إضافة الله والحديث عن سدوم
(1) إبرام يستضيف الله (ع1-8):
1وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ 2فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لِاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ 3وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ. 4لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ 5فَآخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ لأَنَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ». فَقَالُوا: «هَكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ». 6فَأَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْخَيْمَةِ إِلَى سَارَةَ وَقَالَ: «أَسْرِعِي بِثَلاَثِ كَيْلاَتٍ دَقِيقاً سَمِيذاً. اعْجِنِي وَاصْنَعِي خُبْزَ مَلَّةٍ». 7ثُمَّ رَكَضَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْبَقَرِ وَأَخَذَ عِجْلاً رَخْصاً وَجَيِّداً وَأَعْطَاهُ لِلْغُلاَمِ فَأَسْرَعَ لِيَعْمَلَهُ. 8ثُمَّ أَخَذَ زُبْداً وَلَبَناً وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَإِذْ كَانَ هُوَ وَاقِفاً لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَكَلُوا.
ع1: بعد نوال إبراهيم بركة الختان، الذى يرمز للمعمودية، ظهر له الله إذ أن الختان أو المعمودية بداية إنطلاقة فى حياة جديدة مع الله. وكان إبراهيم جالسًا ليس فقط ليستريح ولكن ليراقب الطريق لعله يصنع خيرًا مع غريب يمر به خاصة فى هذا الوقت من النهار حيث الحر الشديد وكلمة ممرا كما قلنا تعنى رؤية.
ع2: ثلاثة رجال : أحد ظهورات الله الابن فى العهد القديم قبل تجسده ومعه ملاكان.
رأى إبراهيم ثلاثة رجال من بعيد يعبرون فى الصحراء، فأسرع إليهم ليستضيفهم ويريحهم فى هذا الحر. وتظهر هنا محبة إبراهيم لعمل الخير وإسراعه إليه رغم أنه شيخ بل إن عمره 99 عامًا، ويظهر أيضًا اتضاعه فى سجوده لهم إحترامًا وتقديرًا، بالرغم من عدم معرفته أنهم الله وملائكته.
? إهتم بعمل الخير فهى فرصتك لتقدم شيئًا لله فى شكل المحتاجين، وإن شعرت أنه مقدم لله ستسرع إليه وتتضع وأنت تقدم محبتك لهم لأنها بركة كبيرة لك لا تستحقها وهى أن يقبل الله منك شيئًا وستفرح حينئذ بمحبته التى تغطيك وتشبعك.
ع3: تحدث إبراهيم مع الشخص المتميز بين الثلاثة، الذى علم فيما بعد أنه هو الله، وقدم له إحترامًا حينما قال يا سيد وترجى أن يقبل استضافته والراحة قليلاً عند خيمته.
ع4: ترجى إبراهيم أن يقوم بواجبات الضيافة المعتادة فى هذا الوقت لهم وهى غسل الأرجل لأنهم يسيرون بأحذية مفتوحة (صنادل) وسط الرمال، وهذا العمل يعنى محبة واتضاع كبير من هذا الشيخ الغنى الذى يملك مئات العبيد وماشية كثيرة جدًا، وهو أب عظيم له علاقة مستمرة مع الله ولكنه ينسى كل هذا ليغسل أرجل ثلاثة يمرون فى الصحراء أمامه.
ع5: باتضاع أيضًا يطلب منهم، بعد غسل أرجلهم واستراحتهم تحت ظلال الأشجار، أن يقدم لهم طعامًا قليلاً يعبر عنه بكسرة خبز مع أنه فى الحقيقة سيقدم وليمة كبيرة. فوافقوا وقبلوا ضيافته واتجهوا نحو الخيمة.
ع6: كيلة : تساوى 7.5 لتر تقريبًا.
سميذًا : الدقيق الأبيض الفاخر.
خبز ملة : خبز يعمل على الحجر بعد تسخينه بالجمر وهو نوع فاخر من الخبز.
تظهر محبة إبراهيم لعمل الخير فى إسراعه نحو سارة ودعوتها لتسرع بإعداد أفخر الخبز وبكمية وافرة من الدقيق هى ثلاث كيلات. ورقم ثلاثة يرمز للثالوث القدوس أو الإيمان والرجاء والمحبة.
ع7: رخصًا : صغيرًا فيكون سهل الطهى وطعم لحمه لذيذ.
واصل إبراهيم سرعته فى إعداد الوليمة فأخذ عجلاً صغيرًا وأعطاه لأحد عبيده ليقوم بذبحه وطهيه.
ع8: بعد إعداد الطعام وضع اللحم والخبز وزبدًا ولبنًا أيضًا أمام ضيوفه الثلاثة ووقف هو رغم شيخوخته ليكون فى خدمتهم إذا احتاجوا شيئًا وهم يأكلون، إذ باتضاعه لم يجد نفسه مستحقًا أن يأكل معهم بل وقف لخدمتهم ولم يسند هذا العمل لأحد عبيده. وبالطبع فالله وملاكاه غير محتاجين للطعام المادى ولكنهم تصرفوا بشكل معجزى فى أكلهم للطعام لأن الروحانى يسهل عليه أن يقوم بأعمال البشر المادية.
? ليكن عطاؤك بسخاء كما أعطاك الله بسخاء، فوفرة عطاءك تعبر عن فيض محبتك، فاهتم باحتياجات الآخرين خاصة المحيطين بك واعطهم أكثر مما طلبوا فيشعروا فى عطاءك بالله الذى يهتم بهم أكثر مما يطلبون.
(2) الوعد بحبل سارة (ع9-15):
9وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ سَارَةُ امْرَأَتُكَ؟» فَقَالَ: «هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ». 10فَقَالَ: «إِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ». وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ – 11وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الأَيَّامِ وَقَدِ انْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَالنِّسَاءِ. 12فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!» 13فَقَالَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟ 14هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». 15فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: «لَمْ أَضْحَكْ». (لأَنَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: «لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».
ع9: تكلم الثلاثة رجال، ولعل المقصود الرجل العظيم فيهم أى الله، مع إبرام وسألوه عن سارة امرأته فأجاب أنها فى الخيمة. ولعله تعجب لأنهم عرفوا اسم امرأته سارة دون أن يعلمهم فبدأ يفهم أنهم ليسوا رجالاً عاديين بل روحانيين من السماء.
ع10: زمان الحياة : حوالى سنة إذ تقسم الحياة إلى فترات وهى سنوات.
وعد الشخص العظيم بين الثلاثة، وهو الله، إبراهيم بأن يعطيه نسلاً من سارة بعد حوالى سنة. وسمعت سارة هذا الكلام إذ كانت تقف داخل الخيمة بجوار بابها وإبراهيم يقف أمام الباب يتحدث مع الثلاثة رجال.
ع11: بلغ عمر إبراهيم 99 عامًا أما سارة فبلغ عمرها 89 عامًا، أى صارا مسنين وفقدت سارة قدرتها على الإنجاب إذ انقطعت عنها عادة النساء التى تبين قدرتها على الإنجاب.
ع12: ضحكت سارة، إما خجلاً إذ كيف ستحبل وهى عجوز وماذا سيقول الناس عنها، وهذا رأى القديس إكليمندس الإسكندرى.
أما القديس أغسطينوس فيقول أنها ضحكت فرحًا بهذا الخبر السعيد الذى كانت تتمناه منذ سنين طويلة. وهناك رأى ثالث وهو أنها ضحكت شكًا فى إمكانية حدوث الحبل لامرأة مسنة وزوجها العجوز وليس لهما القدرة الطبيعية على الإنجاب وهذا هو الرأى الأرجح.
وقالت كيف سأنعم بالحبل فى هذا السن، ودعت باتضاع زوجها سيدها ووصفته بأنه شيخ يصعب عليه الإنجاب.
ع13، 14: عاتب الله إبراهيم بسبب ضحك سارة وضعف إيمانها مؤكدًا قدرته على إتمام وعده بحبل سارة لأنه قادر على كل شئ.
ع15: خافت سارة فكذبت وقالت لم أضحك لأنها لم تعرف بعد أنه الله، أما الله فأكد أنها ضحكت. وهذا يبين أن الكتاب المقدس لم يخِف ضعفات القديسين فأظهر خطية سارة حتى نتشجع نحن الضعفاء مهما كانت خطايانا لنحيا مع الله ونتقدم فى القداسة.
? إن كان إبراهيم وسارة قد قدَّما محبة فى إضافة الغرباء فالله باركهم ببركة أعظم وهى حبل سارة لأن الله لا يكون مديونًا لأحد. ثق ببركة الله لك لتتقدم فى طريق محبتك لكل من حولك وخاصة المحتاجين أو الساقطين فى خطايا واضحة لتحنو عليهم وتشجعهم فيتحنن الله عليك.
(3) حوار حول سدوم (ع16-33):
16ثُمَّ قَامَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَتَطَلَّعُوا نَحْوَ سَدُومَ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مَاشِياً مَعَهُمْ لِيُشَيِّعَهُمْ. 17فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ 18وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟ 19لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا بِرّاً وَعَدْلاً لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ». 20وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً. 21أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ». 22وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِماً أَمَامَ الرَّبِّ. 23فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ 24عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارّاً فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارّاً الَّذِينَ فِيهِ؟ 25حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟» 26فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارّاً فِي الْمَدِينَةِ فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ». 27فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ. 28رُبَّمَا نَقَصَ الْخَمْسُونَ بَارّاً خَمْسَةً. أَتُهْلِكُ كُلَّ الْمَدِينَةِ بِالْخَمْسَةِ؟» فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ». 29فَعَادَ يُكَلِّمُهُ أَيْضاً وَقَالَ: « عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ أَرْبَعُونَ». فَقَالَ: «لاَ أَفْعَلُ مِنْ أَجْلِ الأَرْبَعِينَ». 30فَقَالَ: «لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ ثَلاَثُونَ». فَقَالَ: «لاَ أَفْعَلُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ ثَلاَثِينَ». 31فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عِشْرُونَ». فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعِشْرِينَ». 32فَقَالَ: «لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ». فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ». 33وَذَهَبَ الرَّبُّ عِنْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَكَانِهِ.
ع16: بعد الحديث عن حبل سارة قام الرجال الثلاثة وساروا فى طريق سدوم وسار معهم إبراهيم ليودعهم، وهذا يظهر تدقيقه فى استكمال كل واجبات الضيافة.
ع17-19: تكلم الله فى نفسه وقال كيف أخفى عن إبراهيم ما سأعمله بخصوص سدوم وعمورة. وهذا يظهر محبة الله الفائقة لإبراهيم واتضاعه الغير مدرك حتى يهتم بأولاد القديسين ويكشف لهم أسراره.
فرغم الفارق الشاسع بين الله وخلائقه البشر، لكنه يرفعهم إلى مستوى الصداقة فلا يستطيع إلا أن يعطيهم أسراره بل ويقبل تدخلهم وحوارهم معه فى تدبير العالم … إنها محبة لا يمكن التعبير عنها.
وأعطى الله أسبابًا لصداقته واهتمامه بكشف أسراره لإبراهيم وهى :
- سيصير أمة عظيمة وهى شعب الله المختار فله بالتالى قيمة كبيرة فى نظر الله.
- يكون سبب بركة لكل شعوب العالم من خلال المسيح الآتى من نسله.
- لأن الله قد عرف إيمانه ومحبته وسلوكه النقى، فهو يستحق أن يكون ابنًا لله.
- حتى يوصى نسله بمحبة الله وعبادته والسلوك بالإستقامة.
ع20: أعلن الله أمام ملائكته وأمام إبراهيم أن خطايا مدينتى سدوم وعمورة قد زادت جدًا ومن شناعتها صارت كصراخ يرتفع نحو السماء.
سدوم : معناها إحتراق.
عمورة : معناها طوفان.
وهما مدينتان تقعان جنوب البحر الميت، ويفهم من معنى اسميهما أنهما تستحقان العقاب الإلهى بالحرق والطوفان.
ع21: استكمل الله حديثه بأنه نزل من سمائه ليفحص المدينتين ويعرف مدى خطاياهم وهل يستحقوا العقاب أم لا، ليوضح عدله فى عدم التسرع فى الحكم بل الفحص الجيد أولاً ليعلن ذنب أو براءة كل إنسان. ويستخدم الله تعبيرات بشرية لنفهم مقاصده مثل أنزل، ولكن الله موجود فى كل مكان ولا يتحرك من مكان لمكان، وهو أيضًا عالم بكل شئ ولا يحتاج أن ينزل لكى يفحص.
ع22: بعد هذا الجزء من الحديث عن سدوم وعمورة، إنصرف الملاكان وذهبا إلى سدوم أما إبراهيم فكان مازال واقفًا مع الرجل العظيم الذى علم الآن بيقين أنه هو الله، لأنه أعلن علمه بخطايا سدوم وأنه هو الديّان العادل الذى يستطيع أن يعاقب الأشرار أو يبرئهم.
ع23-25: تحرك قلب إبراهيم الحنون بالشفقة على سكان سدوم وعمورة الأشرار ليعطيهم فرصة للتوبة، واستند على أمر يتصل بعدالة الله وهو وجود بعض الأبرار فى هاتين المدينتين وعدل الله لا يسمح بإهلاك الأبرار مع الأشرار، فيلتمس من الله أن يصفح عن المدينتين إن كان هناك 50 شخصًا من الأبرار. وتظهر هنا حقيقة أخرى هامة وهى أهمية حياة الأبرار التى تكون سببًا فى نوال مراحم الله ليس لهم فقط بل لكل من حولهم.
ع26: قبل الله شفاعة إبراهيم فى مدينتى سدوم وعمورة ووافق أن يصفح عنهما إن وجد فيها 50 بارًا، وهذا يؤكد أهمية الشفاعة عند الله ولكن للأسف لم يوجد فى سدوم هؤلاء الخمسون.
ع27، 28: تشجع إبراهيم بدالة البنوة واستكمل حديثه مع الله، ولكنه لم ينسَ ضعفه كبشر فأعلن باتضاع أنه تراب ورماد. ولم يحسب نفسه عظيمًا من أجل قبول الله أن يكشف أسراره له والحوار معه وسماع شفاعته، فطلب طلبًا ثانيًا وهو أن ينقص الخمسين بارًا خمسة أى يصفح الله عن المدينة إذا وجد 45 بارًا بها، ووافق الله ولكن للأسف لم يوجد هؤلاء الأبرار بها.
ع29: إستمر إبراهيم فى شفاعته وطلب طلبًا ثالثًا وهو الصفح عن المدينة من أجل وجود 40 بارًا فقط بها، فوافق الله ولكن للأسف لم يوجدوا.
ع30، 31: بمحبة إستمر إبراهيم فى شفاعته فاستأذن الله ألا يعاقب الأشرار إن وجد ثلاثين بارًا فقط، ووافق الله ولكن إكتشف إبراهيم أنه لا يوجد هؤلاء الثلاثون ثم أنقصهم إلى عشرين ووافق الله وأيضًا لم يجد بها عشرين بارًا.
ع32، 33: إستأذن إبراهيم أن يطلب من الله طلبه الأخير فى هذه الشفاعة بعد أن أطال الله أناته عليه جدًا وقبل كل طلباته فالتمس أن يصفح عن المدينة إن وجد بها عشرة أبرار ولكنه لم يجد بها هؤلاء الأبرار، فخجل إبراهيم من نفسه وتأكد من رحمة الله المقترنة بعدله فصمت واختفى الله من أمامه، أما هو فعاد إلى خيمته مملوءًا بمشاعر الحب نحو الله والحزن على الأشرار الذين سيهلكون.
? إشفق على الخطاة مهما كان شرهم واطلب من الله أن يسامحهم وساعدهم بمحبتك ليتوبوا ويشبعوا بمحبة الله فلا يحتاجون للخطية بل يكتشفون مرارتها.