داود يقتل جليات
(1) جليات يعاير بنى إسرائيل (ع1-11):
1وَجَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جُيُوشَهُمْ لِلْحَرْبِ فَاجْتَمَعُوا فِي سُوكُوهَ الَّتِي لِيَهُوذَا, وَنَزَلُوا بَيْنَ سُوكُوهَ وَعَزِيقَةَ فِي أَفَسِ دَمِّيمَ. 2وَاجْتَمَعَ شَاوُلُ وَرِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلُوا فِي وَادِي الْبُطْمِ, وَاصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. 3وَكَانَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وُقُوفاً عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَا وَإِسْرَائِيلُ وُقُوفاً عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَاكَ, وَالْوَادِي بَيْنَهُمْ. 4فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ اسْمُهُ جُلْيَاتُ, مِنْ جَتَّ, طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ, 5وَعَلَى رَأْسِهِ خُوذَةٌ مِنْ نُحَاسٍ, وَكَانَ لاَبِساً دِرْعاً حَرْشَفِيّاً وَزْنُهُ خَمْسَةُ آلاَفِ شَاقِلِ نُحَاسٍ. 6وَجُرْمُوقَا نُحَاسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ, وَحَرْبَةُ نُحَاسٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. 7وَقَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ, وَسِنَانُ رُمْحِهِ سِتُّ مِئَةِ شَاقِلِ حَدِيدٍ, وَحَامِلُ التُّرْسِ كَانَ يَمْشِي قُدَّامَهُ. 8فَوَقَفَ وَنَادَى صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ: «لِمَاذَا تَخْرُجُونَ لِتَصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ؟ أَمَا أَنَا الْفِلِسْطِينِيُّ, وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ لِشَاوُلَ؟ اخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ رَجُلاً وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ. 9فَإِنْ قَدِرَ أَنْ يُحَارِبَنِي وَيَقْتُلَنِي نَصِيرُ لَكُمْ عَبِيداً. وَإِنْ قَدِرْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ تَصِيرُونَ أَنْتُمْ لَنَا عَبِيداً وَتَخْدِمُونَنَا». 10وَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ: «أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هَذَا الْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلاً فَنَتَحَارَبَ مَعاً». 11وَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلاَمَ الْفِلِسْطِينِيِّ هَذَا ارْتَاعُوا وَخَافُوا جِدّاً.
ع1: سوكوه : تبعد 14 ميلاً جنوب غرب أورشليم، وهى بجوار الحدود الجنوبية لسبط يهوذا أى بالقرب من الفلسطينيين.
عزيقة : مدينة مجاورة لسوكوه.
أفس دميم : تقع شمال شرق سوكوه على بعد أربعة أميال.
اجتمع الفلسطينيون للحرب على إسرائيل وجعلوا لهم معسكرًا اصطفوا فيه بين ثلاثة أماكن وهى سوكوه وعزيقة وأفس دميم.
ع2: وادى البطم : وادى أشجار السنط.
أما إسرائيل فاجتمع تحت قيادة شاول فى وادى تكثر فيه أشجار السنط واصطفوا للحرب فى مقابلة جيش الفلسطينيين.
ع3: وقف كلا الفريقين على هضبة وكان كل جيش يرى الآخر تمامًا بل ويسمعه أيضًا، وفصل بين الفريقين وادى. وخاف كل من الطرفين أن ينزل إلى الوادى لئلا يضربه الآخر، ولما طالت المدة انتهز جليات هذه الفرصة ليتقدم ويطلب مبارزًا ينازله كما سيظهر فيما يلى.
ع4: مبارز : هو من يقاتل بسيفه وجهًا لوجه مع مبارز آخر.
تقدم رجل من صفوف الفلسطينيين اسمه جليات إلى الأمام، وهو من أحد مدن الفلسطينيين الخمس الكبرى وهى مدينة جت، وكان طوله بمقاييس الزمن الحالى أكثر من ثلاثة أمتار، وبالطبع كان عرضه مناسبًا لطوله إذ هو رجل حرب.
ع5: درعًا حرشفيًا : على الدرع قشور من النحاس كقشور السمك.
كان هذا الرجل فى ملبسه وعدة حربه وأسلحته رهيبًا، فكان يغطى رأسه بخوذة من نحاس ويلبس درعًا واقيًا لصدره من النحاس أيضًا، ويغطى سطح هذا الدرع حلقات نحاسية تشبه قشر السمك، وكان هذا الدرع عظيمًا إذ بلغ وزنه 55 كيلو جرامًا باعتبار أن الشاقل يتراوح وزنه من 11-14 جم تقريبًا.
ع6: جرموق : رقائق من النحاس تلف حول الساق لحماية المبارز.
مزراق : رمح صغير أقصر فى طوله من الرمح وأطول وأغلظ من السهم.
كان جليات يلبس فى رجليه ما يشبه الجورب النحاسى لحماية ساقيه، ويحمل على ظهره بين الكتفين رمحًا نحاسيًا صغيرًا.
ع7: الرمح : هو الحربة وكانت ساقها من الخشب ورأسها من الحديد المدبب.
وكان جليات يحمل أيضًا رمحًا عظيمًا ذا ساق خشبية كبيرة وعريضة تشبه قائمة النول المستخدم فى النسيج وهى خشبة عريضة وثقيلة، ولم يكن لرمحه سن حديدى واحد كباقى الرماح بل مجموعة من الأسنان مثل الشوكة، وبلغ وزن أسنان رمحه حوالى سبعة كيلو جرام من الحديد… وكان له ترس وهو عادة مستدير ويمسكه المبارز بذراعه اليسرى لصد الهجمات، وفى حالة جليات تم تخصيص رجل يحمل له الترس لحين وجود قتال فيحمله جليات بنفسه وربما سبب وجود رجل يحمل الترس له هو ثقل ملابسه وعدة حربه. وبالطبع أيها القارئ العزيز إذا راجعنا ما كتب فى وصف جليات، نعلم أننا أمام دبابة بشرية ضخمة فلا يوجد فى كل تاريخ البشر من بلغ طوله ثلاثة أمتار.
ع8، 9: تقدم جليات ونادى بصوت عالٍ على جيش إسرائيل المصطف قائلاً لهم لماذا تحاربون بكل رجالكم فأنا هنا أمثل كل الفلسطينيين وأنتم كلكم رجال شاول، فلماذا لا تختارون من بينكم رجلاً ليقاتلنى وجهًا لوجه بدلاً من سفك دماء الرجال فى الحرب، فإذا استطاع هذا الرجل أن يهزمنى يصير كل الفلسطينيين عبيدًا لكم، أما إذا هزمته أنا وقتلته تصيرون كلكم بشعبكم عبيدًا لنا نحن الفلسطينيين. وقد قال هذا واثقًا أنه لن يوجد من يجرؤ على الوقوف قدامه.
ع10: عيرت : تحديت.
بغرور الواثق فى النصرة أكمل جليات كلامه قائلاً تحديت كل الفلسطينيين ولم أجد رجلاً واحدًا يخرج منهم للقائى ومنازلتى.
ع11: كان العرض الذى قدمه جليات عرضًا جديدًا لم يعتاد عليه الشعوب فى الحروب وكان منظره الضخم والهائل بكل ما يلبسه مرعبًا لمن يراه، لهذا خاف كل رجال شاول والتزموا الصمت ولم يتقدم منهم بالطبع رجل واحد.
? لا تخف من الشيطان الذى يستخدم الأشرار ليهددوك ويرعبوك، فهم بلا قيمة أمام الله مهما بدت قوتهم. أطلب معونة الله وثق أنه قادر أن ينقذك من أيديهم ويحارب عنك ويمجدك.
(2) يسّى يرسل داود لافتقاد إخوته (ع12-19):
12وَدَاوُدُ هُوَ ابْنُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الأَفْرَاتِيِّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا الَّذِي اسْمُهُ يَسَّى وَلَهُ ثَمَانِيَةُ بَنِينَ. وَكَانَ الرَّجُلُ فِي أَيَّامِ شَاوُلَ قَدْ شَاخَ وَكَبِرَ بَيْنَ النَّاسِ. 13وَذَهَبَ بَنُو يَسَّى الثَّلاَثَةُ الْكِبَارُ وَتَبِعُوا شَاوُلَ إِلَى الْحَرْبِ وَأَسْمَاءُ بَنِيهِ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْحَرْبِ: أَلِيآبُ الْبِكْرُ, وَأَبِينَادَابُ ثَانِيهِ, وَشَمَّةُ ثَالِثُهُمَا. 14وَدَاوُدُ هُوَ الصَّغِيرُ وَالثَّلاَثَةُ الْكِبَارُ ذَهَبُوا وَرَاءَ شَاوُلَ. 15وَأَمَّا دَاوُدُ فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ لِيَرْعَى غَنَمَ أَبِيهِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. 16وَكَانَ الْفِلِسْطِينِيُّ يَتَقَدَّمُ وَيَقِفُ صَبَاحاً وَمَسَاءً أَرْبَعِينَ يَوْماً. 17فَقَالَ يَسَّى لِدَاوُدَ ابْنِهِ: «خُذْ لإِخْوَتِكَ إِيفَةً مِنْ هَذَا الْفَرِيكِ, وَهَذِهِ الْعَشَرَ الْخُبْزَاتِ وَارْكُضْ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى إِخْوَتِكَ. 18وَهَذِهِ الْعَشَرَ الْقِطْعَاتِ مِنَ الْجُبْنِ قَدِّمْهَا لِرَئِيسِ الأَلْفِ, وَافْتَقِدْ سَلاَمَةَ إِخْوَتِكَ وَخُذْ مِنْهُمْ عَرْبُوناً». 19وَكَانَ شَاوُلُ وَهُمْ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فِي وَادِي الْبُطْمِ يُحَارِبُونَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.
ع12-14: يعود بنا هذا العدد إلى أسرة يسّى الذى من أفراته “بيت لحم” من سبط يهوذا، وكان له ثمانية بنين، أصغرهم هو “داود” الذى مسحه صموئيل ملكًا؛ كما كان له ثلاثة أبناء فى الحرب وهم الكبار “أليآب وأبيناداب وشمة”. وكان الرجل يريد أن يطمئن على أولاده ولكنه شاخ وكبر فلم يقدر أن يذهب بنفسه للاطمئنان عليهم.
ع15: كان داود ملازمًا لشاول وحاملاً سلاحه (ص16)، ولكن مع بدء المعركة ولصغر سنه على أن يحتسب من رجال الحرب ذهب إلى بيت أبيه لرعاية الغنم، ولكنه كان بين الحين والآخر يذهب إلى شاول ليضرب له على العود عندما يهاجمه الروح النجس.
ع16: أما فى ساحة القتال فلم يكن هناك قتال، بل ظل جليات يخرج ويتقدم ويعير ويتحدى كل الشعب ورجال الحرب لمدة أربعين يومًا، فكان يخرج مرتين كل يوم صباحًا ومساءً وبالطبع لم يجرؤ أحد على ملاقاته.
ع17، 18: إيفة : حجم يسع حوالى 22.9 لترًا ويساوى حوالى 10 كم فريكًا.
عربونًا : علامة أو أى شئ يؤكد أنه قابل إخوته لأن الكتابة لم تكن منتشرة فى هذه الأيام.
كلّف الأب يسّى ابنه الأصغر داود بمهمة الذهاب إلى مكان القتال للاطمئنان على إخوته وإمدادهم بالطعام الممثل فى الفريك وكذلك الخبز الجاهز للأكل، ولم ينس الرجل الكريم أن يقدم لرئيس الألف وهو القائد على إخوته عشرة قطع من الجبن كهدية، وطلب “يسى” من داود أن يقدم عند عودته علامات من إخوته يتأكد بها من سلامتهم وأنهم لازالوا أحياء.
ع19: وكان شاول لا يزال فى وادى البطم مع رجاله فى مواجهة جيش الفلسطينيين ولكن دون قتال حقيقى يذكر. أما تعبير “يحاربون الفلسطينيين” فيعنى أنهم فى حالة استعداد للحرب.
? ما أجمل أن تهتم بالسؤال عن أحبائك وافتقاد من يتغيبون عن الكنيسة للاطمئنان عليهم وتشجيعهم على الحضور، فسؤال المحبة يؤثر كثيرًا فى القلوب.
(3) داود بين رجال الحرب ويسمع تعيير جليات (ع20-39):
20فَبَكَّرَ دَاوُدُ صَبَاحاً وَتَرَكَ الْغَنَمَ مَعَ حَارِسٍ وَحَمَّلَ وَذَهَبَ كَمَا أَمَرَهُ يَسَّى, وَأَتَى إِلَى الْمِتْرَاسِ وَالْجَيْشُ خَارِجٌ إِلَى الاِصْطِفَافِ وَهَتَفُوا لِلْحَرْبِ. 21وَاصْطَفَّ إِسْرَائِيلُ وَالْفِلِسْطِينِيُّونَ صَفّاً مُقَابَِلَ صَفٍّ. 22فَتَرَكَ دَاوُدُ الأَمْتِعَةَ الَّتِي مَعَهُ بِيَدِ حَافِظِ الأَمْتِعَةِ وَرَكَضَ إِلَى الصَّفِّ وَأَتَى وَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَةِ إِخْوَتِهِ. 23وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِرَجُلٍ مُبَارِزٍ اسْمُهُ جُلْيَاتُ الْفِلِسْطِينِيُّ مِنْ جَتَّ صَاعِدٌ مِنْ صُفُوفِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ, فَسَمِعَ دَاوُدُ. 24وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ لَمَّا رَأُوا الرَّجُلَ هَرَبُوا مِنْهُ وَخَافُوا جِدّاً. 25فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ: «أَرَأَيْتُمْ هَذَا الرَّجُلَ الصَّاعِدَ؟ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ هُوَ صَاعِدٌ! فَيَكُونُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يَقْتُلُهُ يُغْنِيهِ الْمَلِكُ غِنًى جَزِيلاً, وَيُعْطِيهِ ابْنَتَهُ, وَيَجْعَلُ بَيْتَ أَبِيهِ حُرّاً فِي إِسْرَائِيلَ». 26فَسَأَلَ دَاوُدُ الرِّجَالَ الْوَاقِفِينَ مَعَهُ: «مَاذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَقْتُلُ ذَلِكَ الْفِلِسْطِينِيَّ وَيُزِيلُ الْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ؟ لأَنَّهُ مَنْ هُوَ هَذَا الْفِلِسْطِينِيُّ الأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ اللَّهِ الْحَيِّ؟»
27فَكَلَّمَهُ الشَّعْبُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ قَائِلِينَ: «كَذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَقْتُلُهُ». 28وَسَمِعَ أَخُوهُ الأَكْبَرُ أَلِيآبُ كَلاَمَهُ مَعَ الرِّجَالِ, فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيآبَ عَلَى دَاوُدَ وَقَالَ: «لِمَاذَا نَزَلْتَ, وَعَلَى مَنْ تَرَكْتَ تِلْكَ الْغُنَيْمَاتِ الْقَلِيلَةَ فِي الْبَرِّيَّةِ؟ أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ, لأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِتَرَى الْحَرْبَ».
29فَقَالَ دَاوُدُ: «مَاذَا عَمِلْتُ الآنَ؟ أَمَا هُوَ كَلاَمٌ؟» 30وَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدِهِ نَحْوَ آخَرَ وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ, فَرَدَّ لَهُ الشَّعْبُ جَوَاباً كَالْجَوَابِ الأَوَّلِ. 31وَسُمِعَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ دَاوُدُ وَأَخْبَرُوا بِهِ أَمَامَ شَاوُلَ. فَاسْتَحْضَرَهُ. 32فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «لاَ يَسْقُطْ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هَذَا الْفِلِسْطِينِيَّ». 33فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: «لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هَذَا الْفِلِسْطِينِيِّ لِتُحَارِبَهُ لأَنَّكَ غُلاَمٌ وَهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ». 34فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «كَانَ عَبْدُكَ يَرْعَى لأَبِيهِ غَنَماً, فَجَاءَ أَسَدٌ مَعَ دُبٍّ وَأَخَذَ شَاةً مِنَ الْقَطِيعِ. 35فَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ وَقَتَلْتُهُ وَأَنْقَذْتُهَا مِنْ فَمِهِ. وَلَمَّا قَامَ عَلَيَّ أَمْسَكْتُهُ مِنْ ذَقْنِهِ وَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. 36قَتَلَ عَبْدُكَ الأَسَدَ وَالدُّبَّ جَمِيعاً. وَهَذَا الْفِلِسْطِينِيُّ الأَغْلَفُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا لأَنَّهُ قَدْ عَيَّرَ صُفُوفَ اللَّهِ الْحَيِّ». 37وَقَالَ دَاوُدُ: «الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ الأَسَدِ وَمِنْ يَدِ الدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هَذَا الْفِلِسْطِينِيِّ». فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: «اذْهَبْ وَلْيَكُنِ الرَّبُّ مَعَكَ».
38وَأَلْبَسَ شَاوُلُ دَاوُدَ ثِيَابَهُ, وَجَعَلَ خُوذَةً مِنْ نُحَاسٍ عَلَى رَأْسِهِ وَأَلْبَسَهُ دِرْعاً. 39فَتَقَلَّدَ دَاوُدُ بِسَيْفِهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهَذِهِ لأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا». وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ.
ع20: المتراس : المتاريس هى الحواجز التى يضعها الجيش المصفوف أمامه لإعاقة العدو، وقد تكون من أخشاب مقطوعة من شجر أو حواجز ترابية أو أحجار.
ترك داود الغنم مع حارس أجير وانطلق باكرًا حاملاً الخبز والفريك والجبن، كما أوصاه أبوه، وهذا يبين تميزه فى الطاعة إذ أنها سريعة، وهذا يؤهله لوظيفته كملك فى طاعته لله. وعند وصوله إلى منطقة المتاريس كان الرجال مصطفين ينشدون أناشيد وهتافات الحرب الحماسية.
ع21، 22: وقف كلا الجيشين فى مقابل بعضهما، أما داود فترك كل ما جاء به مع رجل من رجال الجيش، كان مخصّصًا للحفاظ على الأمانات يسمى حافظ الأمتعة ليعطيها للجنود فى وقت لاحق، وذهب بسرعة للاطمئنان على إخوته.
ع23، 24: وصل داود إلى الصفوف الأمامية وتقابل مع إخوته ودار الحديث الأخوى بينهم، وفيما هو هناك خرج جليات ليكرر ما كان يقوله كل يوم من تعيير لشعب الله، ولم يرد عليه أحد من الشعب. وسمعه بالطبع داود، ولاحظ أيضًا خوف الرجال جميعهم ورجوعهم إلى الخلف.
ع25: أمام خوف الشعب العظيم، وعد شاول بمكافأة لمن يواجه جليات، فأولاً يغنيه الملك بمكافأة مالية كبيرة تجعله من عظماء المملكة، والهدية الثانية هى أن يزوج هذا الرجل من ابنته فيصير الملك نفسه نسيبًا له، أما المكافأة الثالثة فهى أن يعفى بيت أبيه من الضرائب ومن أعمال خدمة الملك ومن أى أعمال سخرة أخرى. ومع هذا لم يتقدم أى رجل لمبارزة جليات.
ع26: أغلف : أى لم يتم ختانه (طهارته) كباقى ذكور شعب إسرائيل.
خاطب داود الرجال الذين حوله قائلاً ماذا يُقدم للرجل الذى يقتل جليات ويزيل المهانة عن شعب إسرائيل، وتساءل بلهجة الاستنكار من هو هذا الفلسطينى الوثنى والغير مختتن حتى يهين ويعير شعب الإله الحى بكلامه ؟!… وكان سؤال داود أساسه الغيرة والحماسة على شعبه وعلى اسم الله.
ع27: أجاب الرجال داود بمكافآت الملك الثلاث التى وعد بها فى (ع25).
ع28: سمع أليآب كلام داود مع الرجال، فغضب عليه ووبخه قائلاً لماذا أتيت إلى أرض المعركة ولماذا تركت عملك فى رعاية الغنم، واتهمه بالكبرياء الذى دفعه لمعرفة أخبار الحرب ليتباهى بها بين زملائه الصغار. وبالطبع كان أليآب مخطئًا فى كل الكلام الذى قاله واتهم أخاه فيه بالفضول والسعى للارتفاع بمكانته.
ع29: أما داود فبحكمة امتص غضب أخيه قائلاً “أترانى فعلت شيئًا” أم هو مجرد كلام وحوار وسؤال وجواب، وهو بذكاء أيضًا أبعد عن نفسه شبهة أنه يفكر فى مقاتلة جليات حتى يطمئن أخاه.
ع30، 31: ما أن أدار داود ظهره مبتعدًا عن أخيه الأكبر حتى ظل يسأل هنا وهناك ويكرر قوله بأنه كيف “يعير هذا الأغلف شعب الله الحى”، وتناقل الكلام من رجل لآخر حتى أخبر الرجال شاول بكلام داود الجرئ والمملوء ثقة، فأرسل شاول واستحضر داود أمامه.
من هذا تظهر بعض الفضائل التى أهلت داود للانتصار على جليات الجبار:
- الطاعة: التى ظهرت فى طاعته السريعة لأبيه (ع20).
- الحكمة: فى إجابته لأخيه الأكبر “أليآب” وعدم انزعاجه من توبيخه (ع28).
- غيرته على اسم الله، فلم يحارب جليات ليثبت قوته لأنه عدوه الشخصى، بل لتجاسره بإهانة اسم الله (ع10)، بعكس شاول الذى اعتبر الفلسطينيين أعداءه وليسوا أعداء الله (ص14: 24).
- البذل : فكان مستعدًا أن يبذل حياته لفداء شعبه عندما وافق على منازلة جليات، أما سؤاله عن مكافأة الملك لمن يغلب جليات فكان يفهم كل ما يحيط بأمر جليات وليس تعلقًا بمكافأة، لأنه ليس أغلى من حياة الإنسان، وإن مات فلن تنفعـه أى مكافـأة (ع27).
ع32: عندما تقابل داود مع شاول، بادره بالكلام، مطمئنًا الملك وواثقًا فى الله الذى يسنده، وأخبره بأنه لا داعٍ لأن يخاف أحد من هذا الأغلف أو يشعر بالمهانة فهو على أتم الاستعداد للذهاب وقتل هذا الفلسطينى.
ع33: بالرغم من الاحتياج الشديد للملك لأى متطوع يذهب لمقاتلة جليات حتى يرفع العار عن شعبه، إلاّ أن محبته لداود وإشفاقه عليه من جهة، وكذلك نظرته الواقعية للأمر من جهة أخرى، جعلته ينصح داود بأن يعدل عن الأمر، موضحًا له صغر سنه وأن جليات رجل متمرس على الحرب طوال عمره. فقد ظن شاول أن كلام داود هو مجرد اندفاع شبابى منه.
ع34، 35: لم تفتر حماسة داود أمام كلام شاول، وفى محاولة لإقناعه بأنه ليس هو الغلام الرقيق بل له قلب رجل قتال، بدأ يحكى لشاول قصة حدثت معه وهو أنه ذات يوم وأثناء رعيه لغنم أبيه خرج عليه أسد جبلى وكذلك دب وتمكن الأسد أن يخطف فى فمه شاه صغيرة، وبالطبع فى مثل هذه الأحوال يشكر الراعى الله أن الأسد لم يقترب منه شخصيًا وأن الخسارة تعتبر خسارة بسيطة إذ هى شاة واحدة، ولكن الراعى ذا القلب النارى لم يفعل هذا، بل أخذ عصاه وطارد الأسد باستماتة وضربه وأسقطه وخلص الشاه من فمه وعندما قام الأسد مرة ثانية من إغمائه أمسكه داود مرة أخرى من ذقنه وظل يضرب على رأسه حتى قتله وقتل الدب أيضًا.
ع36، 37: وأكمل داود حديثه، لقد قتل عبدك أسدًا ودبًا وهما من أشد الحيوانات شراسة، فكذلك سيكون مصير جليات الفلسطينى الأغلف الذى استباح لنفسه أن يعير شعب الله الحى، والله نفسه الذى أنقذنى من الأسد والدب سيعطينى النصرة على جليات وينقذنى من الموت. وأمام هذه الشجاعة والإيمان الذى لداود، لم يستطع شاول شيئًا سوى أن يوافق ودعا له بمباركة الله لخطواته.
ع38، 39: كنوع من التقدير والمكافأة قام شاول وخلع ثياب حربه وألبسها لداود وأعطاه أيضًا خوذة نحاسية ودرعًا، وأخذ داود بعد ذلك سيف شاول أيضًا وحاول أن يتحرك. وكانت هذه أول مرة فى حياته يتحرك بلباس الحرب فوجدها ثقيلة جدًا وتعوقه عن الحركة، وأبلغ شاول أنه لا يستطيع أن يمشى فترك الملابس عنه أى خلعها.
وهنا يظهر سؤال، أين يوناثان الشجاع الذى هجم قبلاً على الفلسطينيين وحده مع حامل سلاحه (ص14)، فلماذا لم يتقدم إلى جليات ؟! هذا يوضح مدى صعوبة مواجهة هذا المحارب الوحش الضخم، فخاف يوناثان منه.
وداود هنا يرمز للمسيح الذى لا يمكن لأحد غيره أن يغلب الشيطان ويقيده بالصليب.
? كن متضعًا إذا وبخك أحد حتى إذا كان على غير حق، فطول أناتك ومحبتك تمتص غضب الآخرين فتكسبهم وتحتفظ بسلامك.
(4) داود يقتل جليات (ع40-54):
40وَأَخَذَ عَصَاهُ بِيَدِهِ, وَانْتَخَبَ لَهُ خَمْسَةَ حِجَارَةٍ مُلْسٍ مِنَ الْوَادِي وَجَعَلَهَا فِي كِنْفِ الرُّعَاةِ الَّذِي لَهُ (أَيْ فِي الْجِرَابِ) وَمِقْلاَعَهُ بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ الْفِلِسْطِينِيِّ. 41وَاقْتَرَبَ الْفِلِسْطِينِيُّ إِلَى دَاوُدَ وَحَامِلُ التُّرْسِ أَمَامَهُ. 42وَلَمَّا رَأَى دَاوُدَ اسْتَحْقَرَهُ لأَنَّهُ كَانَ غُلاَماً وَأَشْقَرَ جَمِيلَ الْمَنْظَرِ. 43فَقَالَ لِدَاوُدَ: «أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ». وَلَعَنَ دَاوُدَ بِآلِهَتِهِ. 44وَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: «تَعَالَ إِلَيَّ فَأُعْطِيَ لَحْمَكَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ». 45فَقَالَ دَاوُدُ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. 46هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ, فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ. 47وَتَعْلَمُ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلاَ بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ الرَّبُّ, لأَنَّ الْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا». 48وَرَكَضَ نَحْوَ الصَّفِّ لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّ. 49وَمَدَّ دَاوُدُ يَدَهُ إِلَى الْكِنْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ حَجَراً وَرَمَاهُ بِالْمِقْلاَعِ, وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ, فَانْغَزَرَ الْحَجَرُ فِي جِبْهَتِهِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 50فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّ بِالْمِقْلاَعِ وَالْحَجَرِ, وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ. وَلَمْ يَكُنْ سَيْفٌ بِيَدِ دَاوُدَ. 51فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا. 52فَقَامَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا وَهَتَفُوا وَلَحِقُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى الْوَادِي وَحَتَّى أَبْوَابِ عَقْرُونَ. فَسَقَطَتْ قَتْلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي طَرِيقِ شَعَرَايِمَ إِلَى جَتَّ وَإِلَى عَقْرُونَ. 53ثُمَّ رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ الاِحْتِمَاءِ وَرَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَنَهَبُوا مَحَلَّتَهُمْ. 54وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ, وَوَضَعَ أَدَوَاتِهِ فِي خَيْمَتِهِ.
ع40: حجارة ملس : زلط.
كنف الرعاة : كيس أو جراب يحمل فيه الراعى أكله ويحمله على كتفه.
مقلاع : شريط من القماش توضع الحجارة فى وسطه تمهيدًا لقذفها.
بعد أن خلع داود ثياب الحرب الثقيلة وصار خفيف الحركة، أخذ العصا التى يحملها الرعاة واختار خمسة حجارة (زلط) من أرض الوادى وأخفاها فى كيس الرعاة المعلق على كتفه، وأخذ مقلاعه فى يده الأخرى وتقدم فى الوادى المنخفض بين الفرقتين نحو جليات الضخم.
ع41-43: تقدم جليات نحو داود أيضًا، وعندما وجده بدون ملابس الحرب وعدتها وكذلك صغير السن وقليل الجسم ورقيق الملامح، احتقره فى نفسه وسخر منه، واعتبر خروج داود للقائه لا يليق بمقامه وقوته، فبدأ يشتم داود ويسب إله إسرائيل، وقال لداود فى سخريته أتعتقد أننى كلب ولست محاربًا حتى تخرج علىّ بعصا بدلاً من السيف أو الرمح.
ع44: فى غضب هدّد جليات داود ليرعبه وقال “تعالى وتقدم نحوى وأنا اجعلك وجبة شهية لجوارح السماء وحيوانات الأرض المفترسة”.
ع45: قال داود لجليات كلمته المشهورة والمحفوظة معلنًا فيها إيمانه القوى بإله إسرائيل وبقوة اسمه القدوس وهى إذا كنت تأتى إلى معتمدًا على أسلحتك من سيف ورمح وترس فأنا أحتمى فى اسم إله القوات السمائية وإله إسرائيل الذى احتقرته وعيرت شعبه بوقاحة.
ع46، 47: ثم قال داود الآن يسلمك الله ليدى، فبقوته أقتلك وأقطع رأسك، بل أن الله سيعطينى النصرة على كل شعبك فيصير كل شعبك طعامًا لطيور السماء وحيوانات الأرض، فيعلم شعبك أولاً وكل شعوب الأرض ثانية أن إله إسرائيل هو إله قادر على كل شئ ولا يعصى عليه أمر. ويكون درسًا لكل المشاهدين الحاضرين هذه الموقعة أنه ليس بالسلاح البشرى وأدوات الحرب تكون النصرة، بل الله وحده هو من يدفعكم لأيادينا بالرغم من قوتكم الظاهرة وأعدادكم الكثيرة.
ع48-50: ارتز : انغرس فى جبهته.
عندما تقدم جليات فى خطواته نحو داود، تقدم داود أيضًا بسرعة نحوه ووضع فى مقلاعه حجرًا من الحجارة الخمس وفرد ذراعه لقذف الحجر، وبالفعل انطلق الحجر فى الهواء فى طريقه إلى جبهة جليات وانغرس فيها. وكانت صدمة الحجر عنيفة جدًا حتى أنها أفقدت هذا الجبار توازنه وسقط على وجهه إلى الأرض. وهكذا تغلب داود على جليات بدون سيف وأسقطه على الأرض وقتله.
من هذا يظهر أن الإنسان مهما كانت قوته ففيه نقطة ضعف ولو واحدة، وكانت نقطة ضعف جليات هى أن جبينه ليست محمية، فاستطاع داود أن يصطاده بحصوة صغيرة بمقلاع الكلاب الذى كان يستخدمه لطرد الكلاب عن غنمه. فلا تنزعج من قوة الأعداء لأن الله قادر أن يغلبهم بسهولة.
ع51: اخترطه من غمده : أخرجه من جرابه.
فى هذا العدد تفصيل للإجمال الذى جاء فى (ع50)، فبعد وقوع جليات على الأرض أسرع داود نحوه وهو ملقى على وجهه وأخرج سيف جليات من جرابه، ورفعه بيديه وسقط به على عنقه فقطع رأسه وقتله، وأمام هول المفاجأة وشدتها ارتعد الفلسطينيون وهربوا.
ع52: شعرايم : إحدى مدن يهوذا بوادى السنط.
قام كل الشعب وراء الفلسطينيين الهاربين إلى مدنهم “جت وعقرون” وقتلوا منهم كثيرين وطاردوهم حتى الوادى القريب من مدنهم.
ويلاحظ أن سبط يهوذا ذكر اسمه منفردًا عن باقى الأسباط وذلك إكرامًا للسبط الذى خرج منه داود المنتصر والملك القادم لكل الشعب.
ع53: الاحتماء : فى الترجمات الأخرى “المطاردة”.
بعد أن فرغ الشعب من مطاردة الفلسطينيين، رجعوا بسرعة إلى المكان الذى كان يعسكر فيه الفلسطينيون واستولوا على كل ما تركوه من غنائم أو متاع.
ع54: أما داود فقد اهتم أن يحمل ويأخذ رأس جليات المقتول وأتى بها إلى أورشليم وكذلك احتفظ بسيف جليات وباقى أسلحته فى خيمته تمهيدًا لنقلها إلى بيت الرب كتذكار لعمل الله مع شعبه ونصرته العظيمة (ص21).
? لم ينزعج داود من ضخامة وقوة جليات ولا أسلحته، بل فى إيمان تقدم نحوه وبقوة الله استطاع أن يقتله. فآمن بالله الذى يحميك ويعمل بك فتتقدم إلى أصعب الظروف واثقًا من نجاحك بقوته، وحتى لو اعترضك الكثيرون فلا يستطيعون أن يعطلوك أو يغلبوا الله الذى فيك.
(5) لقاء داود مع شاول (ع55-58):
55وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ دَاوُدَ خَارِجاً لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّ قَالَ لأَبْنَيْرَ رَئِيسِ الْجَيْشِ: «ابْنُ مَنْ هَذَا الْغُلاَمُ يَا أَبْنَيْرُ؟» فَقَالَ أَبْنَيْرُ: «وَحَيَاتِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ لَسْتُ أَعْلَمُ!» 56فَقَالَ الْمَلِكُ: «اسْأَلِ ابْنُ مَنْ هَذَا الْغُلاَمُ». 57وَلَمَّا رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ الْفِلِسْطِينِيِّ أَخَذَهُ أَبْنَيْرُ وَأَحْضَرَهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَرَأْسُ الْفِلِسْطِينِيِّ بِيَدِهِ. 58فَقَالَ لَهُ شَاوُلُ: «ابْنُ مَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ؟» فَقَالَ دَاوُدُ: «ابْنُ عَبْدِكَ يَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ».
ع55: يعود بنا هذا العدد إلى ما قبل لقاء داود بجليات وقتله، فبعد حوار داود مع شاول لإقناعه بذهابه للحرب وخروج داود بالفعل، سأل شاول قائد جيشه أبنير عن داود قائلاً “ابن من هذا الغلام”.
وهذا يثير التعجب، إذ أن شاول قد سبق وأحب داود وجعله حاملاً لسلاحه فكيف يسأل الآن عنه، وللإجابة على هذا السؤال نوضح الآتى :
- أن داود لم تكن له إقامة دائمة فى بيت شاول بل كانوا يستدعونه كلما تعب شاول، وفى الفترة الأخيرة لم يكن الروح النجس يهاجم شاول وبالتالى لم يكن ظهور داود عنده كثيرًا.
- أن لقب حامل سلاح الملك كان لقبًا شرفيًا بالأكثر لمن يريد أن يكرمه الملك ولعل داود قد حمل سلاح شاول أيامًا ثم ترك هذه المهمة للعناية بغنم أبيه “يسى”.
ولعله قد مرت سنوات بين ضرب داود بالعود أمام شاول وبين قتله لجليات، بالإضافة إلى أن الروح النجس كان يجعل شاول ينسى أمورًا كثيرة.
وهناك رأى آخر وهو أن شاول غار من داود وأظهر أنه لا يعرفه إهمالاً له وتبعه فى ذلك أبنير.
ع56-58: كلف شاول “أبنير” رئيس جيشه بالسؤال عن داود وعن نسبه، وبالفعل عندما انتهى داود من قتل جليات أحضره “أبنير” أمام شاول وهو لا يزال يحمل فى يده رأس جليات، فسأله شاول من أنت أيها الغلام وابن مَن من الشعب، فأجابه داود بأنه ابن “يسى” الذى من قرية بيت لحم. ويلاحظ فى إجابة داود اتضاعه أمام الملك إذ قال “ابن عبدك”.
وداود بانتصاره على جليات يرمز للمسيح فيما يلى :
- داود قتل الجبار الذى يعير شعب الله، والمسيح قيد الشيطان الذى يحارب ويعير أولاد الله.
- قطع داود رأس جليات والمسيح داس بموته رأس الحية القديمة أى الشيطان.
- قتل داود جليات بسيف جليات، والمسيح داس الشيطان بالصليب وموته عليه الذى دبره الشيطان عن طريق رؤساء كهنة اليهود.
- أخذ داود عصا بيده عند ملاقاته بجليات والمسيح حمل خشبة الصليب.
? كن متضعًا عندما تحقق انتصارات وإنجازات ونجاحات، معطيًا المجد لله بالشكر فتحمى نفسك من الكبرياء وتنال بركات إلهية أوفر.