الكنائس الانجليكانية هى أصلًا كنيسة إنجلترا ( Church of EngIand ) ولكنها حاليًا مجموعة من الكنائس الأنجليكانية ( Anglican Communion ) . وتُسمى أيضًا بالكنيسة الأسقفية .
وقد نشأت هذه الكنيسة الأنجليكانية باستقلال كنيسة إنجلترا عن كنيسة روما فى عهد الملك هنرى الثامن سنة 1538م ، وكان ذلك بعد حركة الإصلاح التى قادها مارتن لوثر فى ألمانيا ( الإصلاح هنا حسب المفهوم البروتستانتى وليس بحسب المفهوم الأرثوذكسى ) سنة 1521 م .
وصارت الكنيسة الأنجليكانية تُحسب ضمن عائلة الكنائس الإنجيلية أى البروتستانتية فى كثير من المحافل الدولية ، ولكن كنيسة إنجلترا احتفظت بثلاثة من أسرار الكنيسة السبعة : وهى المعمودية والإفخارستيا والكهنوت. وهم حاليًا يطلقون على سر “الكهنوت” اسم “الخدمة” Ministry فى المحافل الدولية (المسكونية) ، ويظهر من ذلك عدم تمسكهم بالمعنى الحقيقى للكهنوت . والأسرار الثلاثة بالإنجليزية هي Baptism, Eucharist, Ministry
اللجنة الرسمية الدولية للحوار بين الانجليكان والكنائس الأرثوذكسية الشرقية
” نص اتفاقية منقح في القاهرة – مصر 13-17 اكتوبر 2014 م “
أمكننا أن نتفق على النص التالى :
1- نحن نؤمن أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح هو ابن الله الوحيد الجنس الذى تجسد وتأنس فى ملء الزمان من أجلنا ومن أجل خلاصنا .نؤمن بالله الابن المتجسد ، الكامل فى لاهوته والكامل فى ناسوته ، المساوي للآب فى الجوهر بحسب لاهوته، والمساوي لنا فى الجوهر بحسب إنسانيته . لأن هناك اتحادًا قد تم من طبيعتين . لهذا السبب نحن نؤمن بمسيح واحد وابن واحد ورب واحد (على أساس صيغة إعادة الوحدة 433 م ) .
2- في تبعية لتعليم أبينا المشترك القديس كيرلس السكندرى، يمكننا أن نعترف معًا بأنه فى الطبيعة الواحدة المتجسدة لكلمة الله ، طبيعتان متمايزتان فى الفكر فقط يستمران في الوجود بغير انفصال أو تقسيم أو تغيير أو اختلاط .
3- وفقًا لهذا المعنى الخاص بالاتحاد غير الممتزج ، فإننا نعترف أن القديسة العذراء هى والدة الإله ، لأن الله الكلمة تجسد وتأنس ، ومنذ اللحظة الأولى للحبل به وحَّد بنفسه هذا الناسوت التام الذى أخذه منها بلا خطية . أما بخصوص العبارات الخاصة بالرب فى البشائر والرسائل فإننا نعى أن اللاهوتيين يفهمون بعضها بطريقة عامة على أنها تطبق على شخص واحد مفرد ، وبعضها الآخر يميزون أنها تنطبق على طبيعتين ، ويشرحون أن ما يناسب الطبيعة الإلهية يخص لاهوت المسيح ، أما ما هو من النوع المتضع فيخص ناسوته. ( على أساس صيغة إعادة الوحدة 433 م، أى رسالة البطريرك يوحنا الأنطاكى إلى البابا كيرلس السكندرى ، والتى رد عليها البابا كيرلس السكندرى مقتبسًا منها هذه الفقرات ) .
4- أما بخصوص الأربعة صفات التى تستخدم لوصف سر الاتحاد الأقنومى ، وهى “بغير امتزاج أو اختلاط ” asyngchtos “بغير تغيير” ( Atreptos ) “بغير انفصال” ( Achoristos ) و “بغير تقسيم” ( Adiairetos ) فإن الذين يتكلمون بيننا عن طبيعتين فى المسيح هم محقون فى ذلك طالما أنهم لا ينكرون وحدتهما غير المنفصلة وغير المنقسمة . وهكذا فإن الذين يتكلمون بيننا عن طبيعة واحدة متجسدة لكلمة الله هم محقون فى ذلك طالما أنهم لا ينكرون استمرار الوجود الفعّال ( الديناميكى ) للطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية فى المسيح بغير تغيير وبغير اختلاط . ونحن ندرك محدودية كل اللغة اللاهوتية والتعبيرات الفلسفية المستخدمة أو التي استخدمت . ولا نستطيع أن نحيط ونحدد سر عطاء الله التام لنفسه بتجسد الكلمة الإلهى، باتحاد لا ينطق به، ولا يعبر عنه ، وسرى بين اللاهوت والناسوت ، الذى نسجد له ونعبده .
5- يتفق كلا الجانبين علي رفض التعليم الذي يفصل أو يقسم الطبيعة الإنسانية ، كلا من النفس والجسد في المسيح ، عن طبيعته الإلهية ، أو ينقص اتحاد الطبيعتين إلى مستوى الاتصال، ويحد الوحدة إلى وحدة أشخاص ، وبالتالى ينكر أن شخص يسوع المسيح هو شخص واحد مفرد لله الكلمة . “يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد” ( عب 13 : 8 ) . كما يتفق كلا الجانبين على رفض التعليم الذى يمزج الطبيعة الإنسانية فى المسيح بالطبيعة الإلهية ، فتمتص الأولى فى الأخيرة ، وبالتالى تنقطع عن الوجود . وبالتالي فإننا نرفض كلا من هرطقة نسطور وأوطاخى .
6- فى التقليد الأنجليكانى للقرن السادس عشر، تشهد المقالات التسع والثلاثون واللاهوتي ريتشارد هوكر على المطابقة المستمرة لهذه الأمور. المقال 2 يؤكد أن الطبيعتين الكاملتين والتامتين أي الالهية والبشرية اتحدتا في شخص واحد بلا انقسام . وفى الكتاب الخامس لقوانين السياسة الكنسية:
Polity Eclesiastical of Laws ، الجزء 5 ه ، يؤكد هوكر على السر الضروري فيما يخص شخص المسيح بقوله : “ليس فى مقدور الإنسان أن يعبر بصورة تامة ، أو أن يتصور ، كيف حدث (التجسد)” . “فى المسيح حقيقة الله والجوهر الكامل للإنسان ترسخا فى توافق تام فى كل العالم حتى زمان نسطور” . ويجادل هوكر بقوله إن الكنيسة بحق دحضت أى تقسيم فى شخص المسيح . “المسيح هو شخص إلهى وإنسانى فى آنٍ واحد ، ومع ذلك فهو ليس بالتالي شخصين فى واحد. كما أن هاتين ( الطبيعتين ) ليسا بمعنى واحد، لكن شخصًا إلهيًا لأنه هو شخصيًا ابن الله ، وإنسان لأنه كان له بالحقيقة طبيعة أبناء البشر” ( 3 : 52 Laws ) بناءً عليه يكون ما يلى ضد نسطور ، أنه ليس هناك شخص ولد من العذراء ، لكن ابن الله ( الذي ولد ) ليس شخص آخر، بل ابن الله الذى تعمد ، ابن الله أُدين( حُكم عليه ) ، ابن الله وليس شخص أخر صُلب . هذا الواحد يشير إلى العقيدة المسيحية بأن القيمة المطلقة وغير المحدودة لابن الله هى نفسها أساس كل ما نؤمن به بخصوص الحياة التى عاشها المسيح والخلاص الذى تممه أو تألم به كإنسان فى عقيدتنا ( 3 . 52 ( Laws ) . فى الرأى التالى لتعليم القديس كيرلس يبقي هوكر على أهمية تصميم القديس كيرلس على وحدة اللاهوت والناسوت في شخص المسيح المفرد ، بينما يدحض أى تفسير أوطاخى لهذه الوحدة . فيقتبس هوكر من رسالة القديس كيرلس إلى نسطور ما يلى بموافقة: “لقد حيكت طبيعتاه الواحدة فى الأخرى ، وفى قربهما هذا كانتا غير قابلتين للاختلاط الذي للتفريق . فإن التحامهما لم يلغِ الفرق بينهما . لم يصر الجسد إلهًا لكنه استمر جسدًا . رغم أنه أصبح الآن جسد الله (2 . 53 q . Laws ) . يستمر الانجليكان في التمسك بهذا التقليد اليوم كمعيار .
7- تعبير اصحاب الطبيعة الوحيدة ( MONOPHYSITE) الذى يستخدم بطريق الخطأ لوصف كريستولوجية الكنائس الشرقية هو مضلل وأيضا مهين لأنه يتضمن الأوطاخية . الأنجليكان ، مع الاتساع المسكونى يستخدمون التعبير الدقيق “أصحاب الطبيعة الواحدة ” ( MIAPHYSITE) للإشارة إلى التعليم الكيرلسي الخاص بعائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ، كما أنهم يلقبون كل من هذه الكنائس بلقبها الرسمي ” الأرثوذكسية الشرقية ” إن تعليم هذه العائلة من الكنائس يعترف لا بطبيعة وحيدة، لكن بطبيعة واحدة متجسدة إلهية بشرية متحدة لكلمة الله. أن نقول طبيعة وحيدة يتضمن أن الطبيعة البشرية ذابت فى الإلهية كما علم أوطاخى .
8-إننا نتفق أن كلمة الله تجسد بأن وحَّد الطبيعة الإلهية غير المخلوقة بطاقاتها ورغباتها الطبيعية، مع الطبيعة الإنسانية المخلوقة بطاقاتها ورغباتها الطبيعية . وبأن وحدة الطبائع طبيعية أقنومية حقيقية وتامة . وأن التمايز بين الطبيعتين هو فى الفكر فقط . فذاك الذى يريد ويعمل هو دائمًا الأقنوم الواحد للكلمة المتجسد بإرادة شخصية واحدة . وفى التقليد الأرمينى للقرن الثانى عشر كتب نيرسس صاحب النعمة ما يلى : “إننا لا نظن أن الإرادة الإلهية تضاد الإنسانية والعكس. كما إننا لا نفكر أن إرادة الطبيعة الواحدة كانت مختلفة فى الأوقات المختلفة ، فأحيانًا تكون الإرادة إلهية حينما كان يريد أن يبين قدرته الإلهية . وأحيانًا تكون الإرادة إنسانية حينما كان يريد أن يظهر تواضعه الإنسانى” .
9- إن الوحدة التامة بين اللاهوت والناسوت فى الكلمة المتجسد ، أساسية لخلاص الجنس البشرى. “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” . ( يو 3 : 16 ) .وفي المسيح كان الله مصالحَا العالم لنفسه( 2كو 5 : 17 ) لقد أخلى ابن الله ذاته وصار إنسانًا ، خاليًا تمامًا من الخطية ، حتى يغير إنسانيتنا الخاطئة إلى صورة قداسته . هذه هى البشارة التى نحن مدعوون لنحياها ونعلنها .
10-إننا نقدم هذا النص إلى السلطات المسئولة في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والأنجليكان للنظر وعمل اللازم.
نيافة الدكتور جيوفرى روول الرئيس المشارك الأنجليكانى نيافة المطران الأنبا بيشوى الرئيس المشارك عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
تم توقيعها في القاهرة يوم 15 اكتوبر 2014 م
اللجنة الدولية للحوار اللاهوتى بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الأنجليكانية :
اتفاق حول انبثاق وعمل الروح القدس 2017 م
مقدمة
استأنفت اللجنة الدولية للحوار بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ، والكنائس الأنجليكانية عملها فى 2013 م فأكملت الإتفافية الكريستلوجية فى 2014 م، وتم رفعها للسلطات المسئولة فى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وفى الكنائس الأنجليكانية للدراسة وإجراء اللازم . وبعد الاتفاق على أجندة الحوار ودراسة أمور متأصلة فى قانون الإيمان النيقاوي القسطنطينى ، بدأت لجنة الحوار عملها فى نفس الوقت على الفهم اللاهوتى للروح القدس ، وذلك فى الاجتماع الذى عُقد فى ووكنج بإنجلترا عام 2013 م . ثم إجتماع عام 2014 م بمركز مار مرقس بالقاهرة ، أكملت اللجنة نصًا تمهيديًا عن الروح القدس الجزء (أ) عن إنبثاق الروح القدس . هذا تم تعديله وإستكماله فى إجتماع عام 2015 م بمكتبة جلادستونز فى هاردوين ، ويلز، حيث بدأ أيضًا العمل فى الجزء (ب) عن إرسالية الروح القدس فى الزمن ، واستكمل فى لقاء اللجنة فى أكتوبر 2016 م فى كاثوليكوسية الأرمن فى كيليكيا بأنتلياس، لبنان . ثم ضمت اللجنة الجزء (أ) والجزء (ب) معًا فى دابلين بأيرلندا فى أكتوبر 2017 م ، لعمل نص متكامل .
إن أساس الاتفاق فى هذا العمل هو فهم أن الروح القدس هو أزلى فى الثالوث القدوس ، يعمل فى العالم فى الزمن ، مقدسًا حياة المؤمنين .
الجزء (أ) إنبثاق الروح القدس
1-نحن ندرك أن النص الأصلى لقانون الإيمان النيقاوى القسطنطينى 381 م لا يتضمن العبارة التى تشير إلى أن انبثاق الروح القدس هو من الآب والابن ( Filioque ) ، لكن فقط من الآب . ونعترف بأن إدراج هذه العبارة تم من جانب واحد بواسطة الكنيسة فى الغرب اللاتينى ، بدون سلطة مجمع مسكونى ، وتوارثه التقليد الأنجليكانى .
2- رغم أننا نفهم الظروف التاريخية التى أدت إلى إضافة عبارة “والابن” Filioque ، فإن الأنجليكان عمومًا يفسرون هذه الإضافة بمعنى الإرسالية للروح القدس ، المرسل من الآب من خلال الابن ، وبالابن إلى العالم .
3- إننا نقبل أن قانون الإيمان النيقاوى القسطنطينى ، المؤسس على الأسفار ( يو 15 : 26 ) ، يقصد الانبثاق الأزلى للروح القدس . لذلك ، فإن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تعتبر أن إضافة عبارة “والابن” Filioque خطأ لأنها تكسر النظام فى الثالوث ، وتضع دور الآب كينبوع وسبب وأصل لكل من الإبن والروح القدس ، محل مساءلة . لكن التقليد الأنجليكانى يرى أن عبارة “والإبن” هى “إقحام ، موضوع بطريقة غير منتظمة فى نص قانون الإيمان ، ومجردة من أى تفويض قانونى”.
وقد أشارت إتفاقية موسكو لعام 1976 للحوار اللاهوتى بين الأرثوذكس والأنجليكان ، وإتفاقيات أخرى تالية إلى عدم ملائمة هذا الإدراج لقانون الإيمان : “إن عبارة : والإبن ، لا يجب أن تكون متضمنة فى قانون الإيمان” . وقد تبنى مؤتمر لامبث لعام 1978 هذا الاقتراح .
4- فى شرحنا اللاهوتى نحن نميّز بين مستويين للحديث : الثيئولوجيا التى تشير إلى الجوهر الإلهى الفائق والعلاقات الداخلية الثالوثية ، والإيكونوميا التى تشير إلى الأفعال الإلهية فى علاقة الله بالعالم . وبالتالى ، فإننا نفرق بين الإنبثاق الأزلى للروح القدس من الآب وحده ، وإرسال الروح القدس يوم الخمسين من الآب من خلال الابن .
5- نحن نتفق أن الآباء القديسين حينما يتكلمون عن العلاقة بين الروح القدس والآب من خلال الإبن ، لا يقصدون أبدًا أن الروح القدس ينبثق من الابن أو خلاله: “الروح القدس كان ولا زال يخص الآب ؛لأنه على الرغم من أنه ينبثق من الآب، إلا أنه ليس غريبًا عن الابن ؛ لأن الابن له كل ما للآب ، كما علمنا الرب نفسه “.
حينما يعلن الآباء القديسون أن الروح القدس هو “من الآب والابن” ، أو أنه يأتى أو يتدفق من الإثنين ، فإنهم يقصدون الإرسالية الزمنية للروح القدس . فى الإيكونوميا ، الروح القدس مرسل من الآب ويأتى إعلانه من الابن . “ذَاكَ يُمَجَدُنِى لأَنَهُ يَأخُذُ مِمَا لِى وَيُخبِرُكُم” (يو 16 : 14) . “هو يضئ وهو يُرسل ويُعطى بواسطة الكلمة.” “الروح القدس الذى منه تتدفق كل الصالحات بغنى على الخليقة، يعتمد على الابن الذى نفهم أنه لا ينقسم عنه”.
6- فى علاقة الروح القدس بالخليقة ، “الآب يعمل كل الأشياء من خلال الكلمة فى الروح القدس”. “كل عملية تأتى من الله إلى الخليقة ، وتسمى بحسب فهمنا المتنوع لها . لها أصلها من الآب وتأتى إلينا من خلال الابن وتكتمل فى الروح القدس” .
الجزء (ب) : إرسال الروح القدس فى الزمن
7- إننا نؤكد أن الروح القدس ، الذى أرسله الرب يسوع المسيح ، يتكلم فى الكنيسة ، ويهبها حياة ، ونعترف معًا فى قانون الإيمان أنها “واحدة ، مقدسة ، جامعة ، ورسولية” .
“واحدة” :
8- نحن نؤكد أن الروح القدس يجعل الكنيسة واحدة ، متحدة مع المسيح ، من خلال المعمودية المقدسة على إسم الثالوث . إن المعمودية التى هى ميلاد ثان فى الميلاد بالروح ، تتطلب الاعتراف بالإيمان الواحد الرسولى . وبالتالى فإن وحدة الكنيسة ، التى هى الشركة بين كل الكنائس المحلية المعترفة بإيمان واحد فى المسيح ، تتم بالروح القدس الساكن فى المؤمنين : “جَسَد وَاحِد ، وَرُوح وَاحِد ، كما دُعِيتُم أَيضًا فِى رَجَاءِ دَعوتِكُمُ الوَاحِدِ . رَب وَاحِد ، إِيمَانُ وَاحِد ، مَعمُودِيةُ وَاحِدَةُ، إِلَهُ وَآب وَاحِد للِكُلَ ، الذِى عَلَى الكُلَ وَبِالكُلَ وَفِى كُلَكُم .”( أف 4 : 4 – 6 )
9- إن الروح القدس ، معطى الحياة ، يضمن وحدة جسد المسيح ، أى الكنيسة . وبدون الروح القدس ، يصير الجسد بلا حياة . فمن خلال عمل الروح القدس ، يكون للمؤمنين شركة فى أسرار الكنيسة وبالتالى فى الحياة الأبدية التى يهبها الثالوث القدوس . إن الروح القدس يربط المؤمنين المعمدين معًا مع الرب فى شركة تناغم ومحبة . إنه يجعل وحدة شعب الله ممكنة فى توافق مع صورة شركة الحب بين الثالوث التى توصف بتعبير بيريخوريسيس (perichoresis) . لذلك يحض القديس بولس المؤمنين فى الكنيسة بقوله : “مُجتَهِدِينَ أَن تَحفَظُوا وَحدَانِيَةَ الرُوحِ بِرِبَاطِ السَلاَمِ” ( أف 4 : 3 ) . كما أن الله واحد فى الآب والابن والروح القدس ، هكذا فإن الكنيسة أيضًا، فى كل تقاليدها الغنية المتنوعة ، تحفظ وحدانية الإيمان . إن الثالوث الأقدس هو المثال السامى للوحدة المسيحية . والإيمان بالثالوث المساوى فى الجوهر يربطنا فى محبة نحو بعضنا البعض ، فى حركة تجاه تلك الوحدة المرئية التى صلى ربنا من أجلها .
“مقدسة” :
10- نحن نؤكد أن الروح القدس يقدس ويكمل حياة المؤمنين الشخصية ، والأسرار الكنسية ، وهو العامل فى الكون كله . وفى الكنيسة ، كجسد للمسيح ، يأخذ المؤمنين التطهير والتقديس والتبرير بواسطة الروح القدس ، لأن طبيعة الكنيسة بالتحديد هى أن تكون وفقًا للدعوة الإلهية : “مُقَدَسَةً وَبِلاَ عَيبٍ”( أف 5 : 27 ). والقداسة التى هى موهبة من الروح القدس ، تظهر فى ثمار الروح القدس. إن قداسة الكنيسة مستمدة من المسيح نفسه ، ومصدرها هو الوحدة غير المنفصمة للكنيسة مع المسيح . الكنيسة مقدسة لأن الله قدوس . أما بخصوص الحياة والقداسة ، فإن الكنيسة مدعوة لشركة قداسة الله والحياة الأبدية التى لملكوته ، بفعل الروح القدس . إن الروح القدس يقود المؤمنين للصلاة للآب. وهكذا تتضمن طبيعة الكنيسة المقدسة وحدة الحقائق السمائية والأرضية فى شركة القديسين . علاوة على ذلك ، ووفقًا لتعليم الكنيسة المسيحية الأولى، فإن الكنيسة توصف بأنها مقدسة فى قوانين الإيمان لأنها مختارة من الله ، ولأنه سبق فعينها لميراث مجيد ، ولأنه يسكن فيها فى شخص الروح القدس . إن قداسة الكنيسة لا تعتمد على فضائل أعضائها ، ولا تتشوه بسقوطهم ، كل من يصلون : “تعالى أيها الروح القدس جدد وجه الأرض” .
” جامعة ” :
11-إننا نؤكد أن الروح القدس يقودنا إلى الحق ، ويحررنا ، وهو بذلك المصدر والضامن لجامعية الكنيسة ، الموجودة فى أنحاء العالم فى تجليات محلية مختلفة تخضع للرب يسوع المسيح الواحد، فى عالم المكان والزمان . والروح القدس أيضًا يوحد الكنيسة الأرضية مع السمائية ، كما يتكشف فى الفعل الليتورجى والتذكاري للكنيسة ، خاصة فى القداس الإلهى ( الإفخارستيا ) حيث نتصل مع العبادة السمائية .
12- هذه العلامات العالمية والكونية للكنيسة الجامعة دائمًا ما تأخذ ظهورًا خاصًا ومحليًا ، كما يبين تاريخ عائلتى كنائسنا . إن المجامع المحلية والإقليمية هى جزء من كلٍ أكبر . والروح القدس يمكًن هذه الإستعلانات المحلية لجامعية الكنسية معًا ، من أن تصير أعظم من مجموع أجزائها العالمية ، بواسطة عرض وحدة الإيمان من خلال العمل المسكونى المجمعى ، وفى نفس الوقت ، بتعضيد الروح للإستعلان الأرضى للكنيسة ، يمكنهم من أن يصيروا علامة للعرس السمائى المعد لكل الشعوب ، فى كل مكان ، وفى كل زمان . وهكذا، يكون الروح القدس هو المصدر والضامن للحديث المحلى عما هو أزلى ، والحديث لما هو عالمى، الذى نفهم أنه هو جامعية الكنيسة .
13- بهذه الطريقة يخلق الروح إنسانية جديدة فيها “لَيسَ يَهُودِى وَلاَ يُونَانِىُ . لَيسَ عَبدُ وَلاَ حُر. لَيسَ ذَكَرُ وَأُنثَى ، لأَنكُم جَمِيعًا وَاحِدُ فِى المَسِيحِ يَسُوع”.
” رسولية ” :
14- إننا نؤكد أنه كما أن الاّب أرسل الابن إلى العالم فى التجسد من أجل الخلاص، هكذا بعد قيامة وصعود الرب ، أرسل الروح إلى العالم لتقديس رتب الخليقة ، إلى أن يأتى الرب ثانية فى مجده . يوم الخمسين هو هبة الله لحياة جديدة للعالم فى هيئة الكنيسة كجسد للمسيح ، والروح القدس فى كل يوم جديد يطلق الدعوة والطلب الذى ورد فى الصلاة الربية : لتكن مشيئتك ( الله ) كما فى السماء كذلك على الأرض ، وبهذه الطريقة يربط شهادة الأنبياء والرسل بالرجاء الآخروى . إن إرسالية الكنيسة الرسولية تربط بين التلمذة النبوية فى طاقة الرباط الإلهى وبين الإستجابة للشهادة الشخصية فى العالم .
15- كلمة “رسولية” تصف أصل وعقائد الكنيسة كما تأصلت فى التقليد الحى للرسل الذين كرزوا بالمسيح يسوع مصلوبًا وقائمًا وتستمر . من خلال عمل الروح القدس ، تحفظ الكنيسة بأمانة وتُكمل كرازة وتعليم المرسلين بواسطة يسوع كرسل. وبالتالى فإن الكنيسة تدعى “رسولية” لأن إيمانها تأسس على الاعتراف الرسولى ككل، الذى يشار إليه لاحقًا بأنه “قاعدة أو قانون الإيمان”. لقد تسلمنا إيمان وإرسالية الرسل فى الكنيسة بواسطة الأجيال . كما تتم سيامة أساقفة جدد إلى الزمالة الأسقفية ، فإنهم يعتبرون خلفاء الرسل . فالأساقفة فى الخلافة التاريخية هم العلامة والضمان لرسولية الكنيسة ككل .
16- إن الخلافة الرسولية لا تنفصل عن عمل وفعل الروح القدس ( energia ) . منذ القديم ، عين الروح القدس خدامًا ، ونطق فى الأنبياء والتلاميذ . والروح القدس قاد إرسالية الكنيسة ، معطيًا التلاميذ القوة للشهادة ، ويستمر الروح القدس فى نقل خصائص كنيسة الرسل الثابتة والأسرار مجددًا لكل جيل بواسطة الأسفار المقدسة ؛ والشهادة والمسئولية الكهنوتية ؛ وفى الشركة المعبر عنها بالصلاة، والحب، والفرح والمعاناة؛ وفى الكرازة بالإنجيل؛ وفى خدمة المحتاجين إلى النعمة والصلاح، وفى الوحدة بين الكنائس محليًا وعالميًا .
الخاتمة
17- تتكلم الأسفار المقدسة عن الروح القدس كحركة فى صورة مياة حية ، ونار ، ورياح . يتكلم الروح القدس فى الكنيسة ويحركها من مساحة العزاء إلى مساحة الرباط الخارجى . الروح القدس يعمل كقوة ديناميكية داخل الفهم الفدائى للذاكرة كما فى الماضى التاريخى ويقود إلى مسئولية مستقبلية فى عالم متغير .
18- فى عالم من الإحلال بالقوة والوصول المخيف ؛ فى عالم الحركة السريعة ؛ فى عالم ممزق متشرذم بالحروب مع شهادة شجاعة ؛ يتخطى الروح القدس المعزى الزمان والمكان مع أنه يسكن كليهما . نفس الروح مرسل لتكليف وتقوية الضعيف ليصير قويًا ، والذليل ليصير شجاعًا ، والفقير ليصير متعزيًا ومباركًا فى عالم ساقط تحمله العناية والنعمة الإلهية الثالوثية التى تجعل كل شيء جديدًا بالإيمان والرجاء والمحبة .
19- إننا نرفع هذه الإتفاقية إلى السلطات المسئولة فى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والسلطات المسئولة فى الكنائس الأنجليكانية للدراسة وإتخاذ اللازم .
نيافة الأسقف جريجورى كاميرون الرئيس المشارك الأنجليكانى نيافة المطران الأنبا بيشوى الرئيس المشارك عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
تم توقيعها فى دابلين ، 26 أكتوبر 2017 م.
+ رأى الكنيسة الأرثوذكسية فى كهنوت المرأة:
الورقة التى قُدِمَت إلى مؤتمر لامبث للأنجليكان بإنجلترا سنة 1988م:
هذه رسالة أعدها قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن رأى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى موضوع منح الكهنوت للنساء. وقام الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس وقتها، بتقديمها فى المؤتمر عندما حضره كممثل لكنيستنا ( بصفته مراقب Observer ).
نص الرسالة :
مرجعنا الأول فى البحث هو الكتاب المقدس الذى يمكننا أن نجد فيه ما يعبر عن الفكر الإلهى تجاه هذا الموضوع لأن ” كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم .. الذى فى البر لكى يكون إنسان الله كاملًا متأهبًا لكل عمل صالح ” (2 تى 3 : 16 ، 17 ) .
ليس من حقنا أن نضع تعليمًا أو تشريعًا أو نظامًا فى الكنيسة لا يتفق مع تعليم الكتاب المقدس . ولهذا فالقديس بولس الرسول يوصى أهل تسالونيكى قائلًا : ” فاثبتوا إذًا أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم التى تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا ” ( 2 تس 2 : 15 ) ثم يؤكد هذا المعنى محذرًا إياهم قائلًا : ” ثم نوصيكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب الترتيب الذى أخذه منا ” ( 2 تس 3 : 6 ) .
نحن فى بحثنا عن الحقيقة لا يمكننا أن نعتمد على حكمتنا الخاصة . بل يجب أن نعود إلى الكتاب المقدسة ، متذكرين قول الرب فى سفر الأمثال ” يا ابنى لا تنسى شريعتى بل ليحفظ قلبك وصاياى .. توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد .. لا تكن حكيمًا فى عينى نفسك. طوبى للإنسان الذى يجد الحكمة وللرجل الذى ينال الفهم .. طرقها طرق نعم وكل مسالكها سلام . هى شجرة حياة لممسكيها والمتمسك بها مغبوط ” ( أم 3 : 1 ، 5 ، 7 ، 13 ، 17 ، 18).
المرجع الثانى فى البحث هو تقليد الكنيسة وبخاصة فى عصورها الأولى، على اعتبار أنها أخذت التعليم من مصادره السليمة من السيد المسيح والرسل، فإذا بحثنا فى الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة القديمة ، نجد ما يلى :
- عدم قيام المرأة بالتعليم فى الكنيسة :
وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول : ” لتتعلم المرأة بسكوت فى كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون فى سكوت . لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء . وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدى . ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن فى الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل” ( 1 تى 2 : 11 – 14 ) .
ونلاحظ أن تعليم القديس بولس الرسول فى هذا المجال قد قدم تبريرًا لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة فى ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التى كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة وحتى قبل خروج آدم وحواء من الفردوس بسبب الخطية .
فإذا علمنا أن المرأة لا ينبغى أن تُعلّم فى الكنيسة، فمن باب أولى لا يجوز منحها درجات من درجات الكهنوت حيث إن الكاهن يمارس خدمة الأسرار إلى جوار التعليم وقيادة الكنيسة فى حدود مسئوليته.
- الرجل هو رأس المرأة حسب تعليم الكتاب المقدس :
يقول القديس بولس الرسول ” أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد . ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن فى كل شئ ” ( أف 5 : 22 – 23 )
كيف يمكن تطبيق هذا التعليم فى حالة منح الكهنوت للمرأة ؟ كيف تخضع لرجلها فى كل شئ ، إن كانت هى التى تقوم بعمل القيادة والرعاية والتعليم ؟ المفروض أن الخراف هى التى تخضع لراعيها والتلاميذ لمعلمهم والأفراد لقائدهم والأبناء لآبائهم .
نحن نقرأ أيضًا : ” ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح وأما رأس المرأة فهو الرجل. ورأس المسيح هو الله . لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل ” ( 1 كو 11 : 3 ، 8 ، 9 )
- الكاهن يُمثّل المسيح نفسه :
لقد أعطى السيد المسيح للرسل بسلطان الروح القدس فى الكهنوت أن يغفروا الخطايا على الأرض وأن يصالحوا الناس مع الله، وأن يحملوا بركات الخلاص والفداء لجميع شعوب العالم ، إذ صاروا وكلاء أسرار الله ( 1 كو 4 : 1 ).وصيَّرهم السيد كهنة على مثاله فى تقديم ذبيحة الفداء باستحقاق ذبيحة نفسه على الصليب صائراً هو نفسه رئيس كهنة إلى الأبد . وقد ربط معلمنا بولس الرسول بين عمله الكرازى فى التعليم وعمله الرسولى فى الكهنوت والأسرار ، وعبَّر عن ذلك بقوله : ” النعمة التى وُهبت لى من الله حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولًا مقدسًا بالروح القدس ” ( رو 15: 15 ، 16 ) . إن الأمم الذين قبلوا الإيمان واختبروا فى المعمودية والأسرار المقدسة شركة الموت مع المسيح ، قد اعتبرهم القديس بولس الرسول بمثابة قربان تشتعل فيه النار الإلهية ليكون مقدسًا مقبولًا أمام الله. لا يستطيع أحد أن ينكر أن عمل الكهنوت هو امتداد لعمل المسيح الخلاصى على الأرض. ولهذا فالكاهن يُمثّل السيد المسيح فى رسالته الخلاصية . وقيل عن السيد المسيح أنه رئيس كهنة وليس رئيس كاهنات .
ومن جانب آخر ، نلاحظ أنه لم يكن بلا ترتيب أن جاء السيد المسيح رجلًا وليس امرأة، لهذا يقول الكتاب: ” يسوع الناصرى رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب آيات صنعها الله بيده فى وسطكم كما أنتم أيضًا تعلمون ” ( أع 2 : 22 ) . كل طفل يولد من الممكن ذكرًا أو أنثى أما السيد المسيح فقد ولد ذكرًا إذ هو رئيس الكهنة الأعظم .
وله الأبوة الروحية والرئاسة على الكنيسة كلها ، إذ هو رأس الكنيسة، لهذا قيل عنه: ” لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى أسمه عجيبًا مشيراً إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام ” ( أش 9 : 6 ، 7 ) . فالوحى الإلهى هنا يعلن بوضوح أن هناك علاقة وثيقة بين الأبوّة والرئاسة والقيادة والإرشاد .
- لم يسبق فى التاريخ أو التقليد مثل هذا الكهنوت للمرأة :
السيد المسيح نفسه اختار رسله من الرجال ولم يختر بينهم امرأة واحدة ولا على سبيل الاستثناء . بل سَلَّم الكنيسة لاثنى عشر رجلًا ، ثم أرسل إرسالية من سبعين رجلًا ، وأوصى بالكنيسة لتلاميذه ( مت 28 ) و ( مر 16 ) وكلهم من الرجال . كذلك الآباء الرسل لم يختاروا امرأة واحدة لتصير كاهنة بل أقاموا جميع خلفائهم من الرجال فقط بلا استثناء واحد.
- العذراء القديسة مريم وعلاقتها بالكهنوت :
العذراء مريم وهى أقدس إنسانة ، لم تتول أى عمل من أعمال الكهنوت ولو كان يحق الكهنوت للمرأة لكانت هى أولى من غيرها فى كل زمان ومكان …
الذين يطالبون بالكهنوت للمرأة عليهم أن يتأملوا عمليًا مثال العذراء مريم ، التى ولدت الله الكلمة بالحقيقة وساهمت فى تنشئته – وهو رئيس الكهنة الأعظم – لكنها ظلت محتفظة بدورها الطبيعى كأم ولم تطالب بالكهنوت على الإطلاق .
- الإفخارستيا والكهنوت:
نلاحظ أن السيد المسيح قد سَلّم تقديس الإفخارستيا لتلاميذه الرجال الذى كلمهم حوله على مائدة الفصح وقال لهم : ” اصنعوا هذا لذكرى ” ( لو 22 : 19 ) .
(7) منشأ الكهنوت :
الكهنوت منذ بدايته كانت نشأته حسب ما ورد فى ( خر 13 : 1 ) ” قدس لى كل بكر كل فاتح رحم” وكان المقصود بذلك كل بكر من الذكور بدلًا من الأبكار الذين افتداهم الرب فى أرض مصر لما ضرب الملاك جميع أبكار المصريين. ثم استبدل الرب الأبكار من الذكور بكل ذكر من سبط لاوى .
” وقال الرب لموسى عد كل بكر ذكر من بنى إسرائيل من ابن شهر فصاعدًا وخذ عدد أسمائهم . فتأخذ اللاويين لى . أنا الرب . بدل كل بكر فى بنى إسرائيل فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعدًا المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفًا ومئتين وثلثة وسبعين ” ( عد 3 : 40 – 43 ) . أما عدد ذكور اللاويين ” جميع المعدودين من اللاويين الذين عدّهم موسى وهارون حسب قول الرب بعشائرهم كل ذكر من ابن شهر فصاعدًا اثنان وعشرون ألفًا ” ( عد 3 : 39 ).
ونظرًا لوجود فرق فى العدد مقداره مئتين وثلاثة وسبعين، فقد طلب الرب عنهم خمسة شواقل فضة لكل رأس ( عد 3 : 47 ). ولو كان من الممكن منح الكهنوت للمرأة لكان الأولى أن يأخذ هذا الفرق من بين الإناث الذين ولدوا قبل باقى إخوتهم .
(8) الكهنوت هو للرجال فقط:
نلاحظ أن أنواع الكهنوت التى قدمها لنا الكتاب المقدس كلها من الرجال . سواء كهنوت الآباء البطاركة الأوّل مثل نوح وأيوب وأبراهيم وإسحق ويعقوب ، أو الكهنوت الهارونى، أو كهنوت ملكى صادق ، أو كهنوت الرسل وخلفائهم من الأساقفة كله كهنوت رجال وبهذا يكون كهنوت المرأة هو ابتداع فى الدين .
(9) انقسامات فى الكنيسة:
لاشك أن هذا الابتداع فى الدين سوف يكون سببًا فى حدوث نزاعات تؤثر فى وحدة الكنيسة. سواء وحدة الكنيسة الأنجليكانية داخليًا ، أو فى علاقتها مع الكنائس الأخرى . وهنا نحب أن نقول أننا كنا نتطلع نحو مزيد من التقارب بين كنائسنا لا إلى مزيد من التباعد .
(10) نتائج المبالغة فى إعطاء حقوق للمرأة خارج إطار تعليم الكتاب :
نحن نرى العالم يندفع مسرعًا نحو تعديل ما يختص بالتعليم الكتابى . حتى وصل الأمر بالمدافعين عن حقوق المرأة إلى محاولة فرض الإنوثة على اسم الله نفسه . ومنع كلمة أبانا أو أبوكم السماوى، وهنا تغيير للكتاب فى مواضيع عديدة يختص بعضها بالأقانيم الإلهية وعلاقتها ببعضها ، مثل علاقة الابن بالآب السماوى ،ويختص بعضها بالفداء وعمل المسيح الكفارى، وأبوته الروحية كرئيس كهنة .
(11) عقبات عملية :
هناك عقبات عملية بالنسبة للمرأة فى فترات الحمل والولادة والرضاعة الأمور التى تأخذ بسببها بعض النساء الموظفات عطلات طويلة من وظائفهن . وربما يؤدى الانشغال بعمل الكهنوت إلى إهمال وظيفة ربة البيت تمامًا بما فى ذلك تربية الأطفال .
+اعتراضات والرد عليها :
قد يعزو البعض ما ذكر فى الكتاب المقدس مضادًا لمنح الكهنوت للمرأة وكذلك ما نراه فى التقليد السائد فى كل الكنائس القديمة ، بأن المرأة لم يكن لها دورًا فعالًا فى المجتمع بصفة عامة مما أدى إلى منعها من ممارسة الكهنوت فى الكنيسة تمشيًا مع الوضع الاجتماعى السائد فى ذلك الحين ،وأن المرأة قد أصبح لها دورًا فعالًا فى المجتمع فى الوقت الحاضر، مما يدعو إلى إعادة النظر فى التعليم الكتابى وما عمله لنا التقليد الكنسى بهذا الشأن .
ولكننا نجيب عليهم ونقول: إن المرأة فى كل الأجيال كان لها تقديرها فكان هناك نساء نبيات مثل مريم أخت موسى وهارون، ومثل دبورة القاضية والنبية ، ومثل خلدة النبية .. الخ . ووُجد فى الكتاب المقدس وفى التاريخ ملكات مشهورات مثل أستير الملكة ،ومثل ملكة سبأ التى ذكرها السيد المسيح، وملكات فى شعوب كثيرة مثل كليوباترة وحتشبسوت ..الخ وبالرغم من وصول هؤلاء النسوة إلى هذه المناصب وقد بقى الكهنوت – حسب تدبير الله فى وسط شعبه – ميدانًا لا تدخله المرأة، فهى من الممكن أن تصير ملكة وممكن أن تصير قائدة الجيش ويمكن أن توجد أسفار فى الكتاب المقدس باسمها . فلا مجال للإدعاء بأن مكانة المرأة لم يكن لها وجود فى العهد القديم .
وفى أيام السيد المسيح كانت هناك مكانة كبيرة لنساء كالعذراء مريم ، والمجدلية التى أخبرت بالقيامة ، ومثل النساء اللائى وهبن بيوتهن لتصير كنائس مثل أم يوحنا الملقب مرقس ومثل ليديا بائعة الأرجوان ومثل بريسكيلا زوجة أكيلا ( رو 16 ) ومثل بنات فيلبس المبشر اللائى كن يتنبأن، ومثل نساء كثيرات ذكرهن بولس الرسول فى ( رو 16 ) بالاسم وذكر تعبهن فى الكنيسة، ومع ذلك لم يعط الكهنوت لواحدة منهن ..
ونلاحظ أن المجامع المسكونية التى اجتمعت فيها قيادات الكنيسة فى العالم ،لم يكن فيها امرأة واحدة.
دور المرأة المناسب فى الكنيسة : المرأة تصلح أن تكون شماسة ( بدون وضع يد ) تساعد أسقفًا فى أمور الخدمة ، مثل فيبى شماسة كنيسة كنخريا ، وأوليمبياس التى كانت شماسة للقديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية..
+ نحن نعطى اختصاصات للمرأة فى أعمال كثيرة فى الكنيسة فى الخدمة الاجتماعية، وفى تعليم النساء والأطفال وخدمتهن وفى رسم الأيقونات ، وفى صنع ملابس الكهنوت ، وفى رعاية الأيتام والمتغربات والمحتاجين .. الخ . ولكن لا يوجد أى سند فى الكتاب المقدس أو التاريخ لتعليم المرأة للرجال أو قيامها بخدمة الكهنوت للرجال.
+ لهذا فمن واقع محبتنا للكنيسة الأنجليكانية، ومن واقع حرصنا على مزيد من التقارب بين الكنائس فى العالم، فإننا نهيب بمؤتمر الكنيسة الأنجليكانية أن ينظر إلى الأمر بمزيد من الاهتمام،وأن يتناول هذه القضية الحساسة بمزيد من الدراسة والبحث.
+ وإن كان هناك حوار قد بدأ بين الكنيسة الأنجليكانية وكنائس العالم ،فمن باب أولى أن يقوم الحوار فى الأمور التى تسير فى طريق التغيير والتباعد قبل النقاط التى كان الاختلاف موجودًا فيها من قبل .
+ وفى الختام أرجو أن أعبر لكم عن محبة قداسة البابا شنودة الثالث لكم ودعائه من القلب أن يعمل الروح القدس فى قلوب المجتمعين فى مؤتمر لامبث ,,,,,
وللأسف فإن مؤتمر لامبث بإنجلترا لم يستمع إلى النصائح ، وأباح سيامة المرأة فى درجة الأسقفية، وليس القسيسية فقط …
This page is also available in: English