داود الملك ورؤساء جيشه
يظهر هذا الأصحاح داود العظيم، الذى يملك على شعب الله ويستولى على مدينة يبوس ويسميها مدينة السلام، فداود يرمز للمسيح، الذى يملك على قلوب أولاده ويعطيهم السلام. ويذكر جبابرته وأبطاله فى الحرب، الذين يرمزون إلى قوة المؤمنين فى حروبهم الروحية ونصرتهم على إبليس.
(1) تمليك داود على إسرائيل (ع1-3):
1- و اجتمع كل اسرائيل الى داود في حبرون قائلين هوذا عظمك و لحمك نحن. 2- و منذ امس و ما قبله حين كان شاول ملكا كنت انت تخرج و تدخل اسرائيل و قد قال لك الرب الهك انت ترعى شعبي اسرائيل و انت تكون رئيسا لشعبي اسرائيل. 3- و جاء جميع شيوخ اسرائيل الى الملك الى حبرون فقطع داود معهم عهدا في حبرون امام الرب و مسحوا داود ملكا على اسرائيل حسب كلام الرب عن يد صموئيل.
هذه الآيات الثلاثة مذكورة بنفس النص فى (2صم5: 1-3). تم مسح داود بيد صموئيل وهو فى بيت أبيه، وهذه هى المرة الأولى التى يُمسح فيها ملكاً (1صم16: 13)، ثم مُسح مرة ثانية، بعد موت شاول، عندما ملكه سبط يهوذا فى حبرون عليهم فقط، وكان عمره وقتذاك ثلاثين عاماً (2صم2: 4). وهنا نجد مسح داود ملكاً للمرة الثالثة وكان ذلك بعد قتل إيشبوشث ابن شاول وكان ذلك بعد سبع سنوات من مسحه للمرة الثانية، إذ جاء شيوخ إسرائيل، أى باقى الأسباط، بخلاف سبط يهوذا، وطلبوا منه أن يملك عليهم وذلك لما يلى :
- ذكروه أنه يهودى منهم، أى من شعب الله، فهو لحمهم وعظمهم.
- تذكروا خدماته فى قتله جليات وحروبه فى جيش شاول.
- تذكروا وعد الله له، عندما مسحه صموئيل ملكاً وهو بعد فى بيت أبيه.
ونلاحظ فى هذه الآيات أن هناك إضافة واحدة، وهى أن مسح داود على كل إسرائيل كان “حسب كلام الرب عن يد صموئيل” (ع3)، أى أن وعود الله لابد أن تتم.
? ثق فى وعود الله لك، فلابد أن تتم مهما ظهرت أمور معاكسة، فهذا يطمئنك ويعطيك رجاء وحماساً روحياً، فتتقدم فى طموحات روحية وتتمتع بالله، حتى داخل الضيقات.
(2) استيلاء داود على أورشليم (ع4-9):
4- و ذهب داود و كل اسرائيل الى اورشليم اي يبوس و هناك اليبوسيون سكان الارض.
5- و قال سكان يبوس لداود لا تدخل الى هنا فاخذ داود حصن صهيون هي مدينة داود.
6- و قال داود ان الذي يضرب اليبوسيين اولا يكون راسا و قائدا فصعد اولا يواب ابن صروية فصار راسا. 7- و اقام داود في الحصن لذلك دعوه مدينة داود. 8- و بنى المدينة حواليها من القلعة الى ما حولها و يواب جدد سائر المدينة. 9- و كان داود يتزايد متعظما و رب الجنود معه.
هذا الجزء تكرار لما ذكر فى (2صم5: 4-10) مع بعض إضافات حيث أراد الملك داود أن يجعل عاصمة ملكه أورشليم وكان يسكنها اليبوسيون سكان الأرض الأصليين، الذين كانوا بكبرياء يعتزون بقوتهم، فطلب من رؤساء جيشه أن يهاجموها، ووعد بمكافأة لمن يستولى عليها أن يجعله رئيساً للجيش، فاستطاع يوآب ابن صرويه، ابن أخت داود، أن يهاجم المدينة ويستولى عليها، هى وحصنها وجدد المدينة، فسكن فيها داود، وصارت عاصمة له. واستيلاء يوآب، وتجديده للمدينة إضافة يذكرها النص هنا، ولم يذكر الكاتب أخطاء يوآب؛ لأنه مهتم بالإيجابيات، المتصلة بالملك داود، إذ هو رمز للمسيح.
كلمة يبوس معناها مدوسة، إذ كان يسكنها الوثنيون، فلما سكنها أولاد الله دعيت أورشليم، أى مدينة السلام، ولكن الأمم داسوها ثانية فى خراب أورشليم عام 70 م، لعدم إيمان اليهود بالمسيح، وستظل مدوسة حتى ينتشر الإيمان فى نهاية الأيام، ثم يأتى المسيح فى مجيئه الثانى (لو21: 24، رؤ11: 2).
? لا تخف من الشر الذى يسقطك فيه إبليس، مهما سيطر عليك، فقوة الله التى تساندك أقوى منه، قم حارب ببسالة كل فكر شرير وكل خطية تسيطر عليك، واثقاً أنك ستتغلب عليها، ومهما سقطت تب وقم ثانية، فتختبر عمل الله وتتمتع بعشرته.
(3) رؤساء جيش داود (ع10-47):
10- و هؤلاء رؤساء الابطال الذين لداود الذين تشددوا معه في ملكه مع كل اسرائيل لتمليكه حسب كلام الرب من جهة اسرائيل. 11- و هذا هو عدد الابطال الذين لداود يشبعام بن حكموني رئيس الثوالث هو هز رمحه على ثلاث مئة قتلهم دفعة واحدة. 12- و بعده العازار بن دودو الاخوخي هو من الابطال الثلاثة. 13- هو كان مع داود في فس دميم و قد اجتمع هناك الفلسطينيون للحرب و كانت قطعة الحقل مملوءة شعيرا فهرب الشعب من امام الفلسطينيين.
14- و وقفوا في وسط القطعة و انقذوها و ضربوا الفلسطينيين و خلص الرب خلاصا عظيما.
15- و نزل ثلاثة من الثلاثين رئيسا الى الصخر الى داود الى مغارة عدلام و جيش الفلسطينيين نازل في وادي الرفائيين. 16- و كان داود حينئذ في الحصن و حفظة الفلسطينيين حينئذ في بيت لحم.
17- فتاوه داود و قال من يسقيني ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب. 18- فشق الثلاثة محلة الفلسطينيين و استقوا ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب و حملوه و اتوا به الى داود فلم يشا داود ان يشربه بل سكبه للرب. 19- و قال حاشا لي من قبل الهي ان افعل ذلك ااشرب دم هؤلاء الرجال بانفسهم لانهم انما اتوا به بانفسهم و لم يشا ان يشربه هذا ما فعله الابطال الثلاثة. 20- و ابشاي اخو يواب كان رئيس ثلاثة و هو قد هز رمحه على ثلاث مئة فقتلهم فكان له اسم بين الثلاثة.
21- من الثلاثة اكرم على الاثنين و كان لهما رئيسا الا انه لم يصل الى الثلاثة الاول. 22- بنايا بن يهوياداع ابن ذي باس كثير الافعال من قبصئيل هو الذي ضرب اسدي مواب و هو الذي نزل وضرب اسدا في وسط جب يوم الثلج. 23- و هو ضرب الرجل المصري الذي قامته خمسة اذرع وفي يد المصري رمح كنول النساجين فنزل اليه بعصا و خطف الرمح من يد المصري و قتله برمحه.
24- هذا ما فعله بنايا بن يهوياداع فكان له اسم بين الثلاثة الابطال. 25- هوذا اكرم على الثلاثين الا انه لم يصل الى الثلاثة فجعله داود من اصحاب سره. 26- و ابطال الجيش هم عسائيل اخو يواب و الحانان بن دودو من بيت لحم. 27- شموت الهروري حالص الفلوني. 28- عيرا بن عقيش التقوعي ابيعزر العناثوثي. 29- سبكاي الحوشاتي عيلاي الاخوخي. 30- مهراي النطوفاتي خالد بن بعنة النطوفاتي. 31- اتاي بن ريباي من جبعة بني بنيامين بنايا الفرعتوني. 32- حوراي من اودية جاعش ابيئيل العرباتي. 33- عزموت البحرومي اليحبا الشعلبوني. 34- بنو هاشم الجزوني يوناثان بن شاجاي الهراري. 35- اخيام بن ساكار الهراري اليفال بن اور. 36- حافر المكيراتي و اخيا الفلوني. 37- حصرو الكرملي نعراي بن ازباي. 38- يوئيل اخو ناثان مبحار بن هجري.
39- صالق العموني نحراي البئيروتي حامل سلاح يواب ابن صروية. 40- عيرا اليثري جارب اليثري. 41- اوريا الحثي زاباد بن احلاي. 42- عدينا بن شيزا الراوبيني راس الراوبينيين و معه ثلاثون. 43- حانان ابن معكة يوشافاط المثني. 44- عزيا العشتروتي شاماع و يعوئيل ابنا حوثام العروعيري. 45- يديعئيل بن شمري و يوحا اخوه التيصي. 46- ايليئيل من محويم و يريباي ويوشويا ابنا النعم و يثمة الموابي. 47- ايليئيل و عوبيد و يعسيئيل من مصوبايا
نلاحظ فى هذه الآيات ما يلى :
- قائمة رؤساء جيش داود مذكورة فى (2صم23: 8-39) ويمكن الرجوع لشرحها فى الموسوعة الجزء الخامس للعهد القديم، مع اختلافات قليلة هى :
أ – عدد الرؤساء فى سفر صموئيل 37 إسماً، أما هنا فيزيدون 16 رئيساً، بدءاً من زاباد بن أحلاى (ع41) إلى يعسيئل (ع47).
ب – توجد اختلافات فى بعض الأسماء؛ لأنه قد يوجد للشخص الواحد إسمان.
- يذكر أسماء الأبطال هنا الذين يرمزون للمؤمنين، المجاهدين فى حياتهم الروحية؛ لأنه كما أن داود يرمز للمسيح، والأبطال يرمزون للمؤمنين، فالمسيح سيأخذ المؤمنين المجاهدين معه فى ملكوته، لذا فإن ذكرهم هنا، فى الكتاب المقدس، يرمز لتملكهم مع المسيح فى السماء. هؤلاء الأبطال المذكورين عرضوا حياتهم للخطر فى بسالة نادرة، فنالوا هذه الكرامة العظيمة وكتبت أسماؤهم فى الكتاب المقدس؛ لتكون حافزاً لكل المؤمنين، أن يقاوموا الخطية حتى الدم (عب12: 4)؛ لينالوا مكانهم العظيم.
- الثوالث ورئيس الثلاثين هى رتب فى جيش داود.
- قام هؤلاء الأبطال بانتصارات عظيمة على الأعداء، وهذا بالطبع يفوق العقل؛ لأنه كان بنعمة الله؛ فمثلاً أول الرؤساء يشبعام قتل ثلثمائة رجلاً من الأعداء، فى معركة واحدة (ع11). وكان هذا تحقيقاً لوعد الله ليشوع أن “رجل واحد منكم يطرد ألفا لأن الرب إلهكم هو المحارب عنكم” (يش23: 10).
- نتعجب لذكر اثنين من الرؤساء؛ أحدهما موآبى والآخر عمونى، مع أن شريعة موسى تقضى بألا يدخل موآبى، أو عمونى فى شعب الله، حتى الجيل العاشر، فقبول هذين الرئيسين فى شعب الله كان استثناءً، لعل الله أرشد داود إليه، ليعلن الله محبته للأمم، مهما كانوا من أصل شرير، مثل موآب وعمون، إن تابوا وآمنوا به.
- أوريا الحثى هو أحد أبطال داود، ولم يشر الكاتب إلى خطية داود مع امرأة أوريا؛ لأن السفر يتكلم عن داود كرمز للمسيح البار القدوس والذى يملك إلى الأبد.
? تذكر كل يوم أن هدفك الوحيد هو الملكوت؛ حتى لا تنشغل عنه. جاهد ضد خطاياك بشجاعة، معتمداً على قوة الله التى تساندك، فتتقدم كل يوم ولا تيأس مهما كانت ضعفاتك.