الانتصار على الفلسطينيين
(1) انتصار يوناثان على الفلسطينيين (ع1-17)
1وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ قَالَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ لِلْغُلاَمِ حَامِلِ سِلاَحِهِ: «تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى حَفَظَةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ الَّذِينَ فِي ذَلِكَ الْعَبْرِ». وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ. 2وَكَانَ شَاوُلُ مُقِيماً فِي طَرَفِ جِبْعَةَ تَحْتَ الرُّمَّانَةِ الَّتِي فِي مِغْرُونَ, وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَهُ نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ. 3وَأَخِيَّا بْنُ أَخِيطُوبَ أَخِي إِيخَابُودَ بْنِ فِينَحَاسَ بْنِ عَالِي كَاهِنُ الرَّبِّ فِي شِيلُوهَ كَانَ لاَبِساً أَفُوداً. وَلَمْ يَعْلَمِ الشَّعْبُ أَنَّ يُونَاثَانَ قَدْ ذَهَبَ. 4وَبَيْنَ الْمَعَابِرِ الَّتِي الْتَمَسَ يُونَاثَانُ أَنْ يَعْبُرَهَا إِلَى حَفَظَةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَسِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ, وَاسْمُ الْوَاحِدَةِ «بُوصَيْصُ» وَاسْمُ الأُخْرَى «سَنَهُ». 5وَالسِّنُّ الْوَاحِدُ عَمُودٌ إِلَى الشِّمَالِ مُقَابَِلَ مِخْمَاسَ, وَالآخَرُ إِلَى الْجَنُوبِ مُقَابَِلَ جِبْعَ. 6فَقَالَ يُونَاثَانُ لِلْغُلاَمِ حَامِلِ سِلاَحِهِ: «تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى صَفِّ هَؤُلاَءِ الْغُلْفِ, لَعَلَّ اللَّهَ يَعْمَلُ مَعَنَا, لأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِالْكَثِيرِ أَوْ بِالْقَلِيلِ».
7فَقَالَ لَهُ حَامِلُ سِلاَحِهِ: «اعْمَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ. تَقَدَّمْ. هَئَنَذَا مَعَكَ حَسَبَ قَلْبِكَ». 8فَقَالَ يُونَاثَانُ: «هُوَذَا نَحْنُ نَعْبُرُ إِلَى الْقَوْمِ وَنُظْهِرُ أَنْفُسَنَا لَهُمْ. 9فَإِنْ قَالُوا لَنَا: دُومُوا حَتَّى نَصِلَ إِلَيْكُمْ. نَقِفُ فِي مَكَانِنَا وَلاَ نَصْعَدُ إِلَيْهِمْ. 10وَلَكِنْ إِنْ قَالُوا: «اصْعَدُوا إِلَيْنَا. نَصْعَدُ, لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِنَا, وَهَذِهِ هِيَ الْعَلاَمَةُ لَنَا. 11فَأَظْهَرَا أَنْفُسَهُمَا لِصَفِّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ: «هُوَذَا الْعِبْرَانِيُّونَ خَارِجُونَ مِنَ الثُّقُوبِ الَّتِي اخْتَبَأُوا فِيهَا». 12فَأَجَابَ رِجَالُ الصَّفِّ يُونَاثَانَ وَحَامِلَ سِلاَحِهِ: «اِصْعَدَا إِلَيْنَا فَنُعَلِّمَكُمَا شَيْئاً». فَقَالَ يُونَاثَانُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: «اصْعَدْ وَرَائِي لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ». 13فَصَعِدَ يُونَاثَانُ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ وَرَاءَهُ. فَسَقَطُوا أَمَامَ يُونَاثَانَ, وَكَانَ حَامِلُ سِلاَحِهِ يُقَتِّلُ وَرَاءَهُ. 14وَكَانَتِ الضَّرْبَةُ الأُولَى الَّتِي ضَرَبَهَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ نَحْوَ عِشْرِينَ رَجُلاً فِي نَحْوِ نِصْفِ فَدَّانِ أَرْضٍ. 15وَكَانَ ارْتِعَادٌ فِي الْمَحَلَّةِ فِي الْحَقْلِ وَفِي جَمِيعِ الشَّعْبِ. الصَّفُّ وَالْمُخَرِّبُونَ ارْتَعَدُوا هُمْ أَيْضاً, وَرَجَفَتِ الأَرْضُ فَكَانَ ارْتِعَادٌ عَظِيمٌ. 16فَنَظَرَ الْمُرَاقِبُونَ لِشَاوُلَ فِي جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ, وَإِذَا بِالْجُمْهُورِ قَدْ ذَابَ وَذَهَبُوا مُتَبَدِّدِينَ. 17فَقَالَ شَاوُلُ لِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ: «عُدُّوا الآنَ وَانْظُرُوا مَنْ ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا». فَعَدُّوا, وَهُوَذَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ.
ع1: كان اليأس يحيط بالشعب الإسرائيلى بسبب قوة الفلسطينيين وقلة عدد الجيش المرافق لشاول، ولكن امتلأ يوناثان رجاءً وفكر بشجاعة فى عبور الوادى الفاصل بين مخماس مكان الفلسطينيين وبين جبعة بنيامين، فطلب من الرجل الذى يحمل السلاح ويرافقه أن يذهب معه وتعمد ألا يخبر أباه لأنه علم أنه سيمنعه من ذلك.
ع2: أما شاول والستمائة رجل الذين معه فقد اختبأوا واحتموا تحت ظلال شجر للرمان لمراقبة الفلسطينيين من أحد أطراف الجبعة، وكانت حديقة الرمان هذه تقع فى منطقة تسمى مغرون ومعناها “المنحدر”.
ع3: هذا العدد اعتراضى ولا شأن له بالأحداث فهو ينقلنا إلى “شيلوه” حيث خيمة الاجتماع ويعلمنا أن الكاهن الحالى أو رئيس الكهنة الحالى الذى يلبس الأفود (من ملابس الكهنة) هو “أخيا” والذى كان عمه “إيخابود” ابن فينحاس ابن عالى وإيخابود هذا هو الذى ماتت أمه بعد ولادته (ص4: 21). ولعل أخيا هو أخيمالك الذى ذهب إليه داود فى مدينة نوب (ص22: 9) ويذكر أخياهنا لأن شاول الملك سيستشيره فى أمور الحرب كما سيأتى فيما بعد (ع18، 19). ونرجع بعد هذا لتتابع الأحداث فنعلم أن يوناثان ذهب لمكان الفلسطينيين دون علم أحد من الشعب.
ع4، 5: بوصيص : لامع.
سنة : اسم يطلق على شجرة السنط.
حتى يصل يوناثان إلى الفلسطينيين كان عليه العبور من ممر ضيق فى الوادى، وعلى جانبى هذا الممر صخرتان متقابلتان ومدينتان، اسم الأولى بوصيص والثانية سنة، وكانت قمة الصخرة الأولى مدينة تتجه نحو الشمال فى اتجاه مخماس والأخرى إلى الجنوب فى اتجاه جبعة بنيامين.
ع6: الغلف : هم غير المختونين والمقصود الفلسطينيون.
بعد أن اختمرت الفكرة فى ذهن يوناثان، فاتح حامل سلاحه بما فى قلبه ليشجعه فى المضى معه، فدعاه للعبور إلى معسكر الفلسطينيين موضحًا قوة الله الذى يستطيع أن يخلص فى كل حين بصرف النظر عن عدد الأعداء.
ع7: كانت إجابة الرجل قوية وتلقائية وقال ليوناثان افعل كل ما يحلو لك وتراه صائبًا، فأنا معك وتابعك فى كل ما تصنع وتفعل ويدفعك عليه قلبك وفكرك.
- كانت إجابة الرجل ليوناثان تحمل أكثر من معنى جميل؛ فبالرغم من الخطر الشديد إلا أننا نجد أنفسنا أمام تبعية وطاعة ووفاء ورجولة لا مثيل لهم. ليتنا نتعلم أن نطيع الكنيسة وآباءنا الروحيين الذين لن يعرضونا للمخاطر بل يحمونا منها.
ع8-10: بعد أن صلى يوناثان تحدث مع حامل سلاحه قائلاً، سنطلب من الله أن يعطينا علامة، وهى أننا أولاً نظهر أنفسنا للفلسطينيين فى مكان متوسط بين الجبعة ومخماس، فإذا قالوا لنا قفوا مكانكم حتى نأتى إليكم نعلم أن الله لا يريدنا أن نصعد إليهم ونعود إلى الجبعة، أما إذا طلب الفلسطينيون الصعود إليهم، نعلم أن الله سيعطينا القوة والنصرة حتى نصعد وننتصر عليهم.
ع11: بالفعل عبر الاثنان الممر الضيق وأظهرا أنفسهما للفلسطينيين، أما الفلسطينيون فبمنتهى التهكم والسخرية وبتعبير مجازى وصفوا الرجلين بأنهما كالفئران التى تخرج من ثقوب منقورة فى الجبال، وبالطبع المقصود ليس يوناثان ورفيقه بل كل العبرانيين.
ع12: طلب رجال الفلسطينيين من يوناثان وغلامه الصعود، وقالوا لهما لنعلّمكما شيئًا والمقصود أنهم سينتصروا عليهما ليعلما ضعفهما أمام قوة الفلسطينيين.
أما يوناثان فقد اعتبر ما قاله الفلسطينيون لهما بالصعود، إنما هى العلامة المنتظرة من الله، ولهذا شجع حامل سلاحه قائلاً أن الرب دفع الفلسطينيين لأيدى إسرائيل، أى أن الله سيعطينا النصرة عليهم.
ع13: كان التل الذى يقف عليه عسكر الفلسطينيون مرتفعًا بانحدار، فاضطر يوناثان وحامل سلاحه أن يصعدا على أيديهما وأرجلهما متسلقين، وكان الفلسطينيون ينظرون إليهم باستهزاء، إذ هما مجرد اثنين صاعدين ليحاربا جمع كبير من الفلسطينيين. وهذا غرور من الفلسطينيين سمح به الله ليعرفهم قوته مع المتضعين حتى لو كانوا قليلين جدًا أى جنديين فقط. فأعطى الرب النصرة ليوناثان وحامل سلاحه، فكان يوناثان يقتل من أمام وحامل سلاحه يقتل كل من كان آتيًا من الخلف؛ ولتخيل الوضع وضع يوناثان وحامل سلاحه ظهرهما فى ظهر بعض ليحمى كل منهما ظهر الآخر.
ع14: نصف تلم فدان : تعبير واصطلاح معناه نصف المساحة التى يحرثها المحراث فى يوم واحد وهى مساحة صغيرة.
أما يوناثان والرجل الذى معه فقد تمكنا من قتل عشرين رجلاً من الفلسطينيين فى مساحة ضيقة جدًا والتى كان ينتظر فيها رجال الاستطلاع لمعسكر الفلسطينيين، أى أنهما لم يتوغلا داخلاً فى مخماس حيث باقى الجيش الفلسطينى.
ع15: الصف : الرجال المصطفون والمستعدون للحرب.
حل الخوف والارتعاب فى قلوب الفلسطينيين بكل فئاتهم، المستطلعين والمستعدين فى المعسكر والموجودين بالحقول والمخربين (قاطعى الطريق) منهم، ولعلهم شعروا أن يوناثان وحامل سلاحه هما مقدمة لأعداد كبيرة من بنى إسرائيل بدأت تهجم عليهم، بالإضافة إلى عمل الله الذى أوقع الخوف فى قلوبهم فهربوا فى ارتباك وخوف شديد.
ع16: أما المراقبين، الذين وضعهم شاول لمراقبة جيوش الفلسطينيين من فوق تل جبعة بنيامين، فقد نزلوا وأخبروا شاول بكل ما رأوه وكيف أن الفلسطينيين خافوا وارتعبوا رعبًا عظيمًا وهربوا وتبددوا.
ع17: فهم شاول بالطبع أن هناك من ذهب وصنع شيئًا أرهب به الفلسطينيين، فأمر بعدّ وحصر رجاله، وبالفعل تم الحصر ونتج عنه اكتشاف غياب يوناثان والرجل حامل سلاحه.
(2) مطاردة الفلسطينيين الهاربين (ع18-23)
18فَقَالَ شَاوُلُ لأَخِيَّا: «قَدِّمْ تَابُوتَ اللَّهِ». (لأَنَّ تَابُوتَ اللَّهِ كَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ). 19وَفِيمَا كَانَ شَاوُلُ يَتَكَلَّمُ بَعْدُ مَعَ الْكَاهِنِ, تَزَايَدَ الضَّجِيجُ الَّذِي فِي مَحَلَّةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَثُرَ. فَقَالَ شَاوُلُ لِلْكَاهِنِ: «كُفَّ يَدَكَ». 20وَصَاحَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى الْحَرْبِ, وَإِذَا بِسَيْفِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ. اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ جِدّاً. 21وَالْعِبْرَانِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ, الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُمْ إِلَى الْمَحَلَّةِ مِنْ حَوَالَيْهِمْ, صَارُوا هُمْ أَيْضاً مَعَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ مَعَ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ. 22وَسَمِعَ جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ اخْتَبَأُوا فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ أَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَرَبُوا, فَشَدُّوا هُمْ أَيْضاً وَرَاءَهُمْ فِي الْحَرْبِ. 23فَخَلَّصَ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَعَبَرَتِ الْحَرْبُ إِلَى بَيْتِ آوِنَ.
ع18: كان “أخيا” هو رئيس الكهنة فى ذلك الوقت، وكان التابوت قد نُقِلَ من “يعاريم” إلى جبعة بنيامين حيث معسكر شاول ورجاله، فطلب شاول من “أخيا” الكاهن أن يقف أمام التابوت ليسأل الرب عما عساه أن يفعل إسرائيل.
ع19: بدأ أخيا فعلاً فى الصلاة وطلب مشورة الله، ولكن مع ارتباك الفلسطينيين وازدياد صياحهم عند انسحابهم، اطمأن شاول نسبيًا. وبتسرع أيضًا غير مبرر، أمر الكاهن أن يكف عن الصلاة ورفع الأيدى إلى الله. وهذا يوضح كبرياءه وعدم اهتمامه بالخضوع لصوت الله.
ع20: صاح شاول صيحة الحرب دافعًا بذلك كل الشعب الذين معه إلى الحرب والانطلاق إلى مكان الفلسطينيين، الذين بسبب خوفهم أسرعوا للخروج من مضيق مخماس، ومع ازدحامهم، بدأ كل واحد فيهم بقتل القريب منه حتى تكتب له وحده النجاة … فكانوا يقتلون بعضهم بعضاً.
ع21، 22: أما العبرانيون، الذين كانوا مُحَتَلين من الفلسطينيين فى مخماس أو حولها، فانضموا إلى شاول، الذى اقترب هو وابنه يوناثان منهم، وقاتلوا معهم باقى الفلسطينيين، وكذلك فعل كل الإسرائيليين المختبئين من الفلسطينيين فى كهوف جبل إفرايم عندما سمعوا بانكسار الفلسطينيين، فتشدد الجميع وسعوا وراء الفلسطينيين الهاربين.
ع23: بيت أون : بيت الأصنام وتقع بين بيت إيل ومخماس.
أعطى الرب الخلاص لشعبه بعدد الرجال القليل، وبعد أن كانت الحرب فى مخماس بأراضى الإسرائيليين، انتقلت إلى مكان يدعى بيت أون غرب مخماس.
- الله هو صانع النصرة وعليك أن تتابع وتكمل انتصارك على الشيطان، فعندما يرفع الله عنك خطية ما فلابد أن يزداد تمسكك بوصاياه وتستكمل جهادك الروحى فيخاف الشيطان ويهرب منك.
(3) صوم الشعب (ع24-31)
24وَضَنُكَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لأَنَّ شَاوُلَ حَلَّفَ الشَّعْبَ قَائِلاً: «مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَأْكُلُ خُبْزاً إِلَى الْمَسَاءِ حَتَّى أَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَائِي». فَلَمْ يَذُقْ جَمِيعُ الشَّعْبِ خُبْزاً. 25وَجَاءَ كُلُّ الشَّعْبِ إِلَى الْوَعْرِ وَكَانَ عَسَلٌ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ. 26وَلَمَّا دَخَلَ الشَّعْبُ الْوَعْرَ إِذَا بِالْعَسَلِ يَقْطُرُ وَلَمْ يَمُدَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَى فَمِهِ, لأَنَّ الشَّعْبَ خَافَ مِنَ الْقَسَمِ. 27وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَلَمْ يَسْمَعْ عِنْدَمَا اسْتَحْلَفَ أَبُوهُ الشَّعْبَ, فَمَدَّ طَرَفَ النُّشَّابَةِ الَّتِي بِيَدِهِ وَغَمَسَهُ فِي قَطْرِ الْعَسَلِ وَرَدَّ يَدَهُ إِلَى فَمِهِ فَاسْتَنَارَتْ عَيْنَاهُ. 28فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَ الشَّعْبِ: «قَدْ حَلَّفَ أَبُوكَ الشَّعْبَ قَائِلاً: مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَأْكُلُ خُبْزاً الْيَوْمَ. فَأَعْيَا الشَّعْبُ». 29فَقَالَ يُونَاثَانُ: «قَدْ كَدَّرَ أَبِي الأَرْضَ. انْظُرُوا كَيْفَ اسْتَنَارَتْ عَيْنَايَ لأَنِّي ذُقْتُ قَلِيلاً مِنْ هَذَا الْعَسَلِ. 30فَكَمْ بِالْحَرِيِّ لَوْ أَكَلَ الْيَوْمَ الشَّعْبُ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَائِهِمِ الَّتِي وَجَدُوا! أَمَا كَانَتِ الآنَ ضَرْبَةٌ أَعْظَمُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ؟» 31فَضَرَبُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ مِخْمَاسَ إِلَى أَيَّلُونَ. وَأَعْيَا الشَّعْبُ جِدّاً.
ع24: ضنك : ضيق ومرارة نفس.
لم يرد شاول أمام هذا النصر أن يعطى أى فرصة للفلسطينيين فى إعادة تنظيم صفوفهم، ولهذا أقسم أمام الله ورجاله ألا يذوق أحد منهم طعامًا أو شرابًا حتى نهاية اليوم ليكملوا انتصارهم فى مطاردتهم، وأمام هذا القسم لم يستطع أحد من الرجال كسره، ولكن أصابهم الضيق والإعياء والتذمر المخفى، وبالطبع لم يكن هذا بالتصرف الحكيم من شاول الذى لم يراعى احتياج رجاله من راحة وطعام يقوتهم.
ويظهر من هذا عدة أخطاء سقط فيها شاول بقراره هذا :
- لم يهتم بسماع صوت الله على فم أخيا (ع19).
- أهمل حاجة رجاله للطعام وثقل عليهم بالصوم فكادوا يسقطون من الجوع أثناء الحرب.
- أدى جوع الرجال الشديد إلى سقوطهم فى خطأ إذ ذبحوا على الدم وأكلوا مع أن الله منع أكل الدم كما سيظهر فى الآيات التالية.
- اعتبر الفلسطينيين أعداءه وكان ينبغى أن يقول أعداء الله، فبقوة الله ينتصر عليهم وليس بقوته الشخصية (ع24).
ع25، 26: الوعر : منطقة أشجار وسط وادى، وتأتى أيضاً بمعنى طريق صعب.
تقدم شاول ورجاله إلى منطقة كثرت فيها الأشجار وصنع النحل خلايا له فى هذه الأشجار ملأها بالعسل حتى فاض وسقط من الأشجار وغطى كل أرض المنطقة من كثرته، إلا أن الشعب بالرغم من تعبه وإرهاقه، لم يجرؤ على أن يمد يده ويأكل من هذا العسل وذلك خوفًا من قسمهم أمام الله وأمام شاول.
ع27، 28: النشابة : عصا.
استنارت عيناه : عادت له قوته.
لم يكن يوناثان موجودًا عندما ألزم أبوه شاول الشعب بالقسم السابق، ولهذا فعندما لحق هو وحامل سلاحه بالشعب عند الوعر، مد عصاه إلى عسل النحل المتساقط وأكل منه فاستعاد قوته ونشاطه، ورآه واحد من الشعب وهو يأكل من العسل وأخبره بأن أباه ألزم الشعب بالقسم وبحلول اللعنة على الرجل الذى يأكل قبل نهاية المعركة مما أجهد الشعب وضايقه وأعياه جداً.
ع29، 30: لم يجامل يوناثان أباه بل قال فى صدق لقد أخطأ أبى بهذا القسم وسبب الضيق للجميع، وضرب مثلاً بنفسه أنه عندما أكل من العسل قد استرد عافيته فكيف فعل أبى هذا الخطأ، فإنه لو أكل بنو إسرائيل الرجال هذا العسل كانوا قد استردوا قوتهم واستطاعوا القضاء على باقى الفلسطينيين.
ع31: أيلون : آخر مدينة فى سبط دان وتقع على حدود الفلسطينيين.
تبع رجال شاول الفلسطينيين وطاردوهم مسافة طويلة من مخماس إلى “بيت أون” ومن “بيت أون” إلى “الوعر” ومن الوعر إلى “أيلون”، وهى آخر مدينة على الحدود بين أراضى العبرانيين فى سبط جاد وأراضى الفلسطينيين، إلا أن الشعب قد وصل إلى أقصى درجات التعب والإنهاك.
- اندفع شاول وأقسم ووضع عهدًا ألا يذوق أحد طعامًا حتى يكمل الحرب، فأتعب بهذا جنوده. فكن حكيمًا واطلب مشورة الله قبل أن تندفع فى أى تعهد أو نذر، وإن سمح لك الوقت فاطلب مشورة أبيك الروحى.
(4) أكل الذبائح بدمائها (ع32-37)
32وَثَارَ الشَّعْبُ عَلَى الْغَنِيمَةِ, فَأَخَذُوا غَنَماً وَبَقَراً وَعُجُولاً, وَذَبَحُوا عَلَى الأَرْضِ وَأَكَلَ الشَّعْبُ عَلَى الدَّمِ. 33فَأَخْبَرُوا شَاوُلَ: «هُوَذَا الشَّعْبُ يُخْطِئُ إِلَى الرَّبِّ بِأَكْلِهِ عَلَى الدَّمِ». فَقَالَ: «قَدْ غَدَرْتُمْ. دَحْرِجُوا إِلَيَّ الآنَ حَجَراً كَبِيراً». 34وَقَالَ شَاوُلُ: «تَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّعْبِ وَقُولُوا لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيَّ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ شَاتَهُ, وَاذْبَحُوا هَهُنَا وَكُلُوا وَلاَ تُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ بِأَكْلِكُمْ مَعَ الدَّمِ». فَقَدَّمَ جَمِيعُ الشَّعْبِ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ بِيَدِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَذَبَحُوا هُنَاكَ. 35وَبَنَى شَاوُلُ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. الَّذِي شَرَعَ بِبُنْيَانِهِ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. 36وَقَالَ شَاوُلُ: «لِنَنْزِلْ وَرَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لَيْلاً وَنَنْهَبْهُمْ إِلَى ضُوءِ الصَّبَاحِ وَلاَ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً». فَقَالُوا: «افْعَلْ كُلَّ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ». وَقَالَ الْكَاهِنُ: «لِنَتَقَدَّمْ هُنَا إِلَى اللَّهِ». 37فَسَأَلَ شَاوُلُ اللَّهَ: «أَأَنْحَدِرُ وَرَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ أَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ؟» فَلَمْ يُجِبْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.
ع32: ما أن انتهت المعركة حتى التفت الشعب الجائع إلى غنائم الفلسطينيين من حيوانات، فأخذوا لأنفسهم منها وذبحوا وأكلوا على نفس الأرض التى سفك دم الحيوانات عليها، وهو ما يخالف الشريعة (لا17: 10-16)، فمع عجلتهم وسرعتهم لم ينتظروا حتى تصفى الحيوانات دمها بالكامل، ولم يذبحوها على مكان مرتفع يسمح بأن يصفى الدم لأسفل، فاختلط أكلهم بدماء الحيوانات وهو ما يعتبر مخالفاً للشريعة.
ع33: خوفًا من غضب الله وعقوبته، ذهب بعض الرجال لشاول وأخبروه بخطأ الشعب عندما أكل الذبائح مع دمها، فأجاب شاول بأن ما فعله الرجال هو خيانة للرب وطلب من الرجال أن يدحرجوا حجرًا كبيرًا ليجعل منه مذبحًا.
ع34: أمر شاول قواده بالانتشار بين الشعب وإخبارهم بأن كل من يريد أن يذبح ويأكل من غنائمه عليه أن يقدم ما يريد أن يذبحه على هذا الحجر المرتفع (المذبح) ثم يأكلوا ما طاب لهم، دون أن يخطئوا إلى الله أو يغضبوه، واستجاب الشعب لكلام شاول وذبح جميعهم على هذا الحجر.
ع35: اعترافًا من شاول بعمل الله، بنى مذبحًا آخر للرب ليقدم عليه المحرقات وذبائح الشكر، وكان هذا بالطبع عن طريق “أخيا” الكاهن وتعبير “شرع ببنائه مذبحًا للرب” تمييزًا عن الحجر الأول الذى جعله لذبح غنائم الحرب للشعب، وكان شاول قد بدأ ببنائه ولم يكمله، وهذا هو أول مذبح يبنيه شاول للرب.
ع36: أراد شاول أن يستغل النصر إلى النهاية ويأخذ غنائم الفلسطينيين، فاجتمع مع رؤساء شعبه واقترح أن يستكمل المعركة ليلاً ويهجم على أراضى الفلسطينيين حتى صباح اليوم التالى لكى يفنيهم ويأخذ باقى غنائمهم، ولأن الشعب أكل واستراح، وافق شاول على اقتراحه بأن يفعل ما يراه صائبًا إلا أن “أخيا الكاهن اقترح أن يقف أمام الله ليعرف إرادته قبل الشروع فى عمل أى شئ.
ع37: وسأل شاول الرب عن طريق رئيس الكهنة على اقتراحه، وهل سيقف الله مع شعبه ويدفع الفلسطينيين لهم، فلم يجاوبه الله بشئ أى لم يقل نعم أو لا. وبالطبع لم يستمر شاول فى الحرب إذ لم يعطه الرب الموافقة.
ملاحظة : كان سؤال الرب عن طرق رئيس الكهنة يتم من خلال حجرين كريمين وهما “الأوريم” و”التميم”، مكتوب على أحدهما نعم والآخر لا، فإذا أضئ الحجر الأول كانت الإجابة هى موافقة الله وإذا أضئ الآخر كانت الإجابة برفض الله، أما إذا لم يضئ أى منهما فهذا معناه عدم رد الله على شعبه بشئ.
- فى نشوة الفرح واحتياج الجوع أكل الشعب الذبائح بدمها… فجيد للإنسان فى فرحه ألا يكسر وصايا الله بتصرفات معثرة مثل الرقص وشرب الخمر أو ارتداء الملابس الغير لائقة…
(5) من الذى كسر الصوم ؟ (ع38-45)
38فَقَالَ شَاوُلُ: «تَقَدَّمُوا إِلَى هُنَا يَا جَمِيعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ, وَاعْلَمُوا وَانْظُرُوا بِمَاذَا كَانَتْ هَذِهِ الْخَطِيَّةُ الْيَوْمَ. 39لأَنَّهُ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ مُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ, وَلَوْ كَانَتْ فِي يُونَاثَانَ ابْنِي فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتاً». وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُجِيبُهُ مِنْ كُلِّ الشَّعْبِ. 40فَقَالَ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: «أَنْتُمْ تَكُونُونَ فِي جَانِبٍ وَأَنَا وَيُونَاثَانُ ابْنِي فِي جَانِبٍ». فَقَالَ الشَّعْبُ لِشَاوُلَ: «اصْنَعْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ». 41وَقَالَ شَاوُلُ لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ: «هَبْ صِدْقاً». فَأُخِذَ يُونَاثَانُ وَشَاوُلُ. أَمَّا الشَّعْبُ فَخَرَجُوا. 42فَقَالَ شَاوُلُ: «أَلْقُوا بَيْنِي وَبَيْنَ يُونَاثَانَ ابْنِي. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ». 43فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ: «أَخْبِرْنِي مَاذَا فَعَلْتَ!» فَأَخْبَرَهُ يُونَاثَانُ: «ذُقْتُ ذَوْقاً بِطَرَفِ النُّشَّابَةِ الَّتِي بِيَدِي قَلِيلَ عَسَلٍ. فَهَئَنَذَا أَمُوتُ». 44فَقَالَ شَاوُلُ: «هَكَذَا يَفْعَلُ اللَّهُ وَهَكَذَا يَزِيدُ إِنَّكَ مَوْتاً تَمُوتُ يَا يُونَاثَانُ». 45فَقَالَ الشَّعْبُ لِشَاوُلَ: «أَيَمُوتُ يُونَاثَانُ الَّذِي صَنَعَ هَذَا الْخَلاَصَ الْعَظِيمَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ حَاشَا! حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى الأَرْضِ لأَنَّهُ مَعَ اللَّهِ عَمِلَ هَذَا الْيَوْمَ». فَافْتَدَى الشَّعْبُ يُونَاثَانَ فَلَمْ يَمُتْ.
ع38: كان عجيبًا ألا يجيب الله على شعبه بنعم أو لا، ولهذا استنتج شاول أن الله غاضب عليهم وأن هناك خطية كبيرة صنعها أحد رجال الشعب كانت السبب فى هذا وهو ما جعل شاول يحدث شعبه بذلك.
ع39: فى تسرع جديد لشاول أقسم بالرب الحى مخلص إسرائيل، بأنه فى حال معرفة الشخص المخطئ والذى كان سببًا فى عدم استجابة الله، أنه سوف يقتله مهما كان شخصه، حتى لو كان يوناثان ابنه، أما الشعب الذى كان مستمعًا لشاول فلم يجبه ولم ينطق أحد بكلمة واحدة.. لأنهم يعرفون أن السبب هو يوناثان ولكنه كان محبوبًا من الجميع.
ع40: قرّر شاول إجراء قرعة لمعرفة المذنب، وحتى لا يستثنى نفسه ولا يوناثان ابنه، قرر أن يلقى القرعة على أكثر من مرحلة، المرحلة الأولى، تكون بينه هو وابنه من جهة وبين جميع الشعب من جهة أخرى، فإذا برأ هو وابنه، يلقى بعد ذلك القرعة على الأسباط ثم العشائر إلى أن يصل إلى الخاطئ، وهو النظام الذى كان متبعًا فى ذلك الوقت. أما إجابة الشعب فكانت التسليم لما اقترحه ملكهم عليهم.
ع41، 42: هب صدقًا : أرنا الحق واعلن الصدق.
قبل إلقاء القرعة الأولى خاطب شاول الله قائلاً فى صلاة سريعة لتعلن يا رب الحق وتكون هذه القرعة بحسب إرادتك لإعلان شخص المخطئ، وعند إلقاء القرعة خرج الشعب منها بريئًا وتبقى شاول وابنه يوناثان، وعندئذ طلب شاول إلقاء القرعة ثانية لتحديد الشخص، فبرأت ساحة شاول وأخذت القرعة ابنه يوناثان.
ع43: فوجئ شاول بنتيجة القرعة، وهو أمر كان يستبعده أساسًا، ولهذا طلب توضيحًا من يوناثان عن الخطأ الذى ارتكبه، فأجابه يوناثان بما حدث من أكله قليلاً من العسل (بالرغم من أنه فعل ذلك دون معرفة تحريم أبيه)، وأكمل كلامه أنه مادامت القرعة أخذته فإنه مستعد للموت لأنها إرادة الله. وبهذا تقبل يوناثان الموت دون ذنب منه لأنه لم يعرف قسم أبيه، وهو بهذا يرمز للمسيح الذى مات على الصليب دون أن يخطئ ليفدى شعبه، فيوناثان أعطى النصرة لشعبه وقبل أن يموت عنهم، والمسيح أعطى النصرة على الشيطان بالصليب بموته عن شعبه.
- لاحظ معى أيها الحبيب كيف أن يوناثان لم يدافع عن نفسه بأنه لم يكن يعرف أمر أبيه أو أن أمر أبيه كان خاطئًا فى الأساس، بل فى خضوع عجيب يقدم نفسه للموت مؤمنًا بأن القرعة التى وقعت عليه هى تدبير إلهى وبالتالى عليه الاستجابة!!!… دافع عن نفسك بلطف واترك الأمر فى يد الله وعندما تفعل ذلك تجد الله يتمجد ويرسل من يدافع عنك ويظهر الحق كما سنرى الآن فيما حدث.
ع44: لم يتراجع شاول بل أصدر حكم الموت على ابنه يوناثان مستخدمًا تعبير “هكذا يفعل الله ويزيد“، وهو تعبير معناه أن الله يفعل ما هو أقسى من الموت إن لم ينفذ حكم الموت فى إبنه.
ع45: دافع الشعب عن يوناثان دفاعًا شديدًا ومؤثرًا، إذ كان يحبه من جهة ومن جهة أخرى، كان يوناثان هو السبب فى انكسار الفلسطينيين وخلاص إسرائيل وأن هذا لم يكن حدوثه لولا مساندة الله له، وأقسم الشعب فى وجه شاول بألا يصيب يوناثان مكروه حتى ولو سقوط شعرة واحدة من رأسه. وتعبير افتدى الشعب يوناثان يعنى أنهم بدفاعهم الشديد والقوى أنقذوه من الموت. فى الغالب قدم شاول ذبائح عن تسرعه فى القسم وقدم أيضًا يوناثان ذبائح عن خطئه غير المقصود.
(6) انتصارات شاول (ع46-51)
46فَصَعِدَ شَاوُلُ مِنْ وَرَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ, وَذَهَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَى مَكَانِهِمْ. 47وَأَخَذَ شَاوُلُ الْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ, وَحَارَبَ جَمِيعَ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ: مُوآبَ وَبَنِي عَمُّونَ وَأَدُومَ, وَمُلُوكَ صُوبَةَ وَالْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَ غَلَبَ. 48وَفَعَلَ بِبَأْسٍ وَضَرَبَ عَمَالِيقَ, وَأَنْقَذَ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ نَاهِبِيهِ.
49وَكَانَ بَنُو شَاوُلَ يُونَاثَانَ وَيِشْوِيَ وَمَلْكِيشُوعَ, وَاسْمَا ابْنَتَيْهِ: اسْمُ الْبِكْرِ مَيْرَبُ وَاسْمُ الصَّغِيرَةِ مِيكَالُ. 50وَاسْمُ امْرَأَةِ شَاوُلَ أَخِينُوعَمُ بِنْتُ أَخِيمَعَصَ. وَاسْمُ رَئِيسِ جَيْشِهِ أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرَ عَمِّ شَاوُلَ. 51وَقَيْسُ أَبُو شَاوُلَ وَنَيْرُ أَبُو أَبْنَيْرَ ابْنَا أَبِيئِيلَ. 52وَكَانَتْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ شَاوُلَ. وَإِذَا رَأَى شَاوُلُ رَجُلاً جَبَّاراً أَوْ ذَا بَأْسٍ ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ.
ع46: إذ لم يتلقَ شاول جوابًا من الله بالاستمرار فى الحرب، انصرف هو ورجاله، وهكذا عاد الفلسطينيون كل واحد إلى بلدته. ولكن استمرت الحروب مع الفلسطينيين كما يظهر فى الأعداد التالية وفى (ص31) والتى سيموت فيها شاول.
ع47، 48: الفلسطينيين : سكنوا على الحدود الجنوبية لبلاد إسرائيل.
موآب وبنى عمون : نسل لوط وسكنوا شرق نهر الأردن والبحر الميت.
أدوم : نسل عيسو وسكنوا فى الحدود الجنوبية لبنى إسرائيل فى جبال سعير.
صوبة : مدينة من مدن الآراميين.
استتب واستقر الملك لشاول تمامًا على إسرائيل ولم يكن معارض له، واستغل شاول التفاف الشعب حوله فقام بمجموعة من الحروب الصغيرة على أعدائه المحيطين بحدود أرض بنى إسرائيل، فأعطاه الرب النصرة على الموآبيين والعمونيين والأدوميين والفلسطينيين، وهم كل الشعوب الوثنية التى على حدود إسرائيل، وكان شاول فى كل حروبه شديدًا وقويًا، فتمكن أيضًا من ضرب العماليق الأشداء الذين أقاموا فى سيناء قديمًا وجنوب فلسطين فى أيامه، ومنع كل الناهبين والمخربين من الاعتداء على أراضى الأسباط.
ع49-51: هذه الأعداد الثلاثة هى تعريف بعائلة شاول وأسرته الصغيرة والكبيرة … بدأ التعريف أولاً بأبنائه الذكور، يوناثان بكره والثانى يشوى والمسمى أيضـًا “أبينـاداب” (ص31: 2) وابنه الثالث هو “ملكيشوع”، كما كان هناك أيضًا ابنًا رابعًا يدعـى “إيشـبوشـث” (2صم2: 8)، وابنتاه كانتا “ميرب” و”ميكال” التى تزوجها داود لاحقًا. وزوجة شاول الشرعية كانت “أخينوعم” وكان له سرية أخرى وهى “رصفة”، وكان عمه “نير” وابن عمه “أبنير” الذى أمسكه قيادة الجيش، أما جد شاول فكان اسمه “أبيئيل” وكان يدعى أيضًا باسم آخر وهو “نير” (1أى9: 39) وهو الاسم الذى حمله ابنه أيضًا أى عم شاول.
ع52: فى ختام الأصحاح يذكر لنا الوحى أن كل أيام ملك شاول على إسرائيل كانت فيها حروب مع الفلسطينيين، ويذكر أيضًا أن شاول كان قائدًا جيدًا فكان يضم كل رجل شديد وقوى إلى جيشه مما أظهر قوة إسرائيل.
- كانت صفة جميلة فى شاول أن يضم كل إنسان قوى إلى جيشه، فينبغى أن تتمسك بكل شئ يقويك فى حربك الروحية ضد الشيطان مثل الكتاب المقدس والتوبة والتناول والصلاة وكل فرصة للاجتماعات الروحية …