سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي-اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ

يوشيا الملك الصالح

(1)  تملك يوشيا (ع1، 2):

1- كان يوشيا ابن ثماني سنين حين ملك و ملك احدى و ثلاثين سنة في اورشليم. 2- و عمل المستقيم في عيني الرب و سار في طرق داود ابيه و لم يحد يمينا و لا شمالا.

ذكرت هذه الآيات فى (2مل22: 1، 2) وقد شرحت فى الموسوعة وتحوى بداية تملك يوشيا ومدة تملكه واستقامته فى عبادة الرب كل أيامه، حتى وصفه الكتاب المقدس هنا أنه “سار فى طرق داود أبيه ولم يحد يميناً ولا شمالاً (ع2) وهذا الوصف لم يوصف به أحد من الملوك الصالحين إلا يهوشافاط وحزقيا (ص17: 3، 29: 2).

? اهتم أن تقرأ الكتاب المقدس كل يوم لتسير فى وصايا الله كل أيامك، فتسلك باستقامة ويكون لك مكانك العظيم فى ملكوت السموات.

(2)  إزالة العبادة الوثنية (ع3-7):

3- و في السنة الثامنة من ملكه اذ كان بعد فتى ابتدا يطلب اله داود ابيه و في السنة الثانية عشرة ابتدا يطهر يهوذا و اورشليم من المرتفعات و السواري و التماثيل و المسبوكات. 4- و هدموا امامه مذابح البعليم و تماثيل الشمس التي عليها من فوق قطعها و كسر السواري و التماثيل و المسبوكات و دقها و رشها على قبور الذين ذبحوا لها. 5- و احرق عظام الكهنة على مذابحهم و طهر يهوذا و اورشليم. 6- و في مدن منسى و افرايم و شمعون حتى و نفتالي مع خرائبها حولها. 7- هدم المذابح و السواري و دق التماثيل ناعما و قطع جميع تماثيل الشمس في كل ارض اسرائيل ثم رجع الى اورشليم.

ع3، 4: البعليم : أى مذابح البعل وهو إله وثنى مشهور.

السوارى : جمع سارية وهى عمود خشبى يقام لعبادة الآلهة الغريبة، التى أعتقدوا أنها فى السماء.

المسبوكات : التماثيل التى سبكوها للآلهة الوثنية أى الأصنام التى صنعوها من المعادن المختلفة.

تملك يوشيا ثمانى سنوات فلما صار فتى بعد ثمانى سنوات أى وصل عمره إلى ستة عشر عاماً وعمره ستة عشر عاماً، ظهر اهتمامه بعبادة الله، فارتبط به بكل قلبه، ثم بعد اثنى عشر عاماً من اعتلائه للعرش، صار عمره عشرون عاماً. بدأ إصلاحاته، فاهتم أولاً بإزالة آثار العبادة الوثنية من أورشليم وكل اليهودية، سواء الأصنام، أو السوارى التى عملوها لعبادة الآلهة الغريبة وكذلك مذابح البعليم التى بنيت على المرتفعات لعبادة الأوثان، فحطم كل ما يتعلق بالآلهة الغريبة، مثل تماثيل الشمس التى صنعت لعبادة الشمس، بل ودقها، ثم نثرها على قبور الأشرار، الذين عبدوا هذه الأوثان.

ونلاحظ هنا اهتمام يوشيا بعبادة الله وإزالة العبادة الوثنية مبكراً، منذ كان عمره ستة عشر عاماً، ولعله استفاد من أخطاء أبوه وجده؛ لأن أبوه آمون مات صغيراً ولم يتب عن خطاياه ومات وعمره وعمره أربع وعشرين عاماً، أما جده منسى فقد تاب فى أواخر أيامه وعمره كان قد قارب الستين.

ع5: أراد يوشيا أن ينجس المذابح الوثنية، فأحرق عليها عظام كهنة الأوثان، حتى لا يستطيع أحد أن يستخدمها هى، أو حطامها، وبهذا طهر أورشليم من كل آثار العبادة الوثنية، فهذا أول ملك يزيل المذابح من على المرتفعات؛ لأن الملوك الصالحين الذين سبقوه من أول سليمان وحتى يوشيا لم يزيلوا المذابح الوثنية التى على المرتفعات، بل جعلوها للرب ولكن عاد الملوك الأشرار وقدموا عليها ذبائح للأوثان؛ لذا اهتم يوشيا أن يزيل وينجس هذه المذابح التى على المرتفعات حتى لا تكون هناك آثار تساعد الأشرار على العبادة فوق المرتفعات. وإن كان الملوك التاليين ليوشيا، أى أولاده قد عادوا وعبدوا الأوثان وابتعدوا عن الله.

وبهذا تمت نبوة رجل الله التى قالها منذ حوالى ثلاثمائة عام أيام يربعام أول ملوك إسرائيل، أنه سيأتى ملك إسمه يوشيا ويحطم المذابح الوثنية (1مل13: 2). وقد كان الشعب الذى انغمس فى عبادة الأوثان قد نسى نبوات الله ولكن كلام الله لا يزول.

ع6، 7: لم يكتف يوشيا بتطهير مملكته، أى أورشليم واليهودية، بل تحرك ليزيل العبادة الوثنية فى الأسباط الأخرى مثل منسى وأفرايم وشمعون ونفتالى بل كل الخرائب المحيطة بالمدن التى أقيمت فيها العبادة الوثنية، فلم تعد هذه الأسباط مملكة مستقلة؛ لأن مملكة آشور أستولت عليها فانتهز يوشيا هذه الفرصة وتقدم بشجاعة ليطهر إخوته الذين فى باقى الأسباط من التعلق بالأوثان، ليعيدهم إلى عبادة الرب. وهذا يبين مدى غيرته للرب ومحبته لكل اليهود؛ حتى الذين زاغوا وابتعدوا مؤقتاً عن عبادة الله حاول يوشيا إعادتهم؛ ليكونوا شعباً واحداً يؤمن بالله ويرفض عبادة الأصنام.

وكان مدققاً فى إزالة كل ما يتعلق بالأوثان، سواء المذابح أو السوارى، أو التماثيل مثل تماثيل الشمس، بل دقها حتى لا تصلح لاستخدام أى جزء منها بعد ذلك للعبادة الشريرة.

وبعد أن أكمل تطهير الاسباط الذين كان يطلق عليهم مملكة إسرائيل عاد بفرح إلى عاصمته المدينة المقدسة أورشليم.

? كن مدققاً فى إزالة كل آثار الخطية من بيتك واترك أيضاً بحده كل فكر ردئ وكل ما يمكن أن يعيدك إلى الشر. وإذ يرى الله اهتمامك يبعد عنك خطاياك ويمتعك بعشرته.

(3)  ترميم الهيكل (ع8-13):

8- و في السنة الثامنة عشرة من ملكه بعد ان طهر الارض و البيت ارسل شافان بن اصليا ومعسيا رئيس المدينة و يواخ بن يواحاز المسجل لاجل ترميم بيت الرب الهه. 9- فجاءوا الى حلقيا الكاهن العظيم و اعطوه الفضة المدخلة الى بيت الله التي جمعها اللاويون حارسوا الباب من منسى وافرايم و من كل بقية اسرائيل و من كل يهوذا و بنيامين ثم رجعوا الى اورشليم. 10- و دفعوها لايدي عاملي الشغل الموكلين في بيت الرب فدفعوها لعاملي الشغل الذين كانوا يعملون في بيت الرب لاجل اصلاح البيت و ترميمه. 11- و اعطوها للنجارين و البنائين ليشتروا حجارة منحوتة و اخشابا للوصل و لاجل تسقيف البيوت التي اخربها ملوك يهوذا. 12- و كان الرجال يعملون العمل بامانة وعليهم وكلاء يحث و عوبديا اللاويان من بني مراري و زكريا و مشلام من بني القهاتيين لاجل المناظرة و من اللاويين كل ماهر بالات الغناء. 13- و كانوا على الحمال و وكلاء على كل عامل شغل في خدمة فخدمة و كان من اللاويين كتاب و عرفاء و بوابون.

ذكرت هذه الآيات فى (2مل22: 3-7) وشرحت ولكن هنا توجد بعض الإضافات فهو يحدثنا عن اهتمام يوشيا بترميم بيت الرب، فيذكر هنا مع شافان معسيا رئيس المدينة ويوآخ بن يواحاز المسجل (ع8) وهذا يبين اهتمام يوشيا، إذ أرسل مشيريه الثلاثة الكبار.

ويذكر هنا أن جمع الفضة التى سيرمم بها بيت الرب كان من كل أسباط إسرائيل (ع9) لينال الكل بركة العطاء لبيت الرب.

ويذكر تفاصيل أعمال النجارين والنحاتين مثل أخشاب الوصل وتسقيف البيوت التى داخل بيت الرب (ع11). وهذه كان قد أخربها ملوك يهوذا السابقين لانشغالهم عن عبادة الله بعبادة الأوثان.

ويوضح هنا أيضاً الوكلاء المسئولين عن العمال العاملين فى بيت الرب وهم يحث وعوبديا اللاويان من بنى مرارى وزكريا ومشلام من بنى القهاتيين، بالإضافة إلى خدمة التسبيح التى قام بها اللاويون أثناء العمل، تسبيحاً لله وتشجيعاً للعمال (ع12).

كان الوكلاء المذكورين فى (ع12) يشرفون على كل العمال، سواء الذين يحملون أدوات البناء، أو كل من يعمل فى أحد الأشغال المتصلة بترميم بيت الله (ع13).

وبدأ اللاويون بخدمة بيت الرب وأعماله المختلفة، فبعضهم قاموا بعمل الكتابة والتسجيلات لكل ما يتصل بالخدمة. وبعض اللاويون قاموا بأعمالهم كعرفاء أى ضباط وعساكر لتنظيم البيت. وأيضاً قام جزء آخر من اللاويين بحراسة الأبواب، أى بدأ الاهتمام ببيت الرب وأقام اللاويون فى اعمالهم (ع13).

? إن الحماس يزداد عندما يتشجع الإنسان بمن حوله، فما أحلى أن يجتمع الإخوة معاً؛ لذا فكن حريصاً على الوجود فى الجو الكنسى؛ لتتشجع وتنمو فى علاقتك مع الله.

(4)  سفر الشريعة ونبوة خلدة (ع14-32):

14- و عند اخراجهم الفضة المدخلة الى بيت الرب وجد حلقيا الكاهن سفر شريعة الرب بيد موسى. 15- فاجاب حلقيا و قال لشافان الكاتب قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب و سلم حلقيا السفر الى شافان. 16- فجاء شافان بالسفر الى الملك و رد الى الملك جوابا قائلا كل ما اسلم ليد عبيدك هم يفعلونه. 17- و قد افرغوا الفضة الموجودة في بيت الرب و دفعوها ليد الوكلاء و يد عاملي الشغل. 18- و اخبر شافان الكاتب الملك قائلا قد اعطاني حلقيا الكاهن سفرا و قرا فيه شافان امام الملك. 19- فلما سمع الملك كلام الشريعة مزق ثيابه. 20- و امر الملك حلقيا و اخيقام بن شافان و عبدون بن ميخا و شافان الكاتب و عسايا عبد الملك قائلا. 21- اذهبوا اسالوا الرب من اجلي و من اجل من بقي من اسرائيل و يهوذا عن كلام السفر الذي وجد لانه عظيم غضب الرب الذي انسكب علينا من اجل ان ابائنا لم يحفظوا كلام الرب ليعملوا حسب كل ما هو مكتوب في هذا السفر. 22- فذهب حلقيا و الذين امرهم الملك الى خلدة النبية امراة شلوم بن توقهة بن حسرة حارس الثياب و هي ساكنة في اورشليم في القسم الثاني و كلموها هكذا. 23- فقالت لهم هكذا قال الرب اله اسرائيل قولوا للرجل الذي ارسلكم الي. 24- هكذا قال الرب هانذا جالب شرا على هذا الموضع و على سكانه جميع اللعنات المكتوبة في السفر الذي قراوه امام ملك يهوذا.
25- من اجل انهم تركوني و اوقدوا لالهة اخرى لكي يغيظوني بكل اعمال ايديهم و ينسكب غضبي على هذا الموضع و لا ينطفئ. 26- و اما ملك يهوذا الذي ارسلكم لتسالوا من الرب فهكذا تقولون له هكذا قال الرب اله اسرائيل من جهة الكلام الذي سمعت. 27- من اجل انه قد رق قلبك وتواضعت امام الله حين سمعت كلامه على هذا الموضع و على سكانه و تواضعت امامي و مزقت ثيابك و بكيت امامي يقول الرب قد سمعت انا ايضا. 28- هانذا اضمك الى ابائك فتضم الى قبرك بسلام و كل الشر الذي اجلبه على هذا الموضع و على سكانه لا ترى عيناك فردوا على الملك الجواب.29- و ارسل الملك و جمع كل شيوخ يهوذا و اورشليم. 30- و صعد الملك الى بيت الرب مع كل رجال يهوذا و سكان اورشليم و الكهنة و اللاويين و كل الشعب من الكبير الى الصغير و قرا في اذانهم كل كلام سفر العهد الذي وجد في بيت الرب. 31- و وقف الملك على منبره و قطع عهدا امام الرب للذهاب وراء الرب و لحفظ وصاياه و شهاداته و فرائضه بكل قلبه و كل نفسه ليعمل كلام العهد المكتوب في هذا السفر. 32- و اوقف كل الموجودين في اورشليم و بنيامين فعمل سكان اورشليم حسب عهد الله اله ابائهم.

ذكرت هذه الآيات وشرحت فى (2مل22: 8-20، 23: 1-3). ونرى فيها العثور على نسخة من شريعة الله أثناء ترميم البيت ولما قرأها يوشيا تأثر جداً ومزق ثيابه ندماً أمام الله عن خطايا آبائه وأتضع وسأل الله، فأجابت خلدة النبية بأن الله سيجلب الشر على أورشليم واليهودية، نتيجة خطايا سكانها لكنه سيؤجل هذا الخراب، فلن يحدث أيام يوشيا؛ لأجل اتضاعه وصلاحه.

واهتم يوشيا بقراءة سفر الشريعة على الشعب؛ ليتوبوا ويثبتوا فى عبادة الله.

? ليتك تنتظر رسالة من الله كل يوم عندما تقرأ الكتاب المقدس؛ لتطبقها فى حياتك وتتوب عن خطاياك وتحيا لله، فيحفظك من كل شر؛ بل ويعطيك أيضاً مكاناً عظيماً فى السماء.

(5)  أورشليم تعبد الرب (ع33):

33- و ازال يوشيا جميع الرجاسات من كل الاراضي التي لبني اسرائيل و جعل جميع الموجودين في اورشليم يعبدون الرب الههم كل ايامه لم يحيدوا من وراء الرب اله ابائهم

يلخص هنا أعمال يوشيا المذكورة فى هذا الاصحاح، وهى :

1. إزالة العبادة الوثنية من اليهودية وكل أرض إسرائيل، حيث تسكن الأسباط.
2. قيادة الشعب كله فى أورشليم لعبادة الله.
3. رعايته لشعبه فى عبادة الله فاستمر الشعب فى أورشليم يعبد الله طوال حياة يوشيا.

? إهتم برعاية أحبائك المحيطين بك؛ لتربطهم بالكنيسة والأسرار المقدسة وتشجعهم فى علاقتهم بالله طوال حياتك.