رغبة داود فى بناء بيت للرب وصلاته
غالبًا تمت أحداث هذا الأصحاح بعد الأصحاح الثامن، أى بعد انتهاء داود من حروبه، ولكن ذكر هنا لأنه مرتبط بنقل التابوت المذكور فى الأصحاح السابق.
(1) رغبة داود فى بناء بيت للرب (ع1-17):
1وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ الْمَلِكُ فِي بَيْتِهِ وَأَرَاحَهُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ 2أَنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِنَاثَانَ النَّبِيِّ: «انْظُرْ. إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ، وَتَابُوتُ اللَّهِ سَاكِنٌ دَاخِلَ الشُّقَقِ». 3فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ: «اذْهَبِ افْعَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ، لأَنَّ الرَّبَّ مَعَكَ». 4وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ: 5«اِذْهَبْ وَقُلْ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتاً لِسُكْنَايَ؟ 6لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ. 7فِي كُلِّ مَا سِرْتُ مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ قُلْتُ لأَحَدِ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعُوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا لَمْ تَبْنُوا لِي بَيْتاً مِنَ الأَرْزِ؟ 8وَالآنَ فَهَكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيساً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 9وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ اسْماً عَظِيماً كَاسْمِ الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ فِي الأَرْضِ. 10وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَغَرَسْتُهُ، فَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ، وَلاَ يَضْطَرِبُ بَعْدُ وَلاَ يَعُودُ بَنُو الإِثْمِ يُذَلِّلُونَهُ كَمَا فِي الأَوَّلِ 11وَمُنْذُ يَوْمَ أَقَمْتُ فِيهِ قُضَاةً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أَرَحْتُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ. وَالرَّبُّ يُخْبِرُكَ أَنَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ لَكَ بَيْتاً. 12مَتَى كَمِلَتْ أَيَّامُكَ وَاضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. 13هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ. 14أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ النَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. 15وَلَكِنَّ رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ الَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ. 16وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتاً إِلَى الأَبَدِ». 17فَحَسَبَ جَمِيعِ هَذَا الْكَلاَمِ وَحَسَبَ كُلِّ هَذِهِ الرُّؤْيَا كَذَلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ.
ع1، 2: ناثان النبى : نبى عاصر الملكين داود وسليمان وأرّخ لحياتهما (1أى29: 29 و2أى9: 29) وكان أمينًا فى توصيل كلام الله بصراحة دون خوف من شخصية الملك، ولكنه يتكلم أيضًا باحترام وتقدير لداود حتى وهو يوبخه.
بيت من أرز : الأرز هو شجر لبنان الدائم الخضرة وثمره يشبه ثمر الصنوبر، خشبه جيد وله رائحة عطرية، استخدم فى بناء القصور وصوارى السفن وفى صنع التماثيل.
الشقق : قطع من القماش تصنع منها الخيمة.
كان حيرام ملك صور قد أمد داود صديقه بخشب الأرز ليبنى لنفسه بيتًا (ص5: 11) واستقر به داود حيث اعتبر كقصر ملكى. وكانت كل الأمور من حوله هادئة ومستقرة، سواء داخليًا بعد انقراض أسرة شاول التى كانت تنافسه فى الحكم، أو خارجيًا من الشعوب المحيطة كالفلسطينيين وغيرهم. فعزّ على داود أن يسكن فى قصر مبنى من خشب الأرز، بينما تابوت الرب فى خيمة من قماش، فأعرب للنبى ناثان المعاصر له عن رغبته فى بناء بيت للرب لا يقل فخامة إن لم يزد عن بيته. وهذا يظهر تواضع داود فى التجائه لإخبار ناثان النبى فى بناء بيت للرب، فلم يقل فى نفسه وأنا أيضًا نبى فلماذا اسأل نبى غيرى، أى نسى مكانته أيضًا كملك.
ع3: لم يستشر ناثان الرب فى رغبة داود بل عبّر له عن رأيه الخاص فيها، إذ استحسن رغبته هذه مؤكدًا له أن الرب سيعمل على إنجاح مسعاه هذا لأن الرب قد أيّده فى كل طرقه سابقًا.
ع4-7: إذ تسرع ناثان ووافق على رغبة داود فى بناء بيت لله من الأرز، تكلم معه الله فى نفس الليلة ليكلم داود ويسأله، هل تريد أن تبنى بيتًا لى، والله بهذا يمتدح رغبة داود ولكن يوضح له أنه سكن فى خيمة وسط شعبه منذ أيام موسى ويشوع والقضاة، ولم يطلب من أحد القضاة، أى بعد استقرار الشعب فى أرض الميعاد، أن يبنى له بيتًا.فلم يحن الوقت المناسب لبناء بيت لا أيام القضاة ولا أيام داود.
ونلاحظ أن الله قد كلّم ناثان ولم يكلم داود وذلك لأمرين :
- لأن ناثان هو الذى تسرع ووافق على رغبة داود لكونها منطقية ورغبة روحية جميلة، دون أن يستشير الله، فعرفه الله خطأه.
- لكى يثبِّت الاتضاع فى قلب داود، فرغم أنه ملك ونبى ولكنه محتاج أن يسمع صوت الله عن طريق نبى آخر، بالإضافة إلى أنه أعلمه عن طريق ناثان كما سنرى أنه لن يبنى له بيتًا بل ابنه.
وقد أجّل الله أيضًا بناء بيت له ليعلن أنه لم يحقق لهم الانتصارات على الأعداء ليبنوا له بيتًا، فهو غير محتاج لبناء بيت من الأحجار والأخشاب، ولكنه يريد بالأحرى أن يملك على قلوب أولاده. فرغم أن سليمان هو الذى بنى بيت الرب، ولكن داود أبيه كانت مكانته أعظم فى نظر الله وقلبه مثل قلب الله.
ع8، 9: المربض : مرعى الغنم.
من وراء الغنم : من رعاية الغنم.
لم يشأ الرب أن يحبط داود أو يشككه فى أنه غير راضٍ عنه، لذلك لم يسمح له ببناء البيت، فعدّد له الرب إحساناته إليه التى تدل على محبته له، بل استهل حديثه التالى عنه بدعوته “عبدى داود”، وهو لقب يدعو به الرب أنبياءه المصطفين المخلصين له، ثم أتبع ذلك بتذكيره بتلك الاحسانات التى تمثلت فى جعله ملكًا على شعبه بعد أن كان مجرد راعى غنم، بالإضافة إلى مساندته له فى كل ما قام به من أعمال، نصره على جميع الشعوب المعادية وأبعد عنه مضايقيه ومنافسيه، وأعطى له اسمًا وصيتًا وسط شعبه والشعوب المحيطة أيضًا فصار من عظماء التاريخ.
ع10: بنو الإثم : الشعوب الشريرة.
بعد أن عدّد الرب إحساناته لداود، ذكر هنا أعماله – أعمال الرب – من أجل شعبه. فبعد أن كان الشعب تائهًا فى الأرض ولا وطن له، أعطاه موطنًا ليسكن فيه هو أرض كنعان، وثبّته فى وطنه فسكن آمنًا مطمئنًا لم يعد مستعبدًا ومذلولاً لشعب آخر كما كان فى مصر.
ع11: رعى الله شعبه قديمًا، فكلما هاجمته الشعوب الوثنية بسماح من الرب لبعدهم عن طريقه، كان الله يقيم “قضاة” ليخلصهم بواسطتهم من أعدائهم، وفى عهد داود أراح الله شعبه وأعطاهم هدوءًا واستقرارًا. هذا على مستوى الشعب جميعه، أما فيما يخص داود ذاته فالرب يخبره أنه سيبارك أسرته فتظل فى الصدارة حتى بعد مماته كما سيأتى فى الأعداد التالية.
ع12: يخرج من أحشائك : ابنك المولود منك.
أنبأه الرب أنه متى حان موعد رحيله من الأرض ومات كما مات آباؤه، سيتولى الملك من بعده ابنه الذى من صلبه والرب سيعضده ويثبته على كرسى المملكة. وقد قال نسلك ولم يقل ابنك لأنه لا يقصد فقط بناء البيت بيد سليمان، بل أيضًا المسيح الذى سيبنى البيت الدائم إلى الأبد وهو الكنيسة.
ع13: بين له الرب أن ابنه الذى سيتولى الملك من بعده هو المكلَّف ببناء بيت الرب، فسليمان ابن داود هو الذى بنى هيكل الرب، كما وعد الرب بأن تظل مملكة يهوذا قائمة وملوكها جميعًا من بيت داود إلى الأبد. ويقصد ذلك من خلال المُلك الحقيقى للرب يسوع المسيح الدائم إلى دهر الدهور كما جاء فى (لو1: 32-33) “ويعطيه الرب كرسى داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية”.
ع14، 15: إن تعوج : إن انحرف.
قضيب الناس : عداوات بنى البشر وتعدياتهم.
ضربات بنى آدم : الويلات من أمراض وأزمات تصيب الإنسان.
يستكمل الله كلامه عن سليمان فيوضح أنه سينظر إليه باعتباره ابنًا، فيرعاه ويسنده باهتمام خاص، ويرتبط الملك بالله كأب له فى علاقة قوية، ولكن المعنى الكامل ينطبق على المسيح الذى هو ابنه فى الجوهر وليس بالتبنى كما فى حالة سليمان. ثم يستكمل كلامه عن سليمان فيوضح أنه سيعامله معاملة الأب الرحوم، فإذا انحرف عن الطريق المستقيم سيستخدم معه وسائل تأديبية سواء بتعريضه لمضايقات البشر أو للأزمات والضيقات، وهذا التأديب سيكون لصالحه حتى يعرف خطأه ويصلح طريقه. ولكن – يقول الرب – لن أرفضه أو أنبذه كما رفضت شاول ونزعت الملك عنه وعن نسله فأخليت الطريق لك. وقد تحقق هذا مع سليمان عندما أقام الأوثان إرضاءً لزوجاته، ولكنه عاد فتاب وزهد كل غنى العالم فى سفر الجامعة، فعندما أخطأ أولاد سليمان رحبعام الملك أو من بعده أبقى لهم سبطين وظلت مملكة يهوذا بعد مملكة إسرائيل التى انقسمت عنها سنوات طويلة.
? إذا ما صادفتنا بعض الضيقات فى حياتنا فلا نقابل ذلك بتذمر، بل علينا أن نراجع أنفسنا لئلا نكون قد انحرفنا عن السلوك المستقيم فسمح الله لنا ببعض الإنذارات لتكون لنا بمثابة صحوة لتعديل المسار.
ع16: بعد انتقالك من الحياة الدنيا سترى بروحك بيتك ومملكتك آمنة فى تقدم ورقى، ويدوم الملك فى بيتك زمانًا طويلاً يكون فيه ملوك يهوذا جميعهم من نسلك. وقد تحقق هذا الوعد جزئيًا بخصوص داود ونسله، أما التحقيق الكامل فيتم فى شخص السيد المسيح الذى جاء فى الجسد من نسل داود ليملك على إسرائيل الروحى الذى هو شعب الله المؤمن من كل الشعوب ملكًا أبديًا بسلطان أبدى لا يزول.
ع17: الخدام الأمناء للرب يبلغون رسالته بكل أمانة وصدق، هكذا فعل ناثان فبلغ داود بكل كلام الرب الذى سمعه منه فى الرؤيا.
? هذه هى مهمة خدام الرب التى يحرصون على أدائها بكل أمانة وصدق ألا وهى تبليغ المؤمنين برسالة الرب إليهم كاملة بدون زيادة أو نقصان حتى يقوموا طريقهم ويصلحوا مسيرة حياتهم بما يرضى الرب.
(2) صلاة داود (ع18-29):
18فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي الرَّبَّ، وَمَا هُوَ بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هَهُنَا؟ 19وَقَلَّ هَذَا أَيْضاً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ فَتَكَلَّمْتَ أَيْضاً مِنْ جِهَةِ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ. وَهَذِهِ عَادَةُ الإِنْسَانِ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ. 20وَبِمَاذَا يَعُودُ دَاوُدُ يُكَلِّمُكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ؟ 21فَمِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذِهِ الْعَظَائِمَ كُلَّهَا لِتُعَرِّفَ عَبْدَكَ. 22لِذَلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلَهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا. 23وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِي سَارَ اللَّهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْباً، وَيَجْعَلَ لَهُ اسْماً، وَيَعْمَلَ لَكُمُ الْعَظَائِمَ وَالتَّخَاوِيفَ لأَرْضِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ الَّذِي افْتَدَيْتَهُ لِنَفْسِكَ مِنْ مِصْرَ مِنَ الشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ. 24وَثَبَّتَّ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ شَعْباً لِنَفْسِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَأَنْتَ يَا رَبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلَهاً. 25وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ أَقِمْ إِلَى الأَبَدِ الْكَلاَمَ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَافْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ.
26وَلِْيَتَعَظَّمِ اسْمُكَ إِلَى الأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَلْيَكُنْ بَيْتُ عَبْدِكَ دَاوُدَ ثَابِتاً أَمَامَكَ. 27لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ قَائِلاً إِنِّي أَبْنِي لَكَ بَيْتاً. لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هَذِهِ الصَّلاَةَ. 28وَالآنَ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ أَنْتَ هُوَ اللَّهُ وَكَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ، وَقَدْ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ بِهَذَا الْخَيْرِ. 29فَالآنَ ارْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمْتَ. فَلْيُبَارَكْ بَيْتُ عَبْدِكَ بِبَرَكَتِكَ إِلَى الأَبَدِ».
ع18: جلس : أى استراح قليلاً ليجمع أفكاره ثم ركع أو سجد، أو العكس بدأ بالسجود وعندما تعب من طول الصلاة جلس واستكمل صلاته والمقصود بالجلوس ليس المعنى الحرفى بل الاستقرار والوجود أمام الله.
دخل داود إلى خيمة الاجتماع ومثل أمام الرب ساجدًا وصلى الصلاة التالية :
عملت معى أعمالاً عظيمة يا إلهى لا أستحقها، فمن أكون أنا سوى راعى غنم بسيط، ابن لرجل عادى من عامة الشعب، فكيف رفعتنى إلى هذا المركز لأكون ملكًا على شعبك؟!
ونلاحظ فى كلام داود أنه لم يغضب أو يحزن لأن الله رفض أن يبنى له بيتًا، بل على العكس شعر بفضل الله العظيم عليه فى كل حياته وفضله على نسله إذ سيسمح لابنه ببناء بيت الرب.
? قبل أن نطلب المزيد من الرب فى صلواتنا، علينا أن نشكره أولاً على كل ما غمرنا به فى حياتنا من عطف ورعاية. لذلك تضع كنيستنا، بإرشاد الروح القدس، صلاة الشكر فى بداية كل خدمة طقسية.
ع19: هذه عادة الإنسان : رغبة يتمناها كل إنسان.
لم تكتفِ يا إلهى بهذه النعم التى أصبغتها علىّ، بل طمأنتنى على ما سيحدث فى المستقبل ولزمن طويل لنسلى، فهذه رغبة يتمناها كل إنسان أن يطمئن على مستقبل أولاده وأحفاده من بعده.
ع20: عرفت عبدك : أنت عارف بما فى قلبى.
أجد نفسى عاجزًا عن التعبير عن شكرى واعترافى بأفضالك التى غمرتنى بها، والوعود التى وعدتنى أنا ونسلى. أنت عارف بما فى قلبى فأنت فاحص القلوب ومختبر الأفكاروعالم بضعفاتى وأخطائى.
ع21: لقد فعلت هذه الإحسانات العظيمة التى وعدت أن تكون لى ولنسلى من بعدى إكرامًا لكلمتك التى هى وعودك لى وأطلعتنى عليها وعرفتنى بها.
ع22: حقًا أنك إله وحيد وفريد فى عظمتك وليس هناك إله غيرك، وقد علمنا ذلك مما سمعناه من أنبيائك ومن آبائنا الذين أبصروا أعمالك واختبروا حبك لشعبك ورعايتك له.
ع23: التخاويف : الضربات التى ضرب بها فرعون وشعبه.
لا توجد أمة على الأرض مثل شعبك الذى اخترته من بين جميع الشعوب، وقد سرت معه لتنقذه وتخلصه، وجعلت له مكانًا مرموقًا وسط الشعوب، وذاع صيته بينهم باعتباره شعب الرب يهوة إله إسرائيل القوى.
ويلفت داود نظر شعب إسرائيل إلى الأعمال العظيمة التى فعلها الرب من أجلهم، أعماله المرهوبة المخوفة مثل الضربات التى ضرب بها فرعون وشعبه وخوف شعوب كنعان من شعبه الذى أنقذه من مصر وطرد أممًا من أمامه.
ع24: أنت يا رب اخترت إسرائيل شعبًا خاصًا لك وثبّته على الدوام دون بقية الشعوب. وقد تحقق هذا فعلاً رغم سقوط إسرائيل وتشتتها فى أنحاء المسكونة بالسبى، فإسرائيل حسب الجسد انتهى بمجئ المسيح، فأصبح المنتسبون إليه أى المؤمنون به هم شعب إسرائيل الجديد الذى سيثبته الرب فى الإيمان إلى النهاية.
ع25: والآن أيها الرب الإله لتكن وعودك ثابتة إلى الأبد معى ومع بيتى حسب الكلام الذى تكلمت به إلى عبدك ناثان، فتمم لنا مواعيدك حتى لو أخطأت أو أخطأ أهل بيتى فاغفر لنا.
ع26: يدعو داود أن يظل اسم الرب عظيمًا ومجيدًا كل الأجيال فيعلم الجميع أن إله إسرائيل هو رب الجنود؛ كما يدعوه أيضًا أن يديم بيته ثابتًا أمامه فلا ينقرض.
ع27: قال داود من أجل نعمتك علىّ يا رب ووعدك أن تبنى لى بيتًا وتثبته إلى الأبد، فإنى أصلى إليك هذه الصلاة وأشكرك من كل قلبى.
ع28، 29: يعلن داود ثقته فى وعود الله التى أعطاها له على فم ناثان ثم يطالبه بأن يبدأ بإعطاء البركة له ولبيته ليظل مباركًا إلى الأبد.
? ليتنا نثق فى وعود الله فتدفعنا إلى كل عمل صالح، ولا نهتز إن قابلتنا ضيقات فوعود الله لابد أن تتم. فقط نثابر فى الصلاة والجهاد ونثق أنه سيكمل عمله فينا.