سحق الأشوريين وشفاء حزقيا
(1) التحصن ضد الغزو الأشورى (ع1-8):
1- و بعد هذه الامور و هذه الامانة اتى سنحاريب ملك اشور و دخل يهوذا و نزل على المدن الحصينة و طمع باخضاعها لنفسه. 2- و لما راى حزقيا ان سنحاريب قد اتى و وجهه على محاربة اورشليم. 3- تشاور هو و رؤساؤه و جبابرته على طم مياه العيون التي هي خارج المدينة فساعدوه. 4- فتجمع شعب كثير و طموا جميع الينابيع و النهر الجاري في وسط الارض قائلين لماذا ياتي ملوك اشور و يجدون مياها غزيرة. 5- و تشدد و بنى كل السور المنهدم و اعلاه الى الابراج و سورا اخر خارجا و حصن القلعة مدينة داود و عمل سلاحا بكثرة و اتراسا. 6- و جعل رؤساء قتال على الشعب و جمعهم اليه الى ساحة باب المدينة و طيب قلوبهم قائلا. 7- تشددوا و تشجعوا لا تخافوا ولا ترتاعوا من ملك اشور و من كل الجمهور الذي معه لان معنا اكثر مما معه. 8- معه ذراع بشر و معنا الرب الهنا ليساعدنا و يحارب حروبنا فاستند الشعب على كلام حزقيا ملك يهوذا.
ع1: بعد كل أمانة حزقيا وشعبه لله فى تطهير بلادهم من العبادة الوثنية وتقديس الهيكل وإعادة الاحتفالات الدينية، بأعياد الفصح والفطير، فوجئ حزقيا بمهاجمة سنحاريب ملك أشور، الذى كان يسيطر على العالم وقتذاك، فهاجم مدن مملكة يهوذا وطمع أن يسقط أورشليم ويأخذ كل مملكة يهوذا، كما استولى هو والملوك السابقون له على مملكة إسرائيل الشمالية وعلى عاصمتها السامرة قبل أيام حزقيا بأيام قليلة.
وقد نتعجب لسماح الله بهذه الضيقة العظيمة لحزقيا، رغم صلاحه، ولكن لو تمهلنا؛ لفهمنا ما يلى :
- الله أَجَّل هذه الضيقة إلى أن يتقوى حزقيا وشعبه، ويتقدسوا ويعبدوا الله بأمانة، أى لم يعطل أعمالهم الإيجابية وسعيهم نحو الله.
- سمح بهذا الهجوم لامتحان إيمان حزقيا وشعبه وفعلاً صلوا وطلبوا الله بكل قلوبهم.
- تمجد الله بعد هذا مجداً عظيماً، فى سحق الأعداء بشكل لم يتخيله شعب الله، فثبت إيمانهم.
ع2: طم : سد وردم.
عندما رأى حزقيا الملك نية سنحاريب أن يهاجم أورشليم، تشاور مع رؤسائه، أى مستشاريه، الذين يقودون الشعب، وهذا يبين اهتمام حزقيا وتقديره لآراء من حوله، فهو ليس مستبداً. وبعد التشاور أتفقوا على استعدادات لمواجهة سنحاريب؛ أولها طم عيون الماء، التى حول أورشليم؛ حتى لا يجد الأعداء ماء ليشربوا، فينسحبوا من محاصرة أورشليم لعطشهم. أما أورشليم فكان داخلها عيون ماء تغذيها، وبالتالى لا تتعرض للعطش إذا حوصرت، خاصة وأن حزقيا طم العين الرئيسية التى تغذى أورشليم وحول مجراها من تحت الأرض إلى داخل المدينة (ع30).
ع4: تحمس عدد كبير من رجال يهوذا وأسرعوا يردمون عيون الماء، المحيطة بأورشليم وكذا كان هناك نهر صغير بجوار أورشليم، غالباً كان يمتلئ بمياه الأمطار ولم يعد له وجود حالياً، فردموه أيضاً؛ حتى عندما تأتى جيوش أشور لمحاصرة أورشليم لا يجدوا ماءً ويضطرون للانسحاب لعطشهم. وهنا نجد اهتمام الشعب بالدفاع عن بلادهم واعتمادهم على الله، فتقدموا بشجاعة، غير خائفين من قوات أشور القادمة عليهم.
وطم المياه يرمز إلى عدم تسليم إمكانياتنا للشيطان؛ ليستخدمها لإهلاكنا.
ع5: اكمالاً للاستعدادات الحربية، بنى حزقيا الأجزاء المنهدمة من سور أورشليم، وارتفع بها، حتى وصلت إلى الأبراج المبنية على السور.
وبنى أيضا سوراً آخراً حول أورشليم؛ لتحصينها ولعرقلة وصول الأعداء إليها.
وحصن أيضاً القلعة، التى هى جزء من أورشليم وتسمى مدينة داود، أو مدينة صهيون، أو الأكمة، وهى قلعة حصينة يصعب اقتحامها، ويمكن مهاجمة الأعداء منها إذا حاولوا اقتحام أورشليم. وهيأ أيضاً حزقيا أسلحة كثيرة دفاعية، مثل الأتراس، وأسلحة هجومية أيضاً.
وهذا يبين أمانة حزقيا وشعبه، إذ عملوا كل ما فى وسعهم للدفاع عن أورشليم المدينة المقدسة.
وترمز هذه التحصينات إلى أهمية أن يسلح الإنسان الروحى نفسه بالأسلحة الروحية، التى تعتبر كسور يحميه من هجمات العدو؛ وهى صلواته وقراءاته وأصوامه وكل وسائط النعمة.
ع6-8: بعد هذه الاستعدادات عمل حزقيا أهم شئ وهو تثبيت إيمان جنوده وتشجيعهم، إذ جمع رؤساء جيوشه فى ساحة أورشليم وشجعهم بأن الله الذى معهم أقوى من أى عدو، حتى لا ينزعجوا من كثرة، أو قوة أشور؛ لأن الله أقوى من قوة البشر، وهو بهذا يتكلم مثل أليشع، الذى شجع غلامه بقوله “الذى معنا أكثر من الذين معهم” (2مل6: 16)، فصدق الشعب كلام حزقيا وثبت إيمانهم وتشددوا واستعدوا للحرب.
? كن واثقاً أن الله الذى معك أقوى من كل قوى العالم، فلا تضطرب من تقلبات العالم، أو شر المحيطين بك، فالله قادر أن ينجيك من مؤامراتهم، تمسك به فى صلوات كثيرة، وأعمل واجباتك بأمانة واطمئن، فهو يحميك من كل شر.
(2) تهديدات سنحاريب (ع9-19):
9- بعد هذا ارسل سنحاريب ملك اشور عبيده الى اورشليم و هو على لخيش و كل سلطنته معه الى حزقيا ملك يهوذا و الى كل يهوذا الذين في اورشليم يقولون. 10- هكذا يقول سنحاريب ملك اشور على ماذا تتكلون و تقيمون في الحصار في اورشليم. 11- اليس حزقيا يغويكم ليدفعكم للموت بالجوع و العطش قائلا الرب الهنا ينقذنا من يد ملك اشور.12- اليس حزقيا هو الذي ازال مرتفعاته و مذابحه و كلم يهوذا و اورشليم قائلا امام مذبح واحد تسجدون و عليه توقدون.
13- اما تعلمون ما فعلته انا و ابائي بجميع شعوب الاراضي فهل قدرت الهة امم الاراضي ان تنقذ ارضها من يدي. 14- من من جميع الهة هؤلاء الامم الذين حرمهم ابائي استطاع ان ينقذ شعبه من يدي حتى يستطيع الهكم ان ينقذكم من يدي. 15- و الان لا يخدعنكم حزقيا و لا يغوينكم هكذا ولا تصدقوه لانه لم يقدر اله امة او مملكة ان ينقذ شعبه من يدي و يد ابائي فكم بالحري الهكم لا ينقذكم من يدي. 16- و تكلم عبيده اكثر ضد الرب الاله و ضد حزقيا عبده. 17- و كتب رسائل لتعيير الرب اله اسرائيل و للتكلم ضده قائلا كما ان الهة امم الاراضي لم تنقذ شعوبها من يدي كذلك لا ينقذ اله حزقيا شعبه من يدي. 18- و صرخوا بصوت عظيم باليهودي الى شعب اورشليم الذين على السور لتخويفهم و ترويعهم لكي ياخذوا المدينة. 19- و تكلموا على اله اورشليم كما على الهة شعوب الارض صنعة ايدي الناس.
ذكر معنى هذه الآيات ولكن ليس نصها وشرحت فى (2مل: 18)، من أجل هذا سنشرح هذه الآيات لاختلاف بعض المعانى.
ع9: لخيش : مدينة محصنة فى مملكة يهوذا، تقع غرب حبرون، على بعد خمسة عشر ميلاً.
استولى سنحاريب ملك أشور على مدينة كبيرة فى يهوذا تسمى لخيش، ثم أرسل جيوشه إلى أورشليم؛ ليحاصرها ويستولى عليها. وأرسل سنحاريب على يد عبيده رسائل تهديد إلى الشعب، الساكن فى أورشليم والواقف على أسوارها.
ع10، 11: أرسل سنحاريب تهديداً بصيغة التعجب لسكان أورشليم؛ لأنهم يتحصنون داخل أورشليم، معلناً لهم بطلان اتكالهم على كلام حزقيا ملكهم، الذى يقول لهم إن إلههم سيحميهم من أشور. واتهم سنحاريب حزقيا بأنه يخدع شعبه ويعرضهم للموت جوعاً وعطشاً فى أورشليم، التى يحاصرها الأشوريون وسيستولون عليها.
ع12: ولعدم فهم سنحاريب قال للشعب إن حزقيا قد هدم مذابح إلهه، ودعا شعبه للذبح والعبادة أمام مذبح واحد، الذى هو فى بيت الرب. وبالطبع فإن سنحاريب لا يفهم الفرق بين الله والآلهة الوثنية، ويظن أن هدم مذابح الأوثان هو هدم لمذابح الله.
ع13-15: بكبرياء تكلم سنحاريب، معلناً أنه هو وآباؤه قد استولوا على كل بلاد العالم، التى ذهبوا إليها ولم تستطع آلهتهم أن تحميهم من أشور، وبالتالى لن يستطع إله بنى إسرائيل أن يحميهم من يد أشور. وكلام حزقيا هو مجرد خداع لشعبه، أى أن سنحاريب يؤكد حقيقة قوته الساحقة لكل البلاد، مهما كانت قوة آلهتها.
وهذا يبين جهل سنحاريب؛ لأن كل الآلهة الوثنية شياطين وليس لها قيمة أمام قوة الله، الإله الحقيقى وحده، إله إسرائيل.
? لا تنزعج من منطق البشر الضعيف الذى حولك واعتمادهم على قوتهم، فهى لا شئ أمام قوة إلهك. تحصن به وأطلب معونته واسلك باستقامة أمامه، وثق أنه يحميك وينجيك.
ع16-19: تجرأ عبيد سنحاريب وتكلموا بوقاحة على الله وعلى حزقيا، أكثر مما تكلم ملكهم. وأرسل سنحاريب رسائل تهديد يعير فيها الله وحزقيا الملك، مؤكداً قوته الساحقة، التى ستسحق أورشليم.
وصرخ عبيد سنحاريب بأصوات عالية باللغة اليهودية، التى يفهمها شعب الله؛ لتخويفهم، حتى يخضعوا ويستسلموا مثل باقى البلاد، التى استسلمت لأشور، معتبرين أن إله إسرائيل مجرد إله، مثل باقى آلهة الأمم الوثنية.
وإساءة الأعداء بالكلام على حزقيا، كما تكلموا على الله، هو شرف عظيم لحزقيا أن اسمه ارتبط بالله،ويؤكد صلاحه؛ لذا لاتنزعج إن أساء إليك أهل العالم لأنك متمسك بالله ووصاياه وتعاليم الكنيسة.
(3) استجابة الله لصلاة حزقيا (ع20-23):
20- فصلى حزقيا الملك و اشعياء بن اموص النبي لذلك و صرخا الى السماء. 21- فارسل الرب ملاكا فاباد كل جبار باس و رئيس و قائد في محلة ملك اشور فرجع بخزي الوجه الى ارضه و لما دخل بيت الهه قتله هناك بالسيف الذين خرجوا من احشائه. 22- و خلص الرب حزقيا و سكان اورشليم من سنحاريب ملك اشور و من يد الجميع و حماهم من كل ناحية. 23- و كان كثيرون ياتون بتقدمات الرب الى اورشليم و تحف لحزقيا ملك يهوذا و اعتبر في اعين جميع الامم بعد ذلك.
ع20: ذكرت صلاة حزقيا واستجابتها بالتفصيل فى (2مل19: 14-36) وتم شرحها، أما هنا، فيشير الكاتب إليها باختصار، ويوضح كيف اتحدت صلاة حزقيا الملك مع أشعياء النبى وارتفعت إلى السماء؛ ليخلص الله شعبه من أشور. وهذا يبين الأصدقاء الحقيقيين، الذين يظهرون وقت الشدة، فأشعياء كان المساند لحزقيا فى صلاته واستجاب الله لهما وأنقذ شعبه، كما يظهر فى الآيات التالية.
? كن مدققاً فى اختيار أصدقائك؛ لأن الأصدقاء الروحيين والمخلصين، هم الذين يبقون معك وسط الضيقة فتطمئن فى صداقتك لهم. وما أحلى أن تصادق القديسين قبل البشر، فيساعدوك فى علاقتك مع الله وينجدونك وقت الشدة.
ع21: استجاب الله لصلاة حزقيا وأشعياء، وأرسل ملاكه، فقتل جبابرة جيش أشور. ويخبرنا سفر الملوك أن عدد المقتولين كان مئة وخمس وثمانين ألفاً، أى أبادهم إبادة ساحقة؛ حتى هرب سنحاريب الملك إلى بلاده وترك محاصرة أورشليم ودخل معبد إلهه؛ ليستنجد به، فهجم عليه ابناه الخارجان من أحشائه وقتلاه، واستولى ابن ثالث له وهو أسر حدون على العرش.
وهكذا يظهر استهزاء الله بقوة الأعداء، فقد أباد الجيش الجبار، الذى اكتسح العالم كله ولكنه لا يستطع أن يؤذى أولاد الله، بل مد الله يده وقتل المتميزين فى جيش سنحاريب، فقتل كل جبار بأس وكل رئيس وكل قائد، حتى أن الجنود الباقين لم يعد لهم قيمة ولا يستطيعوا مواصلة محاصرة أورشليم.
وشعر سنحاريب بضعفه، إذ قتل كل معاونيه، فهرب لئلا يقتله الملاك. ولكن الله سمح أن يقتل مقتلاً شنيعاً وهو فى حماية آلهته الوثنية وبيد أولاده؛ ليكون عبرة أمام كل الأمم؛ حتى لا يحاول عدو مهاجمة شعب الله؛ لأن إلههم أقوى من كل الآلهة.
ع22: بإبادة جيش أشور خلص الله شعبه ومدينته المقدسة أورشليم، وصار رعب شعب الله على كل الأمم المحيطة به وبالتالى صاروا فى حصانة وفى حماية الله.
- ب
ع23: شعرت الأمم المحيطة بمملكة يهوذا بعظمة حزقيا الملك وقوة إلهه، فحاولوا استرضاء حزقيا بتقديم هدايا وتحف ثمينة، فتعاظم جداً.
(4) شفاء حزقيا وإنشاءاته، ثم موته (ع24-33):
24- في تلك الايام مرض حزقيا الى حد الموت و صلى الى الرب فكلمه و اعطاه علامة.
25- و لكن لم يرد حزقيا حسبما انعم عليه لان قلبه ارتفع فكان غضب عليه و على يهوذا واورشليم. 26- ثم تواضع حزقيا بسبب ارتفاع قلبه هو و سكان اورشليم فلم يات عليهم غضب الرب في ايام حزقيا. 27- و كان لحزقيا غنى و كرامة كثيرة جدا و عمل لنفسه خزائن للفضة والذهب و الحجارة الكريمة و الاطياب و الاتراس و كل انية ثمينة. 28- و مخازن لغلة الحنطة والمسطار و الزيت و اواري لكل انواع البهائم و للقطعان اواري. 29- و عمل لنفسه ابراجا ومواشي غنم و بقر بكثرة لان الله اعطاه اموالا كثيرة جدا. 30- و حزقيا هذا سد مخرج مياه جيحون الاعلى و اجراها تحت الارض الى الجهة الغربية من مدينة داود و افلح حزقيا في كل عمله. 31- و هكذا في امر تراجم رؤساء بابل الذين ارسلوا اليه ليسالوا عن الاعجوبة التي كانت في الارض تركه الله ليجربه ليعلم كل ما في قلبه. 32- و بقية امور حزقيا و مراحمه ها هي مكتوبة في رؤيا اشعياء بن اموص النبي في سفر ملوك يهوذا و اسرائيل. 33- ثم اضطجع حزقيا مع ابائه فدفنوه في عقبة قبور بني داود و عمل له اكراما عند موته كل يهوذا و سكان اورشليم و ملك منسى ابنه عوضا عنه
ع24-26: ذكرت أحداث مرض حزقيا وشفاءه وكبرياءه بالتفصيل وشرحت فى (2مل20: 1-19) وذكرت أيضاً فى (أش38، 39).
وهنا يتكلم باختصار عن مرض حزقيا، حتى قارب الموت، ثم صلى، فشفاه الله وأعطاه علامة، وهى رجوع الظل عشرة درجات. وعندما حضر وفد من بابل تكبر وأراهم عظمته وذخائره ولم يشكر الله، الذى أنعم عليه بهذا الشفاء المعجزى، بل انشغل بعظمته أمام الناس، فكان قرار الله – على فم أشعياء – بأن تحمل كل هذه الذخائر إلى بابل، ومن بنيه يؤخذ عبيد عند ملك بابل، ولكن لا يكون فى أيام حزقيا، فتواضع الملك وكل سكان أورشليم وتابوا أمام الله. وقد حدث عقاب الله فى هذا السبى البابلى، الذى كان سببه المباشر هو ابتعاد الملوك والشعب عن الله أيام السبى ورفض التوبة، بعكس حزقيا الصالح، الذى عندما أخطأ تواضع وتاب وتأثر به شعبه، فتواضعوا وتابوا مثله.
وتظهر محبة الله لحزقيا فى أنه سمح له أن ينسحق ويشعر بضعفه الشديد أمام قوة أشور، ثم ينسحق تماماً، عندما أقبل عليه الموت، حتى يصل إلى الموت عن العالم وإخلاء المشيئة ولا يكون له رجاء إلا الله، فصلى فى المرتين صلاة عميقة، وهنا تمتع بسماع صوت الله، الذى كلمه على فم أشعياء؛ فاختباره لسماع الله جاء عندما انسحق تماماً. ولا سبيل للتمتع بالله إلا بالتغرب عن العالم والارتفاع فوق مادياته وقطع كل الشهوات.
ع27-29: أوارى : معالف للماشية يأكلون فيها، أى حظائر.
بارك الله حزقيا من أجل صلاحه، الذى ذكر فى (ص29-32)، فأعطاه غنى كثير، حتى أنه عمل خزائن للفضة والذهب والأحجار الكريمة وكذلك خزائن للأطياب والأوانى الثمينة، بالإضافة إلى مخازن للأسلحة، مثل الأتراس. وعمل أيضاً مخازن للغلال مثل القمح ومخازن أيضاً لتخزين الخمر الناتج من الكروم الكثيرة، التى امتلكها، ومخازن أخرى لتخزين الزيت.
وأعطاه الله أيضاً ماشية كثيرة، فعمل حظائراً للبقر والأغنام وكل أنواع البهائم وعمل أبراجاً وسط هذه الحظائر لرعايتها.
ولكن للأسف كثرة الغنى ساعدت حزقيا على الكبرياء، فغضب عليه الله، مع أنه فى بداية ملكه، عندما كان فقيراً ظهر صلاحه المتميز.
? بركات الله تظهر محبته لمن يتقيه وهى بأشكال مادية ولكن عندما ينضج الإنسان روحياً يعطيه ما هو أعظم، أى البركات الروحية، فيشعر بالله معه ويتمتع بعشرته. كن مستقيماً وتمسك بوصايا الله، فتتمتع ببركات كل أيامك.
ع30: جيحون : عين ماء رئيسية تغذى أورشليم وتقع فى وادى قدرون، شرق أورشليم وجنوب الهيكل وفيها، وهى أعلى من عين أخرى سفلية فى نفس المكان.
من أهم الأعمال التى قام بها حزقيا توفير المياه لسكان أورشليم، وذلك بعمل قناة سفلية تحت الأرض، أى نفق يخرج من عين جيحون العلوية ويدخل إلى داخل أورشليم. وبارك الله فى هذا العمل، الذى جعل من الصعب محاصرة أورشليم وتعريض سكانها للعطش. وبارك الله أيضاً فى أعمال حزقيا؛ لأجل تقواه وصلاحه.
وهذه القناة السفلية، التى تجرى فيه الماء تحت الأرض، ترمز لعمل الروح القدس الخفى داخل القلب؛ ليرويه ويشبعه.
ع31: تراجم : جمع ترجمان والمقصود رسول يعرف أكثر من لغة، ويقصد هنا رسل بابل، الذين يعرفون اللغة البابلية واليهودية.
تعرض حزقيا لتجربتين هما، هجوم جيش الأشوريين، ثم تجربة مرضه ومواجهته للموت. وفى التجربتين التجأ إلى الله، فأنقذه من يد أشور، بإرسال الملاك، الذى قتل جبابرة جيش أشور. وفى مرض الموت شفاه وأعطاه أعجوبة واضحة فى الأرض كلها، وهى تراجع الظل عشرة درجات.
ولكنه تعرض لتجربة ثالثة هى امتحان من الله، إذ جاء إليه رسل من بابل، عندما رأوا أعجوبة تراجع الظل؛ ليهنئوه على شفائه، فسقط حزقيا فى التجربة وتكبر وأظهر لهم غناه وأراهم ذخائره ونفائسه التى تظهر عظمته، ولم يلتجئ إلى الله بالصلاة قبل أن يريهم ما عنده، ولكنه عاد فتاب، بعد أن وبخه أشعياء النبى، وأعلن عقاب الله له بسبب كبريائه، فلما تاب جعل الله هذا العقاب يتم بعد حياته، أى فى أيام نسله، الذين ابتعدوا عن الله، فحلت بهم نكبة السبى البابلى.
نلاحظ أن سفر أخبار الأيام هنا يركز على صلاح حزقيا وأعماله العظيمة وليس خطاياه؛ لأنه يظهر ملوك يهوذا الصالحين كرموز للمسيح.
ع32: مراحمه : حسناته وأعماله الصالحة.
تفاصيل حياة حزقيا الملك وأعماله الصالحة ليست مكتوبة فى الكتاب المقدس ولكنها مذكورة فى كتاب يسمى رؤيا أشعياء النبى، وهو ضمن مجموعة كتب تسمى سفر ملوك يهوذا وإسرائيل وهى كتب تاريخية وليست جزءاً من الكتاب المقدس.
ع33: عقبة قبور بنى داود : افضل وأعظم مكان فى هذه القبور.
بعد ذلك مات حزقيا، فدفنوه فى أعظم مكان بين قبور مدينة داود. وحزن عليه شعب أورشليم ومملكة يهوذا وعملوا له إكرامات كثيرة؛ لعلها مناحة ومراثى وحريقة كبيرة، كما تعودوا قديماً، ثم ملك ابنه منسى عوضاً عنه.
ملحوظة : أنظر حياة حزقيا آخر الكتاب.