البوقان الفضيان وارتحال الشعب من سيناء
(1) البوقان الفضيان واستخدامهما (ع1-10): 1وكلم الرَّبُّ مُوسَى قائلاً: 2«اصْنَعْ لكَ بُوقَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ. مَسْحُوليْنِ تَعْمَلُهُمَا فَيَكُونَانِ لكَ لِمُنَادَاةِ الجَمَاعَةِ وَلاِرْتِحَالِ المَحَلاتِ. 3فَإِذَا ضَرَبُوا بِهِمَا يَجْتَمِعُ إِليْكَ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ. 4وَإِذَا ضَرَبُوا بِوَاحِدٍ يَجْتَمِعُ إِليْكَ الرُّؤَسَاءُ رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيل. 5وَإِذَا ضَرَبْتُمْ هُتَافاً تَرْتَحِلُ المَحَلاتُ النَّازِلةُ إِلى الشَّرْقِ. 6وَإِذَا ضَرَبْتُمْ هُتَافاً ثَانِيَةً تَرْتَحِلُ المَحَلاتُ النَّازِلةُ إِلى الجَنُوبِ. هُتَافاً يَضْرِبُونَ لِرِحْلاتِهِمْ. 7وَأَمَّا عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ الجَمَاعَةَ فَتَضْرِبُونَ وَلا تَهْتِفُونَ. 8وَبَنُو هَارُونَ الكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. فَتَكُونُ لكُمْ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ. 9وَإِذَا ذَهَبْتُمْ إِلى حَرْبٍ فِي أَرْضِكُمْ عَلى عَدُوٍّ يَضُرُّ بِكُمْ تَهْتِفُونَ بِالأَبْوَاقِ فَتُذْكَرُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَتُخَلصُونَ مِنْ أَعْدَائِكُمْ. 10وَفِي يَوْمِ فَرَحِكُمْ وَفِي أَعْيَادِكُمْ وَرُؤُوسِ شُهُورِكُمْ تَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ عَلى مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحِ سَلامَتِكُمْ فَتَكُونُ لكُمْ تِذْكَاراً أَمَامَ إِلهِكُمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ».
ع1، 2: استمرارًا لرعاية الله لشعبه واهتمامه بتنظيم أموره، أمر الرب موسى بصناعة بوقين من الفضة وتكون صناعتهما بالطرق والنحت وليس بالسبك “مسحولين”. وأوضح الله الغرض الأول والأساسى من صناعة هذين البوقين وهو الاتصال بالشعب ومناداتهم ودعوتهم للارتحال أو لأمور أخرى كما سنرى فى الأعداد القادمة، ويلاحظ أيضًا أنه تم الكلام عن الأبواق سابقًا فى (لا23).
وقد أمر الله موسى بعمل بوقين لأنه كان هناك كاهنان فقط هما ألعازار وإيثامار ابنا هارون. ولكن فيما بعد زاد عدد الكهنة كثيرًا فكانت هناك أبواق كثيرة، ففى أيام داود كان هناك سبعة أبواق (أى15: 24) وفى أيام سليمان كان هناك مائة وعشرون بوق (2أى5: 12).
ع3: إذا نفخ الكهنة فى كل من البوقين معًا، كانت هذه علامة لدعوة كل جماعة إسرائيل للتجمع أمام باب الخيمة لإعلان شئ هام.
ع4: أما إذا نفخ فى بوق واحد، كانت هذه دعوة لرؤساء الألوف فقط وهم بالطبع الرؤساء المشرفون على رؤساء المئات ورؤساء الخمسينات ورؤساء العشرات الموضوعين لحل مشاكل الشعب كقضاة لهم.
ع5: إذا كان الضرب فى البوق بغرض الارتحال، فعند صدور الصوت الأول تكون هذه إشارة لبدء ارتحال أسباط الجانب الشرقى الثلاثة وهى أسباط يهوذا ويساكر وزبولون.
ع6: يكون الصوت الثانى لارتحال المحلات النازلة جنوب الخيمة، وهى محلات أسباط رأوبين وشمعون وجاد، وإن كان لم يذكر بعد ذلك الصوت الثالث والرابع لرحيل باقى المحلات إلاّ أنه مفهوم ضمنًا ومعروف ترتيب الارتحال فكانت محلات الغرب هى الثالثة ثم محلات الشمال.
ع7: تضربون : أى النفخ فى البوقين نفخًا متقطعًا عاديًا.
تهتفون : أى النفخ نفخًا متصلاً عاليًا.
فرق الله بين طريقتين لاستخدام البوقين وكل طريقة تستخدم استخدامًا محددًا لغرض محدد، فعند الارتحال يكون صوت البوقين مستمرًا ومتصلاً وعاليًا جدًا حتى يتنبه الجميع لحدث الارتحال، وسميت هذه الطريقة بالهتاف. أما إذا كان الصوت عاديًا ومتقطعًا، فُهِمَ منه أنه لدعوة الجماعة دون ارتحالهم وسميت هذه الطريقة بضرب الأبواق.
ع8: أما النفخ فكان قاصرًا على الكهنة وهم بنو هارون ونسلهم فقط، أما فى الأعياد مثل عيد الهتاف فكان اللاويون يعلنون عن العيد بالهتاف فى الأبواق بين الشعب (لا23: 23).
ع9: فى أرضكم : أى أرض كنعان.
يضر بكم : يعتدى عليكم.
أمر الله أيضًا باستخدام الأبواق عند حالة الحرب، فإذا اضطرت الظروف الشعب للحرب والدفاع عن أرضهم الموعودة ضد أعدائهم، كان عليهم أيضًا استخدام الأبواق وكان الغرض من ذلك بجانب تنبيه الجنود والشعب للحرب أن تكون علامة صلاة والتجاء لله بدليل قولـه “فتذكرون أمام الرب” ومعناها أنه عندما يرى الرب التجاء الشعب لـه ينصرهم على أعدائهم.
وفعلاً استخدمت الأبواق بعد ذلك فى كل حروب الشعب مثلما حدث مع أسوار أريحا أيام يشوع وكذلك الحرب مع المديانيين أيام جدعون (قض7: 19).
ع10: رؤوس شهوركم : بداية الشهور.
أما آخر الأمور التى طلب الرب من موسى والشعب استخدام الأبواق فيها، فهى الإعلان المفرح عن الأعياد وعن رؤس شهور السنة الدينية والتى كان يحتفل بها أيضًا، وكان أيضًا يبوق عند تقديم ذبائح الأعياد والمناسبات الروحية.
تكون لكم تذكارًا أمام الرب : أى تشهد هذه الأعياد والاحتفالات بكم بأنكم حفظتم وصايا الرب وعملتم كما أمر بها، فيسر قلبه بكم ويبارك أعيادكم ومواسمكم الروحية.
وصوت الأبواق يرمز لكلمة الله التى تعلمها الكنيسة لشعبها.
? اختفت الأبواق ولم يعد لها استخدام فى المسيحية ولكن حلت مكانها ما هى أقوى منها وهى صلوات التسبحة الكنسية والتى يهتف بها القلب قبل الفم.. فهل شاركت الكنيسة فى صلوات تسبحتها قبلاً .. وهل تأملت فى قوة معانيها الروحية والسلام القلبى الذى تمنحه لمن رددها وهتف بها .. لا تدع هذا الأمر يفوتك وحاول أن تبدأ بالبسيط وخاصة أنها صارت متاحة على شرائط وباللغة العربية أيضًا.
(2) الارتحال من برية سيناء (ع11-28):
11وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فِي العِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنْ مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ. 12فَارْتَحَل بَنُو إِسْرَائِيل فِي رِحْلاتِهِمْ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فَحَلتِ السَّحَابَةُ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ.
13ارْتَحَلُوا أَوَّلاً حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ عَنْ يَدِ مُوسَى. 14فَارْتَحَلتْ رَايَةُ مَحَلةِ بَنِي يَهُوذَا أَوَّلاً حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ وَعَلى جُنْدِهِ نَحْشُونُ بْنُ عَمِّينَادَابَ. 15وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي يَسَّاكَرَ نَثَنَائِيلُ بْنُ صُوغَرَ.
16وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي زَبُولُونَ أَلِيآبُ بْنُ حِيلُونَ. 17ثُمَّ أُنْزِل المَسْكَنُ فَارْتَحَل بَنُو جَرْشُونَ وَبَنُو مَرَارِي حَامِلِينَ المَسْكَنَ. 18ثُمَّ ارْتَحَلتْ رَايَةُ مَحَلةِ رَأُوبَيْنَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ وَعَلى جُنْدِهِ أَلِيصُورُ بْنُ شَدَيْئُورَ. 19وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي شَمْعُونَ شَلُومِيئِيلُ بْنُ صُورِيشَدَّاي. 20وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي جَادَ أَلِيَاسَافُ بْنُ دَعُوئِيل. 21ثُمَّ ارْتَحَل القَهَاتِيُّونَ حَامِلِينَ المَقْدِسَ. (وَأُقِيمَ المَسْكَنُ إِلى أَنْ جَاءُوا) 22ثُمَّ ارْتَحَلتْ رَايَةُ مَحَلةِ بَنِي أَفْرَايِمَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ وَعَلى جُنْدِهِ أَلِيشَمَعُ بْنُ عَمِّيهُودَ. 23وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي مَنَسَّى جَمْلِيئِيلُ بْنُ فَدَهْصُورَ. 24وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي بِنْيَامِينَ أَبِيدَنُ بْنُ جِدْعُونِي. 25ثُمَّ ارْتَحَلتْ رَايَةُ مَحَلةِ بَنِي دَانَ سَاقَةِ جَمِيعِ المَحَلاتِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ وَعَلى جُنْدِهِ أَخِيعَزَرُ بْنُ عَمِّيشَدَّاي.
26وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي أَشِيرَ فَجْعِيئِيلُ بْنُ عُكْرَنَ. 27وَعَلى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي نَفْتَالِي أَخِيرَعُ بْنُ عِينَنَ. 28هَذِهِ رِحْلاتُ بَنِي إِسْرَائِيل بِأَجْنَادِهِمْ حِينَ ارْتَحَلُوا.
ع11: بعد أحد عشر شهرًا وتسعة عشر يومًا قضاها الشعب فى برية سيناء، إذ كان نزولهم البرية فى أول الشهر الثالث من السنة الأولى (خر19: 1) وارتحالهم منها فى اليوم العشرين من الشهر الثانى من السنة الثانية، إرتفعت السحابة أى عمود السحاب عن الخيمة فى إشارة واضحة من الله لبدء تحرك الشعب.
وكملخص لأحداث هذه الفترة يمكن أن نقول أن أهم أحداثها كان :
- رؤية مجد الله عند ذهاب موسى والرؤساء إلى الجبل.
- استلام الوصايا العشر.
- حصر الشعب والأبكار واللاويين.
- إقامة خيمة الاجتماع.
- استلام طقس الذبائح والأعياد.
- رسامة الكهنة وإقامة وتكريس اللاويين للخدمة.
ع12: ترك بنو إسرائيل برية سيناء متجهين شمالاً، وبعد مسيرة ثلاثة أيام وصلوا إلى برية فاران المتسعة والتى قضوا بها بعد ذلك 38 عامًا. وبرية فاران برية متسعة تشمل وسط سيناء الحالية وتمتد حتى غرب مدينة العريش شمالاً وتجاوز خليج العقبة وتختلط مع برية صين… أنظر الخريطة آخر الكتاب.
ع13: ارتحلوا أولاً : أى ارتحلوا لأول مرة.
بدأ الارتحال الأول للشعب كما أمر الرب موسى وأوضح له ترتيب هذا الارتحال فى الاصحاح الثانى (ص2: 9)… وقد أوضح لنا الوحى هنا التزام الشعب وطاعته للنظام الذى وضعه الله فقدم لنا تفصيلاً لهذا الارتحال فى الاعداد التالية من (ع14-28).
ع14-28: ارتحلت راية محلة : كناية عن ارتحال الجماعة حاملة رايتها (علمها).
جند – أجناد : أى الرجال الأشداء المعدودين للحرب.
ساقة : مؤخرة.
حسب أجنادهم : حسب ترتيب جماعتهم.
سبق وأعلن الله ترتيب هذا الارتحال (ص2) ولهذا سنوجز هنا هذا الارتحال.
- إرتحال المجموعة الأولى وهى مجموعة يهوذا وتشمل الثلاثة أسباط الشرقية، وذكر أسماء الأسباط “يهوذا ويساكر وزبولون” كما ذكر أيضًا أسماء رؤساء هذه الأسباط.
- أما المجموعة الثانية فكانت لعشائر اللاويين، بنى جرشون وبنى مرارى، وكانوا يحملون الخيمة الخارجية دون محتوياتها الداخلية ويتبعون مجموعة يهوذا مباشرة.
- المجموعة الثالثة : كانت للأسباط القبلية وشملت محلة أو سبط رأوبين ثم شمعون وجاد تحت راية رأوبين.
- المجموعة الرابعة : وكانت للفرقة الثالثة من فرق اللاويين وهى فرقة القهاتيين والتى كانت تحمل على أكتافها – دون عربات – محتويات ومشتملات وأدوات المسكن الداخلى كالتابوت ومائدة خبز الوجوه والمنارة.
- المجموعة الخامسة : وهى محلة أفرايم وشملت الأسباط “أفرايم ومنسى وبنيامين” وهى التى كانت تقع فى الجهة الغربية من خيمة الاجتماع.
- المجموعة الأخيرة : وهى مجموعة بنى دان وأسباطها الثلاثة هم “دان وأشير ونفتالى” وهى الأسباط الشمالية وكانت هذه المجموعة هى مؤخرة الشعب كله.
ملاحظة : لاحظ حكمة الله فى ارتحال اللاويين إذ جعلهم يرتحلون على مرحلتين، المرحلة الأولى (ع17) وهى ارتحال الجرشونيين والمراريين حاملى المسكن والأمور الثقيلة (مستخدمى العربات) بعد ارتحال أسباط يهوذا، وبعد ارتحالهم تأتى مجموعة أسباط رأوبين قبل مجموعة القهاتيين الحاملة لمحتويات المقدس الخفيفة (ع21)، وذلك حتى يعطى الله فسحة من الوقت للمجموعة الأولى من اللاويين لإنزال الخيمة وإقامتها، فمتى جاء الآخرون وضعوا بداخلها محتوياتها.
(3) حديث موسى مع حوباب (ع29-32):
29وَقَال مُوسَى لِحُوبَابَ بْنِ رَعُوئِيل المِدْيَانِيِّ حَمِي مُوسَى: «إِنَّنَا رَاحِلُونَ إِلى المَكَانِ الذِي قَال الرَّبُّ أُعْطِيكُمْ إِيَّاهُ. اذْهَبْ مَعَنَا فَنُحْسِنَ إِليْكَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلمَ عَنْ إِسْرَائِيل بِالإِحْسَانِ». 30فَقَال لهُ: «لا أَذْهَبُ بَل إِلى أَرْضِي وَإِلى عَشِيرَتِي أَمْضِي». 31فَقَال: «لا تَتْرُكْنَا لأَنَّهُ بِمَا أَنَّكَ تَعْرِفُ مَنَازِلنَا فِي البَرِّيَّةِ تَكُونُ لنَا كَعُيُونٍ. 32وَإِنْ ذَهَبْتَ مَعَنَا فَبِنَفْسِ الإِحْسَانِ الذِي يُحْسِنُ الرَّبُّ إِليْنَا نُحْسِنُ نَحْنُ إِليْكَ».
ع29: حوباب : هو ابن رعوئيل أى أخو صفورة زوجة موسى ورعوئيل هو حمو موسى وكذلك يعتبر فى عرف العرب أن حوباب، أى أخا صفورة زوجة موسى، يعتبر حما موسى أيضًا، واسم حوباب يعنى المحبوب.
طلب موسى من حوباب أن يرافقهم فى رحلتهم بالبرية لينال من خيرات الله التى وعدهم بها، إذ سينتقلوا من برية سيناء إلى برية فاران فى طريقهم إلى أرض الميعاد.
ع30: جاء رد حوباب بالاعتذار لصعوبة ترك أرضه وعشيرته كحال الكثيرين من الناس الذين لا يتركون ديارهم إلى المجهول.
ع31: كرّر موسى طلبه موضحًا هذه المرة احتياجه لحوباب كمعين له يعرف الصحراء والبرية أكثر من أى أحد، فيكون للشعب بمثابة العين التى تبصر وترشد الإنسان إلى طريقه. وحوباب بالطبع يعرف تضاريس المنطقة أكثر من أى أحد أى يعرف المراعى وعيون الماء فيكون لهم مرشدًا فى البرية.
ولا يلغى هذا إيمان موسى بأن الله هو القائد الحقيقى لشعبه عن طريق عمود السحاب وعمود النار ولكنه يشجع حوباب بأن له عمل وخدمة معهم وهى إرشادهم لبعض عيون الماء أثناء طريقهم، مع أن الأساس هو الماء الذى يتدفق من الصخرة والذى يعطيهم الرب الإله.
ع32: تكرار لنفس العرض الذى قدمه موسى لحوباب فى (ع29) بالاشتراك فى الخيرات التى وعد الله بها الشعب، ولم يذكر هنا أيَّة إجابة لحوباب وهل ذهب معهم أم لا، وإن كانت هناك إشارة إلى ذهاب أهل زوجة موسى إلى أرض الموعد فى (قض4: 11)، ولهذا من الأرجح أنه ذهب مع موسى.
? رأى البعض فى موسى القلب المحب والذى لا ينسى المعروف، وكقلب خادم غيور أراد أن يرد الجميل لأهل زوجته بأن يشاركوه فى الارتحال ثم الخيرات التى سوف يعطيها الله لشعبه وكخادم غيور ألح فى مطلبه أكثر من مرة..؛ فهل لدينا نحن أيضًا هذا القلب الداعى والكارز للنفوس البعيدة بالمشاركة فى خيرات المسيح والكنيسة !!؟
(4) التابوت يتقدم الارتحال (ع33-36):
33فَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ الرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ لِيَلتَمِسَ لهُمْ مَنْزِلاً. 34وَكَانَتْ سَحَابَةُ الرَّبِّ عَليْهِمْ نَهَاراً فِي ارْتِحَالِهِمْ مِنَ المَحَلةِ. 35وَعِنْدَ ارْتِحَالِ التَّابُوتِ كَانَ مُوسَى يَقُولُ: «قُمْ يَا رَبُّ فَلتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ». 36وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ: «ارْجِعْ يَا رَبُّ إِلى رَبَوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيل».
ع33: جبل الرب : أى جبل حوريب ببرية سيناء.
ليلتمس لهم منزلاً : تعبير معناه ليرشدهم الله أين ينزلون.
هل كان التابوت يتقدم الشعب ؟!… طبقًا للنظام الذى وضعه الله، فالتابوت كان يحمله القهاتيون، وهم المجموعة الرابعة من مجموعات الارتحال، وبالتالى يكون التابوت فى الوسط، وهذا يتمشى مع توفير أكبر حماية للتابوت فى حالة مقابلة أعداء فى طريقهم فلا يسقط التابوت فى أيديهم … وبالتالى يمكن القول أن تعبير “التابوت أمامهم” هو تعبير مجازى كقول النبى “الرب أمامى” … “الرب عن يمينى” أو نقول الرب أمامنا فى هذا الأمر أو الرب فى وسطنا، وفى كل هذه التعبيرات اللغوية المقصود إبراز قيادة الله وتبعية الشعب.
ملاحظة : يرى بعض المفسرين أنه فى الارتحال الأول فقط وكاستثناء كان التابوت يتقدمهم بالفعل تشجيعًا للشعب وطمأنينًا لهم.
ع34: أما عمود السحاب، والذى يرمز لقيادة الله، فكان يتقدم الشعب للإرشاد ويظللهم فى رعاية إلهية من شمس الصحراء الملتهبة.
ع35، 36: ربوات : عشرة آلاف.
يذكر هذان العددان صلاة تسبيح كان يرددها موسى عند ارتفاع التابوت على الأكتاف فيقول مع رفع التابوت قم أيها الرب وليهرب ويتلاشى جميع أعداء شعبك الروحيين أو البشريين من أمام مجدك الإلهى، فلا مكان لمن يبغض اسمك القدوس ولا يوجد من يستطيع الوقوف أمامك أو يتحدى شعبك الحامل تابوتك واسمك القدوس.
وعند نزول التابوت واستقراره فى مكانه بقدس الأقداس، كان يردد صلاة أخرى وهى تسبيح أيضًا لله يقول فيه إرجع يا رب وحلّ فى وسط شعبك وبارك ربوات وألوف شعبك إسرائيل … وقد أخذت الكنيسة هذه الكلمات وصارت تصلى بها فى أوشية الاجتماعات، فإذ يتجه الكاهن ناحية الشرق يقول “قم أيها الرب” وليتبدد جميع أعداءك، وبعدها يتجه الكاهن نحو الغرب أى نحو الشعب ويكمل صلاته قائلاً “أما شعبك فليكن بالبركة ألوف ألوف وربوات ربوات”.
? كان التابوت يتقدم الشعب وهو يرمز لحلول الله وسط شعبه .. فهل تجعل الله يتقدم خطاك … أفكارك … مشاعرك .. قراراتك .. ليتك تفعل هذا بقلب مصلى، فيصير الله دومًا معك مرشدًا وصديقًا خليلاً
.https://en.wikipedia.org/wiki/Pope_Tawadros_II_of_Alexandria