عقاب الله للشعب الخائف المتذمر
(1) خوف الشعب وتشجيع يشوع وكالب (ع1-9) 1فَرَفَعَتْ كُلُّ الجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ. وَبَكَى الشَّعْبُ تِلكَ الليْلةَ. 2وَتَذَمَّرَ عَلى مُوسَى وَعَلى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيل وَقَال لهُمَا كُلُّ الجَمَاعَةِ: «ليْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ أَوْ ليْتَنَا مُتْنَا فِي هَذَا القَفْرِ! 3وَلِمَاذَا أَتَى بِنَا الرَّبُّ إِلى هَذِهِ الأَرْضِ لِنَسْقُطَ بِالسَّيْفِ؟ تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً. أَليْسَ خَيْراً لنَا أَنْ نَرْجِعَ إِلى مِصْرَ؟» 4فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «نُقِيمُ رَئِيساً وَنَرْجِعُ إِلى مِصْرَ». 5فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل. 6وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ مِنَ الذِينَ تَجَسَّسُوا الأَرْضَ مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا 7وَقَالا لِكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل: «الأَرْضُ التِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً. 8إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلنَا إِلى هَذِهِ الأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا أَرْضاً تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً. 9إِنَّمَا لا تَتَمَرَّدُوا عَلى الرَّبِّ وَلا تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَال عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ وَالرَّبُّ مَعَنَا. لا تَخَافُوهُمْ».
ع1، 2: كنتيجة للتقرير السئ الذى رفعه العشرة جواسيس للشعب، حدث خوف شديد وندم وحسرة، فلم ينم أغلبية الشعب تلك الليلة بل خرجوا من خيامهم فى بكاء وصراخ وندب، وكالعادة تذمروا ووضعوا كل اللوم على موسى وهارون؛ مما يوضح لنا مدى تقلب هذا الشعب وسرعة انتشار الشر، وبالرغم من وجودهم على أعتاب الأرض التى وعد بها الله إلاّ أنهم تمنوا، من كثرة يأسهم، لو كانوا ماتوا فى أرض مصر أو فى برية سيناء، فذلك أفضل من مواجهة هؤلاء الأعداء الجبابرة سكان أرض كنعان.
ع3: مع ازدياد تذمرهم وقلة إيمانهم، رغم معجزات الله العظيمة التى صنعها معهم، رفعوا تذمرهم لدرجة أعلى من موسى وهارون إذ تذمروا على الله نفسه، وبأسلوب مؤسف انتقدوا حكمة الله وتدبيره، ولانزعاجهم قالوا ببجاحة أليس أفضل لنا أن نعود ونستعبد فى مصر!؟ فطاعة الله معناها أن نموت بيد أعدائنا الذين سيسبون أطفالنا ونساءنا.
ع4: ومع انتشار وازدياد البكاء والصراخ والتذمر، نادى قوم منهم بفكر غريب وهو تنحية موسى وهارون وإقامة رئيس جديد للشعب لقيادتهم فى عودتهم لمصر، ناسين بذلك أن القائد الحقيقى هو الله الذى يقودهم من خلال عمود السحاب ويرشدهم من خلال أحاديثه مع موسى… ولكن هكذا يعمى الغضب الإنسان عن رؤية الحقائق والبديهيات.
ع5: أما موسى وهارون فسجدا على الأرض أمام الله، وهذا يعنى قلة حيلتهما مع الشعب والتجاءهما إلى الله، فتذللا أمامه حتى يعبر بهما وبهذا الشعب هذا الموقف العصيب.
- فلنحذر جميعًا من الغضب ونتائجه وتصاعد الهياج بداخلنا، فغضب الإنسان لا يصنع بر الله، بل عادة ما يقوده لحماقة يندم عليها بعد ذلك، فنلتجئ إلى الله بالصلاة عندما تحل بنا ضيقة ونترك الأمر بيده ونحن واثقون أنه يعطى ويصنع لنا الأفضل دائمًا.
ع6: مزَّقا ثيابهما : عمل يعبر عن الحزن والأسف والضيق الشديد.
نرى هنا وجهًا آخر وإتجاهًا إيجابيًا فى التفكير، إذ وقف يشوع بن نون ومعه كالب بن يفنة فى مواجهة الشعب معلنين اعتراضهما وحزنهما على ما رأياه من الشعب، فمزقا ثيابهما حزنًا وغضبًا من وعلى هذا الشعب الذى نسى كل عمل الله السابق.
ع7، 8: بدأ كلاهما الكلام وحاولا إقناع الشعب وتشجيعه بأن هذه الأرض، أى أرض كنعان، هى أرض جيدة ورائعة ولا يمكن تركها أو التخلى عنها، وهى أرض من خيراتها تفيض لبنًا وعسلاً كما أخبرا الشعب سابقًا (ص13: 27) وإن رضى الله عنهم سيهبهم هذه الأرض ميراثًا لهم ولأولادهم.
ع9: لأنهم خبزنا : سنهزمهم ونأخذ غنائمهم ونأكلها كما نأكل الخبز.
سوف تصير هذه الأرض لنا وسنهزم شعوبها لأن الرب إلهنا معنا وقد أسلمهم لنا فلا تخافوا من أى شئ.
زال عنهم ظلهم : تعبير معناه أن الله أزال عن هذه الشعوب حمايته لهم وبالتالى من السهل هزيمتهم.
(2) غضب الله وشفاعة موسى (ع10-19)
10وَلكِنْ قَال كُلُّ الجَمَاعَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِالحِجَارَةِ. ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيل. 11وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هَذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لا يُصَدِّقُونَنِي بِجَمِيعِ الآيَاتِ التِي عَمِلتُ فِي وَسَطِهِمْ؟ 12إِنِّي أَضْرِبُهُمْ بِالوَبَإِ وَأُبِيدُهُمْ وَأُصَيِّرُكَ شَعْباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهُمْ». 13فَقَال مُوسَى لِلرَّبِّ: «فَيَسْمَعُ المِصْرِيُّونَ الذِينَ أَصْعَدْتَ بِقُوَّتِكَ هَذَا الشَّعْبَ مِنْ وَسَطِهِمْ
14وَيَقُولُونَ لِسُكَّانِ هَذِهِ الأَرْضِ الذِينَ قَدْ سَمِعُوا أَنَّكَ يَا رَبُّ فِي وَسَطِ هَذَا الشَّعْبِ الذِينَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لهُمْ عَيْناً لِعَيْنٍ وَسَحَابَتُكَ وَاقِفَةٌ عَليْهِمْ وَأَنْتَ سَائِرٌ أَمَامَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَاراً وَبِعَمُودِ نَارٍ ليْلاً. 15فَإِنْ قَتَلتَ هَذَا الشَّعْبَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ يَقُولُ الشُّعُوبُ الذِينَ سَمِعُوا بِخَبَرِكَ: 16لأَنَّ الرَّبَّ لمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِل هَذَا الشَّعْبَ إِلى الأَرْضِ التِي حَلفَ لهُمْ قَتَلهُمْ فِي القَفْرِ. 17فَالآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي كَمَا قُلتَ: 18الرَّبُّ طَوِيلُ الرُّوحِ كَثِيرُ الإِحْسَانِ يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَالسَّيِّئَةَ لكِنَّهُ لا يُبْرِئُ. بَل يَجْعَلُ ذَنْبَ الآبَاءِ عَلى الأَبْنَاءِ إِلى الجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. 19اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هَذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ وَكَمَا غَفَرْتَ لِهَذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلى هَهُنَا».
ع10: بلغ التطاول والتذمر شدته وبدلاً من أن يسمع الشعب ليشوع وكالب الشاهدين الأمينين، انقلب بالأكثر عليهما بل وطالب برجمهما حتى الموت، فإذ رأى الله كل هذا التذمر بل محاولة قتل يشوع وكالب، تدخل سريعًا فظهر بمجده فى الخيمة لكل الشعب.
ع11: بدأ الرب حديثه مع موسى، معلنًا غضبه على الشعب وموضحًا لموسى الشر العظيم الذى وقعوا فيه، وأظهر الرب غضبه باستخدام تعبير صعب إذ اعتبر أن ما صنعه الشعب هو إهانة لشخصه القدوس. إذ أن تذمرهم هو عدم إيمان بقدرة الله أو تصديق لوعوده المقدسة وعدم عرفان وشكر لكل ما سبق وصنع بهم.
ع12: أعلن الله لموسى عن عقابه المزمع أن يقوم به وهو وباء يرسله ليبيد الشعب، ويجعل من موسى وهارون والأمناء من الشعب بداية جديدة لشعب جديد أعظم وأكبر عددًا.. كما فعل مع نوح سابقًا عند تجديد الخليقة. فالله فى عدله لا يشمل عقابه الكل بل الخطاة وحدهم، أما من كانوا أمناء وحفظوا عهوده يحفظهم الله من التجربة الصعبة ولا يعاقبهم.
ع13، 14: بدأ موسى المحب والشفيع والمحامى لشعبه فى المرافعة والدفاع عنهم، فقد أزعجه كثيرًا أن يباد الشعب، وإذ غُلب من حبه لشعبه تكلم مع الله قائلاً … لقد أصعدت يا إلهى بذراعك القوية هذا الشعب من أرض مصر وعلمت جميع الشعوب أنك صرت لنا قائدًا وملكًا ولك سكنًا فى وسطنا، ونحن شعبك عايناك عينًا لعين ورأينا مجدك على جبل حوريب وظللتنا بسحابتك وقدتنا بعمود السحاب وعمود النار نهارًا وليلاً.
ع15، 16: فإذا حدث وأتممت عقابك بفناء هذا الشعب، ألا يقول المصريون ومعهم كل الشعوب الذين سمعوا بأعمالك السابقة معنا ثم بقصاصك من شعبك .. أن إلههم لم ينفذ لهم وعده الذى سبق ووعد به بإدخالهم إلى الأرض، بل على العكس فقد أهلكهم وتخلص منهم فى الصحراء؟!
ع17: لتعظم قدرة سيدى: تعبير مدح وتمجيد لله ومقدمة لما سوف يطلبه موسى من الله.
يقدم موسى لله المجد، إذ هو وحده كلىّ القدرة وفى يده كل الأحكام، ويذكره بوعوده السابقة التى قطعها مع شعبه على الجبل وذكرت فى (خر34: 6، 7).
ع18: أما هذه الكلمات التى نطق بها الله قبلاً ويستخدمها موسى هنا هى مراجعة كما ذكرنا لما قاله الله وهو :
الرب طويل الروح : لقد سبق وأعلنت يا الله مراحمك وطول أناتك نحو شعبك، ونحن نتمسك بهذا كوعد منك لنا نطالب الآن بتنفيذه فينا.
يغفر الذنب : أى تسامح شعبك وتنسى خطيته إذا أتى إليك تائبًا، وهو ما يتمشى ويتفق مع السيد المحسن الكريم على عبيده.
لا يبرئ بل يجعل… : أى الله أيضًا عادل فى حالة عدم توبة عبيده، فمراحمه الواسعة والكثيرة تتمشى جنبًا إلى جنب مع عدله، وتعبير “ذنب الآباء على الأبناء” معناه أنه فى أحيان كثيرة يجنى الأبناء نتيجة سوء تصرف الآباء، كالآباء المسرفين الذين يبددون ميراثهم ويتركون أبناءهم فى فقر، أو الأمراض الوراثية التى يكون الآباء المنحرفون سببًا لأبنائهم فيها.
ولكن هذا القول ليس مطلقًا بدليل أن الله عاقب الشعب الذى أخطأ بعدم إدخاله إلى الأرض، ولكن من كان دون العشرين عامًا لم تأتِ عليه العقوبة بل دخل أرض الموعد. وكخلاصة للقول فالله يعلن اتساع مراحمه للتائبين من الخطاة وشدة عدله مع الرافضين والعصاة؛ والمقصود أيضًا بجعل ذنب الآباء على الأبناء هو سلوك الأبناء فى الشر مثل آبائهم فيعاقبهم بعدله لأجل شرورهم التى اكتسبوها من آبائهم وامتدت عبر الأجيال.
ع19: يستمر موسى فى توسله وشفاعته من أجل الشعب إلى الله ويطلب أن يرحمه ويغفـر خطيته كنعمته وخلاصه الإلهى بصرف النظر عن استحقاق هذا الشعب لهذه المغفرة أم لا !!. ويُذَكِّر الله أيضًا أن هذا ليس شيئًا جديدًا على قلبه الأبوى، فقد سبق وغفر لشعبه مرات كثيرة منذ خروجه من أرض مصر.
- ليتنا جميعًا نملك هذا القلب المحب الذى لموسى النبى، فنتعلم أن نصلى من أجل الجميع وخاصة المسيئين والبعيدين ونطلب مراحم الله للجميع، فمن أكثر الأمور المفرحة لقلب الله أن نصلى للمسيئين والبعيدين قبل أن نصلى لأنفسنا.
(3) حديث الرب مع موسى واستجابة شفاعته (ع20-25):
20فَقَال الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ. 21وَلكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ الأَرْضِ مِنْ مَجْدِ الرَّبِّ 22إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الذِينَ رَأُوا مَجْدِي وَآيَاتِي التِي عَمِلتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي البَرِّيَّةِ وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ وَلمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي 23لنْ يَرُوا الأَرْضَ التِي حَلفْتُ لِآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ الذِينَ أَهَانُونِي لا يَرُونَهَا. 24وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَاماً أُدْخِلُهُ إِلى الأَرْضِ التِي ذَهَبَ إِليْهَا وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا. 25وَإِذِ العَمَالِقَةُ وَالكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الوَادِي فَانْصَرِفُوا غَداً وَارْتَحِلُوا إِلى القَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ».
ع20: تأتى إجابة الله مفرحة جدًا لموسى، فيعلن مغفرته وصفحه عن شعبه، والله فى اتضاعه العجيب ورفعه لشأن شفاعة موسى المقبولة يقول لـه “حسب قولك“، فأيّة كرامة إذًا لرجال الله القديسين، فالله يسامح الشعب هنا من أجل طلبة موسى، ومرة أخرى يغلق السماء فلا تمطر كما طلب إيليا ؟!
ع21: حى أنا : صيغة قسم وتأكيد مساوية للتعبير “بذاتى أقسمت”.
يكمل الله حديثه مع موسى فيقول أنه مع استجابتى لطلبك بالمغفرة، ولكن مجدى المالئ الأرض كلها يستوجب أيضًا أن أجرى عدلى. ويعتبر هذا العدد مقدمة لحكم الله فى الأعداد القادمة.
ع22، 23: أما عدل الله فكان قضاؤه كالآتى : أن كل الجيل الذى عاين قوة الله وذراعه الرفيعة وكيف أخرجهم من أرض مصر، ستكون عقوبته أنه لن يرى الأرض التى وعد بها الله آباءهم ولن يدخلوها ويتملكوها، ويعلِّل الله عدم استحقاق هذا الجيل لهذه النعمة بأنهم أهانوه إهانة كبيرة وهم المختبرون له عشر مرات ومع هذا تذمروا عليه، والمقصود بعشر مرات أى مرات كثيرة ولكن حرفيًا أيضًا اختبروه فى العشر ضربات بأرض مصر وكذلك عشر مرات فى مواضع مختلفة نوضحها هنا بذكر عشرة مواقف اختبر فيها الشعب الله وقوته، وإن كان المعنى المقصود أنهم جربونى مرات كثيرة.
- قتل أبكار المصريين ونجاة أبكارهم.
- عند عبورهم البحر الأحمر ومطاردة فرعون وكل جيوشه لهم (خر14: 10-12).
- تذمرهم بسبب مرارة الماء فى مارة وما صنعه الرب معهم (خر15: 24).
- عبادة العجل الذهبى عند صعود موسى الجبل وتأخره عليهم ومعاقبتهم (خر32: 1).
- تذمرهم لأجل الطعام فى أرض سين (خر16: 2، 3).
- تذمرهم مرة أخرى من أجل اللحم (ص11: 4-6).
- تذمرهم فى تبعيرة ومعاقبتهم بحريق المحلة فى أطرافها (ص11: 1-3).
- مخالفة الشعب وإبقاء المن لليوم الثانى (خر16: 20).
- مخالفة الشعب وجمع المن يوم السبت (خر16: 27، 28).
- وأخيرًا تذمرهم بسبب كلام الجواسيس فى قادش رفيع (ص14: 1-4).
ع24: يستثنى الله كالب، وبالطبع يشوع بن نون ولكن كالب كان هو المتقدم فى الكلام، من هذه العقوبات، فالله عادل ولا ينسى هنا موقف كالب ابن يفنة الذى كان تصرفه وإيمانه غير تصرف الشعب “روح أخرى” ولأنه تبع الله بكل قلبه فسوف يدخله إلى الأرض ويجعل له نصيبًا فيها وميراثًا لنسله من بعده.
ع25: يسكن العمالقة الجبال ويسكن الكنعانيون بجوار سواحل البحر المتوسط، وإذ سمع الاثنان، العمالقة والكنعانيون، عن شعب بنى إسرائيل واقترابه وقوة إلههم تجمعا فى الوادى فى حالة من حالات الاستعداد للحرب. وهنا يحذر الله بمحبته وأبوته الشعب من الحرب وملاقاة أعدائهم فى الوادى ويأمرهم بالانصراف فى الغد إلى الصحراء جنوبًا فى اتجاه البحر الأحمر.
وبالطبع هذا الأمر يتمشى أيضًا مع عقوبة الله للشعب وقصده بعدم دخولهم فى هذا الوقت.
- إن كنت ترفض طاعة الله فستحرم نفسك من بركات كثيرة، وإذا خسرتها قد لا تستطيع تعويضها، فانتهز كل فرصة لتقترب إلى الله وتتمتع بعشرته... اليوم فرصة لتتوب وتطلب مراحمه وتترك عنك كل شر.
(4) حديث الرب عن عقوبته وموت الجواسيس العشرة (ع26-38):
26وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: 27«حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهَذِهِ الجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ المُتَذَمِّرَةِ عَليَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيل الذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَليَّ. 28قُل لهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ لأَفْعَلنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ. 29فِي هَذَا القَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً الذِينَ تَذَمَّرُوا عَليَّ. 30لنْ تَدْخُلُوا الأَرْضَ التِي رَفَعْتُ يَدِي لِأُسْكِنَنَّكُمْ فِيهَا مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ. 31وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الذِينَ قُلتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ فَيَعْرِفُونَ الأَرْضَ التِي احْتَقَرْتُمُوهَا. 32فَجُثَثُكُمْ أَنْتُمْ تَسْقُطُ فِي هَذَا القَفْرِ 33وَبَنُوكُمْ يَكُونُونَ رُعَاةً فِي القَفْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَيَحْمِلُونَ فُجُورَكُمْ حَتَّى تَفْنَى جُثَثُكُمْ فِي القَفْرِ. 34كَعَدَدِ الأَيَّامِ التِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا الأَرْضَ أَرْبَعِينَ يَوْماً لِلسَّنَةِ يَوْمٌ. تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي. 35أَنَا الرَّبُّ قَدْ تَكَلمْتُ. لأَفْعَلنَّ هَذَا بِكُلِّ هَذِهِ الجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ المُتَّفِقَةِ عَليَّ. فِي هَذَا القَفْرِ يَفْنُونَ وَفِيهِ يَمُوتُونَ».
36أَمَّا الرِّجَالُ الذِينَ أَرْسَلهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ وَرَجَعُوا وَسَجَّسُوا عَليْهِ كُل الجَمَاعَةِ لِإِشَاعَةِ المَذَمَّةِ عَلى الأَرْضِ 37فَمَاتَ الرِّجَالُ الذِينَ أَشَاعُوا المَذَمَّةَ الرَّدِيئَةَ عَلى الأَرْضِ بِالوَبَإِ أَمَامَ الرَّبِّ.
38وَأَمَّا يَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الذِينَ ذَهَبُوا لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ فَعَاشَا.
ع26، 27: كان الحديث السابق موَّجه إلى موسى وحده، وهنا الكلام يوجهه الله إلى موسى وهارون معا … ويأتى الكلام فى الآيات القادمة تأكيدًا لعدل الله وقضائه ولكنه يوضح لموسى وهارون أسباب هذا القضاء، فيبدأ كلامه بصيغة استفهامية استنكارية لما حدث من الشعب ويقول “إلى متى” وهو تعبير يفيد كثرة مغفرته السابقة وطول أناته عليهم ويفيد أيضًا وجوب تأديبهم بسبب كثرة تذمراتهم.
ع28: يؤكد الله هنا بصيغة القسم “حى أنا” أنه سوف يعاقبهم بالعقوبة نفسها التى أنزلوها على أنفسهم عندما قالوا فى ثورة تذمرهم “ليتنا متنا فى هذا القفر” (ع2).
تكلمتم به فى أذنى : تعبير استخدمه الله نفهم منه جميعًا أن كل ما يقوله الإنسان وينطق به بلسانه أو كل ما يفكر به فى قلبه هو مسموع فى أذنى الله.
- احترس أيها الحبيب وأسأل نفسك هل كل ما تقوله ويسمعه الله مرضى أمامه؟ وإن لم يكن فعليك إذَّا الاحتراس والتدقيق لئلا تجلب على نفسك غضبًا وسخطًا، فالاعتياد على كلمات الشكر يبعد الإنسان عن دائرة التذمر.
ع29، 30: رفعت يدى : تعبير عن الوعد أو القسم الذى وعد به الله شعبه.
أما قضاء الله فكان أن كل من تجاوز عمره العشرين عامًا من الشعب، أى راشدًا وواعيًا لما يقوله، لن يدخل هذه الأرض بل سوف يموت فى الصحراء. واستثنى الله من هذا العقاب الجاسوسين الشجاعين يشوع تلميذ موسى وكالب الذى تكلم أمام الشعب ليقوى عزيمته.
ع31، 32: كذلك أيضًا يستثنى الله الذين عمرهم أقل من 20 سنة الذين قال عنهم بنو إسرائيل أنهم سيكونون غنيمة وأسرى وعبيدًا لدى الكنعانيين … فهم فقط الذين سيدخلون هذه الأرض ويرثونها ويعرفون خيراتها وجودتها ويتمتعون بما احتقره بنو إسرائيل، وأما الباقون فلن يتمكنوا من كل ذلك إذ سوف يموتون فى الصحراء.
ع33، 34: فجوركم : تمردكم وثورتكم وتذمركم.
إلا أن العقوبة سوف تشمل بنيكم أيضًا نسبيًا، إذ أنه بسبب تذمركم وثورتكم سيظل بنوكم تائهين فى القفر لمدة أربعين سنة بدلاً من التمتع بها الآن وذلك حتى يفنى كل الجيل الحالى والذى جاوز عمره العشرين، ولقد حدّد الله الأربعين سنة باعتبار أنه إن كانت أيام تجسسهم الأرض بلغت أربعين يومًا ستكون عقوبة كل يوم سنة كاملة يدفع فيها الشعب ثمن تذمره ويعرفون فيها غضب الله عليهم وعدم مسيرته وابتعاده عنهم. وتغرب الأبناء 40 سنة فى سيناء يعلمهم شناعة خطية التمرد ونتائجها السيئة حتى يطيعوا الله طوال حياتهم.
ع35: يؤكد الرب فى هذا العدد أن كل ما تكلم به لا رجعة فيه، واصفًا شعبه الذى اعتبره ابنًا وبكرًا له، بالشعب الشرير والجماعة الخاطئة التى تآمرت على ملكها وأبيها “متفقة علىّ” ورفضت سلطانه ولم تثق فى قوة ذراعه القادرة على القضاء على أعدائهم.
ع36-38: سجسوا : شككوا الشعب وزعزعوا إيمانهم بالله.
أما العشرة الجواسيس الذين أعثروا الشعب وشككوهم وأرهبوهم من الدخول إلى الأرض، فكان قضاء الله عليهم سريعًا وجماعيًا، إذ أصابهم وباء فمات العشرة جواسيس بسبب عثرتهم، أما كالب بن يفنة ويشوع بن نون فلم يشملهم العقاب، فالله العادل يعطى كل إنسان بحسب استحقاقه.
- هناك أناس مصدر عثرة يتعبون البسطاء بكلامهم ونميمتهم ربما عن الكنيسة أو مختلف الأمور، وهناك أيضًا أناس مصدر للبركة والسلام .. يكون كلامهم قليلاً ولكنه مؤثر ونافع للبنيان .. فمن أى الفريقين أنت !!؟!
(5) ندم الشعب وهزيمته (ع39-45):
39وَلمَّا تَكَلمَ مُوسَى بِهَذَا الكَلامِ إِلى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيل بَكَى الشَّعْبُ جِدّاً. 40ثُمَّ بَكَّرُوا صَبَاحاً وَصَعِدُوا إِلى رَأْسِ الجَبَلِ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَحْنُ! نَصْعَدُ إِلى المَوْضِعِ الذِي قَال الرَّبُّ عَنْهُ فَإِنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا». 41فَقَال مُوسَى: «لِمَاذَا تَتَجَاوَزُونَ قَوْل الرَّبِّ؟ فَهَذَا لا يَنْجَحُ. 42لا تَصْعَدُوا لأَنَّ الرَّبَّ ليْسَ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلا تَنْهَزِمُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ. 43لأَنَّ العَمَالِقَةَ وَالكَنْعَانِيِّينَ هُنَاكَ قُدَّامَكُمْ تَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ. إِنَّكُمْ قَدِ ارْتَدَدْتُمْ عَنِ الرَّبِّ فَالرَّبُّ لا يَكُونُ مَعَكُمْ». 44لكِنَّهُمْ تَجَبَّرُوا وَصَعِدُوا إِلى رَأْسِ الجَبَلِ. وَأَمَّا تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ وَمُوسَى فَلمْ يَبْرَحَا مِنْ وَسَطِ المَحَلةِ. 45فَنَزَل العَمَالِقَةُ وَالكَنْعَانِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي ذَلِكَ الجَبَلِ وَضَرَبُوهُمْ وَكَسَّرُوهُمْ إِلى حُرْمَةَ.
ع39، 40: استمع الشعب لكلام موسى وشعروا بخطئهم الجسيم الذى استحقوا عليه عقاب الله وعبّر الشعب عن ندمه ببكائه، وأرادوا أن يكفروا عن خطئهم بأن يصعدوا ويحاربوا العمالقـة والكنعانييـن، ولم يفهموا قصد الرب من عقابهم ولم يلتفتوا إلى تحذيره من أعدائهم (ع25).
ع41-43: أما موسى الراعى الأمين والإنسان الروحى المختبر لحكمة الله وقصده فقد قام بتحذير الشعب بألا يفعلوا شيئًا بدون أمر الله، فكل من اعتمد على فكره وفهمه بدون التدبير الإلهى لن ينجح فيه؛ وأضاف فى تحذيره أيضًا أن الله ليس معهم وليس فى وسطهم فى هذه الحرب ولهذا فلن ينتصروا .. وأضاف أن أعداءهم العمالقة والكنعانيين فى حالة تأهب واستعداد لهم ويحملون سيوفهم وأن الله سوف لا يتدخل ولن يحمى شعبه من أعدائه وسيكون مصيرهم القتل بالسيف بسبب خطئهم وارتدادهم عن الله.
ع44، 45: فى كبرياء وعناد لم يستمع الشعب إلى قائدهم وصعدوا لملاقاة أعدائهم بدون موسى، المرشد، وبدون تابوت العهد، الذى يمثل وجود الله، وإذ تصرف الشعب بحماقة واندفاع ولم يسمع لصوت أبيه الروحى، نزل عليهم الكنعانيون والعمالقة المتربصون بهم بالجبل وحاربوا الشعب وأوقعوا به أشر هزيمة وانكسار.
كسرهم إلى حرمة : حرمة مكان بجنوب فلسطين على حدود أدوم وسمى حرمة لأنه هناك حرمهم العمالقة أى قتلوهم.
- إن طاعة الأب الروحى فى سر الاعتراف واجبة، فالمتحدث فى السر هو الروح القدس، فلا تعاند وتقسى قلبك فتفقد بركة الطاعة وبركة الله ذاته.
- https://copticorthodox.church/testament/%d8%b3%d9%90%d9%81%d9%92%d8%b1%d9%8f-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8e%d8%af%d9%8e%d8%af%d9%90/
- https://en.wikipedia.org/wiki/Pope_Tawadros_II_of_Alexandria