محاربة المديانيين
(1) تقليل عدد الجنود (ع1-8): 1فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ (أَيْ جِدْعُونُ) وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ. وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيَّهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي. 2وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «إِنَّ الشَّعْبَ الَّذِي مَعَكَ كَثِيرٌ عَلَيَّ لأَدْفَعَ الْمِدْيَانِيِّينَ بِيَدِهِمْ, لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ عَلَيَّ إِسْرَائِيلُ قَائِلاً: يَدِي خَلَّصَتْنِي. 3وَالآنَ نَادِ فِي آذَانِ الشَّعْبِ: مَنْ كَانَ خَائِفاً وَمُرْتَعِداً فَلْيَرْجِعْ وَيَنْصَرِفْ مِنْ جَبَلِ جِلْعَادَ». فَرَجَعَ مِنَ الشَّعْبِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلْفاً. وَبَقِيَ عَشَرَةُ آلاَفٍ. 4وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيراً. انْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَكَ. وَكُلُّ مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هَذَا لاَ يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ لاَ يَذْهَبُ». 5فَنَزَلَ بِالشَّعْبِ إِلَى الْمَاءِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «كُلُّ مَنْ يَلَغُ بِلِسَانِهِ مِنَ الْمَاءِ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ فَأَوْقِفْهُ وَحْدَهُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلشُّرْبِ». 6وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ وَلَغُوا بِيَدِهِمْ إِلَى فَمِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةِ رَجُلٍ. وَأَمَّا بَاقِي الشَّعْبِ جَمِيعاً فَجَثُوا عَلَى رُكَبِهِمْ لِشُرْبِ الْمَاءِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «بِالثَّلاَثِ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ وَلَغُوا أُخَلِّصُكُمْ وَأَدْفَعُ الْمِدْيَانِيِّينَ لِيَدِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الشَّعْبِ فَلْيَذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ». 8فَأَخَذَ الشَّعْبُ زَاداً بِيَدِهِمْ مَعَ أَبْوَاقِهِمْ. وَأَرْسَلَ سَائِرَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ, وَأَمْسَكَ الثَّلاَثَ مِئَةِ الرَّجُلِ. وَكَانَتْ مَحَلَّةُ الْمِدْيَانِيِّينَ تَحْتَهُ فِي الْوَادِي.
ع1: عين حرود : نبع من الماء على بعد 1.5 كم جنوب شرق يزرعيل وشمال غرب جبل جلعاد.
تل مورة : الوادى الواقع بين جبل جلبوع (جلعاد) جنوبًا وجبل الطور شمالاً ويبعد حوالى 4 أميال عن عين حرود (خريطة 12).
تأكد جدعون من وقوف الرب بجانبه فى حربه ضد المديانيين، فجمع رجال جيشه وجعلوا معسكرهم عند عين حرود تأهبًا لمواجهة الأعداء، بينما كان معسكر المديانيين إلى الشمال منهم عند تل مورة.
ع2: عرف الله أن شعبه يمكن أن يتكبر إذا نصرهم على المديانيين وينسبون النصرة إلى كثرة عددهم، لذا كلم جدعون ليقلل عدد الجنود الذين معه مع أنهم أقل بكثير من عدد المديانيين. وهذا إثبات أن القوة من الله ولا يهمه قلة جنود شعبه.
ع3: جبل جلعاد : يقع فى وادى يزرعيل غرب نهر الأردن بالقرب من عين حرود. وهو غير جبل جلعاد الواقع شرق نهر الأردن.
ذكر الرب جدعـون بشـريعة الحرب التى أعطاها لموسى فى سفر التثنية وهى أن ينادى قادة الشعب بين الجنود لكى يرجع إلى بيته كل من كان خائفًا من الحرب (تث20: 5-8). فرجع بنداء جدعون اثنان وعشرون ألفًا وبقى معه عشرة آلاف فقط.
ع4: أنقيهم : أجربهم وأختبرهم بما سيحدث معهم.
رغم قلة العدد الذى تبقى بعد مناداة جدعون، كما جاء فى العدد السابق، إلا أن الرب وجد أن عدد عشرة آلاف مازال كبيرًا ويجب إنقاصهم. لهذا أمر الرب جدعون أن يأتى بهم إلى الماء، أى ماء عين حرود التى كانوا يعسكرون عندها ليشربوا، فيعين له من يأخذهم منهم للحرب ومن لا يأخذهم.
ع5: يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب : أى يشرب من الماء كما يشرب الكلب بشفط الماء من العين بفمه مباشرة أو بكفه بسرعة.
نزل الرجال إلى الماء ليشربوا، وأمر الرب جدعون أن يراقبهم كيف يشربون، فكل من يأخذ الماء بكفه إلى فمه ليشرب بسرعة يضعه فى جانب وكل من يشرب الماء من العين بفمه وهو راكع أى يشرب بهدوء ويعطى نفسه فرصة للاغتسال والراحة، يضعه فى جانب آخر.
ع6: كان عدد الذين أخذوا الماء بالكف إلى الفم ثلاث مئة رجل فقط، بينما الباقون كانوا من الذين جثوا على ركبهم لكى يشربوا.
ع7: بعد هذه التصفية التى أجراها الرب لرجال الحرب، أعلن لجدعون أنه بالثلاث مئة رجل الذين أخذوا الماء بالكف إلى الفم سيهزم المديانيين ويخلص شعبه منهم بل ويسلمهم إليهم ليجروا معهم الحكم العادل، وعلى الآخرين أن يرجعوا إلى بيوتهم.
والركوع على الركبتين لشرب الماء بالفم مباشرة يدل على عدم اليقظة والانتباه لما قد يجرى أمامهم، ويستغرق وقتًا أطول من أخذ الماء باليد إلى الفم، مما يعطى فرصة للأعداء للهجوم دون استعداد من الشارب بهذه الطريقة. أما الذى يأخذ الماء باليد إلى الفم فيقوم بذلك فى وقت أقصر فضلاً عن استمرار توجه بصره إلى الأمام أى إلى العدو، فيبقى فى حذره منه وهو يشرب.
ع8: زادًا : طعامًا.
استعد الثلاثمائة رجل الذين عينهم الرب بأن أخذوا أبواقهم وطعامهم الذى يحتاجونه فى طريقهم، بينما صرف جدعون الباقين إلى منازلهم. وكان جدعون ورجاله فى مكان أعلى قليلاً من البقعة التى عسكر فيها المديانيون.
ووقوف الثلاثمائة رجل على المكان المرتفع جعل من السهل عليهم رؤية أعداد المديانيين الكثيرة جدًا فى الوادى، فشعروا بضعفهم وطلبوا الله، وبهذا تظهر قوة الله التى ستنصرهم.
? الله يريدك أن تكون مستعدًا دائمًا ويقظًا فى حربك الروحية مع الشيطان حتى لا ينتهز فرصة غفلتك ويسقطك فى الخطية. فاحترس وابتعد عن مصادر خطيتك واملأ فراغك بأفكار روحية بناءة واطلب معونة الله فتضمن نصرتك على أعداءك.
(2) حلم المديانيين (ع9-15):
9وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: «قُمِ انْزِلْ إِلَى الْمَحَلَّةِ, لأَنِّي قَدْ دَفَعْتُهَا إِلَى يَدِكَ.
10وَإِنْ كُنْتَ خَائِفاً مِنَ النُّزُولِ, فَانْزِلْ أَنْتَ وَفُورَةُ غُلاَمُكَ إِلَى الْمَحَلَّةِ, 11وَتَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ, وَبَعْدُ تَتَشَدَّدُ يَدَاكَ وَتَنْزِلُ إِلَى الْمَحَلَّةِ». فَنَزَلَ هُوَ وَفُورَةُ غُلاَمُهُ إِلَى آخِرِ الْمُتَجَهِّزِينَ الَّذِينَ فِي الْمَحَلَّةِ. 12وَكَانَ الْمِدْيَانِيُّونَ وَالْعَمَالِقَةُ وَكُلُّ بَنِي الْمَشْرِقِ حَالِّينَ فِي الْوَادِي كَالْجَرَادِ فِي الْكَثْرَةِ, وَجِمَالُهُمْ لاَ عَدَدَ لَهَا كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ. 13وَجَاءَ جِدْعُونُ فَإِذَا رَجُلٌ يُخَبِّرُ صَاحِبَهُ بِحُلْمٍ وَيَقُولُ: «هُوَذَا قَدْ حَلُمْتُ حُلْماً, وَإِذَا رَغِيفُ خُبْزِ شَعِيرٍ يَتَدَحْرَجُ فِي مَحَلَّةِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى الْخَيْمَةِ وَضَرَبَهَا فَسَقَطَتْ, وَقَلَبَهَا إِلَى فَوْقٍ فَسَقَطَتِ الْخَيْمَةُ». 14فَأَجَابَ صَاحِبُهُ: «لَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ سَيْفَ جِدْعُونَ بْنِ يُوآشَ رَجُلِ إِسْرَائِيلَ. قَدْ دَفَعَ اللَّهُ إِلَى يَدِهِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَكُلَّ الْجَيْشِ». 15وَكَانَ لَمَّا سَمِعَ جِدْعُونُ خَبَرَ الْحُلْمِ وَتَفْسِيرَهُ أَنَّهُ سَجَدَ وَرَجَعَ إِلَى مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: «قُومُوا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَ إِلَى يَدِكُمْ جَيْشَ الْمِدْيَانِيِّينَ».
ع9: أراد الله أن يعطى لجدعون علامة جديدة ليطمئنه أنه معه وأنه سيساعده على تحقيق النصر، فطلب منه فى تلك الليلة أن ينزل إلى حيث معسكر المديانيين لكى يريه العلامة الجديدة، وأعلمه أنه سيسلم المديانيين إلى يده. وقد قالها الرب بصيغة الماضى “قد دفعتها” تأكيدًا أن الأمر لابد أن يتم.
ع10: ليزيد الله طمأنينة جدعون، أرسله مع أحد خدامه الأمناء ويدعى “فورة” ليتجسس بنفسه معسكر المديانيين. والتجسس أمر معروف فى الحروب لمعرفة قوة الأعداء، فالله قصد أن يظهر لجدعون قوته وتفوقه على الأعداء.
ع11: المتجهزين الذين فى المحلة: الجنود المستعدون للحرب الموجودون فى المعسكر.
كان للرب قصد من نزول جدعون إلى معسكر المديانيين وهو أن يسمع جدعون حديثًا يدور بين أفراد منهم، ومضمون هذا الحديث سيشجعه أكثر ويطمئنه على تحقيق النصر. وكان الرب عالمًا بما سوف يقولونه ويسمعه جدعون فيتشجع أكثر وأكثر ولا يخشى أن يواجههم.
أطاع جدعون أمر الرب ونزل هو وغلامه إلى مؤخرة معسكر المديانيين دون أن يتغلغل فى صفوفهم حتى لا يشعروا به.
ع12: كرّر الله ما ذكر فى (ص6: 5) مشبهًا جيش الأعداء فى كثرته بالجراد، وجمالهم – التى هى من أساسيات الحرب فى ذلك الزمان – برمل البحر فى كثرتها.
ع12، 13: كانت العلامة الجديدة التى أراد الرب أن يعطيها لجدعون ليتشجع أكثر هى مضمون حلم رآه أحد جنود الأعداء وقَصَّه على أحد أصحابه بينما كان جدعون هناك يتصنت لحديثهما. وكان مضمون الحلم هو أنه رأى رغيفًا من الشعير يتدحرج على الأرض فى معسكر المديانيين فاصطدم بخيامهم فهدمها وقلبها رأسًا على عقب.
ع14: ما أن انتهى الجندى من سرد حلمه إذ بصاحبه – وبتدخل من الله – يفسر له الحلم بأن رغيف الشعير يشير إلى سيف جدعون الذى يعطيه الرب القوة والنصرة على المديانيين فيسحق جيشهم. ورغيف الشعر هو أضعف نوع من الخبز وهو طعام الفقراء، فهو يشبه جدعون الضعيف ولكن لأن الله معه فهو قادر على هزيمة الأعداء الكثيرين.
? أشكر الله على كل تشجيع يرسله إليك وكل نعمة تنالها فيزداد تمتعك بها ويفيض عليك الله بمراحم أكثر فتحيا مطمئنًا وفرحًا.
ع15: عندما سمع جدعون الحلم وتفسيره، تشجع وأيقن أن الله معه، فسجد لله شكرًا ورجع إلى معسكر بنى إسرائيل وأنهضهم قائلاً قوموا لأن الرب قد دفع المديانيين إليكم. ويظهر هنا اتضاع جدعون، إذ ينسب النصرة إلى جنوده فيقول دفع المديانين إلى يدكم وذلك ليشجعهم أيضًا.
? الله تدخل فى آخر وقت لينزع القلق من قلب جدعون أى فى الليلة الأخيرة قبل بدئه الحرب. فاطمئن لأن الله قريب منك وسيتدخل فى الوقت المناسب ليشجعك وينصرك على أعدائك.
(3) الانتصار على المديانيين (ع16-25):
16وَقَسَمَ الثَّلاَثَ مِئَةِ الرَّجُلِ إِلَى ثَلاَثِ فِرَقٍ, وَجَعَلَ أَبْوَاقاً فِي أَيْدِيهِمْ كُلِّهِمْ, وَجِرَاراً فَارِغَةً وَمَصَابِيحَ فِي وَسَطِ الْجِرَارِ. 17وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا إِلَيَّ وَافْعَلُوا كَذَلِكَ. وَهَا أَنَا آتٍ إِلَى طَرَفِ الْمَحَلَّةِ, فَيَكُونُ كَمَا أَفْعَلُ أَنَّكُمْ هَكَذَا تَفْعَلُونَ. 18وَمَتَى ضَرَبْتُ بِالْبُوقِ أَنَا وَكُلُّ الَّذِينَ مَعِي فَاضْرِبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِالأَبْوَاقِ حَوْلَ كُلِّ الْمَحَلَّةِ, وَقُولُوا: لِلرَّبِّ وَلِجِدْعُونَ». 19فَجَاءَ جِدْعُونُ وَالْمِئَةُ الرَّجُلِ الَّذِينَ مَعَهُ إِلَى طَرَفِ الْمَحَلَّةِ فِي أَّوَلِ الْهَزِيعِ الأَوْسَطِ, وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ قَدْ أَقَامُوا الْحُرَّاسَ, فَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ وَكَسَّرُوا الْجِرَارَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ. 20فَضَرَبَتِ الْفِرَقُ الثَّلاَثُ بِالأَبْوَاقِ وَكَسَّرُوا الْجِرَارَ, وَأَمْسَكُوا الْمَصَابِيحَ بِأَيْدِيهِمِ الْيُسْرَى وَالأَبْوَاقَ بِأَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى لِيَضْرِبُوا بِهَا, وَصَرَخُوا: «سَيْفٌ لِلرَّبِّ وَلِجِدْعُونَ». 21وَوَقَفُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانِهِ حَوْلَ الْمَحَلَّةِ. فَرَكَضَ كُلُّ الْجَيْشِ وَصَرَخُوا وَهَرَبُوا. 22وَضَرَبَ الثَّلاَثُ الْمِئِينَ بِالأَبْوَاقِ, وَجَعَلَ الرَّبُّ سَيْفَ كُلِّ وَاحِدٍ بِصَاحِبِهِ وَبِكُلِّ الْجَيْشِ. فَهَرَبَ الْجَيْشُ إِلَى بَيْتِ شِطَّةَ إِلَى صَرَدَةَ حَتَّى إِلَى حَافَةِ آبَلِ مَحُولَةَ إِلَى طَبَّاةَ. 23فَاجْتَمَعَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ نَفْتَالِي وَمِنْ أَشِيرَ وَمِنْ كُلِّ مَنَسَّى وَتَبِعُوا الْمِدْيَانِيِّينَ. 24فَأَرْسَلَ جِدْعُونُ رُسُلاً إِلَى كُلِّ جَبَلِ أَفْرَايِمَ قَائِلاً: «انْزِلُوا لِلِقَاءِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَخُذُوا مِنْهُمُ الْمِيَاهَ إِلَى بَيْتِ بَارَةَ وَالأُرْدُنِّ». فَاجْتَمَعَ كُلُّ رِجَالِ أَفْرَايِمَ وَأَخَذُوا الْمِيَاهَ إِلَى بَيْتِ بَارَةَ وَالأُرْدُنِّ. 25وَأَمْسَكُوا أَمِيرَيِ الْمِدْيَانِيِّينَ غُرَاباً وَذِئْباً, وَقَتَلُوا غُرَاباً عَلَى صَخْرَةِ غُرَابٍ, وَأَمَّا ذِئْبٌ فَقَتَلُوهُ فِي مِعْصَرَةِ ذِئْبٍ. وَتَبِعُوا الْمِدْيَانِيِّينَ وَأَتُوا بِرَأْسَيْ غُرَابٍ وَذِئْبٍ إِلَى جِدْعُونَ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ.
ع16: قسّم جدعون جيشه إلى ثلاث فرق يتوزعون على مساحة أوسع حتى يوهم الأعداء بأن أعدادهم أكبر من حقيقتها، وأمرهم بأن يحمل كل جندى منهم بوقًا فى يده اليمنى ليبوق به فى الوقت الذى يشير عليهم به، وفى يده الأخرى يحمل جرة فارغة يضع فى داخلها مصباحًا.
? اتكالنا على الرب فيما نتخذه من خطوات لا يعنى عدم القيام بالتخطيط والتنظيم لها. فعلينا أن نجتهد وندبر أمورنا على أحسن ما يكون التدبير والله يكمل ويكلل هذا الجهد بالبركة والنجاح.
ع17: عرفهم جدعون أنه سيكون على رأس إحدى الفرق الثلاث، فيتقدم إلى حدود المعسكر الذى يحتله المديانيون، وأمرهم بأن يفعلوا كما سيرونه يفعل.
ع18: كانت الخطة أنه متى نفخ فى الأبواق مع فرقته فانه على جميع رجال الفرقتين الأخريتين أن ينفخوا فى أبواقهم وهم محيطون بالمحلة ويهتفوا “للرب ولجدعون” أى أن الرب سيشهر سيفه وسيف جدعون عبده على الأعداء. أما بقية الخطة الحربية التى أبلغها جدعون لجنوده فذكرت فى الأعداد التالية.
ع19: الهزيع الأوسط : هو القسم الثانى من الليل والذى كان يقسم إلى ثلاثة أقسام كل منها أربع ساعات بدءًا من الساعة السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا بتوقيتنا الحالى.
فى منتصف الليل تحرك جدعون مع فرقته المكونة من مئة جندى إلى حدود معسكر المديانيين، وكان المديانيون نائمين وكلفوا بعض الجنود بحراسة معسكرهم. فبدأت فرقة جدعون بتنفيذ الخطة بأن نفخوا فى الأبواق وكسروا الجرار ملقين إياها بشدة على الأرض وفى نفس الوقت أظهروا المشاعل التى كانوا يخفونها داخلها.
ع20: سيف للرب ولجدعون : أى أن الرب سيسلط سيفه وسيف جدعون على الأعداء.
قامت الفرقتان الأخريتان بتقليدهم، منفذين أوامر جدعون حينما نبه عليهم أنه كما يرونه يفعل يفعلون، صارخين جميعًا “سيف للرب ولجدعون”. وضربوا بالأبواق وكسروا الجرار وهجموا على الأعداء مبوقين بالأبواق التى فى أيديهم اليمنى والمصابيح فى أيديهم اليسرى مما أزعج الأعداء جدًا.
ع21: بعد أن نفذوا الخطة حسب تعليمات جدعون، وقفوا بثبات حول معسكر الأعداء بينما هؤلاء أفزعتهم أصوات الأبواق وتلك التى أحدثتها كسر الجرار فى لحظة واحدة، وخافوا من نيران المشاعل متوهمين أنها أسلحة جديدة ستفتك بهم، فهربوا فارين أمام جنود جدعون إذ ألقى الرب الرعب فى قلوبهم.
? كما فزع الأعداء من صوت الأبواق وكسر الجرار، هكذا يفزع جنود عدو الخير من علامة الصليب ومن ممارستنا المنتظمة لسر التناول من جسد الرب ودمه والذى به نثبت فى الرب يسوع فلا تقوى علينا الحيات والعقارب وكل قوة العدو.
ع22: استمر الثلاثمائة جندى فى النفخ فى الأبواق حتى يوهموا العدو بأنهم كثرة من الرجال المحاربين وليسوا مجرد عدد ضئيل من الجنود، فأصاب الذعر جنود العدو وأخذوا فى ارتباكهم يقتلون بعضهم بعضًا ظانين أنهم يقتلون رجال جدعون، ثم اكتشفوا أن أصحابهم قد قتلوا من خلال صراخهم فظنوا أن رجال جدعون قد قتلوهم فزاد خوفهم وأسرعوا للهرب. وسادت الفوضى بينهم، فكان كل واحد منهم يحاول النجاة بنفسه فيفر من ميدان المعركة، فتشتتوا وتراجعوا إلى عدة بلدات هى “بيت شطة” و”صردة” وإلى حدود “آبل محولة” وإلى “طباة” وهذه البلاد تقع فى شرق وادى يزرعيل حتى نهر الأردن.
ع23: رأت الأسباط، التى كانت تقطن المناطق القريبة من ميدان المعركة، هزيمة المديانيين وفرار رجالهم، فتحمس رجال الحرب من أسباط نفتالى وأشير ومنسى وخرجوا لمطاردة الهاربين من جيش المديانيين.
ع24: خذوا منهم المياه : يستولوا على تجمعات مياه نهر الأردن حتى يسدوا الطريق على الهاربين من جيش المديانيين لئلا يهربوا سابحين فى مياه الأردن.
بيت بارة : مدينة على الشاطئ الشرقى لنهر الأردن (خريطة 11).
كان سبط أفرايم يسكن فى الأراضى الجبلية وسط أرض كنعان. فطلب منهم جدعون أن ينزلوا إلى السهول ويسيطروا على تجمعات المياه المتصلة بنهر الاردن حتى يمنعوا المديانيين من عبور النهر إلى الضفة الشرقية منه ليعودوا إلى بلادهم. وقد نفّذ سبط أفرايم طلب جدعون ومنعوا بذلك المديانيين من الهروب الذى ربما كان سيساعدهم على إعادة تنظيم صفوفهم فى أراضيهم والعودة لمحاربة بنى إسرائيل من جديد.
ع25: صخرة غراب : مكان على الضفة الغربية لنهر الأردن.
نجح الأفراميون فى اصطياد جنود الأعداء خلال تراجعهم فارين من ميدان القتال، وأمسكوا باثنين من أمرائهم هما “غراب” و”ذئب”، وقتلوا الأمير غراب على صخرة أطلقوا عليها اسم “صخرة غراب”، وقتلوا الأمير ذئب فى معصرة زيتون ربما كان مختبئًا داخلها ودعوها باسمه “معصرة ذئب”، وأرسلوا رأسى الأميرين المقتولين إلى جدعون ليبشروه.