بركة إسحق ليعقوب
(1) إستعداد إسحق لمباركة عيسو (ع1-4):
1وَحَدَثَ لَمَّا شَاخَ إِسْحَاقُ وَكَلَّتْ عَيْنَاهُ عَنِ النَّظَرِ أَنَّهُ دَعَا عِيسُوَ ابْنَهُ الأَكْبَرَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنِي». فَقَالَ لَهُ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ يَوْمَ وَفَاتِي. 3فَالْآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْداً 4وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ وَأْتِنِي بِهَا لِآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ».
ع1: كلَّت عيناه : تعبت عيناه أى فقد بصره تقريبًا.
جعبتك : الجراب أو الحافظة التى توضع فيها السهام.
تقدم إسحق فى العمر وبلغ حوالى 130 عام، فاستدعى ابنه البكر عيسو وقال له لقد شخت واقترب يوم وفاتى فاذهب واصطَد حيوانًا وأعده طعامًا لى فتظهر محبتك نحوى فآكل وأعطيك بركة البكورية قبل أن أنتقل من هذه الحياة.
ورغم أن إسحق قد عرف كلام الله أن الكبير يستعبد للصغير وسمع أن عيسو قد باع بكوريته بأكلة عدس لأخيه يعقوب وكذلك تضايق من زواجه ببنات حث الشريرات، ولكن أبوته ومحبته لعيسو دفعته ليعطيه البركة ما دام هو البكر. وكان يمكن أن يكون إسحق أكثر تعففًا فيباركه دون أن يطلب طعامًا بل كان الأجدر أن يصلى أولاً ويطلب إرشاد الله قبل أن يقدم على إعطاء البركة لعيسو.
? جيد أن تعطى عطايا ومساعدات لأولادك وكل من حولك ولكنك محتاج أن تصلى أولاً ليرشدك الله حتى لا تضايق أحدًا وأنت تعطى الآخر وتكون عادلاً وعاملاً مشيئة الله وتسد احتياجات الأكثر إحتياجًا وتقدم محبة للكل، فلا تنزعج حينئذ من الآراء المعارضة إذ ليس لك أى غرض شخصى إلا تنفيذ مشيئة الله.
(2) يعقوب يسرق البركة (ع5-29):
5وَكَانَتْ رِفْقَةُ سَامِعَةً إِذْ تَكَلَّمَ إِسْحَاقُ مَعَ عِيسُو ابْنِهِ. فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَصْطَادَ صَيْداً لِيَأْتِيَ بِهِ. 6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنِهَا: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7اِئْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لِآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالْآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً». 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي». 14فَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لِأُمِّهِ فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا. 18فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟» 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِتُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لِابْنِهِ: «مَا هَذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟» فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي». 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟» 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلَكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو». 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ. فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 25فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لِآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي». فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْراً فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي». 27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ. فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ. وَقَالَ: «انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّداً لإِخْوَتِكَ وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ».
ع5: كانت رفقة واقفة قريبًا من إسحق حينما كلم ابنه عيسو ليعد له طعامًا ويأتيه به ورأت عيسو قد انصرف ليصطاد صيدًا ويقدمه لأبيه.
ع6، 7: دعت رفقة يعقوب ابنها وأخبرته بما قاله إسحق لعيسو أى أن يأتى إليه بطعام ليأكل منه ثم يباركه.
ع8-10: قدمت نصيحة لابنها يعقوب أن يسرع بذبح جديين من أغنامه ويأتى بهما إليها فتعدهما أطعمة من التى تعرف أن أباه يحبها ويدخل بها إلى أبيه ويدَّعى أنه عيسو ويأخذ البركة بدلاً منه. ورغم أن يعقوب إنسان كامل يعيش حياة البر ويستحق البركة كوعد الله ولكن كان لا يصح من رفقة أن تستخدم أساليب خاطئة للوصول إلى البركة، بل تترك الله مؤمنة أنه قادر أن يعطيه البركة بطريقة سليمة.
ع11، 12: وافق يعقوب مبدئيًا على الكذب وخداع أبيه ولكنه عرض على أمه مشكلة وهى أن أخاه أشعر وهو أملس فإن لمسه أبوه سيكتشف خداعه فيغضب عليه ويلعنه ولا يأخذ بركة بل لعنة.
ع13: قالت رفقة لابنها لا تخف من لعن أبيك فهو علىّ، وهذا كلام غريب بلا معنى لأن اللعنة لا تنقل من شخص إلى آخر ولكنها محاولة تشجيع من الأم لابنها على خطية الخداع، واعتبرت الموضوع موضوعها وليس موضوع ابنها فقالت له خذ لى جديين وليس خذ لك جديين.
? مهما كان غرضك حسنًا فكن مدققًا فى اختيار الوسيلة الحسنة وإياك أن تشجع غيرك على الخطية فتسقط أنت وهو فيها لأن كل المكاسب المادية بلا قيمة أمام عصيان الله.
ع14: أحضر يعقوب الجديين لأمه فأعدت منهما أطعمة كثيرة من التى يحبها إسحق.
ع15-18: أحضرت رفقة بعض ثياب عيسو الموجودة فى البيت الكبير غير الموجودة عند زوجاته وألبست يعقوب، وعادة تكون رائحة الإنسان أى رائحة عرقه مع الروائح الطيبة التى يعتاد استعمالها ظاهرة فى ملابسه حتى إذا اشتمه إسحق لا يتشكك، ووضعت على يدى يعقوب وعلى عنقه شعر جدى، فصار مشعرًا مثل أخيه عيسو وأخذ الطعام ودخل إلى أبيه ونادى عليه.
ع19، 20: قال يعقوب لأبيه إنى عيسو ابنك، قم وكل من صيدى وباركنى، فتعجب إسحق من سرعة مجئ عيسو وقال له كيف استطعت أن تصطاد وتطهو الأطعمة بهذه السرعة، فقال له يعقوب إن إلهك سهَّل لى كل شئ. وكان هذا جوابًا روحيًا لم يعتاد عيسو أن يقوله لابتعاده عن الله مما زاد من شك إسحق.
ع21-25: طلب إسحق أن يقترب إليه ابنه ولمس يديه فوجدها مشعرة فقال الصوت صوت يعقوب أما ملمس اليدين فيظهر أنهما لعيسو، لأن صوت التوائم مهما كان متقاربًا ومهما حاول أحدهما تقليد الآخر فسيوجد فرق، ثم سأله ثانية ليتأكد أنه ابنه عيسو فأجاب يعقوب نعم فلم يجد إسحق أمامه إلا أن يطلب الطعام ويأكل ثم شرب خمرًا.
ع26، 27: بعد أن أكل أراد أن يتأكد لآخر مرة فطلب من ابنه أن يقترب إليه ليقبله كدليل على إظهار المحبة ولكنه فى الحقيقة كان يريد أن يشم رائحته فوجدها رائحة عيسو لأن يعقوب كان لابسًا ملابس أخيه عيسو، فنطق يعقوب بالبركة وقال إن رائحة ابنى كرائحة حقل باركه الله وتمنى له حقولاً تعطى محاصيل كثيرة ذات رائحة زكية ببركة الله.
ع28: طلب له أيضًا بركة من السماء وهى الندى والأمطار لرى مزروعاته، وكذلك طلب له من الله خصوبة فى الأرض لإنماء زرعه ثم طلب له أيضًا قمحًا وحبوبًا بكثرة وكذلك خمرًا والمقصود به ثمار الأرض كلها. وكلمة الخمر هنا فى أصلها أيضًا تعنى الخمر الطازج أى ثمار الأرض وليس عصير الكرم المختمر.
ع29: أعطاه أيضًا بركة أن يسود على إخوته ويتسلط على شعوب كثيرة وكل من يحبه ويباركه ينال بركة من الله أما من يعاديه ويلعنه فيلعنه الله أى يفقد كل بركة.
هذه البركات مادية وقد نالها يعقوب فى أوقات مختلفة مثل بركة الله فى أغنامه عند لابان وبركة الله فى ممتلكاته عندما عاد إلى كنعان والخيرات التى نالها فى مصر أيام يوسف بالإضافة إلى تملك نسله أرض الميعاد. ولكن مع هذه البركات قابل أيضًا ضيقات ليرفعنا الله إلى البركة الروحية وهى الأهم بمجئ المسيح من نسله فيقدم خلاصًا وبركة للعالم كله ويخضع العالم (للمسيح) بالإيمان.
وهكذا نال يعقوب البركة ولكنه سقط فى خطايا السرقة والكذب والخداع.
(3) حرمان عيسو من البركة (ع30-40):
30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضاً أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَاداً عَظِيماً جِدّاً. وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْداً وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ وَيَكُونُ مُبَارَكاً!» 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدّاً وَقَالَ لأَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!» 35فَقَالَ: «قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ». 36فَقَالَ: «أَلاَ إِنَّ اسْمَهُ دُعِيَ يَعْقُوبَ فَقَدْ تَعَقَّبَنِي الْآنَ مَرَّتَيْنِ! أَخَذَ بَكُورِيَّتِي وَهُوَذَا الْآنَ قَدْ أَخَذَ بَرَكَتِي». ثُمَّ قَالَ: «أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟» 37فَقَالَ إِسْحَاقُ لِعِيسُو: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ سَيِّداً لَكَ وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ عَبِيداً وَعَضَدْتُهُ بِحِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. فَمَاذَا أَصْنَعُ إِلَيْكَ يَا ابْنِي؟» 38فَقَالَ عِيسُو لأَبِيهِ: «أَلَكَ بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!» وَرَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى. 39فَأَجَابَ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «هُوَذَا بِلاَ دَسَمِ الأَرْضِ يَكُونُ مَسْكَنُكَ وَبِلاَ نَدَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ. 40وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ وَلأَخِيكَ تُسْتَعْبَدُ. وَلَكِنْ يَكُونُ حِينَمَا تَجْمَحُ أَنَّكَ تُكَسِّرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ».
ع30، 31: بعدما نال يعقوب البركة من أبيه إسحق وانصرف، وصل عيسو بصيده وأعدَّ طعامه ودخل على أبيه وطلب منه أن يقوم ليأكل.
ع32، 33: سأله إسحق من أنت فأجاب أنه ابنه عيسو، فاضطرب إسحق وانزعج وتساءل من الذى أتى إلىّ وقال لى أنى عيسو فأكلت من طعامه وباركته وهو حقًا سيكون مباركًا ولا تنزع البركة منه.
ع34-36: حزن عيسو بهذه المفاجأة المؤسفة إذ فقد بركته، فصرخ بصوت عظيم تعبيرًا عن ضيقه الذى لا يحتمل وحينئذ ردَّ عليه إسحق بحزن أن يعقوب قد أتى وسرق البركة، فاغتاظ عيسو وقال أنه يعقوب الذى تعقبنى وأخذ بكوريتى وها هى المرة الثانية يأخذ بركتى ثم طلب من أبيه أن يعطيه أى بركة. وللأسف كان إهتمام عيسو بالبركة المادية فقط وليست الروحية ولم يتأسف فى قلبه على استهانته بالبكورية ولم يتب أمام الله بل كان كل اهتمامه فى نوال الماديات.
ع37: قال إسحق لعيسو لقد أخذ يعقوب كل البركة إذ نال التسلط على إخوته والبركات المادية من ثمار الأرض المعبر عنها بالحنطة والخمر.
ع38: قال عيسو لأبيه ألك بركة واحدة … أعطنى أى بركة وبكى، ولكن ليس بكاء التوبة بل الحزن على فقدان الماديات وبالطبع لم يكن له تفكير فى البركة الروحية فهى حقًا واحدة لأنها تكمل فى المسيح الذى يأتى من نسل يعقوب.
ع39: أكد إسحق لعيسو أنه سيكون فاقدًا للبركة فلا ينال بركات من السماء المُعبَّر عنها بالندى ولا من الأرض أى خصوبتها.
ع40: بسيفك تعيش : يدخل فى حروب كثيرة.
تجمح : عصيان الحيوان على من يقوده والمقصود ثورة وتمرد نسل عيسو على نسل يعقوب.
نيره : الخشبة المستعرضة التى توضع على رقبة الحيوانات التى تجر الآلات الزراعية والمقصود رفض تسلط نسل يعقوب عليه.
تنبأ لعيسو أيضًا أنه سيكون شرسًا يميل للحرب ويكون أخوه يعقوب متسلطًا عليه ولكنه يثور أحيانًا على يعقوب وينتصر عليه. وقد استولى نسل يعقوب على أرض كنعان وخضع أدوم نسل عيسو له ولكن أحيانًا كان يتمرد ويحارب شعب إسرائيل.
? لا تستهن بالبركة عندما تكون متاحة أمامك لئلا تطلبها فى وقت آخر فلا تجدها، ولا تستهن بفرصة العمر للتوبة قبل أن يأتى يوم الدينونة فتضيع منك كل الفرص.
(4) حقد عيسو على يعقوب (ع41-46):
41فَحَقَدَ عِيسُو عَلَى يَعْقُوبَ مِنْ أَجْلِ الْبَرَكَةِ الَّتِي بَارَكَهُ بِهَا أَبُوهُ. وَقَالَ عِيسُو فِي قَلْبِهِ: «قَرُبَتْ أَيَّامُ مَنَاحَةِ أَبِي فَأَقْتُلُ يَعْقُوبَ أَخِي». 42فَأُخْبِرَتْ رِفْقَةُ بِكَلاَمِ عِيسُوَ ابْنِهَا الأَكْبَرِ فَأَرْسَلَتْ وَدَعَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ وَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا عِيسُو أَخُوكَ مُتَسَلٍّ مِنْ جِهَتِكَ بِأَنَّهُ يَقْتُلُكَ. 43فَالْآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي وَقُمِ اهْرُبْ إِلَى أَخِي لاَبَانَ إِلَى حَارَانَ 44وَأَقِمْ عِنْدَهُ أَيَّاماً قَلِيلَةً حَتَّى يَرْتَدَّ غَضَبُ أَخِيكَ عَنْكَ 45وَيَنْسَى مَا صَنَعْتَ بِهِ. ثُمَّ أُرْسِلُ فَآخُذُكَ مِنْ هُنَاكَ. لِمَاذَا أُعْدَمُ اثْنَيْكُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟». 46وَقَالَتْ رِفْقَةُ لإِسْحَاقَ: «مَلِلْتُ حَيَاتِي مِنْ أَجْلِ بَنَاتِ حِثَّ. إِنْ كَانَ يَعْقُوبُ يَأْخُذُ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ حِثَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ مِنْ بَنَاتِ الأَرْضِ فَلِمَاذَا لِي حَيَاةٌ؟»
ع41: حقد عيسو على أخيه يعقوب لأنه نال كل البركات أما هو فحرم منها، ولأن تفكيره مادى تمامًا ففكر بطريقة بشرية وهى أن يقتله فينال هو كل البركات غير عالم أن البركات روحية أساسًا ثم هى من الله الذى لا يستطيع أن يقف أمامه أو يعانده. ولكن وضع الله فى قلبه أن يخاف من والده إسحق فأجَّل الأمر إلى أن يموت إسحق وتتم مناحته أى جنازته ثم يقتل أخاه.
ع42-45: متسلّ : يهدئ نفسه مؤقتًا من جهتك حتى يأتى وقت مناسب يقتلك فيه.
سمعت رفقة عزم عيسو على قتل أخيه، فأخبرت يعقوب بذلك ونصحته أن يهرب عند خاله لابان فى حاران التى بين النهرين فى العراق ويبقى هناك فترة قليلة حتى يهدأ عيسو من غضبه ثم ترسل فتستدعيه.
ع46: من ناحية أخرى أخبرت إسحق مدى ضيقها من زوجات عيسو الوثنيات بنات حث وخوفها أن يتخذ يعقوب زوجة له منهن وتمنيها أن يتزوج من بنات شعبها، فوافق إسحق الذى بدأ يشعر بتحقيق كلام الله وأحقية يعقوب بالبركة.
لقد نفذت رفقة ما أرادت هى ويعقوب ولكنها خسرت وجود ابنها بجوارها وضيق ابنها الثانى منها ومن أخيه. أما يعقوب فاحتمل معاناة كثيرة سواء من لابان خاله أو من أولاده عندما قتلوا رجال شكيم أو فقدانه ليوسف … كل هذا قد سمح به الله كتأديب للتوبة. أما رفقة فلم تذكر فى الكتاب المقدس بعد ذلك فيفهم أنها ماتت قبل أن يرجع يعقوب إلى كنعان بعد 20 عامًا دون أن تراه.
? لا تسرع نحو المكاسب المادية أو لتنفيذ إرادتك مهما بدت حسنة واطلب الله قبل كل عمل وفكر جيدًا حتى لا يستغل الشيطان اندفاعك ويسقطك فى خطايا غريبة عنك.
ونلخص هنا حياة إسحق كما ذكرها الكتاب المقدس فيما يلى :
- ولادة إسحق ابن الموعد (ص21)
- تقديم إسحق ذبيحة (ص22)
- إختيار رفقة زوجة لإسحق (ص24)
- إسحق ينجب عيسو ويعقوب (ص25)
- تغرب إسحق فى جرار ونبشه آبار الماء (ص26)
- يعقوب يسرق البركة من إسحق (ص27)
- موت إسحق (ص35)