فك الحصار وانتهاء المجاعة
(1) نبوة أليشع عن انتهاء المجاعة (ع1-2):
1- و قال اليشع اسمعوا كلام الرب هكذا قال الرب في مثل هذا الوقت غدا تكون كيلة الدقيق بشاقل و كيلتا الشعير بشاقل في باب السامرة. 2- و ان جنديا للملك كان يستند على يده اجاب رجل الله و قال هوذا الرب يصنع كوى في السماء هل يكون هذا الامر فقال انك ترى بعينيك و لكن لا تاكل منه.
ع1: الشاقل : هو شاقل ذهب ويساوى حوالى 11.3-11.6 جرام.
بعدما أعلن الملك عجزه وتوقعه للشر، أى تسليم المدينة وتعرضه هو ورجاله للموت، تدخل الله على فم نبيه أليشع؛ ليعلن حلاً لم يتوقعه أحد، فأنبأ أليشع – أمام الملك ورسوله – وأمام الشيوخ المجتمعين عنده وكل بنى الأنبياء العاملين معه بكلام الرب، أنه فى مثل هذا الوقت غدًا، سيتوفر الدقيق والشعير بكثرة، بحيث تنخفض أسعاره انخفاضًا هائلاً، فتكون كيلة الدقيق بشاقل وكذا كيلتا الشعير بشاقل فقط فى سوق السامرة.
ع2: كوى : جمع كوة ومعناها نافذة.
سمع الملك وكل الحاضرين كلام أليشع وتعجبوا، بعضهم صدق وبعضهم كان يداخله بعض الشك، أما الجندى الخاص، الذى كان حارسًا للملك ومشيرًا له وكان الملك يستند عليه أثناء مشيه، فعند سماعه نبوة أليشع بخصوص انتهاء المجاعة، إستهزأ بكلام النبى وقال فى سخرية “حتى أن فتح الرب نوافذ السماء، فهل يمكن أن يحدث هذا الأمر؟” أجابه أليشع بأنه سيرى هذا يحدث ولكن – عقابًا له على سخريته – لن يأكل منه، أى من الدقيق والشعير، الذى سيوجد بكثرة. إن الملك لم يصدق نبوة أليشع، كما يظهر من (ع12) ولكنه صمت، أما هذا الجندى فاستهزأ بكلام الله؛ لذا استحق العقاب الإلهى، أى الموت.
وكان كلام أليشع غير منطقى؛ لأنه إن جاء الخير على المدينة كلها، فأول من سيأخذ منه هو الملك، ثم مساعده وحارسه الخاص، الذى يستند عليه ولكن أحكام الله تفوق كل عقل، فيعاقب المستهزئين ويبارك أولاده المتضعين.
? يطيل الرب أناته كثيرًا على الخطاة ولكن المستهزئون بكلمته لا خلاص لهم. هم موجودون اليوم كما كانوا فى كل زمان، يظهرون عدم الإيمان ويجادلون وكلمة الله بالنسبة لهم باطلة، هؤلاء هلاكهم محقق. ليتك ترفض أفكار الشك التى يلقيها الشيطان فى ذهنك ضد وعود الله، أو أسرار الكنيسة، أو أية بركات روحية يمكن أن تنالها من أولاد الله القديسين، فلا تخسر نعم كثيرة يريد الله أن يهبها لك.
(2) رفع الحصار وهرب الآراميين (ع3-16):
3- و كان اربعة رجال برص عند مدخل الباب فقال احدهم لصاحبه لماذا نحن جالسون هنا حتى نموت. 4- اذا قلنا ندخل المدينة فالجوع في المدينة فنموت فيها و اذا جلسنا هنا نموت فالان هلم نسقط الى محلة الاراميين فان استحيونا حيينا و ان قتلونا متنا. 5- فقاموا في العشاء ليذهبوا الى محلة الاراميين فجاءوا الى اخر محلة الاراميين فلم يكن هناك احد. 6- فان الرب اسمع جيش الاراميين صوت مركبات و صوت خيل صوت جيش عظيم فقالوا الواحد لاخيه هوذا ملك اسرائيل قد استاجر ضدنا ملوك الحثيين و ملوك المصريين لياتوا علينا. 7- فقاموا و هربوا في العشاء و تركوا خيامهم وخيلهم و حميرهم المحلة كما هي و هربوا لاجل نجاة انفسهم. 8- و جاء هؤلاء البرص الى اخر المحلة ودخلوا خيمة واحدة فاكلوا و شربوا و حملوا منها فضة و ذهبا و ثيابا و مضوا و طمروها ثم رجعوا ودخلوا خيمة اخرى و حملوا منها و مضوا و طمروا. 9- ثم قال بعضهم لبعض لسنا عاملين حسنا هذا اليوم هو يوم بشارة و نحن ساكتون فان انتظرنا الى ضوء الصباح يصادفنا شر فهلم الان ندخل و نخبر بيت الملك. 10- فجاءوا و دعوا بواب المدينة و اخبروه قائلين اننا دخلنا محلة الاراميين فلم يكن هناك احد و لا صوت انسان و لكن خيل مربوطة و حمير مربوطة و خيام كما هي. 11- فدعا البوابين فاخبروا بيت الملك داخلا. 12- فقام الملك ليلا و قال لعبيده لاخبرنكم ما فعل لنا الاراميون علموا اننا جياع فخرجوا من المحلة ليختبئوا في حقل قائلين اذا خرجوا من المدينة قبضنا عليهم احياء و دخلنا المدينة. 13- فاجاب واحد من عبيده و قال فلياخذوا خمسة من الخيل الباقية التي بقيت فيها هي نظير كل جمهور اسرائيل الذين بقوا بها او هي نظير كل جمهور اسرائيل الذين فنوا فنرسل و نرى. 14- فاخذوا مركبتي خيل و ارسل الملك وراء جيش الاراميين قائلا اذهبوا و انظروا. 15- فانطلقوا وراءهم الى الاردن و اذا كل الطريق ملان ثيابا و انية قد طرحها الاراميون من عجلتهم فرجع الرسل و اخبروا الملك. 16- فخرج الشعب و نهبوا محلة الاراميين فكانت كيلة الدقيق بشاقل و كيلتا الشعير بشاقل حسب كلام الرب.
ع3: كان هناك أربعة رجال برص – عند مدخل بوابة المدينة – يتحادثون، فحثهم أحدهم على اتخاذ خطوة إيجابية تحسم الأمر، بدلاً من استسلامهم للموت جوعًا.
وهؤلاء البرص المنبوذين؛ لأجل نجاستهم كانوا يقيمون خارج المحلة، أى خارج المدينة، لئلا يتنجس أحد إن لمسهم. وكان سكان المدينة يلقون لهم بعض الطعام. وعندما اشتدت المجاعة، لم يعد أحد يلقى إليهم بأى طعام، فكادوا يموتون جوعًا. وبدأوا بالتفكير الإيجابى لحل المشكلة لأنفسهم، ثم بعد هذا لباقى المدينة كما سنرى فى الآيات التالية، فالله يستخدم هؤلاء البرص لحل مشكلة المدينة كما سنرى.
? لا تحتقر أى إنسان مهما بدا وضيعًا، أو ضعيفًا ومنبوذًا من الناس، فهو صورة الله والله قادر أن يعمل به وفيه، فيعطيك خيرًا عن طريقه وتتعلم منه أمورًا كثيرة.
إن الضيفة الشديدة التى يعانيها هؤلاء الأربعة البرص وهى إبعادهم عن باقى الناس وتعرضهم للموت جوعًا جعلهم يبحثون عن حل، فالأزمة الشديدة التى تقرب بالإنسان إلى الموت تجعله يفكر فى حلاً إيجابيًا. لذا لا تنزعج إن زادت الضيقة وكانت لا تُحتمل فقد يكون هذا هو بداية حل المشكلة.
ع4: أخذ الأربعة برص يتحدثون معًا، فقالوا إن حاولنا دخول مدينة السامرة وكسر الشريعة، التى تنص على ابتعادنا عن المدن؛ لأجل برصنا، فإننا لن نجد طعامًا وسنموت بالجوع. وإن بقينا مكاننا خارج المدينة، فسنموت أيضًا جوعًا. وقدم أحدهم اقتراحًا، أن يلتجئوا إلى الآراميين ويسلموا أنفسهم لهم، فإن قبلوهم يكسبون حياتهم ويعيشون ويجدون طعامًا وإن قتلوهم، كأعداء فليكن؛ لأن الموت سيلحق بهم بأية وسيلة وهكذا وضع الله فيهم هذه الشجاعة؛ لينقذوا أنفسهم وكذلك مدينتهم، فلم يستسلموا للموت وييأسوا، بل تحركوا لعلهم يجدون حياة.
ويقول التقليد اليهودى أن الأربعة برص هم جيحزى وأولاده ولأن جيحزى يعرف الله، فلعله صلى وأرشده الله إلى هذه الفكرة؛ لينقذ نفسه ومدينته.
ع5: العشاء : أى العشية وهو وقت الغروب قبل الظلام مباشرة.
آخر محلة الآراميين : آخر معسكر الأراميين التى ناحية مدينة السامرة.
إستحسن بقية الرجال البرص اقتراح زميلهم، فوافقوا عليه وقرروا تنفيذه. عند حلول المساء قاموا وتوجهوا إلى معسكر الآراميين، فلم يجدوا هناك جنديًا واحدًا، فقد كان المعسكر خاليًا تمامًا من الآراميين.
ع6: يفسر الكتاب المقدس سبب خلو معسكر الآراميين من جميع الجنود وهو أنهم سمعوا صوت مركبات حربية وخيول، أى صوت جيش عظيم مقبل عليهم وكان الصوت قويًا، لأنه من الله، فظنوا أن ملك إسرائيل قد استأجر عليهم وتحالف مع ملوك الحثيين، الذين كانوا يسكنون شمال الشام، أى سوريا الحالية، وملوك المصريين؛ لأن مصر كانت مقسمة وقتذاك لأكثر من قسم وكل قسم له ملك. وما ظنه الآراميون غير منطقى؛ لأنه كيف يستأجر ملك إسرائيل عليهم جيوش قوية مثل هذه وهو محاصر داخل مدينته. ولكن الله كما أغلق أعينهم بالعمى أمام أليشع، الآن يغلق أذهانهم، فيظنوا ظنونًا غريبة مخيفة، فيهربوا سريعًا، تاركين وراءهم كل ممتلكاتهم.
ع7: أفزع هذا الاستنتاج جنود جيش الآراميين، إذ توهموا أنهم مهزومون لا محالة، فتركوا معسكرهم وخيلهم وحميرهم على حالها وهربوا؛ لينجوا بأنفسهم.
ع8: عندما وجد الأربعة برص المعسكر هادئًا وليس فيه إنسان تشجعوا ودخلوا أحد الخيام، التى فى طرف المعسكر، فوجدوا فيها طعامًا كثيرًا، فأكلوا وشربوا، ثم أخذوا ما فيها من فضة وثياب وكل أمر ذو قيمة وخرجوا، ثم حفروا حفرة وأخفوا فيها الغنائم. وعادوا إلى محلة الآراميين ودخلوا خيمة ثانية وأخذوا ما فيها ومضوا وحفروا فى الأرض وأخفوا ما أخذوه. وإذ شعروا أنهم أمام كنز عظيم، فأخذوا منه قدر ما استطاعوا أن يحملوا.
ع9: بعد أخذ غنائم من الخيمتين شعرا الأربعة برص أن أمامهم معسكر ملآن بالخيام، داخلها وحولها غنائم كثيرة، فانتبهوا إلى أنفسهم وقالوا أنه ليس حسنًا أن نؤجل تبشير اخوتنا فى السامرة؛ حتى يأتوا وياكلوا ويأخذوا هم أيضًا غنائم كثيرة. وقرروا الإسراع بإخبار الملك أثناء الليل، حتى لا يصيبهم ضرر، إن أتى الصباح، فقد يغضب عليهم الملك؛ لتأخرهم فى إخباره. وبالأكثر يغضب الله عليهم لإهمالهم تبشير اخوتهم وانغماسهم فى الأنانية، فلم يشعروا بجوع اخوتهم. ومن الأمور الجميلة أنهم أسرعوا ليخبروا الحراس الواقفين أمام بيت الملك، فتأجيل تبشير الآخرين وإسعادهم أمر خطير يغضب منه الله.
وإن كان هؤلاء البرص هم جيحزى وأولاده فقد انتقل جيحزى من الطمع والأنانية التى اتصف بها فى قصة نعمان ليأخذ هدايا، إلى الإحساس بالآخرين والشعور باحتياجاتهم والاهتمام بإشتراكهم فى نعمة الله وبركاته ليخرجوا من الجوع ويشبعوا بل يتمتعوا بالرخاء.
? إهتم أن تعتنى بمن حولك روحيًا وتشجعهم على الارتباط بالكنيسة، ليذوقوا حلاوة عشرة الله وتكسبهم للمسيح. واحرص أن تذوق أنت أولاً عشرة الله فى الكنيسة، من خلال الأسرار ووسائط النعمة، لكيما إذا اختبرت قوة الله فيك، تتحرك بحماس، لتدعو الآخرين، ليرتبطوا بالله كما أكل البرص وشبعوا، فتحرك قلبهم محبة نحو اخوتهم وأسرعوا يبشرونهم؛ ليخرجوا هم أيضاً ويأكلوا ويأخذوا غنائم.
ع10: وصل الأربعة برص إلى باب مدينة السامرة ولم يدخلوا، لأنه ممنوع عليهم الدخول؛ لأجل برصهم، فنادوا على بواب المدينة، الذى إذ سمع صياحهم فتح الباب وخرج إليهم. فأخبروه بأنهم دخلوا معسكر الآراميين فلم يجدوا هناك أحدًا، ولا جنديًا واحدًا، ولكن وجدوا خيلاً وحميرًا مربوطة وخيامًا لا تزال قائمة بكل محتوياتها.
ع11: أخبر بواب المدينة زملاءه البوابين عند باب المدينة وأرسل فأخبر بوابو بيت الملك ليلاً وأوصاهم أن يخبروا الملك فكلموا المسئولين داخل البيت وأعلموا الملك بما حدث.
ع12: عندما سمع الملك لم يصدق أن قوة الله قد طردت الآراميين، فتركوا ممتلكاتهم وهربوا، وبهذا تتحقق نبوة أليشع النبى. ولكنه بعقله تشكك فيما حدث وظن أنه خدعة من الآراميين، الذين تركوا خيامهم واختبأوا فى أحد الحقول؛ ليكونوا كمينًا لسكان السامرة، الذين إذا خرجوا ليأخذوا الغنائم ينقض عليهم الآراميون ويقتلونهم ويقتحموا المدينة ويحتلونها.
وهذا الكلام المتشكك، إن دققنا فيه، فهو ليس منطقيًا؛ لأنه وإن كان الكمين فى الحرب منتشرًا فى هذه الأوقات ومعروفًا ولكن هناك أمورًا تمنع هذا الظن وهى :
- سكان السامرة فى خوف شديد، فكيف يتجاسرون ويرسلون جواسيس إلى محلة الآراميين ؟ وبالطبع لن يخرجوا لئلا يموتوا.
- سكان السامرة كانوا فى جوع شديد وكادوا يستسلمون، كما أظهر الملك فى(ص25، 33)، فالآراميون ليسوا محتاجين لعمل خطط جديدة للإيقاع بالمدينة.
? إن إعمال عقلك أكثر مما ينبغى يسقطك فى شدة، فترفض الإيمان بوعود الله، لأن وعوده تفوق العقل، فأطع وصايا الله، واثقًا من قوته التى تساندك؛ لتتمتع ببركات لا يعبر عنها.
ع13: إذ رأى أحد عبيد الملك ومشيريه تشكك الملك، قدم اقتراحًا للتأكد من وجود كمين، أو عدمه، فقال، فلنبحث عن خمسة خيول تكون قد بقيت فى المدينة، إذ قد ماتت باقى الخيول من الجوع، أو أصبحت ضعيفة غير قادرة على المشى، أو أكلها سكان المدينة؛ فنرسلها مع مركباتها وجنودها إلى محلة الآراميين؛ ليتأكدوا من عدم وجود أحد بالمعسكر وعدم وجود كمين، فإن عاشوا ورجعوا إلينا، فهم نظير ومقابل البشر الأحياء فى المدينة، فيعطون خبرًا مفرحًا ويعيش هؤلاء الأحياء بالغنائم، التى سيأخذونها. وإن قام عليهم الآراميون وقتلوهم، سيكونون مثل ونظير البشر والخيول التى ماتت، أى أن اقتراحه كان إرسال جواسيس، أو مندوبين؛ للتأكد من عدم وجود كمين.
ع14، 15: عجلتهم : إسراعهم.
بالفعل تم اعداد مركبتى خيل، انطلقتا بمن فيهم من الجنود، حتى وصلتا معسكر الآراميين، الذى كان خاليًا من الجنود، ثم استمروا فى السير، باحثين عن الآراميين، حتى وصلوا إلى نهر الأردن. وقد لاحظوا أن الطريق ملئ بالثياب والآنية، التى ألقى بها الآراميون أثناء هروبهم؛ لخوفهم وفزعهم، إذ كان غرضهم عبور نهر الأردن؛ لينطلقوا راجعين إلى بلادهم. والمسافة بين السامرة ونهر الأردن كبيرة وهذا يدل على مدى رعب الآراميين، الذى استمر مدة طويلة، حتى عادوا إلى بلادهم. وغالبًا كان الله يسمعهم صوت الجيوش المطاردة لهم، حتى فروا ورجعوا إلى بلادهم وقد أخبر الرسل الملك بكل ما رأوه.
ع16: خرج الشعب الجائع وسطوا على محتويات معسكر الآراميين، فأكلوا وشبعوا وامتلكوا غنائم كثيرة وبهذا تحققت نبوة أليشع، إذ أصبحت كيلة الدقيق بشاقل وكيلتا الشعير بشاقل، تمامًا كما تكلم الرب على فم نبيه.
(3) موت الجندى المستهزئ (ع17-20):
17- و اقام الملك على الباب الجندي الذي كان يستند على يده فداسه الشعب في الباب فمات كما قال رجل الله الذي تكلم عند نزول الملك اليه. 18- فانه لما تكلم رجل الله الى الملك قائلا كيلتا شعير بشاقل و كيلة دقيق بشاقل تكون في مثل هذا الوقت غدا في باب السامرة. 19- و اجاب الجندي رجل الله و قال هوذا الرب يصنع كوى في السماء هل يكون مثل هذا الامر قال انك ترى بعينيك و لكنك لا تاكل منه.20- فكان له كذلك داسه الشعب في الباب فمات
ع17-20: تأكد الملك من خلو معسكر الآراميين من الجنود ووجود غنائم وطعام كثير وانتشر الخبر فى المدينة، فكان فرح عظيم بين كل الشعب، الذين كادوا يموتون جوعًا، فتشددوا وأسرعوا لينهبوا طعامًا، فيأكلوا، ليعيشوا. وأسرع الملك لينظم حركة الخروج من المدينة، لئلا يدوس الشعب بعضهم بعض، من لهفتهم على الطعام؛ ليحيوا. وأرسل حارسه الخاص، أى الجندى الذى كان يستند عليه عند مشيه وغالبًا كان معه مجموعة من الجنود؛ لتنظيم خروج الناس. وفرح هذا الحارس وفى نفس الوقت خزى من أجل استهزائه بكلام الله، على فم نبيه أليشع، عندما كان واقفًا مع الملك على باب النبى. وحاول الحارس تنظيم الخروج قدر ما استطاع ولكن اندفاع الشعب الجائع كان أكبر من أى تخيل، حتى أنهم أسقطوا هذا الحارس على الأرض وداسوه بأقدامهم، فمات ولعل آخرين من الشعب قد سقطوا وماتوا أيضًا. وهكذا تحقق كلام أليشع، أن هذا الجندى سيرى تحقيق كلام الله، بوفرة الطعام، لكنه لن يأكل منه؛ لأنه سيكون قد مات.
? لا تتحدى الله وترفض كلامه؛ لأنه حتى لو حاربتك شكوك فقاومها؛ لأنه من أنت حتى تتمرد على الله. إن رحمة الله تأتى على الضعفاء ولكنها ترفض المستهزئين والمتمردين، فلا ينالوا إلا الغضب الإلهى.