عودة نعمى وراعوث إلى بيت لحم
(1) هجرة أليمالك (ع1-5): 1حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ, فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ. 2وَاسْمُ الرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ, وَاسْمُ امْرَأَتِهِ نُعْمِي, وَاسْمَا ابْنَيْهِ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ – أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا. فَأَتُوا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ وَكَانُوا هُنَاكَ. 3وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ رَجُلُ نُعْمِي, وَبَقِيَتْ هِيَ وَابْنَاهَا. 4فَأَخَذَا لَهُمَا امْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ, اسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى رَاعُوثُ. وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ. 5ثُمَّ مَاتَا كِلاَهُمَا مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ, فَتُرِكَتِ الْمَرْأَةُ مِنِ ابْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا.
ع1: حكم القضاة : هى فترة 450 عامًا بعد موت يشوع بن نون، اختلط فيها اليهود مع الوثنيين المحيطين، فغضب عليهم الله، واحتلهم وأذلهم الوثنيون، وحينئذ تابوا وأرسل لهم الله قاضٍ يحكم بشريعته ويخلصهم من الأعداء. ثم عادوا إلى الاختلاط بالأشرار، وغضب الله عليهم مرة ثانية وتكررت هذه القصة مرات كثيرة.
جوع : هى المجاعة التى حدثت أيام جدعون (قض6: 1-6، 11) وذلك بسبب نهب المديانيين والعمالقة لقوت اليهود. وكان ذلك تأديبًا من الله بسبب إهمالهم لشريعته واختلاطهم وزواجهم بالوثنيين.
بيت لحم يهوذا : قرية تقع جنوب أورشليم على بعد خمسة أميال، وهى التى ماتت عندها راحيل.. وفيها وُلِدَ المسيح فيما بعد. ولقبت ببيت لحم يهوذا لأنها تقع فى نصيب سبط يهوذا تمييزًا لها عن قرية أخرى تسمى بيت لحم تقع فى نصيب سبط زبولون.
موآب : هو ابن لوط، والموآبيون شعب ضايق بنى إسرائيل وأمرهم الله ألا يختلطوا بهم. وكانوا يسكنون شرق نهر الأردن.
فى أيام عصر القضاة، وبالتحديد أيام جدعون، حدثت مجاعة فى البلاد اليهودية. ولم يحتمل أحد اليهود، فهاجر إلى بلاد موآب الوثنية هو وزوجته وابناه. وكان هذا أمرًا خاطئًا ومخالفًا لشريعة الله، فلم يطلب إرشاد الله وذهب إلى شعب وثنى كان الله قد أمرهم ألا يختلطوا به (تث23: 3). فهو ضعف إيمان بقوة الله القادر أن يعوله وسط المجاعة، وخاصة أن هذه المجاعة كانت تأديبًا من الله بسبب إهمالهم لشريعته، فكان الأجدر به أن يتوب ويتمسك بوصايا الله.
? إذا حلَّت بك ضيقة، فارجع إلى الله بالتوبة واطلب معونته، ولا تعتمد على حلّ المشكلة بأفكارك المادية لئلا تبتعد أكثر عن الله. وثق أن إلهك يحبك ولن يتركك وسط الضيقة.
ع2: أليمالك : اسم معناه إلهى ملك.
نعمى : اسم معناه متنعمة القلب.
محلون : اسم معناه فقر ومرض.
كليون : اسم معناه خراب.
لم يسلك أليمالك بحسب اسمه، فيستقر فى أرضه متكلاً على الله، بل هاجر إلى بلاد الوثنيين وأخذ معه امرأته نعمى التى عاشت بحسب اسمها، أى ظلت متمسكة بعشرتها مع الله حتى فى بلاد الغربة، وكل أشواقها متعلقة بالرجوع إلا بلادها حيث عبادة الله فى خيمة الاجتماع. أما اسما ابنيه فيعبران عن الحالة السيئة، ليس فقط التى واجهته فى بلاده حيث المجاعة، ولكن بالأكثر للجوع والخراب الروحى الذى واجهه فى بلاد موآب. وكان الأجدر به أن يظل فى بيت لحم التى تعنى بيت الخبز والتى ترمز للخبز الروحى الذى يناله أولاد الله فى عشرتهم معه.
ع3: أراد الله أن يظهر غضبه على هذا التصرف الغير سليم روحيًا بالهجرة إلى بلاد بعيدة عنه، وبالتالى تصبح الحياة مع الله صعبة، فمات رب الأسرة “أليمالك” وهو فى سن صغير، فلم يبلغ الشيخوخة ولم يتمتع بالخيرات المادية التى كان يود أن يجدها فى موآب، بل تدنست حياته بالشر المحيط به ومات سريعًا.
ع4: عرفة : اسم موآبى معناه عنق أو خلف العنق.
راعوث : اسم موآبى معناه جميلة.
تزوج ابنا نعمى بزوجتين موآبيتين، وذلك على خلاف شريعة الله التى أمرت بالتباعد عنهم (تث23: 3)، وظلا فى حياة زوجية مدة عشر سنوات ولم ينجبا منهما. وهنا أيضًا يظهر الله غضبه عليهما، فلا يعطيهما ثمرًا فى البلاد الغريبة عن الإيمان لأنهم تركوا “أفراتة” (التى هى الاسم القديم لبيت لحم) ومعناه ثمر رمزًا لبركات الله لأولاده المتمسكين بالحياة الروحية معه. وعدد عشرة يرمز لفترة كاملة، أى أنهما لم يحصلا على ثمر مهما عاشا سنينًا طويلة بعيدًا عن الله.
ع5: يتكامل غضب الله فيموت الابنان محلون وكليون، وهكذا صارت نعمى وحيدة. ولعل الإنسان عندما يشعر بالوحدة يرجع إلى الله فيجد خلاصه، وهذا ما حدث فعلاً كما سنرى فى الأعداد التالية، إذ فكرت نعمى فى الرجوع إلى بلادها.
ونلاحظ هنا أن راعوث لم تنجب من زوجها الأول، محلون، وهذا يرمز إلى عدم قدرة الناموس على تقديم الخلاص والبركة، ولكنها أنجبت فيما بعد من بوعز وجاء من نسلها المسيح، وهذا يرمز إلى قدرة الكنيسة فى العهد الجديد على تقديم الخلاص والبنين الروحيين. فراعوث ترمز فى حياتها القديمة إلى كنيسة العهد القديم، ثم بزواجها من بوعز إلى كنيسة العهد الجديد.
(2) عودة عرفة (ع6-14):
6فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ, لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتَقَدَ شَعْبَهُ لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزاً. 7وَخَرَجَتْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَكَنَّتَاهَا مَعَهَا, وَسِرْنَ فِي الطَّرِيقِ لِلرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا. 8فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا: «اذْهَبَا ارْجِعَا كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا. وَلْيَصْنَعِ الرَّبُّ مَعَكُمَا إِحْسَاناً كَمَا صَنَعْتُمَا بِالْمَوْتَى وَبِي. 9وَلْيُعْطِكُمَا الرَّبُّ أَنْ تَجِدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا». فَقَبَّلَتْهُمَا, وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ. 10فَقَالَتَا لَهَا: «إِنَّنَا نَرْجِعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ». 11فَقَالَتْ نُعْمِي: «ارْجِعَا يَا بِنْتَيَّ. لِمَاذَا تَذْهَبَانِ مَعِي؟ هَلْ فِي أَحْشَائِي بَنُونَ بَعْدُ حَتَّى يَكُونُوا لَكُمَا رِجَالاً؟
12اِرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ وَاذْهَبَا لأَنِّي قَدْ شِخْتُ عَنْ أَنْ أَكُونَ لِرَجُلٍ. وَإِنْ قُلْتُ لِي رَجَاءٌ أَيْضاً بِأَنِّي أَصِيرُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِرَجُلٍ وَأَلِدُ بَنِينَ أَيْضاً, 13هَلْ تَصْبِرَانِ لَهُمْ حَتَّى يَكْبُرُوا؟ هَلْ تَنْحَجِزَانِ مِنْ أَجْلِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَا لِرَجُلٍ؟ لاَ يَا بِنْتَيَّ. فَإِنِّي مَغْمُومَةٌ جِدّاً مِنْ أَجْلِكُمَا لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ». 14ثُمَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ أَيْضاً. فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا, وَأَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا.
ع6، 7: كنتاها : الكنة هى زوجة الابن.
وصلت أخبار إلى نعمى بأن المجاعة قد انتهت من بلادها، ففكرت فى الرجوع إلى بيت لحم، خاصة وأنها أصبحت وحيدة بعد فقد زوجها وابنيها، فقامت من بيتها لتسافر وخرجت معها كنتاها لتودعاها وترافقاها فى طريق السفر.
ع8: شكرت نعمى كنتيها على توديعهما ومرافقتهما لها مسافة فى طريق السفر، وبلطف وأمومة طلبت منهما الاكتفاء بهذه المسافة والرجوع إلى المدينة.
وهذا يظهر كما سيأتى فى الأعداد التالية أن نعمى تتميز بحب وأمومة فياضة جعلت كنتيها تحبانها وتتعلقان بها، فلم تكن هناك أى غيرة بشرية أو محاولة للتسلط فى عشرتها لكنتيها فكانت مثالاً للحماة الروحية أى كأم ثانية. وطلبت نعمى من الله بركات لهما تقديرًا لمحبتهما لها ولزوجيهما اللذين ماتا، فنعمى تقدر مشاعر المحبة وتشكر عليها بل وتطلب من الله بركات للمحبين.
ع9: تمنت نعمى زواجًا سعيدًا لكنتيها، وهذا يظهر أيضًا عدم أنانيتها فى رفض زواج كنتيها من زوجين آخرين بعد ابنيها، فأمومتها تبحث أولاً عن راحة كنتيها. وأمام هذا الحب بين نعمى وكنتيها تأثرت مشاعر الكل وفاضت الدموع بل ارتفع صوت بكاءهن.
? قدر ما تقدم حبًا للآخرين، تكسب نفوسهم فيريدون الالتصاق بك وبالتالى يتعلمون منك محبة الله وترشدهم بسهولة إلى طريق الحق حتى ولو بدون كلام.
ع10: أظهرت كنتاها تعلقهما بها وأعلنتا أنهما لن تتركاها بل سترافقاها لتعيشا معها فى بلادها. وهذا يظهر مدى حبهما لها لأنها سبقت فقدمت حبًا كبيرًا لم تسمعا عنه ولا وجدتاه فى شعبهما. هكذا فأولاد الله ظاهرون مختلفون عن أهل العالم.
ع11: بمحبة رفضت نعمى أن ترافقاها لأنها لن تستطيع تقديم أزواج لهما، فهى ليست حبلى ولا متوقع أن تلد بنين ويكبرا ليتزوجاهما.
ونعمى هنا ترمز أيضًا مثل راعوث فى حياتها الأولى إلى عجز الناموس عن تقديم الخلاص والبنين والثمار. وهى تشير هنا لعبادة اليهود أنه إن مات أحد ولم ينجب يتزوج أخوه بامرأته وينسب الابن البكر المولود للزوج المتوفى (تث25: 5، 6).
ع12، 13: يد الرب قد خرجت على : أى سمح لى بضيقات وهى موت الزوج والابنين.
أضافت نعمى أنها قد كبرت فى السن لدرجة لن تسمح لها بزواج ثانٍ، وضعف الأمل فى أن تنجب بنين فى هذا السن، وبالتالى لن تستطيع أن تقدم لهما أزواج فى يوم من الأيام.
ثم قالت لو كان يمكن أن تحبل بنين، وهو افتراض مستحيل الحدوث، فستبقى مشكلة وهى هل تصبر كنتاها سنينًا طويلة إلى أن يكبر البنين وتكون هناك فرصة لزواج عرفة وراعوث منهم ؟!… هذا بالطبع احتمال ضعيف جدًا. من أجل كل هذا نسيت حاجتها لمرافقة كنتيها لها وفكرت فى راحتهما قبل نفسها.
ع14: اقتنعت عرفة بكلام حماتها فقبلتها وبكت كثيرًا وودعتها وعادت إلى مدينتها؛ أما راعوث فرفضت أن تودعها والتصقت بها.
وهنا نجد عرفة مثالاً للمحبة البشرية التى تقدر محبة الآخرين ولكن لها حدود وهى المنطق البشرى، فاقتنعت وعادت إلى بيتها. وهكذا اسمها يدل على ذلك لأن اسم عرفة معناه الرقبة أو ظهر الرقبة، أى أنها أعطت القفا لحماتها وعادت إلى مكانها. أما راعوث فهى تمثل المحبة الإلهية التى يهبها الله لأولاده والتى تفوق المحبة البشرية وكل منطق، فظلت ملتصقة بحماتها.
(3) نعمى وراعوث فى بيت لحم (ع15-22):
15فَقَالَتْ: «هُوَذَا قَدْ رَجَعَتْ سِلْفَتُكِ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا. ارْجِعِي أَنْتِ وَرَاءَ سِلْفَتِكِ. 16فَقَالَتْ رَاعُوثُ: «لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجِعَ عَنْكِ, لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلَهُكِ إِلَهِي. 17حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِي وَهَكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا الْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ». 18فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا مُشَدِّدَةٌ عَلَى الذَّهَابِ مَعَهَا كَفَّتْ عَنِ الْكَلاَمِ إِلَيْهَا. 19فَذَهَبَتَا كِلْتَاهُمَا حَتَّى دَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ. وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا بَيْتَ لَحْمٍ أَنَّ الْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ بِسَبَبِهِمَا, وَقَالُوا: «أَهَذِهِ نُعْمِي؟» 20فَقَالَتْ لَهُمْ: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ادْعُونِي مُرَّةَ, لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدّاً. 21إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي «نُعْمِيَ» وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟» 22فَرَجَعَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ كَنَّتُهَا مَعَهَا, الَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ, وَدَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ فِي ابْتِدَاءِ حَصَادِ الشَّعِيرِ.
ع15: سلفتك : زوجة شقيق الزوج.
فى محبة واهتمام من نعمى براعوث، حاولت منعها من مواصلة السفر معها وطلبت منها أن تعود إلى بلادها وآلهتها مثل سلفتها عرفة. فرغم حاجة نعمى للمساندة بسبب كبر سنها، لكنها فكرت فى راحة راعوث قبل راحتها.
ع16، 17: هكذا يفعل بى الرب وهكذا يزيد : صيغة قسم تعنى أنه إن تراجعت عن قسمى، أستحق عقابًا أكثر من العادى.
يظهر تألق محبة راعوث لحماتها، فطلبت منها ألا تكرّر إشفاقها عليها ودعوتها للعودة إلى أهلها لأن محبة راعوث فاقت كل محبة بشرية ويظهر ذلك فيما يلى :
- التصاقها بحماتها فى سفرها وفى إقامتها فى أى مكان تختاره.
- قبولها أن تنضم إلى شعب الله وتترك شعب موآب الوثنى، أى رغبتها فى أن تصير يهودية إذ تأثرت بصفات حماتها وإيمانها.
- إعلان إيمانها بالله وتركها للآلهة الوثنية التى يعبدها الموآبيون.
- إصرارها على الوجود مع حماتها طوال حياتها، أى حتى الموت، فلا يستطيع شئ أن يفصلها عن حماتها إلا عندما يشاء الله فتموت إحداهما.
- رجاءها فى الحياة الأبدية التى تترجاها حماتها، فحتى بعد الموت تريد أن تظل مع حماتها فتطلب أن تندفن فى الموضع الذى تدفن فيه حماتها.
ع18: أمام عظمة محبة راعوث وإصرارها على الالتصاق بحماتها، سكتت نعمى ولم تعد تطالبها بالرجوع إلى بلادها. وكان قلبها بالطبع مملوءًا فرحًا لأنها كانت تحب راعوث ففرحت بعشرتها لها على الدوام وبقبولها الانضمام إلى شعب الله والإيمان به.
ع19: واصلت نعمى وبرفقتها راعوث الطريق حتى وصلتا إلى بيت لحم، وعند دخولهما القرية بعد غيبة أكثر من عشر سنوات، اهتمت كل القرية باستقبال نعمى، وهذا يظهر ما يلى:
- مكانة نعمى كإنسانة تقية محبوبة من أقاربها وجيرانها.
- تغير حالة نعمى، فقد خرجت ومعها ثلاثة رجال هم زوجها وابناها، والآن تعود وحيدة وبرفقتها شابة غريبة الجنس وليس معها أى ممتلكات من الماشية أو غيرها، أى لم تستفد شيئًا من هجرتها بل عادت بحالة أسوأ مما كانت، فاستحقت الرثاء والحزن عليها من أهل قريتها.
ع20: قالت نعمى لمستقبليها من أهل القرية، معبرة عن حزنها، أنهم لا يعودون يدعونها نعمى بل مُرَّة، لأن الله قد سمح بتأديبها وذلك بترك بلادها فأتت عليها ضيقات كثيرة وهذه نتيجتها وهى عودتها وحيدة فقيرة … فهى تخضع لله ولتأديباته ولكنها تصف حالتها ونفسيتها المحتملة ضيقات شديدة.
ع21: واصلت نعمى كلامها فقالت إنى ذهبت من هنا إلى موآب وكنت ممتلئة، إذ كان لى زوج وولدان، والآن أعود فارغة بعد موتهم. وهى فى إيمان تقبل تأديب الله الذى أذلها وكسرها لأنها لم تؤمن أن تحيا معه وتعبده بين أهلها وطلبت الخيرات المادية ففقدت كل شئ.
ع22: يحدّد الكتاب المقدس ميعاد رجوع نعمى وراعوث إلى بيت لحم وهو أيام حصاد الشعير الذى يكون فى أواخر شهر مارس وأوائل شهر أبريل. وكان هذا بتدبير الله الذى سمح بتأديب لنعمى وراعوث ولكنه يستقبلهم بالخير بين شعبه، لأن أيام الحصاد تكون غنى وخير للأغنياء وأيضًا يعطون الفقراء الذين يلتقطون وراء الحصادين. وكانت هذه هى بداية البركات الإلهية لهذه الأسرة الحزينة والتى توالت بعدها بركات أخرى حتى كملت بزواج راعوث ببوعز الرجل العظيم لتصير بزواجها جدة للمسيح.
? إن سمح الله لك بالضيقات، فاقبلها بخضوع، وحينئذ إذ يرى الله طاعتك واتضاعك ورجوعك إليه يفيض عليك ببركات لا تتوقعها فتعوض كل ما فاتك.