زيارة ونصيحة يثرون لموسى
(1) زيارة يثرون لموسى (ع1-7):
1فَسَمِعَ يَثْرُونُ كَاهِنُ مِدْيَانَ حَمُو مُوسَى كُلَّ مَا صَنَعَ اللهُ إِلَى مُوسَى وَإِلَى إِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ: أَنَّ الرَّبَّ أَخْرَجَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ. 2فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى صَفُّورَةَ امْرَأَةَ مُوسَى بَعْدَ صَرْفِهَا 3وَابْنَيْهَا اللَّذَيْنِ اسْمُ أَحَدِهِمَا جَرْشُومُ (لأَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ نَزِيلاً فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ»). 4وَاسْمُ الآخَرِ أَلِيعَازَرُ (لأَنَّهُ قَالَ: «إِلَهُ أَبِي كَانَ عَوْنِي وَأَنْقَذَنِي مِنْ سَيْفِ فِرْعَوْنَ»). 5وَأَتَى يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى وَابْنَاهُ وَامْرَأَتُهُ إِلَى مُوسَى إِلَى الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ كَانَ نَازِلاً عِنْدَ جَبَلِ اللهِ. 6فَقَالَ لِمُوسَى: «أَنَا حَمُوكَ يَثْرُونُ آتٍ إِلَيْكَ وَامْرَأَتُكَ وَابْنَاهَا مَعَهَا». 7فَخَرَجَ مُوسَى لاِسْتِقْبَالِ حَمِيهِ وَسَجَدَ وَقَبَّلَهُ. وَسَأَلَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ عَنْ سَلاَمَتِهِ. ثُمَّ دَخَلاَ إِلَى الْخَيْمَةِ.
ع1: خرجت صفورة وابناها مع موسى إلى أرض مصر، وعاشت أحداث الضربات العشر ثم عبرت البحر الأحمر معه. وفى برية سيناء يبدو أنها أسرعت إلى أبيها تبشره بعمل الله مع بنى إسرائيل.
ع2-5: أخذ يثرون ابنته صفورة وأحفاده جرشوم وأليعازر وقام لزيارة موسى وتهنئته بعمل الله معه.
جرشوم : معناه غريب لأن موسى كان غريبًا ونزيلاً فى مصر.
أليعازر : معناه الله يعين ويترآف لأن الله نجىّ موسى من يد فرعون لأجل قتله الرجل المصرى (ص2).
وهذه الأسماء يمكن أن يكون موسى قد سماها لأولاده بروح النبوة لأنه يعرف عمل الله الذى سيحدث معه.
ع6: أرسل يثرون مع أحد العاملين عند موسى وأخبره بوصوله هو وامرأة موسى وأولاده.
ع7: خرج موسى بفرح لاستقبال حميه وكذلك امرأته وأولاده، ويظهر اتضاعه إذ سجد لحميه احترامًا له وتقديرًا لسنه رغم أنه كاهن أوثان. ولعل هذا الإتضاع والحب هما اللذان أثَّرا فى يثرون بالإضافة لسماعه عمل الله معه فمجد الله وقدّم له ذبائح (ع12).
? قدِّم محبتك باتضاع للكل، القريبين والبعيدين، فتكسبهم وتنفتح قلوبهم لمحبة الله.
(2) حديث موسى مع يثرون (ع8-12):
8فَقَصَّ مُوسَى عَلَى حَمِيهِ كُلَّ مَا صَنَعَ الرَّبُّ بِفِرْعَوْنَ وَالْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَجْلِ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ الْمَشَقَّةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَخَلَّصَهُمُ الرَّبُّ. 9فَفَرِحَ يَثْرُونُ بِجَمِيعِ الْخَيْرِ الَّذِي صَنَعَهُ إِلَى إِسْرَائِيلَ الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ. 10وَقَالَ يَثْرُونُ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَكُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ. الَّذِي أَنْقَذَ الشَّعْبَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ. 11الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ أَعْظَمُ مِنْ جَمِيعِ الآلِهَةِ لأَنَّهُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي بَغُوا بِهِ كَانَ عَلَيْهِمْ». 12فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى مُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ لِلَّهِ. وَجَاءَ هَارُونُ وَجَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ لِيَأْكُلُوا طَعَاماً مَعَ حَمِي مُوسَى أَمَامَ اللهِ.
ع8: جلس موسى مع حميه وسرد له بالتفصيل أعمال الله مع شعبه التى سمع عنها يثرون باختصار قبلاً وتشمل هذه الأمور :
- كيف خلّص الله شعبه وأخرجهم من أرض مصر بواسطة الضربات العشر.
- بعد ما خرجوا من مصر عندما طاردهم فرعون لاسترجاعهم، وكيف أنقذهم الله من يده بواسطة عمود سحاب أو النار وشق البحر الأحمر، ثم غرق فرعون وجيشه فى البحر.
- كيف أنقذهم من العطش فى طريق البرية بتحويل الماء المر إلى حلو وإخراج الماء من الصخرة ثم أنقذهم من الجوع بالمن والسلوى.
ع9، 10: كانت أعمال الله عظيمة ففرح بها يثرون وبارك الله ومجده من أجل إنقاذه شعبه من يد أقوى الشعوب حينذاك وهم المصريون.
ع11: فى تمجيده لله عظَّمه فوق كل الآلهة الوثنية التى يعبدها لأن قوته التى ظهرت مع فرعون وفى شق البحر الأحمر لا يوجد مثيل لها فى أعمال الآلهة الوثنية.
ع12: استمرارًا فى تمجيد الله قدّم يثرون ذبائح له. ولما علم هارون أخو موسى وشيوخ إسرائيل بحضور حمى موسى لزيارته، أتوا للترحيب به وأكلوا معه فرحين بعمل الله ومظهرين محبتهم ليثرون وموسى.
? إهتم أن تشكر الله على كل أعماله معك وتعبر عن شكرك بعبادة مقدسة وأعمال خير وخدمة تقدمها للآخرين.
(3) مشكلة الإزدحام عند القضاء (ع13-16):
13وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ مُوسَى جَلَسَ لِيَقْضِيَ لِلشَّعْبِ. فَوَقَفَ الشَّعْبُ عِنْدَ مُوسَى مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ. 14فَلَمَّا رَأَى حَمُو مُوسَى كُلَّ مَا هُوَ صَانِعٌ لِلشَّعْبِ قَالَ: «مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ لِلشَّعْبِ؟ مَا بَالُكَ جَالِساً وَحْدَكَ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ وَاقِفٌ عِنْدَكَ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ؟» 15فَقَالَ مُوسَى لِحَمِيهِ: «إِنَّ الشَّعْبَ يَأْتِي إِلَيَّ لِيَسْأَلَ اللهَ. 16إِذَا كَانَ لَهُمْ دَعْوَى يَأْتُونَ إِلَيَّ فَأَقْضِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَصَاحِبِهِ وَأُعَرِّفُهُمْ فَرَائِضَ اللهِ وَشَرَائِعَهُ».
ع13: إعتاد موسى أن يخصص أيام للقضاء للشعب فى مشاكلهم وكان اليوم التالى مخصص لذلك، فأتى شعب كثير وجلس موسى يقضى فى مشاكلهم من الصباح حتى المساء، فكان هذا بالطبع مرهقًا له بالإضافة إلى تعب الشعب من طول الإنتظار.
ع14: تعجب يثرون من ازدحام الشعب كله بكل مشاكله على شخص واحد وهو موسى ليقضى بينهم.
ع15، 16: قال موسى ليثرون أن الشعب يقابل مشاكل فى معاملاتهم وأنه يعرف شريعة الله فيرشدهم ويقضى بينهم. ومن هذا يظهر :
- اهتمام موسى كراعٍ بمشاكل شعبه.
- فضّ المنازعات بينهم.
- تعليمهم أحكام الله.
- كان وسيطًا بين الشعب والله.
وقد زوَّده الله بالحكمة وأعطاه قوة جسدية ليتحمل هذه الأعباء رغم كبر سنه فقد تجاوز الثمانين من عمره.
? جيد أن تطلب إرشاد الله فى كل تفاصيل حياتك من خلال الصلاة والكتاب المقدس وإرشاد أب الإعتراف وثق إن كنت تطلبه سيرشدك فتسير مطمئنًا فرحًا بسلوكك معه.
(4) مشورة يثرون (ع17-23):
17فَقَالَ حَمُو مُوسَى لَهُ: «لَيْسَ جَيِّداً الأَمْرُ الَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ. 18إِنَّكَ تَكِلُّ أَنْتَ وَهَذَا الشَّعْبُ الَّذِي مَعَكَ جَمِيعاً لأَنَّ الأَمْرَ أَعْظَمُ مِنْكَ. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَهُ وَحْدَكَ. 19اَلآنَ اسْمَعْ لِصَوْتِي فَأَنْصَحَكَ. فَلْيَكُنِ اللهُ مَعَكَ. كُنْ أَنْتَ لِلشَّعْبِ أَمَامَ اللهِ وَقَدِّمْ أَنْتَ الدَّعَاوِيَ إِلَى اللهِ 20وَعَلِّمْهُمُ الْفَرَائِضَ وَالشَّرَائِعَ وَعَرِّفْهُمُ الطَّرِيقَ الَّذِي يَسْلُكُونَهُ وَالْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ. 21وَأَنْتَ تَنْظُرُ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْبِ ذَوِي قُدْرَةٍ خَائِفِينَ اللهَ أُمَنَاءَ مُبْغِضِينَ الرَّشْوَةَ وَتُقِيمُهُمْ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ 22فَيَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ الدَّعَاوِي الْكَبِيرَةِ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَيْكَ. وَكُلَّ الدَّعَاوِي الصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا. وَخَفِّفْ عَنْ نَفْسِكَ فَهُمْ يَحْمِلُونَ مَعَكَ. 23إِنْ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَأَوْصَاكَ اللهُ تَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ. وَكُلُّ هَذَا الشَّعْبِ أَيْضاً يَأْتِي إِلَى مَكَانِهِ بِالسَّلاَمِ».
ع17، 18: نبَّه يثرون موسى إلى صعوبة الوضع الحالى وذلك لأمرين :
- الإرهاق الشديد لموسى فى القضاء لكل الشعب.
- تعب الشعب من الإنتظار الطويل.
ع19، 20: أشار عليه بتقسيم العمل فينفرد موسى بالصلاة وطلب مشورة الله للدعاوى الكبرى ويرشد الشعب بالقواعد والوصايا العامة ليرضوا الله.
ع21: طلب منه أن يقيم مساعدين له لقيادة الشعب فيجعل بعضهم رؤساء على ألوف ويساعد كل واحد منهم رؤساء على مئات وهذا يساعده رؤساء على خماسين ثم فى النهاية يساعد كل واحد من رؤساء الخمسين رؤساء على عشرات. وفى كل المساعدين يشترط الآتى:
- أن يكونوا خائفين لله فيتمسكوا بوصاياه.
- أمناء ومدققين فى عملهم.
- غير محبين للمال والرشوة حتى لا يتأثروا بعطايا الأشرار بل يرضوا الله وضميرهم.
ع22: يقوم هؤلاء المساعدون بالقضاء فى الدعاوى الصغيرة أما الدعاوى الكبرى فتحال إلى موسى نفسه.
ع23: وأوصاك الله : وافق الله على هذه المشورة بعد أن تصلى إليه.
فى النهاية قال له أن هذه المشورة تحقق تنفيذ وصايا الله وتريحه هو والشعب فيعودوا إلى مساكنهم مستريحين بعد حلّ مشاكلهم.
? تنظيم كل عمل وتقسيمه يسهل تنفيذه، فالحكمة ضرورية فى التدبير، فاهتم بتدبير حياتك وتنظيم كل شئ.
(5) تنفيذ موسى للمشورة (ع24-27):
24فَسَمِعَ مُوسَى لِصَوْتِ حَمِيهِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا قَالَ. 25وَاخْتَارَ مُوسَى ذَوِي قُدْرَةٍ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَجَعَلَهُمْ رُؤُوساً عَلَى الشَّعْبِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ. 26فَكَانُوا يَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. الدَّعَاوِي الْعَسِرَةُ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَى مُوسَى وَكُلُّ الدَّعَاوِي الصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا. 27ثُمَّ صَرَفَ مُوسَى حَمَاهُ فَمَضَى إِلَى أَرْضِهِ.
ع24: يظهر اتضاع موسى فى طاعته لمشورة حميه، فهو مستعد أن يتعلم من الكل حتى الوثنيين فيسمع صوت الله بكل طريقة تصل إليه.
ع25، 26: إختار موسى مساعدين له ووزع عليهم العمل واختص هو فقط بالدعاوى الكبرى كما أشار عليه حموه.
ع27: بعد أن قضى يثرون فترة فى زيارة موسى واطمأن عليه عاد إلى بلاده مديان.
? كن متضعًا وتعلم من الكل فتسمع صوت الله وتتقدم فى حياتك كل حين. إن الله يكلمك بأشكال كثيرة فإن اتضعت تستطيع أن تسمع.