في اليوم الثالث عشر من شهر هاتور من سنة 748 للشهداء ( 1032م ) تنيَّح البابا القديس زخارياس البطريرك الرابع والستون من بطاركة الكرازة المرقسية. وُلِدَ هذا الأب بالإسكندرية وتأدب بالآداب المسيحية. ونظراً لتقواه رسموه قساً، فسار سيرة حسنة، فأحبه الجميع. ولما تنيَّح البابا فيلوثاؤس البطريرك الثالث والستون، اجتمع رأي الأساقفة والأراخنة على انتخابه بطريركاً. فرُسم في يوم 20 طوبه سنة 720 للشهداء ( 1004م ). وقد لاقى شدائد كثيرة، فقد حبسه الحاكم بأمر الله مدة ثلاثة أشهر. ثم ألقاه للأسود فلم تمسه بسوء كما فعلت مع دانيال النبي. وكان يتوعده بالقتل. وبشفاعة أحد الأمراء أطلق سبيله، فقصد دير القديس مكاريوس حيث مكث هناك تسع سنين، حدثت في أثنائها متاعب كثيرة للمسيحيين إذ قتلوا كثيرين منهم ونهبوا بيوتهم وهدموا كنائسهم.
سمح الحاكم بأمر الله لبعض الرهبان ببناء دير خارج القاهرة. فبنوا ديراً على اسم الشهيد مرقوريوس أبى سيفين وهو الدير المعروف الآن بدير الأنبا برسوم العريان ( هو الدير المعروف الآن باسم القديس الأنبا برسوم العريان بمعصرة حلوان). وكان الخليفة يتردد على هذا الدير، لأنه استأنس بالرهبان. فانتهز الرهبان فرصة وجوده، والتمسوا منه عفواً برجوع البابا زخارياس. فعاد إلى كرسيه، وعَمَّر الكنائس، ورمم ما هُدم منها. عاش بعد رجوعه اثنتي عشرة سنة، قضاها في خدمة الشعب.