولاد الله به يتدخل وينصر أولاده ويهزم الأشرار.
عندما يضع الإنسان فى قلبه مخافة الله، ويسعى لإتمام مشيئته يعطيه الله نعمة فى أعين الكل، ويسهل طرقه. فلنضع فى نفوسنا أن نرضى الله، ونتمسك بوصاياه، ونعبده بأمانة ونخدمه بكل طاقاتنا ونثق أن الله سيبارك ويكمل عمله فينا وينجحنا فى كل شئ، ما دام ليس لنا غرض سواه.
(3) دخولها إلى أليفانا (ع17-20):
17- فلما دخلت عليه اصطيد أليفانا لساعته بعينيها. 18- فقال له أشراطه من يزدري بشعب العبرانيين و لهم نسوة مثل هذه جميلات، ألسن اهلا لأن نقاتلهم لأجلهن. 19- و إذ رأت يهوديت أليفانا جالسا في الخيمة المنسوجة من أرجوان و ذهب و زمرد و جواهر. 20- و نظرت إلى وجهه خرت له ساجدة على الأرض فأنهضها عبيد أليفانا بأمر سيدهم
ع17: اقتاد الجنود الأشوريون يهوديت إلى خيمة قائدهم أليفانا، وتجمهر رؤساء وضباط الجيش لينظروا جمال هذه المرأة، ويستفسروا عن سبب وجودها فى هذا الوقت المبكر من الصباح أمام خيمة القائد.
كانت يهوديت هى أول إنسانة من جنس اليهود تظهر أمام الأشوريين، فأعجبوا بها جدًا وبالتالى بكل نساء العبرانيين.
واستيقظ الحرس النائم فى مدخل خيمة أليفانا، وخرجوا ليستعلموا الأمر، ولما شاهدوا يهوديت وبهروا بها، دخلوا وأخبروا قائدهم الراقد على فراشه.
ع18: أشراطه : رجال الشرطة التابعين له من ضباط وجنود.
ألسن أهلاً : مستحقات.
يزدرى : يحتقر.
كذلك كل ضباط أليفانا وحراسه المرافقين له، الذين من فرط إعجابهم بجمال يهوديت، مدحوا شعب إسرائيل، الذى له نساء بهذا الجمال، بل وأشاروا على أليفانا، إن كانت نساء العبرانيين بهذا الجمال، فهن غنيمة تستحق القتال للفوز بهن، مؤكدين بهذا شدة تأثرهم وخضوعهم تحت سلطان جمال يهوديت، بنعمة الله التى وهبها لها.
ع19: أرجوان : قماش لونه أحمر داكن.
زمرد : حجر كريم لونه أخضر.
نظرت يهوديت إلى خيمة أليفانا الواسعة، ورأتها مقسمة إلى أجزاء كحجرات، ومزينة بأقمشة أرجوانية حمراء لامعة، وذهب، وحجارة كريمة، من زمرد وجواهر مختلفة. وكان أليفانا قد قام من حجرة نومه إلى حجرة الاستقبال وجلس على كرسى عظيم وأدخلوا إليه يهوديت.
ع20: أما يهوديت فوقفت صامتة، مما زادها جمالاً، ثم سجدت على الأرض بخضوع ومسكنة ناعمة، وظلت ساجدة وأعين الكل مثبتة نحوها، حتى أمر أليفانا جنوده بإنهاضها، فوقفت فى حضرته وجمالها يتألق أمام الكل. وهكذا أظهرت خضوعها له، فاجتذبت قلبه بالأكثر إليها.
لقد سجدت يهوديت أمام القائد أليفانا بضعف وتذلل، بينما الحقيقة أن أليفانا وجنوده قد سبقوا وخضعوا تحت قدميها واصطيدوا بجمالها، فهى القوية رغم ما يبدو عليها من ضعف. إنها الكنيسة، التى تبدو خاضعة لسلطة العالم وحكامه، ولكن هى المؤثرة فى كل العالم بمسيحها الساكن فيها، إنها نور للعالم كله. وهكذا كل أولاد الله القديسين، كما وقف بولس مقيدًا أمام فيلكس الوالى، وتكلم بكلام النعمة، فارتعب الوالى الجالس على عرشه من قوة الكلام (أع24: 25).
إذا كنت تثق فى الله الساكن فيك فبالرغم من صمتك، وضعفك الظاهر، يعطيك الله جمالاً ومهابة، فيحترمك الكل ويخضعوا لكلامك.
ما أحوج كل أب وأم وكل خادم للإيمان بالله الساكن فيه، فيستطيع أن يجذب القلوب بقوة وسهولة.