آدم وحواء فى الفردوس
(1) تقديس اليوم السابع (ع 1-3):
1فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقاً.
ع1: فى نهاية اليوم السادس أكمل الله خلقة العالم بشقّيه، السماء والأرض، وكل جندها أى المخلوقات التى فيها سواء الملائكة فى السماء، أو الإنسان والحيوان على الأرض. فالملائكة والبشر وكل المخلوقات هم جنود الله تابعين له فى جيشه مطيعين لنواميسه.
ع2: اليوم السابع : يوم السبت.
استراح الله : استراح براحة خليقته أى رضى وفرح بما عمله من مخلوقات ولكن ليس معنى هذا أنه تعب من الخلقة أو استراح بمعنى عدم العمل لأنه مازال يعمل كما قال “أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يو5: 17).
أكمل الله أعمال الخلقة فى الستة أيام وفرح ورضى عما عمله فهذه هى راحته.
ع3: بارك الله هذا اليوم وقدَّسه أى جعله فرصة للإنسان للراحة الروحية فيخصصه لعبادة الله وخدمته وإكمال مشيئته بحفظ وصاياه. ويلاحظ أن اليوم السابع لم ينتهِ بمساء وصباح لأنه ممتد حتى الآن، فالله يفرح بما عمله وبخضوع أولاده لـه. وبعد سنوات كثيرة ذكرت الوصايا العشر يوم السبت الذى يقدس لعبادة الله لكنه كان معروفًا من قبل منذ بداية الخليقة. ومازالت الكنيسة حتى الآن تعتبر يوم السبت، فلا يصام فيه إنقطاعيًا ولا تعمل فيه ميطانيات (سجدات)، ولكن مجد الأحد فاق مجد السبت بقيامة المسيح فيه بعد أن مات عن البشرية وفداها.
? اهتم بيوم الرب كل أسبوع وهو يوم الأحد لتقضى أوقات أطول مع الله فى عبادته وخدمته فتسعد من حولك ويفرح الله بك ويباركك.
(2) آدم فى الفردوس (ع4-14):
4هَذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلَهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ 5كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ لأَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ. 6ثُمَّ كَانَ ضَبَابٌ يَطْلَعُ مِنَ الأَرْضِ وَيَسْقِي كُلَّ وَجْهِ الأَرْضِ. 7وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً. 8وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقاً وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ. 9وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. 10وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ وَمِنْ هُنَاكَ يَنْقَسِمُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ رُؤُوسٍ: 11اِسْمُ الْوَاحِدِ فِيشُونُ وَهُوَ الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ أَرْضِ الْحَوِيلَةِ حَيْثُ الذَّهَبُ. 12وَذَهَبُ تِلْكَ الأَرْضِ جَيِّدٌ. هُنَاكَ الْمُقْلُ وَحَجَرُ الْجَزْعِ. 13وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّانِي جِيحُونُ. وَهُوَ الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ أَرْضِ كُوشٍ. 14وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّالِثِ حِدَّاقِلُ. وَهُوَ الْجَارِي شَرْقِيَّ أَشُّورَ. وَالنَّهْرُ الرَّابِعُ الْفُرَاتُ.
ع4، 5: يعيد هنا تفاصيل بعض أحداث الخلق للسماوات والأرض، فيذكر تفاصيل لما خلقه فى اليوم الثالث ويبيّن أنه لم يكن هناك أمطار فى اليوم الثالث لأنها نشأت من تأثير أشعة الشمس على البحار فتبخرت المياه إلى سحب وصارت أمطارًا بعد ذلك، كل هذا حدث فى اليوم الرابع. وكذلك لم يكن هناك إنسان ليهتم برعاية النباتات لأنه خلق فى اليوم السادس، ولم تكن النباتات قد خلقت بعد.
ع6: أخرج الله ضبابًا من الأرض وهو بخار أو سيل ماء وجعله يسقى النباتات التى خلقها فى اليوم الثالث، وهذا الضباب إما أن يكون وسيلة جعلها الله لرى النباتات فى اليوم الثالث أو ناتج من تأثير أشعة الشمس على البحار فأنتجت السحب والضباب لأن الشمس قد خلقت بعد النباتات مباشرة فى اليوم الرابع.
ع7: يوضح هنا كيفية خلق الإنسان فهو من التراب الأحمر لذلك سمى “آدم” أى أحمر ليتذكر دائمًا أصله أنه من التراب، فمع كونه رأس الخليقة كلها يكون متضعًا أمام الله ومع كل البشر بل يتعلم أيضًا من كل الخليقة.
ويتميز الإنسان بنفخة الله التى فيه فجعلته على صورته ومثاله، فهذه النفخة أعطته ليس فقط أن يتحرك ويتنفس ويعمل أعمال الحيوانات بل يتميز عنها بالروح العاقلة التى لا توجد فى أى مخلوق آخر.
ع8: جنة : حديقة كبيرة مسورة أو فردوس ومصغرها جنينة.
أعد الله لآدم جنة ليحيا فيها وأوجد فيها جميع الحيوانات والنباتات ويوضح أن مكانها فى الشرق وحدده أنه فى عَدْنْ. وهى ليست مدينة عَدَنْ الحالية وغير معروف مكان جنة عدن بالتحديد ويظن أنه كان فى العراق.
ع9: زرع الله فى الجنة أشجار ذات ثمار جميلة المنظر ولذيذة الطعم؛ وزرع أيضًا فى وسط الجنة شجرة الحياة التى تعطى قوة ونشاطًا للإنسان بأكله من ثمارها بل تعطيه أيضًا القدرة على عدم الفساد أى الخلود بدليل قوله عنها فى (ص3: 22) أن آدم إن ظل يأكل منها فإنه يحيا إلى الأبد، وهى ترمز للمسيح طعام الحياة والذى يعطينا جسده ودمه على المذبح فى العهد الجديد. وهى ترمز أيضًا للصليب الذى أعطانا الفداء والحياة.
وأنبت أيضًا شجرة معرفة الخير والشر التى نهى الإنسان عن الأكل منها وهى شجرة عادية وليس فيها خطية ولكن الخطية فى عصيان الله بالأكل منها.
ع10: يوضح أن هناك نهر كان يسقى الجنة ويتفرع إلى أربعة فروع. وهناك آراء كثيرة حول أماكن هذه الأنهار الآتى ذكرها ولكن لا يستطيع أحد تحديد مكانها بالضبط حتى وإن تشابهت الأسماء لأنه قد تكون هذه الأماكن سُمِيَّت على أسماء الأنهار التى ذكرت فى سفر التكوين.
ع11، 12: فيشون : معناه الفائض أو الجارى بعنف.
المقل : نوع من الأشجار الصمغية أو الطبية وظنه البعض نوع من اللؤلؤ.
الجزع : نوع من الأحجار الكريمة.
دعا الفرع الأول من هذا النهر فيشون وهو يحيط بأرض تسمى الحويلة يوجد بها مناجم ذهب من النوع الجيد، ويوجد بهذه الأرض أيضًا المقل والجزع.
ع13: الفرع الثانى هو نهر جيحون ومعناه المنفجر وهو يحيط بأرض تسمى كوش.
ع14: حداقل : أى دجلة ومعناه خفة وسرعة أما الفرات فمعناه الطامى أو المقدس.
? الله فى محبته أعد لك فردوس كامل وميَّزك عن باقى المخلوقات بالروح الإنسانية، فاشكره فى كل حين على عطاياه، بل أنظر إلى كل الخليقة فتحدثك عنه فهو الذى أبدعها. وعندما تتسلط على العالم كله ويمدحك الكثيرون فلا تنسَ أنك خُلِقت من تراب، فأنظر إلى الأرض التى أخذت منها واحتمل إساءات الآخرين ولا تحتقر أحدًا.
(3) وصية الله لآدم (ع15-17):
15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».
ع15: خلق الله آدم من التراب (ع7) ثم أعدَّ له الجنة (ع8) ووضعه فيها وجعله قائدًا ومسئولاً عن العالم كله وطلب منه أن يهتم برعاية النباتات والحيوانات كلها فيعتنى بنمو النباتات والأشجار وثمارها، ويحفظها من الحيوانات حتى لا تتلفها بل تأكل منها فقط، فكان آدم يعمل بفرح لأنه يعمل مع الله ومن أجله ويشعر بوجوده معه. وهذا يوضح أهمية العمل فى حياة أولاد الله وأنه بركة وليس ثقلاً ولكن ظهر الضيق من العمل بعد السقوط، ووضح ذلك بقوله “بعرق وجهك تأكل خبزًا” (ص3: 19) أى بدأ الإحساس بالتعب من العمل بعد السقوط.
? إهتم أن يكون لك أعمال صالحة فى كل مكان تذهب إليه واغصب نفسك على العمل ولو بمقدار فتشعر بثقة فى نفسك وتفيد الآخرين وتسد الباب أمام حروب الشياطين وتستطيع أن تمارس عبادتك وخدمتك بنشاط وكفاءة وتكون قدوة لمن حولك.
ع16، 17: أعطى الله النباتات وثمار الأشجار طعامًا للإنسان، وعندما يكلم آدم يقصد به آدم وحواء أى الجنس البشرى كله، ولكن الله أعطى الإنسان وصية أن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر إظهارًا لاهتمامه بحرية الإنسان واختبارًا لطاعته وبنوته له، فرغم أبوة الله ومحبته التى لا تحد نحو الإنسان أعطاه الحرية أن يبقى معه ويتمتع بكل نعمة أو يرفض كلامه ويأكل من الشجرة التى نهاه عنها. وتنبيهًا لخطورة مخالفة الله والإنفصال عنه قال له أنه إن أكل من الشجرة سيموت.
وكان آدم قد عرف معنى الموت من أجل سقوط الملائكة التى سبق خلقها. فالوصية ليست تقييدًا لحرية الإنسان بل دليلاً على محبته لله وتأكيدًا لتمتعه بالحرية دون سائر المخلوقات، فما المنفعة إن لم توجد وصية لأنه سيكون مجبرًا على عمل الخير كناموس طبيعى له مثل الحيوانات أى غير مُعرَّض للخطأ.
والله بسابق علمه يعلم أن الإنسان سيسقط فى الخطية وسيحتاج للفداء وقَبِلَ الله هذا التنازل العظيم لأجل محبته له لأنه لم يرضَ بهلاكه، وهذا يؤكد أمرين :
- محبة الله الفائقة للإنسان.
- إصرار الله على تمتع الإنسان بالحرية.
(4) خلقة حواء (ع18-25):
18وَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ: «لَيْسَ جَيِّداً أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِيناً نَظِيرَهُ». 19وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا. 20فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِيناً نَظِيرَهُ. 21فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتاً عَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْماً. 22وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. 23فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». 24لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً. 25وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ.
ع18: نظر آدم إلى جميع الحيوانات التى تتحرك حوله فوجدها ذكرًا وأنثى وشعر بالتآلف بينها وفرح هو أيضًا برفقتها ولكنها لم ترتقِ إلى مستوى التفاهم معه ولم تشبع احتياجاته. وكان يأخذ كل شئ من الله الذى تمتع بعشرته، ولكنه احتاج أن يعطيه شخصًا مثله يعينه فى حياته ويتآلف معه ويعطى كل منهما محبته للآخر، وهنا يظهر الله إحتياج آدم لامرأة لتشاركه حياته فيكمل فرحه.
ع19، 20: أظهر الله قيادة آدم لكل الخلائق التى أولها الحيوانات فطلب منه أن يسمى كل حيوان باسمه وهذا معناه الذكاء والحكمة الفائقة التى تمتع بها آدم حتى إنه استطاع أن يفهم طباع الحيوانات فيفرق بينها ويقسمها إلى أنواع مختلفة ويسمى كل حيوان بالاسم المناسب له، وهذا يشمل جميع الحيوانات الكبيرة والصغيرة التى تدب على الأرض والتى تطير فى السماء والتى تسلك فى البحار والمياه. ويفهم ضمنيًا أنه دعا كل النباتات أيضًا بأسمائها بعد أن قسمها إلى أقسام مختلفة وهو ما يدرس الآن فى الجامعات المختلفة أى علم تصنيف النباتات والحيوانات والحشرات.
ويفهم ضمنيًا أيضًا أنه دعا كل الموجودات على الأرض مثل الجبال والتلال والوديان والأنهار…
فالإنسان هو رأس الخليقة وقائدها فى تمجيد الله وتسبيحه وبالطبع لا يصح أن يتعلق بها وينشغل بجمالها عن الله الذى أعطاها له كما حدث فى عبادة الأصنام أو كما يحدث الآن فى تعلق الإنسان بالماديات.
ع21، 22: لكى يخلق الله أنثى لآدم، لم يرد أن يخلقها من التراب حتى لا تكون نِدَّا له بل جزءًا منه فيشعر كل منهما بالتعاطف نحو الآخر، فهو يحبها لأنها جزء منه وهى تحبه لأنه أصلها وأُخِذَت منه. فجعل الله آدم ينام نومًا ثقيلاً وأخذ ضلعًا من ضلوعه وملأ مكانه لحمًا أو بمعنى آخر لئم الجرح مكانه. وقد أخذ الله ضلعًا حتى تكون حواء من جنبه فتكون مثله وليس من رأسه فتتكبر عليه أو من قدمه فيتكبر عليها.
والمسيح آدم الثانى نام على الصليب وخرجت الكنيسة من جنبه عندما طعن بالحربة فسال دمه ليفديها ويحييها فتبدأ حياتها الجديدة معه.
ع23: عندما استيقط آدم من نومه ورأى حواء، شعر أنها منه عندما لاحظ آثار الضلع المأخوذ منه، فقال عنها أنها جزء من لحمه وعظامه ودعاها امرأة أى أنثى الإنسان لأنها مأخوذة من إمرءٍ أى الرجل. وهذا أعطاهما مشاعر الوحدانية فى الترابط والتكامل بينهما، فهذه الزيجة الأولى تعلن للبشرية أن أى زواج أراد الله أن يكون إتحاد بين الرجل والمرأة فلا يحيا أحدهم بدون الآخر ولا يفصلهما أى اختلافات فى الطباع أو السلوك بل يسعيان إلى حياة واحدة يكمل فيها كل منهما الآخر.
ع24: تنبأ آدم عن الجنس البشرى أن كل رجل يترك أباه وأمه اللذين تربى بينهما ويتحد بالفتاة التى اختارها فيصير الإثنان جسدًا واحدًا أى يتحدا، وهذا ما أكملته المسيحية عندما جعلت الزواج سرًا مقدسًا يحلّ فيه الروح القدس ليعطى الزوجين القدرة على الإتحاد الزيجى.
تنطبق هذه الآية على المسيح الذى ترك أباه بالتجسد ولم ينفصل عنه ولكنه ظهر بصورة الاتضاع، وترك أمه أى مجمع اليهود واتحد بكنيسته من خلال تجسده وفدائه، أى رفع البشرية المؤمنة به إلى مستوى الاتحاد به خلال الكنيسة.
ع25: كان آدم وحواء فى براءة قبل السقوط فى الخطية فلم يخجلا من عريهما ولكن بعد السقوط شعرا بخزى الخطية فاحتاجا إلى الملابس، وهنا صنع الله لهما أقمصة جلدية حصل عليها من ذبح الحيوان وهى ترمز إلى الفداء بدم المسيح الذى يكسوهما ويحرّرهما من خزى الخطية.
? لا تنشغل بالملابس والمظاهر الخارجية فقد دخلت إلى العالم لتستر خزى الخطية ولكنك الآن إذ تلبس ثياب البر بالمسيح يكفيك فقط الكسوة وهى مجرد ثياب بسيطة تكسوك لأن البر قد كساك أولاً، فلا تقارن نفسك بمن حولك وتسعى نحو الماديات الزائلة فأنت ابن ملك الملوك والنعمة تغطيك بل أنت أعظم مخلوقاته.