تدشين الهيكل
(1) نقل التابوت إلى الهيكل (ع1-11) :
1- حينئذ جمع سليمان شيوخ اسرائيل و كل رؤوس الاسباط رؤساء الاباء من بني اسرائيل الى الملك سليمان في اورشليم لاصعاد تابوت عهد الرب من مدينة داود هي صهيون. 2- فاجتمع الى الملك سليمان جميع رجال اسرائيل في العيد في شهر ايثانيم هو الشهر السابع. 3- و جاء جميع شيوخ اسرائيل و حمل الكهنة التابوت. 4- و اصعدوا تابوت الرب و خيمة الاجتماع مع جميع انية القدس التي في الخيمة فاصعدها الكهنة و اللاويون. 5- و الملك سليمان و كل جماعة اسرائيل المجتمعين اليه معه امام التابوت كانوا يذبحون من الغنم و البقر ما لا يحصى و لا يعد من الكثرة. 6- و ادخل الكهنة تابوت عهد الرب الى مكانه في محراب البيت في قدس الاقداس الى تحت جناحي الكروبين.
7- لان الكروبين بسطا اجنحتهما على موضع التابوت و ظلل الكروبان التابوت و عصيه من فوق. 8- و جذبوا العصي فتراءت رؤوس العصي من القدس امام المحراب و لم تر خارجا و هي هناك الى هذا اليوم. 9- لم يكن في التابوت الا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني اسرائيل عند خروجهم من ارض مصر. 10- و كان لما خرج الكهنة من القدس ان السحاب ملا بيت الرب. 11- و لم يستطع الكهنة ان يقفوا للخدمة بسبب السحاب لان مجد الرب ملا بيت الرب.
ع1: شيوخ إسرائيل : هم مشيروا الملك ويساعدونه فى الحكم فى قضايا الشعب.
رؤوس الأسباط رؤوس الآباء : عددهم 12، واحد لكل سبط.
مدينة داود صهيون : كانت أولاً حصنًا لليبوسيين وبعدها أخذها داود وبنى فيها قصرًا ومدينة جديدة سميت باسمه (1أى11: 4-8). وكلمة صهيون تعنى “حصن”، وهى من التلال التى تقوم عليها أورشليم. كان داود قد نقل إليها التابوت، ثم نقل سليمان التابوت إلى الهيكل الذى أقامه على جبل المريا، أى أن صهيون غير جبل المريا. فيما بعد أصبحت كلمة صهيون تشمل الهيكل أيضًا وكثيرًا ما يطلق اسم صهيون على أورشليم كلها.
كان آخر موضع وصل إليه التابوت هو صهيون فى خيمة خاصة أقامها له داود، وهى غير الخيمة الأصلية التى اقامها موسى والتى وضعت فى جبعون وتحوى كل أدوات الخيمة، بينما أقيم هيكل سليمان على جبل المريا، فكان من الطبيعى أن ينقل التابوت من صهيون إلى الهيكل ليوضع فى قدس الأقداس. وكان من اللائق أن يتم النقل بصورة احتفالية فى موكب يسير فيه شيوخ إسرائيل ورؤساء الأسباط الذين وجَّه إليهم الملك سليمان الدعوة للمشاركة، فهو احتفال بإعلان سكنى الله وسط الشعب كله وتدشين الهيكل. والمقصود بكلمة “إصعاد” ليس نقل التابوت من مكان منخفض إلى مكان مرتفع، بل إلى هيكل الله أعظم مكان فى العالم.
ع2: شهر ايثانيم : هو الشهر السابع فى التقويم العبرى للسنة الدينية وهو الشهر الأول فى السنة المدنية ويقابل شهرى سبتمبر وأكتوبر، وكانت أعياد الكفارة والأبواق والمظال تقع فى هذا الشهر.
لبّى جميع رجال إسرائيل دعوة الملك وشاركت كل القيادات الدينية والمدنية وممثلو الشعب فى الاحتفال الذى يرأسه الملك نفسه لنقل التابوت، وكان ذلك فى شهر إيثانيم.
وكان الهيكل قد تم بناؤه فى شهر بول أى فى الشهر الثامن، وانتظر سليمان أحد عشر شهرًا أكمل فيها الأثاثات والأدوات الموجودة داخل الهيكل ورتب كل ما يتصل باحتفال تدشين الهيكل، واختار الشهر السابع فى السنة التالية لأنه ملئ بالأعياد كما ذكرنا ويجتمع فيه الشعب من كل البلاد كما تنص الشريعة. وهكذا بعد حوالى 480 عامًا دامت فيها العبادة فى خيمة الاجتماع، تنتقل الآن إلى هيكل مبنى وثابت هو هيكل سليمان.
ع3، 4: الخيمة : المقصود الخيمة التى أقامها موسى.
حمل الكهنة التابوت على أكتافهم كما تقضى الشريعة. وكان حمل التابوت من وظيفة اللاويين ولكن لعظمة هذا الاحتفال، حمل الكهنة التابوت بأنفسهم. وكانـت خيمة الاجتماع فى ذلك الوقت فى مكان آخر خارج أورشليم وهو “جبعون” (1أى16: 39)، فنقلت كل الأثاثات والأدوات الموجودة فى الخيمة والخيمة أيضًا وحفظت فى الحجرات الملحقة ببيت الرب لأنها تقدست بحضور الله فيها أثناء الصلوات فكانت بركة لابد من الاحتفاظ بها. وهكذا نفهم أن التابوت كان فى مكان وهو أورشليم والخيمة وأدواتها كانت فى جبعون فى أيام داود فنقل كل هذا إلى الهيكل.
وترمز خيمة الاجتماع لجسد المسيح الذى عاش به على الأرض، ودخول الخيمة إلى هيكل الله الذى أقامه سليمان يرمز لدخول المسيح بالجسد النورانى إلى السماء بعد صعوده.
ع5: قدّم الملك والشعب فى مسيرتهم أمام التابوت ذبائح بأعداد لا تعد ولا تحصى من الكثرة تعبيرًا عن فرحهم وشكرهم للرب لعمله معهم وسماحه بإقامة هيكل ثابت يسكن فيه فى وسطهم.
ع6: أدخل الكهنة التابوت إلى قدس الأقداس ووضعوه فى المكان المخصص له تحت جناحى الكروبين المصنوعين من خشب الزيتون المغشى بالذهب (ص6: 27).
ع7: كان جناحا الكروبين يظللان التابوت وكانت العصى المخصصة لحمل التابوت فى أماكنها فى الحلقات على جانبى التابوت حتى تم إدخال التابوت إلى مكانه.
ع8: بعد أن أدخل الكهنة التابوت بعصويه، الذين يحملانه بهما، وضعوا تحت جناحى الكاروبين القائمين فى قدس الأقداس. وبعد ذلك جذب العصوين إلى الخارج فى اتجاه باب قدس الأقداس ولم ينزعاها من الحلقات، فكانت تلمع عند دخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس فى النور الإلهى (الشاكيناه) الذى كان يضئ عند دخوله؛ وبهذا يرى لمعان رأسى العصى؛ فلا يقترب إلى التابوت.
وعند جذب العصوين رأى الكهنة الواقفين فى القدس وقتذاك رأس العصوين، ثم أغلقوا باب قدس الأقداس، فلم يعد أحد يراهما إلا رئيس الكهنة عند دخوله مرة كل سنة. ولم تعد تستخدم العصوين فى حمل التابوت لأنه استقر فى قدس الأقداس وليس هناك حاجة إلى تحريكه، كما كان يحدث قديمًا فى خيمة الاجتماع. والخيمة ترمز إلى الكنيسة المتغربة فى برية العالم، أما الهيكل فيرمز لأورشليم السمائية حيث تستقر الكنيسة مع المسيح إلى الأبد.
? إن وجود العصوين فى حلقاتهما فى التابوت رغم استقراره فى قدس الأقداس تذكرنا نحن المؤمنين بضرورة اليقظة المستمرة فى جهادنا الروحى الذى لن ينتهى حتى ننعم بالدخول إلى الحياة الأبدية. كما علينا أن ندرك دائمًا أننا فى غربة على هذه الأرض حتى نعود إلى بيتنا السماوى.
ع9: لم يوجد داخل التابوت سوى لوحى الشريعة، أما قسط المن وعصا هرون الذين ذكرهما بولس الرسول فى (عب9: 4)، وضعا فى صندوق خاص بجوار التابوت فى المحراب، وقـد كان يوضح قسط المن وعصا هرون فى خيمة الاجتماع أمام تابوت العهد (عد17: 10) ثم يوضعا فيه عند الارتحال، أما فى الهيكل بعد الاستقرار فقد وضعا أمام التابوت فى صندوق خاص.
ع10، 11: عندما خرج الكهنة من القدس بعد وضع التابوت مكانه، ظهر سحاب كثيف ملأ الهيكل، كعلامة لرضا الله على ما فعله الملك سليمان وشعبه، وكانت شدة السحاب ملحوظة للغاية، حتى أن الكهنة لم يستطيعوا أن يبدأوا الخدمة، وهو نفس ما حدث عند تدشين خيمة الاجتماع ولم يستطع موسى أن يدخل (خر40: 34-35) ولم يظهر الله بمجده إلا بعد خروج الكهنة لأنهم لن يحتملوا رؤية مجد الله.
ملحوظة : وضع الكهنة تابوت العهد فى قدس الأقداس، ثم خرجوا قبل بدء الخدمة ولم يكن يسمح لأحد بعد ذلك أن يدخل قدس الأقداس؛ إلا رئيس الكهنة ولمرة واحدة فى العام.
وقد ظهر مجد الله بشكل سحاب لما يلى :
- السحاب مرتفع فى السماء والله يسمو عن أفكارنا وأعمالنا.
- السحاب عبارة عن ماء نقى تبخر وارتفع إلى السماء، والله نقى بل كامل النقاوة.
- السحاب لونه أبيض، والله كلى البهاء والعظمة.
- السحاب يخفى ما وراءه، والله لا يعرف أحد أعماق جوهره؛ لأنه غير محدود ولا يمكن معرفة كل أفكاره وتدابيره.
والسحاب يعلن فى مواضع كثيرة حضرة الله، كما فى تجلى المسيح على الجبل. ولكن سر ظهور السحاب يعلن مجد الله وتعظيمه لهذا الهيكل وتقديره لتعب سليمان وكل شعبه فى بنائه بهذه الفخامة وسر العظمة الحقيقى هو حلول الله وليس فخامة البناء.
ومجد الرب عندما ملأ البيت يرمز لجسد المسيح فى ملء الزمان وأيضًا لسكنى روحه القدوس فى قلب كل مؤمن فى العهد الجديد بالإضافة إلى حلوله فى كنيسته وأسراره المقدسة.
(2) إتمام وعد الله (ع12-21) :
12- حينئذ تكلم سليمان قال الرب انه يسكن في الضباب. 13- اني قد بنيت لك بيت سكنى مكانا لسكناك الى الابد. 14- و حول الملك وجهه و بارك كل جمهور اسرائيل و كل جمهور اسرائيل واقف. 15- و قال مبارك الرب اله اسرائيل الذي تكلم بفمه الى داود ابي و اكمل بيده قائلا. 16- منذ يوم اخرجت شعبي اسرائيل من مصر لم اختر مدينة من جميع اسباط اسرائيل لبناء بيت ليكون اسمي هناك بل انما اخترت داود ليكون على شعبي اسرائيل. 17- و كان في قلب داود ابي ان يبني بيتا لاسم الرب اله اسرائيل. 18- فقال الرب لداود ابي من اجل انه كان في قلبك ان تبني بيتا لاسمي قد احسنت بكونه في قلبك. 19- الا انك انت لا تبني البيت بل ابنك الخارج من صلبك هو يبني البيت لاسمي. 20- و اقام الرب كلامه الذي تكلم به و قد قمت انا مكان داود ابي و جلست على كرسي اسرائيل كما تكلم الرب و بنيت البيت لاسم الرب اله اسرائيل.
21- وجعلت هناك مكانا للتابوت الذي فيه عهد الرب الذي قطعه مع ابائنا عند اخراجه اياهم من ارض مصر.
ع12: وقف سليمان يشجع الشعب، إذ امتلأت قلوبهم رهبة عندما ملأ مجد الرب البيت بالسحاب، فأفهم شعبه أن السحاب إعلان لحلول الله فى وسط شعبه وسكناه فى بيته. وقد ظهر الله فى السحاب قبل ذلك أيام موسى النبى ويبدو أن هذه العبارة، أى سكنى الله فى السحاب، كانت معروفة عند اليهود، إذ كانوا يرونها تحل على خيمة الاجتماع ولكن يؤكدها هنا سليمان، عندما رأى السحاب يغطى بيت الرب عند تدشينه.
ع13: بدأ سليمان عظة هى فى جوهرها تسبحة شكر لله، لما سمح به من تحقيق رغبة داود أبيه، فمكّن ابنه سليمان من بناء بيت يسكن فيه الرب دائمًا.
ع14: كان وجه سليمان نحو قدس الأقداس عند إدخال التابوت إليه، فاستدار ليواجه شعبه الواقف أمامه ويباركهم بالبركة التى يبارك بها رئيس الكهنة الشعب، كما باركهم موسى النبى (خر39: 43) وكما فعل داود عند إصعاده تابوت الرب إلى مدينة داود (2صم6: 18). ولم تذكر كلمات البركة التى قالها سليمان ولعلها تشبه ما يقوله رئيس الكهنة (عد6: 22-27).
وكان الشعب فى احتياج أن يطمئن بهذه البركة أمام رهبة حلول الله ومخافته.
ع15: يشير سليمان إلى الوعد الإلهى لداود ببناء البيت (2صم7)، مسبحًا الرب، الذى وعد بفمه أولاً، ثم حقق بيده ما سبق ووعد به.
ع16، 17: قال سليمان عن فم الرب أن الرب لم يحدد للشعب – منذ أخرجه من مصر – مدينة محددة من مدن أسباط إسرائيل لبناء بيت على اسم الرب، بل اختار داود ملكًا على شعبه وهذا الكلام كان سليمان قد سمعه من أبيه الذى أعلمه به ناثان النبى (2صم7). وداود هو الذى فكر فى بناء البيت، كما أخبر ناثان النبى (2صم7). وكان الله يسكن فى وسط شعبه، فى خيمة الاجتماع، التى تنتقل من مكان إلى مكان بين الأسباط، إلى أن سمح الله ببناء بيت ثابت له.
? عندما رأى الله رغبة داود فى بناء بيت له، ثم تنفيذ سليمان لذلك، فرح وحل وبارك الهيكل. وعندما يرى الله اشتياقك وسعيك نحوه من خلال الصلاة والقراءة يفرح ويبارك حياتك ببركات كثيرة فوق ما تتمنى.
ع18، 19: فرح الله برغبة داود أن يبنى لله بيتًا ولكن لانشغال داود بحروب كثيرة؛ لتوسيع المملكة واستقرارها لم يكن من المناسب أن يبنى هذا البيت العظيم فأجل هذا العمل لأيام ابنه سليمان الذى فى عهده استقرار ورخاء.
ع20، 21: يضيف سليمان قائلاً : حقق الرب ما وعد به، فتوليت أنا ابنه العرش وقمت ببناء البيت باسم الرب وهيأت مكانًا للتابوت، الذى يضم عهد الرب، الذى قطعه مع آبائنا حين أخرجهم من مصر، أى لوحى الشريعة المكتوب عليها الوصايا.
ونلاحظ فى كلام سليمان أنه لم يشر إلى عظمة مبانى هيكل الله، أو الذهب الذى فيه ولكنه ركز على أمرين هما :
- وعد الله ببناء بيت له على يد ابن داود.
- وجود تابوت عهد الله فى الهيكل.
أى أن عظمة الهيكل ترتكز على وعد الله وحضوره من خلال التابوت، وهو سر قوة الهيكل، الذى هو صورة السماء على الأرض.
(3) تسبيح الله والعهد معه (ع22-27) :
22- و وقف سليمان امام مذبح الرب تجاه كل جماعة اسرائيل و بسط يديه الى السماء.
23- و قال ايها الرب اله اسرائيل ليس اله مثلك في السماء من فوق و لا على الارض من اسفل حافظ العهد و الرحمة لعبيدك السائرين امامك بكل قلوبهم. 24- الذي قد حفظت لعبدك داود ابي ما كلمته به فتكلمت بفمك و اكملت بيدك كهذا اليوم. 25- و الان ايها الرب اله اسرائيل احفظ لعبدك داود ابي ما كلمته به قائلا لا يعدم لك امامي رجل يجلس على كرسي اسرائيل ان كان بنوك انما يحفظون طرقهم حتى يسيروا امامي كما سرت انت امامي. 26- و الان يا اله اسرائيل فليتحقق كلامك الذي كلمت به عبدك داود ابي. 27- لانه هل يسكن الله حقا على الارض هوذا السماوات و سماء السماوات لا تسعك فكم بالاقل هذا البيت الذي بنيت.
ع22: مذبح الرب : المقصود المذبح النحاسى حيث أقيم منبر لسليمان أمامه ووقف الشعب كله وراءه.
أدار سليمان وجهه نحو مذبح الرب متقدمًا جميع الشعب فى تضرعهم إلى الله، ورفع يديه نحو السماء ليسبح الرب. وهذا يبين تقوى سليمان وفهمه بالعبادة المقدسة المقدمة لله.
وبسط اليدين يعنى :
- إظهار الاحتياج لله.
- تقديم الطلبات والاحتياجات لله، القادر على الاستجابة لها.
- إظهار الاتضاع والخشوع فى التضرع لله.
- إعلان الإيمان بسكنى الله فى السماء، أى سموه عن أفكار البشر.
- تسبيح الله وتمجيده على مراحمه وعطاياه.
ومازال المؤمنون يرفعون أيديهم إلى الله فى صلواتهم، سواء الصلوات الجماعية فى الكنيسة، أو الخاصة فى بيوتهم.
وسليمان فى صلاته الشفاعية هذه عن شعبه يرمز للمسيح الشفيع عن شعبه (يو17). وقد وقف سليمان أمام المذبح لأن صلاته قائمة على الذبيحة التى ترمز لذبيحة المسيح، فبالمسيح الفادى لنا قدوم ودالة أمام الآب.
ع23: يقرّ سليمان من خلال تسبيحه بأن الله لا شبيه ولا مثيل له، لا فى السماء ولا على الأرض، هو صانع رحمة بتحقيقه الوعود الإلهية، وهو إله أمين حافظ للعهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه، السالكين فى طرقه باستقامة. فهو ثابت فى حفظ وعوده رغم ضعف البشر وعدم حفظهم لوعودهم نحوه، ثم رحمته تستر وتكمل كل ضعف فى البشر، فبحفظه وعوده ورحمته يقبل أولاده رغم ضعفهم.
ع24: الله صادق فى وعوده وقد وعد داود بالسماح لبناء بيت له والآن بقوة الله تمَّ الوعد الإلهى وبُنى البيت بيد ابن داود، أى سليمان النبى.
ع25، 26: الآن يطلب سليمان من الرب أن يديم الملك على بنى إسرائيل لبيت داود، كما وعده بذلك قائلاً أنه سيكون دائمًا من نسله من يجلس على كرسى المملكة بشرط حفظهم الوصايا وأمانتهم واستقامتهم (2صم7: 4-17) وقد حقق الله وعده لنسل داود، فأبقى بعد انقسام المملكة سبطين ليملك عليهما نسل داود وهى مملكة يهوذا، ثم كان التحقيق الأكبر لهذا الوعد بأن جاء المسيح من نسل داود ليملك على قلوب المؤمنين به إلى الأبد.
ع27: أدرك سليمان بحكمته الروحية أن الله مالئ كل مكان قد تنازل ورضى أن يسكن فى مكان محدد وسط شعبه.
? ليتك تمجد الله فى صلواتك وتسبحه، لتشعر بعظمته، فتخشع أمامه وتنال بركاته وتطلب منه بثقة كل ما تريد؛ لأنه العظيم القادر على كل شئ.
(4) طلبات سليمان (ع28-53) :
28- فالتفت الى صلاة عبدك و الى تضرعه ايها الرب الهي و اسمع الصراخ و الصلاة التي يصليها عبدك امامك اليوم. 29- لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلا و نهارا على الموضع الذي قلت ان اسمي يكون فيه لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع. 30- و اسمع تضرع عبدك و شعبك اسرائيل الذين يصلون في هذا الموضع و اسمع انت في موضع سكناك في السماء و اذا سمعت فاغفر. 31- اذا اخطا احد الى صاحبه و وضع عليه حلفا ليحلفه و جاء الحلف امام مذبحك في هذا البيت. 32- فاسمع انت في السماء و اعمل و اقض بين عبيدك اذ تحكم على المذنب فتجعل طريقه على راسه و تبرر البار اذ تعطيه حسب بره. 33- اذا انكسر شعبك اسرائيل امام العدو لانهم اخطاوا اليك ثم رجعوا اليك و اعترفوا باسمك و صلوا و تضرعوا اليك نحو هذا البيت. 34- فاسمع انت من السماء و اغفر خطية شعبك اسرائيل و ارجعهم الى الارض التي اعطيتها لابائهم. 35- اذا اغلقت السماء و لم يكن مطر لانهم اخطاوا اليك ثم صلوا في هذا الموضع و اعترفوا باسمك و رجعوا عن خطيتهم لانك ضايقتهم. 36- فاسمع انت من السماء و اغفر خطية عبيدك و شعبك اسرائيل فتعلمهم الطريق الصالح الذي يسلكون فيه و اعط مطرا على ارضك التي اعطيتها لشعبك ميراثا.
37- اذا صار في الارض جوع اذا صار وبا اذا صار لفح او يرقان او جراد جردم او اذا حاصره عدوه في ارض مدنه في كل ضربة و كل مرض. 38- فكل صلاة و كل تضرع تكون من اي انسان كان من كل شعبك اسرائيل الذين يعرفون كل واحد ضربة قلبه فيبسط يديه نحو هذا البيت.
39- فاسمع انت من السماء مكان سكناك و اغفر و اعمل و اعط كل انسان حسب كل طرقه كما تعرف قلبه لانك انت وحدك قد عرفت قلوب كل بني البشر. 40- لكي يخافوك كل الايام التي يحيون فيها على وجه الارض التي اعطيت لابائنا. 41- و كذلك الاجنبي الذي ليس من شعبك اسرائيل هو و جاء من ارض بعيدة من اجل اسمك. 42- لانهم يسمعون باسمك العظيم و بيدك القوية و ذراعك الممدودة فمتى جاء و صلى في هذا البيت. 43- فاسمع انت من السماء مكان سكناك و افعل حسب كل ما يدعو به اليك الاجنبي لكي يعلم كل شعوب الارض اسمك فيخافوك كشعبك اسرائيل و لكي يعلموا انه قد دعي اسمك على هذا البيت الذي بنيت. 44- اذا خرج شعبك لمحاربة عدوه في الطريق الذي ترسلهم فيه و صلوا الى الرب نحو المدينة التي اخترتها و البيت الذي بنيته لاسمك. 45- فاسمع من السماء صلاتهم و تضرعهم و اقضي قضائهم. 46- اذا اخطاوا اليك لانه ليس انسان لا يخطئ و غضبت عليهم و دفعتهم امام العدو و سباهم سابوهم الى ارض العدو بعيدة او قريبة. 47- فاذا ردوا الى قلوبهم في الارض التي يسبون اليها و رجعوا و تضرعوا اليك في ارض سبيهم قائلين قد اخطانا و عوجنا و اذنبنا. 48- و رجعوا اليك من كل قلوبهم و من كل انفسهم في ارض اعدائهم الذين سبوهم و صلوا اليك نحو ارضهم التي اعطيت لابائهم نحو المدينة التي اخترت و البيت الذي بنيت لاسمك. 49- فاسمع في السماء مكان سكناك صلاتهم و تضرعهم و اقض قضاءهم. 50- و اغفر لشعبك ما اخطاوا به اليك و جميع ذنوبهم التي اذنبوا بها اليك و اعطهم رحمة امام الذين سبوهم فيرحموهم. 51- لانهم شعبك و ميراثك الذين اخرجت من مصر من وسط كور الحديد.
52- لتكون عيناك مفتوحتين نحو تضرع عبدك و تضرع شعبك اسرائيل فتصغي اليهم في كل ما يدعونك. 53- لانك انت افرزتهم لك ميراثا من جميع شعوب الارض كما تكلمت عن يد موسى عبدك عند اخراجك اباءنا من مصر يا سيدي الرب.
ع28: يطلب سليمان من الرب الاستجابة لتضرعاته وصلواته التى يرفعها إلى الرب فى هذا اليوم، وهذا يبين مدى اتضاع سليمان وخشوعه أمام الله وإحساسه بعظمة حضرته وأيضاً باحتياجه الشديد فصرخ من عمق قلبه طالبًا معونته.
ع29، 30: فى هذا الموضع : يقصد أمام هيكل الله.
طلب سليمان من الله رعايته واهتمامه الدائم بهيكله وكل الطلبات التى تقدم فيه من سليمان وكل شعب الله؛ لأن اسم الله دعى على هذا المكان والله فى محبته يسمع من السماء ويغفر لشعبه الصارخين إليه ليرحمهم.
ع31، 32: وضع عليه حلفًا : طلب الشخص الذى حدث له ضرر من الشخص المشكوك فيه أن يحلف ليؤكد كلامه.
إن حدث ضرر لشخص ما وشك فى آخر أن يكون هو المتسبب فى الضرّر الذى لحق به، يأتى به إلى بيت الرب ويحلف المشكوك فيه، وليكن الرب هو القاضى بينهم، إن حلف كذبًا يدينه الرب وإن كان صدقًا يبرره الرب. أى أن سليمان يطلب من الله أن يكون قاضيًا لشعبه فيبارك البرئ ويعاقب المذنب الذى لم تظهر أدلة ملموسة على إدانته، فالله فاحص القلوب والكلى وبهذا ينتفى كل ظلم ويجرى الله عدله فيعاقب المخطئ ويبرّر البرئ.
ع33، 34: وعد الله شعبه أن يحفظهم إن حفظوا وصاياه (لا26: 1-13)، ولكن إن كسروها وخالفوها يتعرضوا لهجمات الأعداء عليهم وينهزموا أمامهم (لا26: 14-39)، وبعد هزيمتهم إن شعروا بخطاياهم وقدموا توبة أمام الله نحو هيكله المقدس، يترجى سليمان من الله أن يسامحهم ويعيدهم بقوته إلى بلادهم التى طردهم الأعداء منها، وهذا ما حدث فى السبى.
? حتى تتمتع ببركات الله التى وهبها لك، ليتك تحفظ وصاياه وتشكره كل حين ولا تستهن بطول أناته بتماديك فى فعل الخطية فتفقد هذه البركات.
ع35، 36: إذا منعت عن شعبك المطر الذى يروى المزروعات، بسبب أنهم أخطأوا إليك، ثم أدركوا خطأهم وأقروا بإثمهم ورجعوا عن طرقهم الردية لأنهم علموا أنك تؤدبهم على عصيانهم، فاقبل توبتهم واستجب لتضرعاتهم واغفر لهم، واسمح للسماء أن تمطر فتروى الأرض التى أعطيتها لشعبك ليسكنوا فيها. وقد حدث هذا بالفعل أيام إيليا النبى عندما ترك الشعب الله وانغمسوا فى عبادة البعل ولكن لما تابوا أنزل الله المطر بعد ثلاث سنين وستة أشهر.
ع37-39: لفح : ريح ساخنة تجفف النباتات وتميتها.
يرقان : آفة تصيب المزروعات فتهلكها.
جردم : الجراد فى مراحل نموه الأولى الذى يتكاثر بالملايين ويكون شرهًا فهى أخطر مراحل نمو الجراد.
إن حدثت مجاعة، أو تفشى وبأ ما، أو هبت ريح حارقة فأصابت المزروعات، أو هاجمه الجراد والآفات، أو إذا حاصر الأعداء مدن شعبك، أو إن حلت بشعبك كارثة، فحين يصلى أو يتضرع أى فرد من كل شعبك. مدركًا ما ارتكبه من معصية وبسط يديه نحو هذا الهيكل، فاستجب أنت من السماء مقر سكناك واصفح وجازى كل أحد حسب طرقه؛ لأنك وحدك مطلع على ما يدور فى فكر كل بشر وتعرف خفايا القلوب، فتسامح التائبين المتضرعين إليك وتعاقب الأشرار المتماديين فى خطاياهم.
ع40: إذ يرى شعبك سلطانك يا الله وغفرانك للتائبين ومجازاتك للأشرار يخافونك ويحفظوا وصاياك.
ع41-43: يعطى سليمان فرصة للأجانب، أى غير اليهود، أن يتمتعوا بالصلاة أمام هيكل الله، فيطلب منه أن يستجيب لطلبتهم، إذا أتوا إليه؛ لسماعهم بقوته وعندما يستجيب لهم يؤمنوا به وبهيكله؛ لتفوقه على أوثانهم؛ فيكونوا مبشرين بقوة الله بين الأمم.
وقد سمح موسى للأجانب الذين يحبون شعب الله أن يسكنوا بجوارهم ويقدموا ذبائح لله (عد15: 14).
وهذه الآيات تبين محبة الله لليهود والأمم الذى كمل فى ملء الزمان عندما مات المسيح لخلاص البشرية كلها.
ع44، 45: إذا خرج شعبك لملاقاة عدو فى أى مكان ترسلهم إليه، أى أنها حرب بأمر الرب وليست بدوافع شخصية، فصلوا إليك موجهين وجوههم تجاه المدينة التى اخترتها والهيكل الذى بنيته لاسمك، فاستجب من السماء لصلواتهم ولتضرعاتهم وانصرهم على أعدائهم. وكان كلما طلب الله قبل الحرب وأرسلهم لمحاربة الأعداء ينتصرون، ولكن عندما يهملون طلب الله ينهزمون.
ع46-49: اقض قضاءهم : وانقذهم وأعدهم إلى بلادهم.
إذا أخطأ شعبك وسمحت يا الله لأعدائهم أن يسبوهم إلى بلادهم، وصلى شعبك نحو هيكلك وطلبوا معونتك فأنقذهم من أيدى أعدائهم وأعدهم إلى بلادهم. وقد حدث هذا فعلاً فى السبى البابلى وأعادهم الله على يد كورش الملك الفارسى (عز7: 12، 13).
ع50، 51: من وسط كور الحديد : من وسط فرن صهر الحديد، وتعنى الشدائد والعذابات.
إذا سمحت يا الله لشعبك أن يظلوا فترة فى السبى وتضرعوا نحو هيكلك، فسامحهم واجعل الذين سبوهم يعاملونهم برفق وأرعاهم برحمتك؛ لأنهم شعبك الذى أنقذته من عبودية مصر وعذاباتها.
ع52، 53: ولتكن مصغيًا دائمًا لتضرعاتى إليك وكذلك تضرعات شعبك ولتستجب لكل طلباتهم وصراخهم إليك، لأنك اخترتهم أبناءً لك من بين جميع الشعوب، كما قلت على لسان عبدك موسى عندما أخرجت آباءنا من مصر (تث4: 20).
ونلاحظ أن سليمان ركّز على طلبات واحتياجات شعبه وليس على طلباته واحتياجاته الخاصة، فهو يمثل الخادم الأمين الذى يهتم بمن يخدمهم قبل نفسه.
ونرى أن سليمان فى صلاته يعتمد على شريعة الله التى استلمها موسى، فهو متمسك بما عاش فيه الآباء وما علمه الله لهم.
ويخبرنا سفر أخبار الأيام (2أى7: 1-3) مسرة الله بهذه الصلاة إذ نزلت نار من السماء وأكلت الذبائح وملأ مجد الرب البيت، حتى لم يستطع الكهنة الدخول وسجد الكل أمام الله العظيم المحب لشعبه.
? إن الله الحنون مهما كانت خطاياك، وحتى لو تعرضت لمشاكل كثيرة بسببها، هو مستعد أن يسامحك ويرفع عنك كل الضيقات، بل يكرمك ويمجدك لأنك ابنه.
(5) البركة الختامية (ع54-61) :
54- و كان لما انتهى سليمان من الصلاة الى الرب بكل هذه الصلاة و التضرع انه نهض من امام مذبح الرب من الجثو على ركبتيه و يداه مبسوطتان نحو السماء. 55- و وقف و بارك كل جماعة اسرائيل بصوت عال قائلا. 56- مبارك الرب الذي اعطى راحة لشعبه اسرائيل حسب كل ما تكلم به و لم تسقط كلمة واحدة من كل كلامه الصالح الذي تكلم به عن يد موسى عبده.
57- ليكن الرب الهنا معنا كما كان مع ابائنا فلا يتركنا و لا يرفضنا. 58- ليميل بقلوبنا اليه لكي نسير في جميع طرقه و نحفظ وصاياه و فرائضه و احكامه التي اوصى بها اباءنا. 59- و ليكن كلامي هذا الذي تضرعت به امام الرب قريبا من الرب الهنا نهارا و ليلا ليقضي قضاء عبده و قضاء شعبه اسرائيل امر كل يوم في يومه. 60- ليعلم كل شعوب الارض ان الرب هو الله و ليس اخر.
61- فليكن قلبكم كاملا لدى الرب الهنا اذ تسيرون في فرائضه و تحفظون وصاياه كهذا اليوم.
ع54، 55: صلى سليمان أمام مذبح الرب ساجدًا على ركبتيه، باسطًا يديه نحو السماء، ثم اتجه نحو الشعب ليباركه بصوت عالٍ وهذه البركة الختامية هى ملخص لصلاة سليمان الطويلة السابقة.
ع56: مبارك الرب : أى أنه مستحق المجد والتعظيم من شعبه.
صلى سليمان إلى الله ومجده، لأنه منح شعبه أرضًا ليسكن فيها ويجد راحة من المضايقين، فقد أخرجهم من أرض مصر وحفظهم فى برية سيناء وأدخلهم أرض كنعان وحفظهم أيام القضاة وأقام لهم ملكًا صالحًا هو داود، ثم بعده ابنه سليمان، وهكذا أتم جميع وعوده الصالحة التى نطلق بها على لسان عبده موسى.
ع57، 58: طلب سليمان من الله أن يظل معه هو وشعبه كما كان مع الآباء من أيام إبراهيم، ولا يغضب عليهم، أو يبتعد عنهم ويساعدهم؛ حتى تتعلق قلوبهم به؛ فيحيوا بوصاياه ويعبدوه بأمانة كما عاش معه الآباء.
ع59، 60: ترجى أيضًا سليمان من الله أن يقبل صلواته وصلوات كل شعبه، التى يرفعونها إليه كل يوم فى النهار والليل ويعتنى بهم ويسد كل احتياجاتهم ويدبر كل أمورهم، وإذ يرى الأمم صنيع الرب معهم، يقروا أن الرب إله إسرائيل هو الله ولا يوجد إله آخر سواه.
ع61: هنا يوجه سليمان كلامه للشعب طالبًا منهم الإخلاص الكامل للرب والولاء الصادق له بسلوكهم وفق فرائضه وطاعتهم لوصاياه كما فعلوا اليوم، أى يوم تدشين الهيكل، إذ كانوا فى حماس روحى واستعداد لطاعة وصايا الله.
? ليتك تكون ثابتًا فى علاقتك بالله، فعندما تعده أن تحيا معه وتلتزم بجهاد محدد، اهتم بمتابعة هذه العهود حتى لا تفتر وتضعف .. احرص أن تجدد عهودك كل يوم أمام الله، فتتمتع بعشرته وتفرح بعنايته بك.
(6) تقديم الذبائح والاحتفالات (ع62-66) :
62- ثم ان الملك و جميع اسرائيل معه ذبحوا ذبائح امام الرب. 63- و ذبح سليمان ذبائح السلامة التي ذبحها للرب من البقر اثنين و عشرين الفا و من الغنم مئة الف و عشرين الفا فدشن الملك و جميع بني اسرائيل بيت الرب. 64- في ذلك اليوم قدس الملك وسط الدار التي امام بيت الرب لانه قرب هناك المحرقات و التقدمات و شحم ذبائح السلامة لان مذبح النحاس الذي امام الرب كان صغيرا عن ان يسع المحرقات و التقدمات و شحم ذبائح السلامة. 65- و عيد سليمان العيد في ذلك الوقت و جميع اسرائيل معه جمهور كبير من مدخل حماة الى وادي مصر امام الرب الهنا سبعة ايام و سبعة ايام اربعة عشر يوما. 66- و في اليوم الثامن صرف الشعب فباركوا الملك و ذهبوا الى خيمهم فرحين و طيبي القلوب لاجل كل الخير الذي عمل الرب لداود عبده و لاسرائيل شعبه
ع62: بعد صلاة سليمان، قَّدم مع شعبه ذبائح كثيرة لله، لعل معظمها ذبائح سلامة، وهى تعنى شكر الله على صنيعه معهم، بسماحه أن يقام له بيت فى وسطهم. وربما قدموا بعضًا من ذبائح الخطية؛ ليغفر لهم الله خطاياهم. وكذلك بعضًا من ذبائح المحرقة والتى تعنى استعدادهم لتكريس قلوبهم لله.
ع63: كانت ذبائح السلامة التى ذبحت خلال فترة الاحتفالات هائلة من حيث العدد فكانت 22 ألف بقرة و120 ألف من الغنم. هكذا دشن الملك وجميع الشعب هيكل الرب.
والتدشين معناه تكريس وبدء استخدام المكان المقدس والتمتع بالعبادة فيه. ونلاحظ أن التدشين يتم بالصلاة وتقديم الذبائح، وهذا يرمز إلى أن تكريس الأماكن المقدسة يتم بذبيحة المسيح المخلص وبالصلاة له، فلا خلاص بدون سفك دم (عب9: 22).
الذبائح الكثيرة تعلن :
- محبة سليمان وشعبه الكبيرة لله.
- إحساسهم بعظمة الله وتنازله أن يكون له مسكن دائم فى وسطهم.
- غنى سليمان هو وشعبه.
- شكرهم العميق لله من أجل رضاه أن يسكن فى هيكل ثابت وسطهم.
- قطعهم عهدًا مع الله بأكلهم من الذبائح ليحيوا له.
- إقرارهم بضعهم وخطاياهم وحاجتهم لرحمة الله.
تُقدَّم هذه الذبائح غالبًا فى يوم واحد ولكن طوال الأربعة عشر يومًا، التى استمرت فيها الاحتفالات بتدشين الهيكل (ع65). وغالبًا كانت معظم هذه الذبائح من المال الخاص لسليمان والباقى من تقدمات الشعب ورؤسائه.
وذبائح السلامة كان جزءً منها يقدم لله والجزء الثانى يأخذه الكهنة والجزء الثالث الباقى يأكله مقدموا الذبائح مع الاهتمام بإشراك اللاويين والفقراء وكل محتاج فى الأكل من هذه الذبائح (لا7: 11) أى أنهم قدموا ذبائح لله فأعطاهم منها فأكلوا من يد الله وفرحوا. وهذا يبين أن أمام تدشين الهيكل كانت أيام فرح عظيمة جدًا وبهجة لكل الشعب.
وكان يصاحب تقديم الذبائح الضرب على الأبواق والعزف على آلات الغناء وتسبيح مستمر لله، غالبًا بترديد المزامير التى تمجد الله (2أى7: 6).
وعندما يقول الكتاب أن سليمان ذبح هذه الأعداد الضخمة، فمفهوم ضمنيًا أنه لم يذبحها بنفسه؛ لأنه ليس كاهنًا. وقد كان عدد الكهنة كثير جدًا، حوالى ثلاثة آلاف، أما اللاويون الذين يساعدونهم فكان عددهم حوالى 40 ألفًا. وقد تمت هذه الذبائح كما قلنا فى مدة 14 يومًا وبالتالى يمكن تقديم هذه الأعداد الضخمة.
ع64: عمل سليمان مذبحًا نحاسيًا كبيرًا ليقدم عليه شحم الذبائح كما تنص الشريعة، ولكن الأعداد الضخمة التى قدمت فى تدشين الهيكل لا يمكن أن يتسع لها أى مذبح مهما كان كبيرًا، لذلك اضطر سليمان أن يقدس مساحة كبيرة فى مدخل بيت الرب، حول المذبح النحاسى؛ لتقديم الذبائح عليها، ولعله أقام مذابح مؤقتة لهذه المناسبة ووضع عليها من النار المقدسة التى على المذبح النحاسى (خر40)، وكانت الذبائح الحيوانية وكذلك التقدمات التى من الدقيق وغيره من التقدمات النباتية تقدم على هذه المذابح.
ع65: حماة : مدينة سورية على مسافة 200 كم شمال دمشق.
وادى مصر : أو نهر مصر فى بعض الترجمات، هو وادى العريش آخر حدود سبط يهوذا الجنوبية وهو نهر موسمى يمتلئ بالماء فى الشتاء ويجف صيفًا، وهو يمثل الحدود بين مصر وأرض بنى إسرائيل.
اجتمع شعب الله من أقصى البلاد شمالاً، أى من مدخل حماة إلى أقصاها جنوبًا وهو وادى مصر، كلهم أتوا إلى أورشليم ليفرحوا بتدشين الهيكل وعيّدوا سبعة أيام لهذا الغرض وكان ذلك فى الشهر السابع، قبل عيد المظال، الذى يبدأ فى اليوم الخامس عشر منه. فبعد السبعة أيام التى احتفلوا فيها بالتدشين استمروا سبعة أيام أخرى للاحتفال بعيد المظال والذى تطلب الشريعة فيه من جميع ذكور بنى إسرائيل الحضور إلى أورشليم للوقوف أمام هيكل الله، فكان اختيارًا حسنًا من سليمان أن يختار مناسبة عيد المظال، الذى يجتمع فيه الشعب من كل مكان ويجعل تدشين الهيكل فى السبعة أيام السابقة له (لا23).
ع66: اليوم الثامن من عيد المظال وهو اليوم الحادى العشرون من الشهر السابع هو يوم اعتكاف، كما تنص الشريعة ولا يعمل فيه أى عمل إلا الصلاة والعبادة (لا23: 33-36). فبعد انتهاء هذا اليوم بارك سليمان الشعب، بعد أن تمتعوا بعبادة الله ورد عليه الشعب وباركوه. أى دعوا له بالبركة لأجل اهتمامه ببناء بيت الرب. وهنا نرى المحبة الكبيرة بين الملك وشعبه وارتباطهم معًا فى محبة الله وعبادته، فشملهم الله برعايته وبركته. ثم انصرفوا فرحين وعادوا إلى بيوتهم يمجدون الله.
? ما أجمل أن تقدم صلوات من أجل من حولك وتشجعهم بكلمات طيبة، فهذا يفرح قلب الله ويفرح الآخرين، فيفرح قلبك أنت أيضًا، خاصة وأن الآخرين غالبًا سيصلون من أجلك ويطلبون لك البركة، فتحيا وكأنك فى السماء.