استعداد الفلسطينيين للحرب واستبعاد داود من المشاركة فيها
(1) رفض أقطاب الفلسطينيين لداود (ع1-5):
1وَجَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جَمِيعَ جُيُوشِهِمْ إِلَى أَفِيقَ. وَكَانَ الْإِسْرَائِيلِيُّونَ نَازِلِينَ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَزْرَعِيلَ. 2وَعَبَرَ أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِئَاتٍ وَأُلُوفاً, وَعَبَرَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي الْمُؤَخَّرَةِ مَعَ أَخِيشَ. 3فَقَالَ رُؤَسَاءُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ: «مَا هَؤُلاَءِ الْعِبْرَانِيُّونَ؟» فَقَالَ أَخِيشُ لِرُؤَسَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ: «أَلَيْسَ هَذَا دَاوُدَ عَبْدَ شَاوُلَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَانَ مَعِي هَذِهِ الأَيَّامَ أَوْ هَذِهِ السِّنِينَ, وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئاً مِنْ يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ». 4وَسَخَطَ عَلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ, وَقَالُوا لَهُ: «أَرْجِعِ الرَّجُلَ فَيَرْجِعَ إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي عَيَّنْتَ لَهُ, وَلاَ يَنْزِلَ مَعَنَا إِلَى الْحَرْبِ وَلاَ يَكُونَ لَنَا عَدُوّاً فِي الْحَرْبِ. فَبِمَاذَا يُرْضِي هَذَا سَيِّدَهُ؟ أَلَيْسَ بِرُؤُوسِ أُولَئِكَ الرِّجَالِ؟ 5أَلَيْسَ هَذَا هُوَ دَاوُدُ الَّذِي غَنَّيْنَ لَهُ بِالرَّقْصِ قَائِلاَتٍ: ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ؟».
ع1: أفيق : مكان جنوب شونم (ص28: 4).
بعد أن اجتمع الفلسطينيون أولاً فى “شونم” بدأوا يتحركون جنوبًا حتى يكونوا أكثر قربًا من جيوش الإسرائيليين، فتجمعوا ببلدة “أفيق” لتنظيم جيشهم قبل الحرب. بينما تمركز الإسرائيليون فى يزرعيل على عين ماء، يرجح أنها حرور، وهى فى الغالب عين جالود التى تقع جنوب شرق يزرعيل.
ع2: أقطاب : رؤساء وقادة أو ملوك.
الساقة : مؤخرة الجيش.
تقدم ملوك الفلسطينيين الخمسة بجيوشهم وقادوا مئات وألوف من الرجال للحرب، وكان داود أيضًا مجبرًا أن يخرج معهم، كما طلب منه الملك أخيش، وبالطبع لم يكن داود يعرف ماذا يفعل، فلو انسحب سيظهر خداعه السابق لأخيش، ولو دخل الحرب بالفعل لكان خائنًا لله ولشعبه وهو ما لا يفعله داود أبدًا .. !!! لكنه صلى وانتظر الله أن يتدخل لينقذه من هذا المأزق.
ع3: كان ملوك الفلسطينيين عددهم خمسة، أحدهم أخيش الذى قبل داود فى صفوفه وسمح له بالإقامة ودعاه الآن أيضًا ليحارب مع صفوف رجاله. وعندما رأى باقى ملوك الفلسطينيين ذلك، اعترضوا على أخيش لخروج داود معهم فى هذه الحرب، فبادر أخيش بالدفاع عنه بأنه كان من عبيد شاول ولكنه هرب مع رجاله إليه فقبله ولم يجد فيه شيئًا رديًا طوال إقامته معهم فى مدينة صقلغ.
ع4، 5: اعترض ملوك الفلسطينيين الأربعة على دفاع “أخيش”، وكانوا بالفعل أكثر حكمة وواقعية، وأوضحوا فى اعتراضهم أن داود سوف ينقلب فى الحرب ضدهم فى محاولة لاسترضاء شاول مرة أخرى وسيقدم رؤوسهم هدية له، فكيف يخون داود شعبه وهو بطل قومى وشعبى غنت له النساء سابقًا بعد انتصاره على جليات، واقترحوا على أخيش أن يلزمه بالمكوث فى صقلغ ولا يغادرها ولا يكون له نصيب أساسًا فى هذه الحرب.
? لا تنزعج عندما تقابلك مواقف مخجلة مهما كانت صعبة، ولكن إرفع قلبك لله واطلب شفاعة القديسين وثق أن الله لن يتركك بل ينجيك ويرشدك ويحميك فلا يصيبك أى أذى.
(2) اعتذار أخيش لداود (ع6-11):
6فَدَعَا أَخِيشُ دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِنَّكَ أَنْتَ مُسْتَقِيمٌ, وَخُرُوجُكَ وَدُخُولُكَ مَعِي فِي الْجَيْشِ صَالِحٌ فِي عَيْنَيَّ لأَنِّي لَمْ أَجِدْ فِيكَ شَرّاً مِنْ يَوْمِ جِئْتَ إِلَيَّ إِلَى الْيَوْمِ. وَأَمَّا فِي أَعْيُنِ الأَقْطَابِ فَلَسْتَ بِصَالِحٍ. 7فَالآنَ ارْجِعْ وَاذْهَبْ بِسَلاَمٍ, وَلاَ تَفْعَلْ سُوءاً فِي أَعْيُنِ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 8فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيشَ: «فَمَاذَا عَمِلْتُ, وَمَاذَا وَجَدْتَ فِي عَبْدِكَ مِنْ يَوْمِ صِرْتُ أَمَامَكَ إِلَى الْيَوْمِ حَتَّى لاَ آتِيَ وَأُحَارِبَ أَعْدَاءَ سَيِّدِي الْمَلِكِ؟» 9فَأَجَابَ أَخِيشُ: «عَلِمْتُ أَنَّكَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيَّ كَمَلاَكِ اللَّهِ. إِلَّا إِنَّ رُؤَسَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ قَالُوا: «لاَ يَصْعَدْ مَعَنَا إِلَى الْحَرْبِ. 10وَالآنَ فَبَكِّرْ صَبَاحاً مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِكَ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَكَ. وَإِذَا بَكَّرْتُمْ صَبَاحاً وَأَضَاءَ لَكُمْ فَاذْهَبُوا». 11فَبَكَّرَ دَاوُدُ هُوَ وَرِجَالُهُ لِيَذْهَبُوا صَبَاحاً وَيَرْجِعُوا إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَأَمَّا الْفِلِسْطِينِيُّونَ فَصَعِدُوا إِلَى يَزْرَعِيلَ.
ع6، 7: اضطر أخيش أن يخضع لرأى الملوك الأربعة، فطلب داود وعندما جاءه بدأ كلامه معه بلهجة الاعتذار، فمدحه أولاً على استقامته طوال فترة بقائه فى أرض الفلسطينيين وأنه لم يجد منه شرًا، وكان يود أن يصطحبه معه فى الحرب ولكن رأيه لم يجد قبولاً لدى رؤساء الفلسطينيين، ولهذا فعلى داود الرجوع والعودة إلى مكانه بصقلغ وألا يشترك فى الحرب. وبالطبع نحن نرى هنا كيف أن يد الله وتدبيره هو الذى رفع عن داود الحرج وأنقذه من الموقف الصعب، وأيضًا أعاده الله إلى صقلغ التى هاجمها العمالقة لينقذ بيوته ونساءه من هذا الهجوم (ص30: 1-6).
ع8: أخفى داود مشاعره الحقيقية بعمل الله القوى وكيف أن الاعتذار جاء من الفلسطينيين، واستغل الفرصة وأبدى مشاعر التأثر المزيف بأنه لن يشترك فى المعركة مع أخيش وكيف يمكث بعيدًا عن المعركة ولا يقاتل الإسرائيليين.
ع9: أعاد أخيش كلامه الطيب لداود ووصفه بأنه كملاك حارس من الآلهة له، وأوضح له ثانيةً أن الرفض لم يكن منه بل من باقى ملوك الفلسطينيين.
ع10، 11: وطلب منه أيضًا أن يبكر فى الصباح مع رجاله ليعودوا إلى “صقلغ”، وبالفعل صنع داود هكذا ورجع مع رجاله إلى أراضى الفلسطينيين ولم يشترك فى الحرب، بينما استعد الفلسطينيون للقتال فى يزرعيل.
ونرى فى كلام أخيش ملك جت مع أقطاب الفلسطينيين ومع داود ما يبين تأثره ومحبته الشديدة لداود كما يظهر فيما يلى :
- قسمه بالرب بقوله “حى هو الرب” (ع6) وأصلها “يهوه” وهذا معناه تأثر أخيش بداود فأخذ عنه هذا القسم.
- شهادته عن داود أمام أقطاب الفلسطينيين أنه مستقيم (ع6).
- شبه داود بملاك فى حديثه معه (ع9).
? من أجل استقامة قلب داود، أحبه أعداؤه ولم يروا فيه عيبًا. فكن مستقيمًا أمام الله فيجعل كل من حولك يسالمونك فتستطيع أن تتعامل معهم بسلام وتنجح فى كل طرقك.