ســقـوط الإنســان
(1) كيف سقط الإنسان (ع 1-7):
1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». 6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. 7فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.
ع1: دخل الشيطان فى الحية فصار لها ذكاء وحكمة أكثر من كل الحيوانات التى خلقها الله. فجميع الحيوانات ليس لها عقل ولا قدرة على النطق ولكن استطاعت الحية بالشيطان الداخل فيها أن تجذب الإنسان بالحكمة الشريرة إلى الخطية ويبدو أن الإنسان قد لاحظ هذه الحكمة ولم يرفضها بل قد يكون قد أعجب بها فقبل الحديث مع الحية مع أنه كان يحيا مع الله فى شبع روحى ولا يحتاج إلى حكمة أخرى أو ذكاء يناله من أى مخلوق آخر، وهنا بداية السقوط أى قبول التفاهم خارج الله والإعجاب بالحكمة العالمية. ويلاحظ أن الحية ذهبت إلى حواء وليس إلى آدم لأن حواء تتميز بالعاطفة فيمكن استمالتها إلى الخطية من خلال عواطفها ثم أن حواء هى معينة آدم وأنيسته فهى أقرب مخلوق إليه ويمكنها التأثير عليه، فرغم أن عقله قد يرفض كلام الحية ولكن علاقته بامرأته وتعاطفه معها ساعد على سقوطه فى الخطية.
كان سؤال الحية لحواء مثيرًا لها ضد الله وكاذبًا فى نفس الوقت إذ قالت لها كأنه سؤال ولكن المقصود به استفزازها لتتضايق من الله فقالت هل منعكما الله من الأكل من جميع شجر الجنة وذلك لتجتذبها إلى الحوار معها فيمكنها استمالتها وإسقاطها فى الخطية.
ع2، 3: نفت المرأة كلام الحية وأعلنت أن الله لم يحرمهما من الأكل من جميع شجر الجنة، ثم قبلت الحوار مع الشيطان الساكن فى الحية وقالت أن الله منعهما فقط أن يأكلا من شجرة معرفة الخير والشر المغروسة فى وسط الجنة، وسقطت فى خطية المبالغة فقالت أن الله قال لهما لا تمسا هذه الشجرة ولا ثمارها مع أن الله لم يقل هذا وأعلنت عقوبة الأكل من الشجرة وهو الموت.
ع4: ظهر شر الشيطان الساكن فى الحية عندما نسب الكذب لله وقدم راحة وهمية ووعد كاذب للمرأة أنهما لن يموتا إن أكلا من الشجرة. ومع هذا لم تنتبه المرأة وتبتعد عن هذا الحوار الشرير مع الحية.
ع5: إستمر الشيطان فى كذبه ناسبًا القسوة والأنانية لله فى حرمان الإنسان من المعرفة والعظمة إذ بخداعه أظهر معرفة الخير والشر أنها شئ عظيم يساويهما بالله مع أنهما يعرفان الخير أما الشر فهو ليس إضافة بل سلب وعكس الخير كما أن الظلمة عكس النور، فبيَّن الشيطان معرفة الشر أنها شئ جذاب فاجتذب قلب المرأة إليه، وبقبول كلام الشيطان سقطت المرأة وآدم فى الكبرياء والسعى لمعرفة غريبة خارجة عن الله والخضوع لإرشادات الشيطان، وهذه بعض جوانب الخطية الأولى التى سقط فيها الإنسان.
ع6 : بكلام الشيطان تحركت الشهوة فى قلب حواء فرأت الشجرة وثمارها المحرمة أنها جميلة وشهية ومفرحة مع أنها لم تكن تراها هكذا من قبل، وذلك لقبولها الحوار مع الشيطان، وخضعت المرأة لغوايته فمدت يدها وأكلت من الشجرة وبهذا انفصلت عن الله بالعصيان وسقطت فى الشر. وإذ سقطت تدنست مشاعرها فأرادت إسقاط زوجها أيضًا فى الشر ولم تعد معينة لـه بل وسيلة لإسقاطه فى الخطية، أما آدم فأحبّ امرأته أكثر من الله حتى أنه قبل كلامها ورفض وصية الله فسقط فى الخطية.
ع7 : إنفتحت أعين آدم وحواء على الشر وفقدا طهارتهما الأولى فشعرا بعريهما وخزيهما وحاولا أن يسترا خزيهما بأوراق الشجر، فأخذا أوراق التين وحاولا ربط بعضها ببعض أى خياطتها لتستر عورتهما وبالطبع هذه الأوراق ستجف وتسقط بسهولة ولن تسترهما، فهذه هى المحاولات البشرية لعلاج خزى الخطية والتى لا تنفع شيئًا ولكن حنان الله سيسترهما بالأقمصة الجلدية كما سنرى فى (ع21).
? لا تقبل الحوار مع الشيطان فى شكل أفكار تزعجك بلا فائدة بل تؤدى إلى ابتعادك عن الله، فهذه هى علامات أفكار الشيطان، أما أفكار الله فبناءة ومريحة للنفس. ولا تعطى فرصة للشيطان بأوقات الفراغ ليدخل إليك من خلالها، وابتعد عن وسائل الأعلام المعثرة أو الكلام مع أصدقاء السوء وانشغل بالله وبكل عمل صالح تختاره لفائدتك فتحتفظ بطهارتك كل حين.
(2) سعى الله نحو الإنسان (ع8-13):
8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلَهِ مَاشِياً فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلَهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».
ع8: رغم أن آدم قد فقد الكثير من فهمه بعد السقوط ولكن لأجل علاقته الوثيقة بالله مازال يعرف صوت خطواته، ولا يستطيع أحد أن يعرف صوت خطوات غيره إلا إذا كانت تربطه به علاقة قوية منذ مدة طويلة فهذا يؤكد العشرة والعلاقة القوية بينه وبين الله. وفى هذه المرة دونًا عن باقى المرات السابقة لم يسرع للقاء الله الذى يحبه ويشتاق دائمًا لرؤياه ولكنه هرب لأجل خطيته التى فصلت بينه وبين الله، ومن كثرة جهله إختبأ وسط الشجر ناسيًا أن الله يرى كل شئ فى كل مكان ولا تحجب عنه الأشجار الرؤية.
ويقول عند هبوب ريح النهار التى ترمز إلى الروح القدس، فالريح والروح يأتيان تفسيرًا للفظة واحدة، فالله يقترب إلى الإنسان ليملأه ويشبعه بروحه القدوس. والصوت يعنى كلمة الله الذى ينادى الإنسان ويطلب خلاصه، فعندما أخطأ الإنسان لم يذهب إلى الله بل غرق فى خزيه وخجله فظهرت محبة الله الذى بادر إليه يطلب خلاصه، فالقوى يذهب إلى الضعيف ليسنده (رو15: 1) والخطية ضعف تؤلم من فعلها وتخجله فيبتعد عن الإعتذار ويحتاج لمن يساعده ويقيمه بالحب من خطيته.
? ليتك تشعر بضعف من يخطئون فى حقك وتنسى ذاتك وكرامتك ومحبتك للممتلكات، فتصلى لأجلهم بل وتذهب إليهم بالحب لتعاتبهم وتعيد العلاقة معهم وتسامحهم عما فعلوا وتتنازل عما اغتصبوه منك لتكون مثل الله أبيك الذى يأتى إليك بحبه ليقيمك من سقطاتك ويدفعك للتوبة فتختبر عشرته وتكسب كل من حولك.
ع9: الله يعرف ويرى آدم فى مخبأه ولكنه يناديه ليدعوه إلى التوبة والإعتراف بخطيته، ولو كان قد فعل هذا لكان المسيح قد تجسد وفداه حينئذ.
ع10: أعلن آدم سبب هروبه من الله وهو خزى الخطية الذى شعر به بعد السقوط أى شعوره بالعرى، وإجابته توضح فهمه أن الله يعرف مكانه ولكنه يناديه للتوبة والإعتراف ولكنه للأسف لم يفعل لانهماكه فى مشاعر الخطية أى الخوف والخجل.
? عندما تخطئ لا تغرق فى مشاعر الحزن بسبب سقوطك بل اعلم أن الله يحبك ويناديك لترجع إليه، فاسرع إلى التوبة واطلب معونته لتعوض ما فاتك بسبب السقوط وتقاوم إبليس ليهرب منك.
ع11: إذا رأى الله الإنسان فى خجله عاجزًا عن الإقرار بخطيته، ساعده وشجعه على التوبة بسؤاله “هل أكلت من الشجرة وكسرت الوصية؟”. فالله الحنون لا يقبل توبة الخاطئ فقط بل يشجعه عليها ويتأنى عليه.
ع12: للأسف لم يعترف آدم بخطيته بل على العكس نسب الخطأ لحواء وبرَّر نفسه، وهو بهذا ينسب الخطأ أيضًا إلى الله لأنه هو الذى خلق له حواء.
ع13: كذلك المرأة لم تعترف بخطيتها بل نسبت الخطية إلى الحية التى خدعتها وهى بهذا أيضًا تنسب الخطأ إلى الله الذى خلق الحية.
(3) عقوبة الخطية (ع 14-19):
14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».
ع14، 15: قرَّر الله عقاب الحية أولاً والمقصود بالأكثر الشيطان الذى عمل فيها لذا سمى الشيطان بالحية القديمة، وكان العقاب هو :
- اللعن الإلهى أى فقدان كل بركة والتعرض للمتاعب الكثيرة.
- فقدان المنظر الجميل فيبدو أن الحية كانت قائمة أولاً ولكن عندما لعنها الله أصبحت تزحف على بطنها.
- صارت ملتصقة بتراب الأرض فيدخل فى فمها بدلاً من الطعام. وهى ترمز لكل إنسان شرير يرتبط بالشهوات الشريرة فينحط مستواه ويرجع إلى التراب الذى أُخِذَ منه فاقدًا سمو الروح الذى وهبه الله إياه.
- وجود عداوة مستمرة بين الحية والإنسان فتسعى الثعابين للدغ الإنسان فى قدميه القريبة منها لأنها تزحف على الأرض، أما هو فيدوس على رأسها ليسحقها ويقتلها. والحية كما ذكرنا ترمز للشيطان الذى يحاول أن يلدغ الإنسان بشهواته الشريرة ولكن الإنسان بنعمة الله قادر أن يسحق كل قوته وينتصر عليه.
ونسل المرأة الذى يسحق رأس الحية هو المسيح الذى يسحق الشيطان ويقيده على الصليب ويحرِّر أولاده المؤمنين به من قبضته وينقلهم إلى الفردوس.
ع16: أما عقوبة المرأة فلم يأتِ فيها ذِكر اللعن لأنها مع آدم صورة لله فلا تلعن وسيتم فداءها بالمسيح فى ملء الزمان، وشملت هذه العقوبة أمرين :
- آلام الولادة أى لا حياة أو وجود لنسل المرأة إلا بالألم، وآلام الولادة لا توجد إلا فى البشر أما الحيوانات فلا تعانى من آلام أثناء الولادة وذلك حتى تتذكر المرأة طوال أجيالها خطيتها فتتوب وتحترس من حروب إبليس، فكلما اشتركت مع الله فى الخلقة وإعطاء حياة لمولود جديد تتذكر الموت الذى سقطت فيه بسبب خطيتها فتتوب.
- فساد العلاقة بين الرجل والمرأة، إذ كان آدم أولاً يشتاق إليها فتتجاوب معه بأشواق المحبة أما بعد السقوط فهى تشتاق إليه بعواطف كثيرة أما هو فيميل إلى السيادة والسيطرة. هى تشتاق إليه لتفعل مشيئتها وهو يسيطر عليها ليفعل مشيئته، وبهذا فقدا روح الوحدانية والحب التى ستعود إليهما فى المسيح الفادى خلال سر الزيجة وعمل الروح القدس فيهما، ولذا فميل أى طرف للسيطرة على الآخر سواء المرأة بحيلها أو الرجل بتحكمه هو رجوع إلى حالة الخطيئة ونتائجها الشريرة.
ع17-19: خلق الله الأرض لأجل الإنسان وباركها لتعطيه ثمارًا ليأكلها ولكن إذ سقط الإنسان لعنت الأرض بسببه وفقدت البركة، فلم تعد تعطيه ثمارًا دسمة كما كانت قبلاً بل نباتات جافة أوراقها تحولت إلى أشواك تؤذيه.
ويلاحظ أن الله لم يلعن آدم لأنه كما قلنا صورته ولكنه لعن الأرض حتى إذ يجدها الإنسان لا تعطيه الثمار المطلوبة يقوده ذلك للتوبة وطلب الثمار الروحية بدلاً من ثمار الأرض.
ويلاحظ أن عقوبة آدم كانت هى الآتى :
- لعن الأرض بسببه فتنتشر فيها النباتات الجافة والتى تؤذيه مثل الشوك والحسك.
الحسك : نبات شوكى ثمرته خشنة.
ويلاحظ أن المسيح قد حمل إكليل الشوك على رأسه أى عقوبة الخطية ومات على الصليب لأجل فداء الإنسان حتى ينعم بسعادة فى فردوس النعيم وملكوت السموات.
- التعب فى العمل، فلم يعد لذيذًا كما كان قبل السقوط بل بدأ الألم والتعب كما قال “بالتعب تأكل منها” (ع17) “بعرق وجهك تأكل” (ع19)، ويستمر هذا التعب والألم طوال عمر الإنسان.
- يموت الإنسان جسديًا ويوضع فى التراب بل ويتحلل جسده، فكما خلق من التراب يعود إلى التراب.
? إذا شعرت بوجود الله معك ستعمل من أجله كل شئ وتحب العمل وترفض الكسل وتفرح بكل عمل تعمله لأنك تقدمه لله فتختبر السعادةعلى الأرض ثم أفراح السماء.
(4) عناية الله بالإنسان الساقط (ع 20-24):
20وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ. 21وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا. 22وَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفاً الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالْآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضاً وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 23فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.
ع20: بعد طرد الإنسان من الجنة شعر آدم بالرجاء فى وعد الله بالخلاص الذى سيأتى من نسل المرأة، فدعا امرأته “حواء” أى أم كل حى حتى يأتى من نسلها المسيح الحى مصدر الحياة ويعطى خلاصًا لآدم وبنيه المؤمنين به.
ع21: ذبح الله حيوانًا وأخذ جلده وصنع منه أقمصة أى ملابس ألبسها لآدم وحواء وعلَّم الإنسان طقس ذبح الحيوان وتقديمه لله، لأن الإنسان لم يكن قد بدأ فى أكل اللحم أو الحيوان، ومعنى هذا أن الله علَّمه كيف يقدم الحيوان محرقة لـه بعد أن يرى سفك دمه ليتعلم أنه بدون سفك دم لا يرضى عنه الله ولا يستر خزيه ولا يغفر لـه خطاياه، فمحاولة ستر الإنسان نفسه بأوراق التين لم تنفع لأنها ستجف وتسقط، أما بعمل الله بسفك دم الحيوان الذى يرمز لدم المسيح حصل الإنسان على أقمصة جلدية تدوم معه.
ع22: كان آدم يعرف الخير، ولكن عندما أكل من شجرة معرفة الخير والشر أضيفت إليه معرفة الشر وصارت طبيعته فاسدة ومائلة لعمل الشر، فأراد الله بعنايته أن يحميه من الإستمرار بالشر والخلود فيه حتى لا يعيش منفصلاً عن الله ويهلك فكان من الضرورى أن يخرجه من الجنة التى رفض أن يحيا مع الله فيها بأكله من الشجرة وحتى لا يأكل من شجرة الحياة التى تعطى الخلود فيخلد فى الشر.
ع23: كان آدم يعمل فى الجنة، ولكن بعد طرده عاش بطبيعته الفاسدة المائلة للشهوات الأرضية فصار اتجاهه للأرض التى أُخِذ منها وليس لله الذى نفخ فى أنفه نسمة حياة، فكان محبًا للجسديات مبتعدًا عن الروحيات إلى حد كبير.
ع24: بعد أن ألبس الله الإنسان الأقمصة الجلدية وعلَّمه كيفية الصلاة بتقريب المحرقات، أخرجه من الجنة ووضع على بابها ملائكة من رتبة الكروبيم التى ترمز للعدل الإلهى وبيد هذه الملائكة سيف متقلب بالنار يرمز لكلمة الله التى تقطع كل شر من الإنسان. والنار تعلن أن إلهنا نار آكلة تأكل كل خطية فى الإنسان وتنقيه، وبهذا يموت الإنسان على رجاء الخلاص فيدخله المسيح بعد فدائه ويعيده إلى الفردوس ولكن بطبيعة جديدة بعد أن يلبسه البر.
? ما أجمل محبتك لى يا الله حتى وأنا ساقط تسعى لتعيدنى إلى أحضانك وتعلمنى طريق التوبة والصلاة والتمسك بدمك الفادى لأتخلص من كل شر فىّ وتثبت مخافتك أمام عينىّ لأرفض الشر بمعونتك مشتاقًا للحياة النقية بين يديك.
ونلاحظ أن آدم يرمز للمسيح فيما يلى :
- آدم هو بدء الجنس البشرى والمسيح هو بداية الإنسان الجديد بعد أن فسد الجنس البشرى.
- ألقى الله سباتاً على آدم ثم أخذ منه ضلعًا عمله حواء، والمسيح مات على الصليب وخرج من جنبه دم وماء الذى اقتنى به كنيسته.
- إتحد آدم بحواء ليصيرا جسدًا واحدًا (تك 2 : 24)، والمسيح إتحد فيه اللاهوت والناسوت وكذلك يتحد بنفوس المؤمنين به.
- كان آدم رأسًا للخليقة كلها ليسوسها وينظمها لتمجد الله، والمسيح يملك على كل المؤمنين ليقودهم فى تسبيح الله.
- سمَّى آدم الحيوانات بأسمائها والمسيح الراعى الصالح يدعو خرافه بأسمائها.