النسل من داود حتى الراجع منه بعد السبى
يسير الكاتب فى هذا الأصحاح مع أعظم شخصية فى هذا السفر وهو داود، فيبين نسله وهم لوك مملكة يهوذا، ويعبر مرحلة السبى؛ ليصل إلى نسله الراجع من السبى وهو زربابل قائد أول مجموعة تعود من بابل إلى أورشليم ويرمز للمسيح ابن داود، الذى يعود بأولاده إلى الفردوس ويحررهم من سلطان إبليس، الذى تسلط عليهم فى الجحيم مدة طويلة.
(1) أبناء داود (ع1-9):
1- و هؤلاء هم بنو داود الذين ولدوا له في حبرون البكر امنون من اخينوعم اليزرعيلية الثاني دانيئيل من ابيجايل الكرملية. 2- الثالث ابشالوم ابن معكة بنت تلماي ملك جشور الرابع ادونيا ابن حجيث. 3- الخامس شفطيا بن ابيطال السادس يثرعام من عجلة امراته. 4- ولد له ستة في حبرون و ملك هناك سبع سنين و ستة اشهر ثم ملك ثلاث و ثلاثين سنة في اورشليم. 5- و هؤلاء ولدوا له في اورشليم شمعى و شوباب و ناثان و سليمان اربعة من بثشوع بنت عميئيل. 6- و يبحار و اليشامع و اليفالط. 7- و نوجه و نافج و يافيع. 8- و اليشمع و الياداع و اليفلط تسعة. 9- الكل بنو داود ما عدا بني السراري و ثامار هي اختهم.
نرى فى هذه الآيات ما يلى :
- ترك كاتب السفر الكلام عن آلام داود ومعاناته أثناء الهروب من شاول وركز عليه كملك فى حبرون، حيث ملك هناك سبع سنين وستة أشهر على سبط يهوذا.
وحبرون ترمز للآلام والصليب، فقد حمل داود صليبه فى هروبه من شاول واختبأ فى حبرون، كذلك كانت مقابر إبراهيم وسارة ويعقوب فى حبرون، وذهب يوسف يبحث عن اخوته فى حبرون، فاحتمل الآلام، أذ ألقوه فى البئر وحاولوا قتله، ثم باعوه عبداً. ومدينة حبرون من مدن الملجأ، حيث يهرب إليها كل من قتل سهوا، فهى ترمز للصليب الذى به خلاصنا من كل خطية، وكان يسكنها (أى حبرون) الكهنة وهذا رمز إلى أن كهنوت العهد الجديد نابع من الخلاص الذى تم على الصليب، أى كاهننا الأعظم، المسيح، الذى قدم ذاته ذبيحة عنا. ولكن فى نفس الوقت فإن تأسيس حبرون وتغيير اسمها كان على يد كالب بن يفنة، الذى قام بطرده للسكان الوثنيين منها وسكناه هووشعب الله فيها، فحبرون تمثل الصليب، أو الآلام، الذى يؤدى إلى المجد، إذ احتمل داود الكثير، ثم صار ملكًا، وكذلك المسيح احتمل آلام الصليب عنا، ثم قام بمجد.
- هناك بعض الأسماء تكررت فى الكتاب المقدس ولكن بشكل آخر، فمثلاً دانئيل (ع1) هو كيلآب (2صم3: 3)، وشمعى فى (ع5) هو نفسه شَمُّوع فى (2صم 5: 14) وكذلك بثشوع هى نفسها بثشبع فى (2صم11: 3، 27) وأليشامع فى (ع6) هو نفسه أليشوع فى (2صم5: 15) والياداع فى (ع8) هو نفسه بعلياداع (ص14: 7).
- فى (ع6) يذكر أليفالط ولم يذكر فى أبناء داود فى (2صم5: 14-16)، وذلك لأن أليفالط مات ولم ينجب وغالبًا دعى أخوه أليفلط على اسمه.
وفى (ع7) ذكر نوجه وهو أيضاً غير مذكور فى (2صم5: 14-16)، وذلك لأنه مات ولم ينجب، فأهمل سفر صموئيل كتابته.
- ملك داود وعمره ثلاثين عامًا على سبط يهوذا فقط، فى حبرون لمدة سبع سنوات ونصف، ثم ملك على كل أسباط بنى إسرائيل مدة ثلاثة وثلاثين عامًا فى أورشليم، أى ملك حوالى أربعين عامًا. وأنجب ستة بنين فى حبرون، أما فى أورشليم، فأنجب ثلاثة عشر إبنًا. ويفهم من هذا أن داود احتمل آلامًا كثيرة أثناء مطاردة شاول له، ثم سبع سنوات ونصف ملكها على سبط يهوذا فقط؛ لمقاومة ابن شاول له، وفى النهاية ملك على كل شعب الله، فلابد من حمل الصليب، حتى يتمتع بالقيامة والمجد. وكانت بركات الله وفيرة له فى أورشليم، إذ أنجب ثلاثة عشر ابنًا.
- فى (ع5) يذكر أول مجموعة أبناء لداود فى أورشليم من امرأته بثشوع ونرى فى نهايتهم سليمان ولكن يختار الله هذا الأخير؛ ليكون ملكًا على شعبه، وواضح أيضًا أن سليمان قد ولد بعد الستة أبناء الذين ولدوا فى حبرون، فالله يهتم بالقلب النقى المستعد لطاعته، بغض النظر عن كونه الأكبر، أو الأصغر.
- كان لداود بنات كثيرات ولكن لم يذكر منهن هنا إلا ثامار (ع9) وذلك للحادث المؤسف، الذى حدث لها من أخيها أمنون (2صم: 13)، ليبين أنه يمكن أن يخرج ابن شرير من أب صالح، إذا لم يطع هذا الشرير كلام أبيه ولم يتتلمذ على يديه.
- ويلاحظ أيضًا أن كاتب سفر الأخبار أغفل ذكر خطية أمنون مع ثامار وكذلك خطية داود مع بثشبع؛ لأنه يركز على داود الملك الذى من نسله يأتى المسيح.
- كان لداود أبناء آخرون من السرارى، لم يذكروا؛ لعدم أهميتهم فى نسب المسيح، وأيضًا التسعة عشر ابنًا المذكورين لداود هنا، لم يركز الكتاب المقدس إلا على اثنين منهما، هما سليمان وناثان؛ لأنهما أتيا فى نسب المسيح (مت1، لو3)، فسليمان كان الجد الحقيقى للمسيح، أما ناثان فكان الأب الشرعى له؛ لأن الشريعة اليهودية كانت تأمر أنه إذا مات رجل ولم ينجب يتزوج أخيه بامرأته وينسب النسل للذى مات، هذا ما اهتم به لوقا، فنسب المسيح لناثان.
(2) ملوك يهوذا (ع10-16):
10- و ابن سليمان رحبعام و ابنه ابيا و ابنه اسا و ابنه يهوشافاط. 11- و ابنه يورام و ابنه اخزيا و ابنه يواش. 12- و ابنه امصيا و ابنه عزريا و ابنه يوثام. 13- و ابنه احاز و ابنه حزقيا وابنه منسى. 14- و ابنه امون و ابنه يوشيا. 15- و بنو يوشيا البكر يوحانان الثاني يهوياقيم الثالث صدقيا الرابع شلوم. 16- و ابنا يهوياقيم يكنيا ابنه و صدقيا ابنه.
نتبين فى هذه الآيات ما يلى :
- يذكر كاتب سفر الأخبار الملوك الذين جلسوا على كرسى داود وملكوا على مملكة يهوذا، سواء كانوا صالحين، أو اشراراً. فقد أعطى الله الفرصة لهم جميعًا أن يعلنوا اسمه القدوس ويقودوا شعبه فى طريق الحق؛ ليحيوا بشريعته ولكن أكثرهم أهمل علاقته بالله، بل وأغاظوه بعبادة الأوثان والشهوات المختلفة.
? الله يعطيك فرصًا للحياة معه؛ لتستغلها وتقترب إليه، ولكن إن أهملتها وابتعدت عن الله تحاسب عليها. فكن أمينًا فى الإمكانيات التى وهبك الله إياها وتعَّلم من كل من حولك واهتم بالوجود فى جو الكنيسة؛ حتى لا يقوى عليك إبليس، وإن سقطت قم، ومهما كان ضعفك فثق أن الله الذى يحبك سيساعدك إلى الوصول لمكانك فى الملكوت.
- بعض أسماء الملوك المذكورين لهم أسماء أخرى مثل :
أ – أبيا فى (ع10) ويدعى أيضًا أبيام (1مل14: 31).
ب – أخزيا فى (ع11) هو نفسه عزيا المذكور فى (2أى26: 1).
جـ- يهوياقيم فى (ع15) هو ذاته ألياقيم المذكور فى (2مل23: 34).
د – شلوم فى (ع15) هو يهوآحاز المذكور فى (2مل23: 30).
هـ- صدقيا فى (ع15) اسمه الأصلى متنيا، كما ذكر فى (2مل24: 17).
و – يكنيا فى (ع16) يدعى أيضًا يهوياكين (2مل24: 8) وكذلك يسمى كنياهو فى (أر22: 24).
- كان يوحنان أول أبناء يوشيا المذكورين فى (ع15) قد مات صغيرًا، فلم يملك مثل باقى أخوته.
- ملك شلوم، أى يهوآحاز بعد أبيه يوشيا مباشرة وكان شريرًا ولكنه لم يبقَ على العرش إلا ثلاثة أشهر، ثم سبى إلى مصر بواسطة ملكها، وملك بعده يهوياقيم، الذى اختفى فى ظروف غامضة وغالبًا قد قتله ملك بابل، وملك بعده ابنه يهوياكين ولم يبق على العرش إلا ثلاثة أشهر وسباه نبوخذ نصر إلى بابل، فملك بعده عمه متنيا، الذى غير ملك بابل إسمه ودعاه صدقيا وبعد أن ملك إحدى عشر عامًا قبض عليه ملك بابل وفقأ عينيه وسباه إلى بابل ودمر، ثم أحرق أورشليم والهيكل وسبى اليهود فى أورشليم واليهودية، وبهذا تم سبى اليهود على يد بابل، بعد أن سبيت المملكة الشمالية على يد آشور.
- لم تُذكر عثليا التى ملكت على مملكة يهوذا (2مل11: 3)؛ لأنها اغتصبت الملك وقتلت أحفادها وظل الملك معها ست سنوات، حتى ملك حفيدها يوآش بعد أبيه أخزيا، فلأن عثليا شريرة وماتت فى شرها، لم توضع فى نسب المسيح؛ فى حين قبل المسيح فى نسبه راحاب الزانية وراعوث الأممية (مت1).
(3) النسل الملكى بعد السبى (ع17-24):
17- و ابنا يكنيا اسير و شالتيئيل ابنه. 18- و ملكيرام و فدايا و شناصر و يقميا و هوشاماع و ندبيا. 19- و ابنا فدايا زربابل و شمعي و بنو زربابل مشلام و حننيا و شلومية اختهم.
20- وحشوبة و اوهل و برخيا و حسديا و يوشب حسد خمسة. 21- و بنو حننيا فلطيا و يشعيا وبنو رفايا و بنو ارنان و بنو عوبديا و بنو شكنيا. 22- و بنو شكنيا شمعيا و بنو شمعيا حطوش و يجال وباريح و نعريا و شافاط ستة. 23- و بنو نعريا اليوعيني و حزقيا و عزريقام ثلاثة. 24- و بنو اليوعيني هوداياهو و الياشيب و فلايا و عقوب و يوحانان و دلايا و عناني سبعة
نلاحظ فى هذه الآيات ما يلى :
- ذكر أرميا (أر22: 30) أن يكنيا يكون عقيمًا ولكن نرى فى (ع17، 18) أن له أبناء، والمقصود بعقيمًا أن لا يجلس على العرش من بعده أى أبناء؛ لأنه سبى إلى بابل وجلس على العرش بعده عمه صدقيا، وفى السنة الحادية عشر لصدقيا تم السبى البابلى ودمرت أورشليم، أما يكنيا فظل فى بابل.
- رغم أن أسير هو بكر يكنيا (ع17) ولكنه مات صغيرًا، فصار البكر شآلتئيل.
- يذكـر انجيل (مت1: 12)، (لو3: 27) أن شألتئيل هو أبو زربابل ولكن نرى فى (ع19) أن فدايا هو أبو زربابل، وذلك لأن شآلتئيل مات ولم ينجب من امرأته، فتزوجها أخوه فدايا وأنجب منها زربابل واخوته، ويفهم من هذا أن زربابل هو من النسل الملكى ولو لم يكن قد حدث السبى لجلس على عرش داود، وهو الذى عاد بأول مجموعة من السبى إلى أورشليم بأمر قورش الملك؛ وأعاد بناء الهيكل بعد الرجوع من السبى.
- فى (ع19) نجد ابنان وابنة لزربابل وفى (ع20) نجد خمسة آخرين لعلهم من زوجة أخرى.
- فى (ع22) يذكر فى نهايتها أن عدد بنو شكنيا 6 والمقصود ابنه شمعيا وأحفاده الخمسة أبناء شمعيا.
- حطـوش من شـمعيا فـى (ع22) من الذين عادوا من السبى مع عزرا الكاهن (عز8: 2).
- نرى أن هناك ستة أجيال بين زربابل فى (ع19) وهوداياهو فى (ع24).
? هؤلاء هم النسل الملكى الذى كان يمكن أن يجلسوا على عرش داود، لو لم يكن قد حدث السبى، والسبى حدث بسبب كثرة خطايا الشعب والملوك والرؤساء. فكن حريصاً لئلا تفقد مكانك عند الله، فهو يريدك أن تملك على حياتك وتضبط شهواتك؛ حتى يكون لك الملك الأبدى فى ملكوت السموات.