سكان أورشليم بعد السبى
يحدثنا هنا عن الراجعين بعد السبى من الأسباط وهم من سبطى يهوذا وبنيامين؛ اللذان التصقا بعبادة الله منذ زمن طويل فى المملكة الجنوبية، أى مملكة يهوذا، حول أورشليم ومعهما الكهنة واللاويين، الذين أحبوا الهيكل واشتاقوا للرجوع إليه. وهذا يرمز إلى أنه لا عودة لنا إلى السماء إلا بكهنوت المسيح، الذى يرمز إليه الكهنوت الهارونى، كما نلاحظ رجوع عدد قليل من سبطى أفرايم ومنسى.
(1) العائدون من أسباط يهوذا وبنيامين وأفرايم ومنسى (ع1-9):
1- و انتسب كل اسرائيل و ها هم مكتوبون في سفر ملوك اسرائيل و سبي يهوذا الى بابل لاجل خيانتهم. 2- و السكان الاولون في ملكهم و مدنهم هم اسرائيل الكهنة و اللاويون و النثينيم. 3- و سكن في اورشليم من بني يهوذا و بني بنيامين و بني افرايم و منسى. 4- عوثاي بن عميهود بن عمري بن امري بن باني من بني فارص بن يهوذا. 5- و من الشيلونيين عسايا البكر و بنوه.
6- و من بني زارح يعوئيل و اخوتهم ست مئة و تسعون. 7- و من بني بنيامين سلو بن مشلام بن هودويا بن هسنواة. 8- و يبنيا بن يروحام و ايلة بن عزي بن مكري و مشلام بن شفطيا بن رعوئيل بن يبنيا. 9- و اخوتهم حسب مواليدهم تسع مئة و ستة و خمسون كل هؤلاء الرجال رؤوس اباء لبيوت ابائهم.
نجد فى الآيات التالية ما يلى :
- تم هذا الانتساب (ع1) بعد الرجوع من السبى وكان لكل الراجعين، سواء على يد زربابل فى الرجوع الأول، أو عزرا فى الرجوع الثانى، أى لم تعد المملكتين منقسمتين، فضيقة السبى قادتهما للتوبة، فعادتا متحدتين، كما كانتا قبل الانقسام أيام داود.
- يوضح أن سبب تأديب الله لشعبه بالسبى، هو خيانتهم له بعبادة الأوثان والانغماس فى الشهوات الردية (ع1).
? عندما تحل بك ضيقة فافحص نفسك أولاً، لئلا تكون الضيقة بسبب خطية قد سقطت فيها، أو لازلت تسقط فيها، والله يريد أن ينبهك بالتوبة عنها والاعتراف بها، ثم الاقتراب إليه للتمتع بعشرته ورعايته، فيسندك فى الضيقة، ثم يرفعها عنك.
- كانت تحفظ قوائم الانتساب عند الملوك، أو الرؤساء المسئولين، سواء أيام الملكية فى بنى إسرائيل، أو عند الرؤساء المسئولين بعد الرجوع من السبى (ع1).
- أول من اهتم بالرجوع من السبى هم الكهنة (ع2)، لأنهم يعرفون شريعة الله ويهتمون بإعادة العبادة فى الهيكل والتمتع بالوجود أمام الله. ويلى الكهنة فى الاهتمام بالرجوع، اللاويون وهم من يساعدون الكهنة فى خدمة الهيكل.
ويساعد الكهنة واللاويين النثينيم، وهؤلاء ليسوا يهوداً، لكنهم الأمميين الذين خدعوا يشوع، فحلف لهم أن يستحييهم، ثم اكتشف أنهم ساكنون قريباً منه فى جبعون، فجعلهم لجمع الحطب وسقى الماء لخدمة الهيكل، أى يجمعون الحطب والماء ويعطونه للاوين من أجل احتياجات الهيكل (يش9). وذكر لقب النثينيم فقط فى أسفار الأخبار وعزرا ونحميا. وقد دعاهم داود بهذا الاسم وهى كلمة عبرية معناها المكرسون أو الموهوبون.
- اختار نحميا عدداً من بنى إسرائيل؛ ليسكنوا أورشليم، هؤلاء السكان كان من أولهم الكهنة واللاويين والنثينيم ومندوبون من بعض الأسباط (نح11: 1-3) يذكر منهم هنا أسباط يهوذا وبنيامين وأفرايم ومنسى (ع3). وقد بارك الشعب الذين انتدبوا للسكن فى أورشليم؛ لأنهم سيتمتعون بالوجود قرب الهيكل.
- قوائم الانتساب المذكورة هنا، أو فى أسفار أخرى، مثل نحميا، تختلف عن بعضها، لأن كاتب السفر يغفل بعض الأسماء ويذكر الأخرى، بحسب غرض كتابته للسفر.
(2) الراجعون من الكهنة واللاويين والبوابين (ع10-34):
10- و من الكهنة يدعيا و يهوياريب و ياكين.11- و عزريا بن حلقيا بن مشلام بن صادوق بن مرايوث بن اخيطوب رئيس بيت الله. 12- و عدايا بن يروحام بن فشحور بن ملكيا و معساي بن عديئيل بن يحزيرة بن مشلام بن مشليميت بن امير. 13- و اخوتهم رؤوس بيوت ابائهم الف وسبع مئة و ستون جبابرة باس لعمل خدمة بيت الله. 14- و من اللاويين شمعيا بن حشوب بن عزريقام بن حشبيا من بني مراري. 15- و بقبقر و حرش و جلال و متنيا بن ميخا بن زكري بن اساف. 16- و عوبديا بن شمعيا بن جلال بن يدوثون و برخيا بن اسا بن القانة الساكن في قرى النطوفاتيين. 17- و البوابون شلوم و عقوب و طلمون و اخيمان و اخوتهم شلوم الراس.
18- وحتى الان هم في باب الملك الى الشرق هم البوابون لفرق بني لاوي. 19- و شلوم بن قوري بن ابياساف بن قورح و اخوته لبيوت ابائه القورحيون على عمل الخدمة حراس ابواب الخيمة واباؤهم على محلة الرب حراس المدخل. 20- و فينحاس بن العازار كان رئيسا عليهم سابقا و الرب معه. 21- و زكريا بن مشلميا كان بواب باب خيمة الاجتماع. 22- جميع هؤلاء المنتخبين بوابين للابواب مئتان و اثنا عشر و قد انتسبوا حسب قراهم اقامهم داود و صموئيل الرائي على وظائفهم. 23- و كانوا هم و بنوهم على ابواب بيت الرب بيت الخيمة للحراسة. 24- في الجهات الاربع كن البوابون في الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب. 25- و كان اخوتهم في قراهم للمجيء معهم في السبعة الايام حينا بعد حين. 26- لانه بالوظيفة رؤساء البوابين هؤلاء الاربعة هم لاويون و كانوا على المخادع و على خزائن بيت الله. 27- و نزلوا حول بيت الله لان عليهم الحراسة و عليهم الفتح كل صباح. 28- و بعضهم على انية الخدمة لانهم كانوا يدخلونها بعدد و يخرجونها بعدد.
29- وبعضهم اؤتمنوا على الانية و على كل امتعة القدس و على الدقيق و الخمر و اللبان والاطياب. 30- و البعض من بني الكهنة كانوا يركبون دهون الاطياب. 31- و متثيا واحد من اللاويين و هو بكر شلوم القورحي بالوظيفة على عمل المطبوخات. 32- و البعض من بني القهاتيين من اخوتهم على خبز الوجوه ليهيئوه في كل سبت. 33- فهؤلاء هم المغنون رؤوس اباء اللاويين في المخادع و هم معفون لانه نهارا و ليلا عليهم العمل. 34- هؤلاء رؤوس اباء اللاويين حسب مواليدهم رؤوس هؤلاء سكنوا في اورشليم.
نجد فى هذه الآيات الملاحظات الآتية :
- يذكر أن الكهنة كانوا جبابرة بأس، وذلك فى تمسكهم بالشريعة وخدمة الهيكل وليس بالطبع فى القوة الجسمانية، أو القدرة على الحرب، فقد كانوا رجال صلاة ومدققين فى خدمتهم (ع13). وهذا يظهر لنا تأثير التأديب الإلهى فى السبى، إذ جعل الكهنة أقوياء روحياً، بعد أن كانوا متهاونين قبل السبى.
- كان بعض اللاويين يسكنون قرى النطوفاتيين، وهى قرى محيطة بنطوفة التى بجوار بيت لحم، أى قريبة من أورشليم؛ ليسهل على اللاويين الذهاب منها إلى الهيكل، لإتمام خدمتهم (ع16).
- كان عمل البوابين هو فتح أبواب الهيكل صباحاً وإغلاقها مساءً وحراستها وإرشاد الداخليـن إلـى الهيكـل لمختلف الأماكن، ومنع دخول الغير مسموح لهم (ع17).
- كان قصر الملك ملاصقاً للهيكل فى أورشليم وكان له باب من قصره، يؤدى إلى الهيكل، يسمى باب الملك (ع18).
- فينحاس بن العازار كان رئيس كهنة فى أيام القضاة (قض20: 28) وهو قتل اليهودى الذى تزوج بامرأة أممية فى بجاحة أمام شعب الله، وبقتله أوقف غضب الله (عـد25: 11)، فهـو يتميـز بالغيرة الروحية لمجد الله، لذا يقول عنه “الرب معه” (ع20)، ويُقصد أن الله كان مسانداً له فى غيرته وأيضاً تعنى أن الله راضياً عنه بعد موته، كما يقال الآن “الله يرحمه”.
? كن غيوراً للحق، فلا تترك إنساناً مظلوماً دون أن تدافع عنه، ولا تشارك فى الكذب وتعويج الحقائق، بل كن غيوراً فى محبتك لله وفى خدمته.
- رتب صموئيل – قبل أن يموت – خدمة هيكل الله مع داود، ونفذ داود ذلك بعد أن صار ملكاً (ع22).
- كان للبوابين نوبات خدمة كل أسبوع ويتم تبديل هذه النوبات يوم السبت، فتعود الفرقة إلى قراها ويحل محلها فرقة أخرى (ع25).
- كان هناك أربعة رؤساء بوابين، لا يتركون الهيكل أبداً ويقودون فرق البوابين؛ ولذا يقيمون فى ديار الهيكل (ع26) وقد ذكرت أسماؤهم فى (ع17).
- كان اللاويون يقومون بخدمات كثيرة، بخلاف مساعدة الكهنة فى تقديم الذبائح، وهذه الخدمات تشمل حراسة المخادع وخزائن بيت الله (ع26) وحفظ أوانى الخدمة الثمينة، فيدخلونها ويخرجونها بالعدد، أى بتدقيق (ع28) وتخزين التقدمات المقدمة للهيكل، من الدقيق والخمر واللبان والأطياب (ع29) وتركيب الدهون والأطياب المستخدمة فى خدمة الهيكل (ع30) وإعداد المطبوخات (ع31) وكذا إعداد خبز الوجوه كل سبت (ع32).
- من أعمال اللاويين الغناء، أى ترديد المزامير أمام هيكل الله، وهذا العمل كان مستمراً كل يوم، لذلك كان يعفى المغنون من خدمات اللاويين الأخرى السابق ذكرها؛ لأنهم متفرغون للتسبيح (ع33).
- نرى اللاويين يقومون بوظائف مختلفة، يبدو الكثير منها متواضعاً، مثل البوابة، أو خلط الدهون ولكن قيمة هذه الأعمال عظيمة؛ لأنها مقدمة لله وخاصة بهيكله المقدس، فأصغر خدمة مقدمة لله، أعظم من أى عمل فى العالم.
(3) قائمة أخرى بنسب شاول (ع35-44):
35- و في جبعون سكن ابو جبعون يعوئيل و اسم امراته معكة. 36- و ابنه البكر عبدون ثم صور و قيس و بعل و نير و ناداب. 37- و جدور و اخيو و زكريا و مقلوث. 38- و مقلوث ولد شمام و هم ايضا سكنوا مقابل اخوتهم في اورشليم مع اخوتهم. 39- و نير ولد قيس و قيس ولد شاول و شاول ولد يهوناثان و ملكيشوع و ابيناداب و اشبعل. 40- و ابن يهوناثان مريببعل ومريببعل ولد ميخا. 41- و بنو ميخا فيثون و مالك و تحريع و احاز. 42- و احاز ولد يعرة و يعرة ولد علمث و عزموت و زمري و زمري ولد موصا. 43- و موصا ولد ينعا و رفايا ابنه و العسة ابنه و اصيل ابنه. 44- و كان لاصيل ستة بنين و هذه اسماؤهم عزريقام و بكرو ثم اسماعيل و شعريا وعوبديا و حانان هؤلاء بنو اصيل
نجد فى هذه الآيات ما يلى :
- يحدثنا الكاتب عن نسب شاول أول ملوك بنى إسرائيل مرة أخرى وقد سبق ذكر هذا النسب فى (ص8: 33-38).
وقد كان شريراً؛ لأن أختياره كان بمواصفات ترضى الشعب، أى طول القامة والجمال، ولكنه كان مقدمة للملك الحقيقى، الذى هو من اختيار الله، وهو داود، الذى أتى من نسله المسيح. وهذا ما سيبدأ الحديث عنه طوال هذا السفر، موضحاً تفاصيل حياته.
- تخبرنا هذه الآيات أن أسرة شاول سكنت فى جبعون وهى قريبة من أورشليم، فيقول أن هذه الأسرة البنيامينية سكنت مقابل اخوتها من سبط يهوذا – الذى اختير منه داود – الساكن فى أورشليم. فهذه بركة تمتعت بها أسرة شاول؛ لأن خيمة الاجتماع وضعت أيام داود فى جبعون مدينتهم، ثم وجودهم بالقرب من أورشليم التى كان فيها تابوت العهد، ثم هيكل سليمان.
? ما أجمل أن تقترب وتعاشر أولاد الله، فتتعلم منهم الكثير ويساعدونك على الالتصاق بالله، فاحرص أن يكون أصدقاؤك والمحيطون بك من أولاد الله وفى نفس الوقت تحب الجميع وتصلى من أجل الكل وتشجعهم على العلاقة مع الله.
- نجد بعض اختلافات فى أسماء هذه القائمة لنسب شاول مع القائمة المذكورة فى الأصحاح السابق (ص8: 33-38) وهذه الاختلافات بسيطة، ولكن لدقة الكاتب وأمانته، نقل القوائم المحفوظة عند اليهود كما هى دون تعديل، وهذه الاختلافات بسبب أن بعـض الأشـخاص كان له إسمان وهم : تاريع (ص8: 35) هو نفسه تحريع (ص9: 41)، يهوعدة (ص8: 36) هو يعرة (ص9: 42) وبنعة
(ص8: 37) هو ينعا (ص9: 43). - إن كان هذا الإصحاح يختم بقائمة نسب شاول وكذلك الأصحاح التالى يتكلم عن نهاية شاول؛ فذلك لأنه يمثل المملكة الأرضية، أما داود، الذى يتكلم عنه السفر من الأصحاح الحادى عشر، فهو يرمز للمملكة السماوية، فالأصحاح العاشر يبين لنا موت شاول، أى انتهاء المملكة الأرضية التى يرمز، إليها لتبدأ المملكة السماوية مملكة داود – التى يأتى منها المسيح ويملك إلى الأبد على قلوب المؤمنين به.
ملحوظة :
يوجد تشابه بين هذا الأصحاح وأصحاح 11 من سفر نحميا وإن كان هناك اختلافات بين الأعداد أو أسماء الأشخاص، فذلك – كما قلنا – لدقة من كتبوا أسفار الكتاب المقدس، إذا نقلوا القوائم بأمانة كما هى وسبب هذه الاختلافات هو أن للشخص إسمين، بالإضافة إلى أن بعض القوائم أغفلت عدداً من الأشخاص لقلة أهميتهم.