رحلات بنى إسرائيل من مصر حتى شرق الأردن
(1) المرحلة الأولى : من رعمسيس إلى برية سيناء (ع1-15): 1هَذِهِ رِحْلاتُ بَنِي إِسْرَائِيل الذِينَ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِجُنُودِهِمْ عَنْ يَدِ مُوسَى وَهَارُونَ.
2وَكَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلاتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. وَهَذِهِ رِحْلاتُهُمْ بِمَخَارِجِهِمْ: 3اِرْتَحَلُوا مِنْ رَعَمْسِيسَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي اليَوْمِ الخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي غَدِ الفِصْحِ. خَرَجَ بَنُو إِسْرَائِيل بِيَدٍ رَفِيعَةٍ أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ المِصْرِيِّينَ 4إِذْ كَانَ المِصْرِيُّونَ يَدْفِنُونَ الذِينَ ضَرَبَ مِنْهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ بِكْرٍ. وَالرَّبُّ قَدْ صَنَعَ بِآلِهَتِهِمْ أَحْكَاماً. 5فَارْتَحَل بَنُو إِسْرَائِيل مِنْ رَعَمْسِيسَ وَنَزَلُوا فِي سُكُّوتَ. 6ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ التِي فِي طَرَفِ البَرِّيَّةِ. 7ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ إِيثَامَ وَرَجَعُوا عَلى فَمِ الحِيرُوثِ التِي قُبَالةَ بَعْل صَفُونَ وَنَزَلُوا أَمَامَ مَجْدَلٍ. 8ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أَمَامِ الحِيرُوثِ وَعَبَرُوا فِي وَسَطِ البَحْرِ إِلى البَرِّيَّةِ وَسَارُوا مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي بَرِّيَّةِ إِيثَامَ وَنَزَلُوا فِي مَارَّةَ. 9ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مَارَّةَ وَأَتُوا إِلى إِيلِيمَ. وَكَانَ فِي إِيلِيمَ اثْنَتَا عَشَرَةَ عَيْنَ مَاءٍ وَسَبْعُونَ نَخْلةً. فَنَزَلُوا هُنَاكَ. 10ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ إِيلِيمَ وَنَزَلُوا عَلى بَحْرِ سُوفَ. 11ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَحْرِ سُوفَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ سِينٍ. 12ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ وَنَزَلُوا فِي دُفْقَةَ. 13ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ دُفْقَةَ وَنَزَلُوا فِي أَلُوشَ. 14ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أَلُوشَ وَنَزَلُوا فِي رَفِيدِيمَ. وَلمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَاءٌ لِلشَّعْبِ لِيَشْرَبَ. 15ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ.
ع1: خرجوا بجنودهم : أى خرجوا بكل رجالهم المعدودين للحرب.
هذا هو فاتحة الأصحاح كله “هذه رحلات بنى إسرائيل”، ويضيف أن هذا التسجيل التاريخى هو منذ يوم خروجهم من أرض مصر بكل رجالهم المعدودين للحرب، كل من كان عمره 20 عاماً فأكثر، وتعبير على “يد موسى وهارون” معناه
تحت إشراف وتدبير القائد المدنى “موسى” والقائد الروحى “هارون” الكاهن.
ع2: مخارجهم : أى الأماكن التى كان الشعب يبدأ التحرك أو الخروج منها.
الله بتدبيره هو الذى أمر موسى أن يكتب هذا السجل التاريخى لشعبه، حتى يراجع معهم كل الأماكن التى مروا بها وأحداثها السارة والمؤلمة وعمله معهم. فنحن إذًا أمام سجل روحى تاريخى جغرافى، يلخص ويراجع للشعب معية الله معه فى رحلة استغرقت 40 عاماً.
ويعتبر العددان (1، 2) هما مقدمة هذا الأصحاح الذى يعدّ سجلاً تاريخيًا شاملاً لكل تحركات بنى إسرائيل حتى وصولهم إلى شرق الأردن.
ع3: كانت أول محطة انطلاق هى “رعمسيس” والمعروفة الأن بمنطقة “صان الحجر” بالشرقية (خر12: 37)، حيث أكل الشعب الفصح مساء اليوم الرابع عشر من شهر نيسان والذى جعله الله أول شهور السنة الدينية (ص28: 16). وثانى يوم لأكل الفصح وهو الخامس عشر من الشهر، تحرك الشعب كله تاركًا المكان. وتعبير “بيد رفيعة” يشير إلى عمل الله القوى مع الشعب فى الضربات العشر وخاصة ضربة الأبكار الأخيرة. وكان هذا الخروج أمام أعين كل المصريين الذى لم يمنعوا شعب بنى إسرائيل من الخروج وترك المدينة (خريطة 7، 8).
ع4: يوضح هذا العدد انشغال المصريين وحزنهم الشديد على أبكارهم الذين ماتوا وتفرغوا لدفنهم. ويتأمل الشعب فى كل هذا ناظرًا إلى إلهه الذى “صنع بآلهتهم أحكامًا” أى أن الرب بعمله وبذراعه الرفيعة أعلن أنه هو الإله الوحيد الحقيقى أما باقى الآلهة فهى باطلة وصنعة أيدى بشر ولا تستطيع أن تعمل أمامه شيئًا، فهى لم تحمى الشعب المصرى من الضربات ولم تستطع أن تمنع شعب بنى إسرائيل من ترك أرض مصر.
خريطة (7)
خريطة (8)
ع5: إذا كانت “رعمسيس” هى أول نقطة انطلاق فأيضًا “سكوت” كانت أول محطة راحة بعد تحرك الشعب، وسكوت معناها “مظلات” وهى بين الإسماعيلية والسويس حاليًا ولكن نحو الغرب قليلاً.
ع6: كانت الراحة التالية فى “إيثام” وهى جنوب البحيرات المرة وشمال غرب خليج السويس، ومن هناك رأوا صحراء سيناء أمامهم ولكنهم لم يعبروا بعد (بمعنى أنه لو كانت قناة السويس موجودة فى ذلك الزمان فهم لازالوا غربها).
ع7، 8: نزل الشعب جنوبًا بدلاً من الاتجاه شمالاً حتى “فم الحيروث”، وهى تقع غرب خليج السويس فى الطرف الشمالى منه، فكانت أمامهم مياه البحر وفى هذه النقطة كانت مجدل وفم الحيروث شمالهم أما بعل صفون فتقع جنوبهم. ومن هذه النقطة عبر الشعب البحر الأحمر بعد أن مدَّ موسى عصاه ولمس بها مياهه (خر14: 15-30)، وساروا ثلاثة أيام فى “برية إيثام” وهى المذكورة فى (ع6). ونعرف من هذا أن إيثام كانت برية ممتدة غربًا وشرقًا “وتفصلها القناة حاليًا” وهى جنوب الاسماعيلية وشمال السويس، وكانت “مارة” هى أول محطة نزول بعد العبور، حيث وجد فيها الشعب ماءً مرًا، فتذمروا، وعندما ألقى موسى فيه شجرة صار حلوًا (خر15: 23-25).
ويلاحظ أن الله أبعدهم عن الطريق المعتاد للوصول من مصر إلى فلسطين وهو المحازى للبحر المتوسط أى جهة العريش ورفح وذلك لوجود حاميات مصرية كثيرة ستمنع مسيرهم، ووجَّههم بعمود السحاب وعمود النار ناحية الجنوب إلى خليج السويس حيث لا يعيقهم أحد، وشق البحر الأحمر أمامهم أى خليج السويس فعبروا إلى برية سيناء.
ع9، 10: ثم كان الإتجاه إلى أسفل بمحازاة خليج السويس، فتركوا “مارة” إلى “إيليم”، وهناك وجدوا مياه للراحة (خر15: 27) اثنتا عشر عينا للمياه، وسبعون نخلة وبعد مكوثهم حينًا فى إيليم نزلوا فترة بمحازاة البحر الأحمر. (لاحظ المقابلة بين هذا العدد وبن عدد الآباء الرسل التلاميذ الأطهار الإثنى عشر، وكذلك السبعون رسولاً الذين أرسلهم السيد المسيح إلى أقطار المسكونة فصاروا ماء ارتواء وشبع روحى للعالم كله).
ع11-13: برية سين : تقع جنوب غرب برية سيناء بمحازاة خليج السويس فى الاتجاه إلى مدينـة الطـور الحالية، وهى المكان الذى تذمر فيه الشعب على الله من أجل الطعام (خر16) (خريطة 2)، وأعطاهم الرب فيها المن. ومن برية سين وفى الاتجاه للشمال نحو رفيديم توقفوا فى مكانين متتاليين وهما “دفقة وألوش” ولم يذكر هذان الموقعان فى سفر الخروج لصغرهما.
ع14: كانت رفيديم من المحطات الشهيرة فى رحلة الشعب وذلك لأن بها تذمر الشعب من أجل الماء وبسبب هذا التذمر أطلق على هذا المكان أيضًا اسم “مسة ومريبة” أى “التجربة والتذمر”، وفى هذا المكان تقابل موسى مع حماه يثرون (خر18)، وفيه أيضًا انتصر الشعب فى حربه على عماليق.
ع15: وصل الشعب إلى برية سيناء والتى تقع شمال شرق برية سين، ومكث فيها ما يقرب من سنة، فالارتحالات السابقة كلها أخذت ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر وقد شاهدت برية سيناء أحداثًا كثيرة أهمها :
- رؤية مجد الرب واستلام الوصايا العشر (خر19، 20).
- بناء خيمة الاجتماع (خر40: 1، 2 – 16 : 17).
- استلام شرائع اللاويين (خر21-24).
- الحصر الأول للشعب بواسطة موسى وهارون ورؤساء الشعب (ص1).
? كان الله يقود شعبه فى برية سيناء بعمود السحاب وعمود النار، ولكن كان الشعب يتذمر أمام أى مشكلة بدلاً من الالتجاء لله بالصلاة. ثق أن إلهك يحبك ويدبِّر الخير لك وستتمتع بهذه الرعاية إن اتكلت عليه، وإن وجدت أى صعوبات، اطلب معونته ليسندك فتتمم مشيئته وتفرح بتدبيره لحياتك.
(2) المرحلة الثانية الوصول إلى قادش برنيع (ع16-18):
16ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَرِّيَّةِ سِينَاءَ وَنَزَلُوا فِي قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ. 17ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ وَنَزَلُوا فِي حَضَيْرُوتَ. 18ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي رِثْمَةَ.
ع16: ذكر الوحى هنا الوصول إلى “قبروت هتأوة” مباشرة بعد برية سيناء، ولكننا نعلم من (ص11: 3) وجود استراحة قصيرة سبقت “قبروت هتأوة” وهى المكان المسمى “تبعيرة” ومعناها “الاحتراق”، لأن فيها اشتعلت النار فى خيامهم أثر تذمرهم، أما “قبروت هتأوة” فقد سبق الكلام عنها فى (ص11: 34) ونذكر القارئ العزيز هنا بأن معناها قبور الشهوة حيث أكل الشعب السلوى بشراهة … ! وعاقبهم الله على شهوتهم ومات من الشعب الكثير.
ع17: حضيروت : اسم معناه حظائر أو ديار.
هى المحطة التالية لقبروت هتأوة، وهى المكان التى عوقبت فيه مريم أخت موسى بالخروج سـبعة أيام خـارج المحلة مصـابة بالبرص عندما تكلمت على موسى بالسوء (ص11: 35 ، ص12).
ع18: رتمة : مكان يعتبر تابعًا لقادش برنيع، وسميت هكذا نوع من الأشجار بها تدعى “أشجار الرتم”.
وقد تمركز الشعب زمنًا ليس قليلاً فى قادش برنيع وشهدت أحداثًا أهمها :
- إرسال الجواسيس والقصة اللاحقة لذلك من غضب الله على الشعب لخوفهم وتذمرهم (ص13، 14).
- تذمر قورح وداثان وأبيرام بسبب كهنوت هارون وما حدث بعد ذلك (ص16).
- بدأت من قادش رحلة توهان الشعب بحسب أمر الرب حوالى 38 سنة.
? تنقل الشعب فى أماكن كثيرة ببرية سيناء وهذا يرمز إلى الحاجة للجهاد الروحى فى حياتنا على الأرض. فليتك يا أخى تثابر فى جهادك أثناء مراحل حياتك، واعلم أن الله ينظر باهتمام إلى كل تعب تقدمه من أجله وهو قادر أن يسندك ويكافئك عن كل أتعابك.
(3) رحلة التيه والعودة إلى قادش برنيع (ع19-36):
19ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِثْمَةَ وَنَزَلُوا فِي رِمُّونَ فَارِصَ. 20ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِمُّونَ فَارِصَ وَنَزَلُوا فِي لِبْنَةَ. 21ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ لِبْنَةَ وَنَزَلُوا فِي رِسَّةَ. 22ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِسَّةَ وَنَزَلُوا فِي قُهَيْلاتَةَ. 23ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قُهَيْلاتَةَ وَنَزَلُوا فِي جَبَلِ شَافَرَ. 24ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ شَافَرَ وَنَزَلُوا فِي حَرَادَةَ. 25ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَرَادَةَ وَنَزَلُوا فِي مَقْهَيْلُوتَ. 26ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مَقْهَيْلُوتَ وَنَزَلُوا فِي تَاحَتَ. 27ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ تَاحَتَ وَنَزَلُوا فِي تَارَحَ. 28ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ تَارَحَ وَنَزَلُوا فِي مِثْقَةَ. 29ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مِثْقَةَ وَنَزَلُوا فِي حَشْمُونَةَ. 30ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَشْمُونَةَ وَنَزَلُوا فِي مُسِيرُوتَ. 31ثُمَّ ارْتحَلُوا مِن مُسِيرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَنِي يَعْقَانَ. 32ثُّمَ ارْتَحَلُوا مِنْ بَنِي يَعْقَانَ وَنَزَلُوا فِي حُورِ الجِدْجَادِ. 33ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حُورِ الجِدْجَادِ وَنَزَلُوا فِي يُطْبَاتَ. 34ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ يُطْبَاتَ وَنَزَلُوا فِي عَبْرُونَةَ. 35ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَبْرُونَةَ وَنَزَلُوا فِي عِصْيُونَ جَابِرَ. 36ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عِصْيُونَ جَابِرَ وَنَزَلُوا فِي برِّيّةِ صِينٍ (وَهِيَ قَادِشُ).
ع19-35: كانت رتمة أو قادش برنيع فى برية صين (ع36)، وعندما أمرهم الله ببدء التحرك فى رحلة التيه اتجهوا لبرية “فاران” ولناحية البحر الأحمر ثانيةً، ومروا على كثير من الأماكن المذكورة فى الأعداد التالية.
رمون فارص : ومعناها رمانة الاقتحام.
لبنة : ومعناها البياض.
رسة : مكان يقع شمال غرب لبنة.
قهيلاتة : معناها مجمع.
جبل شافر : جبل الجمال.
حرادة : ومعناها الخوف.
مقهيلوت : تعنى مجامع.
تاحت : ومعناها المكان التحتى أو الأسفل.
تارح : ومعناها الوعل وهو أحد حيوانات الصحراء ويشبه الغزلان.
مثقة : معناها حلاوة.
حشمونة : ومعناها الوادى الخصيب.
مسيروت : معناها رباطات وهى مكان دفن هارون، وبالتالى نستنتج أنها بالقرب من جبل هور حيث مات عليه.
بنى يعقان : وتقع شمال خليج السويس.
حور الجدجاد : وتقع شمال شرق خليج السويس.
يطبات : يقال إنها الاسم الأصلى لطابا الحالية والتى على قمة خليج العقبة. ويرى البعض أنها بين برية سيناء وبرية فاران قريبًا من خليج السويس شرقًا.
عبرونة : ممر وتعنى طريق وهى واحة منخفضة بين “يطبات” و”عصيون جابر”.
عصيون جابر : هى آخر محطة فى رحلة التيه وهى على قمة خليج العقبة من الناحية الغربية بالقرب من ميناء إيلات الحالى. وهى مدينة معروفة فى تاريخ الشعب إذ يذكر سفر الملوك الأول (ص9: 26، 10: 32) أن الملك سليمان بنى أسطولاً من السفن بها.
ع36: نزلوا : أقاموا.
ومن نقطة بداية التيه عاد الشعب مرة أخرى إلى برية صين، وهى شمال برية سيناء من ناحية خليج العقبة، ثم تمركزوا مرة أخرى فى أشهر مدنها وهى قادش برنيع، وهناك ماتت مريم أخت موسى وهارون (ص20: 1)، وهناك أيضًا أخطأ موسى عندما ضرب الصخرة بخلاف ما أمره به الله (ص20).
وهكذا تحركوا من قادش برنيع بعد تذمرهم على الله ورفضهم دخول أرض الميعاد، فأتاههم الله فى الصحراء واتجهوا فى خطوط مختلفة فى جميع الاتجاهات وأخيرًا عادوا من شمال خليج السويس إلى شمال خليج العقبة ثم إلى قادش برنيع ثانيةً.
? عندما تقابل ضيقات فى حياتك ولا تصل إلى أهدافك المادية سريعًا، لا تنزعج، فإن الله يبعدك عن الشر وعندما تخضع له وتؤمن به يعيدك ثانية لتحقق أهدافك ولكن بقلب نقى يعتمد عليه وحده وليس على العالم.
(4) من قادش إلى شرق الأردن (ع37-49):
37ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قَادِشَ وَنَزَلُوا فِي جَبَلِ هُورٍ فِي طَرَفِ أَرْضِ أَدُومَ. 38فَصَعِدَ هَارُونُ الكَاهِنُ إِلى جَبَلِ هُورٍ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ وَمَاتَ هُنَاكَ فِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ لِخُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ أَرْضِ مِصْرَ في الشَّهْرِ الخَامِسِ فِي الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ. 39وَكَانَ هَارُونُ ابْنَ مِئَةٍ وثَلاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ فِي جَبَلِ هُورٍ. 40وَسَمِعَ الكَنْعَانِيُّ مَلِكُ عَرَادَ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الجَنُوبِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ بِمَجِيءِ بَنِي إِسْرَائِيل. 41ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ هُورٍ وَنَزَلُوا فِي صَلمُونَةَ. 42ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ صَلمُونَةَ وَنَزَلُوا فِي فُونُونَ. 43ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ فُونُونَ وَنَزَلُوا فِي أُوبُوتَ. 44ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أُوبُوتَ وَنَزَلُوا فِي عَيِّي عَبَارِيمَ فِي تُخُمِ مُوآبَ. 45ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَيِّيمَ وَنَزَلُوا فِي دِيبُونَ جَادَ. 46ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ دِيبُونَ جَادَ وَنَزَلُوا فِي عَلمُونَ دِبْلاتَايِمَ. 47ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَلمُونَ دِبْلاتَايِمَ وَنَزَلُوا فِي جِبَالِ عَبَارِيمَ أَمَامَ نَبُو.
48ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جِبَالِ عَبَارِيمَ وَنَزَلُوا فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا. 49نَزَلُوا عَلى الأُرْدُنِّ مِنْ بَيْتِ يَشِيمُوتَ إِلى آبَل شِطِّيمَ فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ.
ع37: جبل هور : يقع بين شمال خليج العقبة وجنوب البحر الميت.
تحرك الشعب تاركًا قادش برنيع للمرة الأخيرة وكان أول توقف لهم عند جبل “هور”.
ع38، 39: هـذان العـددان مراجعــة مختصـرة لما سـبق شرحه بالتفصيل فى (ص20: 22-29) من استدعاء الله لهارون وإخبار موسى بموته وتولى ألعازار ابنه رئاسة الكهنوت ولكن هنا يذكر عمر هارون بالتحديد عند موته والذى كان (123 عامًا).
ع40: سـمع الكنعانى ملك عراد : إشارة أيضًا مختصرة لما سبق وتكلم عنه الأصحاح (21: 1-3) بأن هذا الملك عندما علم بخروج الشعب، خرج عليهم وحاربهم ولكن الله أعطى النصر فى النهاية لشعبه الذى قدّم نذرًا لله من أجل هذه النصرة.
وبعد ذلك هاجمت الحيات المحرقة شعب الله لتذمرهم ثم شفاهم الله عن طريق الحية النحاسية (ص21: 5-9).
ع41-43: يقع جبل هور غرب خليج العقبة، ولو كان الأدوميون سمحوا للشعب بالعبور لوفر ذلك الكثير ولكن لم يحدث ذلك، فاضطر الشعب للإلتفاف حول أدوم وهى أراضى نسل عيسو وكانت أول محطة بعد جبل “هور” هى “صلمونة” ومعناها “المظلة” وتعتبر امتدادًا لجبل هور أو أحد رؤوسه. وبعدها جاء ذكر “فنون” كمحطة تالية، وهى شمال غرب “عصيون جابر” (ع35)، وبعدها كانت “أوبوت” الواقعة شمال ميناء إيلات ومعناها “قرب الماء” جاء معبرًا عن مكانها.
ع44: عيىّ عباريم : وتقع جنوب شرق موآب وتدعى عييم أحيانًا لأنها تقع بجوارها وقد يعتبرها البعض جزءًا منها.
بوصول الشـعب إلـى “عبـاريم” صـاروا على حدود الموآبيين شرق نهر الأردن (ص21: 13).
ع45: كانت “ديبون” أحد مدن الأموريين الذين انتصر عليهم الشعب وعلى ملكهم “سيحون”، وكانت معناها خراب وقد طلبها سبط جاد أرضًا لمواشيه وبعد موافقة موسى صارت الأرض تحمل اسمهم “ديبون جاد” راجع (ص32: 2-5).
ع46، 47: ثم كان الارتحال شمالاً بمحازاة الأردن وأخذوا كل أراضى المديانيين فى اتجاه مملكة باشان، التى انتصروا عليها أيضًا، وفى هذا الارتحال الشمالى ذكر لمحطات نزول الشعب وارتحاله مثل “علمون دبلاتديم” و”جبال عباريم” (ص21: 16-35).
وقد انتصروا هناك على سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان.
ع48، 49: ثم كان استقرارهم الكامل فى “عربات موآب” شرقى الأردن والمقابل لمدينة أريحا التى تقع على الضفة الغربية المقابلة، وجاء (ع49) راسمًا لحدود استقرار الشعب على شرق الأردن فى سهول موآب، فكان جنوب حدوده “بيت يشيموت” الواقعة شمال البحر الميت عندما يصب نهر الأردن فيه أما الحدود الشمالية فكانت “شطيم” الواقعة على نهر الأردن نفسه أمام أريحا.
ومن الملاحظ عند نزول الشعب هنا وقعت كل الأحداث من (ص22 إلى ص32) وأهمها كان :
أ – قصة بالاق وبلعام (ص22-24).
ب – وقوع الشعب فى الزنا مع الموآبيات وضرب الله الشعب بالوباء (ص25).
جـ- إحصاء الشعب الثانى (ص26).
د – شرائع تقسيم الأرض وحصصها ونسبها (ص26).
هـ- موسى يعين يشوع خلفًا وقائدًا للشعب بعد رؤيته الأرض من جبل عباريم (ص27).
و – شرائع القرابين والنذور (ص28-30).
ز – قتال المديانيين والانتصار عليهم وطلب رأوبين وجاد بالحصول على الأرض لمواشيهم (ص31، 32).
? حفظ الله شعبه فى كل تنقلاتهم لأنه كان قائدهم بعمود السحاب وعمود النار، وكل من حاول أن يعترضهم انتصروا عليه. فليكن الله قائدًا لك فى حياتك، فتصير مطمئنًا وحتى لو اعترضك البعض وحاولوا مضايقتك فثق أن إلهك معك يحفظك ويعبر بك وسط الضيقات وينصرك على أعداءك الشياطين فيحفظك طاهرًا كل حين.
(5) تحذيرات فى تملك الارض الجديدة (ع50-56):
50وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا: 51«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ 52فَتَطْرُدُونَ كُل سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ وَتُبِيدُونَ كُل أَصْنَامِهِمِ المَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا 54وَتَقْتَسِمُونَ الأَرْضَ بِالقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ. الكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لهُ نَصِيبَهُ وَالقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لهُ نَصِيبَهُ. حَيْثُ خَرَجَتْ لهُ القُرْعَةُ فَهُنَاكَ يَكُونُ لهُ. حَسَبَ أَسْبَاطِ آبَائِكُمْ تَقْتَسِمُونَ. 55وَإِنْ لمْ تَطْرُدُوا سُكَّانَ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ يَكُونُ الذِينَ تَسْتَبْقُونَ مِنْهُمْ أَشْوَاكاً فِي أَعْيُنِكُمْ وَمَنَاخِسَ فِي جَوَانِبِكُمْ وَيُضَايِقُونَكُمْ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا. 56فَيَكُونُ أَنِّي أَفْعَلُ بِكُمْ كَمَا هَمَمْتُ أَنْ أَفْعَل بِهِمْ».
ع50، 51: إذ استقر الشعب بعد 40 سنة من التيهان، وصارت أرض كنعان فى مقابلهم، يخبرهم الله بأنهم سوف يعبرون الأرض ويمتلكونها، فيراجع عليهم بعض الأمور الأخيرة فى شبه تحذيرات حتى يتجنب الشعب المخاطر التى قد يقع فيها كما سنرى.
ع52: جاء الأمر والتحذير الإلهى الأول بالآتى :
- طرد كل سكان الأرض : الله يعلم ضعف الطبيعة البشرية ويعلم أيضًا أن أى إنسان قابل للتأثر بمن حوله، ولهذا نهى الشعب تمامًا عن الخلطة بغيره من الشعوب التى سيأخذ أرضها، فعليهم بطردهم لأن استبقائهم معناه سقوط الشعب فى الزنا والعبادة الوثنية كما حدث سابقًا (ص25).
- محو تصاويرهم : أى كل تذكارات ورسومات ومصنوعات الأصنام والأوثان المسبوكة التى كانت هذه الشعوب تعبدها، فكان على شعب الله تدميرها تماماً وذلك لنفس الغرض السابق.
- تخربون مرتفعاتهم : المرتفعات هى الأماكن العالية كالتلال والتى كانت الشعوب الوثنية تقيم عليها مذابحها، فكان أمر الله أن تدمر تمامًا.
? إن ما أمر الله به شعبه هنا هو وصية عامة لنا جميعًا، وخلاصة ما قاله الله هو إبعد عن الشر وكل آثاره ولا تستبقِ منه شيئًا حولك أو داخلك حتى لا يجد لك الشيطان طريقًا فى تذكيرك بما سبق لإسقاطك مرة أخرى. فلنفهم هذا ونصلى جميعًا مع الكنيسة طالبين معونة الله وصارخين نحوه بكلمات القداس الإلهى، إن كل فكر لا يرضى صلاحك يا الله محب البشر فليبعد عنا.
ع53: يدعو الله شعبه لامتلاك الأرض بعد أن قضى على سكانها الأشرار الذين أفسدوها زمانًا طويلاً. ولكنه يذكِّر شعبه أنه هو صاحب هذه العطية، والله يريد بذلك أن نتعلم أنه هو مصدر كل الخيرات وصانعها، فنعيش حياة الشكر.
ع54: يكرّر الله هنا على شعبه وصاياه العادلة فى طريقة تقسيم الأرض والتى يراعى فيها العدل بين عدد أفراد السبط ومساحة الأرض التى يمتلكونها، وأن التقسيم يكون بحسب القرعة حتى يتجنب الشعب الخوض فى نزاعات حول الأنصبة (ص26: 52-56).
ع55: مناخس : المنخس هو بروز معدنى فى كعب حذاء الفارس ينخس به حصانه ليحثه على الجرى السريع.
بعد أن أمر الله الشعب بما يجب عمله مع شعوب الأرض (ع52)، يراجع عليهم مرة ثانية بصورة أخرى ألا يتهاونوا فى تنفيذ كل ما أوصى به وإلا ستكون عاقبة هذا التهاون مُرَّة جدًا. فتصير هذه الشعوب مصدرًا للعثرات المستمرة أمام عيونهم ومصدر عدم راحة ومشقة وإرهاق، وشبه هذه العثرات بالأشواك فى العينين والمناخس فى الجوانب. وبدلاً من أن تكون الأرض هى أرض سلام، ستصير أرض ضيق وكآبة واضطراب. ولقد أثبت تاريخ الشعب هذا، فعلى مدار تاريخ إسرائيل كانت بعض الشعوب التى استبقاها مصدر شقاء وتعاسة لهذا الشعب.
ع56: لن يكون هذا كل شئ، بل أيضًا سيكون لكم عقوبة منى أنا الله مخلصكم لأنكم استهنتم بكلامى، فأنزع عنكم بركتى وسلامى بل وأعاقبكم بما سأعاقب به الآن هذه الشعوب.
? صديقى لا تستهن بأوامر الرب ووصاياه فهى لخيرك وحمايتك أولاً وعقوبة عدم تنفيذها شديدة أيضًا
https://en.wikipedia.org/wiki/Pope_Tawadros_II_of_Alexandria
