خطاب بولس فى السنهدريم ومؤامرة اليهود وترحيله إلى قيصرية
(1) فشل المحاكمة الأولى (ع1-11 ):
1فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِى الْمَجْمَعِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنِّى بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلَّهِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.» 2فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ الْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ. 3حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: «سَيَضْرِبُكَ اللهُ أَيُّهَا الْحَائِطُ الْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَىَّ حَسَبَ النَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِى مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟» 4فَقَالَ الْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ اللهِ؟» 5فَقَالَ بُولُسُ: «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: “رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءًا.”»
6وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَالآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِى الْمَجْمَعِ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِىٌّ ابْنُ فَرِّيسِىٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ.» 7وَلَمَّا قَالَ هَذَا، حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ، وَانْشَقَّتِ الْجَمَاعَةُ، 8لأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلاَ مَلاَكٌ وَلاَ رُوحٌ، وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَيُقِرُّونَ بِكُلِّ ذَلِكَ. 9فَحَدَثَ صِيَاحٌ عَظِيمٌ، وَنَهَضَ كَتَبَةُ قِسْمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَطَفِقُوا يُخَاصِمُونَ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَجِدُ شَيْئًا رَدِيًّا فِى هَذَا الإِنْسَانِ! وَإِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلاَكٌ قَدْ كَلَّمَهُ، فَلاَ نُحَارِبَنَّ اللهَ.»
10وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ، اخْتَشَى الأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ الْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسَطِهِمْ وَيَأْتُوا بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ. 11وَفِى اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ، وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «ثِقْ يَا بُولُسُ، لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِى فِى أُورُشَلِيمَ، هَكَذَا يَنْبَغِى أَنْ تَشْهَدَ فِى رُومِيَةَ أَيْضًا.»
ع1: تفرس: نظر بتدقيق.
تفرس بولس فى هؤلاء، الذين كان هو بينهم عضوا منذ خمسة وعشرين سنة، يحاكم اسطفانوس لنفس السبب الذى يحاكمونه به، فهل عرفوه؟ وهل عرف هو بعضهم؟.
دعاهم أخوة لأنه كان مثلهم عضوا فى مجمع السبعين، وأوضح لهم أنه عاش مخلصا لله بأمانة عندما كان يهوديا وكذلك بعد أن صار مسيحيا.
ع2: حنانيا: كان رئيسا للكهنة، وكان صدوقيا ظالما طماعا فى أنصبة صغار الكهنة، وكان مكروها جدا.
أمر حنانيا أتباعه بضرب بولس على فمه لأنه أظهر إخلاصه وبره، الذى يظهر أن أعضاء المجمع مخطئون فى اتهامهم له، وهذا الضرب معناه احتقار واستهزاء ببولس.
ع3: تنبأ بولس عن حنانيا قائلا: إن الله سيضربه لأنه رجل مرائى ، مثل الحائط الردىء من الداخل ولكن خارجه حسن المنظر. وقد تحققت هذه النبوة بعد 5 سنوات، وتدبرت فتنة ضده برئاسة ابنه، فهرب مختبئا لكنهم وجدوه وقتلوه. وقد لامه بولس لأنه أمر بضربه، كأنه مذنب، قبل محاكمته وهذا ضد الشريعة التى تتيح لكل إنسان فرصة الدفاع عن نفسه أولا.
ع4-5: عندما لامه أحباء حنانيا، قال أنه لم يكن يعرف أن حنانيا هو رئيس الكهنة، لأن اليهود كانوا هم والرومان يخلعون رؤساء الكهنة كثيرا ويقيمون غيرهم، ضدا للشريعة، التى كانت تقيم رئيس الكهنة كل أيام حياته.
ولم يكن هناك ما يثبت أن حنانيا من نسل هارون ليكون رئيس كهنة. وكان بولس قد ترك المجالس اليهودية منذ فترة طويلة، فلم يعد يعلم رئيس الكهنة الحالى، خصوصا أن كثيرا من الجالسين كانوا رؤساء كهنة سابقين، ولم يكن لرئيس الكهنة ملابس مميزة خارج الخدمة. وقد أعلن بولس معرفته للشريعة (خر22: 28)، التى تقضى بعدم الإساءة إلى رئيس الكهنة، فهو لا يخالف الشريعة لأنه لا يعرف أن حنانيا رئيس كهنة.
ع6: عندما تفرس بولس فيهم، علم أن بعضهم فريسيون يؤمنون بالأرواح والقيامة، والبعض الآخر صدوقيون لا يؤمنون بذلك، بل يرون أن الروح تموت مع الجسد ولا تقوم. فأرشد الروح القدس بولس وأعلن أنه من فئة الفريسيين وكذلك أبوه، أى عاش طوال حياته اليهودية كفريسى ويؤمن بقيامة الأموات التى يؤمن بها الآباء ويعتقد فيها الفريسيون. وقد قال هذا ليأسه من حكم المجلس العادل عليه، ولعله يجتذب بهذا الفريسيين إلى الإيمان بالمسيح.
ع7-8: رغم قبول الصدوقيين لأسفار موسى الخمسة، لكنهم لا يؤمنون بقيامة الأموات، ولا بوجود ملائكة رغم أنها مذكورة فى هذه الأسفار، إذ يرون أن هؤلاء الملائكة خلقهم الله لأغراض إلهية فى خدمة البشر ثم اضمحلوا بعد ذلك. فعندما سمع الفريسيون أن بولس فريسى، انحازوا إليه لأنه يعتقد مثلهم ضد الصدوقيين، وهنا حدث اختلاف بل ومشادة بين الفريقين حول بولس والاتهامات الموجهة إليه.
ع9: كان معظم الكتبة فريسيين وبعضهم صدوقيون، والخلاف الرئيسى بين الفريسيين والصدوقيين هو الإيمان بالقيامة والخلود. وعندما نادى بولس بقيامة الأموات، شعر الفريسيون أنه مثلهم، وحسبوا الاتهامات الموجهة إليه صغيرة، فأهملوها ودافعوا عنه، واعتبروا الرؤيا التى قصها عليهم بظهور المسيح له، أن ملاكا ظهر له ودعاه لتبشير الأمم. ولم يعترضوا على ذلك، إذ كان الأهم فى نظرهم هو مقاومة الصدوقيين الذين لا يؤمنون بالقيامة.
هكذا صاح خُطَّابهم وكتبتهم دفاعا عن بولس. وليس معنى هذا إيمانهم بالمسيح، بل مجرد تحيز لمعتقدهم بالقيامة ضد الصدوقيين لأنهم اعتبروا المسيح مجرد روح أو ملاك.
ع10: خاف الأمير من أن يعتدوا على بولس ويمزقوه لتنازع الفريقين على جذبه، كل من ناحية، الفريسيون لحمايته والصدوقيون للانتقام منه، فأمر العسكر بإعادته إلى القلعة.
ع11: فى الليلة التالية، ظهر الرب لبولس ليطمئنه ويشجعه، ويخبره أيضا أنه سيذهب للكرازة فى روما حسب شهوة قلبه. وهذا يوضح أن ما قاله بولس مع رئيس الكهنة ليس خطأ أو غضبًا، بل شهادة للمسيح رحب بها وشجعه للاستمرار فيها.
? كان رئيس الكهنة حنانيا مثالا سيئا يجعل الناس ينفرون من ديانته عندما يروه، بينما كان بولس، بنقاوة سيرته، شاهدا للناس بدينه. فمع مَن من الفريقين يقف كل منا؟
إعلم أن كلامك وتصرفاتك يلاحظها من حولك ويقتادون بها، فأنت صورة المسيح لا تنصرف عنها لئلا تصير لعنة لاسمه، وثق أن القدوة بسلوكك أفضل بكثير من وعظ وتعاليم بدون تطبيق.
(2) المؤامرة والنقل إلى قيصرية (ع12-35):
12وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ، صَنَعَ بَعْضُ الْيَهُودِ اتِّفَاقًا، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَائِلِينَ إِنَّهُمْ لاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ حَتَّى يَقْتُلُوا بُولُسَ. 13وَكَانَ الَّذِينَ صَنَعُوا هَذَا التَّحَالُفَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعـِينَ. 14فَتَقَدَّمُـوا إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ وَقَالُوا: «قَدْ حَرَمْنَا أَنْفُسَنَا حِرْمًا أَنْ لاَ نَذُوقَ شَيْئًا حَتَّى نَقْتُلَ بُولُـسَ. 15وَالآنَ، أَعْلِمُوا الأَمِيرَ، أَنْتُمْ مَعَ الْمَجْمَعِ، لِكَىْ يُنْزِلَهُ إِلَيْكُمْ غَدًا، كَأَنَّكُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْحَصُوا بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ عَمَّا لَهُ. وَنَحْنُ، قَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ، مُسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِ.» 16وَلَكِنَّ ابْنَ أُخْتِ بُولُسَ سَمِعَ بِالْكَمِينِ، فَجَاءَ وَدَخَلَ الْمُعَسْكَرَ وَأَخْبَرَ بُولُسَ. 17فَاسْتَدْعَى بُولُسُ وَاحِدًا مِنْ قُوَّادِ الْمِئَاتِ، وَقَالَ: «اذْهَبْ بِهَذَا الشَّابِّ إِلَى الأَمِيرِ، لأَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُخْبِرُهُ بِهِ.» 18فَأَخَذَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى الأَمِيرِ، وَقَالَ: «اسْتَدْعَانِى الأَسِيرُ بُولُسُ، وَطَلَبَ أَنْ أُحْضِرَ هَذَا الشَّابَّ إِلَيْكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ شَىْءٌ لِيقُولَهُ لَكَ.» 19فَأَخَذَ الأَمِيرُ بِيَدِهِ، وَتَنَحَّى بِهِ مُنْفَرِدًا وَاسْتَخْبَرَهُ: «مَا هُوَ الَّذِى عِنْدَكَ لِتُخْبِرَنِى بِهِ؟» 20فَقَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ تَعَاهَدُوا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُنْزِلَ بُولُسَ غَدًا إِلَى الْمَجْمَعِ، كَأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوا عَنْهُ بِأَكْثَرِ تَدْقِيـقٍ. 21فَلاَ تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ، لأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَامِنُونَ لَهُ، قَدْ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لاَ يَأْكُلُوا وَلاَ يَشْرَبُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ. وَهُمُ الآنَ مُسْتَعِدُّونَ مُنْتَظِرُونَ الْوَعْدَ مِنْكَ.»
22فَأَطْلَقَ الأَمِيرُ الشَّابَّ مُوصِيًا إِيَّاهُ أَنْ: «لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ إِنَّكَ أَعْلَمْتَنِى بِهَذَا.» 23ثُمَّ دَعَا اثْنَيْنِ مِنْ قُوَّادِ الْمِئَاتِ وَقَالَ: «أَعِدَّا مِئَتَىْ عَسْكَرِىٍّ لِيذْهَبُوا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَسَبْعِينَ فَارِسًا وَمِئَتَىْ رَامِحٍ، مِنَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ اللَّيْلِ. 24وَأَنْ يُقَدِّمَا دَوَابَّ لِيُرْكِبَا بُولُسَ، وَيُوصِلاَهُ سَالِمًا إِلَى فِيلِكْسَ الْوَالِى.» 25وَكَتَبَ رِسَالَةً حَاوِيَةً هَذِهِ الصُّورَةَ:
26«كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ يُهْدِى سَلاَمًا إِلَى الْعَزِيزِ فِيلِكْسَ الْوَالِى. 27هَذَا الرَّجُلُ لَمَّا أَمْسَكَهُ الْيَهُودُ، وَكَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، أَقْبَلْتُ مَعَ الْعَسْكَرِ وَأَنْقَذْتُهُ، إِذْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ رُومَانِىٌّ. 28وَكُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ الْعِلَّةَ الَّتِى لأَجْلِهَا كَانُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلْتُهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، 29فَوَجَدْتُهُ مَشْكُوًّا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَسَائِلِ نَامُوسِهِمْ. وَلَكِنَّ شَكْوَى تَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ أَوِ الْقُيُودَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ. 30ثُمَّ لَمَّا أُعْلِمْتُ بِمَكِيدَةٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَصِيرَ عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الْيَهُودِ، أَرْسَلْتُهُ لِلْوَقْتِ إِلَيْكَ، آمِرًا الْمُشْتَكِينَ أَيْضًا أَنْ يَقُولُوا لَدَيْكَ مَا عَلَيْهِ. كُنْ مُعَافًى.»
31فَالْعَسْكَرُ أَخَذُوا بُولُسَ كَمَا أُمِرُوا، وَذَهَبُوا بِهِ لَيْلاً إِلَى أَنْتِيبَاتْرِيسَ. 32وَفِى الْغَدِ، تَرَكُوا الْفُرْسَانَ يَذْهَبُونَ مَعَهُ، وَرَجَعُوا إِلَى الْمُعَسْكَرِ. 33وَأُولَئِكَ، لَمَّا دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ إِلَى الْوَالِى، أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضًا إِلَيْهِ. 34فَلَمَّا قَرَأَ الْوَالِى الرِّسَالَةَ، وَسَأَلَ مِنْ أَيَّةِ وِلاَيَةٍ هُوَ، وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ، 35قَالَ: «سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضًا.» وَأَمَرَ أَنْ يُحْرَسَ فِى قَصْرِ هِيرُودُسَ.
ع12: عند الصباح، اتفق بعض اليهود المتعصبين الثائرين ضد بولس، من طائفة الصدوقيين، ألا يأكلوا أو يشربوا حتى يقتلوا بولس.
ع13-14: أعلن الثائرون، وعددهم يفوق الأربعين شخصًا، لرؤساء الكهنة وشيوخ اليهود صومهم عن الطعام والشراب حتى يقتلوا بولس. وهذا يؤكد إصرارهم على ذلك، ويوضح أيضا الشر الذى صار فيه قادة الأمة اليهودية وعزمهم على قتل إنسان لم يُحاكَم أو يُعطَى فرصة للدفاع عن نفسه.
ع15: عجز الثائرون عن اقتحام المعسكر لقتل بولس، فسألوا رؤساء اليهود، الذين عادوا واتفقوا على قتل بولس بعد أن اختلفوا فى المجلس، ليطلبوا من الأمير إنزال بولس لإعادة محاكمته وفحصه، وفى الطريق سيقوم الثائرون بقتله، وبهذا لا توجه أى تهمة لرؤساء الكهنة.
ع16: لأن الإتفاق على قتل بولس كان بين عدد كبير، تسرب الخبر إلى بعض اليهود، ولم يحترس الثائرون فى إخفاء الأمر إلا عن الأمير، إذ لم يتوقعوا وجود أحد أقرباء بولس بينهم، ولكن الله سمح أن يكون ابن أخت بولس فى أورشليم وسمع بالمؤامرة، فدخل المعسكر كصديق لبولس يريد زيارته بالقلعة وأخبره بالأمر.
ع17: أرسل بولس ابن أخته بصحبة قائد مئة إلى الأمير ليخبره بالمكيدة، وهذا يظهر أهمية أن يبذل الإنسان كل جهده لخلاص نفسه، ولا يتواكل اعتمادا على وعد الله بالخلاص، كما أعلن المسيح لبولس فى الرؤيا، أنه سينجيه ويشهد فى روما أيضا.
ع18-19: قال قائد المئة للأمير، أن بولس استدعاه وطلب إرسال هذا الشاب للأمير ليخبره بأمور هامة، فتلطف الأمير مع ابن أخت بولس وسأله على انفراد عما لديه من أخبار.
ع20-21: أخبر الشاب الأمير بمؤامرة اليهود لقتل بولس، طالبا منه ألا يوافق على طلبهم بإنزال بولس إليهم.
ع22: طلب منه الأمير ألا يخبر أحدا، حتى لا ينتقموا منه.
ع23: قيصرية: مقر السلطة الرومانية فى هذه المنطقة وتبعد عن أورشليم 70 ميلا.
بنعمة الله، صدق الأمير كلام الشاب واهتم بإنقاذ بولس، فطلب من إثنين من قادته إعداد 470 جنديا مسلحين لنقل بولس إلى قيصرية بعد المغرب بثلاث ساعات، أى التاسعة مساء بالتوقيت الحالى، وقت هدوء الشوارع والحركة.
ع24: أمر الأمير بإركاب بولس وإرساله فى حراسة الجنود إلى فيلكس الرومانى بقيصرية.
ع25: أرسل الأمير رسالة إلى الوالى، نشر القديس لوقا نصها.
ع26-29: أرسل الأمير واسمه كلوديوس ليسياس تحياته إلى الوالى فيلكس، وأعلمه أن بولس رومانى الجنسية، وأنه أنقذه من أيدى اليهود الذين قبضوا عليه، ولاحظ أثناء محاكمته أمام اليهود أن الخلاف بينه وبينهم دينيا وليس سياسيا، ولا توجد أى تهمة موجهة ضده يحاسب القانون الرومانى عليها.
ع30: عندما علم الأمير بمؤامرة اليهود لقتل بولس، بادر بإرساله إلى الوالى بقيصرية لتتم المحاكمة هناك.
ع31: سار العسكر طوال الليل حتى وصلوا مدينة أنتيباتريس، وقد قطعوا ثلثى المسافة إلى قيصرية.
ع32-33: عندما طلع الصباح، عاد المشاة إلى أورشليم وتركوا معه الفرسان الذين أكملوا به الطريق إلى قيصرية، وسلموه هو والرسالة إلى الوالى.
ع34: استفسر الوالى عن موطن بولس، ربما ليتأكد من سجلات كيليكية أن جنسيته رومانية او يعرف شيئا من مدينته يفيده فى التهم الموجهة إليه، أو يرسله إلى مدينته إن كانت قريبه ليحاكم هناك إن أراد التخلص منه.
ع35: أعلم فيلكس بولس أنه سيعقد محاكمة قانونية عند حضور الخصوم من أورشليم، واعتقل بولس رهن التحقيق فى قصر هيرودس الكبير بقيصرية.
? تدبيرات الله لنجاة أولاده عجيبة جدا، فقد حافظ على بولس من الشر، وساعده على إكمال رسالته حتى يشهد للمسيح فى روما. وهكذا يعمل معنا عندما نسلم أمورنا له. فلا تنزعج من مكائد الأشرار، فالله يعطيك نعمة فى أعين المسئولين عنك، وينجيك بطرق عجيبة حتى تتمم مشيئته.