الاحتفال بالهيكل ونزول النار وظهور الله
(1) النار تأكل الذبيحة (ع1-3):
1- و لما انتهى سليمان من الصلاة نزلت النار من السماء و اكلت المحرقة و الذبائح و ملا مجد الرب البيت. 2- و لم يستطع الكهنة ان يدخلوا بيت الرب لان مجد الرب ملا بيت الرب.
3- و كان جميع بني اسرائيل ينظرون عند نزول النار و مجد الرب على البيت و خروا على وجوههم الى الارض على البلاط المجزع و سجدوا و حمدوا الرب لانه صالح و الى الابد رحمته.
لم تذكر هذه الآيات الثلاثة قبلاً فى سفر الملوك :
ع1: فى هذه الآية نرى أنه بعد انتهاء سليمان من صلاته نزلت نار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح المقدمة على المذبح النحاسى وبهذا ظهر مجد الله بقوة فى هيكله. وهذه النار تعنى ما يلى :
- قبول الله لذبائح سليمان وشعبه.
- رضا الله عن سليمان وموافقته على استجابة طلباته.
- رضا الله عن البيت الذى بناه سليمان وموافقته أن يسكن فيه.
- مخافة الله، فإن إلهنا نار آكلة. وقد حدث خوف عظيم للكهنة واللاويين؛ فخرجوا من الهيكل، كما سيظهر فى (ع2).
- النار تحرق الخطية وتنقينا منها؛ لأن المحرقات والذبائح ترمز للمسيح، الذى حمل خطايانا على الصليب واحتمل عقابها، أى الموت عنا.
- ترمز النار لحلول الروح القدس فى العهد الجديد يوم الخمسين على الرسل المجتمعين فى العلية بشكل ألسنة نارية وأسس الكنيسة.
ع2: شعر الكهنة بمخافة الله، فلم يستطيعوا أن يقفوا داخل بيت الرب، إذ لم يحتملوا عظمة حضرته. وهكذا رأينا ظهور الله فى (ص5: 14) بشكل سحاب كثيف، وهنا يظهر بشكل نار تنزل من السماء، ثم بعد قليل فى هذا الإصحاح (ع12) بصوت واضح مسموع لسليمان.
ع3: المجزع : فيه اللونين الأبيض والأسود.
كان الشعب ينظر حلول الله بشكل النار السماوية وخروج الكهنة من الهيكل، فسجدوا جميعهم فى خشوع أمام عظمة الله، ثم سبحوه وشكروه على تنازله وحلوله فى بيته وسطهم. وباركوا الله؛ لأنه صالح ورحوم إلى الأبد، كما تعلموا من داود النبى (مز118: 1).
? تسبيح الله يرفع قلبك إلى السماء، فتتعلق بالله وتتأمل جماله وعظمته، وتتساقط عنك خطاياك وشهواتك العالمية، فتستنير وتشعر بالله فى حياتك، فتحيا وتفرح معه.
(2) تقديم الذبائح والاحتفالات (ع4-11):
4- ثم ان الملك و كل الشعب ذبحوا ذبائح امام الرب. 5- و ذبح الملك سليمان ذبائح من البقر اثنين و عشرين الفا و من الغنم مئة و عشرين الفا و دشن الملك و كل الشعب بيت الله.
6- و كان الكهنة واقفين على محارسهم و اللاويون بالات غناء الرب التي عملها داود الملك لاجل حمد الرب لان الى الابد رحمته حين سبح داود بها و الكهنة ينفخون في الابواق مقابلهم و كل اسرائيل واقف.7- و قدس سليمان وسط الدار التي امام بيت الرب لانه قرب هناك المحرقات و شحم ذبائح السلامة لان مذبح النحاس الذي عمله سليمان لم يكف لان يسع المحرقات و التقدمات و الشحم.
8- و عيد سليمان العيد في ذلك الوقت سبعة ايام و كل اسرائيل معه و جمهور عظيم جدا من مدخل حماة الى وادي مصر. 9- و عملوا في اليوم الثامن اعتكافا لانهم عملوا تدشين المذبح سبعة ايام و العيد سبعة ايام. 10- و في اليوم الثالث و العشرين من الشهر السابع صرف الشعب الى خيامهم فرحين وطيبي القلوب لاجل الخير الذي عمله الرب لداود و لسليمان و لاسرائيل شعبه. 11- و اكمل سليمان بيت الرب و بيت الملك و كل ما خطر ببال سليمان ان يعمله في بيت الرب و في بيته نجح فيه.
ذكرت هذه الآيات وشرحت فى (1مل8: 62-66، 9: 1) ولكن أضيف هنا (ع6) التى توضح أن الكهنة واللاويين اهتموا بحراسة أبواب الهيكل وحملوا الآلات الموسيقية، التى تصاحب الترانيم والمزامير، التى قدموها أمام الله. وهذه الآلات كان قد استخدمها داود فى التسبيح أمام تابوت الله. وكان الكهنة أيضاً يضربون بالأبواق والشعب كله واقفاً فى خشوع يتمتع بسماع المزامير.
عيَّد الشعب سبعة أيام لتدشين الهيكل، من اليوم الثامن حتى اليوم الرابع عشر من الشهر السابع، ثم عيدوا بعده سبعة أيام أخرى لعيد المظال من اليوم الخامس عشر حتى اليوم الحادى والعشرين وفى اليوم الثانى والعشرين، أى اليوم الثامن لعيد المظال استراح الشعب؛ لأنه يوم اعتكاف، أى هدوء وصلاة وفى اليوم الثالث والعشرين انصرف الشعب إلى بيوتهم.
? إن الأعياد ترسم للتفرغ من الانشغالات الكثيرة والتفرغ للوجود مع الله. والأعياد منتشرة على مدار السنة، انتهزها فرصة لتتحمس روحياً وتنشط فى علاقتك مع الله.
(3) ظهور الله الثانى لسليمان (ع12-18):
12- و تراءى الرب لسليمان ليلا و قال له قد سمعت صلاتك و اخترت هذا المكان لي بيت ذبيحة. 13- ان اغلقت السماء و لم يكن مطر و ان امرت الجراد ان ياكل الارض و ان ارسلت وبا على شعبي. 14- فاذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم و صلوا و طلبوا وجهي و رجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء و اغفر خطيتهم و ابرئ ارضهم. 15- الان عيناي تكونان مفتوحتين و اذناي مصغيتين الى صلاة هذا المكان. 16- و الان قد اخترت و قدست هذا البيت ليكون اسمي فيه الى الابد و تكون عيناي و قلبي هناك كل الايام. 17- و انت ان سلكت امامي كما سلك داود ابوك و عملت حسب كل ما امرتك به و حفظت فرائضي و احكامي. 18- فاني اثبت كرسي ملكك كما عاهدت داود اباك قائلا لا يعدم لك رجل يتسلط على اسرائيل.
ذكرت هذه الآيات فى (1مل9: 1-5) ويضاف هنا بعض تفاصيل فى (ع13-15) يوضح فيها الله أنه عند حدوث أية ضيقات لشعبه، مثل الجفاف لعدم نزول المطر، أو الجوع بسبب أكل الجراد للزروع، أو انتشار الأمراض بسبب الأوبئة، فإذا اتضع شعبه وطلبوه بإيمان فى بيته يتحنن عليهم ويرفع عنهم هذه الضيقات.
والمعنى الروحى لهذه الضيقات هو الجفاف الروحى والجوع إلى كلمة الله وتفشى الأمراض الروحية، فعندما تحل أحد هذه الضيقات بأولاد الله ويصلون له فى بيته، يستجيب لهم ويرفع عنهم هذه الضيقات ويشبعهم بمحبته ويعالج كل ضعف فيهم.
? أبوة الله تنتظرك مهما كان ضعفك، أو شدتك التى تمر بها، فهو يحبك وينقذك من كل تعب. التجئ إليه بإيمان وألح عليه، فيتدخل ويرفع عنك أتعابك.
(4) تحذيرات الله لسليمان (ع19-22):
19- و لكن ان انقلبتم و تركتم فرائضي و وصاياي التي جعلتها امامكم و ذهبتم و عبدتم الهة اخرى و سجدتم لها. 20- فاني اقلعهم من ارضي التي اعطيتهم اياها و هذا البيت الذي قدسته لاسمي اطرحه من امامي و اجعله مثلا و هزاة في جميع الشعوب. 21- و هذا البيت الذي كان مرتفعا كل من يمر به يتعجب و يقول لماذا عمل الرب هكذا لهذه الارض و لهذا البيت. 22- فيقولون من اجل انهم تركوا الرب اله ابائهم الذي اخرجهم من ارض مصر و تمسكوا بالهة اخرى و سجدوا لها وعبدوها لذلك جلب عليهم كل هذا الشر
ذكرت هذه الآيات وتم شرحها فى (1مل9: 6-9) وإن كان النص مختلف ولكن المعنى واحد وتحدثنا عن عقاب الله لشعبه، إذا رفضوا وصاياه، فيطردهم من بلادهم ويسمح بهدم هيكله؛ ليكونوا عاراً بين الأمم.
? كن مدققاً وراجع نفسك كل يوم؛ حتى لا تتمادى فى الخطية وتغضب الله؛ لأن إلهنا حنون يسامح كل من يرجع إليه ويتوب، فيعيده إلى حالته الأولى، بل يباركه أكثر من ذى قبل على قدر توبته.