إيليا والمجاعة وإقامة ابن الأرملة
(1) إيليا يمنع المطر وتعوله الغربان (ع1-7):
1- و قال ايليا التشبي من مستوطني جلعاد لاخاب حي هو الرب اله اسرائيل الذي وقفت امامه انه لا يكون طل و لا مطر في هذه السنين الا عند قولي.2- و كان كلام الرب له قائلا.
3- انطلق من هنا و اتجه نحو المشرق و اختبئ عند نهر كريث الذي هو مقابل الاردن. 4- فتشرب من النهر و قد امرت الغربان ان تعولك هناك. 5- فانطلق و عمل حسب كلام الرب و ذهب فاقام عند نهر كريث الذي هو مقابل الاردن. 6- و كانت الغربان تاتي اليه بخبز و لحم صباحا و بخبز و لحم مساء و كان يشرب من النهر. 7- و كان بعد مدة من الزمان ان النهر يبس لانه لم يكن مطر في الارض.
ع1: إيليا : اسم معناه “إلهى هو يهوه”.
سار آخاب فى عبادة الأوثان إلى أبعد مدى، فلم يكتفِ بعبادة العجول الذهبية التى عملها يربعام، بل عبد البعل بكثرة لدرجة أنه كان له 850 نبى للبعل والسوارى. وكانت تساعده على ذلك وتشجعه إيزابل امرأته الوثنية، فكان بالحقيقة أشرّ ملوك إسرائيل وبهذا أبعد شعبه عن عبادة الله، فاضطر الله إلى تأديبهم بالفعل وليس بمجرد الإنذار، فظهر إيليا النبى، بعد أن قتل آخاب أنبياء الله واختفى الباقون، خوفًا منه. وكان عوبديا الذى يعمل مع الملك قد اخفى البعض منهم يعولهم. وكان إيليا من المقيمين فى قرية تشبى بمنطقة جلعاد الواقعة شرق الأردن حيث البرارى الكثيرة، فعاش رجلاً ناسكًا قضى معظم حياته فى البرية التى ساعدته أن يكون شجاعًا وعلاقته قوية بالله، إذ كان يشعر بحضرة الله مما يبعده عن الخطية، ويعطيه جرأة فى خدمته. ولم يذكر الكتاب المقدس والده، أو عشيرته حتى ظن بعض اليهود أنه ملاك، ولكن يعقوب الرسول يؤكد إنه إنسان مثلنا (يع5: 17)، فهو رسول من الله ليعلن صوته وسط الشعب الشرير، مثل يوحنا المعمدان الذى عاش أيضًا فى البرية، ثم ظهر ليعد طريق المسيح.
وقف إيليا وسط الشعب أمام الملك آخاب الشرير فى عاصمته السامرة وأعلن تأديب الله للشعب كله، إذ أمر السماء ألا تمطر أو تعطى ندى، وقد استمرت لمدة ثلاث سنوات وستة شهور (يع5: 17) وهذا معناه :
- مجاعة فى الأرض كلها.
- سلطان أولاد الله على الطبيعة.
هذا التأديب الإلهى يظهر عجز الآلهة الوثنية، التى اعتمد عليها آخاب وأهمها البعل، إذ لم تستطع رفع المجاعة حتى لو ادعى آخاب أنها مصدر الخير والخصوبة. وهكذا أدخلهم الله فى ضيقة حتى الموت جوعًا، لعلهم يتوبوا ويرجعوا إليه.
ويفهم من رسالة يعقوب أن إيليا قد صلى، ثم أمر السماء فأطاعته، فبالصلاة استمد قوة الله القادرة على كل شئ.
وقول إيليا حى هو الرب الذى وقفت أمامه يعنى ما يلى :
- أن الله حى، أما الأصنام فليس فيها حياة.
- شعور إيليا الدائم أنه أمام الله وهذا يعطيه مخافة ونقاوة وقوة.
- لا تخف أن تعلن صوت الله مهما وقف أمامك المعاندون، ولكن اهتم أن تصلى أولاً؛ ليكون الكلام من الله وتحتفظ باتضاعك عندما تتكلم.
ع2-4: نهر كريث : مجرى ماء مقابل الأردن ويصب فيه من جهة الشرق.
كان التدبير الإلهى أن يختفى إيليا فلا يعرف الملك مكانه؛ حتى تنتهى فترة التأديب، لكى يعطى الشعب فرصة للتوبة. فطلب الرب منه أن يخرج من السامرة ويذهب شرق الأردن ليختبئ عند نهر كريث، الذى هو مقابل الأردن. وفى وسط الجفاف قدم له الله ماء من مجرى نهر كريث وأرسل له طعامًا بواسطة الغربان.
هكذا ابتعد إيليا عن آخاب وسار مسافة طويلة من السامرة وعبر الأردن ليعيش فى البرية ويكمل وحدته وعبادته لله. وهناك عندما حدثت المجاعة وعمت كل بلاد بنى إسرائيل لم ينسَ الله نبيه إيليا، فأرسل الغربان لتعوله. ونلاحظ فى إعالة الغربان لإيليا عدة أمور :
- سلطان الله على الطيور فيحول الطيور التى تخطف الطعام من البشر لتقدمه لهم.
- الغربان تخاف من الإنسان ولكنها هنا تقترب بهدوء وتخدمه لأن الله أمرها بهذا.
- من أين كانت الغربان تأتى بهذا الطعام الشهى المعد! إلا من عند الله.
- الغربان من الطيور النجسة عند اليهود، كما توصى الشريعة ولكن الله يحولها لخدمة البشر، ليعلن أنه رب الشريعة الذى يستخدمها أو يغيرها بحسب احتياج أولاده، وأن الطيور طاهرة فى نظره كما سيظهر فى العهد الجديد، أما فى العهد القديم فكان يعلمهم بعض التعاليم الروحية، كمرحلة انتقالية للعهد الجديد، عهد النعمة.
- انتظام مجئ الغربان فى مواعيد محددة أيام كثيرة يعلن عناية الله الكاملة بأولاده.
? إن كان الله قد حوّل الغراب النجس إلى خادم لنبيه، فهو قادر أن يحولك مهما كان شرك إلى إنسان طاهر، بل وخادم فى الكنيسة؛ لتهتم بأولاده.
ع5، 6: أطاع إيليا كلام الله وذهب إلى نهر كريث، فاختبر محبة الله ورعايته، فكان يشرب من النهر وتعوله الغربان مرتين يوميًا صباحًا ومساءً بطعام شهى، هو خبز ولحم، فكان طعامًا لذيذًا لأنه من الله، فتمتع وهو فى الوحدة بعناية الله أكثـر من تمتع أنبياء البعل بمائدة إيزابل المملوءة أطعمة فاخرة كل يوم (ص18: 19). وهكذا أعال الله إيليا بماء من نهر صغير هو كريث وليس نهر الأردن الكبير، فالله يستطيع أن يهتم باحتياجات أولاده ولو من المصادر الصغيرة، كما عاله بعد ذلك بواسطة أرملة فقيرة.
وعاش إيليا فى خلوة مع الله عند النهر ومعظم أيام حياته، فكانت له فرصة للصلاة والتأمل وعلاقة قوية مع الله ساعدته أن يقف بشجاعة أمام الملك الشرير آخاب.
- على قدر اهتمامك بصلواتك وقراءاتك وتأملاتك فى كلام الله تستطيع أن تواجه مشاكل الحياة وتخدم الله وتعلن صوته، مهما كانت الضيقات التى تقابلك؛ لأن الله سيسندك ويعمل بك، فتكون قويًا دائمًا.
ع7: حدث بعد فترة من الزمن أن جف النهر، إذ لم تمطر السماء إطلاقًا طوال هذه الفترة.
(2) أرملة صرفة صيدا تعول إيليا (ع8-16):
8- و كان له كلام الرب قائلا. 9- قم اذهب الى صرفة التي لصيدون و اقم هناك هوذا قد امرت هناك امراة ارملة ان تعولك. 10- فقام و ذهب الى صرفة و جاء الى باب المدينة و اذا بامراة ارملة هناك تقش عيدانا فناداها و قال هاتي لي قليل ماء في اناء فاشرب. 11- و فيما هي ذاهبة لتاتي به ناداها و قال هاتي لي كسرة خبز في يدك. 12- فقالت حي هو الرب الهك انه ليست عندي كعكة و لكن ملء كف من الدقيق في الكوار و قليل من الزيت في الكوز و هانذا اقش عودين لاتي و اعمله لي و لابني لناكله ثم نموت. 13- فقال لها ايليا لا تخافي ادخلي و اعملي كقولك و لكن اعملي لي منها كعكة صغيرة اولا و اخرجي بها الي ثم اعملي لك و لابنك اخيرا. 14- لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل ان كوار الدقيق لا يفرغ و كوز الزيت لا ينقص الى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الارض. 15- فذهبت و فعلت حسب قول ايليا و اكلت هي و هو و بيتها اياما. 16- كوار الدقيق لم يفرغ و كوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذي تكلم به عن يد ايليا.
ع8، 9: صرفة : قرية صغيرة تقع على البحر الأبيض جنوب مدينة صيدون، وعلى بعد ثمانية أميال منها وعلى الطريق إلى صور.
بعد ازدياد المجاعة لجفاف مياه الأنهار، أمر الله إيليا أن يترك نهر كريث، الذى يقع بالقرب من موطنه جلعاد شرق الأردن؛ ليذهب إلى قرية صرفة صيدا، فعبر نهر الأردن واتجه نحو البحر الأبيض. وهذا يبين :
- أن الله قادر أن يعول نبيه بالقرب من موطنه، أو فى أى بلد بعيدة عنه، أى فى كل مكان.
- يظهر أيضًا طاعة إيليا لله، إذ ذهب إلى موطن إيزابل الشريرة، فهى ابنة ملك صيدون ولم يخف من بطشها؛ لأن الله قادر أن يحميه.
- كذلك يعلن الله أنه إله جميع الشعوب، فاستخدم الأمم فى إعالة نبيه، كما استخدم اليهود.
- يمكن أن يوجد مؤمنون بين الأمم أفضل من جميع شعب اليهود الذين عبدوا البعل وامرأة صرفة صيدا آمنت بكلام رجل الله إيليا؛ لذا اختارها الله دون جميع نساء بنى إسرائيل، لتعول إيليا فى المجاعة (لو4: 26)، فهى أفضل فى إيمانها من كل نساء اليهود.
- لم يرسل الله إيليا لملك أو رئيس عظيم بل إلى أرملة فقيرة لتعوله، لأن الله هو الذى يعول عن طريق البشر، فهم أدوات فى يده.
هذه الأرملة ترمز للكنيسة التى هى فى مظهر الضعف ولكن الله يعمل فيها لأجل إيمانها به، وهى تجمع الأمم كما اليهود.
وإيليا رمز للمسيح الذى يذهب إلى الأمم ويطلب احتياجاته منهم ويباركهم، كما ذهب المسيح إلى السامرية وطلب منها ماءً، وكرز فى جليل الأمم لأن خاصته رفضته، كما رفض شعب الله إيليا وعبد البعل (يو4).
ع10: عند مدخل المدينة شاهد امرأة تجمع حطبًا فتوجه إليها وطلب منها بعض الماء فى إناء ليشرب.
ع11: كسرة خبز : أى نوع من الطعام ولو قليلاً.
وفيما هى ذاهبة لتحضر له ماء – كما طلب – ناداها قائلاً : هاتى لى كسرة خبز معك.
ع12: الكوار : إناء يحفظ فيه الدقيق.
حى هو الرب إلهك : غالبًا قد عرفت هذه الأرملة الأممية أن إيليا يهودى، أو نبى من لغته، أو ملابسه، فآمنت بإلهه أنه إله عظيم وإن كانت لم ترفض آلهتها الوثنية.
كانت المجاعة قد امتدت إلى صور وصيدا، لذلك قالت له المرأة أنه ليس عندها كعكة، أو أى خبز، أو طعام ولكن كل مالها هو قليل من الدقيق فى إناء وقليل من الزيت فى كوز، وأنها تجمع بعض عيدان الحطب للطهى على نارها، فتعمل لها ولابنها ما يأكلانه وبهذا يفرغ ما عندها من الطعام وتصبح هى وابنها معرضين للموت جوعًا.
وكان كلام الأرملة تقريرًا لواقع وليس شكوى وتذمر، فقد كانت هادئة بدليل إيمانها بإله إيليا والذى سيظهر فى طاعتها لكلامه وكرمها الشديد، إذ ستعطيه من أعوازها، أى القليل الذى عندها، رغم انتشار المجاعة.
وهكذا كما كان إبراهيم سبب بركة لكل الأرض، كان آخاب الشرير سبب لعنة وانتشار المجاعة فى بلاده وكل البلاد حوله.
? على قدر ما ترضى الله يبارك حياتك ويبارك من حولك، فيحبونك من أجل بركة الله التى حلت عليهم بسبب وجودك معهم. كن واثقًا فى إلهك واتكل عليه فهو يحفظك ويشبعك ويباركك فى كل مكان.
ع13: طمأنها إيليا وقال لها ألا تخشى شيئًا، وطلب منها أن تجهز لنفسها ولابنها ما عزمت عليه، بشرط أن تعمل له هو أولاً كعكة صغيرة وتأتى بها إليه وبعد ذلك تعمل لها ولأبنها.
? ينبغى أن نقدِّم لله أولاً فنعطى البكور والعشور ونثق أن بركة الله ستبارك فى الباقى، فيكفى ويفيض، مهما كانت ظروفنا المادية صعبة.
ع14: قدم لها إيليا وعدًا من الله بروح النبوة بألا يفرغ إناء الدقيق ولا ينقص كوز الزيت حتى ينتهى الجفاف ويسقط المطر. وهكذا نجد إيليا يشهد لله ويصنع معجزة بين الأمم، بل بالقرب من موطن إيزابل الملكة الشريرة ابنة ملك صيدون، وهذا يبين شجاعته وأمانته فى خدمته.
ع15، 16: لم تشك المرأة لحظة فيما أنبأها به إيليا وارتكنت على وعد الله وما اتسمت هى به من كرم وحب للعطاء، فذهبت وعملت حسبما قال لها النبى، فتوفر لها الطعام لتأكل هى وابنها لفترة طويلة، دون أن يفرغ إناء الدقيق أو ينقص كوز الزيت، تمامًا كما قال الرب على فم إيليا. وكانت هذه الأيام حوالى سنتين أى حتى انتهاء المجاعة.
وهكذا نرى أن عطاء المرأة من أعوازها جعلها تأخذ بركة وعطاء بسخاء من الله يشبعها هى وابنها طوال المجاعة، ولعلها دعت أيضًا أقاربها ليأكلوا معها، فكانت بهذا كارزة لله بين أقاربها الأمميين.
(3) إيليا يقيم ابن الأرملة من الموت (ع17-24):
17- و بعد هذه الامور مرض ابن المراة صاحبة البيت و اشتد مرضه جدا حتى لم تبق فيه نسمة. 18- فقالت لايليا ما لي و لك يا رجل الله هل جئت الي لتذكير اثمي و اماتة ابني. 19- فقال لها اعطيني ابنك و اخذه من حضنها و صعد به الى العلية التي كان مقيما بها و اضجعه على سريره. 20- و صرخ الى الرب و قال ايها الرب الهي اايضا الى الارملة التي انا نازل عندها قد اسات باماتتك ابنها. 21- فتمدد على الولد ثلاث مرات و صرخ الى الرب و قال يا رب الهي لترجع نفس هذا الولد الى جوفه. 22- فسمع الرب لصوت ايليا فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش.
23- فاخذ ايليا الولد و نزل به من العلية الى البيت و دفعه لامه و قال ايليا انظري ابنك حي.
24- فقالت المراة لايليا هذا الوقت علمت انك رجل الله و ان كلام الرب في فمك حق.
ع17: بعد تلك الأحداث أصاب ابنها الوحيد مرض مفاجئ، وكانت وشدة المرض تزداد لحظة بعد أخرى؛ حتى مات.
ع18: عندما مات ابن الأرملة لم تتذمر بل قادها هذا للتوبة. لأنه إن كانت المجاعة قد حلت بالأرض وعدم نزول الأمطار كان بسبب خطايا البشر، فبالتالى يمكن أن يكون موت ابنها بسبب خطاياها. وشعرت أن إيليا نبى، فدعته رجل الله وأحست أيضًا أنه بار وهى خاطئة ولا تستحق وجوده فى بيتها، فاعترفت أنها خاطئة وأن موت ابنها تذكير لها بخطاياها لتتوب.
وهكذا نرى تميز هذه الأرملة فى إيمانها وتوبتها عن كل شعب الله، فالله أرسل إيليا إلى هذه المرأة وليس لأية امرأة أخرى من بنى إسرائيل وصنع هذه المعجزة بمباركة الزيت والدقيق فى بيتها، لتميزها فى الإيمان بالله، رغم أنها أممية توبتها سبقت شعب الله فى التوبة، إذ مازال آخاب مصرًا على الشر ويتبعه شعب إسرائيل.
ع19: طلب إيليا منها أن تعطيه ابنها، فأخذه من بين يديها وصعد به إلى حجرة على السطح – كان يقيم بها – ووضع الطفل على سريره. ويفهم من هذا كرم الأرملة، إذ أعطته حجرة مستقلة على السطح ليعيش فيها بحريته ويواصل عبادته لله، ونرى أيضًا إيمان إيليا الذى لم ينزعج من موت ابن الأرملة، بل حمله بإيمان إلى العلية ووضعه على سريره ليصلى هناك، واثقًا من قدرة الله على إقامة هذا الصبى. فرغم عدم سماعه عن إقامة ميت قبل هذا ولكنه آمن بقوة الله ولعل الروح القدس أرشده وشجعه على الصلاة ليقيم الصبى من الموت.
? لا تضطرب إذا حدثت أمور معاكسة، أو تجارب شديدة فى حياتك، بل التجئ إلى الله بالصلاة وثق أنه سيسمعك ولن يتركك.
ع20: صلى إيليا إلى الله معاتبًا بدالة وقال له لماذا أسأت إلى هذه المرأة، بإماتة ابنها وهى إنسانة عظيمة فى إيمانها وطاعتها وكرمها، ثم توبتها. ولم يكن إيليا مضطربًا، بل على العكس تكلم بدالة، واثقًا أن الله يسمعه وسيتدخل.
ع21: تمدّد النبى على الولد ثلاث مرات وصرخ، مستغيثًا بالرب، مصليًا إليه، مبتهلاً أن ترجع نفس هذا الولد إليه.
وقد تمدّد عليه لأنه آمن بقوة الله التى فيه وقدرة الله على نقل هذه القوة إلى الصبى فيحيا. وقد تمدّد ثلاث مرات على اسم الثالوث القدوس القادر على كل شئ، وأيضًا تمدده ثلاث مرات يبين مثابرته فى الصلاة.
من هنا نرى أهمية بركة القديسين ولمس أى شئ يتصل بهم، مثل رفاتهم، أو الحنوط الذى يوضع عليهم فى أعيادهم، فالبركة نعمة يخصّ الله بها أولاده، فيصيرون بركة لكل من حولهم.
وقد عضَّد الله إيليا بمعجزات غير عادية، فهو أول من بارك الطعام، فصار كثيرًا وأول من أقام ميتًا، وإن كان يختلف عن المسيح بأنه صلى فقام الميت، أما المسيح فأمر بسلطان وحينئذ قام الميت. كل هذا التعضيد الإلهى كان لأن الشر قد انتشر بشدة أيام إيليا ومعظم شعب الله قد عبدوا الأوثان ولم يكن هناك من يشهد لله، فشهد إيليا له ومعجزات قوية هو وأليشع من بعده.
ع22: استجاب الرب لصلاة إيليا ورجعت نفس الولد إليه فعاش.
وهكذا تحولت الضيقة إلى بركة، أى أن موت الصبى كان بركة فى صنع معجزة عظيمة لأول مرة فى تاريخ البشرية وهى إقامة ميت، كما تحول العوز للخبز فى بيت الأرملة إلى بركة لا تنتهى.
ع23: أخذ إيليا الولد ونزل به من سطح المنزل إلى البيت وسلمه لأمه قائلاً : أنظرى ابنك حى.
إذ كانت مفاجأة للمرأة أن ترى ابنها واقفًا على قدميه، لذا نبهها وشجعها إيليا؛ لتفرح وتصدق أن ابنها قد استعاد الحياة.
ع24: أمام هذه المعجزة التى تمت على يدى إيليا تأكدت المرأة أنه رجل الله، وأن ما ينطق به من كلمات الرب هو حق، معلنة إيمانها بالله.