في اليوم السابع والعشرين من شهر بشنس من سنة 232 للشهداء ( 516م ) تنيَّح القديس البابا يوأنس الثاني البطريرك الثلاثون من بطاركة الكرازة المرقسية. كان قد ترَّهب منذ حداثته وأجهد نفسه بكل أنواع الجهاد. أقام منفرداً وزاد في نُسكه وتقشفه فشاع صيته بالعلم والتقوى، فاختاروه للكرسي الإسكندري ورُسم في 3 بؤونة سنة 221 للشهداء ( 505م ). كتب ميامر وعظات كثيرة. ساد الكنيسة في أيامه هدوء وسلام، وساعد على ذلك تربُّع الملك البار الأرثوذكسي ” أنسطاسيوس ” على العرش. وبعد رسامة البابا بعث له القديس ساويرس الأنطاكي برسالة يهنئه فيها ويؤكد على أن للسيد المسيح، بعد الاتحاد، طبيعة واحدة ومشيئة واحدة بغير افتراق، وأنه يؤمن بإيمان القديس كيرلس والقديس ديسقوروس. ولما تلقى الأنبا يوأنس الرسالة فرح بها هو والآباء الأساقفة، ثم أرسل له رداً شهد فيه بوحدانية جوهر الله وتثليث أقانيمه، وبتجسد الابن الأزلي بالطبيعة البشَرية التي اتحدت بالطبيعة اللاهوتية وأصبحت بالاتحاد واحداً لا اثنين، ومبعداً كل مَنْ يفرق المسيح أو يمزج طبيعته بطبيعة اللاهوت، وكذا كل من يقول أن المتألم المصلوب المائت عن البشَر إنسان عادى، أو يُدخل الآلام والموت على طبيعة اللاهوت، وأكد على أن الإيمان المستقيم هو أن نعترف أن الله الكلمة تألم بالجسد الذي اتحد به منا. ولما قرأ القديس ساويرس الرسالة قبلها وأذاعها في أنحاء كرسي أنطاكية. وظل الأنبا يوأنس مهتماً برعيته وحارساً لها، باذلاً قصارى جهده في تعليم الشعب وتعمير الكنائس التي خربها الخلقيدونيون. وقد استمر هكذا مدة إحدى عشرة سنة ثم تنيَّح بسلام.