يهوياقيم ويهوياكين وصدقيا آخر ملوك يهوذا
(1) خضوع يهوذا لبابل (ع1-7):
1- في ايامه صعد نبوخذناصر ملك بابل فكان له يهوياقيم عبدا ثلاث سنين ثم عاد فتمرد عليه. 2- فارسل الرب عليه غزاة الكلدانيين و غزاة الاراميين و غزاة الموابيين و غزاة بني عمون و ارسلهم على يهوذا ليبيدها حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد عبيده الانبياء. 3- ان ذلك كان حسب كلام الرب على يهوذا لينزعهم من امامه لاجل خطايا منسى حسب كل ما عمل. 4- و كذلك لاجل الدم البريء الذي سفكه لانه ملا اورشليم دما بريا و لم يشا الرب ان يغفر. 5- و بقية امور يهوياقيم و كل ما عمل اما هي مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك يهوذا. 6- ثم اضطجع يهوياقيم مع ابائه و ملك يهوياكين ابنه عوضا عنه. 7- و لم يعد ايضا ملك مصر يخرج من ارضه لان ملك بابل اخذ من نهر مصر الى نهر الفرات كل ما كان لملك مصر.
ع1: إنتصر نبوبلاسر ملك بابل على مصر فى معركة كركميش، وأخذ كل أملاكها ومنها مملكة يهوذا وكان قائد الجيش هو نبوخذنصر، ابن نبوبلاسر. وبهذا خضع ملك يهوذا الجديد وهو يهوياقيم لملك بابل وذلك بعد عزل أخيه يهوآحاز.
واستمر يهوياقيم خاضعًا ثلاث سنوات ولم يعد يدفع الجزية لمصر.
بعـد ثلاث سنوات من تملك يهوياقيم، مات نبوبلاسر وصار نبوخذ نصر ابنه ملكًا لبابل (أر25: 1، 46: 2). وانشغل بحروب على بعض البلاد المحيطة؛ لإخضاعها له، فانتهز يهوياقيم الفرصة وتمرد على نبوخذ نصر.
ع2: كان الله قد أمر بتأديب يهوذا لشرورها ولم يسمع ملك يهوذا لأرميا النبى بالخضوع لبابل، فهيج الله الكلدانيين وهم سكان جنوب ما بين النهرين، وكذلك جيران يهوذا وهم الأراميون والموآبيون وبنو عمون ولعل هذا كان بإيعاز من ملك بابل، بالإضافة لعداوتهم ليهوذا منذ زمن طويل، فكان هذا تأديبًا شديدًا ليهوذا وتم سبى ثلاثة آلاف وثلاثة وعشرين من اليهود (أر52: 28) وأرسلوهم إلى بابل.
ع3، 4: تخلى الله عن شعبه فى مملكة يهوذا وأمر بتشتيتهم وفقدانهم كيانهم كدولة مستقلة وذلك لسببين :
- شرور منسى الملك، التى ظهرت فى عبادته للآلهة الغريبة.
- ظلم الشعب بعضهم لبعض وسفك دماء غريبة.
? إن الله عادل فلا تتمادى فى شرك، مثل منسى وتهمل كلام الله، فهو يطيل أناته ولكن لابد أن يعاقب إن لم تتب. فاخضع له وارجع إليه؛ لتتمتع بمراحمه. لا تظلم غيرك؛ لأن صراخهم يصل إلى الله. كن رحيمًا فتنال مراحم الله.
ع5: حياة يهوياقيم وكل الشرور التى تمت فيها، كتبت فى كتاب خاص، هو تاريخ ملوك يهوذا وهو غير سفر أخبار الأيام، الموجود فى الكتاب المقدس.
ع6: مات يهوياقيم ودفن مع آبائه وتولى الملك من بعده ابنه يهوياكين. وكان ملك بابل قد قيده بسلاسل نحاس وأراد سبيه إلى بابل ولكن عدل عن رأيه وغالبًا قتله وألقى جثته فى الأرض، كما يقول أرميا كجثة حمار (أر22: 19) ولأجل شروره لم يبكِ عليه شعبه.
ع7: لم يعد ملك مصر يقوم بأية غزوات خارج أرضه؛ لأن ملك بابل استولى على كل الأراضى، الواقعة من حدود مصر إلى نهر الفرات والتى كانت مصر تحتلها من قبل.
(2) سبى يهوياكين (ع8-16):
8- كان يهوياكين ابن ثماني عشرة سنة حين ملك و ملك ثلاثة اشهر في اورشليم و اسم امه نحوشتا بنت الناثان من اورشليم. 9- و عمل الشر في عيني الرب حسب كل ما عمل ابوه. 10- في ذلك الزمان صعد عبيد نبوخذناصر ملك
بابل الى اورشليم فدخلت المدينة تحت الحصار. 11- و جاء نبوخذناصر ملك بابل على المدينة و كان عبيده يحاصرونها. 12- فخرج يهوياكين ملك يهوذا الى ملك بابل هو و امه و عبيده و رؤساؤه و خصيانه و اخذه ملك بابل في
السنة الثامنة من ملكه.
13- و اخرج من هناك جميع خزائن بيت الرب و خزائن بيت الملك و كسر كل انية الذهب التي عملها سليمان ملك اسرائيل في هيكل الرب كما تكلم الرب. 14- و سبى كل اورشليم و كل الرؤساء و جميع جبابرة الباس عشرة الاف
مسبي و جميع الصناع و الاقيان لم يبق احد الا مساكين شعب الارض. 15- و سبى يهوياكين الى بابل و ام الملك و نساء الملك و خصيانه و اقوياء الارض سباهم من اورشليم الى بابل. 16- و جميع اصحاب الباس سبعة الاف و
الصناع و الاقيان الف و جميع الابطال اهل الحرب سباهم ملك بابل الى بابل.
ع8: ألناثان : أحد رؤساء يهوذا (أر36: 12).
خلف يهوياكين أباه على عرش يهوذا وكان سنه وقتئذ ثمانى عشر سنة ودام حكمه ثلاثة أشهر فقط، فى عاصمة ملكه أورشليم واسم أمه نحوشتا بنت ألناثان وهى من مدينة أورشليم. ويذكر سفر أخبار الأيام (2أى36: 9)، أن يهوياكين ملك
وعمره ثمانى سنوات وليس هناك اختلاف بين ما ذكر فى سفر أخبار الأيام؛ لأن يهوياكين ملك مع أبيه يهوياقيم لمدة عشر سنوات وكان هذا متبعًا فى ملوك كثيرين وذلك ليضمنوا العرش لأبنائهم؛ لأن يهوياقيم ملك بعد أخيه يهوآحاز وكذلك
بعد يهوياكين ملك صدقيا أخو يهوياقيم، أى أن أخوة الملك كانت لهم أطماع فى الملك، أما فى سن ثمانى عشر سنة، فقد ملك يهوياكين بمفرده، بعد موت أبيه، والذى يؤكد تملكه فى سن ثمانى عشر سنة، أنه كانت له نساء، كما يذكر فى (ع15).
ع9: سار يهوياكين فى الشر من بداية تملكه، مع أنه تملك لمدة ثلاثة أشهر فقط، لكنه تعلم الشر من أبيه يهوياقيم، الذى شاركه فى الملك لمدة عشر سنوات، أى منذ طفولة يهوياكين. وهذا الشر يظهر فيما يلى :
- عبادة الأوثان.
- الشهوات المختلفة والظلم.
ع10: بعد القبض على يهوياقيم وقتل ملك بابل له، أرسل نبوخذ نصر جيوشه، فحاصرت أورشليم وهذا يبين قوة نبوخذ نصر وتسلطه على مملكة يهوذا ويبين أيضًا تخلى الله عن مملكة يهوذا؛ لأجل شرورهم، فسمح أن يقتل يهوياقيم
وتحاصر المدينة، ثم يقبض على يهوياكين بعد ثلاثة أشهر فقط من تملكه، كما سيظهر فى الآيات التالية.
ع11: كان نبوخذ نصر يحاصر مدينة صور، ثم جاء بنفسه إلى جيوشه المحاصرة لأورشليم وكان ذلك بعد حوالى ثلاثة أشهر من تملك يهوياكين وبالتالى أصبح الموقف خطيرًا والمدينة على وشك السقوط والتدمير بيد بابل.
ع12: خاف يهوياكين من اقتحام بابل للمدينة وتدميرها وقتله هو ومن معه فى القصر، ففضل أن يسلم نفسه؛ ليحيا. ويرى البعض أنه فعل هذا؛ حتى يحفظ المدينة من الدمار، فخرج هو وأمه وعبيده ورؤساء مملكته والخصيان المسئولين فى قصره وسلم نفسه لملك بابل وكان ذلك فى السنة الثامنة لتملك نبوخذ نصر على بابل.
ع13: استولى ملك بابل على محتويات خزائن الهيكل وخزائن القصر الملكى وكسر كل الأوانى الذهبية، التى عملها سليمان ملك إسرائيل ووضعها فى الهيكل وكانت هى الأوانى والألواح الكبيرة، مثل مذبح البخور ومائدة خبز الوجوه. أما
الأوانى الصغيرة، فقد أخذها نبوخذنصر فى هجومه الأول (ع6) وهى الأوانى التى شرب فيها حفيده الملك بيلشاصر (دا5: 2) وهذه الآنية هى التى عادت إلى أورشليم مع زربابل (عز1: 7-11). وبهذا تحقق كلام الرب، الذى قاله أشعياء
لحزقيا الملك (ص20: 17)، بأخذ كل ما فى الخزائن، التى عرضها حزقيا بكبرياء على البابليين، عند شفائه من مرضه
ع14: أقيان : حدادين.
أسر ملك بابل عظماء أورشليم وعددهم عشرة آلاف وهم رؤساء الشعب وقواده والصناع المهرة والحدادون ولم يستبقوا فى أورشليم سوى عامة الشعب البسطاء وهذا ليُضعف المدينة، فلا يوجد فيها من يثور عليه، أو يحاول الاستقلال وتظل
محتاجة دائمًا لمعونة بابل. إن كان العظماء عشرة آلاف فقط، فهذا يبين أن سكان المدينة كانوا قليلين وزاد ضعفها، عندما أخذ منها الأقوياء.
ع15، 16: وبهذا أسر ملك بابل يهوياكين ملك يهوذا وأمه ونساءه وخصيانه ورجاله الأشداء وجميع عظماء البلاد، سبعة آلاف فردًا والصناع المهرة والحدادون ألف فردًا وجميع الضباط والجنود الأقوياء وهم حوالى ألفين وبهذا يكون
المجموع عشرة آلاف، كما ذكر فى (ع14)، الكل أسرهم ملك بابل ورحلهم إلى بابل وبقى يهوياكين مسجونًا فى بابل، حوالى سبعة وثلاثين عامًا، أما العظماء، فبعد أن افتخر بهم نبوخذ نصر فى بابل، فرق بعضهم فى بلاد مملكته.
? النتيجة الطبيعية للشر هى التأديب الإلهى، فليتك تتعلم من أخطائك؛ لتتوب وترجع إلى الله ولا تتهاون؛ حتى تحل بك المصائب. وإن أتتك التجربة فلا تتذمر، بل اقبلها من الله وافحص
نفسك؛ لعلك تكون السبب بخطاياك وتقصيراتك فى محبة الله. وثق أن الله يطلب خلاصك، من خلال التجارب وينتظر رجوعك إليه؛ ليعوضك عن كل ما فاتك.
(3) تملك صدقيا وتمرده على بابل (ع17-20):
17- و ملك ملك بابل متنيا عمه عوضا عنه و غير اسمه الى صدقيا.18- كان صدقيا ابن احدى و عشرين سنة حين ملك و ملك احدى عشرة سنة في اورشليم و اسم امه حميطل بنت ارميا من لبنة. 19- و عمل الشر في عيني الرب
حسب كل ما عمل يهوياقيم. 20- لانه لاجل غضب الرب على اورشليم و على يهوذا حتى طرحهم من امام وجهه كان ان صدقيا تمرد على ملك بابل
ع17، 18: عندما ملك صدقيا كان عمره إحدى وعشرين سنة واستمر حكمه إحدى عشر سنة فى أورشليم العاصمة واسم أمه حميطل بن أرميا من بلدة لبنة. وكان اسمه سابقًا متنيا وهو عم الملك يهوياكين، الذى سبى إلى بابل وأخو
يهوياقيم، الذى قتله نبوخذ نصر وبالتالى فهو ابن يوشيا، الملك الصالح وشقيق يهوآحاز؛ لأن والديهما هما حميطل ويوشيا.
ع19: اتبع صدقيا خطى يهوياقيم ملك يهوذا الذى سبقه فى سلوك الشر.
ع20: لم يكتفِ صدقيا بعمل الشر وتضليل شعبه ولكنه أيضًا، فى نهاية تملكه، تمرد على ملك بابل، فكان هذا دافعًا أن يهجم عليه ملك بابل ويأخذه أسيرًا ويقتل أولاده ورجاله ويدمر أورشليم ويحرقها، كما تنبأ الأنبياء، أى تحقق غضب الله
وتأديبه لشعبه؛ لأجل شرورهم.
? لا تكن مراوغًا وخائنًا فى وعودك، مثل صدقيا، بل تعهد الله بالسير معه واطلب معونته، فيساعدك. وإن قصرت ارجع إليه، فهو حنون على الضعفاء ولكن يكره المستبيحين والمتمردين.