تملك آحاز على يهوذا
(1) فساد آحاز وهزيمته أمام أرام وإسرائيل (ع1 – 7):
1- كان احاز ابن عشرين سنة حين ملك و ملك ست عشرة سنة في اورشليم و لم يفعل المستقيم في عيني الرب كداود ابيه.2- بل سار في طرق ملوك اسرائيل و عمل ايضا تماثيل مسبوكة للبعليم. 3- و هو اوقد في وادي ابن هنوم و احرق بنيه بالنار حسب رجاسات الامم الذين طردهم الرب من امام بني اسرائيل. 4- و ذبح و اوقد على المرتفعات و على التلال و تحت كل شجرة خضراء.5- فدفعه الرب الهه ليد ملك ارام فضربوه و سبوا منه سبيا عظيما و اتوا بهم الى دمشق ودفع ايضا ليد ملك اسرائيل فضربه ضربة عظيمة. 6- و قتل فقح بن رمليا في يهوذا مئة و عشرين الفا في يوم واحد الجميع بنو باس لانهم تركوا الرب اله ابائهم. 7- و قتل زكري جبار افرايم معسيا ابن الملك و عزريقام رئيس البيت و القانة ثاني الملك.
ع1-4: ذكرت هذه الآيات وشرحت فى (2مل16: 1-4) وفيها نرى فساد آحاز وتركه عبادة الله وانغماسه فى عبادة الأوثان.
ع5: لما سقط آحاز فى عبادة الأوثان بدون أى داعٍ؛ لأن والده كان مستقيماً وترك له أموالاً كثيرة فى خزانة المملكة؛ إذ كان قد انتصر على الأعداء المحيطين، مثل بنى عمون. لذلك تخلى الله عن آحاز وترك ملك آرام يهاجمه ويقتل من شعبه الكثيرين؛ لأنهم هم أيضاً زاغوا وراء الملك فى عبادة الأوثان.
وسمح الله أيضاً لملك إسرائيل أن يهجم عليه ويقتل من شعبه الكثيرين ويسبى أسرى كثيرين.
والمذكور فى (2مل16: 5، 6) أن ملك آرام وملك إسرائيل لم يغلبوا آحاز، فالمقصود به أنهم كانوا يريدون خلعه وقتله وتعيين ملكاً بدلاً منه، فلم يقدروا على ذلك، ولكنهم قتلوا الكثيرين من شعبه. والله لم يسمح بخلع آحاز؛ لأنه وعد أن يبقى نسلاً لداود على كرسيه إلى الأبد. وأرسل أشعياء إلى آحاز وطمأنه أن الله سيحفظه (أش7).
ع6: قتل فقح بن رمليا ملك إسرائيل عدداً كبيراً من جنود آحاز الأقوياء وعددهم 120000 وذلك من أجل سلوك مملكة يهوذا فى الشر.
ع7: واستطاع زكرى، رئيس جيش إسرائيل، أن يصل إلى القصر الملكى ويقتل معسيا ابن آحاز، وقتل كذلك عزريقام المسئول عن القصر الملكى وألقانة ثانى رجل فى المملكة بعد آحاز.
هكذا عاقب الله آحاز بقتل ابنه ومساعديه وعدد كبير من جيشه، لعله يتوب ويرجع إلى الله، وإن كان قد قدم آحاز ابنه ذبيحة للأوثان، فها ابن آخر له يموت بالسيف، فمن يسلك فى الشر لن يجد أمامه إلا العقاب الإلهى.
? لا تتحدى الله بالتمادى فى الشر؛ لئلا يغضب عليك ويتخلى عنك، فتذلك الشياطين ويضايقك من حولك. ارجع إليه بالتوبة. فهو حنون وسيسامحك.
(2) سبى إسرائيل ليهوذا ثم إعادته (ع8-15):
8- و سبى بني اسرائيل من اخوتهم مئتي الف من النساء و البنين و البنات و نهبوا ايضا منهم غنيمة وافرة و اتوا بالغنيمة الى السامرة. 9- و كان هناك نبي للرب اسمه عوديد فخرج للقاء الجيش الاتي الى السامرة و قال لهم هوذا من اجل غضب الرب اله ابائكم على يهوذا قد دفعهم ليدكم و قد قتلتموهم بغضب بلغ السماء. 10- و الان انتم عازمون على اخضاع بني يهوذا و اورشليم عبيدا واماء لكم اما عندكم انتم اثام للرب الهكم. 11- و الان اسمعوا لي و ردوا السبي الذي سبيتموه من اخوتكم لان حمو غضب الرب عليكم.12- ثم قام رجال من رؤوس بني افرايم عزريا بن يهوحانان وبرخيا بن مشليموت و يحزقيا بن شلوم و عماسا بن حدلاي على المقبلين من الجيش. 13- و قالوا لهم لا تدخلون بالسبي الى هنا لان علينا اثما للرب و انتم عازمون ان تزيدوا على خطايانا و على اثمنا لان لنا اثما كثيرا و على اسرائيل حمو غضب. 14- فترك المتجردون السبي و النهب امام الرؤساء وكل الجماعة. 15- و قام الرجال المعينة اسماؤهم و اخذوا المسبيين و البسوا كل عراتهم من الغنيمة و كسوهم و حذوهم و اطعموهم و اسقوهم و دهنوهم و حملوا على حمير جميع المعيين منهم و اتوا بهم الى اريحا مدينة النخل الى اخوتهم ثم رجعوا الى السامرة.
ع8: استطاع جيش إسرائيل أن يسبى من شعب يهوذا 200000 من الرجال والنساء والأطفال ونهبوا منهم غنيمة كثيرة. وهكذا ذُلَّ يهوذا بسبب خطاياه. وإن كان آحاز قد أعجب بالآلهة الوثنية التى عبدها إسرائيل وسار وراءهم فى عبادة الأوثان، فالآن يهيج الله عليه ملك إسرائيل؛ ليقتل ويسبى من شعبه الكثيرين؛ حتى يعلمه ألا يسير وراء الخطاة، أو يقلدهم فى خطاياهم.
ع9-11: يظهر حنان الله على سكان مملكة يهوذا، الذين تمردوا عليه بعبادة الأوثان، فبعدما أخذتهم مملكة إسرائيل سبايا، أرسل نبياً اسمه عوديد إلى عاصمة إسرائيل، وهى السامرة، ليستقبل جيش إسرائيل الراجع بأسرى يهوذا وغنائمه، وأعلن لهم الآتى :
- الله أدب سكان يهوذا لأجل خطاياهم فانهزموا فى الحرب أمام إسرائيل.
- عوديد النبى ذكر إسرائيل بأن له خطايا كثيرة والله يطيل أناته عليهم ولكنه سيتخلى عنهم ويؤدبهم إن لم يتوبوا، فكيف يأخذون سبايا وغنائم من إخوتهم سكان يهوذا ؟
- إن كان إسرائيل له خطايا كثيرة، فليتحنن على اخوته يهوذا الخطاة مثله ويعيد سباياهم إلى أرضهم.
ع12، 13: تأثر سكان السامرة بكلام عوديد وشعروا بخطاياهم ورجعوا إلى الله، فقام أربعة من رؤساء إسرائيل، يتبعهم الشعب وكلموا رؤساء الجيش، الراجعين إلى السامرة بالسبايا، وذكروهم أن إسرائيل له خطايا كثيرة، تستحق الغضب الإلهى، فلا يصح أن نزيد عليها خطية جديدة، هى القسوة على اخوتنا شعب يهوذا، بسبيهم إلى إسرائيل.
وهذا التوجه والخضوع لله أمر يفرح الله، حتى أنه اهتم أن يذكر أسماء الأربعة رؤساء فى الكتاب المقدس، فلم يُذكر إلا فى هذا المكان. وهو يشبه الصلاح الذى قام به السامرى الصالح فى المثل الذى قاله المسيح (لو10: 29-37) فالله لا ينسى صلاح وخدمة أى إنسان ويهتم بكل من يطيعه ويشهد له، خاصة وسط الأشرار.
ع14: أطاع رؤساء الجيش رؤساء إسرائيل، فتركوا أمامهم السبايا من يهوذا وكل غنائمهم.
ع15: عين رؤساء إسرائيل عدداً من شعب إسرائيل للعناية بالسبايا، فظهرت هذه العناية فيما يلى :
- أخذوا ملابس من الغنائم وألبسوا السبايا العراة.
- أخذوا من الغنائم أحذية مناسبة وألبسوا كل السبايا.
- أطعموهم وسقوهم؛ لأنهم كانوا جوعانين وعطشى منذ مدة.
- اهتموا بالجراحات التى أصابتهم أثناء القبض عليهم، أو ضربهم وأثناء سحبهم ونقلهم إلى السامرة فدهنوا بالزيت جراحاتهم؛ لتشفى.
- اهتموا بالمتعبين منهم العاجزين عن السير، فأركبوهم على حمير؛ حتى لا يسقطوا فى طريق عودتهم إلى بلادهم.
- اقتادوهم بلطف ومحبة واعتنوا بهم أثناء سفرهم؛ حتى أوصلوهم إلى مدينة أريحا، التى تسمى مدينة النخل وهى مدينة تقع فى شمال مملكة يهوذا.
بهذه الخطوات نرى اهتماماً رائعاً من السامريين، يشبه كما قلنا ما عمله السامرى الصالح.
? كن رحيماً واشفق على المتعبين حولك؛ لأن حنانك عليهم غالٍ جداً فى نظر الله، فيفيض مراحمه عليك.
(3) انكسار آحاز أمام أدوم وفلسطين وآشور (ع16-21):
16- في ذلك الوقت ارسل الملك احاز الى ملوك اشور لكي يساعدوه. 17- فان الادوميين اتوا ايضا و ضربوا يهوذا و سبوا سبيا. 18- و اقتحم الفلسطينيون مدن السواحل و جنوبي يهوذا واخذوا بيت شمس و ايلون و جديروت و سوكو و قراها و تمنة و قراها و جمزو و قراها و سكنوا هناك. 19- لان الرب ذلل يهوذا بسبب احاز ملك اسرائيل لانه اجمح يهوذا و خان الرب خيانة. 20- فجاء عليه تلغث فلناسر ملك اشور و ضايقه و لم يشدده. 21- لان احاز اخذ قسما من بيت الرب و من بيت الملك و من الرؤساء و اعطاه لملك اشور و لكنه لم يساعده.
ع16: بعد هزيمة آحاز الساحقة أمام آرام وإسرائيل، لم يفكر فى الرجوع إلى الله ولكنه حاول الاستعانة بدولة كبرى هى آشور، التى تسكن شمال العراق الحالى؛ لتعاونه ضد آرام وكل الأعداء المحيطين به. وهذا يبين مدى قساوة قلب آحاز وابتعاده عن الله.
ع17: واصل الله تأديبه لآحاز القاسى القلب، فسمح لآدوم، الذى يسكن جنوب يهوذا، أن يهاجم آحاز، فانتصر عليه وأخذ منه سبايا.
ع18: بيت شمس : مدينة فى شمال مملكة يهوذا وعلى حدودها.
أيلون : مدينة على حدود مملكة يهوذا فى شمالها وتقع غرب أورشليم على بعد 22كم.
جديروت : مدينة فى سهل يهوذا.
سوكو : مدينة فى سهل يهوذا، تقع جنوب غرب بيت لحم، على بعد 14 ميلاً.
تمنة : مدينة تقع على الحدود الشمالية ليهوذا، على بعد 5 كم جنوب غرب بيت شمس.
جمزو : قرية تقع جنوب شرق اللد على بعد 5 كم.
سمح الله أيضاً للفلسطينيين أن يهجموا على مملكة يهوذا من جنوبها وشمالها واستولوا على عدد من مدنها.
ع19: أجمح يهوذا : جعل يهوذا يتمرد على الله.
قاد آحاز شعبه فى تمرد ضد الله وأتاههم فى عبادة الأوثان، فسمح الله بتأديبه هو وشعبه وأذله أمام الأمم المحيطة به. فبعد أن ضعف أمام آرام وإسرائيل، انتهزت الفرصة الأمم الأخرى المحيطة بآحاز، مثل أدوم وفلسطين، فهاجموه واستولوا على مدنه وأخذوا سبايا منه. فى كل هذا لم يتب آحاز ويلتجئ إلى الله، بل طلب الأمم وآلهتهم مثل آشور.
ع20، 21: ثم استمراراً لإذلال الله لآحاز، سمح لتغلث فلناسر ملك آشور، الذى حاول آحاز الاستعانة به ولكنه لم يسنده، بل هاجمه وأذله، مع أنه كان قد أخذ من آحاز هدايا كثيرة، من بيت الرب، ومن قصر الملك، ومن رؤساء يهوذا. ولأن آحاز جرد بيت الرب من محتوياته وأعطاها هدايا لملك آشور لم يساعده ملك آشور، بل زاده إذلالاً وضعفاً.
? لا تلتجئ إلى العالم؛ لئلا يذلك ولكن اطلب الله أبيك الحنون، لأنك مهما أخطأت، فهو مستعد أن يسامحك ما دمت ترجع إليه. اترك وسائل العالم من شهوات وأساليب خاطئة؛ لتنجى نفسك من الهلاك.
(4) عبادة آحاز لآلهة أشور ثم موته (ع22-27):
22- و في ضيقه زاد خيانة بالرب الملك احاز هذا. 23- و ذبح لالهة دمشق الذين ضاربوه وقال لان الهة ملوك ارام تساعدهم انا اذبح لهم فيساعدونني و اما هم فكانوا سبب سقوط له و لكل اسرائيل. 24- و جمع احاز انية بيت الله و قطع انية بيت الله و اغلق ابواب بيت الله و عمل لنفسه مذابح في كل زاوية في اورشليم. 25- و في كل مدينة فمدينة من يهوذا عمل مرتفعات للايقاد لالهة اخرى و اسخط الرب اله ابائه.26- و بقية اموره و كل طرقه الاولى و الاخيرة ها هي مكتوبة في سفر ملوك يهوذا و اسرائيل. 27- ثم اضطجع احاز مع ابائه فدفنوه في المدينة في اورشليم لانهم لم ياتوا به الى قبور ملوك اسرائيل و ملك حزقيا ابنه عوضا عنه
ع22: إن كانت الضيقة تدعو الإنسان للرجوع لله ولكن عندما سمح الله لآحاز بالضيقة، ابتعد عن الله والتصق بالأمم وأوثانها.
ع23: تمادياً لآحاز فى شره، التجأ إلى آلهة آرام، الذين ضربوه وأذلوه ولم يلتجئ إلى الله، فقد خاف من آلهة آرام وطلب مساعدتها، مع أن الله هو أكبر قوة فى العالم، ولكن لجهل آحاز رفض الله.
ع24: كسر آحاز الأوانى الكبيرة الموجودة فى بيت الرب؛ ليرسلها كهدايا معدنية لآشور، وأغلق بيت الرب ومنع الخدمة فيه وهو غالباً أغلق القدس وقدس الأقداس، أى منع دخول الكهنة وتقديم الخدمة لله؛ لأنه كان قد أقام مذبحاً للأوثان، شبه ما رآه فى دمشق عند الآراميين، أى منع عبادة الله وشجع عبادة الأوثان، بل أيضاً أقام مذابح للأوثان فى كل جوانب مدينة أورشليم.
? إن التمادى فى الخطية يعمى عينى الإنسان، فيبتعد عن الحق؛ لذا احرص على الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والتناول؛ حتى تظل علاقتك حية بالله.
ع25: كذلك أقام آحاز عبادة للأوثان فى مدن يهوذا، وليس فى أورشليم فقط وبهذا أغاظ الله وأغضه جداً؛ لأنه أغوى شعبه وقاده بعيداً عن الله.
وهكذا نرى شر آحاز فى أنه نشر عبادة الأوثان، وأقام المرتفعات وأغلق بيت الله، فهو لم يتهاون مع شعبه فى عبادة الأوثان، بل شجعه على هذه العبادة الشريرة وأبعده عن الله.
ع26، 27: ذكرت هاتين الآيتين وشرحت فى (2مل16: 19، 20) ونرى فيها نهاية آحاز الشرير، الذى دفن بعد موته فى أورشليم، وليس فى قبور الملوك الصالحين أسلافه.