في اليوم الرابع والعشرين من شهر برمهات من سنة 668 للشهداء ( 952م )، تنيَّح القديس البابا مكاريوس الأول البطريرك التاسع والخمسون من بطاركة الكرازة المرقسية.
وُلِدَ هذا القديس في بلدة شبرا (قرية قريبة من دمنهور محافظة البحيرة) من أبوين مسيحيين تقيين، توفي والده وهو صغير وأصبح وحيداً لأمه، اشتاق لحياة الرهبنة فترَّهب بدير القديس مكاريوس ببرية شيهيت، فسار سيرة صالحة وبعد نياحة البابا قزمان الثالث اتفق رأى الآباء الأساقفة والكهنة والأراخنة على اختياره ليكون بطريركاً، فرسموه سنة 932م.
وبعد رسامته انطلق إلى دير القديس مكاريوس كعادة أسلافه وعند عودته من الدير دعاه أهل بلدته لزيارتهم فلبى دعوتهم ولدى وصوله ذهب لافتقاد والدته التي كانت امرأة صالحة. وعند دخوله منزله وجدها منهمكة في غزل الملابس ولذلك لم تلتفت إليه عند دخوله فبادرها قائلاً: ” ألا تعلمين إني أنا ابنك مكاريوس الذي نال درجة البطريركية ” فأجابته بدموع ” إني أعرفك وأعرف مقدار ما وصلت إليه من كرامة وإنني أبكى لأجلك لأنك كنت قبلاً مسئولاً عن نفسك فقط أما الآن فسوف يسألك الله عن جميع خطايا الشعب، فاهتم أولاً بخلاص نفسك واحذر لئلا يضع مجد الرئاسة برقعاً على عينيك. ها قد أنذرتك، فاذكر والدتك التي تعبت في تربيتك”. قالت هذا واستأنفت عملها بالمغزل. استمرت هذه الكلمات ترن في أذنيه طوال حياته وكانت سبباً في حرصه على خلاص نفسه وإتمام واجباته بأمانة.
وكان حريصاً على تعليم الشعب وإرشاده وعلى توجيه الأساقفة والكهنة لرعاية الشعب وحراسته، كما كان مدققاً في اختيار الأساقفة والكهنة منفذاً قول الكتاب المقدس ” لا تضع يداً على أحد بالعجلة ” (1تى 5: 22). ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام بعد أن جلس على الكرسي المرقسي 20 عاماً.