التنبؤ بخراب المذابح الوثنية
(1) نبوة عن يوشيا (ع1-10) :
1- و اذا برجل الله قد اتى من يهوذا بكلام الرب الى بيت ايل و يربعام واقف لدى المذبح لكي يوقد. 2- فنادى نحو المذبح بكلام الرب و قال يا مذبح يا مذبح هكذا قال الرب هوذا سيولد لبيت داود ابن اسمه يوشيا و يذبح عليك كهنة المرتفعات الذين يوقدون عليك و تحرق عليك عظام الناس. 3- و اعطى في ذلك اليوم علامة قائلا هذه هي العلامة التي تكلم بها الرب هوذا المذبح ينشق ويذرى الرماد الذي عليه. 4- فلما سمع الملك كلام رجل الله الذي نادى نحو المذبح في بيت ايل مد يربعام يده عن المذبح قائلا امسكوه فيبست يده التي مدها نحوه و لم يستطع ان يردها اليه.5- و انشق المذبح و ذري الرماد من على المذبح حسب العلامة التي اعطاها رجل الله بكلام الرب. 6- فاجاب الملك وقال لرجل الله تضرع الى وجه الرب الهك و صل من اجلي فترجع يدي الي فتضرع رجل الله الى وجه الرب فرجعت يد الملك اليه و كانت كما في الاول. 7- ثم قال الملك لرجل الله ادخل معي الى البيت و تقوت فاعطيك اجرة. 8- فقال رجل الله للملك لو اعطيتني نصف بيتك لا ادخل معك و لا اكل خبزا و لا اشرب ماء في هذا الموضع. 9- لاني هكذا اوصيت بكلام الرب قائلا لا تاكل خبزا ولا تشرب ماء و لا ترجع في الطريق الذي ذهبت فيه. 10- فذهب في طريق اخر و لم يرجع في الطريق الذي جاء فيه الى بيت ايل.
ع1: أقام يربعام نفسه كاهنًا ووقف على المذبح يبخر، فأرسل له الرب نبيًا من يهوذا ليحذره حتى لا يكون له عذر فى التمادى فى خطاياه. فالله أراد أن ينبه يربعام، فأرسل له من يهوذا، أى من عند بيته المقدس، من يوبخه على شره. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.
ولم يُذكَر اسم رجل الله، لأنه خالف وصية الله كما يظهر من (ع19، 20).
ع2: يوشيا : ابن أمنون ملك يهوذا، تبوأ العرش فى سن 8 سنوات وسار حسب الشريعة فقاوم العبادة الوثنية.
وقف النبى عند المذبح حيث كان يربعام يبخر وصرخ بكل شجاعة، مناديًا بصوت عالٍ على المذبح المبنى من الحجارة، لعل قلب يربعام ومن حوله من شعب إسرائيل – الذين أصبحت قلوبهم حجرية – يتحركون وينتبهون لكلام الله ويتوقفون عن التمادى فى شرورهم بعبادة الأصنام ولم يكلم يربعام ولا الواقفين حوله؛ لأنهم تمادوا فى الشر، بل كلم المذبح، أى الحجارة لأنها أفضل من هؤلاء الأشرار. وتنبأ رجل الله عن يوشيا ملك يهوذا قبل ميلاده بنحو 350 عامًا بأنه سيقوم ويهدم المذابـح الوثنيـة ويحـرق عظـام الذين يبخرون أمامها (2مل 23: 15-20)، أى ينجس هذه المذابح، لأن عظام الموتى فى شريعة موسى تنجس من يلمسها، ليعلن أن هذه المذابح نجسة فى نظر الله ولم تستطع أن تحمى الكهنة ومن يتعبدون أمامها من الموت. فهو يعلن غضب الله على هذه المذابح الوثنية وبالتالى يطالب الشعب بإزالتها والرجوع لعبادة الله فى هيكله بأورشليم وإن لم يزيلوها فسيأتى من يزيلها وهو يوشيا الملك ولكن سيدان كل من تعبد أمام هذه المذابح.
ع3: وحتى يصدق الناس ما يقوله هذا النبى، لأن كلام الله سيتم بعد 350 عامًا على يد يوشيا، قال لهم أن الله سيعطيهم علامة الآن ليصدقوا كلامه، لعلهم يتوبوا ويرجعوا عن عبادة الأوثان، وهذه العلامة هى أن المذبح الذى يقف أمامه يربعام ينشق وينتثر الرماد الذى عليه، مشيرًا بذلك إلى أن كلمة الله قادرة على أن تهز القلوب الحجرية وتبدد ما لصق بها من دنس.
ع4: عندما سمع يربعام الملك كلام النبى، لم يتأثر، أو يشعر بخطأه، بل على العكس اغتاظ وترك تقديم الذبيحة التى على المذبح ومد يده وأشار إلى النبى، ليمسكوه حتى يؤدبه، أو يقتله، ولكن الله دافع عن نبيه بقوة، إذ جعل يد يربعام تيبس، فصرخ وشعر كل الواقفين بقوة الله التى مع النبى والتى لا تقاوم.
ع5: حقّق الله كلامه بشق المذبح إلى جزءين وتساقط الرماد من عليه، فأظهرت هذه العلامة قوة الله حتى خاف كل الواقفين ولكن للأسف لم يدفعهم هذا إلى التوبة.
ع6: خاف يربعام وانزعج حين يبست يده وطلب من رجل الله أن يتشفع بالصلاة من أجله لتشفى يده، وبالفعل لم يغضب النبى أو يرغب فى الانتقام من يربعام بل تضرع إلى الرب فرجعت يد الملك صحيحة كما كانت. وهكذا دعا الله يربعام ومن حوله للتوبة بأربعة أمور :
- نبوة النبى عن يوشيا الذى سيزيل المذابح ويقتل كهنتها.
- انشقاق المذبح وسقوط الرماد عنه.
- جعل الله يد يربعام تيبس.
- شفاء يد يربعام التى يبست وعودتها صحيحة.
ولكن للأسف قال يربعام للنبى “تضرع إلى إلهك” ولم يحاول التوبة والرجوع إلى الله ليكون إلهه هو وحتى بعد شفائه لم يتب، وهو فى هذا يشبه فرعون الوثنى، الذى كان يقول لموسى تضرع إلى إلهك؛ ليرفع عنا الضربات.
ع7: طلب الملك من رجل الله أن يأتى إلى قصره؛ ليأكل ويكافئه على شفاء يده.
وهكذا بقوة الله خاف يربعام واحترم رجل الله وحاول إكرامه وهذه محاولة للتأثير على رجل الله ليس بالتهديد؛ كما أشار إليه قبلاً للقبض عليه (ع4) ولكن بالترغيب لعله يغير كلامه وبهذا تظاهر يربعام بارتباطه بالله فى إكرامه لنبيه؛ حتى لا يتركه الشعب ويذهب لعبادة الله فى أورشليم.
ع8-10: رفض رجل الله بحزم دعوة الملك مهما كانت العطية التى سيعطيها له، فهو لن يأكل خبزًا، أو يشرب ماءً فى هذا المكان؛ لأنه مكان مملوء بالشر فلا يصح الوجود فيه، أو مخالطة الأشرار، أو الأكل مما ذبح للأوثان، رغم أن هذا النبى كان غالبًا محتاجًا للطعام والشراب وقد لا يكون معه ما يشترى به ولكن طاعته لله فوق كل شئ فهو هنا يرفض بوضوح كل ما يتصل بالشر.
وقبول رجل الله ضيافة الملك وعطاياه معناها موافقته الضمنية على شرور الملك وهذا ضد النبوة التى أعلنها.
وبهذا أطاع النبى الله ولم يرجع فى الطريق التى أتى منها حتى لا يعطله الناس الذين رأوا، أو سمعوا نبوته ومعجزاته، فهو يعمل عمل الله بوضوح وقوة ولا ينشغل بمديح الناس وتكريمهم له.
? إهتم بتنفيذ وصايا الله، فتتمتع بإحساسك أن الله معك وهذا سيرفعك ويشغلك عن اهتمامات العالم ويفصلك عن شروره وأفكاره.
(2) خطأ رجل الله وقتله (ع11-26) :
11- و كان نبي شيخ ساكنا في بيت ايل فاتى بنوه و قصوا عليه كل العمل الذي عمله رجل الله ذلك اليوم في بيت ايل و قصوا على ابيهم الكلام الذي تكلم به الى الملك. 12- فقال لهم ابوهم من اي طريق ذهب و كان بنوه قد راوا الطريق الذي سار فيه رجل الله الذي جاء من يهوذا.
13- فقال لبنيه شدوا لي على الحمار فشدوا له على الحمار فركب عليه. مخالفة رجل الله لأمر الرب 14- و سار وراء رجل الله فوجده جالسا تحت البلوطة فقال له اانت رجل الله الذي جاء من يهوذا فقال انا هو. 15- فقال له سر معي الى البيت و كل خبزا. 16- فقال لا اقدر ان ارجع معك و لا ادخل معك و لا اكل خبزا و لا اشرب معك ماء في هذا الموضع. 17- لانه قيل لي بكلام الرب لا تاكل خبزا و لا تشرب هناك ماء و لا ترجع سائرا في الطريق الذي ذهبت فيه. 18- فقال له انا ايضا نبي مثلك و قد كلمني ملاك بكلام الرب قائلا ارجع به معك الى بيتك فياكل خبزا و يشرب ماء كذب عليه. 19- فرجع معه و اكل خبزا في بيته و شرب ماء.20- و بينما هما جالسان على المائدة كان كلام الرب الى النبي الذي ارجعه. 21- فصاح الى رجل الله الذي جاء من يهوذا قائلا هكذا قال الرب من اجل انك خالفت قول الرب و لم تحفظ الوصية التي اوصاك بها الرب الهك.
22- فرجعت و اكلت خبزا و شربت ماء في الموضع الذي قال لك لا تاكل فيه خبزا و لا تشرب ماء لا تدخل جثتك قبر ابائك. 23- ثم بعدما اكل خبزا و بعد ان شرب شد له على الحمار اي للنبي الذي ارجعه. 24- و انطلق فصادفه اسد في الطريق و قتله و كانت جثته مطروحة في الطريق والحمار واقف بجانبها و الاسد واقف بجانب الجثة. 25- و اذا بقوم يعبرون فراوا الجثة مطروحة في الطريق والاسد واقف بجانب الجثة فاتوا و اخبروا في المدينة التي كان النبي الشيخ ساكنا بها. 26- و لما سمع النبي الذي ارجعه عن الطريق قال هو رجل الله الذي خالف قول الرب فدفعه الرب للاسد فافترسه وقتله حسب كلام الرب الذي كلمه به.
ع11، 12: كان هناك نبى شيخ ساكنًا فى بيت إيل، لم يحضر بنفسه الأحداث السابقة عند المذبح الوثنى لكن أبناءه كانوا هناك، فعندما رجعوا حدثوه بما جرى وعن رفض رجل الله دعوة الملك وما قاله عن سبب رفضه، فسألهم عن الطريق التى انصرف منها رجل الله فأخبروه لأنهم تبعوه وعرفوا الطريق وهذا الشيخ هو نبى لله ولكن لضعفه لم يعلن صوت الله وسط الشر الذى يقوده يربعام الملك.
ع13-15: طلب الشيخ من أبنائه أن يعدوا له حمارًا ليركبه وسار فى الطريق التى سلك فيها رجل الله، فوجده بعد مسافة جالسًا تحت شجرة بلوط، فسأله هل أنت النبى الذى تنبأت على المذبح؛ فأجاب نعم، فرحب به ودعاه للعودة إلى بيت إيل ليأكل طعامًا فى بيته.
ع16، 17: رفض رجل الله دعوة الشيخ لأن الله أمره ألا يأكل أو يشرب فى بيت إيل، بل عليه أن ينصرف فى طريق آخر غير الذى أتى منه. وبهذا تظهر طاعة رجل الله ولكنها للأسف كانت طاعة ضعيفة يمكن أن يتنازل عنها تحت الضغوط، كما سنرى فى الآيات التالية.
ع18: بلوطة : شجرة ضخمة لها ظل كبير.
كذب عليه الشيخ وادعى أن ملاكًا كلمه، فهو نبى أيضًا مثله، وطلب الملاك منه مصاحبة رجل الله إلى بيته ليأكل ويشرب. وهذا يبين ضعف النبى الشيخ وإهماله لوصايا الله.
ولعله بدافع حب الاستطلاع أراد أن يستضيف رجل الله، ليعرف منه تفاصيل نبوته مع أنه كان يمكن أن يكتفى بسؤاله عنها عندما رآه تحت الشجرة. فهو إن كان نبيًا لكنه مخادع وكذاب ويفكر فى أغراضه الشخصية على حساب الله. وبهذا يعثر غيره وخطية العثرة صعبة جدًا فى نظر الله، لأنه بها يهلك الآخرين ولذا فعقاب الله عليها شديد وهو الهلاك المحتم إن لم يتب الإنسان عنها.
ع19: انخدع رجل الله بمنظر الشيخ المهوب، فصدق كذبه ولم يستشر الله بالصلاة قبل أن ينفذ ما يتعارض مع أوامر الله، فعصى الله وعاد مع الشيخ إلى بيت إيل ودخل بيته ليأكل ويستريح.
? كان رجل الله ميالاً للتصديق؛ لأنه كان جوعانًا وفى حاجة للأكل والشرب، هكذا يأتينا الشيطان باغراءاته من نقطة الضعف التى يلمسها فينا، ولكن السيد المسيح أعطانا المثل والقدوة فى التجربة على الجبل، حين رفض تحويل الحجارة إلى خبز كاشفًا حيل الشيطان وإغراءاته كن حذرًا من نقطة ضعفك واطلب الله قبل أى عمل.
ع20: بينما هما يأكلان سويًا فى بيت الشيخ، تكلم الرب على فم النبى الشيخ. وبهذا نرى الله يتكلم على فم الشيخ رغم كذبه، فالنبوة موهبة ولا تدل على تقوى صاحبها وبره، كما تنبأ بلعام وبارك شعب الله (عد24) وتنبأ أيضًا عن المسيح ولكن أحب المال، فصار عثرة لشعب الله وهلك. وكما تنبأ قيافا رئيس الكهنة أيام المسيح عن ضرورة موت المسيح لفداء الأمة اليهودية (يو11: 51).
ع21، 22: أخبر الشيخ رجل الله بنبوة حقيقية أعطاها له الله وهى عقاب رجل الله لمخالفته أمر الله، عندما رجع إلى بيت إيل، بأنه سيموت ولا يدفن فى مدينته فى قبر آبائه. وكان الدفن مع الآباء أمرًا يهتم به الناس وقتذاك، كما طلب يعقوب أن يدفن مع آبائه وكذلك يوسف ابنه (تك50: 5، عب11: 22).
ع23: بعد أن انتهوا من الأكل والشرب جهَّز الشيخ الحمار، ليرجع به نبى الله الذى من يهوذا إلى وطنه.
ع24: انطلق رجل الله فى الطريق عائدًا وإذا بأسد يقطع عليه الطريق ويقتله، وظلت جثته ملقاة فى الطريق وبجانبها الأسد والحمار واقفين لإعلان غضب الله على من يخالف أوامره. فعندما كان رجل الله صائمًا شجاعًا فى إعلان نبوته أمام الملك حفظه الله من قسوة وعنف يربعام بل جعل الملك يخاف منه ويحاول إكرامه؛ ولكن عندما أكل واهتم براحته وأهمل وصايا الله وخالفها أتى عليه عقاب الله وهو الموت.
ع25: فى ذلك الحين تصادف أن كان أناس يسيرون فى نفس الطريق فرأوا الجثة مطروحة على الأرض وبجانبها يقف الأسد دون أن يعبث بها، أو يلتهمها، فجاءوا إلى المدينة التى كان يسكنها النبى الشيخ وقصوا ما شاهدوه فى الطريق.
ع26: وصل الخبر إلى مسامع النبى الشيخ، فأدرك أن الجثة لابد أن تكون هى جثة رجل الله الآتى من يهوذا، الذى خالف وصية الرب، فسمح للأسد أن يقتله، تنفيذًا للعقاب الإلهى الذى نطق به على لسان الشيخ، إذ خالف وصية الله.
ليس معنى عقاب الله للنبى أنه نسى شجاعته وطاعته فى إعلان النبوة أمام يربعام، فهذا العقاب كان ليعلن ضرورة مخافة الله وطاعته أمام الأشرار، مثل يربعام والشيخ المتكاسل عن إعلان صوت الله، لأنه إن كان يفعل هذا بأنبيائه فكم بالأحرى البعيدين عنه. فهذا العقاب لنبى الله لأنه يعرف الله ولا يصح أن يخالفه، فمن يعرف أكثر يطالب بأكثر، أما خلاصه فى الأبدية فهو أمر آخر والله وحده هو الذى يقرره.
(3) دفن رجل الله (ع27-34) :
27- و كلم بنيه قائلا شدوا لي على الحمار فشدوا. 28- فذهب و وجد جثته مطروحة في الطريق و الحمار و الاسد واقفين بجانب الجثة و لم ياكل الاسد الجثة و لا افترس الحمار. 29- فرفع النبي جثة رجل الله و وضعها على الحمار و رجع بها و دخل النبي الشيخ المدينة ليندبه و يدفنه.
30- فوضع جثته في قبره و ناحوا عليه قائلين اه يا اخي. 31- و بعد دفنه اياه كلم بنيه قائلا عند وفاتي ادفنوني في القبر الذي دفن فيه رجل الله بجانب عظامه ضعوا عظامي. 32- لانه تماما سيتم الكلام الذي نادى به بكلام الرب نحو المذبح الذي في بيت ايل و نحو جميع بيوت المرتفعات التي في مدن السامرة. 33- بعد هذا الامر لم يرجع يربعام عن طريقه الردية بل عاد فعمل من اطراف الشعب كهنة مرتفعات من شاء ملا يده فصار من كهنة المرتفعات. 34- و كان من هذا الامر خطية لبيت يربعام و كان لابادته و خرابه عن وجه الارض.
ع27، 28: طلب الشيخ من أبنائه تجهيز الحمار وركبه وسار فى الطريق التى سار فيها رجل الله، فوجد جثته مطروحة والأسد والحمار يقفان بجوارها. وعدم افتراس الأسد للجثة يبين أنه مرسل من الله لتنفيذ العقاب وليس أسدًا عاديًا جائعًا يريد أن يأكل أية فريسة. وعدم خوف الحمار من الأسد ووقوفه يؤكد خضوع الحيوانات؛ لتنفيذ أوامر الله فى حين لم يطع رجل الله كلامه فمات.
ع29، 30: وضع الشيخ جثة رجل الله على الحمار وسار بها فى حزن إلى بيت إيل وأعلن حزنه فى كلمات الرثاء المعروفة فى المآتم، ثم دفنه وهو متوجع لموته.
? لا تحزن بعد فوات الأوان فقد أعثر هذا الشيخ رجل الله وخدعه وأسقطه فى مخالفة الله ومات. لذا لا تتسرع فى كلامك وتصرفاتك، فتعثر غيرك وتهلكهم؛ لأن أحزانك لن تفيدهم فلا تتسرع وتندفع فى آرائك، أو قراراتك، بل اطلب الله قبل كل شئ.
ع31، 32: أوصى الشيخ أولاده أن يدفنوه بعد وفاته فى القبر الذى دفن فيه رجل الله، لأنه عندما رأى قتل الأسد له وعدم أكل جثته، أو افتراس الحمار تأكد من نبوة هذا النبى عن خراب المذابح الوثنية، ليس فقط فى بيت إيل بل فى كل مدن السامرة. ولم تكن السامرة قد بنيت حتى ذاك الوقت؛ لأنها بنيت على يد عمرى بعد سنوات كثيرة (ص16: 24) وجعلها عاصمة لمملكة إسرائيل والمقصود بمدن السامرة كل مملكة إسرائيل، أى المملكة الشمالية وكلام الشيخ عن هدم المذابح التى فى مدن السامرة التى لم تكن قد بنيت، يؤكد أنه نبى الله وأن هذه نبوة بذلك.
ووصية الشيخ بدفن عظامه بجوار عظام هذا النبى لعلها تكون إشارة إلى توبته عن تكاسله وكذبه على رجل الله.
? عندما ترى الله فى الأحداث المحيطة بك ويعلن لك صوته، اخضع له وأطع وصاياه، لتنال بركته وقوته فى حياتك.
ع33، 34: ملأ يده : أقامه كاهنًا ببدء تقديم ذبيحة للصنم.
أن من المؤكد أن عقاب الله لنبيه الآتى من يهوذا، قد وصل إلى يربعام. وكانت كل هذه الأمور، بدءًا من النبوة على المذبح الوثنى إلى شفاء يده اليابسة إلى عقاب رجل الله لمخالفته الوصية، كانت كلها كافية كرسالة من الرب إلى يربعام ليصلح من طرقه، ولكن للأسف لم ينتفع بطول أناة الرب ولم يتب عن أعماله الردية، بل استمر فى إقامة كهنة للمرتفعات من خارج سبط لاوى، فكل من رغب فى الكهنوت أقامه كاهنًا. وكانت هذه الشرور هى أسباب إزالة الله لملكه وهلاك نفسه، فقد حكم بهذه الخطايا على نفسه.
ونلاحظ فى هذا الأصحاح أن الكل لم يطع الله سواء يربعام الملك، أو رجل الله، أو الشيخ، أما الوحيد الذى أطاع الله فهو الأسد. فالجميع زاغوا وفسدوا وضلوا عن الله ولم يبق مطيعًا إلا الحيوانات.