خدعة الجبعونيين
(1) تحالف الملوك (ع1-2):
1وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي الْجَبَلِ وَفِي السَّهْلِ وَفِي كُلِّ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ إِلَى جِهَةِ لُبْنَانَ, الْحِثِّيُّونَ وَالأَمُورِيُّونَ وَالْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ وَالْحِوِّيُّونَ وَالْيَبُوسِيُّونَ, 2اجْتَمَعُوا مَعاً لِمُحَارَبَةِ يَشُوعَ وَإِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ.
ع1: عبر الأردن : المقصود الضفة الغربية من نهر الأردن.
البحر الكبير : البحر الأبيض المتوسط.
الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون : قبائل كنعانية.
بعد الانتصار على أريحا وعاى، حدث توتر عام بين ملوك المدن الرئيسية الواقعة غرب نهر الأردن وحتى ساحل البحر الأبيض فى المناطق كلها من جبال وسهول.
ع2: اتفق ملوك البلاد الواقعة غرب الأردن أن يتحدوا معًا ويحاربوا بنى إسرائيل ليصبح من السهل أن ينتصروا عليهم.
? لا تنزعج إذا اتفق الأشرار عليك مهما بدت قوتهم أو كثرتهم، فهم لا شئ أمام قوة الله التى معنا. قدِّم أمام الله احتياجك وتضرع إليه فتثبت ولا يستطيع أحد أن يقهرك.
(2) حيلة الجبعونيين (ع3-13):
3وَأَمَّا سُكَّانُ جِبْعُونَ لَمَّا سَمِعُوا بِمَا عَمِلَهُ يَشُوعُ بِأَرِيحَا وَعَايٍ 4عَمِلُوا بِغَدْرٍ, وَمَضُوا وَدَارُوا وَأَخَذُوا جَوَالِقَ بَالِيَةً لِحَمِيرِهِمْ, وَزِقَاقَ خَمْرٍ بَالِيَةً مُشَقَّقَةً وَمَرْبُوطَةً, 5وَنِعَالاً بَالِيَةً وَمُرَقَّعَةً فِي أَرْجُلِهِمْ, وَثِيَاباً رَثَّةً عَلَيْهِمْ, وَكُلُّ خُبْزِ زَادِهِمْ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَاً. 6وَسَارُوا إِلَى يَشُوعَ إِلَى الْمَحَلَّةِ فِي الْجِلْجَالِ, وَقَالُوا لَهُ وَلِرِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِئْنَا. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْداً». 7فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ لِلْحِوِّيِّينَ: «لَعَلَّكَ سَاكِنٌ فِي وَسَطِي, فَكَيْفَ أَقْطَعُ لَكَ عَهْداً؟» 8فَقَالُوا لِيَشُوعَ: «عَبِيدُكَ نَحْنُ». فَقَالَ لَهُمْ يَشُوعُ: «مَنْ أَنْتُمْ, وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟» 9فَقَالُوا لَهُ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِدّاً جَاءَ عَبِيدُكَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ, لأَنَّنَا سَمِعْنَا خَبَرَهُ وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمِصْرَ 10وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ, سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ وَعُوجَ مَلِكِ بَاشَانَ الَّذِي فِي عَشْتَارُوثَ. 11فَكَلَّمَنَا شُيُوخُنَا وَجَمِيعُ سُكَّانِ أَرْضِنَا قَائِلِينَ: خُذُوا بِأَيْدِيكُمْ زَاداً لِلطَّرِيقِ, وَاذْهَبُوا لِلِقَائِهِمْ وَقُولُوا لَهُمْ: عَبِيدُكُمْ نَحْنُ. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْداً. 12هَذَا خُبْزُنَا سُخْناً تَزَوَّدْنَاهُ مِنْ بُيُوتِنَا يَوْمَ خُرُوجِنَا لِنَسِيرَ إِلَيْكُمْ, وَهَا هُوَ الآنَ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَاً. 13وَهَذِهِ زِقَاقُ الْخَمْرِ الَّتِي مَلَأْنَاهَا جَدِيدَةً, هُوَذَا قَدْ تَشَقَّقَتْ. وَهَذِهِ ثِيَابُنَا وَنِعَالُنَا قَدْ بَلِيَتْ مِنْ طُولِ الطَّرِيقِ جِدّاً.
ع3: جبعون : معناها تل وهى مدينة تقع شمال أورشليم بتسعة كيلو مترات وتتمتع بتحصين شديد (خريطة 1).
كان الـرب قد حدد لشعبه سبع قبائل لا يتعاهدوا معهم بل يحرموهم لكثرة شرورهم (تث7: 1-2) وهم الحثيون والجرجاشيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون، وكان سكان جبعون من الحويين، وقد سمعوا بانتصار اليهود على أريحا وعاى وقتل سكانهما، فخافوا جدًا ودبروا خطة للنجاة من أيدى بنى إسرائيل.
ع4، 5: غدر : خداع.
جوالق : زكائب وأكياس.
زقاق : أوانى جلدية لحمل الماء أو الخمر.
رثة : قديمة ومهلهلة.
فتاتًا : قطعًا صغيرة.
خدع الجبعونيون اليهود فتظاهروا أنهم آتون من بلاد بعيدة، وأخذوا زكائب قديمة ووضعوا بداخلها خبزًا جافًا متفتنًا وزقاق خمر قديمة مليئة بالثقوب، وربطوا ثقوبها حتى تنسد، ولبسوا نعالاً قديمة وثيابًا مهلهلة وحمَّلوا حميرهم وأتوا إلى اليهود.
ع6، 7: كان اليهود معسكرين فى الجلجال التى تقع بجوار أريحا (ص4: 19)، وطلب الجبعونيون منهم عمل معاهدة سلام، فتردد اليهود لئلا يكونوا من أصحاب الأرض القريبة التى وعدهم الرب بميراثها وتحريم شعبها.
ع8، 9: عندما سألهم يشوع عن أصلهم ومكان سكناهم، كذبوا عليه مدعين أنهم جاءوا من بلاد بعيدة مؤمنين بقوة الله وعظمته عندما سمعوا بالضربات العشر التى فعلها الرب بالمصريين وغرق فرعون وجيشه فى البحر.
ع10: وكذلك سمعوا بانتصار اليهود على ملوك الأموريين سيحون وعوج بشرق الأردن، وكان عوج يسكن فى عاصمته عشتاروت. وأراضى هذين الملكين كانت شرق الأردن واستولى عليها سبط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى بعد أن هزموا هذين الملكين وجيوشهما (تث2، 3).
ع11-13: قال الجبعونيون إن شيوخنا عندما سمعوا بأخبار قوتكم وانتصاراتكم قالوا لنا أن نأخذ معنا زادًا ونسافر إليكم ونطلب منكم أن تقطعوا معنا عهدًا ونصير عبيدًا لكم، والدليل أننا ساكنون فى مكان بعيد جدًا عنكم أن خبزنا الذى تزودنا به عند خروجنا كان ساخنًا والآن صار ليس فقط يابسًا بل فتاتًا، وأزقة خمرنا التى كانت جديدة تشققت من طول السفر، ونعالنا بليت من كثرة المشى.
? كن حريصاً فى حياتك حتى لا يخدعك إبليس بحيله، وحتى تكتشفها إفحص هل الفكرة أو الأمر المعروض عليه يقربك إلى الله ويؤدى بك إلى البنيان ويعطيك راحة وسلام، وتأكد من ذلك بالصلاة، فإن كان كذلك فهو من الله وإن كان عكس ذلك فهو من الشيطان مهما بدا منطقيًا، لأن إبليس يفسر الواقع بأفكاره الشريرة ليخدعك ويبعدك عن الله.
(3) الجبعونيون عبيد لبنى إسرائيل (ع14-27):
14فَأَكَلَ الرِّجَالُ مِنْ زَادِهِمْ, وَمِنْ فَمِ الرَّبِّ لَمْ يَسْأَلُوا. 15فَعَمِلَ يَشُوعُ لَهُمْ صُلْحاً وَقَطَعَ لَهُمْ عَهْداً لاِسْتِحْيَائِهِمْ, وَحَلَفَ لَهُمْ رُؤَسَاءُ الْجَمَاعَةِ. 16وَفِي نِهَايَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَمَا قَطَعُوا لَهُمْ عَهْداً سَمِعُوا أَنَّهُمْ قَرِيبُونَ إِلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ سَاكِنُونَ فِي وَسَطِهِمْ. 17فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَجَاءُوا إِلَى مُدُنِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَمُدُنُهُمْ هِيَ جِبْعُونُ وَالْكَفِيرَةُ وَبَئِيرُوتُ وَقَرْيَةُ يَعَارِيمَ. 18وَلَمْ يَضْرِبْهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنَّ رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ حَلَفُوا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. فَتَذَمَّرَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ. 19فَقَالَ جَمِيعُ الرُّؤَسَاءِ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ: «إِنَّنَا قَدْ حَلَفْنَا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ لاَ نَتَمَكَّنُ مِنْ مَسِّهِمْ. 20هَذَا نَصْنَعُهُ لَهُمْ وَنَسْتَحْيِيهِمْ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْنَا سَخَطٌ مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ الَّذِي حَلَفْنَا لَهُمْ». 21وَقَالَ لَهُمُ الرُّؤَسَاءُ: «يَحْيُونَ وَيَكُونُونَ مُحْتَطِبِي حَطَبٍ وَمُسْتَقِي مَاءٍ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ كَمَا كَلَّمَهُمُ الرُّؤَسَاءُ».
22فَدَعَاهُمْ يَشُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا خَدَعْتُمُونَا قَائِلِينَ: نَحْنُ بَعِيدُونَ عَنْكُمْ جِدّاً, وَأَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي وَسَطِنَا؟ 23فَالآنَ مَلْعُونُونَ أَنْتُمْ. فَلاَ يَنْقَطِعُ مِنْكُمُ الْعَبِيدُ وَمُحْتَطِبُو الْحَطَبِ وَمُسْتَقُو الْمَاءِ لِبَيْتِ إِلَهِي». 24فَأَجَابُوا يَشُوعَ: «أُخْبِرَ عَبِيدُكَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ إِلَهُكَ مُوسَى عَبْدَهُ أَنْ يُعْطِيَكُمْ كُلَّ الأَرْضِ, وَيُبِيدَ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ. فَخِفْنَا جِدّاً عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ قِبَلِكُمْ, فَفَعَلْنَا هَذَا الأَمْرَ.
25وَالآنَ نَحْنُ بِيَدِكَ, فَافْعَلْ بِنَا مَا هُوَ صَالِحٌ وَحَقٌّ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَعْمَلَ». 26فَفَعَلَ بِهِمْ هَكَذَا, وَأَنْقَذَهُمْ مِنْ يَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقْتُلُوهُمْ. 27وَجَعَلَهُمْ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحْتَطِبِي حَطَبٍ وَمُسْتَقِي مَاءٍ لِلْجَمَاعَةِ وَلِمَذْبَحِ الرَّبِّ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ.
ع14، 15: أخذ اليهود ويشوع من طعام الجبعونيين وأكلوا معهم دلالة الصلح والتعاهد على عدم الأذى، وحلفوا لهم باسم الرب لتأكيد ذلك. وتم هذا دون أن يصلوا إلى الله ويسألوه عن رأيه، تمامًا كما فعلوا عند حربهم مع عاى دون أخذ رأى الله، فانهزموا.
ع16: بعد قطع العهد عاد الجبعونيون إلى بلادهم، وبعد ثلاثة أيام اكتشف بنو إسرائيل أنهم يسكنون قريبًا منهم، ولعلهم عرفوا هذا من بعض التجار أو وشى بهم بعض السكان الكنعانيين المجاورين إذ اغتاظوا منهم لتعاهدهم مع بنى إسرائيل.
ع17، 18: سافر بنو إسرائيل فى طريق بلاد الجبعونيين، فوصلوها بعد ثلاثة أيام، وهذا يعنى أنها تبعد عنهم حوالى 39 كيلو مترًا، ولم يستطيعوا أن يحاربوا مدنهم الأربعة المذكورة لأنهم قطعوا عهدًا معهم. وتذمر الشعب على يشوع وعلى الرؤساء لقطعهم هذا العهد، وذلك إما أن بعضهم كان متمسكًا بالله وتضايق لعدم الصلاة وأخذ رأيه قبل العهد، أو أن البعض الآخر كان يريد أن يأخذ غنائم هذه البلاد بعد محاربتهم والانتصار عليهم.
ع19، 20: أعلن الرؤساء أنه لا يمكن التراجع بعد الحلف، كما يقول (مز15: 4) أن من يعرف الله يحلف للضرر ولا يغير، أى لا يرجع فى قسمه حتى لو أصيب بضرر أو خسارة وإلا أصابهم أذى من قبل الرب. وسنرى بعد ذلك فى (2صم21: 1، 2) أنهم عندما غدر شاول بالجبعونيين وقتلهم كان سخط من الله عليه، وبالتالى قال لهم الرؤساء أنه لا يمكن محاربتهم أو قتلهم.
ع21، 22: حكم عليهم الرؤساء أن يعملوا فى جمع الحطب وحمل الماء لكل الشعب ولخيمة الاجتماع. وعاتبهم يشوع على خداعهم له بادعاء بُعد بلادهم وهى قريبة. وبهذا صار الجبعونيون عبيدًا لبنى إسرائيل يعملون فى أعمال تساعدهم.
ع23-25: لعنهم يشوع وأعلن لهم حكمه السابق، أى أن لعنتهم هى أنهم صاروا عبيدًا لبنى إسرائيل، فاعتذروا بأنهم خافوا جدًا عندما علموا أن الرب وعد موسى والشعب بهذه الأرض وبإبادة سكانها، ففعلوا هذه الخدعة لينجوا بأنفسهم وبلادهم من الدمار، وسلموا أمرهم ليشوع يفعل بهم ما يراه مناسبًا. وهذا يبين أنهم آمنوا بقوة إله بنى إسرائيل مثل راحاب.
ع26: فى المكان الذى يختاره : مكان بيت الرب الذى هو خيمة الاجتماع أو هيكل سليمان.
حكم يشوع بما حكم به ولم يسمح للشعب بقتلهم، واستمر تنفيذهم للحكم وخدموا الشعب وخيمة الاجتماع حتى أيام كتابة سفر يشوع واستمرت خدمتهم للهيكل بعد بنائه.
وقد تسموا بعد ذلك بالنثينيم، أى المكرسين لخدمة الله، إذ كانوا مساعدين لللاويين فى جمع الحطب ونقل الماء الذى يحتاجه بيت الرب.
? آمن الجبعونيون بقوة الله فنالوا الحياة وصاروا خدامًا لبيت الله. وأنت بالإيمان تنال الحياة الأبدية وينعم عليك الله بخدمته وتتمتع بعشرته.