الرسالة الأخيرة
هنا آخر رسالة من الله للشعب عن يد يشوع. (1) رعاية الله لشعبه (ع1-15): 1وَجَمَعَ يَشُوعُ جَمِيعَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى شَكِيمَ. وَدَعَا شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءَهُمْ وَقُضَاتَهُمْ وَعُرَفَاءَهُمْ فَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ. 2وَقَالَ يَشُوعُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: آبَاؤُكُمْ سَكَنُوا فِي عَبْرِ النَّهْرِ مُنْذُ الدَّهْرِ. تَارَحُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو نَاحُورَ, وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى. 3فَأَخَذْتُ إِبْرَاهِيمَ أَبَاكُمْ مِنْ عَبْرِ النَّهْرِ وَسِرْتُ بِهِ فِي كُلِّ أَرْضِ كَنْعَانَ, وَأَكْثَرْتُ نَسْلَهُ وَأَعْطَيْتُهُ إِسْحَقَ. 4وَأَعْطَيْتُ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ وَعِيسُوَ, وَأَعْطَيْتُ عِيسُوَ جَبَلَ سَعِيرَ لِيَمْلِكَهُ. وَأَمَّا يَعْقُوبُ وَبَنُوهُ فَنَزَلُوا إِلَى مِصْرَ.
5وَأَرْسَلْتُ مُوسَى وَهَارُونَ وَضَرَبْتُ مِصْرَ حَسَبَ مَا فَعَلْتُ فِي وَسَطِهَا, ثُمَّ أَخْرَجْتُكُمْ. 6فَأَخْرَجْتُ آبَاءَكُمْ مِنْ مِصْرَ, وَدَخَلْتُمُ الْبَحْرَ وَتَبِعَ الْمِصْرِيُّونَ آبَاءَكُمْ بِمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ إِلَى بَحْرِ سُوفٍ.
7فَصَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ, فَجَعَلَ ظَلاَماً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِيِّينَ, وَجَلَبَ عَلَيْهِمِ الْبَحْرَ فَغَطَّاهُمْ. وَرَأَتْ أَعْيُنُكُمْ مَا فَعَلْتُ فِي مِصْرَ, وَأَقَمْتُمْ فِي الْقَفْرِ أَيَّاماً كَثِيرَةً. 8ثُمَّ أَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى أَرْضِ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فَحَارَبُوكُمْ, وَدَفَعْتُهُمْ بِيَدِكُمْ فَمَلَكْتُمْ أَرْضَهُمْ وَأَهْلَكْتُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. 9وَقَامَ بَالاَقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكُ مُوآبَ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ, وَأَرْسَلَ وَدَعَا بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ لِيَلْعَنَكُمْ. 10وَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَسْمَعَ لِبَلْعَامَ, فَبَارَكَكُمْ بَرَكَةً وَأَنْقَذْتُكُمْ مِنْ يَدِهِ. 11ثُمَّ عَبَرْتُمُ الأُرْدُنَّ وَأَتَيْتُمْ إِلَى أَرِيحَا. فَحَارَبَكُمْ أَصْحَابُ أَرِيحَا: الأَمُورِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ وَالْكَنْعَانِيُّونَ وَالْحِثِّيُّونَ وَالْجِرْجَاشِيُّونَ وَالْحِوِّيُّونَ وَالْيَبُوسِيُّونَ, فَدَفَعْتُهُمْ بِيَدِكُمْ. 12وَأَرْسَلْتُ قُدَّامَكُمُ الزَّنَابِيرَ وَطَرَدْتُ مِنْ أَمَامِكُمْ مَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ, لاَ بِسَيْفِكَ وَلاَ بِقَوْسِكَ. 13وَأَعْطَيْتُكُمْ أَرْضاً لَمْ تَتْعَبُوا عَلَيْهَا وَمُدُناً لَمْ تَبْنُوهَا وَتَسْكُنُونَ بِهَا, وَمِنْ كُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسُوهَا تَأْكُلُونَ. 14فَالآنَ اخْشُوا الرَّبَّ وَاعْبُدُوهُ بِكَمَالٍ وَأَمَانَةٍ, وَانْزِعُوا الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمْ فِي عَِبْرِ النَّهْرِ وَفِي مِصْرَ, وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. 15وَإِنْ سَاءَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ, فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ: إِنْ كَانَ الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ, وَإِنْ كَانَ آلِهَةَ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي أَرْضِهِمْ. وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ».
ع1، 2: شكيم : مدينة نابلس الحالية وهى تقع فى الضفة الغربية للأردن فى نصيب نصف سبط منسى الغربى (خريطة 5)، ولها ذكريات روحية طيبة :
- بها وعد الله إبراهيم بأول وعد فبنى أول مذبح للرب (تك12: 6، 7).
- بها قرئت البركات واللعنات على الشعب من جبل جرزيم وعيبال.
- فيها دفنت عظام يوسف التى حملوها معهم فى الخروج من مصر عند دخولهم أرض الموعد (يش8: 30-35).
- قرأ فيها يشوع شريعة الرب على الشعب (ص8: 30).
النهر : نهر الفرات.
جمع يشوع الشعب مرة ثانية فى شكيم مع رؤسائهم وممثليهم فجاءوا لاجتماع مقدس فى حضرة الله ليسمعوا الرسالة الموجهة لهم من الرب على لسان يشوع، والتى استعرض فيها يشوع كل تاريخهم مع الله وكل مساندته لهم منذ دعوة إبراهيم من عبر نهر الفرات بالعراق ليترك عبادة الأوثان التى مارستها عائلته ويتجه لعبادة الله.
ع3، 4: اختار الله إبراهيم ونقله إلى أرض كنعان وأعطاه نسلاً مباركًا من إسحق الذى رزقه به فى الكبر. وإسحق أنجب يعقوب وعيسو. ولانشغال عيسو بالشهوات المادية، أعطاه الله جبل سعير فسكن فيه وانصرف عن الحياة الروحية مع الله، بينما نزل يعقوب وأبناؤه إلى مصر (تك45: 9، 10 ، 46 : 2-10) ليدربهم الله على الحياة الروحية عن طريق المذلة والتعب ثم الايمان والثقة.
ع5، 6: جاء موسى وهارون وضربا مصر بالضربات العشر حتى سمح فرعون بخروج الشعب. فخرجوا وأتو إلى البحر الأحمر فشقه الله لهم وأغرق المصريين فيه عندما حاولوا متابعتهم للقبض عليهم.
ع7-10: فجعل ظلامًا بينكم وبين المصريين : لكيما يحمى الله شعبه الذى يعبر فى البحر الأحمر من المصريين الذين يتبعونهم، حول عمود النار من أمام بنى إسرائيل إلى خلفهم، فحجز بين المصريين وبنى إسرائيل، ومن قوة النار وضخامتها حجبت الرؤية عن المصريين فلم يعودوا يرون بنى إسرائيل، فكانت النار كالظلام حتى عبر بنو إسرائيل كلهم وخرجوا من البحر.
حجب الله شعبه عن فرعون حتى أتى بنو إسرائيل إلى برية سيناء وتمجد فى رعايتهم. وعندما جاءوا إلى بلاد الأموريين أخذوا أرضهم. ولم يسمح الله لبلعام أن يلعنهم بل جعله يباركهم، وكان بالاق ملك موآب قد أحضره ليلعن بنى إسرائيل فأنقذهم الله من يده (عد 22، 23، 24).
وقول يشوع رأت أعينكم يقصد به المسنين منهم والكبار الذين شاهدوا هذه الأحداث حتى وهم أطفال مع آبائهم.
ع11: أرض الأموريين : تقع شرق نهر الأردن.
ثم عبروا الأردن وبدأت حروبهم مع الشعوب الكنعانية بمحاربة أريحا واستيلائهم عليها ثم حروب الضفة الغربية للأردن والتى استغرقت حوالى سبع سنوات وانتصارهم فيها.
ع12، 13: زنابير : حشرات لادغة.
يعلن الله هنا تحقيق وعده لموسى بإرسال الزنابير لمساعدة شعبه فى حربهم ضد الأعداء (خر23: 28 ، تث 7: 20)، فقد أرسلها أمام بنى إسرائيل عند محاربتهم الأموريين شرق نهر الأردن، فخاف الأعداء وهربوا ولم يحتاج شعب الله أن يستخدم أسلحته لطرد الأعداء إذ طردهم الله من الأرض عن طريق لسعات الزنابير. فاستلموا أرضهم جاهزة للسكن بمدنها ومزروعاتها ليستمتعوا بها.
? ليتك تراجع أعمال الله معك لتشكره عليها ويثبت بذلك إيمانك فتطمئن وتفرح برعايته لك.
ع14، 15: من أجل عظمة عمل الله مع شعبه، يلزمهم أن يخافوه ويعبدوه بأمانة ويتخلوا عن بقايا عبادة الأصنام التى مارسوها فى رحلة البرية والتى مارسها سابقاً أجدادهم فى العراق عند نهر الفرات قبل دعوة الله لإبراهيم، ويرفضوا آلهة الأموريين الذين ورثهم الرب أراضيهم.
ويسألهم يشوع إن كانوا يريدون فليعبدوا الله أو يتركوه ليعبدوا الأوثان. وهو بهذا يثيرهم حتى يقرروا عبادة الله ولا يعرجوا بين الطريقين أى عبادة الله وعبادة الأوثان. وقدم نفسه مثالاً إذ قرر أنه هو وأسرته سيعبدون الله لا الأوثان.
? جيد أن يكون الخادم قدوة لمخدوميه فيعطيهم المثال الصالح الذى يسيرون فى إثر خطواته.
(2) عهد الشعب بعبادة الله (ع16-28):
16فَأَجَابَ الشَّعْبُ: «حَاشَا لَنَا أَنْ نَتْرُكَ الرَّبَّ لِنَعْبُدَ آلِهَةً أُخْرَى, 17لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَنَا هُوَ الَّذِي أَصْعَدَنَا وَآبَاءَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ, وَالَّذِي عَمِلَ أَمَامَ أَعْيُنِنَا تِلْكَ الآيَاتِ الْعَظِيمَةَ, وَحَفِظَنَا فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّتِي سِرْنَا فِيهَا وَفِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَبَرْنَا فِي وَسَطِهِمْ. 18وَطَرَدَ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِنَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ, وَالأَمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ الأَرْضَ. فَنَحْنُ أَيْضاً نَعْبُدُ الرَّبَّ لأَنَّهُ هُوَ إِلَهُنَا».
19فَقَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: «لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ إِلَهٌ قُدُّوسٌ وَإِلَهٌ غَيُورٌ هُوَ. لاَ يَغْفِرُ ذُنُوبَكُمْ وَخَطَايَاكُمْ. 20وَإِذَا تَرَكْتُمُ الرَّبَّ وَعَبَدْتُمْ آلِهَةً غَرِيبَةً يَرْجِعُ فَيُسِيءُ إِلَيْكُمْ وَيُفْنِيكُمْ بَعْدَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ». 21فَقَالَ الشَّعْبُ لِيَشُوعَ: «لاَ. بَلِ الرَّبَّ نَعْبُدُ». 22فَقَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ قَدِ اخْتَرْتُمْ لأَنْفُسِكُمُ الرَّبَّ لِتَعْبُدُوهُ». فَقَالُوا: «نَحْنُ شُهُودٌ». 23فَالآنَ انْزِعُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ الَّتِي فِي وَسَطِكُمْ وَأَمِيلُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ». 24فَقَالَ الشَّعْبُ لِيَشُوعَ: «الرَّبَّ إِلَهَنَا نَعْبُدُ وَلِصَوْتِهِ نَسْمَعُ». 25وَقَطَعَ يَشُوعُ عَهْداً لِلشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَعَلَ لَهُمْ فَرِيضَةً وَحُكْماً فِي شَكِيمَ. 26وَكَتَبَ يَشُوعُ هَذَا الْكَلاَمَ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ اللَّهِ. وَأَخَذَ حَجَراً كَبِيراً وَنَصَبَهُ هُنَاكَ تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ الَّتِي عَُِنْدَ مَقْدِسِ الرَّبِّ, 27ثُمَّ قَالَ يَشُوعُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «إِنَّ هَذَا الْحَجَرَ يَكُونُ شَاهِداً عَلَيْنَا, لأَنَّهُ قَدْ سَمِعَ كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَنَا بِهِ, فَيَكُونُ شَاهِداً عَلَيْكُمْ لِئَلاَّ تَجْحَدُوا إِلَهَكُمْ».
28ثُمَّ صَرَفَ يَشُوعُ الشَّعْبَ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى مُلْكِهِ.
ع16-18: أجاب الشعب بأنه من المستحيل أن يتركوا عبادة الله بعد ما صنعه معهم. فهو الذى أنقذهم من عبودية فرعون فى مصر، وحافظ عليهم بالمعجزات فى رحلة البرية، ونجّاهم من أعدائهم، وطردهم أمامهم وورثهم أرضهم. لذا فهم مصرّون على عبادته كإله لهم.
ع19، 20: أراد يشوع أن يوضح لهم أن الالتزام بعبادة الرب يجب أن يكون كاملاً، فهو ليس سهلاً لأن الله قدوس وغيور على اسمه ولا يغفر لمن يخونه ويرتد عن عبادته ويتحول لعبادة غيره، بل يعاقبهم ويفنيهم إن عملوا ذلك، لأنه يريد كل القلب وكل النية لا جزءًا منهما.
وقد أراد يشوع أن يعرف شعبه التزامات الحياة مع الله للتمتع بكل بركاته، كما طالبنا المسيح أن نحسب حساب النفقة، أى نحمل صليبه وراءنا لنتمتع برعايته ونكون أبناء الملكوت.
ع21-24: أكد الشعب ليشوع تمسكهم بعبادة الله بإصرار وتكرار، فأشهدهم يشوع على أنفسهم فشهدوا، وطلب منهم نزع الآلهة الغريبة من وسطهم، أى تماثيل الآلهة التى مازالوا يحتفظون بها فى بيوتهم، حتى تكون قلوبهم متجهة بكاملها لله، فوعدوه بطاعة الله.
وقـد فعـل هـذا أبونـا يعقوب عند عودته من عند خاله لابان ودفنها وتخلص منها إثباتًا لحسن نيته فى عبادة الله (تك33: 18-20 ، تك35: 2).
ع25، 26: فريضة وحكمًا : المقصود الالتزام بالعهد أى عبادة الله وطاعة وصاياه.
سفر شريعة الله : يعتبر سفر يشوع امتدادًا لأسفار الشريعة الخمسة التى كتبها موسى لذا دعى أيضًا سفر شريعة الله.
قطع يشوع عهدًا بين الشعب وبين الله وألزمهم بطاعة هذا العهد أى عبادة الله. وسجل يشوع هذا الكلام فى سفره هذا أى سفر يشوع كجزء من الشريعة الإلهية. ونصب حجرًا كبيرًا كان موجودًا بالمكان تحت شجرة بلوك فى شكيم والتى تعتبر مكانًا مقدسًا. والحجر رمز للمسيح صخر الدهور الذى إن تأسس البيت عليه لن يقع أبدًا مهما كانت الزوابع والأعاصير.
ع27، 28: تجحدوا : تنكروا.
جعل يشوع الحجر، الذى كان حاضرًا للكلام وسمعه، شاهدًا على الشعب ليلتزموا بعبادة الله. ثم صرف يشوع الشعب إلى أماكن سكناهم.
? راجع نفسك لتعرف هدف حياتك وتقيس خطواتك هل تسير نحوه أم تنحرف عنه فى خطايا كثيرة، وإن انحرفت إرجع بالتوبة إلى الله، أى ذكِّر نفسك كل يوم بهدفك وهو محبة الله.
(3) وفاة يشوع وألعازار، وعظام يوسف (ع29-33) :
29وَكَانَ بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ أَنَّهُ مَاتَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ عَبْدُ الرَّبِّ ابْنَ مِئَةٍ وَعَشَرِ سِنِينَ. 30فَدَفَنُوهُ فِي تُخُمِ مُلْكِهِ فِي تِمْنَةَ سَارَحَ الَّتِي فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ شِمَالِيَّ جَبَلِ جَاعَشَ. 31وَعَبَدَ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ كُلَّ أَيَّامِ يَشُوعَ, وَكُلَّ أَيَّامِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ طَالَتْ أَيَّامُهُمْ بَعْدَ يَشُوعَ وَالَّذِينَ عَرَفُوا كُلَّ عَمَلِ الرَّبِّ الَّذِي عَمِلَهُ لإِسْرَائِيلَ. 32وَعِظَامُ يُوسُفَ الَّتِي أَصْعَدَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ دَفَنُوهَا فِي شَكِيمَ فِي قِطْعَةِ الْحَقْلِ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَعْقُوبُ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ بِمِئَةِ قَسِيطَةٍ, فَصَارَتْ لِبَنِي يُوسُفَ مُلْكاً.
33وَمَاتَ أَلِعَازَارُ بْنُ هَارُونَ فَدَفَنُوهُ فِي جِبْعَةِ فِينَحَاسَ ابْنِهِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ.
ع29، 30: تخم : حدود.
بعد توديع يشوع لشعبه ووصاياه الختامية لهم، توفى عن عمر مائة وعشرين سنة ودفن فى أرض ملكه فى مدينة تمنة حارس والتى تقع بنصيب أفرايم (خريطة 12). وقد كتب هذه الآيات الأخيرة شخص غير يشوع وهو غالبًا صموئيل النبى كاتب سفر القضاة.
ع31: استمر الشعب فى عبادة الله فى أيام يشوع وفى أيام من عاصره من الشيوخ، وعاصروا عمل الله فى دخول الأرض وقد طالت حياتهم بعد وفاة يشوع.
ع32: قسيطة : عملة غير معروف قيمتها.
جبعة فينحاس : اسم مدينة للكهنة فى نصيب سبط أفرايم.
جبل جاعش : جبل مجاور لمدينة تمنة سارح.
كان يوسف قد مات فى مصر وأوصى بنى إسرائيل بحمل عظامه معهم عند خروجهم، وكانت وفاة يوسف قبل ولادة يشوع بأكثر من مئتى سنة، فأخذوا عظامه عند خروجهم ودفنوها فى شكيم وهى الأرض التى كان أبوه يعقوب قد اشتراها من بنى حمور سابقًا عند عودته إلى أرض كنعان من عند خاله لابان (تك33: 19).
ع33: ألعازار : اسم عبرى معناه الله يعين.
ثم مات ألعازار رئيس الكهنة ابن هارون ودفن فى جبعة فينحاس ابنه وهى إحدى مدن الكهنة فى نصيب سبط أفرايم.
? لقد نلنا الحق فى ميراثنا السمائى عندما مات رئيس كهنتنا يسوع وقائدنا فى رحلتنا، فلنشكر الله على هذا الميراث الذى لا يفنى ونفرح به.
يشوع رمز للمسيح
- يشترك مع المسيح فى الاسم، فالاسمان أصلها “يهو شوع” ومعناه الرب مخلص.
- العبور : عبر يشوع بالشعب فى نهر الأردن عندما شقه بواسطة دخول الكهنة حاملى تابوت عهد الرب، فنقل الشعب للحياة الجديدة فى أرض الميعاد. والمسيح بفدائه عبر بنا من الخضوع للخطية وعصر الناموس إلى الحياة الجديدة معه فى كنيسته والتى فيها ننال سر المعمودية. فكما اعتمد الشعب مع يشوع فى الأردن، هكذا ننال الخلاص فى سر المعمودية.
- الميراث : كما أعطى يشوع أرض كنعان وقسمها بين الأسباط، هكذا المسيح يعطينا ميراثنا الأبدى فى كنعان السماوية أى ملكوت السموات.
- الوصايا : اهتم يشوع بتوصية شعبه أن يعيشوا مع الله وأكد ذلك فى خطابه الوداعى بنهاية السفر، والمسيح أيضًا أعطى وصاياه ليحيا بها شعبه.
- العهد : قطع يشوع عهدًا بين الله وشعبه قبل أن يموت ليحيوا مع الله ويحفظوا وصاياه، والمسيح قطع عهدًا بيننا وبين الله بدمه على الصليب ويعطينا هذا العهد فى كنيسته من خلال أسراره المقدسة.
- الحرية : بعدما أوصى يشوع شعبه، ترك لهم الحرية فى اختيار عبادة الله أو عبادة الأوثان، فاختاروا الله، هكذا أيضًا المسيح احترم حرية الإنسان وقال “من له أذنان للسمع فليسمع” (مت11: 15) أو “من أراد أن يقبل فليقبل”.
- المعجزات : أيد الله يشوع تعاليمه بالمعجزات مثل شق نهر الأردن (ص2) وإيقاف الشمس والقمر عند محاربة الأعداء (ص10: 12، 13). والمسيح أيد تعاليمه بمعجزات كثيرة مثل شفاء المرضى وإقامة الموتى وإخراج الشياطين وسلطانه على الطبيعة.
- الخطاب الوداعى : أعطى يشوع توصياته الأخيرة قبل موته فى خطاب وداعى بنهاية السفر، والمسيح أعطى خطاب وداعى لتلاميذه والمذكور فى (يو14-16).
- النصرة : انتصر يشوع على أعدائه سواء فى برية سيناء مثل انتصاره على عماليق (خر17) أو فى أرض كنعان وامتلك أرضهم، والمسيح انتصر على الشيطان فى التجربة على الجبل ثم قيده بصليبه وأعطى مكانه فى السماء للمؤمنين به.