لقاء عيسو والإستقرار فى كنعان
(1) لقاء يعقوب مع عيسو (ع1-16):
1وَرَفَعَ يَعْقُوبُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا عِيسُو مُقْبِلٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ فَقَسَمَ الأَوْلاَدَ عَلَى لَيْئَةَ وَعَلَى رَاحِيلَ وَعَلَى الْجَارِيَتَيْنِ 2وَوَضَعَ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَوْلاَدَهُمَا أَوَّلاً وَلَيْئَةَ وَأَوْلاَدَهَا وَرَاءَهُمْ وَرَاحِيلَ وَيُوسُفَ أَخِيراً. 3وَأَمَّا هُوَ فَاجْتَازَ قُدَّامَهُمْ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَتَّى اقْتَرَبَ إِلَى أَخِيهِ. 4فَرَكَضَ عِيسُو لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. وَبَكَيَا. 5ثُمَّ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ وَقَالَ: «مَا هَؤُلاَءِ مِنْكَ؟» فَقَالَ: «الأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ بِهِمْ عَلَى عَبْدِكَ». 6فَاقْتَرَبَتِ الْجَارِيَتَانِ هُمَا وَأَوْلاَدُهُمَا وَسَجَدَتَا 7ثُمَّ اقْتَرَبَتْ لَيْئَةُ أَيْضاً وَأَوْلاَدُهَا وَسَجَدُوا وَبَعْدَ ذَلِكَ اقْتَرَبَ يُوسُفُ وَرَاحِيلُ وَسَجَدَا. 8فَقَالَ: «مَاذَا مِنْكَ كُلُّ هَذَا الْجَيْشِ الَّذِي صَادَفْتُهُ؟» فَقَالَ: «لأَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي». 9فَقَالَ عِيسُو: «لِي كَثِيرٌ. يَا أَخِي لِيَكُنْ لَكَ الَّذِي لَكَ». 10فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لاَ. إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ تَأْخُذْ هَدِيَّتِي مِنْ يَدِي لأَنِّي رَأَيْتُ وَجْهَكَ كَمَا يُرَى وَجْهُ اللهِ فَرَضِيتَ عَلَيَّ. 11خُذْ بَرَكَتِي الَّتِي أُتِيَ بِهَا إِلَيْكَ لأَنَّ اللهَ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيَّ وَلِي كُلُّ شَيْءٍ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَأَخَذَ. 12ثُمَّ قَالَ: «لِنَرْحَلْ وَنَذْهَبْ وَأَذْهَبُ أَنَا قُدَّامَكَ». 13فَقَالَ لَهُ: «سَيِّدِي عَالِمٌ أَنَّ الأَوْلاَدَ رَخْصَةٌ وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ الَّتِي عِنْدِي مُرْضِعَةٌ. فَإِنِ اسْتَكَدُّوهَا يَوْماً وَاحِداً مَاتَتْ كُلُّ الْغَنَمِ. 14لِيَجْتَزْ سَيِّدِي قُدَّامَ عَبْدِهِ وَأَنَا أَسْتَاقُ عَلَى مَهَلِي فِي أَثَرِ الأَمْلاَكِ الَّتِي قُدَّامِي وَفِي أَثَرِ الأَوْلاَدِ حَتَّى أَجِيءَ إِلَى سَيِّدِي إِلَى سَعِيرَ». 15فَقَالَ عِيسُو: «أَتْرُكُ عِنْدَكَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعِي». فَقَالَ: «لِمَاذَا؟ دَعْنِي أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي». 16فَرَجَعَ عِيسُو ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى سَعِيرَ.
ع1-3: فيما كان يعقوب يسير مع زوجاته وأولاده رأى عيسو مقبلاً من بعيد ومعه رجاله الأربعمائة، فخاف من كثرة عددهم رغم ظهور الله له ومباركته، فقسم من معه إلى ثلاثة أقسام، الجاريتان بلهة وزلفة وأولادهما فى المقدمة ويليهم ليئة وأولادها ثم بعدهم المجموعة الثالثة وهى راحيل وابنها يوسف، أما هو فتقدم أمام الكل وسجد على الأرض سبع مرات وهو يقترب من عيسو. ويظهر من هذا مشاعر يعقوب وهى :
- حبه لراحيل فوضعها فى نهاية الموكب حتى إذا هجم عيسو يكون لها فرصة للهرب، وليئة أمامها لتكون لها فرصة متوسطة للهرب أما الجاريتان ففى المقدمة.
- تقدم هو أمام الكل مضحيًا بنفسه حتى إذا هجم عيسو يكون أول من يموت، وهو بهذا يرمز للمسيح الفادى الذى يموت عن كنيسته.
- سجد سبع مرات، وهو عدد كامل يرمز لعمل الروح القدس فى الإنسان المؤمن، ويظهر هذا مدى اتضاع يعقوب فى تذلله أمام عيسو واحترامه وإكرامه.
ع4: عمل الله فى قلب عيسو عندما رأى يعقوب، فلعله ذكَّره بأيام الصبا ومحبتهما ولعبهما ومرافقتهما لبعض وأنساه سبب الغضب وهو سرقة بركته، فحنَّت أحشاؤه على أخيه يعقوب، فأسرع يجرى نحوه ويعانقه ويقبله، وتأثر الإثنان من لقاء الحب هذا بعد 20 عامًا فسالت دموعهما.
ع5-7: عندما رأى عيسو النساء والأولاد الذين مع يعقوب سأله عنهم فقال له أنهم زوجاتى وأولادى الذين أنعم علىّ الله بهم، ثم قدَّم كل زوجة وأولادها فسجدوا أمام عيسو. ويظهر من هذا ما يلى :
- شعور يعقوب أن الله وحده هو مصدر كل بركاته.
- أنه اهتم بتعليم أهل بيته الإتضاع فى التعامل مع الآخرين واحترامهم.
ع8-11: سأل أيضًا عيسو أخاه يعقوب عن قطعان الغنم التى وصلت إليه قبل أن يراه، ودعاها جيشًا لأنها كثيرة جدًا، فأجاب يعقوب إنها هدية صغيرة يقدمها إليه ليرضى عنه. فقال عيسو إن له أملاكًا كثيرة محاولاً إرجاع الهدية ليعقوب الذى ألح عليه ليأخذها فقبل فى النهاية.
ع12- 14: بعد أن أظهر عيسو مشاعر حب فى تقبيله ومعانقته لأخيه ثم محاولته إرجاع الهدية له، نجده يقدم محبته فى عرضه أن يصحبه إلى كنعان حيث يقيم فيتقدم عيسو مرشدًا له حتى يصل به إلى المكان الذى سيستقر فيه، ولكن إعتذر يعقوب لأن معه أطفال صغار بالإضافة إلى حيوانات حديثة الولادة، فإن سار بسرعة بكل هذا الموكب قد لا يحتملوا ويخوروا فى الطريق، فاستأذنه أن يسبق هو ثم يأتى يعقوب ومن معه على مهلٍ.
ع15، 16: تظهر محبة عيسو للمرة الرابعة فى عرضه على يعقوب أن يبقى معه مجموعة من رجاله ليرشدوه فى الطريق ويحرسونه، ولكن شكره يعقوب على ذلك وأعلن فرحه بالنعمة التى وجدها فى عينى عيسو وطمأنه أنه يستطيع أن يسير وحده هو ومن معه، فودّعا بعضهما وانصرف عيسو ليعود إلى مكانه فى سعير.
? إن الله قادر أن يغيّر قلوب من يعادونك حتى يحبوك فيسالموك بل يظهروا اهتمامًا بك، فاطمئن لأنك لست وحدك والله قادر أن يعطيك نعمة فى أعين الكل. أطلبه وردِّد اسمه فتشعر بوجوده معك وتفرح به.
(2) إستقرار يعقوب فى أرض كنعان (ع17-20):
17وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَارْتَحَلَ إِلَى سُكُّوتَ وَبَنَى لِنَفْسِهِ بَيْتاً وَصَنَعَ لِمَوَاشِيهِ مِظَلَّاتٍ. لِذَلِكَ دَعَا اسْمَ الْمَكَانِ «سُكُّوتَ». 18ثُمَّ أَتَى يَعْقُوبُ سَالِماً إِلَى مَدِينَةِ شَكِيمَ الَّتِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ حِينَ جَاءَ مِنْ فَدَّانِ أَرَامَ. وَنَزَلَ أَمَامَ الْمَدِينَةِ. 19وَابْتَاعَ قِطْعَةَ الْحَقْلِ الَّتِي نَصَبَ فِيهَا خَيْمَتَهُ مِنْ يَدِ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ بِمِئَةِ قَسِيطَةٍ. 20وَأَقَامَ هُنَاكَ مَذْبَحاً وَدَعَاهُ «إِيلَ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ».
ع17: سكوت : ومعناها مظلات وتوجد مدينة بهذا الاسم على بعد ميل شرق الأردن وأخرى بنفس الاسم غرب الأردن بالإضافة للموجودة بجوار رعمسيس فى مصر (خر12: 37).
سار يعقوب فى طريقه جنوبًا فوصل إلى مكان أقام فيه مظلات لماشيته فدعا اسم المكان سكوت لأنه أقام بها مظلات.
ع18: شكيم : مدينة تقع غرب نهر الأردن بين جبلى جرزيم وعيبال وتسمى حاليًا نابلس.
إرتحل يعقوب حتى وصل إلى جوار مدينة تسمى شكيم فى أرض كنعان.
ع19: قسيطة : عملة معدنية يرسم عليها شكل خروف وذات قيمة كبيرة.
إشترى يعقوب قطعة أرض بجوار مدينة شكيم دفع ثمنها وهو مائة قسيطة وأقام خيامه ومظلاته هناك. وفى هذه القطعة دفن بنو إسرائيل عظام يوسف عند خروجهم من مصر (يش24: 32) ثم نقلوها بعد ذلك إلى مغارة المكفيلة.
ع20: أهم عمل ليعقوب بعد استقراره فى كنعان أنه أقام مذبحًا وقدم ذبائح لله وسط الوثنيين المنتشرين حوله.
? أشكر الله بعد كل عمل تتممه أو مكان تصل إليه لتعلن لنفسك أن قائدك ومدبر حياتك هو الله، ولا تنشغل بسلوك من حولك فى ابتعادهم عن الله وانشغالهم بالعالم لأن تميزك وقوتك هى بوجود الله معك فتتمتع ببركاته وتفرح بوجوده فيك.