الأربعة ملوك الأخيرين على مملكة يهوذا
(1) تملك يهوآحاز ويهوياقيم ويهوياكين على يهوذا (ع1-10):
1- و اخذ شعب الارض يهواحاز بن يوشيا و ملكوه عوضا عن ابيه في اورشليم. 2- و كان يواحاز ابن ثلاث و عشرين سنة حين ملك و ملك ثلاثة اشهر في اورشليم. 3- و عزله ملك مصر في اورشليم و غرم الارض بمئة وزنة من الفضة و بوزنة من الذهب. 4- و ملك ملك مصر الياقيم اخاه على يهوذا و اورشليم و غير اسمه الى يهوياقيم و اما يواحاز اخوه فاخذه نخو و اتى به الى مصر.
5- كان يهوياقيم ابن خمس و عشرين سنة حين ملك و ملك احدى عشر سنة في اورشليم و عمل الشر في عيني الرب الهه. 6- عليه صعد نبوخذناصر ملك بابل و قيده بسلاسل نحاس ليذهب به الى بابل. 7- و اتى نبوخذناصر ببعض انية بيت الرب الى بابل و جعلها في هيكله في بابل. 8- و بقية امور يهوياقيم و رجاساته التي عمل و ما وجد فيه ها هي مكتوبة في سفر ملوك اسرائيل و يهوذا وملك يهوياكين ابنه عوضا عنه.9- كان يهوياكين ابن ثماني سنين حين ملك و ملك ثلاثة اشهر وعشرة ايام في اورشليم و عمل الشر في عيني الرب. 10- و عند رجوع السنة ارسل الملك نبوخذناصر فاتى به الى بابل مع انية بيت الرب الثمينة و ملك صدقيا اخاه على يهوذا و اورشليم.
ذكرت هذه الآيات وشرحت فى (2مل23: 31-37، 24: 5-9).
ونرى فيها تملك يهوآحاز بعد أبيه يوشيا لمدة قصيرة وهى ثلاثة أشهر عمل فيها الشر، ثم عزله نخو ملك مصر عن عرشه فى أورشليم، وأسره، وأرسله إلى مصر. وعين أخيه ألياقيم ملكاً بدلاً منه وغير اسمه إلى يهوياقيم؛ كل ذلك ليظهر ملك مصر سلطانه وسيطرته على يهوذا.
لما تملك يهوياقيم عمل الشر فى عينى الرب وظل على العرش إحدى عشر عاماً، وإذ تمرد على ملك بابل قبض عليه؛ ليأخذه أسيراً إلى بابل، وغالباً عدل عن رأيه فقتله وألقى جثته وأخذ جزءً من آنية بيت الرب وبعض السبايا ونقلهم إلى بابل.
بعد موت يهوياقيم، تملك ابنه يهوياكين، وعمل الشر فى عينى الرب، فقبض عليه نبوخذنصر ملك بابل، بعد حوالى ثلاثة أشهر من تملكه، وأخذه أسيراً وسجنه فى بابل، وأخذ معه الجزء الأكبر من آنية بيت الرب الثمينة وسبايا كثيرين إلى بابل. ثم ملك صدقيا عمه، ويقول هنا أخاه فى (ع10)؛ إذ أحياناً يدعى العم أخ، كما فى حالة إبراهيم ولوط، فقد كان إبراهيم عم لوط وخاطبه أخى (تك13: 8).
? تهاون الملوك الأشرار وأدخلوا عبادة الأوثان إلى الهيكل وأورشليم، فنزع الله آنية الهيكل الثمينة، إذ اغتصبها ملك بابل. فلا تتهاون بإدخال الشر إلى قلبك وتدنس جسدك وأفكارك؛ لئلا ينزع الله إمكانياتك وتفقد قوتك؛ إذ يتخلى عنك الله، فيزعجك الشيطان. ولكن الله بحنانه مستعد أن يقبلك ويجدد حياتك؛ إن كنت تتوب وترجع إليه، مهما كانت شرورك.
رسم توضيحى (3) أبناء يوشيا بحسب ترتيب ميلادهم
(2) تملك صدقيا على يهوذا (ع11-16):
11- كان صدقيا ابن احدى و عشرين سنة حين ملك و ملك احدى عشر سنة في اورشليم. 12- و عمل الشر في عيني الرب الهه و لم يتواضع امام ارميا النبي من فم الرب. 13- و تمرد ايضا على الملك نبوخذناصر الذي حلفه بالله و صلب عنقه و قوى قلبه عن الرجوع الى الرب اله اسرائيل. 14- حتى ان جميع رؤساء الكهنة و الشعب اكثروا الخيانة حسب كل رجاسات الامم و نجسوا بيت الرب الذي قدسه في اورشليم. 15- فارسل الرب اله ابائهم اليهم عن يد رسله مبكرا و مرسلا لانه شفق على شعبه و على مسكنه. 16- فكانوا يهزاون برسل الله و رذلوا كلامه و تهاونوا بانبيائه حتى ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء.
ذكر تملك صدقيا وتم شرحه فى (2مل25: 1-7) ولكن نرى فى الآيات التالية تلخيصاً لحكم صدقيا.
ع11: عزل نبوخذنصر يهوياكين الملك، وملَّك بدلاً منه عمه متنيا، وغير اسمه إلى صدقيا. وكان عمره وقتذاك إحدى وعشرين عاماً، وذلك ليظهر تسلطه على المملكة، وملك حوالى إحدى عشر سنة، مثل يهوياقيم أخيه. كما ملك أيضاً يهوآحاز ويهوياقيم كل منهما حوالى ثلاثة أشهر، ولعل الله سمح بهذا أن يملك يهوآحاز ثلاثة أشهر؛ ليحترس يهوياقيم الذى بعده ويسير مع الله ولا يقتدى بأخيه الذى سبقه؛ لئلا يعزل ولكنه للأسف لم يطع الله ويعبده. وتكرر نفس الأمر بعد ذلك، وقد انشغل يهوياقيم أن يملك ابنه يهوياكين، بل وملكه معه أثناء حياته عشر سنوات، ثم ملك بعد موت يهوياقيم لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك سباه نبوخذنصر إلى بابل. ولم يرتدع صدقيا ويسير مع الله فكانت نهايته، بعد حوالى إحدى عشر عاماً، أن يسبى هو أيضاً إلى بابل.
? ليتك تتعلم من أخطاء الآخرين، فتجتنبها وترجع إلى الله وتحفظ وصاياه، فتنجى نفسك من فخاخ الشياطين، وتتمتع برعاية الله ومحبته.
ع12: إتسم حكم صدقيا بالابتعاد عن الله وتشجيع عبادة الأوثان وانتشار الظلم والشهوات الشريرة، بل وأكثر من هذا، أساؤا إلى أنبياء الله الذين أرسلهم، خاصة أرميا النبى العظيم، الذى كان قوياً فى إعلان الحق لكل فئات المملكة، بالإضافة إلى أنبياء آخرين، مثل دانيال وحزقيال وباروخ وأوريا النبى الذى قتل أيام يهوياقيم (أر26: 20-23). ونرى اهتمام الله الذى يرسل فى فترات الضعف الشديد أنبياء كبار، مثل أرميا ودانيال وحزقيال؛ ليعلنوا صوته بقوة.
ع13: لم يكتفِ صدقيا بالسير فى طريق الشر، بل أيضاً حلف وتعهد لنبوخذنصر ملك بابل أن يخضع له ولكنه عاد فتمرد عليه (حز17: 18)، رغم كل تحذيرات وإنذارات أرميا، عاند ورفض الرجوع إلى الله بالتوبة.
ع14: أما رؤساء الكهنة والمعلمين والقادة وكل الشعب، فقد تأثروا بشر صدقيا، فعبدوا الأوثان ودنسوا بيت الرب بتركهم شريعته والسلوك ضدها، فأغاظوا الله.
ع15، 16: يظهر حنان الله على شعبه فى تنبيههم ودعوتهم للتوبة، قبل أن ينزل العقاب وهو السبى بفترة طويلة، فأرسل رسله الأنبياء، ليس فقط قبل السبى مباشرة، مثل أرميا ودانيال وحزقيال وأوريا السابق ذكرهم فى (ع12)، بل أيضاً أرسل مبكراً إيليا وأليشع وأشعياء وغيرهم من الأنبياء؛ لعلهم يتوبون، فيصفح عنهم.
ولكنهم أهملوا كلام الله، بل وتطاولوا بالإساءة إلى أنبيائه، ليس فقط بالاستهزاء، بل حتى قتلوهم، مثل أشعياء الذى نشروه بمنشار خشب، وبالتالى إذ لم ينفع معهم أى دواء، ولم يعد هناك فرصة ليشفوا من أمراضهم الروحية، اضطر أخيراً لمعاقبتهم بالسبى، حتى يعود بعضهم بالتوبة إليه، فيسامحهم.
(3) السبى البابلى (ع17-21):
17- فاصعد عليهم ملك الكلدانيين فقتل مختاريهم بالسيف في بيت مقدسهم و لم يشفق على فتى او عذراء و لا على شيخ او اشيب بل دفع الجميع ليده. 18- و جميع انية بيت الله الكبيرة والصغيرة و خزائن بيت الرب و خزائن الملك و رؤسائه اتى بها جميعا الى بابل. 19- و احرقوا بيت الله و هدموا سور اورشليم و احرقوا جميع قصورها بالنار و اهلكوا جميع انيتها الثمينة. 20- و سبى الذين بقوا من السيف الى بابل فكانوا له و لبنيه عبيدا الى ان ملكت مملكة فارس. 21- لاكمال كلام الرب بفم ارميا حتى استوفت الارض سبوتها لانها سبتت في كل ايام خرابها لاكمال سبعين سنة.
ذكر هذا الحدث وتم شرحه فى (2مل25: 1-21) ويذكره هنا بإيجاز بأسلوب جديد سنشرحه؛ ليكمل المعنى ويضيف إليه بعض الإضافات.
ع17: إذ رفض الشعب حنان الله وإشفاقه عليهم (ع15) سمح لملك بابل أن يؤدبه، فحاصر أورشليم، ثم هجم عليها وقتل من فيها ولم يشفق على أحد، سواء فتى، أو فتاة، كبيراً، أو صغيراً، فكان قاسياً وأهلك كل من صادفه وكان ذلك عام 587 ق.م إن هذه هى النتيجة الطبيعية للشر، فمن يهمل طول أناة الله، لابد أن يواجه فى النهاية المتاعب والهلاك.
? إن فرصة العمر يقدمها الله لك؛ حتى تعرفه وتتوب عن خطاياك، فليتك تنتهزها؛ لتقترب إليه وتتمتع برعايته على الأرض، ثم بعشرته ورؤية مجده؛ الذى لا يعبر عنه فى السماء.
ع18: جمع نبوخذنصر أيضاً ما بقى من آنية بيت الرب، سواء الكبيرة، مثل الأعمدة النحاسية، أو الصغيرة، مثل الآنية الذهبية المستخدمة فى القدس؛ أخذ كل ما له قيمة. وكان نبوخذنصر قد أخذ بعض الآنية فى السبى الأول، أيام يهوياقيم عام 605 ق.م (ع7)، ثم جزء آخر وهو الثمين منها أيام يهوياكين عام 597 ق.م (ع10) والآن عام 587 ق.م فى السبى الثالث، فى نهاية حكم صدقيا، يأخذ ما بقى فى بيت الرب. وقبض أيضاً على الرؤساء المسئولين عن الهيكل واستولى على كل الخزائن التى فى بيت الرب وفى بيت الملك وأرسل كل هذا إلى بابل.
ع19: بعد أن أخذ جيش نبوخذنصر كل ما هو ثمين فى بيت الرب، أحرقوه وهدموا سور أورشليم وأحرقوا أيضاً بيت الملك وقصور العظماء. وهكذا دمروا أورشليم فى هذا السبى الثالث. وبعد هذا بأربع سنوات جاء نبوزردان رئيس الشرط إلى أورشليم وأخذ عدداً من السبايا إلى بابل وهذا هو السبى البابلى الرابع والأخير (أر52: 30).
ع20: يشير هنا إلى المسبيين فى السبى الثالث والرابع، الذين أرسلوا إلى بابل وصاروا عبيداً لنبوخذنصـر لمدة سبعين عاماً؛ حتى سقطت بابل وملكت بدلاً منها مملكة مادى وفارس.
ع21: وبهذا تمت نبوة أرميا النبى أن السبى البابلى سيظل سبعين عاماً وهذا استيفاء لراحة الأرض، كما نصت الشريعة؛ لأن الله أمر أن يريحوا الأرض فى السنة السابعة ولا يزرعوها (لا25: 4). ولكنهم أهملوا هذا فترات طويلة، منذ أيام يشوع حتى السبى البابلى، والفترة التى أهملت فيها الأرض كانت حوالى 490 سنة، وفيها زرعوا الأرض فى السنة السابعة، فيكون الرقم 490 ÷ 7 = 70؛ لذا عاقبهم الله بأن استولى الكلدانيون على أورشليم واليهودية ودمروها وأهملت الزراعة فيها، فاستراحت الأرض إجبارياً سبعين عاماً، هى مدة السبى البابلى.
وكان شعب الله قد أهمل كل ما يتعلق بالسنة السابعة، ومنها تحرير العبيد إخوتهم، الذين يملكونهم، فسمح الله لهم أن يستعبدوا جميعاً سبعين سـنة؛ اسـتيفاءً لحقوق إخوتهم المظلومين.
(4) الرجوع من السبى (ع22، 23):
22- و في السنة الاولى لكورش ملك فارس لاجل تكميل كلام الرب بفم ارميا نبه الرب روح كورش ملك فارس فاطلق نداء في كل مملكته و كذا بالكتابة قائلا. 23- هكذا قال كورش ملك فارس ان الرب اله السماء قد اعطاني جميع ممالك الارض و هو اوصاني ان ابني له بيتا في اورشليم التي في يهوذا من منكم من جميع شعبه الرب الهه معه و ليصعد
تدخل الله بطريقة معجزية، فجعل كورش، أول ملوك مملكة مادى وفارس، يسمع عن اليهود وكتابهم، أى نبوات أنبيائهم، التى تذكر أن كورش سيعيدهم إلى بلادهم ويبنون بيت الرب فى أورشليم، ففرح بوجود اسمه فى الكتب الدينية وأراد أن ينال بركة الله – كأحد الآلهة- فطلب من اليهود، الذين هم عبيد له، أن يعودوا إلى أورشليم ويبنوا بيتاً لإلههم، فينال هو بركة وقوة لملكه (اش44: 28).
? الله مستعد أن ينقذك مهما كانت الضيقات التى تعانى منها، فقط ارفع صلاتك باتضاع، وارجع إليه بكل قلبك، فتنال مراحمه الكثيرة.