في اليوم الثالث عشر من شهر أمشير من سنة 252 للشهداء ( 536م )، تنيَّح البابا القديس تيموثاوس الثالث البطريرك الثاني والثلاثون من بطاركة الكرازة المرقسية. وُلِدَ هذا القديس بمدينة الإسكندرية ودرس علوم الكنيسة ونبغ فيها، فأقاموه قساً على كنيسة مار مرقس بالإسكندرية، فذاع صيت قداسته وعِلْمه وتمسُّكه بالإيمان الأرثوذكسي.
ولما خلا الكرسي بنياحة البابا ديوسقوروس الثاني، اجتمع الآباء الأساقفة والكهنة والأراخنة وصلُّوا طالبين إرشاد الرب في مَنْ يصلح لهذه الرتبة، فألهمهم الروح القدس أن يختاروا القس تيموثاوس، فرسموه بطريركاً يوم أول هاتور سنة 235 للشهداء ( 518م )، فسار على منوال سلفائه بأن أرسل رسالة الشركة إلى إخوته أساقفة الشرق، فردُّوا عليه جميعاً معلنين اغتباطهم بدوام السلام والأُلفة بينهم.
وقد نالت هذا الأب شدائد كثيرة بسبب محافظته على الإيمان المستقيم، وذلك أن الإمبراطور يوستنيانوس الأول، كان مناصراً لمجمع خلقيدونية، ودعا إلى عقد مجمعاً لحرم القديس ساويرس بطريرك أنطاكية، فرفض البابا تيموثاوس حضور هذا المجمع، فأمر الإمبراطور بنفيه، ولما عارض المؤمنون في تنفيذ الأمر قُتل منهم عدد كبير واستطاع الجنود تنفيذ الأمر والقبض على البابا البطريرك حيث نُفي ثلاث سنوات.
وبعد أن عاد البابا البطريرك من نفيه ظل مطارَداً هو والقديس ساويرس الأنطاكي من بلد إلى بلد ومن دير لآخر. وكانا حيثما حلا يُثبِّتان الشعب على التمسُّك بالإيمان الأرثوذكسي ويزيدانه حماسة. وأخيراً تمكنا من الالتجاء إلى دير بعيد عن عيون الجنود، وأخذا في كتابة الرسائل لشعبيهما لتعزية القلوب وتقوية العزائم.
وقد داوم الأنبا تيموثاوس على تعليم شعبه بالرسائل، وكان يُدير دفة الكنيسة وسط كل العواصف، وظل في جهاده الروحي المتواصل إلى أن انتقل إلى مكان السلام الدائم. وقد قضى على السِّدَة المرقسية نحو سبع عشرة سنة.