راعوث فى حقل بوعز(1)
1وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا, جَبَّارُ بَأْسٍ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ, اسْمُهُ بُوعَزُ. 2فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ». فَقَالَتْ لَهَا: «اذْهَبِي يَا ابْنَتِي». 3فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ وَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَاتَّفَقَ نَصِيبُهَا فِي قِطْعَةِ حَقْلٍ لِبُوعَزَ الَّذِي مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ. 4وَإِذَا بِبُوعَزَ قَدْ جَاءَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: «الرَّبُّ مَعَكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ». 5فَقَالَ بُوعَزُ لِغُلاَمِهِ الْمُوَكَّلِ عَلَى الْحَصَّادِينَ: «لِمَنْ هَذِهِ الْفَتَاةُ؟» 6فَأَجَابَ: «هِيَ فَتَاةٌ مُوآبِيَّةٌ قَدْ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ, 7وَقَالَتْ: دَعُونِي أَلْتَقِطْ وَأَجْمَعْ بَيْنَ الْحُزَمِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَجَاءَتْ وَمَكَثَتْ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الآنَ. قَلِيلاً مَّا لَبِثَتْ فِي الْبَيْتِ».
ع1: يتكلم فى هذه الآية عن شخصية هامة فى هذا السفر وهى رجل يسمى بوعز، ومعنى اسمه ذو العز. وهو بالفعل رجل غنى وذو مكانة كبيرة فى بلده، قويًا فى مركزه. وكان قريبًا لأليمالك زوج نعمى. وهو يرمز للمسيح القادر على كل شئ والمساند لأولاده مهما كانوا ضعفاء، وقلبه مفتوح بالحب للكل، اليهود والأمم، كما استقبل بوعز فى حقله الفقراء من أهل بلده وراعوث الأممية.
ع2: سمعت راعوث من نعمى حماتها عن شريعة اليهود وهى أنهم، عند حصاد أو جمع محاصيلهم، إذا سقطت بعض السنابل من الحصادين أثناء الحصاد، يتركونها للفقراء الذين يلتقطونها خلفهم ليسدوا أعوازهم (تث24: 19-22؛ لا19: 9، 10؛ 23: 22)، فطلبت من حماتها أن تأذن لها لتذهب وتجمع سنابل الشعير وراء الحصادين فسمحت لها. وهذا يظهر أمرين :
- نشاط راعوث واهتمامها أن تعمل لتجد قوتها وقوت حماتها.
- اتضاعها وأدبها، فهى تستأذن حماتها فى كل عمل رغم أنه عمل خير وتحمل مسئولية منها لسد احتياجاتها هى وحماتها.
ع3: ذهبت راعوث تبحث فى القرية عن حقل شعير لتلتقط وراء الحصادين، وساقها تدبير الله إلى حقل بوعز قريب زوجها.
? الله ينتظر اهتمامك ونشاطك ليساعدك بنعمته وتدبيراته حتى تجد خلاصك، فهو يفرح بجهادك ونية قلبك ويكافئك ببركات كثيرة.
ع4: تظهر هنا شخصية بوعز كرجل يدير أملاكه باهتمام ونشاط، فخرج من بيته إلى حقولـه ليتفقد أعمال الحصاد بنفسه. ويظهر لطفه ومحبته فى تحيته للحصادين بعبارة روحية قائلاً “الرب معكم” أى الله يساعدكم فى أعمالكم ويبارككم. وهذه العبارة مازالت الكنيسة تستخدمها فى القداس الإلهى وينادى بها الكاهن الشعب فيردون عليه كما ردَّ الحصادون على بوعز إذ قالوا له عبارة روحية أيضًا جميلة وهى “يباركك الرب”، أى كما تمنى لهم بركة الله هكذا فهم أيضًا يردون له التحية بتمنى بركة الله أيضًا.
ع5: يظهر من هذا العدد دقة بوعز فى متابعة أعماله، فقد أقام مسئولاً من قبله فى متابعة الحصادين فى الحقل وتابع بنظره الحصادين وهم يحصدون وكذلك أيضًا الفقراء الذين يلتقطون خلفهم. فاسترعى انتباهه فتاة غريبة عن البلد، فقد تكون ملابسها مختلفة بالإضافة إلى شكلها، فسأل وكيله “لمن هذه الفتاة” أى تتبع أسرة مَن؛ لأن الفتاة تُنسَب لرجلها أو أبيها أو سيدها.
ع6: أخبره وكيله أنها الفتاة الموآبية التى عادت مع نعمى، لأن الخبر قد انتشر فى بيت لحم كلها بمحبة وإخلاص راعوث. وقد دعاها فتاة لصغر سنها.
ع7: البيت : هو خيمة يعملونها فى الحقل ليستريح فيها العمال من حر النهار. وقد يكون المقصود بيت نعمى.
تابع الوكيل كلامه وقال أن راعوث حضرت فى الصباح واستأذنت أن تلتقط وراء الحصادين، ولما لاحظوا نشاطها وأدبها سمحوا لها أيضًا أن تلتقط بين الحزم التى كانوا يجمعونها على جانب فتسقط منها بعض السنابل، لأنه ينبغى أن يكون من يلتقط أمينًا وإلا أخذ من الحزم نفسها. وهذا يوضح أن راعوث قد وجدت نعمة فى عينى الوكيل والحصادين فسمحوا لها بذلك. ويظهر نشاطها أيضًا أنها كانت تعمل طوال الوقت ولم تسترح إلا قليلاً فى البيت الذى هو غالبًا خيمة مقامة فى الحقل.
وترمز راعوث لكنيسة الأمم التى سعت إلى المسيح لتجد خلاصها، وتجاوبت مع دعوته وجاهدت فتفوقت على كنيسة اليهود، التى ترمز إليها نعمى، فقد لبثت فى البيت لضعفها. وقد وجدت كنيسة الأمم نعمة فى عينى المسيح وخدامه.
(2) حوار بوعز مع راعوث (ع8-16):
8فَقَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ: «أَلاَ تَسْمَعِينَ يَا ابْنَتِي؟ لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ, وَأَيْضاً لاَ تَبْرَحِي مِنْ هَهُنَا, بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي. 9عَيْنَاكِ عَلَى الْحَقْلِ الَّذِي يَحْصُدُونَ وَاذْهَبِي وَرَاءَهُمْ. أَلَمْ أُوصِ الْغِلْمَانَ أَنْ لاَ يَمَسُّوكِ؟ وَإِذَا عَطِشْتِ فَاذْهَبِي إِلَى الآنِيَةِ وَاشْرَبِي مِمَّا اسْتَقَاهُ الْغِلْمَانُ». 10فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ وَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيَّ وَأَنَا غَرِيبَةٌ!» 11فَأَجَابَ بُوعَزُ: «إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ بِحَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلِكِ, حَتَّى تَرَكْتِ أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَأَرْضَ مَوْلِدِكِ وَسِرْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ. 12لِيُكَافِئِ الرَّبُّ عَمَلَكِ, وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ». 13فَقَالَت: «لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي لأَنَّكَ قَدْ عَزَّيْتَنِي وَطَيَّبْتَ قَلْبَ جَارِيَتِكَ, وَأَنَا لَسْتُ كَوَاحِدَةٍ مِنْ جَوَارِيكَ». 14فَقَالَ لَهَا بُوعَزُ: «عِنْدَ وَقْتِ الأَكْلِ تَقَدَّمِي إِلَى هَهُنَا وَكُلِي مِنَ الْخُبْزِ وَاغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي الْخَلِّ». فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ الْحَصَّادِينَ فَنَاوَلَهَا فَرِيكاً, فَأَكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَضَلَ عَنْهَا. 15ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ غِلْمَانَهُ: «دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ الْحُزَمِ أَيْضاً وَلاَ تُؤْذُوهَا. 16وَأَنْسِلُوا أَيْضاً لَهَا مِنَ الْحُزَمِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا».
ع8، 9: ألا تسمعين يا بنتى : عبارة معناها اسمعى باهتمام يا بنتى.
تظهر أبوة بوعز ورعايته فى اهتمامه براعوث، إذ دعاها وقال لها اسمعى يا بنتى، فقد تحولت من غريبة إلى ابنة محبوبة .. هذه هى نعمة الله المعطاة لأولاده المجاهدين. ورحب بها أن تجمع فى حقوله بل شدّد عليها ألا تذهب إلى حقل آخر حتى لا يضايقها أحد. وأوصى وكلاءه أن يهتموا بها ولا يسيئوا إليها، فاعتبرها واحدة من الفتيات المعروفات له والمسموح لهن بالالتقاط وراء الحصادين. بل يظهر حنانه أيضًا بأنه سمح لها أن تشرب من آنية الماء التى يشرب منها الحصادون إذا عطشوا أثناء العمل فى حر النهار.
وآنية الماء ترمز للكنيسة التى يفيض منها الروح القدس على كل العاملين فى حقل الخدمة والجهاد الروحى.
وملازمة راعوث لفتيات بوعز ترمز لمشاركة الإنسان الروحى لإخوته فى الكنيسة فى جهادهم الروحى فيتشجع بهم.
ومعاملة بوعز الطيبة لراعوث ترجع إلى :
- أنه رجل تقى ينفذ وصية الشريعة بإضافة الغرباء (خر23: 9 ؛ لا19: 33، 34).
- أنه سمع بمحبتها وإخلاصها لحماتها ثم خروجها للعمل لسد احتياجاتها هى وحماتها.
- أنها قريبته عن طريق زوجها.
ع10: تعجبت راعوث من هذه المعاملة الطيبة التى عاملها بها بوعز، فلم تجد مثلها فى موآب فى تعامل أهل البلد مع الغرباء، فسجدت أمامه تقديرًا لمحبته وقالت له ما هذه النعمة العظيمة التى نلتها فى عينيك.
ع11: إذ رأى بوعز اتضاعها وتقديرها لمحبته امتدحها بما يلى :
- إخلاصها ومحبتها فى مرافقة حماتها والاهتمام بها.
- ترك والديها وشعبها لتعيش وسط شعب غريب عنها من أجل رعاية حماتها والتمتع بعشرتها.
ع12: يواصل بوعز مديحه لراعوث فى تركها لآلهتها الوثنية والتجائها إلى الله الذى آمنت به لتحتمى برعايته، فيطلب من الله لها المكافأة عن هذا الإيمان وهو التمتع بعشرة الله بالإضافة لكل البركات المادية على الأرض.
ع13: شكرت راعوث بوعز على محبته وطلبت منه أن يديم لها هذه النعمة، وأعلنت أنها قد نالت تعزية كبيرة بمحبته لها سندتها فى محنتها، فقد فقدت رجلها وتعيش فى بلد غريب وتحيا كفقيرة. وفى اتضاع طلبت أن تكون جارية عنده، مع أنها إنسانة لها مكانة فى بلدها، ولكن هذا هو الاتضاع الذى يحرك القلوب بالحب نحو المتضع.
? على قدر ما تتضع أمام الناس وتشكرهم على إحساناتهم وتقدر كل أعمالهم الطيبة، تكسب قلوبهم وتنال بركات من الله ومحبة زائدة من الناس.
ع14: الخل : هو المخلوط بزيت الزيتون ويشبه السلاطة.
فريكًا : هو حبوب القمح الطرية التى تشوى ثم تؤكل إما نيئة أو مطبوخة.
استمر بوعز فى إكرامه لراعوث، فاعتبرها كأحد الحصادين العاملين عنده، ودعاها وقت الطعام لتأكل معهم من الخبز وتغمس أيضًا فى الخل، وأعطاها أيضًا فريكًا كثيرًا فأكلت وفاض معها.
ع15، 16: الشمائل : الحزم.
انسلوا : اتركوا بعض السنابل تسقط من الحزم التى جمعتموها كأنها سقطت سهوًا على الأرض حتى لا يحرجوا راعوث.
بعد أن أكلت راعوث، قامت بنشاط لتواصل التقاطها للسنابل وراء الحصادين وكذلك بين الحزم التى جمعوها على جانب، فقد وثق بوعز وحصادوه فى أمانتها، بل بمحبة أراد بوعز أن يعطيها سنابل أكثر، وحتى لا يحرجها قال لحصاديه أنه إذا سارت وراءهم يخرجوا بعض السنابل من الحزم التى يجمعونها ويتركونها تسقط على الأرض كأنها سقطت سهوًا لتجمع راعوث سنابل أكثر… إنها رقة مشاعر عجيبة تميز بها بوعز.
(3) راعوث فى بيت نعمى (ع17-23):
17فَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ إِلَى الْمَسَاءِ, وَخَبَطَتْ مَا الْتَقَطَتْهُ فَكَانَ نَحْوَ إِيفَةِ شَعِيرٍ. 18فَحَمَلَتْهُ وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةَ. فَرَأَتْ حَمَاتُهَا مَا الْتَقَطَتْهُ. وَأَخْرَجَتْ وَأَعْطَتْهَا مَا فَضَلَ عَنْهَا بَعْدَ شِبَعِهَا. 19فَقَالَتْ لَهَا حَمَاتُهَا: «أَيْنَ الْتَقَطْتِ الْيَوْمَ وَأَيْنَ اشْتَغَلْتِ؟ لِيَكُنِ النَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكاً». فَأَخْبَرَتْ حَمَاتَهَا بِالَّذِي اشْتَغَلَتْ مَعَهُ وَقَالَتِ: «اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَغَلْتُ مَعَهُ الْيَوْمَ بُوعَزُ». 20فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا: «مُبَارَكٌ هُوَ مِنَ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْمَعْرُوفَ مَعَ الأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى». ثُمَّ قَالَتْ لَهَا نُعْمِي: «الرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا. هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا». 21فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ: «إِنَّهُ قَالَ لِي أَيْضاً لاَزِمِي فِتْيَانِي حَتَّى يُكَمِّلُوا جَمِيعَ حَصَادِي». 22فَقَالَتْ نُعْمِي لِرَاعُوثَ كَنَّتِهَا: «إِنَّهُ حَسَنٌ يَا ابْنَتِي أَنْ تَخْرُجِي مَعَ فَتَيَاتِهِ حَتَّى لاَ يَقَعُوا بِكِ فِي حَقْلِ آخَرَ». 23فَلاَزَمَتْ فَتَيَاتِ بُوعَزَ فِي الاِلْتِقَاطِ حَتَّى انْتَهَى حَصَادُ الشَّعِيرِ وَحَصَادُ الْحِنْطَةِ. وَسَكَنَتْ مَعَ حَمَاتِهَا.
ع17: خبطت : ضربت بعصا سنابل القمح ففصلت الحبوب عن القش.
إيفة : مكيال يسع 22.9 لترًا أى ما يساوى حوالى 17 كجم من القمح.
استمرت راعوث فى التقاط السنابل بنشاط حتى المساء أى نهاية اليوم، فجمعت سنابل كثيرة خبطتها وفصلت حبوبها وحدها فكان مقدار الحبوب حوالى إيفة من الشعير، وهو مقدار كبير لا تستطيع الفتاة العادية أن تلتقطه خلال يوم ولكنها بركة الله وكرم بوعز. وهذا المقدار من الشعير يكفى لقوت راعوث وحماتها أيامًا كثيرة.
ع18: أسرعت راعوث إلى بيت حماتها لتقدم لها الشعير الذى جمعته ولتعطيها أيضًا مما فضل عنها بعد أكلها من الفريك والخبز. إنها مشاعر الحب التى لا تريد أن تأكل وحدها بل لابد أن تشرك حماتها معها فيما تأكل.
? ليتك تشعر بمن حولك، أهل بيتك والفقراء، فتمتعهم بما تتمتع به، ليس فقط من ماديات، بل أيضًا تشركهم فيما تتمتع به من روحيات، فتحدثهم عما سمعته عن الله وتشجعهم على الارتباط بالكنيسة.
ع19: إذ رأت نعمى ملامح الفرح على وجه راعوث والخير الذى أتت به من الحقل، سألتها عن الحقل الذى التقطت فيه، وباركت كل من قابلها أثناء التقاطها لأنها فرحت بمنظرها وبالخير الذى معها. فأجابت راعوث أنها التقطت فى حقل رجل يسمى بوعز.
ع20: الولى : هو أقرب إنسان للمتوفى، وهو الذى من حقه أن يدفع ما على حقول المتوفى من رهن ليرد ميراثه له ويتزوج بامرأته لينجب نسلاً على اسمه.
فرحت نعمى أن راعوث التقطت فى حقل بوعز وطلبت البركة له من الله بعدما عرفت من راعوث كل ما أكرمها به، وامتدحته لأنه صنع خيرًا مع الأحياء وهما نعمى وراعوث ومع الأموات وهم أليمالك ومحلون وكليون، فإكرامه لراعوث هو إكرام لنعمى ولزوجها وابنيها الذين ماتوا. وبهذا يظهر تقدير نعمى للمعروف وشكرها عليه. ثم أعلمت راعوث أن بوعز هو ثانى ولى لهم أى يوجد ولى أقرب منه لراعوث ثم بوعز هو الولى الثانى.
ويرمز الولى الأول للناموس الذى يعجز عن فدائنا (كما سيتضح فى ص4)، أما الولى الثانى أى بوعز فيرمز للمسيح الذى فدانا على الصليب.
ع21: أخبرت راعوث نعمى أيضًا عن معاملة بوعز الطيبة لها، فقد دعاها لتستمر فى التقاط الحبوب بحقوله حتى نهاية الحصاد، ليس فقط حصاد الشعير بل أيضًا حصاد القمح الذى يليه.
ع22: فرحت نعمى بهذا الترحيب من بوعز وأكدت على راعوث أن تظل فى حقوله لتجد هذه المعاملة الطيبة وحتى لا يسئ إليها أحد فى الحقول الغريبة.
ع23: أطاعت راعوث فى فرح واستمرت فى التقاط السنابل طوال فترة حصاد الشعير والقمح وكانت تأتى بكل ما تجمعه إلى حماتها وتهتم بخدمتها.
إن راعوث مثال للمثابرة والنشاط والحب وخدمة الآخرين. وهى ترمز للمجاهدين الروحيين طوال حياتهم حتى ينالوا الملكوت.