المن والسلوى
(1) جوع وتذمر بنى إسرائيل (ع1-3):
1ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ إِيلِيمَ. وَأَتَى كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى بَرِّيَّةِ سِينٍ (الَّتِي بَيْنَ إِيلِيمَ وَسِينَاءَ) فِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 2فَتَذَمَّرَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ. 3وَقَالَ لَهُمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ: «لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ إِذْ كُنَّا جَالِسِينَ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ نَأْكُلُ خُبْزاً لِلشَّبَعِ! فَإِنَّكُمَا أَخْرَجْتُمَانَا إِلَى هَذَا الْقَفْرِ لِتُمِيتَا كُلَّ هَذَا الْجُمْهُورِ بِالْجُوعِ».
ع1: برية سين: هى منطقة صحراوية تقع بين إيليم غربًا وبرية سيناء شرقًا (خريطة 2 ص93). والمقصود ببرية سيناء الجزء الأوسط من برية سيناء الممتدة شرق السويس حتى مشارف أرض سيناء. وبرية سيناء المذكورة هنا تمتد من الوسط حتى قرب جنوب سيناء.
تحركت السحابة من إيليم ووصلوا إلى برية سين وهم سائرون بجوار البحر الأحمر ولم يكن فيها طعام. وكان العجين الذى خرجوا به من أرض مصر قد نفذ فجاعوا، وكان هذا فى الشهر الثانى فى اليوم الخامس عشر أما خروجهم من أرض مصر فكان فى اليوم الخامس عشر من الشهر الأول، أى وصلوا لبرية سين بعد حوالى شهر من خروجهم.
وتوجد تفاصيل الرحلة فى برية سيناء بسفر العدد (عدد33).
ع2: تذمر بنو إسرائيل على موسى وهارون بدلاً من أن يصلوا واثقين فى قوة الله الذى عبر بهم البحر.
ع3: تكلم الشعب مع موسى وهارون ووبخوهما لعدم وجود طعام وتعرضهم للموت وتأسفوا على ترك مصر متذكرين اللحم والخبز الذى كانوا يأكلونه فيها وتناسوا ذل العبودية.
- لا تطلب مواضع الخطية مهما كان غناها أو فوائدها المادية ومهما كان احتياجك فالموت مع المسيح أفضل من الحياة فى الخطية.
(2) كلام الله لموسى (ع4-12):
4فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَا أَنَا أُمْطِرُ لَكُمْ خُبْزاً مِنَ السَّمَاءِ! فَيَخْرُجُ الشَّعْبُ وَيَلْتَقِطُونَ حَاجَةَ الْيَوْمِ بِيَوْمِهَا. لأَمْتَحِنَهُمْ أَيَسْلُكُونَ فِي نَامُوسِي أَمْ لاَ؟ 5وَيَكُونُ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ أَنَّهُمْ يُهَيِّئُونَ مَا يَجِيئُونَ بِهِ فَيَكُونُ ضِعْفَ مَا يَلْتَقِطُونَهُ يَوْماً فَيَوْماً». 6فَقَالَ مُوسَى وَهَارُونُ لِجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: «فِي الْمَسَاءِ تَعْلَمُونَ أَنَّ الرَّبَّ أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 7وَفِي الصَّبَاحِ تَرُونَ مَجْدَ الرَّبِّ لاِسْتِمَاعِهِ تَذَمُّرَكُمْ عَلَى الرَّبِّ. وَأَمَّا نَحْنُ فَمَاذَا حَتَّى تَتَذَمَّرُوا عَلَيْنَا؟» 8وَقَالَ مُوسَى: «ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِيكُمْ فِي الْمَسَاءِ لَحْماً لِتَأْكُلُوا وَفِي الصَّبَاحِ خُبْزاً لِتَشْبَعُوا لاِسْتِمَاعِ الرَّبِّ تَذَمُّرَكُمُ الَّذِي تَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَمَاذَا؟ لَيْسَ عَلَيْنَا تَذَمُّرُكُمْ بَلْ عَلَى الرَّبِّ». 9وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «قُلْ لِكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: اقْتَرِبُوا إِلَى أَمَامِ الرَّبِّ لأَنَّهُ قَدْ سَمِعَ تَذَمُّرَكُمْ». 10فَحَدَثَ إِذْ كَانَ هَارُونُ يُكَلِّمُ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمُ الْتَفَتُوا نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ وَإِذَا مَجْدُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي السَّحَابِ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 12«سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قُلْ لَهُمْ: فِي الْعَشِيَّةِ تَأْكُلُونَ لَحْماً وَفِي الصَّبَاحِ تَشْبَعُونَ خُبْزاً وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ».
ع4: رد الله على تذمر الشعب ببركات لا يمكن تخيلها وهى نزول طعام من السماء بكمية ضخمة جدًا تغطى الأرض فتشبع كل الشعب. والأكثر من هذا أن الطعام النازل من السماء يقدم يوميًا فيأخذ الإنسان منه ما يكفيه فى اليوم الواحد. وبهذا يمتحن الله الشعب هل سيؤمنون بكلامه ويطيعوه فلا يُخزِّن أحد من هذا الطعام، أم يخالفونه ولا يكتفون بحاجة اليوم؟
وامتحان الله لشعبه أربعين سنة فى البرية بعد اعتمادهم فى السحابة يرمز إلى تجربة المسيح أربعين يومًا فى البرية بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان وكما دخل بنو إسرائيل أرض الميعاد بعد عبورهم فى البرية هكذا المسيح أيضًا بدأ خدمته لتبشير وجذب النفوس بعد تجربته فى البرية.
ع5: يهيئون ما يجيئون به : يعدونه للأكل بطحنه وخبزه أو طبخه بأى شكل من الأشكال (عد11: 8).
يأمرهم الله أن يجمعوا فى اليوم السادس ما يكفى يومين حتى يستريحوا فى اليوم السابع ويتفرغوا لعبادة الله.
ع6، 7: علم موسى وهارون أن الله سيعطى لحمًا فى المساء وهو طيور السلوى (ع13) الآتية بأسراب كبيرة مهاجرة من أوروبا إلى وسط أفريقيا، فتمر فى برية سيناء وتكون فى تعب شديد فتطير بجوار الأرض على ارتفاع حوالى متر ويسهل إمساكها لأنها تطير ببطء.
وقد حدث هذا الأمر أى السلوى :-
- إما يومًا واحدًا فى بداية دخولهم سيناء ثم بعد سنوات لمدة شهر فى منطقة تبعيرة
(عد11). - أو يكون كلامهما هنا عما سيحدث فيما بعد عندما يطلبون اللحم فيعطيهم السلوى وهذه القصة مذكور تفاصيلها فى (عد11).
أما فى الصباح فى هذا اليوم وطوال الأربعين سنة فكان المن ينزل كالمطر من السماء.
ع8: أوضح لهم موسى أن الله سيعطيهم لحمًا فى المساء هو طيور السلوى وخبزًا وهو المن فى الصباح، وأعلن أنه مجرد واسطة بينهم وبين الله الذى سمع تذمرهم وأجاب بحنانه وأعطاهم احتياجاتهم.
ع9: أعلن موسى وهارون وجود الله وسماعه لتذمر الشعب وطلب منهم أن يقوموا ويتقدموا إلى الأمام ليسمعوا صوت الله.
- الله موجود ولكنك لا تشعر بوجوده إلا إذا اقتربت إليه بالصلاة فتنال بركاته ويغفر لك خطاياك.
ع10: فيما كان هارون يحدث الشعب بما أمره الله به هو وموسى وتبشيره بنزول الطعام من السماء، ظهر مجد الله بالسحاب أى ظهر سحاب كثير ملفت للنظر.
ع11، 12: تكلم الله من السحاب وسمع الشعب صوته وقد يكونوا ميزوا الكلام أو ميزه موسى وهارون وأخبرا الشعب بأن الله سيعطيهم لحمًا فى المساء وهو طائر السلوى.
وقد أتت أسراب السلوى مرتين : المرة الأولى هى فى بداية خروج الشعب إلى البرية والمرة الثانية كانت لمدة شهر عندما تذمروا على الله لسأمهم من المن وكان ذلك فى تبعيرة.
أما فى الصباح فكان الله يعطيهم المن أى الخبز النازل من السماء.
- الله يطيل أناته عليك ويرد على تذمراتك ببركات لعلك تؤمن به وتشكره وتعتذر على تذمرك.
(3) نزول السلوى والمن (ع13-16):
13فَكَانَ فِي الْمَسَاءِ أَنَّ السَّلْوَى صَعِدَتْ وَغَطَّتِ الْمَحَلَّةَ. وَفِي الصَّبَاحِ كَانَ سَقِيطُ النَّدَى حَوَالَيِ الْمَحَلَّةِ. 14وَلَمَّا ارْتَفَعَ سَقِيطُ النَّدَى إِذَا عَلَى وَجْهِ الْبَرِّيَّةِ شَيْءٌ دَقِيقٌ مِثْلُ قُشُورٍ. دَقِيقٌ كَالْجَلِيدِ عَلَى الأَرْضِ. 15فَلَمَّا رَأَى بَنُو إِسْرَائِيلَ قَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ؟» لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مَا هُوَ. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي أَعْطَاكُمُ الرَّبُّ لِتَأْكُلُوا. 16هَذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ. الْتَقِطُوا مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أَكْلِهِ. عُمِراً لِلرَّأْسِ عَلَى عَدَدِ نُفُوسِكُمْ تَأْخُذُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لِلَّذِينَ فِي خَيْمَتِهِ».
ع13: صعدت : طارت على ارتفاع حوالى متر من الأرض (عد11: 31).
السلوى : طائر يشبه السمان وفى حجم الحمامة ولكن عنقه وساقيه أطول من عنق وساق الحمامة.
تم فعلاً ما قاله الله بمرور أسراب السلوى فى مساء نفس اليوم وأخذ منها الشعب كما أراد. وفى الصباح غطىّ الندى، الذى يحمل المن، البرية حول بنى إسرائيل.
ع14: فى الصباح تبخر الندى فوجد الشعب شيئًا دقيقًا يغطى الأرض وهو يشبه قشور أو جليد هش ولونه أبيض.
ع15: تساءل الشعب عن هذا الشئ الذى يغطى الأرض فقال لهم موسى هو الطعام الذى أعطاكم الله، لذا سمى بالمن ولأنهم لم يعرفوا ما هو قالوا من هو ؟
ويرمز المن للمسيح فيما يلى :
- نزل المن من السماء كما تجسد المسيح وتنازل من سماءه ليعيش فى وسطنا.
- المن أبيض كما أن المسيح نقى بلا خطية.
- طعم المن حلو مثل كلام المسيح الحلو للنفس.
- نزل المن بعد تذمر اليهود لفراغ الطعام معهم فصنع سلامًا وأشبعهم كما أن المسيح بتجسده وفدائه صنع صلحًا بين الله والبشر.
- كان المن ينزل فى الصباح الباكر فيخرج الشعب لالتقاطه وإلا يذوب مع أشعة الشمس، وكذلك من يريد أن يحيا مع المسيح ينبغى أن يبكر إليه ويضعه قبل كل مشاغله العالمية.
- يجمع الإنسان ما يكفيه من المن لطعامه اليومى كما أن المسيحى يجب أن يكون قنوعًا فى سد احتياجاته المادية فلا ينشغل بالتخزين أو القلق على المستقبل لأنه اكتفى بالمسيح الذى يشبعه حتى لو كان ما عنده من الماديات قليلاً.
- من يجمع من المن أكثر من حاجته ويبقيه لليوم التالى يفسد وكذلك من لا يستخدم وسائط النعمة التى يعرفها وكلام الله فهذا يدينه.
- لم يعرف الشعب هذا الطعام فقالوا من هو وكذلك المسيح لا يستطيع أحد أن يعرف جوهره بل نعرف شيئًا من صفاته وعلاقته بنا قدر ما نستطيع أن نفهم.
- كانوا يخبزونه أو يطبخونه أى يستخدمون النار فى طهيه والمسيح أيضًا احتمل الآلام ليقدم لنا الخلاص والشبع الروحى.
ع16: أمرهم موسى أن يأخذوا ما يحتاجون إليه من هذا الطعام وقال لهم كل واحد يأخذ مقدار عُمر وهو يساوى 2.29 لتر أى لترين وثلث تقريبًا.
- إن عطايا الله قد تبدو عجيبة فى البداية لسموها عن البركات العالمية ولكن عندما تطيع الله وتشكره تكتشف حلاوتها أكثر وأكثر. فقد تبدو تدابير الله غريبة أو معاكسة لتخطيطك ولكن إن قبلتها برضا تكتشف مع الوقت أنها أصلح شئ لك وتشبعك وتناسب حياتك وتقودك نحو الله.
(4) إلتقاط المن (ع17-21):
17فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هَكَذَا وَالْتَقَطُوا بَيْنَ مُكْثِرٍ وَمُقَلِّلٍ. 18وَلَمَّا كَالُوا بِالْعُمِرِ لَمْ يُفْضِلِ الْمُكْثِرُ وَالْمُقَلِّلُ لَمْ يُنْقِصْ. كَانُوا قَدِ الْتَقَطُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أَكْلِهِ. 19وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «لاَ يُبْقِ أَحَدٌ مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ». 20لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى بَلْ أَبْقَى مِنْهُ أُنَاسٌ إِلَى الصَّبَاحِ فَتَوَلَّدَ فِيهِ دُودٌ وَأَنْتَنَ. فَسَخَطَ عَلَيْهِمْ مُوسَى. 21وَكَانُوا يَلْتَقِطُونَهُ صَبَاحاً فَصَبَاحاً كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أَكْلِهِ. وَإِذَا حَمِيَتِ الشَّمْسُ كَانَ يَذُوبُ.
ع17: إلتقط كل واحد كما يريد من هذا الطعام، فالبعض التقط كثيرًا والبعض قليلاً.
ع18: ظهرت المفاجأة عندما كال كل واحد ما التقطه لينفذ وصية الله بجمع عمر لكل شخص، فاكتشفوا أن ما التقطوه هو مقدار عمر لكل فرد سواء جمعوا كثيرًا أو قليلاً.
- عندما يبارك الله فى أعمالك يعطيك خيرًا يكفيك وحتى لو بدا قليلاً فستشبع منه.
ع19، 20: أمرهم موسى ألا يبقوا منه شيئًا للصباح التالى، ولكن بعضهم شكَّ فى نزول المن باليوم التالى فاحتفظ ببعض منه ولكنه فوجئ بامتلائه دودًا وأصبح كريهًا لا يؤكل، فغضب عليهم موسى لضعف إيمانهم وعدم طاعتهم لله.
ع21: استمر الشعب يجمع كل يوم ما يحتاجه من المن. والغريب أنه عندما تشرق الشمس يذوب المن ويصبح سائلاً فتشربه الأرض.
- إذا لم تبكر إلى الله لتنال بركته فى الصلاة فقد تبتعد عنك البركة وتضيع فرصتك كما كان المن يذوب وينتهى.
(5) عدم نزول المن فى السبت (ع22-26):
22ثُمَّ كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ أَنَّهُمُ الْتَقَطُوا خُبْزاً مُضَاعَفاً عُمِرَيْنِ لِلْوَاحِدِ. فَجَاءَ كُلُّ رُؤَسَاءِ الْجَمَاعَةِ وَأَخْبَرُوا مُوسَى. 23فَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا مَا قَالَ الرَّبُّ. غَداً عُطْلَةٌ سَبْتٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. اخْبِزُوا مَا تَخْبِزُونَ وَاطْبُخُوا مَا تَطْبُخُونَ. وَكُلُّ مَا فَضَلَ ضَعُوهُ عِنْدَكُمْ لِيُحْفَظَ إِلَى الْغَدِ». 24فَوَضَعُوهُ إِلَى الْغَدِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى فَلَمْ يُنْتِنْ وَلاَ صَارَ فِيهِ دُودٌ. 25فَقَالَ مُوسَى: «كُلُوهُ الْيَوْمَ لأَنَّ لِلرَّبِّ الْيَوْمَ سَبْتاً. الْيَوْمَ لاَ تَجِدُونَهُ فِي الْحَقْلِ. 26سِتَّةَ أَيَّامٍ تَلْتَقِطُونَهُ وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ. لاَ يُوجَدُ فِيهِ».
ع22: أطاع الشعب وجمع فى اليوم السادس ضعف ما يجمعه فى باقى الأيام لأن المن لن ينزل فى السبت. وأخبر رؤساء الشعب موسى بما فعلوا ليتأكدوا أن هذا هو أمر الرب فلا يغضب عليهم كما حدث عندما أبقى بعضهم منه لليوم التالى فصار فيه دود (ع20).
ع23: قال لهم موسى أطبخوه لتأكلوا منه بالشكل الذى تريدونه واحتفظوا بالباقى لليوم التالى ولن يفسد حتى تتفرغوا فى اليوم السابع لعبادة الله.
- إهتم بيوم الأحد يوم الرب فتزيد فيه صلواتك وأعمال الخير متذكرًا أن فى هذا اليوم قام المسيح ليعطيك حياة جديدة، فاجعله يومًا متميزًا عن باقى أيامك لتشعر بالله وتتمتع بعشرته.
ع24: تحقق بالفعل كلام الله وهو أن المن المحفوظ لن يفسد بالنتانة أو الدود فى اليوم التالى أى يوم السبت.
ع25، 26: قال لهم موسى أن يأكلوا من المن المحفوظ يوم السبت لعدم نزول من فى هذا اليوم؛ فتكون هذه عادة عندهم بالراحة فى اليوم السابع للتفرغ للعبادة.
- ثق أن الله يدبر احتياجاتك وانشغالك بعبادته لن ينقص البركة المادية بل يزيدها.
(6) عدم طاعة الشعب بالخروج لالتقاط المن (ع27-31):
27وَحَدَثَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ أَنَّ بَعْضَ الشَّعْبِ خَرَجُوا لِيَلْتَقِطُوا فَلَمْ يَجِدُوا. 28فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «إِلَى مَتَى تَأْبُونَ أَنْ تَحْفَظُوا وَصَايَايَ وَشَرَائِعِي؟ 29اُنْظُرُوا! إِنَّ الرَّبَّ أَعْطَاكُمُ السَّبْتَ. لِذَلِكَ هُوَ يُعْطِيكُمْ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ خُبْزَ يَوْمَيْنِ. اجْلِسُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانِهِ. لاَ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْ مَكَانِهِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ». 30فَاسْتَرَاحَ الشَّعْبُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. 31وَدَعَا بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمَهُ «مَنّاً». وَهُوَ كَبِزْرِ الْكُزْبَرَةِ أَبْيَضُ وَطَعْمُهُ كَرِقَاقٍ بِعَسَلٍ.
ع27: لم يصدق بعض اليهود كلام الله وخرجوا ليتأكدوا بأنفسهم أنه لا يوجد من فى اليوم السابع. وهذا يظهر شكهم فى أوامر الله وتعلقهم بالماديات.
ع28، 29: اجلسوا كل واحد فى مكانه : المقصود ألا يخرجوا لجمع المن فى الصباح بل يتفرغوا فى هذا اليوم لعبادة الله تاركين أى أعمال مادية فيتحركوا للضرورة مسافات قصيرة، كما حدّد شيوخ اليهود.
عاتب الله الشعب فى حديثه مع موسى لأنهم خرجوا يوم السبت ليجمعوا منًا مع أنه أمرهم بعدم الخروج فوبخ عدم طاعتهم.
ع30: بعد هذه الحادثة أطاع الشعب كله كلام الله ولم يتحركوا يوم السبت لجمع المن.
ع31: يصف طعم المن بأنه حلو مثل رقاق بعسل وشكله حبات صغيرة مثل بذر الكزبرة. ويحكى لنا سفر الحكمة كيف أن كل إنسان أكل المن كان يشعر بطعم خاص كما كان يشتهى، وهذا سر عجيب وهو أنه كان للمن مذاقات مختلفة حسب شهوة كل واحد.
- صدق كلام الكتاب المقدس حتى لو كان فوق عقلك ولا تخالف وصاياه فتتمتع ببركاته ورضا الله عنك.
(7) حفظ المن (ع32-36):
32وَقَالَ مُوسَى: «هَذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ. مِلْءُ الْعُمِرِ مِنْهُ يَكُونُ لِلْحِفْظِ فِي أَجْيَالِكُمْ. لِيَرُوا الْخُبْزَ الَّذِي أَطْعَمْتُكُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ حِينَ أَخْرَجْتُكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». 33وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «خُذْ قِسْطاً وَاحِداً وَاجْعَلْ فِيهِ مِلْءَ الْعُمِرِ مَنّاً وَضَعْهُ أَمَامَ الرَّبِّ لِلْحِفْظِ فِي أَجْيَالِكُمْ».
34كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى وَضَعَهُ هَارُونُ أَمَامَ الشَّهَادَةِ لِلْحِفْظِ. 35وَأَكَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ. 36وَأَمَّا الْعُمِرُ فَهُوَ عُشْرُ الْإِيفَةِ.
ع32-34: قسطًا : إناء.
الشهادة : تابوت العهد فى خيمة الإجتماع.
أمر الله موسى أن يحفظوا كمية من المن فى إناء ليتذكروا على مر التاريخ معجزة الرب بإطعامهم فى البرية. وحفظوا المن فى إناء ذهبى فيما بعد داخل تابوت العهد. وكمية المن المحفوظة كانت مقدار عمر أى حوالى 2.29 لتر.
وحفظ المن فى القسط الذهبى يرمز إلى :
- تجسد المسيح، فكما نزل المن من السماء نزل الله وتجسد فى ملء الزمان.
- يرمز المن إلى التناول من جسد المسيح ودمه.
- يرمز القسط الذهبى للعذراء التى حملت المسيح فى بطنها.
ع35: استمر الله يرسل المن يوميًا لإطعام شعبه مدة 40 سنة فى برية سيناء حتى وصلوا إلى أرض الميعاد فوجدوا أرضًا مزروعة وأكلوا من ثمارها فانقطع المن.
وقد قال موسى هذا بروح النبوة إذ انقطع المن عند دخول يشوع أرض الميعاد وبدأوا فى أكل ثمار الأرض بالإضافة إلى أنه قد يكون انقطع عن سبطى رأوبين وجاد ونصف سبط منسى الذين ملكوا شرق الأردن فى أيام موسى (عد32، يش13).
- عطايا الله لك مستمرة طالما تشعر باحتياجك إليها ولكن عندما تجد ما تستند عليه من ماديات يوقف الله عطاياه، فلا تتضايق من نقص بعض الإمكانيات أو قلة الأصدقاء والمحبين لأن الله بنفسه يعوضك عنهم فيكون هو قوتك الحقيقية وصديقك الشخصى.
ع36: العمر يساوى كما ذكرنا 2.29 لتر وهو عشر مكيال يهودى معروف وهو الإيفة التى تساوى 22.9 لترا.
رموز المن
نلاحظ مما سبق أن المن يرمز إلى :
- تجسد المسيح فقد قال عن نفسه “أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء“(يو6: 51)
- جسد المسيح ودمه فقد قال “الخبز الذى أنا أعطى هو جسدى” (يو6: 51). وقال أيضًا “إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم” (يو6: 53).
- هو المجد الذى نناله فى السماء فقد قال “من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى” (رؤ2: 17).
المعانى الروحية للمن :
- الإيمان والاتكال على الله الذى يدبر احتياجاتنا يوميًا.
- طاعة الله الذى تفوق أوامره إدراكنا العقلى بخروجهم كل يوم لجمع المن وعدم الإبقاء منه لليوم التالى إلا فى اليوم السادس وعدم الخروج فى اليوم السابع.
- التبكير إلى الله قبل أى عمل بالصلاة وقراءة كتابه المقدس كما كانوا يبكرون قبل طلوع الشمس لجمع المن قبل أن يذوب بحرارة الشمس.
- أهمية العمل والجهاد الروحى الذى ظهر فى خروجهم كل صباح لجمعه.
- بركة الله، فما يجمعه كل إنسان كان يكفي سواء قلَّل أو أكثر.
- حفظ الله لطعامنا واحتياجاتنا فالمن الذى يذوب بأشعة الشمس الخفيفة فى الصباح الباكر يظل متماسكًا وينتج منه فطائر ومخبوزات مختلفة بعد أن تضعه النساء على النار القوية (حكمة16: 27).
- تنوع بركات الله للإنسان ليتلذذ بها فقد كان طعم المن لكل من يأكله بحسب ما يشتهيه، أى يختلف مذاقه من شخص إلى آخر حسب هوى كل واحد(حكمة 16: 25)
- القناعة، فقد أعطاهم الله طعامًا واحدًا ولم يعطهم أشكالاً مختلفة من الأطعمة ولأجل قناعتهم جعل طعامه يختلف بحسب رغبة كل واحد. وهذا ما يدعو المؤمنين إلى الصوم والتجرد فيبارك الله فى القليل الذى معهم فيصير حلوًا ومشبعًا لهم.