القضاة تولع ويائير ثم استعباد شعب الله
(1) حكم تولع (ع1-2): 1وَقَامَ بَعْدَ أَبِيمَالِكَ لِتَخْلِيصِ إِسْرَائِيلَ تُولَعُ بْنُ فُوَاةَ بْنِ دُودُو، رَجُلٌ مِنْ يَسَّاكَرَ، كَانَ سَاكِناً فِي شَامِيرَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ. 2فَقَضَى لإِسْرَائِيلَ ثَلاَثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي شَامِيرَ.
ع1: شامير : تقع بين حنين والسامرة.
جبل أفرايم : أراضى جبلية تقع فى نصيب سبط أفرايم (خريطة 12).
مات أبيمالك، وكما ذكرنا لا يعتبر من القضاة لأنه اغتصب الملك محبة فى الرئاسة، وبعد ذلك أقام الله قاضيًا يحكم بشريعته هو “تولع” وكان من سبط يساكر ولكنه أقام فى أفرايم، وساد السلام فى أيامه وعاش الشعب بوصايا الله ولم يهاجم الأعداء بنى إسرائيل.
ع2: بعد أن قام تولع بمهمته كمحرر وقاضٍ لشعبه مدة ثلاث وعشرين سنة، مات ودفن فى مدينته.
V إذا كنت مسئولاً فى بيتك أو فى الكنيسة أو فى أى مكان، فاتبع وصايا الله وعلم بها فتثبت إيمان من حولك وتعطيهم السلام الإلهى فيحيوا فى إيمان بين يدى الله.
(2) حكم يائير (ع3-5):
3ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ يَائِيرُ الْجِلْعَادِيُّ، فَقَضَى لإِسْرَائِيلَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً. 4وَكَانَ لَهُ ثَلاَثُونَ وَلَداً يَرْكَبُونَ عَلَى ثَلاَثِينَ جَحْشاً، وَلَهُمْ ثَلاَثُونَ مَدِينَةً. يَدْعُونَهَا «حَّوُوثَ يَائِيرَ» إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. هِيَ فِي أَرْضِ جِلْعَادَ. 5وَمَاتَ يَائِيرُ وَدُفِنَ فِي قَامُونَ.
ع3 : قام للقضاء بعد “تولع” قاضٍ آخر هو “يائير” الذى دعى بالجلعادى لأنه كان مقيمًا فى أرض جلعاد شرق الأردن. وكانت مدة قضائه للشعب 22 سنة لم يحدث خلالها ما يعكر صفو الهدوء والأمن الذى ساد طيلة فترة حكمه. وعلّم الشعب شريعة الله، وقضى بها لفضّ المنازعات والمشاكل بينهم. ويبدو أنه ساد السلام فى عهده فلم تُذكَر أيّة حروب طوال مدة قضائه.
ع4: حؤوت يائير : أى مزارع يائير وتقع فى القسم الشمالى الغربى من باشان شرق الأردن.
أرض جلعاد : منطقة شرق الأردن سكنتها عشيرة الجلعاديين سميت على اسم رئيسها الذى هو ابن ماكير وحفيد منسى.
قامون : موضع فى أرض جلعاد (خريطة 12).
كان الأقدمون يتزوجون فى سن مبكرة ويفرحون بوفرة النسل، وكان ليائير عدد من الزوجات، فانجب منهن ثلاثين ابنًا لكل واحد منهم حمار كما لوجهاء القوم فى هذا العصر، ولهم ثلاثون مزرعة فى أرض جلعاد بها مبانى ومنشآت فاعتبرت مدنًا، وقد سميت “مزارع يائير” وحفظت أسماء تلك المدن كما هى إلى زمن كتابة السفر.
ع5: بعد أن قضى يائير لشعبه، مات ودفن فى إحدى مدن جلعاد وكانت تسمى “قامون”.
V تمسك بوصايا الله لتطبقها فى حياتك وتستطيع حينئذ أن تعلمها لغيرك وتكون هى التى تحكم أعمالك وترشد بها الآخرين فتحيا فى طمأنينة وسلام.
(3) فلسطين وبنو عمون يذلون إسرائيل (ع6-9):
6وَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ, وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ وَالْعَشْتَارُوثَ وَآلِهَةَ أَرَامَ وَآلِهَةَ صَيْدُونَ وَآلِهَةَ مُوآبَ وَآلِهَةَ بَنِي عَمُّونَ وَآلِهَةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ, وَتَرَكُوا الرَّبَّ وَلَمْ يَعْبُدُوهُ. 7فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَبَاعَهُمْ بِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَبِيَدِ بَنِي عَمُّونَ. 8فَحَطَّمُوا وَرَضَّضُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً. جَمِيعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ فِي جِلْعَادَ. 9وَعَبَرَ بَنُو عَمُّونَ الأُرْدُنَّ لِيُحَارِبُوا أَيْضاً يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَبَيْتَ أَفْرَايِمَ. فَتَضَايَقَ إِسْرَائِيلُ جِدّاً.
ع6: عشتاروت : جمع عشتار وهى آلهة القمر.
آرام : تقع شمال شرق كنعان وهى بلاد سورية الحالية وعاصمتها دمشق.
صيدون : هى صيدا الواقعة على البحر الأبيض جنوب صور.
موآب : يسكنون شرق الأردن والبحر الميت.
بنى عمون : يسكنون شرق الأردن وشمال موآب.
الفلسطينيين : سكنوا جنوب أرض كنعان من البحر الميت حتى البحر الأبيض.
كما تكرر كثيرًا فى سفر القضاة أن الشعب قد استراح فترة من الزمن من مضايقة الأعداء، فيكرر نفس المعصية التى ارتكبها سابقًا وكانت سببًا فى ترك الرب لهم ليسقطوا فى يد أعدائهم. فها هم بعد موت يائير الجلعادى يحزنون الرب من جديد إذ صاروا يعبدون آلهة الأمم الوثنية المحيطة بهم.
ع7: إذ تركوا الرب، تركهم هو أيضًا، وفى غضبه عليهم تخلى عن حمايتهم وتركهم غنيمة فى يد أعدائهم المحيطين بهم، الفلسطينيين من الغرب، وبنى عمون من الشرق، فوقعوا تحت قبضتهم وصاروا عبيدًا لهم.
ع8: حطموا ورضضوا بنى إسرائيل : أى ضربوهم ضربات تركت آثارًا واضحة فى أجسادهم وسحقوهم، والمقصود أنهم أذلوهم جدًا بالضرب والاستغلال.
ذاق الشعب مرارة العبودية من جديد كثمرة لشرهم، فإذ هانوا الرب وتركوا عبادته، أذلهم أعداؤهم وبقوا فى مذلة 18 سنة فتضايقوا جدًا. وكان الذين تعرضوا أكثر للأذى بحكم موقعهم هم أسباط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى الشرقى، وهى الأسباط التى كانت تقيم شرق الأردن على الأراضى التى كانت للأموريين سابقًا قبل أن يأخذها منهم بنو إسرائيل ومنها أيضًا جبال جلعاد.
ع9: لم يقتصر التعب والمذلة على أسباط الشرق فقط، بل عبر العمونيون الأردن ليحاربوا الأسباط الساكنة فى الغرب ومنها أسباط يهوذا وبنيامين وأفرايم، وهى أكبر أسباط إسرائيل، ليخضعوهم تحت سيطرتهم مما أوقع إسرائيل فى ضيقة شديدة.
? إذا أهملت علاقتك بالله ستخسر رعايته وحمايته وبالتالى يتسلط عليك إبليس بخطايا كثيرة ويذلك لأنه شرس ويريد هلاكك، فارجع سريعًا لأن الله أباك رحيم فيسامحك ويحتضنك ويخلصك من ذل الشيطان.
(4) توبة الشعب (ع10-16):
10فَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ: «أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ لأَنَّنَا تَرَكْنَا إِلَهَنَا وَعَبَدْنَا الْبَعْلِيمَ». 11فَقَالَ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «أَلَيْسَ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَبَنِي عَمُّونَ وَالْفِلِسْطِينِيِّينَ خَلَّصْتُكُمْ؟
12وَالصَّيْدُونِيُّونَ وَالْعَمَالِقَةُوَالْمَعُونِيُّونَ قَدْ ضَايَقُوكُمْ فَصَرَخْتُمْ إِلَيَّ فَخَلَّصْتُكُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ؟ 13وَأَنْتُمْ قَدْ تَرَكْتُمُونِي وَعَبَدْتُمْ آلِهَةً أُخْرَى. لِذَلِكَ لاَ أَعُودُ أُخَلِّصُكُمْ. 14اِمْضُوا وَاصْرُخُوا إِلَى الآلِهَةِ الَّتِي اخْتَرْتُمُوهَا. لِتُخَلِّصْكُمْ هِيَ فِي زَمَانِ ضِيقِكُمْ». 15فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ: «أَخْطَأْنَا فَافْعَلْ بِنَا كُلَّ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. إِنَّمَا أَنْقِذْنَا هَذَا الْيَوْمَ». 16وَأَزَالُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ مِنْ وَسَطِهِمْ وَعَبَدُوا الرَّبَّ, فَضَاقَتْ نَفْسُهُ بِسَبَبِ مَشَقَّةِ إِسْرَائِيلَ.
ع10: من ضيق العبودية صرخ بنو إسرائيل إلى الله ليخلصهم، كما تكرر ذلك عدة مرات فى عصر القضاة، واعترفوا بخطيتهم أنهم عبدوا الآلهة الوثنية وتركوا الله.
ع11، 12: ذكرهم الله على لسان رئيس الكهنة أو أحد الأنبياء كيف خلصهم عندما صرخوا إليه لينقذهم من عبودية الأمم المحيطة بهم الذين أذلوهم مثل تخليصهم من :
المصرين فأخرجهم من عبوديتهم على يد موسى.
ومن الأموريين فنصرهم على ملوكهم وأعطاهم أرضهم (عد21: 21-35، يش11: 3).
ومن بنى عمون هيأ عبده إهود فقتل عجلون ملكهم (ص3: 12-30).
ومن الفلسطينيين كان هناك شمجر الذى قتل منهم 600 رجل بمنساس البقر (ص3: 3، 21).
ومن الصيدونيين خلص الرب شعبه على يد باراق ودبورة (ص5: 19).
ومن العمالقة خلصهم الرب سواء أيام موسى على يد يشوع (خر17) أو على يد جدعون (ص6: 3).
ومن المعونيين خلص الرب شعبه على يد إهود وجدعون (ص3، 6). والمعونيون هم سكان معون الواقعة فى أرض آدوم شرق الأردن.
ع13، 14: ولكن الشعب، مقابل إحسانات الله هذه، خانوا عهوده وتركوا عبادته وابتعدوا عنه وذهبوا إلى آلهة أخرى كاذبة، لذلك لا يخلصهم ما داموا قد تنكروا له وأصبحوا غرباء عنه، فلماذا يصرخون إليه الآن ؟ فيقول لهم الله : إذهبوا إلى من اخترتموهم آلهة لكم لعلها تخلصكم من ضيقتكم. وهذا أسلوب استنكارى يستهزئ به الله منهم لأن الآلهة الوثنية عاجزة عن تخليصهم.
ع15: يعترف الشعب بخطأه ويضع نفسه بين يدى الله ليعاقبه أو يعفو عنه حسبما يشاء، ولكنه يتضرع إليه تائبًا لينقذهم من العدو ثم يؤدبهم إن أراد.
ع16: ضاقت نفسه بسبب مشقة إسرائيل : يتنازل الله فيعبر عن إحساسه بمشاعر يفهمها البشر وهى ضيقه لأجل ذلهم، وهذا يظهر حنانه وأبوته، فهو وإن هدد شعبه فلكى ما يتوبوا ويرحمهم.
كانت توبة الشعب توبة عملية، إذ حطموا الأوثان وهدموا مذابحها وعادوا إلى طاعة أبيهم السماوى وإلى عبادته، فرقّ قلب الرب بسبب المشقة التى يتعرض لها شعبه.
? الاعتراف بالخطأ لا يكفى وحده لنيل الغفران، لكن يجب أن يصاحبه فعل يدل على الندم والتوبة وإزالة كل أسباب الخطية التى سبق ووقع الإنسان فيها واصلاح السلوك الردئ والعزم الصادق على عدم تكراره، ومما يؤكد سلامة عزيمته أن تحل الأعمال الصالحة محل الأعمال الفاسدة التى سبق وارتكبها. فلنكن جادين فى توبتنا بأن نقدم أعمالاً صالحة ترضى الرب.
(5) بنى عمون يستعدون لمحاربة إسرائيل (ع17، 18):
17فَاجْتَمَعَ بَنُو عَمُّونَ وَنَزَلُوا فِي جِلْعَادَ, وَاجْتَمَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَنَزَلُوا فِي الْمِصْفَاةِ. 18فَقَالَ الشَّعْبُ رُؤَسَاءُ جِلْعَادَ الْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ: «أَيٌّ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَبْتَدِئُ بِمُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ, فَإِنَّهُ يَكُونُ رَأْساً لِجَمِيعِ سُكَّانِ جِلْعَادَ».
ع17: المصفاة : تقع فى نصيب سبط جاد ودعيت مصفاة جلعاد (ص11: 29) ورامة المصفاة (يش13: 26) وهى موضع الرجمة التى أقام يعقوب وقوم لابان شهادة على العهد بينهم (تك31: 49).
جمع بنو عمون جيوشهم ليحاربوا بنى إسرائيل بدءًا من الأسباط الساكنة فى جلعاد. واستعد بنو إسرائيل بجيوشهم استعدادًا للدفاع عن أنفسهم ونزلوا فى إحدى بقاع جلعاد وتسمى “المصفاة”.
ع18: وكان بنو إسرائيل يتشاورون فيما بينهم فيمن يكون القائد لهم ليقودهم فى حربهم هذه، وهذا الشخص الشجاع سيكون جديرًا بأن يبايعونه رئيسًا وحاكمًا لهم فى كل أراضيهم شرق الأردن.
? لا تنزعج من فخاخ إبليس وحروبه لأن إلهك أقوى منه ويستطيع أن ينصرك عليه، ولكن كن متيقظًا وتمسك بجهادك الروحى فستنتصر حتمًا.